المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : محاربة أعداء الإسلام لنا ، وكيفية مجابهتهم ـ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ـ


أ/أحمد
08-22-2011, 05:17 PM
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ؛ من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد :

أيها الناس : اتقوا الله ربكم وتيقظوا لما يريده أعداء المسلمين من القضاء على الإسلام والمسلمين بكل وسيلة ، وما يدبره - هؤلاء - الأعداء من مكايد يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون .

أيها المسلمون : لقد تنوعت أساليب أعداء المسلمون في محاولة القضاء على دينهم ووجهوا إليه ألوان من الأسلحة ، وغزوا المسلمين من كل وجه ؛ غزوا المسلمين بالسلاح العسكري والقتال الدموي ، وغزوهم بالسلاح الفكري ، وغزوهم بالسلاح الخلقي ، وغزوهم بالسلاح العاطفي . غزوا المسلمين بالسلاح العسكري ؛ فأعلنوا الحرب على المسلمين ، وشنوا غارة عليهم بأقوى الأسلحة التي تمكنهم الفرصة من استعمالها ، وغزوا المسلمين بالسلاح الفكري ؛ فأفسدوا أفكارًا من المسلمين وعقيدة ؛ يحاولون تشكيك المسلمين في دينهم وزعزعة العقيدة من قلوبهم لما ينشرونه من كتب ورسائل ، وما يلقونه من خطب ومقالات بالطعن في الإسلام وقادته - أحيانًا - وبتذليل ما هم عليه من الباطل والكفر - أحيانًا - فإن أعتنق المسلم إن أعتنق المسلم ما هم عليه من الكفر والضلال فذلك غاية مناهم وتمام رضاهم .

قال الله - عز وجل - وهو الخلاق العليم بما تخفي الصدور : ﴿ وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء ﴾ . وقال عالم الغيب والشهادة : ﴿ وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ . وإذا لم يعتنق المسلم ما هم عليه من الكفر والضلال اقتنعوا منه بالشك في دينه والارتياب ، وفي ذلك خروجه من الدين ؛ فإن الشك في الدين كفر ، ولقد صرح - بعض هؤلاء - الأعداء بذلك ؛ فقالوا : إننا نستبعد من المسلم أن يدخل في ديننا ، ولكن يكفينا أن يشك في دينه ثم يخرج منه إلى أي دين شاء ؛ ذلك لأن هؤلاء الأعداء يعلمون علم اليقين أن عز الإسلام هو ذلهم والقضاء عليهم ، وأن انتصار الإسلام خذلانهم ، وأن قيام دولته سقوط دولهم . وغزا هؤلاء الأعداء المسلمين بالسلاح الخلقي ؛ فنشروا بين المسلمين ما تفسد به أخلاقهم وتفسد به آدابهم وتفسد به قيمهم ؛ نشروا في المسلمين ما يثير الغرائز والشهوة إما بالأغاني والألحان ، وإما بالكلمات الماجنة والقصص الخليعة ، وإما بالصور الفاتنة حتى يصبح المسلم فريسة لشهوته يتحلل من كل خلق فاضل وينزل إلى مستوى البهائم ، وحتى لا يكون للمسلم إي هم سواء إشباع غريزته من حلال أو حرام وبذلك ينسى دينه ويهجر كل فضيلة ، وينطلق مع شهواته ولذاته إلى غير حدود شرعية ولا عرفية ؛ فيتنكر للشرع والعادة . وغزوا المسلمين بالسلاح العاطفي خلاف المحبة والعطف ؛ فيتظاهرون بمحبة المسلمين والولاء لهم والعطف عليهم ومراعاة مصالحهم ؛ حتى يغتر بهم من يغتر من المسلمين وتنزع من قلوب المؤمنين العاطفة الدينية فيميلون إلى هؤلاء الأعداء بالمودة والإخاء والقرب والولاء ، وينسون قول ربهم - عز وجل - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ ﴾ . ونسي - هؤلاء - المائلون إلى أولئك الأعداء نسوا قول الله - عز وجل - : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ ﴾ . وينسى - هؤلاء - المائلون إلى أولئك الأعداء ينسون قول الله - عز وجل - : ﴿ لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ﴾ .

أيها المسلمون : أنه يجب علينا مع هذه التوجيهات الإلهية الصادرة عن علم وحكمة ورحمة ألا نتجاهل دليلاً واقعيًا يوجب علينا الحذر من أعدائنا ومن موالاتهم ؛ ذلك هو ما حصل للإسلام من عز وتمكين ، فإن أعدائنا لن ينسوا ذلك العز الذي أسقط دولهم وأزال سلطانهم وأجتاح بلادهم وظهر على دينهم ، ولن يهدأ لهم بال حتى يأخذوا بالثأر منه بشتى الوسائل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً .

أيها المسلمون : إن أعداء الإسلام لا ينحصرون في طائفة معينة ولا حزب معين ؛ إن الكافرين كلهم أعداء الإسلام وأولياء بعضهم بعضا . يقول الله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ . فالكفر جنس تحته أنواع ، ولكل نوع منه أمة قرينة به ما بين يهودي ونصارى ، ومجوسي وصابئين ، ومشركين ودهريين ، وكلهم أولياء بعضهم لبعض لاتفاقهم على الخروج عن طاعة الله تشابهت قلوبهم واختلفت عبارتهم وأساليبهم ، قالت اليهود : عزيز ابن الله ، وقالت النصارى : المسيح ابن الله ، وقالت اليهود : إن الله فقير ، وقالت النصارى : إن الله ثالث ثلاثة ، وقالت اليهود : يد الله مغلولة ، وقالت النصارى : إن الله هو المسيح ابن مريم .

أيها المسلمون : إن علينا أن ننتبه ، وعلينا أن نحذر ، وإن علينا أن نعتبر بالأحداث ، وإن علينا أن نكون أقوياء في التخطيط والعمل ؛ فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل الخير . إن علينا أن نعد لأعدائنا لكل نوع من هجومهم سلاحه المقابل له حتى نتمكن من صد هجماتهم في كل وقت . إن علينا أن نتدرع بالحذر البالغ خصوصُا في هذا العصر الذي كثر اختلاط غير المسلمين بالمسلمين حتى أصبح الإنسان لا يميز الكافر من المسلم . إن علينا أن نحذر فإن هذا هو ما أمرنا الله به ، قال الله تعالى : ﴿ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا ﴾ .

هكذا يقول الله - سبحانه - في دفاعهم ، ويقول في طلبهم : ﴿ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ ﴾ .
نسألك اللهم أن تنصرنا على أنفسنا حتى نستقيم على أمرك ، ونسألك اللهم أن تنصرنا على أعدائنا حتى نسعد ونسر بظهور دينك ، ونسألك اللهم اليقظة في الأمور والحكمة في التدبير ، وحسن العاقبة والمصير .