سعيد
08-21-2011, 01:44 PM
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق أرسله بالعلم النافع والعمل الصالح ليظهره على الدين كله وأعطاه من الآيات ما يؤمن على مثله البشر شهادة له بصدقه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيته وملكه وحكمه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي بلغ ما أنزل إليه من ربه على أكمل وجه وأتمه صلى الله عليه وعلى آله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه في هديه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه وتوبوا إلى ربكم بالرجوع عن معصيته إلى طاعته ومن أسباب سخطه إلى بلوغ مرضاته احذروا ما حذركم منه نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الناصح الأمين المبلغ المبين فلقد حذركم النبي صلى الله عليه وسلم من أمور فيها هلاككم إن تبعتموها حذركم منها لتحذروها وبينها لكم لتعلموها وجاء عنه صلى الله عليه وسلم التحذير من أمور أصبحتم اليوم واقعين فيها أو في أكثرها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتخذ الفيء دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعصى أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه الأمة أولها فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتتابع كنظام قطع سلكه فتتابع) أخرجه الترمذي وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له شاهد من الأحاديث وشاهد من الواقع فإن الخصال المذكورة في هذا الحديث صار كثير منها في زمننا حقائق مشهودة ملموسة فاستمعوا الخصلة الأولى اتخاذ الفيء دولا والفيء ما أفاءه الله على المؤمنين فإذا صرف عن أهله المستحقين له إلى آخرين لا يستحقونه من أهل الشرف والجاه والغنى والقوة فقد اتخذ دولا قال الله عز وجل (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) (الحشر: من الآية 7) الخصلة الثانية اتخاذ الأمانة مغنما أي أن الإنسان إذا أؤتمن اتخذ هذه الأمانة مغنما فخدع من ائتمنه وهذا أحد معاني هذه الجملة يؤتمن الإنسان فيتخذ من هذه الأمانة مغنما مثال ذلك أن يودعه شخص وديعة ثم يتخذ هذا المودع من هذه الوديعة مغنما فيجحدها وينكرها وكذلك في البيع والشراء والإجارة والرهن وغيرها كل شيء يؤتمن عليه الإنسان إذا اتخذه مغنما فخدع وغدر فإن هذا داخل في هذه الجملة أما الخصلة الثالثة فهي اتخاذ الزكاة مغرما فيؤديها صاحب المال وصاحب الثمر وصاحب الزرع وكأنها غرامة وضريبة خسرها لا يؤديها بطيب نفس واحتساب أجر وتعبد لله عز وجل وقيام بفريضة من فرائض الإسلام ومن أجل هذا تجد الرجل يبخل بزكاته ويؤدي ما يؤدي منها بتثاقل ونقص ويضعها في غير أهلها وإنني بهذه المناسبة أذكر إخواننا الذين منّ الله عليهم بالثمار فباعوها واكتسبوا من ورائها دراهم كثيرة إنني أقول لهم إن الواجب عليكم أن تحاسبوا أنفسكم لأنفسكم كيف تكسبون من وراء هذه الثمار الجيدة دراهم كثيرة ثم تخرجون عن زكاتها من نخل لا تساوي ربع القيمة إن هذا لبخس وظلم ليس على غيركم من أهل الزكاة فحسب ولكن على أنفسكم أيضا ( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ )(محمد: من الآية38) أفلا تعلمون يا أصحاب الثمار والزروع أن نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم أوجب عليكم العشر في ما يسقى بلا مؤونة ونصف العشر فيما يسقى بمؤونة أي أوجب عليكم عشرة في المائة إذا كان يسقى بلا مؤونة أو خمسة في المائة إن كان يسقى بمؤونة وهؤلاء القوم الذين باعوا ثمارهم الطيبة بالأثمان الكثيرة وأخرجوا عنها من رديء التمر بالنسبة لها هؤلاء لا يصدق عليهم أنهم أخرجوا العشر ولا نصف العشر فعليهم أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يتمنوا ولات حين مناة أما الخصلة الرابعة فهي أن تتعلم العلوم الشرعية لغير الدين فلا يتعلمها الإنسان تقربا إلى الله ولا حفظا لشريعة الله ولا رفعا للجهل عن نفسه وعن عباد الله وإنما يتعلمها لنيل المال والشهادة والجاه والرئاسة وإنني بهذه المناسبة أود أن أجيب على سؤال يكثر تداوله بين الطلبة الذين يدرسون في الجامعات حيث يظنون أن كل من دخل الجامعات وتعلم فيها فإنه تعلم لغير الدين ولكني أقول لهم اطمئنوا فإن الإنسان إذا تعلم في الجامعات ونيته أن ينال هذه الشهادة التي يحصل بها على قيادة الأمة في التعليم والإدارة وغيرها ليصلح بذلك عباد الله فإن هذه نية صحيحة شرعية لا يحصل بها عليه عقاب ولا عذاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإن لكل امرئ ما نوى) أما الخصلة الخامسة والسادسة فأن يطيع الرجل امرأته ويعق أمه إذا أمرته زوجته بشيء لبى جميع مطالبها سريعا وإذا أمرته أمه به أعرض وتثاقل أو أتى به ناقصا أما الخصلة السابعة والثامنة فأن يدني الرجل صديقه ويقصي أباه تجده ملازما لصديقه يظهره على أسراره ويستشيره في أموره أما مع أبيه فمتباعد عنه كاتم عنه أسراره لا يأنس بالجلوس عنده ولا ينبسط بالتحدث معه أما الخصلة التاسعة فهي ظهور الأصوات في المساجد حتى تصبح المساجد لا قيمة لها ولا احترام يزعق الناس فيها ويصرخون كما يزعقون ويصرخون في بيوتهم وأسواقهم غير مبالين ببيوت الله التي بنيت لعبادته وذكره أما الخصلة العاشرة فأن يسود القبيلة فاسقهم أي أن يكون الفاسق العاصي لله ورسوله سيد قبيلته إما لظهور الفسق فيهم وكون الفسق ذا قيمة في نفوسهم فيكون السيد فيهم من بلغ غاية الفسق كما يوجد من بعض الطوائف التي تميل إلى فسوق معين إذا برز أحدهم في هذا الفسوق صار سيدهم الذي يرجعون إليه وإما لكون الدين لا أثر له في السيادة والقيادة والأثر كله للمال والجاه فصاحب المال والجاه هو السيد وإن كان فاسقا نعوذ بالله من هاتين الحالين ونسأل الله أن يجعل السيد في هذه الأمة أعدلهم وأتقاهم لله إنه جواد كريم أيها المسلمون إن هذا الحديث لحديث عظيم وإننا وقد أخذنا منه عشر خصال سوف نقتصر عليها ونسأل الله تعالى أن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعة الله ويذل فيه أهل معصية الله ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تصلح شعوبنا وولاة أمورنا اللهم أصلح شعوبنا وولاة أمورنا اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئ الأخلاق والأعمال لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها الأخوة المسلمون إنكم تحضرون في المساجد كل أسبوع لتتلقوا دروسا من الخطباء في هذه المساجد تأتون إلى هذه المساجد تقصدون وجه الله وإقامة شعيرة من شعائره وتنهلون من العلوم التي تلقى من على منابر هذه المساجد وإنني أقول لكم إن هذه العلوم التي تحملونها إما أن تكون حجة لكم وإما أن تكون حجة عليكم فإذا كانت متلقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنها إن عملتم بها كانت حجة لكم وإن أعرضتم عنها كانت حجة عليكم يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (القرآن حجة لك أو عليك ) ولم يذكر صلى الله عليه وسلم قسما ثالثا فالناس نحو ما يستمعون من ذكر الله من كلام الله أو كلام رسوله إما أن يكون ما يستمعونه حجة لهم إذا عملوا به وقبلوه وإما أن يكون حجة عليهم وأسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيكون حجة لهم ويتبعون أحسنه أيها الناس لقد كثر عند الناس اليوم كثرت النذور تجد الإنسان إذا أيس من شيء ما نذر لله إن حصله أن يفعل كذا وكذا من الطاعات وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل فالبخيل هو الذي لا يتصدق إلا إذا نذر فيجعل النذر وسيلة إلى صدقته ولكن هذا النذر كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم لا يأتي بخير ما كتب للإنسان فسيحصل له سواء نذر أم لم ينذر ولكنه إذا نذر ألزم نفسه بما لم يلزمه الله به وحينئذ يندم ويتحسر ويقرع باب كل عالم لعله يتخلص مما نذر مثال ذلك بعض الناس يقول إن شفا الله مريضي علي ّ نذر أن أصوم كل يوم اثنين وخميس كل يوم اثنين وخميس فإذا شفي مريضه رأى أنه قد ألزم نفسه ما يشق عليه فذهب إلى العلماء يسأل لعله يجد مخلصا من هذا النذر ولكنه لن يجد مخلصا لأن صوم يوم الاثنين والخميس من طاعة الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) وعلى هذا فيجب على هذا الذي نذر هذا النذر أن يصوم كل يوم اثنين وخميس إلى أن يلقى ربه عز وجل ومثل أن ينذر بعض الناس إن شفا الله مريضه أن يصوم شهرين فإذا شفي المريض جعل يتتبع العلماء لعله يجد رخصة في ترك صوم الشهرين ولكنه لن يجد رخصة فعليه أن يصوم الشهرين ولا يحل له أن يتوانى في ذلك إذن فالنذر فيه إلزام للإنسان بما لم يلزمه الله به ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وأنت إذا أردت شيئا فأسأل الله تعالى أن ييسره إذا كان عندك مريض فأسأل الله تعالى أن يشفيه دون أن تنذر إذا فقدت شيئا من مالك فأسأل الله أن يرده عليك دون أن تنذر إذا أردت أن تحصل على شيء ما فأسأل الله أن ييسره لك دون أن تنذر فإن في هذا لجوء إلى الله عز وجل ودعاء له ودعاء الله تعالى من العبادة وفيه سلامة من النذر الذي تلزم به نفسك وأنت في عافية منه أيها الأخوة إنني أرجو أن تفهموا شيئين حول هذا الموضوع الشيء الأول أن النذر مكروه فيكره للإنسان أن ينذر بل إن بعض العلماء قال يحرم على الإنسان أن ينذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وحذر عنه في قوله إنه لا يأتي بخير أما الشيء الثاني فهو أن من نذر طاعة وجب عليه أن يأتي بها سواء كان نذرها معلقا على شيء فحصل أو كان نذرا مطلقا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر أن يطيع الله فليطعه وأعلموا أيها المؤمنون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أنصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان يا رب العالمين اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم اجعل بأسهم بينهم اللهم أهزم جنودهم اللهم فرق كلماتهم يا رب العالمين اللهم من أراد بالمسلمين سوءا فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وشتت شمله وأهزم جنده واجعل تدبيره تدميرا عليه يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحشر: من الآية10) ( ربنا هَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(آل عمران: من الآية 8) ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(آل عمران: من الآية147) والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
من موقع بن عثيمين
أما بعد
فيا عباد الله اتقوا الله تعالى واحذروا أسباب سخطه وعقابه وتوبوا إلى ربكم بالرجوع عن معصيته إلى طاعته ومن أسباب سخطه إلى بلوغ مرضاته احذروا ما حذركم منه نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم فإنه الناصح الأمين المبلغ المبين فلقد حذركم النبي صلى الله عليه وسلم من أمور فيها هلاككم إن تبعتموها حذركم منها لتحذروها وبينها لكم لتعلموها وجاء عنه صلى الله عليه وسلم التحذير من أمور أصبحتم اليوم واقعين فيها أو في أكثرها فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أتخذ الفيء دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعلم لغير الدين وأطاع الرجل امرأته وعصى أمه وأدنى صديقه وأقصى أباه وظهرت الأصوات في المساجد وساد القبيلة فاسقهم وكان زعيم القوم أرذلهم وأكرم الرجل مخافة شره وظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور ولعن آخر هذه الأمة أولها فارتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتتابع كنظام قطع سلكه فتتابع) أخرجه الترمذي وهذا الحديث وإن كان ضعيف السند لكن له شاهد من الأحاديث وشاهد من الواقع فإن الخصال المذكورة في هذا الحديث صار كثير منها في زمننا حقائق مشهودة ملموسة فاستمعوا الخصلة الأولى اتخاذ الفيء دولا والفيء ما أفاءه الله على المؤمنين فإذا صرف عن أهله المستحقين له إلى آخرين لا يستحقونه من أهل الشرف والجاه والغنى والقوة فقد اتخذ دولا قال الله عز وجل (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ) (الحشر: من الآية 7) الخصلة الثانية اتخاذ الأمانة مغنما أي أن الإنسان إذا أؤتمن اتخذ هذه الأمانة مغنما فخدع من ائتمنه وهذا أحد معاني هذه الجملة يؤتمن الإنسان فيتخذ من هذه الأمانة مغنما مثال ذلك أن يودعه شخص وديعة ثم يتخذ هذا المودع من هذه الوديعة مغنما فيجحدها وينكرها وكذلك في البيع والشراء والإجارة والرهن وغيرها كل شيء يؤتمن عليه الإنسان إذا اتخذه مغنما فخدع وغدر فإن هذا داخل في هذه الجملة أما الخصلة الثالثة فهي اتخاذ الزكاة مغرما فيؤديها صاحب المال وصاحب الثمر وصاحب الزرع وكأنها غرامة وضريبة خسرها لا يؤديها بطيب نفس واحتساب أجر وتعبد لله عز وجل وقيام بفريضة من فرائض الإسلام ومن أجل هذا تجد الرجل يبخل بزكاته ويؤدي ما يؤدي منها بتثاقل ونقص ويضعها في غير أهلها وإنني بهذه المناسبة أذكر إخواننا الذين منّ الله عليهم بالثمار فباعوها واكتسبوا من ورائها دراهم كثيرة إنني أقول لهم إن الواجب عليكم أن تحاسبوا أنفسكم لأنفسكم كيف تكسبون من وراء هذه الثمار الجيدة دراهم كثيرة ثم تخرجون عن زكاتها من نخل لا تساوي ربع القيمة إن هذا لبخس وظلم ليس على غيركم من أهل الزكاة فحسب ولكن على أنفسكم أيضا ( وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ )(محمد: من الآية38) أفلا تعلمون يا أصحاب الثمار والزروع أن نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم أوجب عليكم العشر في ما يسقى بلا مؤونة ونصف العشر فيما يسقى بمؤونة أي أوجب عليكم عشرة في المائة إذا كان يسقى بلا مؤونة أو خمسة في المائة إن كان يسقى بمؤونة وهؤلاء القوم الذين باعوا ثمارهم الطيبة بالأثمان الكثيرة وأخرجوا عنها من رديء التمر بالنسبة لها هؤلاء لا يصدق عليهم أنهم أخرجوا العشر ولا نصف العشر فعليهم أن يحاسبوا أنفسهم قبل أن يتمنوا ولات حين مناة أما الخصلة الرابعة فهي أن تتعلم العلوم الشرعية لغير الدين فلا يتعلمها الإنسان تقربا إلى الله ولا حفظا لشريعة الله ولا رفعا للجهل عن نفسه وعن عباد الله وإنما يتعلمها لنيل المال والشهادة والجاه والرئاسة وإنني بهذه المناسبة أود أن أجيب على سؤال يكثر تداوله بين الطلبة الذين يدرسون في الجامعات حيث يظنون أن كل من دخل الجامعات وتعلم فيها فإنه تعلم لغير الدين ولكني أقول لهم اطمئنوا فإن الإنسان إذا تعلم في الجامعات ونيته أن ينال هذه الشهادة التي يحصل بها على قيادة الأمة في التعليم والإدارة وغيرها ليصلح بذلك عباد الله فإن هذه نية صحيحة شرعية لا يحصل بها عليه عقاب ولا عذاب قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإن لكل امرئ ما نوى) أما الخصلة الخامسة والسادسة فأن يطيع الرجل امرأته ويعق أمه إذا أمرته زوجته بشيء لبى جميع مطالبها سريعا وإذا أمرته أمه به أعرض وتثاقل أو أتى به ناقصا أما الخصلة السابعة والثامنة فأن يدني الرجل صديقه ويقصي أباه تجده ملازما لصديقه يظهره على أسراره ويستشيره في أموره أما مع أبيه فمتباعد عنه كاتم عنه أسراره لا يأنس بالجلوس عنده ولا ينبسط بالتحدث معه أما الخصلة التاسعة فهي ظهور الأصوات في المساجد حتى تصبح المساجد لا قيمة لها ولا احترام يزعق الناس فيها ويصرخون كما يزعقون ويصرخون في بيوتهم وأسواقهم غير مبالين ببيوت الله التي بنيت لعبادته وذكره أما الخصلة العاشرة فأن يسود القبيلة فاسقهم أي أن يكون الفاسق العاصي لله ورسوله سيد قبيلته إما لظهور الفسق فيهم وكون الفسق ذا قيمة في نفوسهم فيكون السيد فيهم من بلغ غاية الفسق كما يوجد من بعض الطوائف التي تميل إلى فسوق معين إذا برز أحدهم في هذا الفسوق صار سيدهم الذي يرجعون إليه وإما لكون الدين لا أثر له في السيادة والقيادة والأثر كله للمال والجاه فصاحب المال والجاه هو السيد وإن كان فاسقا نعوذ بالله من هاتين الحالين ونسأل الله أن يجعل السيد في هذه الأمة أعدلهم وأتقاهم لله إنه جواد كريم أيها المسلمون إن هذا الحديث لحديث عظيم وإننا وقد أخذنا منه عشر خصال سوف نقتصر عليها ونسأل الله تعالى أن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعة الله ويذل فيه أهل معصية الله ويؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تصلح شعوبنا وولاة أمورنا اللهم أصلح شعوبنا وولاة أمورنا اللهم أهدنا لأحسن الأخلاق والأعمال لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئ الأخلاق والأعمال لا يصرف عنا سيئها إلا أنت يا ذا الجلال والإكرام اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد
أيها الأخوة المسلمون إنكم تحضرون في المساجد كل أسبوع لتتلقوا دروسا من الخطباء في هذه المساجد تأتون إلى هذه المساجد تقصدون وجه الله وإقامة شعيرة من شعائره وتنهلون من العلوم التي تلقى من على منابر هذه المساجد وإنني أقول لكم إن هذه العلوم التي تحملونها إما أن تكون حجة لكم وإما أن تكون حجة عليكم فإذا كانت متلقاة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإنها إن عملتم بها كانت حجة لكم وإن أعرضتم عنها كانت حجة عليكم يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (القرآن حجة لك أو عليك ) ولم يذكر صلى الله عليه وسلم قسما ثالثا فالناس نحو ما يستمعون من ذكر الله من كلام الله أو كلام رسوله إما أن يكون ما يستمعونه حجة لهم إذا عملوا به وقبلوه وإما أن يكون حجة عليهم وأسأل الله أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيكون حجة لهم ويتبعون أحسنه أيها الناس لقد كثر عند الناس اليوم كثرت النذور تجد الإنسان إذا أيس من شيء ما نذر لله إن حصله أن يفعل كذا وكذا من الطاعات وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل فالبخيل هو الذي لا يتصدق إلا إذا نذر فيجعل النذر وسيلة إلى صدقته ولكن هذا النذر كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم لا يأتي بخير ما كتب للإنسان فسيحصل له سواء نذر أم لم ينذر ولكنه إذا نذر ألزم نفسه بما لم يلزمه الله به وحينئذ يندم ويتحسر ويقرع باب كل عالم لعله يتخلص مما نذر مثال ذلك بعض الناس يقول إن شفا الله مريضي علي ّ نذر أن أصوم كل يوم اثنين وخميس كل يوم اثنين وخميس فإذا شفي مريضه رأى أنه قد ألزم نفسه ما يشق عليه فذهب إلى العلماء يسأل لعله يجد مخلصا من هذا النذر ولكنه لن يجد مخلصا لأن صوم يوم الاثنين والخميس من طاعة الله وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه ) وعلى هذا فيجب على هذا الذي نذر هذا النذر أن يصوم كل يوم اثنين وخميس إلى أن يلقى ربه عز وجل ومثل أن ينذر بعض الناس إن شفا الله مريضه أن يصوم شهرين فإذا شفي المريض جعل يتتبع العلماء لعله يجد رخصة في ترك صوم الشهرين ولكنه لن يجد رخصة فعليه أن يصوم الشهرين ولا يحل له أن يتوانى في ذلك إذن فالنذر فيه إلزام للإنسان بما لم يلزمه الله به ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وأنت إذا أردت شيئا فأسأل الله تعالى أن ييسره إذا كان عندك مريض فأسأل الله تعالى أن يشفيه دون أن تنذر إذا فقدت شيئا من مالك فأسأل الله أن يرده عليك دون أن تنذر إذا أردت أن تحصل على شيء ما فأسأل الله أن ييسره لك دون أن تنذر فإن في هذا لجوء إلى الله عز وجل ودعاء له ودعاء الله تعالى من العبادة وفيه سلامة من النذر الذي تلزم به نفسك وأنت في عافية منه أيها الأخوة إنني أرجو أن تفهموا شيئين حول هذا الموضوع الشيء الأول أن النذر مكروه فيكره للإنسان أن ينذر بل إن بعض العلماء قال يحرم على الإنسان أن ينذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وحذر عنه في قوله إنه لا يأتي بخير أما الشيء الثاني فهو أن من نذر طاعة وجب عليه أن يأتي بها سواء كان نذرها معلقا على شيء فحصل أو كان نذرا مطلقا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر أن يطيع الله فليطعه وأعلموا أيها المؤمنون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهرا وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أنصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان يا رب العالمين اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم أذل الشرك والمشركين اللهم اجعل بأسهم بينهم اللهم أهزم جنودهم اللهم فرق كلماتهم يا رب العالمين اللهم من أراد بالمسلمين سوءا فاجعل كيده في نحره وأفسد عليه أمره وشتت شمله وأهزم جنده واجعل تدبيره تدميرا عليه يا رب العالمين إنك على كل شيء قدير(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)(الحشر: من الآية10) ( ربنا هَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)(آل عمران: من الآية 8) ( رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)(آل عمران: من الآية147) والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
من موقع بن عثيمين