آمنة
08-31-2013, 04:09 PM
السبائك الذهبية في أحكام العيد الشرعية
(3)
بيت القصيد في حكم التهنئة يوم العيد
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مباحث مختصرة في حكم التهنئة يوم العيد جمعتها من الشبكة راجيا من الله جل وعلا وأنا في الثلث الأخير من الليل أن يغفر لي ما تقدم وما تأخر من ذنبي أنا ووالدي وأهل بيتي وكل المسلمين والمسلمات.
أبو أسامة سمير الجزائري
تباح التهنئة بالعيد بين المسلمين لما روي عن بعض الصحابة ورخص فيها جمهور الفقهاء وهي من العادات الحسنة التي لم ينكرها الشرع فيقول تقبل الله منكم أو كلمة نحوها تدل على التهنئة بأي صيغة مالم يكن فيها محظور ولا حرج في قبولها وردها قال الإمام أحمد: (ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله منا ومنك).
ومحل التهنئة بعد تحقق دخول العيد لا قبله وما يفعله كثير من الناس من التهنئة قبل العيد بليلتين خلاف الأولى.
فمن هنأ أخاه في العيدين بقوله : ( تقبل الله منا ومنكم ) ونحو ذلك ، فله قدوة ببعض الصحابة فمن دونهم .. قد وردت آثار عن بعض السلف في ذلك ، منها الصحيح وغيره ، والمرفوع لا يصح ..
ذكر ابن التركماني في الجوهر النقي حاشية البيهقي ( 3/ 320 – 321 ) ، قال : قلت : وفي هذا الباب – أي التهنئة بالعيد – حديث جيد أغفله البيهقي ، وهو حديث محمد بن زياد ، قال : كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : ( تقبل الله منا ومنكم ) ، قال : أحمد بن حنبل : إسناده جيد . اهـ.
وقد نقل ابن قدامة في المغني (2/259) قول أحمد بتجويد سنده والله أعلم بحال من لم يُذكر من رجال هذا الأثر ، والأصل قبول قول أحمد حتى نرى خلافه ، والله أعلم .
وأخرج الأصبهاني في الترغيب والترهيب ( 1/251) عن صفوان بن عمرو السكسكي قال : سمعت عبد الله بن بُسر وعبد الرحمن بن عائذ وجبير بن نفير وخالد بن معدان ، يقال لهم في أيام الأعياد : ( تقبل الله منا ومنكم ) ، ويقولون ذلك لغيرهم . وهذا سند لابأس به . .
وسئل مالك رحمه الله : أيكره للرجل أن يقول لأخيه إذا انصرف من العيد : تقبل الله منا ومنك ، وغفر الله لنا ولك ، ويرد عليه أخوه مثل ذلك ؟ قال : لايكره . اهـ من المنتقى (1/322) .
وفي الحاوي للسيوطي (1/82) قال : وأخرج ابن حبان في الثقات عن علي بن ثابت قال سألت مالكاً عن قول الناس في العيد : تقبل الله منا منك ، فقال : مازال الأمر عندنا كذلك . اهـ .
وفي المغني (2/259) : قال علي بن ثابت : سألت مالك بن أنس منذ خمس وثلاثين سنة ، وقال : لم يزل يعرف هذا بالمدينة . اهـ .
وفي سؤالات أبي داود ( ص 61 ) قال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن قوم قيل لهم يوم العيد : تقبل الله منا ومنكم ، قال أرجو أن لايكون به بأس . اهـ .
وفي الفروع لابن مفلح (2/150 ) قال : ولا بأس قوله لغيره : تقبل الله منا منكم ، نقله الجماعة كالجواب ، وقال : لا أبتدئ بها ، وعنه : الكل حسن ، وعنه : يكره ، وقيل له في رواية حنبل : ترى له أن يبتدئ ؟ قال : لا ونقل علي بن سعيد : ما أحسنه إلا أن يخاف الشهرة ، وفي النصحية : أنه فِعل الصحابه ، وأنه قول العلماء . اهـ .
ونحوه في المغني (2/259 ) ، وقال ابن رجب في فتح الباري (9/74) على قول أحمد : ما أحسنه إلا أن يخاف الشهرة : كأنه يشير إلى أنه يخشى أن يُشهر المعروف بالدين والعلم بذلك ، فيُقْصَد لدعائه ، فيُكره لما فيه من الشهرة . اهـ .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (24/253) : هل التهنئة في العيد ما يجري على ألسنة الناس : عيدك مبارك ، وما أشبهه ، هل له أصل في الشريعة أم لا ؟ وإذا كان له أصل في الشريعة ، فما الذي يقال ، أفتونا مأجورين ؟
فأجاب : أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : تقبل الله منا ومنكم ، وأحاله الله عليك ، ونحو ذلك فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره ، لكن قال أحمد : أنا لا ابتدئ أحداً ، فإن ابتدرني أحد اجبته ، وذلك ؛ لأنه جواب التحية واجب ، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمور بها ، ولا هو أيضاً مما نُهي عنه ، فمن فعله فله قدوة ، ومن تركه فله قدوة ، والله أعلم . اهـ .
وسئل الشيخ العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ:
ما حكم التهنئة بالعيد؟ وهل لها صيغة ميعنة؟
فأجاب فضيلته بقوله: التهنئة بالعيد جائزة، وليس لها تهنئة مخصوصة، بل ما اعتاده الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً.
وقال أيضا:
التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الآن من الأمور العادية التي اعتادها الناس، يهنىء بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام.
وسئل أيضا:
ما حكم المصافحة، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه الأشياء لا بأس بها؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل، وإنما يتخذونها على سبيل العادة، والإكرام والاحترام، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة كما قيل:
والأصل في الأشياء حل ومنع عبادة إلا بإذن الشارع
مجموع فتاوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله (16- 128)
والله أعلم .
أعده
أبو أسامة سمير الجزائري
بلعباس
24 رمضان 1432
منقول
(3)
بيت القصيد في حكم التهنئة يوم العيد
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذه مباحث مختصرة في حكم التهنئة يوم العيد جمعتها من الشبكة راجيا من الله جل وعلا وأنا في الثلث الأخير من الليل أن يغفر لي ما تقدم وما تأخر من ذنبي أنا ووالدي وأهل بيتي وكل المسلمين والمسلمات.
أبو أسامة سمير الجزائري
تباح التهنئة بالعيد بين المسلمين لما روي عن بعض الصحابة ورخص فيها جمهور الفقهاء وهي من العادات الحسنة التي لم ينكرها الشرع فيقول تقبل الله منكم أو كلمة نحوها تدل على التهنئة بأي صيغة مالم يكن فيها محظور ولا حرج في قبولها وردها قال الإمام أحمد: (ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله منا ومنك).
ومحل التهنئة بعد تحقق دخول العيد لا قبله وما يفعله كثير من الناس من التهنئة قبل العيد بليلتين خلاف الأولى.
فمن هنأ أخاه في العيدين بقوله : ( تقبل الله منا ومنكم ) ونحو ذلك ، فله قدوة ببعض الصحابة فمن دونهم .. قد وردت آثار عن بعض السلف في ذلك ، منها الصحيح وغيره ، والمرفوع لا يصح ..
ذكر ابن التركماني في الجوهر النقي حاشية البيهقي ( 3/ 320 – 321 ) ، قال : قلت : وفي هذا الباب – أي التهنئة بالعيد – حديث جيد أغفله البيهقي ، وهو حديث محمد بن زياد ، قال : كنت مع أبي أمامة الباهلي وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فكانوا إذا رجعوا يقول بعضهم لبعض : ( تقبل الله منا ومنكم ) ، قال : أحمد بن حنبل : إسناده جيد . اهـ.
وقد نقل ابن قدامة في المغني (2/259) قول أحمد بتجويد سنده والله أعلم بحال من لم يُذكر من رجال هذا الأثر ، والأصل قبول قول أحمد حتى نرى خلافه ، والله أعلم .
وأخرج الأصبهاني في الترغيب والترهيب ( 1/251) عن صفوان بن عمرو السكسكي قال : سمعت عبد الله بن بُسر وعبد الرحمن بن عائذ وجبير بن نفير وخالد بن معدان ، يقال لهم في أيام الأعياد : ( تقبل الله منا ومنكم ) ، ويقولون ذلك لغيرهم . وهذا سند لابأس به . .
وسئل مالك رحمه الله : أيكره للرجل أن يقول لأخيه إذا انصرف من العيد : تقبل الله منا ومنك ، وغفر الله لنا ولك ، ويرد عليه أخوه مثل ذلك ؟ قال : لايكره . اهـ من المنتقى (1/322) .
وفي الحاوي للسيوطي (1/82) قال : وأخرج ابن حبان في الثقات عن علي بن ثابت قال سألت مالكاً عن قول الناس في العيد : تقبل الله منا منك ، فقال : مازال الأمر عندنا كذلك . اهـ .
وفي المغني (2/259) : قال علي بن ثابت : سألت مالك بن أنس منذ خمس وثلاثين سنة ، وقال : لم يزل يعرف هذا بالمدينة . اهـ .
وفي سؤالات أبي داود ( ص 61 ) قال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن قوم قيل لهم يوم العيد : تقبل الله منا ومنكم ، قال أرجو أن لايكون به بأس . اهـ .
وفي الفروع لابن مفلح (2/150 ) قال : ولا بأس قوله لغيره : تقبل الله منا منكم ، نقله الجماعة كالجواب ، وقال : لا أبتدئ بها ، وعنه : الكل حسن ، وعنه : يكره ، وقيل له في رواية حنبل : ترى له أن يبتدئ ؟ قال : لا ونقل علي بن سعيد : ما أحسنه إلا أن يخاف الشهرة ، وفي النصحية : أنه فِعل الصحابه ، وأنه قول العلماء . اهـ .
ونحوه في المغني (2/259 ) ، وقال ابن رجب في فتح الباري (9/74) على قول أحمد : ما أحسنه إلا أن يخاف الشهرة : كأنه يشير إلى أنه يخشى أن يُشهر المعروف بالدين والعلم بذلك ، فيُقْصَد لدعائه ، فيُكره لما فيه من الشهرة . اهـ .
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى (24/253) : هل التهنئة في العيد ما يجري على ألسنة الناس : عيدك مبارك ، وما أشبهه ، هل له أصل في الشريعة أم لا ؟ وإذا كان له أصل في الشريعة ، فما الذي يقال ، أفتونا مأجورين ؟
فأجاب : أما التهنئة يوم العيد يقول بعضهم لبعض إذا لقيه بعد صلاة العيد : تقبل الله منا ومنكم ، وأحاله الله عليك ، ونحو ذلك فهذا قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه ، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره ، لكن قال أحمد : أنا لا ابتدئ أحداً ، فإن ابتدرني أحد اجبته ، وذلك ؛ لأنه جواب التحية واجب ، وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمور بها ، ولا هو أيضاً مما نُهي عنه ، فمن فعله فله قدوة ، ومن تركه فله قدوة ، والله أعلم . اهـ .
وسئل الشيخ العلامة ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ:
ما حكم التهنئة بالعيد؟ وهل لها صيغة ميعنة؟
فأجاب فضيلته بقوله: التهنئة بالعيد جائزة، وليس لها تهنئة مخصوصة، بل ما اعتاده الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً.
وقال أيضا:
التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الآن من الأمور العادية التي اعتادها الناس، يهنىء بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام.
وسئل أيضا:
ما حكم المصافحة، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذه الأشياء لا بأس بها؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل، وإنما يتخذونها على سبيل العادة، والإكرام والاحترام، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة كما قيل:
والأصل في الأشياء حل ومنع عبادة إلا بإذن الشارع
مجموع فتاوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله (16- 128)
والله أعلم .
أعده
أبو أسامة سمير الجزائري
بلعباس
24 رمضان 1432
منقول