المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمانة في العبادة


أبو عثمان
08-23-2011, 12:29 AM
الحمد لله الذي جعل الأمانة في قلوب الرجال بعد أن أبا عن حملها السماوات والأرض والجبال جعل الأمانة في قلوب بني آدم ذكوراً وإناثا لأنه ركب فيهم عقولاً بها يفقهون وبصائر بها يهتدون فتحملوا الأمانة مخاطرين ليعلوا بأدائها إلى درجة المؤمنين المتقين أو لينزلوا بإضاعتها إلى أسفل السافلين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين خلق فأتقن وشرع فأحسن وهو خير الحاكمين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ رسالة ربه وأدى أمانته على الوجه الأكمل وعبد ربه حتى أتاه اليقين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما …
أما بعد

أيها الناس أيها المؤمنون بالله ورسوله اتقوا ربكم وأدوا ما حملكم من الأمانة فلقد عرض الله الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أدوا الأمانة بالقيام بما أوجب الله عليكم من عبادته وحقوق عباده فإن الأمانة تدور على هذين الأمرين تحقيق عبادة الله والقيام بحقوق عباد الله ولا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون لا تخونوا بذلك بإفراط ولا تفريط فإن الخيانة نقص في الإيمان وسبب للخسران والحرمان وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( لا إيمان لمن لا أمانة له ) وقال عليه الصلاة والسلام ( آية المنافق ثلاث ) أي علامته التي يتميز بها وخلقه الذي يتخلق به ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتومن خان وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة يرفع لكل غابر لواء فيقال هذه غدرة فلان بن فلان يرفع له هذا اللواء فضيحة له بين الخلائق وخذياً وعاراً عليه يوم القيامة ) أيها المؤمنون بالله ورسوله إن الأمانة في العبادة والمعاملة فالأمانة في العبادة أن تقوم بطاعة الله مخلصاً له متبعاً لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم تمتثل أوامر الله وتجتنب نواهيه تخشى الله في السر والعلانية تخشى الله حيث يراك الناس وحيث لا يرونك لا تكن ممن يخشى الله في العلانية ويعصيه في السر فإن هذا هو الرياء ألم تعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ألم تعلم أن الله أنكر على من هذه حاله بقوله (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (الزخرف:80) (أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) (البقرة:77) (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً) (النساء:108) وأما الأمانة في المعاملة فأن تعامل الناس بما تحب أن يعاملوك به من النصح والبيان وأن تكون حاصراً لحقوقهم المالية وغير المالية من كل ما استأمنت عليه لفظاً أو عرفاً فتكون الأمانة بين الرجل وزوجته يجب على كل منها أن يحفظ الآخر في ماله وسره فلا يحدث أحداً بذلك فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ( إن من شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه ) وتكون الأمانة بين الرجل وصاحبه يحدثه بحديث سر يعلم أنه لا يحب أن يطلع عليه أحد ثم يفضي سره ويحدث به الناس وفي الحديث ( إذا حدث الرجل رجلاً بحديث ثم التفت فهو أمانة ) لأن التفاته وهو يحدثه دليل على أنه لا يحب أن يسمعه أحد وتكون الأمانة في البيع والشراء والإجارة والاستئجار فلا يجوز للبائع أن يخون المشتري بنقص في الكيل أو الوزن أو زيادة في الثمن أو كتمان العيب أو تدليس في الصفة ومن هذا النوع ما يفعله بعض الناس الذين يبيعون السيارات في المعارض تجد الرجل يعرض سيارته وهو يعلم أن فيها عيباً معيناً ولكنه لا يعينه للناس ويجعل الأمر مبهماً مكتوماً حتى لا ينقص السعر بذلك وهذا محرم عليه فكل إنسان يعلم في سلعته عيباً فإنه يجب عليه أن يبينه سواء نقص الثمن أم لم ينقص لأن هذا هو مقتضى الأمانة أما إذا كنت لا تعلم بالعيب مثل أن تكون قد اشتريت السيارة قريباً ولا تدري هل فيها عيب أم لا فلا حرج عليك أن تقول للمشتري أنا برئ من عيوبها ولا يجوز للمشتري أن يخون البائع بنقص في الثمن أو إنكار أو مماطلة مع القدرة على الوفاء وقد كان بعض الناس مع الأسف قد أغناهم الله ولكنهم كفروا نعمة ربهم أغناهم الله تعالى بإمكانهم من الوفاء ومع ذلك يماطلون من له الحق يقول ائتني غداً أو بعد غد أو في الأسبوع الثاني أو في الشهر الثاني مع قدرته على الوفاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مطل الغني ظلم ) وتكون الأمانة في الوكالات والولايات فيجب على الوكيل أن يتصرف بما هو أحسن ولا يجوز أن يخون موكله فيبيع السلعة الموكل في بيعها بأقل من قيمتها محاباة للمشتري أو يشتري السلعة الموكل في شرائها بأكثر من قيمتها محاباة للبائع ومع الأسف الشديد أن بعض الوكلاء ولا سيما الوكلاء للحكومة يشترون الحاجات بسعر ويقيدونها في الفواتير بسعر أكثر والبائع يعلم ذلك وبهذا يكون البائع خائناً والمشتري خائناً أما المشتري فإنه قد خان الحكومة وأما البائع فإنه قد أعان الخائن على خيانته وقد قال الله تعالى ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وتكون الأمانة في الولايات كل من كان والياً على شئ خاص أو عام فهو أمين عليه يجب عليه أن يؤدي الأمانة فيه فالقاضي أمين والأمير أمين ورؤساء الدوائر ومديروها أمناء يجب عليهم أن يتصرفوا فيما يتعلق بولايتهم بالتي هي أحسن وأولياء اليتامى وناظر الأوقاف وأوفياء الوصايا كل هؤلاء أمناء يجب عليهم أن يقوموا بالأمانة بالتي هي أحسن ألا وإن من الأمانة ما يتصل بالثقافة والإرشاد والتعليم فعلى القائمين على ذلك من مخطط المناهج ومديري الأقسام والمشرفين عليها أن يراعوا الأمانة في هذا باختيار المناهج الصالحة والمدرسين الصالحين المصلحين وأن يثق وأن يثقفوا الطلبة علمياً وعملياً ديناً ودنياً عبادة وخلقا وإن من الأمانة في هذا حفظ الاختبار من التلاعب والتهاون حفظه في وضع الأسئلة بحيث تكون في مستوى الطلبة عقلياً وفكرياً وعلميا لأن الأسئلة إن كانت فوق مستواهم أضرت بهم وحطمتهم وأضاعت كل عامهم الدراسي وإن كانت الأسئلة دون مستواهم أضرت بمستوى الثقافة العامة في هذه البلاد وحفظ الاختبار وقت الإجابة على الأسئلة بحيث يكون المراقب فطناً حازما لا يدع فرصة للتلاعب ولا يحابي اثنان لقريب أو صديق لأنهم هنا على درجة واحدة كل الطلبة صغيرهم وكبيرهم قريبهم وبعيدهم كلهم في ذمة المراقب سواء وحفظ الاختبار وقت تصحيح الأجوبة بحيث يكون التصحيح دقيقاً لا يتجاوز فيه ما يسمح به النظام حتى لا يظلم أحداً على حساب الآخر ولا ينزل طالباً إلا في منزلته التي يستحقها فإذا حافظنا على هذه الأمانة قمنا ببراءة ذمتنا ونزاهة مجتمعنا وقوة مستواه الثقافي ودرجته العلمية إن حفظ الأمانة في الاختبار في مواضعه الثلاثة هو من مصلحة الأمة كلها ومن مصلحة العلم فهو من مصلحة القائمين على الاختبارات لأداء الواجب عليهم وإبراء ذممهم ومن مصلحة الطلبة حيث يحصلون على مستواً علمي رفيع ولا يكون حظهم من العلم بطاقة يحملونها أو لقباً لا يستحقون معناه وهو من مصلحة العلم حيث يقوى ويزداد حقيقة ولا يهمنا عند ضبط الإختبار أن يكون الناجحون قليلاً لأن العبرة بالكيفية لا بالكمية وإذا كانوا قليلاً في عام كانوا كثيراً في العام الذي يليه حيث يعتادون على الجد ويستعدون له وإذا كانت الأمانة في المراقبين وفي واضع الأسئلة والمصححين لها فإن الأمانة تكون أيضاً على الطلبة فإنه لا يجوز لأي طالب أن يغش في الإختبار لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من غش فليس منا ) ولأن الغش يؤدي إلى أن ينزل الإنسان مرتبة لا يستحقها فيتوظف وظيفة لا يستحق راتبها لأنه ليس أهلاً لممارستها حيث كانت شهادته مزورة وإن من الغريب أننا سمعنا بعض الناس يقولون إنه يجوز الغش في مادة اللغة الإنجليزية وهذا خطأ فإن مادة اللغة الإنجليزية من المواد العلمية التي يطالب الطالب بإتقانها وعلى هذا فلا يجوز الغش فيها كما لا يجوز في سائر المواد فاتقوا الله عباد الله وأدوا ما أئتمنتم عليه على الوجه الأكمل وأعلموا أن الله لم يحملكم الأمانة إلا ...... وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه …
الحمدلله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليما…
أما بعد
أيها الناس فإنكم في شهر شعبان الذي قبل رمضان ومن كان منكم عليه قضاء من رمضان الماضي فليؤديه فإنه لا يحل للإنسان أن يؤخر قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان الثاني ، قالت عائشة رضي الله عنها كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان وأكثروا من الصيام في هذا الشهر لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكثر صيام شهر شعبان حتى كان يصومه كله أو إلا قليلاً فالصيام في هذا الشهر له مذية على غيره لأنه يكون بين يدي رمضان بمنزلة الرواتب لصلاة الفريضة وأعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم أجرنا في زمرته اللهم أسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضى عن خلفائه الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تنصر المجاهدين الأفغانيين على أعدائهم اللهم أنصرهم على أعدائهم اللهم أنصرهم على أعدائهم اللهم أنزل في قلوب أعدائهم الرعب وأخذلهم يا رب العالمين وزلزل بهم إنك على كل شئ قدير اللهم أنصر كل من قام بأمر من أموره يريد إعلاء كلمتك وإظهار دينك يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم هيئ لهم ولاة صالحين يقضون بالحق وبه يعدلون يقودون الأمم إلى شريعة الله وينكرون عليهم ما خالف دين الله اللهم أصلح بطانة ولاة أمور المسلمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك ولا ناصح لخلقك فأبعده عن ولاة أمورنا يا رب العالمين وألي في قلوبهم بغضا وأبدلهم بخير منه إنك على كل شئ قدير أعود فأقول أيها الناس من كان عليه صيام من رمضان الماضي فليؤده قبل أن يأتي رمضان هذه السنة لأنه لا يجوز للإنسان أن يؤخر صوم رمضان إلى رمضان آخر كما قالت عائشة رضي الله عنها كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان وأكثروا من الصيام في هذا الشهر لا، رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر صومه حتى كان يصومه كله أو إلا قليلاً ربنا أغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين ربنا هب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلاً إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون …

من موقع بن عثيمين