الواثقة بالله
11-13-2013, 07:09 PM
الفتوى رقم: 968
الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد
في رؤية النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ربَّه
السـؤال:
هل رأى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ربَّه حقيقةً بعينه، أم رآه بقلبه، أم أنه لم يره بعينه ولا بقلبه، وإنما رآه رؤيةً لا يُعقل معناها؟
وهل حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «رَأَيْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى»(١- أخرجه أحمد في «المسند»: (2629)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/250): «رواه أَحمد، ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «صحيح الجامع»: (3466) (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_1'))) يُؤكِّد المعنى الأول أنه رآه حقيقة بالرؤية البصرية؟ وشكرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا يخفى أنَّ الأُمَّة أجمعت على أنَّ اللهَ تبارك وتعالى لا يراه أحدٌ بعينه حتى يموت لقوله تعالى لموسى عليه السلام: ﴿لَن تَرَانِي﴾ [الأعراف: 143]، أي: في الدنيا، ولقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى: 51]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في معرض التحذير من الدَّجَّال: «تَعَلَّمُوا أَنَّه لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ»(٢- أخرجه مسلم كتاب «الفتن» وأشراط الساعة: (7356)، والترمذي كتاب «الفتن»، باب ما جاء في علامة الدجال: (2235)، وأحمد في «المسند»: (23160)، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_2'))).
هذا، والظاهر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لا يخرج حُكمُه عن عموم النصوص الشرعية القاضية بنفي الرؤية البصرية، لذلك شَدَّدت عائشة رضي الله عنها النكير على مَنْ قال أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم رأى ربَّه عزَّ وجَلَّ بعينه حتى قالت: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الفِرْيَةَ»(٣- أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء.. (3062)، ومسلم، كتاب الإيمان: (439)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنعام: (3068)، من حديث عائشة رضي الله عنها (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_3')))، وقد نُقل هذا النفيُ عن غيرها من الصحابة رضي الله عنهم، وقد جاء -صريحًا- نفي الرؤية البصرية في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟»(٤- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (443)، وأحمد في «المسند»: (21017)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_4'))).
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحدٍ من الصحابة، ولا في الكتاب والسُّنَّة ما يدلُّ على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدلّ»(٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (6/509) (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_5'))).
أمَّا حديث ابن عباس رضي الله عنهما فلم يثبت لفظٌ صريحٌ عنه بأنه رآه بعينه، فقد جاء في بعض الألفاظ عنه التصريح بالرؤية مُطلقًا كما في الحديث المذكور في السؤال، وورد في بعضها عنه مقيَّدًا بالرؤية القلبية، فقد روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما بعد ذكره لقوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 11]، ولقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: 13]: «رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ»(٦- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (437)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_6'))).
وقد جمع الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بين النفي والإثبات جمعًا ارتضاه أهلُ العلم حيث قال: «وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب، ثمَّ المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب لا مجرَّد حصول العلم؛ لأنَّه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كان عالمًا بالله على الدوام»(٧- «فتح الباري» حجر: (8/608) (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_7'))).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 1 المحرم 1430ﻫ
الموافق ﻟ: 29 ديسمبر 2008م
١- أخرجه أحمد في «المسند»: (2629)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/250): «رواه أَحمد، ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «صحيح الجامع»: (3466).
٢- أخرجه مسلم كتاب «الفتن» وأشراط الساعة: (7356)، والترمذي كتاب «الفتن»، باب ما جاء في علامة الدجال: (2235)، وأحمد في «المسند»: (23160)، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
٣- أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء.. (3062)، ومسلم، كتاب الإيمان: (439)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنعام: (3068)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٤- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (443)، وأحمد في «المسند»: (21017)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (6/509).
٦- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (437)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
٧- «فتح الباري» حجر: (8/608).
http://ferkous.com/site/rep/Ba70.php
الصنف: فتاوى العقيدة والتوحيد
في رؤية النبي صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ربَّه
السـؤال:
هل رأى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم ربَّه حقيقةً بعينه، أم رآه بقلبه، أم أنه لم يره بعينه ولا بقلبه، وإنما رآه رؤيةً لا يُعقل معناها؟
وهل حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: «رَأَيْتُ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى»(١- أخرجه أحمد في «المسند»: (2629)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/250): «رواه أَحمد، ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «صحيح الجامع»: (3466) (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_1'))) يُؤكِّد المعنى الأول أنه رآه حقيقة بالرؤية البصرية؟ وشكرًا.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمّا بعد:
فلا يخفى أنَّ الأُمَّة أجمعت على أنَّ اللهَ تبارك وتعالى لا يراه أحدٌ بعينه حتى يموت لقوله تعالى لموسى عليه السلام: ﴿لَن تَرَانِي﴾ [الأعراف: 143]، أي: في الدنيا، ولقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾ [الشورى: 51]، ولقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في معرض التحذير من الدَّجَّال: «تَعَلَّمُوا أَنَّه لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ»(٢- أخرجه مسلم كتاب «الفتن» وأشراط الساعة: (7356)، والترمذي كتاب «الفتن»، باب ما جاء في علامة الدجال: (2235)، وأحمد في «المسند»: (23160)، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_2'))).
هذا، والظاهر أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم لا يخرج حُكمُه عن عموم النصوص الشرعية القاضية بنفي الرؤية البصرية، لذلك شَدَّدت عائشة رضي الله عنها النكير على مَنْ قال أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم رأى ربَّه عزَّ وجَلَّ بعينه حتى قالت: «مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللهِ الفِرْيَةَ»(٣- أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء.. (3062)، ومسلم، كتاب الإيمان: (439)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنعام: (3068)، من حديث عائشة رضي الله عنها (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_3')))، وقد نُقل هذا النفيُ عن غيرها من الصحابة رضي الله عنهم، وقد جاء -صريحًا- نفي الرؤية البصرية في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ؟»(٤- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (443)، وأحمد في «المسند»: (21017)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_4'))).
قال ابن تيمية -رحمه الله-: «وليس في الأدلة ما يقتضي أنه رآه بعينه، ولا ثبت ذلك عن أحدٍ من الصحابة، ولا في الكتاب والسُّنَّة ما يدلُّ على ذلك، بل النصوص الصحيحة على نفيه أدلّ»(٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (6/509) (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_5'))).
أمَّا حديث ابن عباس رضي الله عنهما فلم يثبت لفظٌ صريحٌ عنه بأنه رآه بعينه، فقد جاء في بعض الألفاظ عنه التصريح بالرؤية مُطلقًا كما في الحديث المذكور في السؤال، وورد في بعضها عنه مقيَّدًا بالرؤية القلبية، فقد روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما بعد ذكره لقوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ [النجم: 11]، ولقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [النجم: 13]: «رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ»(٦- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (437)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_6'))).
وقد جمع الحافظ ابن حجر -رحمه الله- بين النفي والإثبات جمعًا ارتضاه أهلُ العلم حيث قال: «وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات ابن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب، ثمَّ المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب لا مجرَّد حصول العلم؛ لأنَّه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم كان عالمًا بالله على الدوام»(٧- «فتح الباري» حجر: (8/608) (javascript:AppendPopup(this,'pjdefOutline_7'))).
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 1 المحرم 1430ﻫ
الموافق ﻟ: 29 ديسمبر 2008م
١- أخرجه أحمد في «المسند»: (2629)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. قال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (1/250): «رواه أَحمد، ورجاله رجال الصحيح»، وصححه الألباني في «صحيح الجامع»: (3466).
٢- أخرجه مسلم كتاب «الفتن» وأشراط الساعة: (7356)، والترمذي كتاب «الفتن»، باب ما جاء في علامة الدجال: (2235)، وأحمد في «المسند»: (23160)، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
٣- أخرجه البخاري، كتاب بدء الخلق، باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء.. (3062)، ومسلم، كتاب الإيمان: (439)، والترمذي، كتاب تفسير القرآن، باب ومن سورة الأنعام: (3068)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
٤- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (443)، وأحمد في «المسند»: (21017)، من حديث أبي ذر رضي الله عنه.
٥- «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (6/509).
٦- أخرجه مسلم، كتاب الإيمان: (437)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
٧- «فتح الباري» حجر: (8/608).
http://ferkous.com/site/rep/Ba70.php