المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ـ الدعوة إلى الله


محمد الفاريابي
08-23-2011, 01:12 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدُ لله القوي العزيز، الرقيب الشهيد، يدبِّر خلقه كما يشاء بحكمته فهو الفعال لِمَا يريد، أحكَمَ ما شَرَعَ، وأتقَنَ ما صَنَعَ فهو الولي الحميد، حَدَّ لعباده حدودًا، ونظَّم لهم تنظيمًا، وقال: ﴿هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام:153]، فصار الناس على أقسام: كافر بالله ومؤمن بالله، والمؤمن بالله على أقسام: منهم الظالِمُ لِنَفسِهومنهم المقتصد ومنهم السابق بالخيرات بإذن الله «وإن الله تعالى لَيُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته»هكذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم تلا: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾[هود: 102].
وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ضدَّ له ولا نديد، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله القائم بأمر الله الناصح لعباد الله على الرشد والتسديد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم المزيد، وسلَّم تسليمًا .

أما بعد:

فقد قال الله تعالى في كتابه موجِّهًا الخطاب إلى الناس عمومًا، قال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ﴾[لقمان: 33]، وقال جلَّ وعلا:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (1)يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾[الحج: 1-2]، وقال الله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾[البقرة: 281]، وقال تعالى:﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾[النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الأنفال: 25] .
عباد الله، لا تغرنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرنَّكم بالله الغرور، لا تغرنَّكم الأموال لكثرتها ولا يغرنَّكم رغد العيش ونضارة الدنيا وزهرتها، ولا يغرنَّكم ما أنعمَ الله به عليكم من العافية والأمان، ولا يغرنَّكم إمهاله لكم مع تقصيركم في الواجب وارتكابكم العصيان .
إن اغتراركم بهذا من الأماني الباطلة والآمال الكاذبة؛ إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون .
عباد الله، لقد انتشرت في الأمة الإسلامية كثيرٌ من المعاصي حتى أصبح ما كان منكرًا بالأمس معروفًا اليوم؛ إن بعض الناس أضاعوا الصلاة واتَّبعوا الشهوات؛ إن بعض الناس تعاملوا بالربا ومنعوا الزكاة؛ إن بعض الناس ابتعدوا عن الحياء وانتهكوا الحرمات، إنهم صاروا كالبهائم يطلبون مُتع الدنيا وإن أضاعوا الدين، صدُّوا عن سبيل الله واتّبعوا سبل الكافرين، زُيّن لهم سوء أعمالهم فظنوا ذلك تحرُّرًا وتقدّمًا وتطورًا وما علموا أن ذلك تحرر من رقِّ العبادة ولكنه رقٌّ في قيد الشيطان؛ لأن الرقَّ تحت قيود الهوى هو التأخر، فاتَّقوا الله أيها المسلمون.وإني أقول:أسباب هذا التهور في كثير من الأمة الإسلامية ترجع إلى أمرين:
أحدهما: ضعف الدين في النفوس وقوة الداعي إلى الباطل .
والثاني: ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمداهنة في دين الله، وإن حماية الدين لا تكون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: الأمر بما أمر الله به ورسوله والنهي عمَّا نهى الله عنه ورسوله بقصدِ النصيحة لله ولعباد الله .
أيها المسلمون، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على هذه الأمة التي هي أفضل الأمم وأكرمها على الله إن استقامت على دين الله فإن لم تستقم على دين الله فهي من أرذلِ عباد الله؛ لأنها كفرت نعمةً هي أفضل النعم التي أنعم الله بها على عباده، لقد قال الله تعالى:﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [آل عمران: 104-105] .
فإنْ نحن قمنا بما أمرنا الله به بهذه الآية وبغيرها من الآيات الكريمة وبالسنَّة النبويَّة، إن قمنا بهذا فإننا نحن خير الأمم وأكرمها على الله عزَّ وجل .
وإنه لَيُمكن التساؤل: ما هو المعروف الذي نأمر به وما هو المنكر الذي ننهى عنه ؟
والجواب على ذلك أن المعروف: كلّ ما أمر الله به ورسوله، والمنكر: كل ما نهى الله عنه ورسوله، هذه هي القاعدة في بيان المعروف وبيان المنكر، فما أمرَ الله به ورسوله فهو معروف وما نهى الله عنه ورسوله فهو منكر .
إذنْ: لا بدَّ للآمر بالمعروف والناهي عن المنكر من أن يعلم أن هذا معروف يؤمر به وأن هذا منكر يؤمر به، ولا يُعرف المعروف بما اشتهر عند العامة؛ فإن العامة قد يشتهر عندهم المعروف منكرًا والمنكر معروفًا ولكنّ المرجع في معرفة ذلك إلى كتاب الله وسنَّة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم .
إذًا: فيتحتَّم على الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يعلم أن هذا الذي أمر به مِمَّا أمر الله به وأن هذا الذي نهى عنه مِمَّا نهى الله عنه وحينئذٍ فيحسُن أن تكون دروس في جميع هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يُبيَّن للأعضاء فيها ما هو المعروف وما هو المنكر لاسيما فيما شاع بين الناس حتى لا يضلّوا فيأمروا بمنكر أو ينهوا عن معروف .
ولا بدَّ أيضًا بعد أن نعلم أن هذا معروف وأن هذا منكر، لا بدَّ أن نعلم أن هذا قد ترك المعروف وأن هذا قد وقع في المنكر؛ لأن الإنسان قد يترك الشيء المعروف لعذر قام به أو قد يكون قد فعَلَه والآمر لا يعلم به .
مثال الأول: أن ترى شخصًا يصلي الفريضة قاعدًا فهنا لا بدَّ أن تعلم لماذا كان يصلي قاعدًا ؟ ربما يكون معذورًا؛ لأن المريض إذا لم يستطع الصلاة قائمًا فإنه يصحُّ أن يصلي جالسًا لقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - لعمران بن حصين: «صلِّ قائمًا فإن لم تستطع فقاعدًا فإن لم تستطع فعلى جنب» ولهذا لَمَّا دخل رجل المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب فجلس الرجل فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «أَصَلَّيت ؟ قال: لا، قال: قم فصلِّ ركعتين» فلم يأمره بالصلاة ركعتين حين جلس حتى علمَ أنه لم يصلهما .
وكذلك لو رأينا شخصًا يفعل شيئًا مُحرّمًا ولكنه يفعله لعذر فإننا لا بدَّ أن نستفصل هل لك عذر ؟ إذا قال:نَعم فإننا لا ننهاه في الحال التي يجوز له أن يفعل هذا الذي كان منكرًا على غيره؛ ولهذا يجب التثبت على الآمر والناهي ألا يأمر إلا بما يعلم أنه معروف شرعًا وبما يعرف أن هذا الرجل قد تركه وألا ينهى إلا عمّا يعلم أنه منكر شرعًا وأن هذا الرجل وقع فيه، ولكن لا بدَّ من الاستفصال قبل الأمر والنهي إذا كنت شاكًّا في وضع الرجل .
أيها الإخوة، إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على فئة معيَّنة من الناس كما يتوهَّمه بعض العامة، يقولون:إذا كان في البلد هيئة قائمة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه ليس علينا أن نأمر بالمعروف ولا أن ننهى عن المنكر، ولكن هذا ظنٌّ فاسد؛ لأن الأوامر التي تأمر الناس أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر عامَّة ليست خاصة بشخص دون شخص .
أيها الإخوة المسلمون، إن الأمة لا يمكن أن تكون أمة قوية مرموقة حتى تَتَّحد في أهدافها وأعمالها ولا يمكنها ذلك حتى تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتكون على دينٍ واحدٍ في العقيدة وفي القول وفي العمل صراطًا مستقيمًا، صراط الله الذي له ما في السماوات والأرض .
أما إذا لم تقم بذلك -ونسأل الله تعالى أن يجنِّب الأمة الإسلامية هذا - إذا لم تقم بذلك؛ أي:بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنها تتفكَّكُ وتنفصم عراها:يكون لكل واحد هدف ولكل واحد طريق ولكل واحد عمل فيتفرَّقون أحزابًا ﴿كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [الروم: 32]، ولقد قال الله تعالى موجِّهًا الخطاب لنبيِّه صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾[الأنعام: 159] .
أيها المسلمون، إذا لم نقم بأمر الله ونسعَ في إصلاح مجتمعنا بالالتزام بدين الله فمَن الذي يقوم بذلك ؟ مَن الذي يسعى لهذا ؟ وإذا لم نتكاتف على منع الشر والفساد فإننا كلنا هالك، استمعوا إلى الآية التي سقناها أولاً: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾[الأنفال: 25] .
وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاهُ تعذيرًا، فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون جليسه أو يأكل معه، فلمَّا رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ولَعَنهم على لسان نبيّهم داوود وعيسى بن مريم ﴿ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ﴾ [المائدة: 78]، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «والذي نفس محمد بيده، لتأمرنَّ بالمعروف ولتنهونَّ عن المنكر ولتأخذنَّ على يد السفيه ولتأطرنَّه على الحق أطرًا أو ليضربنَّ الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم» .
«ولَمَّا فتح المسلمون جزيرة قبرص تفرَّق أهلُها وبكى بعضهم إلى بعض فرئي أبو الدرداء - رضي الله عنه - يبكي فقيل له: ما يبكيك في يوم أعزَّ الله فيه الإسلام وأهله ؟ فقال: ويْحك ! ما أهون الخلق على الله - عزَّ وجل - إذا هم أضاعوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى» .
فيا عباد الله، إن الواجب علينا أن نكون أمة واحدة متآلفة على الحق، متعاونة في الحق، لا نتفكَّك ولا نتفرَّق، لا نُعادي إلا مَن عاداه الله ورسوله ونوالي مَن والاه الله ورسوله .
إن على كل واحد منَّا أن يتفقَّد أهلَه وولده، وأن ينظر في جيرانه، وأن ينظر في أهل حيِّه، وأن ينظر في عموم المسلمين فيقوم بِما يستطيع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أن يحقَّ علينا قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا﴾ [الإسراء: 16]، أو قول الله تعالى: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾[الأنعام: 44] .
اللهم إنَّا نسألك في مقامنا هذا أن تُلهمنا رشدنا، اللهم ألْهمنا رشدنا، وهيئ لنا الخير، واجمع كلمتنا على الحق، وأبْرِم لهذه الأمة أمرًا يؤمر فيه بالمعروف ويُنهى عن المنكر، يُعزّ فيه أهل الطاعة ويُذل فيه أهل المعصية؛ إنك على كل شيء قدير .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم .

الخطبة الثانية

الحمدُ لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الآخرة والأولى، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن بهداهم اهتدى، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .

أما بعد:

أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى، تآمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر، ادعوا إلى الله على بصيرة حتى يهدي الله على أيديكم من شاء من عباده فإنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من حمر النَّعم» .
أيها الإخوة، ما أكثر القوم العمال الذين هم في بلادنا وهم على غير دين الإسلام وما أقل الذين يدعونهم إلى دين الله وهذا بلا شك تفريط منَّا وتقصير منّا .
إن هؤلاء القوم الذين جاؤوا إلى هذه البلاد، جاؤوا يكتسبون الرزق مِمَّا بأيدينا مِمَّا أعطانا الله عزَّ وجل، وإذا كان الأمر هكذا فإنهم سوف يكونون قريبين مِمَا نقول لهم وقريبين مِمَا نرشدهم عليه، أفلا يجدر بنا ونحن المسلمين دعاة الحق أن ندعو هؤلاء إلى دين الإسلام ؟
لقد كان النصارى يجوبون البلاد شرقًا وغربًا مع التعب والمشقّة ويحملون الزاد والمزاد والنقود من أجل أن يدعوا الناس إلى دين الضلال -إلى دين النصارى - الذين نقرأ في كل صلاة بل في كل ركعة من صلاة أنهم ضالُّون نشهد عليهم بذلك ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ [الفاتحة: 7] .
هؤلاء الضُّلال يجبون الأرض شرقًا وغربًا ومعهم الدعاية الحسيَّة والبيانية اللفظية ومع هذا فإنهم لا يجدون من القبول إلا القليل، لا يقبل منهم إلا مَن كانوا فقراء محتاجين إلى أموالهم أو جُهَّالاً يلتبس عليهم الحق بالباطل، أما نحن فلم نجد أحدًا يفعل ذلك بل هؤلاء الذين ليسوا بمسلمين هم بأحضاننا اليوم يكتسبون مِمَّا رزقنا الله عزَّ وجل، ومع ذلك فإن القليل القليل القليل منَّا مَن يدعوهم إلى الإسلام ويرغّبهم فيه ويُحيلهم على مكتب الدعوة والجاليات في هذا البلد لعلَّ الله أن يهديهم فيهتدي بهم أهلُهم هناك وكذلك جيرانهم ومَن شاء الله عزَّ وجل .
إنني أحثكم أيها المسلمون، أحثّ مَن كان عنده عمّال غير مسلمين أن يعرض عليهم الإسلام ويرغِّبهم فيه ويُحيلهم على مكتب الدعوة والجاليات حتى يدرسوا عن الإسلام ما ينفعهم الله به، أما أن نسكت وندع هؤلاء الجهَّال بين أيدينا دون أن نعلّمهم بالإسلام وندعوهم إليه فإن هذا تقصير منّا وأخشى أن نُحاسب عليه يوم القيامة .
فاتَّقوا الله - أيها المسلمون - وادعوا إلى دين الله على بصيرة وكونوا من أئمة الخير ودعاة الهدى يُعظم الله لكم الأجر .
واعلموا أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة، فعليكم بالجماعة، عليكم بالجماعة وهي:الاجتماع على دين الله ومنها الاجتماع على فرائض الله: الصلوات الخمس في المساجد؛ فإن يد الله على الجماعة، ومَن شَذَّ شَذَّ في النار .
وأكْثروا من الصلاة والسلام على نبيِّكم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم؛ فإن الله تعالى أمركم بذلك، قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56] .
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبَّته واتِّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملَّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أَسْقنا من حوضه، اللهم أَدْخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النَّعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم لا تَحُلْ بيننا وبين ذلك بسوء أفعالنا، اللهم عاملنا بعفوك ومغفرتك يا أرحم الراحمين، اللهم تقبَّل منَّا؛ إنك أنت السميع العليم .
اللهم وارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ عن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنَّا معهم وأَصْلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين .
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم أَصْلح للمسلمين ولاة أمورهم، اللهم هيئ لولاة الأمور بطانةً صالحةً تدلّهم على الخير وتحثّهم عليه وأَبْعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين .
اللهم انصر إخوانا المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصر إخوانا المسلمين في البوسنة والهرسك على أعدائهم الظالمين المعتدين يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك أن نكون من الآمرين بالمعروف، الناهين عن المنكر، الداعين إلى الله على بصيرة، اللهم اجعلنا هداةً مُهتدين، صالحين مُصلحين يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا﴾- فاغفر لنا وارحمنا -﴿وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾[الأعراف: 23] .
اللهم أنت الغني ونحن الفقراء أَنْزل علينا الغيث، اللهم أنت الغني ونحن الفقراء أَنْزل علينا الغيث، اللهم أنت الغني ونحن الفقراء أَنْزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين .
اللهم أَغِثنا، اللهم أَغِثنا، اللهم أَغِثنا، اللهم أَغِثنا غيثًا مُغيثًا، هنيئًا مريئًا، اللهم سُقيا رحمة لا سُقيا بلاء ولا عذاب ولا هدْم ولا غرق، اللهم إنك تعلمُ حالنا فارحمنا يا رب العالمين .
اللهم أَنْزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أَنْزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللهم أَنْزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين .
يا مَن أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له:كُنْ فيكون، نسألك اللهم أن ترحمنا وتُغيثنا، اللهم ارحمنا وأَغِثنا يا رب العالمين .
اللهم إنا مقرُّون بظلم أنفسنا وتقصيرنا فيما أوجبت علينا فعاملنا بالعفو والمغفرة وجُدْ علينا بالفضل والرحمة يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم .
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

من موقع بن عثيمين