المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شكر النعمة لسماحة الشيخ صالح بن عثيمين


أبو بكر المكي
08-19-2011, 03:55 AM
الحمد لله الذي أحسن ما شرعه وأتقن ما صنعه حد لعباده الحدود وشرع لهم الشرائع وبين لهم كل ما يحتاجون إليه في أمر الدنيا والدين فسبحانه من رب رحيم وإله حكيم وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وإن ربي على صراط مستقيم وأشهد أن محمداً عبده ورسوله البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما
أما بعد
أيها الناس اتقوا الله تعالى واعملوا أن ربكم فرض عليكم فرائض فلا تضيعوها وحد حدوداً فلا تعدوها فرض عليكم الفرائض لا ليثقل كواهلكم ولكن لتصلوا بها إلى اسمى الغايات وأعلى الدرجات لتصلوا بها إلى أسمى الغايات وأعلى الدرجات في روضات الجنات ولتنجوا بها من عذاب النار والهلكات فرض عليكم الصلوات الخمس وأمركم بإقامتها والمحافظة عليها فأدوها كما أمرتم ادوها بشروطها وأركانها وواجباتها وكملوها بمستحباتها ولا تتهاونوا بها فتكونوا من الخاسرين أيها المسلمون إن كثيراً من الناس يتهاونون في صلاتهم فلا يؤدونها في الوقت المحدد لها فوقت الظهر من زوال الشمس وهو تجاوزها لوسط السماء وعلامته ابتداء زيادة الظل بعد انتهاء قصره يمتد وقتها من الزوال إلى دخول وقت العصر وذلك بأن يكون ظل الشيء مساوياً له من ابتداء ظل الزوال وينتهي وقت العصر باصفرار الشمس في حال الاختيار وبغروبها في حال الضرورة ثم يدخل وقت المغرب من غروب الشمس إلى مغيب الشفق لا فصل بينها وبين العشاء وذلك حوالي ساعة ونصف من الغروب ثم يدخل وقت العشاء إلى نصف الليل هذه أربع صلوات أوقاتها متوالية لا فصل بينها كلما خرج وقت صلاة دخل وقت الأخرى ووقت الفجر من طلوع الفجر الصادق وهو البياض المعترض في الأفق إلى طلوع الشمس وهي منفصلة عن بقية الصلوات بينها وبين العشاء من نصف الليل إلى طلوع الفجر لأن ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر ليس وقتاً للعشاء وإنما هو وقت للتنفل بها في الليل وبين الفجر وبين الظهر من طلوع الشمس إلى زوالها قال الله تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ )(الاسراء: من الآية78) وهذه تستوعب أوقات الصلوات الأربع الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم فصل فقال ( وقرآن الفجر ) يعني صلاة الفجر وسماها قرآنا لطول القراءة فيها إن قرآن الفجر كان مشهودا أيها المسلمون هذه الأوقات التي حددها الله ورسوله لا يحل للمسلم أن يقدم من صلاته جزاءً من صلاته قبل دخول الوقت ولا أن يؤخر منها جزءا ً بعده فلا يحل للمسلم أن يقدم من صلاته جزءا قبل الوقت ولا أن يؤخر منها جزءا بعده فكيف بمن يؤخرون جميع الصلاة عن وقتها كسلاً وتهاونا وإيثاراً للدنيا على الآخرة يتنعمون بنومهم على فرشهم ويتمتعون بلهوهم ومكاتبهم كأنما خلقوا للدنيا كأنه لا يقرأون القرآن كأنه لا يقرأون قول الله عز وجل (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون:5) كأن هؤلاء المتهاونين كأن هؤلاء المتهاونين بصلاتهم لا يقرأون قول الله عز وجل (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئاً) (مريم:60) كأني بهؤلاء المتهاونين في صلاتهم لم تبلغهم أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم في وعيد من اضاع الصلاة أو لم يبالوا بذلك لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذي تفوته صلاة العصر كأنما أهدر أهله وماله ) أي كأنما أصيب بفقد أهله وماله فسبحان الله ما أعظم الأمر وما أفدح الخسارة الذي تفوته صلاة العصر كأنما فقد أهله كلهم وماله كله فأصبح أعزب بعد التأهل وفقيراً بعد الغنى هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو لا ينطق عن الهوى تصوروا أيها الناس لو أن شخصاً من بينكم كان له اموال وأهل وكان مسروراً في ماله وبين أهله ثم أصيب بجائحة أتلفت أمواله وأهلكت أهله فماذا تكون حال الناس بالنسبة له إنهم لا بد أن يرحموه ولا بد أن يواسوه في هذه المصيبة ويقدموا له أنواع العزاء ومع ذلك وللآسف الشديد ترى كثيراً من الناس تفوتهم صلاة العصر وصلوات اخرى كثيرة لا يحزنون لذلك ولا يبالون بما حدث و اخوانهم المسلمون يشاهدونهم على ذلك فلا يرحمونهم ولا يخفونهم من عذاب الله وعقابه أيها المسلمون إن أحداً لو أصيب بماله وأهله فقد أهله وماله فإن الخسارة عليه وحده ولكن هؤلاء الذين يتهاونون بصلاتهم ولا يبالون بها ليست العقوبة عليهم وحدهم بل ربما تعم العقوبة جميع الناس واسمعوا الله تعالى وهو يقول (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً )(لأنفال: من الآية25) أيها المسلمون إن الإنسان إذا أخر الصلاة عن وقتها حتى خرج بدون عذر له فإنه لو صلاها ألف مرة لم يقبلها الله منه فهؤلاء الذين يبقون على فرشهم حتى تطلع الشمس وهم يستطيعون أن يقوموا ويصلوا مع الناس هؤلاء إذا قاموا بعد الشمس ثم صلوا الفجر فإنها لا تقبل منهم ولا تنفعهم ولا تقربهم إلى الله ولا تبرأ بها ذمتهم لأنه لا عذر لهم فاتقوا الله عباد الله وأدوا الصلاة في وقتها أيها المسلمون وإن مما يتهاون به بعض المصلين الخشوع في الصلاة وهو حضور القلب وسكون الأعضاء فأما حضور القلب فإن كثيراً من المصلين إذا دخل في صلاته بدأ قلبه يتجول يميناً وشمالاً في التفكير والهواجيس ومن العجب أنه لا يفكر في هذه الأمور قبل أن يدخل في صلاته وأعجب من ذلك أن هذه الأمور التي يشغل بها قلبه أمور لا فائدة منها غالباً فهي لا تهمه في شئون دينه ولا دنياه ولكن الشيطان يجلبها إليه ليفسد عليه صلاته ولهذا تجد المصلي تجد المصلي من هؤلاء يخرج من صلاته وما استنار بها قلبه ولا غرت بها عينه ولا أنشرح بها صدره ولاقوي بها إيمانه لأنها صارت عبادة عبادة لكنها حركات كحركات الآلة الأوتوماتيكية وإن هذا الداء أعني الهواجيس في الصلاة لداء مستفحل ومرض منتشر ليس بين عامة الناس فحسب ولكن بين عامة الناس وخواصهم حتى حتى ذوي العلم والعبادة إلا من شاء الله ولكن لكل داء دواء ولله الحمد فإذا أحسست وأنت تصلي بالهواجيس فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم واستحضر أنك بين يدي الله عز وجل الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وتدبر ما تقول في صلاتك وما تفعل فيها فلعل الله أن يذهب عنك ما تجد وأما سكون الجوارح فإن كثيراً من المصلين لا تسكن جوارحه تجده وهو يصلي يعبث بيديه أو رجليه أو عينيه أو رأسه يحرك يده ينظر إلى ساعته يعبث في لحيته يقدم رجله ويردها يرفع بصره إلى السماء يلتفت يميناً وشمالاً وكل هذه من المنقصات التي تنقص الصلاة وربما تبطلها إذا كثرت وتوالت بغير ضرورة واعملوا أيها الاخوة إن رفع البصر إلي السماء في الصلاة ينافي الأدب مع الله عز وجل ولهذا كان حراماً على المصلي أن يرفع بصره إلى السماء وحذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه تحذيراً بالغاً وقولاً شديدا فقال صلى الله عليه وسلم ( ما بال أقوام يرفعون ابصارهم إلى السماء في صلاتهم ) فاشتد قوله في ذلك حتى قال ( لينتهن ّ عن ذلك أو لتخطفنّ أبصارهم ) وإني أرى كثيراً من المصلين إذا رفع رأسه من الركوع رفع رأسه إلى السماء وهذا حرام عليه وقد قال بعض أهل العلم إن الإنسان إذا رفع بصره إلى السماء وهو يصلي بطلت صلاته ووجب عليه إعادتها فاتقوا الله عباد الله واحذروا من هذا الأمر الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم قولاً شديداً واحذروا من هذا الأمر الذي حذركم منه نبيكم صلى الله عليه وسلم فقال (لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهن ) أما الحركة التي لمصلحة الصلاة فهذه لا بأس بها بل هي مطلوبة فإذا كان فإذا كنت في الصف وبعد الناس عنك وقربت منهم فلا حرج عليك في ذلك وكذلك إذا نفتح الصف أمامك فتقدمت إليه وأنت تصلي فإنه لا حرج عليك في ذلك بل هو مطلوب منك ولهذا تحرك النبي صلى الله عليه وسلم حينما أخر ابن عباس رضي الله عنهما وقد صلى إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم فوقف عن يساره فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه وعلى هذا فكل حركة يقصد بها تكميل الصلاة فإنها جائزة بل مطلوبة فاتق الله أيها المسلم في صلاتك اتخذ الصلاة عبادة لا عادة أخشع فيها لربك أحضر قلبك وأسكن جوارحك فإن الله يقول ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ) (المؤمنون:2) اللهم وفقنا جميعاً للقيام بعبادتك والإخلاص لك والمتابعة لرسولك اللهم قنا من الزيغ والفتن والضلال والمحن أنك جواد كريم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر واشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله و أصحابة خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور وسلم تسليما
أما بعد
أيها المسلمون اتقوا الله تعالى وعظموا حرمات الله فإنه من يعظم حرمات الله فإنها من تقوى القلوب عظموا ما عظمه الله ورسوله فإن ذلك من تعظيم الله ورسوله وهو سبب للتقوى التي من نالها نال خيراً كثيراً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ)(لأنفال: من الآية29) ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا وإن من تعظيم حرمات الله إن تعظم بيوته التي هي محل ذكره وعبادته وحفظ دينه فعظموا هذه المساجد عظموها بالبعد عن أمور الدنيا لا تبيعوا فيها ولا تشتروا فيها ولا تؤجروا فيها ولا تستأجروا فيها فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا له لا أربح الله تجارتك فإن المساجد لم تبنى لهذه) وكذلك لا يجوز للإنسان أن ينشد الضالة في المسجد فلا يقول من عين لي كذا وكذا فإن فعل فإننا نجيبه فنقول له لا رد الله عليك ضالتك لأن المساجد لم تبنى لهذا إنما بنيت المساجد لذكر الله وللصلاة وقراءة القرآن وتعليم العلم وغير ذلك وهكذا أيضاً عظموها باجتناب الروائح الكريهة فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أكل بصلاً أو ثوماًُ فلا يقربنّ مصلانا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم فلا يجوز للإنسان إذا أكل بصلاً أو ثوماً وبقيت رائحته في فمه لا يجوز أن يدخل المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ذلك وكانوا يخرجونهم يخرجون من دخلوا وهم قد أكلوا بصلاً أو ثوماً يخرجونهم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من المسجد إلى البقيع والبقيع مقبرة أهل المدينة مقبرة أهل المدينة لأجل أن يبتعد بعيداً عن المسجد ولهذا إذا أكل الإنسان شيئاً من هذا أو غيره من ذي الرائحة الكريهة فإنه إما أن يزيلها قبل أن يأتي إلى المسجد بأي نوع من المزيل وإما أن لا يدخل المسجد حتى تزول رائحته هكذا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتقوا الله عباد الله وعظموا حرماته وكونوا من المتقين الذين هم أولياء الله عز وجل ( أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ* الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63) اللهم اجعلنا من أوليائك المقربين ومن حزبك المحبين يا رب العالمين وصلوا وسلموا على نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فإن من صلى عليه مرة واحدة صلى الله عليه بها عشرة اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً اللهم توفونا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل بلدنا هذا آمناً وسائر بلاد المسلمين اللهم أصلح للمسلمين ولاتهم اللهم هيئ لهم ولاة صالحين يقودونهم بكتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم اللهم هيئ لولاة أمور المسلمين بطانة صالحة ناصحة لهم وناصحة لرعيتهم تأمرهم بالخير وتنهاهم عن الشر اللهم من كان من ولاة أمور المسلمين غير مستقيم على ما ينبغي أن يكون عليه فأهده إلى الحق أو أبدله بخير منه يا رب العالمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمور المسلمين غير ناصح لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وأبدله بخير منه إنك على كل شيء قدير اللهم أنصر إخواننا المسلمين المظلومين في كل مكان اللهم أنصر المسلمين المجاهدين في أفغانستان وفي غيرها بلاد الإسلام اللهم أنصرهم على عدوهم وخذ بيديهم إلى العزة والكرامة يا رب العالمين اللهم ألقى في قلوب أعدائهم والمتسلطين عليهم الرعب اللهم زلزل بهم اللهم مجري السحاب منزل الكتاب هازم الأحزاب أهزم كل عدو للمسلمين وكل متسلط عليهم يا رب العالمين ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم اللهم أنفعنا بما سمعنا وعلمنا ما ينفعنا وأجعل صلاتنا هذه مقربة لنا إليك ورفعة لدرجاتنا إنك على كل شيء قدير والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

من موقع بن عثيمين