المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بيان قواعد حماية الدين والنفس والمال والعِرض - الحث على رفع من يفعل الجرائم إلى ولاة الأمور


محمد الفاريابي
08-23-2011, 05:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فيا عباد الله، اذكروا حكمة الله - عزَّ و جل - في خلق بنى آدم وتقسيمهم إلى قسمين، قال الله تعالى: +هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ"[التغابن:2].
إن عباد الله الذين خلقهم الله - عزَّ و جل - لعبادته انقسموا في ذلك إلى مؤمن وكافر، مؤمن على صراط الله المستقيم وكافر منحرف معتدٍ أثيم، ولاشك أن هذا من حكمه الله عزَّ و جل، إذ لولا هذا التقسيم لبطل الجهاد في سبيل الله، ولما عرف المؤمن من الكافر ولما امتحن الناس في عبادة الله .
ولقد وضع الله قواعد لحماية الدين والنفس والمال والعرض، أما حماية الدين: فإن الله - تعالى - أقام البينات الظاهرات على صدق ما جاء به محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وهكذا الأنبياء قبله، قال الله تعالى:+لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ" [الحديد:25]، وأقام على ذلك الحجج الظاهرة التي لا تدع مجالاً للشك في أن ما جاءت به الرسل هو الحق، ثم وضع سبحانه عبادات مرتبة تكون كالماء تغرس به شجرة الإيمان؛ وذلك من أجل أن نتمسك بالدين على علم وبصيرة، ولقد رغَّب الله - عزَّ و جل - فيما أمر به من طاعات وحذَّر من المخالفات والسيئات، فوضع الثواب الجزيل لمن عمل صالحاً ووضع العقاب الأليم لمن عمل سيئاً، يقول الله عز وجل:+مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلا مِثْلَهَا" [الأنعام:160]، ويقول جلَّ وعلا:+مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ" [فصلت:46] .
وجعل من مقومات ذلك ما رتبه من العقوبات الدنيوية التي يحمى بها الدين والمجتمع وذلك بالعقوبات على المخالف حتى يرتدع من لا يردعه الدين عن غيه بما يكون من السلطان في إقامته واستقامته، ولقد حمى الله النفوس وأكد تحريمها وحرمتها في كتابه وعلى لسان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وقرن قتل النفس المحرمة بغير حق بالشرك فقال تعالى:+وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ آلهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ" [الفرقان:68] وقال تعالى:+قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عليكم أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ" [الأنعام:151]، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اجتبوا السبع الموبقات، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ...»(1)، وذكر تمام الحديث وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً»(2) أخرجه البخاري، وقال صلى الله عليه وسلم:«لزوال الدنيا كلها أهون عند الله من قتل رجل مسلم»(3)؛ ومن أجل هذا ومن أجل حرمة النفس واحترامها رتَّب الله على قتل نفس المؤمن عقوبات في الآخرة وعقوبات في الدنيا، أما عقوبات الآخرة فقال الله عزَّ و جل:+وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عليه وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً"[النساء:93] هذه خمس عقوبات عظيمة لمن قتل مؤمناً متعمداً، كل واحدة منها توجب أن يخاف القلب وأن تفزع النفس فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً، فيا ويل القاتل المؤمن المتعمد، ويل له من هذه العقوبات، ويل له من العذاب العظيم، حتى قال بعض العلماء: إنه يخلد في النار أبد الآبديين، وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة بالدماء»(4) وقال ابن عباس رضي الله عنهما: سمعت نبيكم - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - يقول:«يأتى المقتول متعلقاً رأسه بإحدى يديه متلبساً قاتله باليد الأخرى تشخب أوداجه دماً حتى يأتي العرش فيقول المقتول: يا ربِّ، سَلْ هذا فيمَ قتلني فيقول الله تعالى للقاتل:«تعست» أي: هلكت، ويذهب به إلى النار»(5)، أما عقوبة القاتل في الدنيا فإن عقوبته القصاص كما قال الله عزَّ و جل: +وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"[البقرة:179]، وقال تعالى: +وَكَتَبْنَا عليهم فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ"[المائدة:45]،وأيد هذا المكتوب بالتوراة قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:«لا يحل دم امرىء مسلم إلا بأحد ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة»(6)، ولقد جعل الله - تعالى - لولي المقتول سلطاناً شريعاً وسلطاناً قدرياً فقال جلَّ وعلا:+وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً"[الإسراء:33] فهذه الآية الكريمة كما تدل على أن الله جعل للولي سلطاناً شرعياً في قتل القاتل فإن عمومها يدخل فيه أن يجعل الله له سلطاناً قدرياً بحيث يكون الولي قادراً على إدراك القاتل وعلى قتله فهي من الأسباب التي يتمكن بها من إدراكه، والله على كل شيء قدير .
وتأملوا أيها الإخوة، تأملوا قول الله عزَّ وجل:+وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ" [البقرة:179]، حيث جعل سبحانه القصاص سبباً لحياة الأمة؛ لأنه يرتدع به كل من يريد القتل، فإذا علم الإنسان أنه مقتول إذا قتل فإنه سوف يرتدع؛ ولهذا جعل الله القصاص حياة، وتأملوا هذا التعبير في قوله تعالى: +وَلَكُمْ فِي الْقِصَاص"[البقرة:179] وتأملوا قوله:+كُتِبَ عليكم الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى"[البقرة:178] حيث تدل الآيتان على أنه يفعل بالقاتل كما فعل، فإذا قتل القاتل بالسيف قتلناه بالسيف، وإذا قتل بالرصاص قتلناه بالرصاص، وإذا قتل بحجر قتلناه بحجر؛ ولهذا لما اعتدى اليهودي على جارية من الأنصار فرَضَّ رأسها بين حجرين حتى هلكت أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرضَّ رأس اليهودي بين حجرين؛ لأن هذا هو القصاص التام، أما حماية الدين الإسلامي للمال فإن الله - تعالى - حمى المال بما رتب على السارق من العقوبة حيث قال الله تعالى:+وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"[المائدة:38] .
فإذا سرق الإنسان مالاً يبلغ نصاب السرقة ونصاب السرقة قدره ربع دينار فإنه تقطع يده اليمنى من مفصل الكف إذا تمت الشروط، بل إن النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - قطع امرأة كانت تستعير المتاع فتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أن تقطع يدها، ففي الصحيحين «أن امرأة من بني مخزوم كانت تستعير المتاع فتجحده فأمر النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - بقطع يدها فأهمَّ قريشاً شأنها فكلَّمه أسامة بن زيد فيها فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:أتشفع في حدٍّ من حدود الله ؟ ثم قام فخطب الناس وقال: إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله - وهذا قسم - لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»(7) .
أيها الإخوة المسلمون، إن هذا ليدل دلالة واضحة على أن الدين الإسلامي دين الحزم، دين الأمن، دين النظام، دين الاحترام، وأنه ليس كما يزعم أعداؤه دين وحشية وهمجية، بل هذا الدين دين الحكمة التي تنزل الأشياء في منازلها، ومن العجب أن أولئك القوم الذين يدَّعون أنهم يدافعون عن حقوق الإنسان أنهم ينتهكون حقوق الإنسان من كل وجه ويقرون من ينتهك حقوق الإنسان، فبالله عليكم: هل أحد من هؤلاء تكلم فيما فعل الروس بجمهورية الشيشان أو بما فعل الصرب بجمهورية البوسنة والهرسك ؟ أم أن ألسنتهم مخروسة إلا فيما يريدون وفيما يهوون، فأما الإسلام فإنهم ينشرون عنه الفضائح ولكنهم كما قال الله تعالى:+يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ"[الصف:8] .
أيها المسلمون، احمدوا الله - عزَّ و جل - على هذا الدين القيِّم الذي جعل للناس رادعاً دينيًّا يحتمي به الإنسان من المعاصي وهو تقوى الله وخشية الله ورادعاً سلطانياً يقوم به ولاة الأمور؛ حتى ينفذوا حدود الله في عباد الله؛ وحتى يحفظوا أمن البلاد؛ وحتى تقوم الملة على أكمل ما ينبغي، فنسأل الله - تعالى - أن يرزقنا جميعاً شكر نعمته وحسن عبادته، وأن يديم علينا الأمن في بلادنا والصالح في ولاتنا، إنه على كل شيء قدير، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها النجاة يوم نلاقيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله الله - تعالى - بالهدى ودين الحق، فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
أيها الناس، اتقوا الله تعالى، وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله عباد الله .
إن ما سمعتم في الخطبة الأولى عن إقامة الحد على السارق وهو قطع يده اليمنى من مفصل الكف وعن قتل القاتل عمداً وهو القصاص المبني على الحكمة والعدل؛ إنه ليوجب للإنسان أن يشكر الله - تعالى - على هذه النعمة، وهذه النعمة لابد أن نكون متعاونين عليها وذلك برفع مثل هذه الأمور إلى ولاة الأمور؛ فإن بعض الناس تأخذه العاطفة الجائرة على رفع مثل هذه الأمور إلى الولاة يقول: هذا رجل مسكين، كيف أرفع به لتقطع يده، كيف أرفع به ليقتل، وهذا لاشك أنه خطأ؛ ولهذا لو سألنا سائل: هل الأفضل الستر عن أهل الجرائم أو الأفضل بيان أمرهم لولاة الأمور ؟ لقلنا: إن في ذلك تفصيلاً وهو أنه إذا كان هذا الذي وقع في الجرم شخصاً معروفاً بالاستقامة ولكن دعته نفسه الأمارة بالسوء حتى فعل ما يستحق عليه فهنا نقول: إن الستر عليه أولى ولكننا نعاتبه ونوبخه ونأخذ عليه تعهداً ألا يعود، أما إذا كان الإنسان غير معروف بالصلاح والاستقامة فلا شك أن رفعه إلى ولاة الأمور هو الخير؛ حتى ينكفَّ شره عن الناس وحتى ينفك شره عن نفسه؛ فإن الإنسان لا يزداد بالمعاصي والجرم إلا بعداً من الله عزَّ وجل، ونحن إذا رفعناه إلى ولاة الأمور فأقاموا عليه ما أوجب الله عليهم من إقامة الحد أو التعزير كان في ذلك مصلحة له؛ لأنه يرتدع عما كان عليه من الإجرام؛ ولأن الحدود تكون كفارة لمن أقيمت عليه كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند البخاري ومسلم رحمهما الله تعالى من حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه وفيه «ومن أصاب من ذلك من شيءٍ فعوقب به فهو كفارته»(8)، وإن بعض الناس تأخذه العاطفة لقرابة أو لفقر أو لغير ذلك وهذا كله مخالف لمسلك النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولما أمر الله به، فقد قال الله تعالى:+يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا آلهوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً"[النساء:135]، فأَمَرَ الله أن نقوم بالقسط شهداء لله ولو على أنفسنا ولو على الوالدين والأقربين وبيَّن أنه إذا كان المشهود عليه غنياً أو فقيراً فالله أولى بهما، ولقد قام بعض الصحابة بالشهادة على نفسه فيما فعل من معصية حتى جاء يشهد عند النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم - أنه فعل ما يوجب عليه الحد فأقام النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - الحد عليه كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده والبخاري في صحيحه و أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي والنسائي وأبي داود في مسندهم رحمة الله تعالى عليهم أجمعين، وأما ما يفعله بعض الناس من العاطفة الهوجاء والعاصفة الرعناء من التكتم أو محاباة القريب فإن هذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنتم سمعتم أن النبي -صلى الله عليه وسلم - أقسم بأنه لو سرقت فاطمة بنته - وهي سيدة نساء أهل الجنة - لو سرقت لقطع يدها صلوات الله وسلامه عليه، وبيَّن أن الذي أهلك بني إسرائيل أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الوضيع أقاموا عليه الحد، فاتقوا الله عباد الله، ولا تأخذكم في الله لومه لائم، واسألوا الله - تعالى - أن يديم هذه النعمة علينا بإقامة الحدود ورعاية ما أوجب الله علينا في ذلك، واسألوا الله - تعالى - لحكومتكم أن يدلها على الصراط المستقيم وأن يثبتها على الحق وأن يهيىء لها البطانة الصالحة فإن هذا من حقها علينا أن ندعو لها بالصلاح والاستقامة وأن يهيىء الله لها بطانة صالحة وأن يعيذها من شر الشياطين ومن شرور أنفسها؛ حتى تستقيم على دين الله على ما ينبغى وعلى ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ثم إني أوصيكم أنتم - أيضاً - أن تستقيموا على شريعة الله وأن تبتعدوا عن الكذب والغش والمخادعة فإنه قد يسلط على الناس من يسلط إذا هم انتهكوا معاصي الله عزَّ و جل، اللهم أصلح رعيتنا ورعاتنا، اللهم أصلح رعيتنا ورعاتنا، اللهم اجعلهم مقيمين لحدودك، منفذين لشرعك يا رب العالمين، مصلحين لعبادك إنك على كل شيء قدير، واعلموا «أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة»(10) «وكل ضلالة في النار»(11) فاعبدوا الله - تعالى - مخلصين له الدين، حنفاء مخلصين في العبادة، متبعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثروا من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم، ولاسيما «في يوم الجمعة فإن صلاتكم معروضة عليه صلى الله عليه وعلى آله وسلم»(12)، اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطناً، اللهم توفنا على ملته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم اسقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصدقيين، والشهداء والصالحين، اللهم لا تحرمنا ذلك بسوء أفعالنا، اللهم عاملنا بالعفو والمغفرة والإحسان يا رب العالمين، اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم أصلح لهم الولاة وأصلح الأحوال يا رب العالمين، اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك، اللهم انصر إخواننا في الشيشان، اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، يا منان، يا بديع السماوات والأرض، اللهم أنزل بالروس بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أنزل بهم البلاء وألقِ بينهم العداوة والبغضاء ياذا الجلال والإكرام، اللهم أبدلهم بعد العز ذلاً وبعد القوة ضعفاً وبعد الاجتماع تفرقاً يا رب العالمين، اللهم اكتب مثل ذلك للصرب المعتدين الطاغين يا أرحم الراحمين، اللهم اهزم كل عدو للمسلمين من الكفار والمنافقين والملحدين يا رب العالمين +رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"[الحشر:10] .
عباد الله، +إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ"[النحل:90-91]، واشكروه على نعمه يزدكم +وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ"[العنكبوت:45] .

--------------------------

(1) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الوصايا باب قوله تعالى +إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"[النساء:10] حديث رقم (2560) وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان باب بيان الكبائر وأكبرها من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه حديث رقم (129) ت ط ع .
(2) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الديات باب قول الله تعالى+وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ"[النساء:93] من حديث ابن عمر رضي الله عنهما حديث رقم (6355) .
(3) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الرقائق باب القصاص يوم القيامة وهي (الحاقة) لأن فيها الثواب وحواق الأمور الحقة و (الحاقة) واحدة، و(القارعة) ،و (الغاشية)، و(الصاخة)، و(التغابن) عين أهل الجنة أهل النار من حديث (6052)، أخرجه الترمذي رحمه الله تعالى في سننه في كتاب الديات باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه حديث رقم (1315) .
(4) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب القسامة المحاربين والقصاص والديات باب المجازاة بالدماء في الآخرة وإن أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حديث رقم (3178) .
(5) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير ج10 ص306 (10742) ت م ش .
(6) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه في كتاب القسامة والمحاربين والقصاص و الديات باب ما يباح به دم المسلم (3175) .
(7)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب أحاديث الأنبياء باب حديث الغار (3216) وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في كتاب الحدود باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود (3196) من حديث عائشة رضي الله تعالى عنهما ت ط ع .
(8) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الحدود باب الحدود وكفاراة (6286) وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الحدود باب كفارات لأهلها ( 3223) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنه ت ط ع .
(9) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الحدود باب الرجم بالمصلى (6321) وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الحدود باب من اعترف على نفيسه بالزنا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه وأبي هريرة رضي الله تعالى عنه (3202) ت ط ع .
(10) أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الجمعة باب تخفيف الخطبة (1435) .
(11) أخرجه النسائي رحمه الله تعالى في كتاب صلاة العيدين باب كيف الخطبة (1560) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه . ت ط ع .
(12) أخرجه الإمام أحمد رحمه الله تعالى في مسند المدنيين (15575) من حديث أوس بن أوس رضي الله تعالى عنه ت ط ع .

الواثقة بالله
09-05-2011, 12:25 AM
جزاك الله خيرا

محمد الفاريابي
12-19-2011, 09:48 AM
شكراً على طييب المررور