المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الأمانة في تزويج النساء بذو الدين والأخلاق وقبول الفتاة - تكميل الفرائض بالنوافل


سراج الدين الأثري
08-24-2011, 10:11 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله بلغ رسالة ربه وأدى الأمانة ونصح الأمة فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


أما بعد


أيها الناس اتقوا الله تعالى عباد الله أدوا الأمانة التي حملكم الله إياها في من ولاكم الله عليه من النساء لأن الذي حملكم إياها وهو ربكم سوف يسألكم عنها والله أعلم ما تبدون وما تكتمون أدوا الأمانة في هؤلاء النساء الضعيفات لا تتحكموا في مصيرهن ومستقبلهن لا تجعلوهن بينكم بمنزلة السلع إن أعطيتم بها ثمن يرضيكم بعتموها وإلا أمسكتموها إن أمانة النساء فيكم وإن مستقبلهن في دينهن ودنياهن أعظم وآجل من أن تنظروا فيهن إلى المال وإلى لعاعة من العيش تتمتعون بها على حساب أمانتكم إن الواجب عليكم أيها الأولياء يا من تحملتم المسئولية بما ركب الله فيكم من العقول وبما أنزل على نبيكم من الوحي حتى بلغكم إن الواجب عليكم أن تنظروا إلى ما فيه خير المرأة وسعادتها في دينها ودنياها في نفسها وفي أولادها إن الواجب عليكم أن تختاروا لها في النكاح كل ذو خلق فاضل ودين مستقيم وأن لا تمنعوا خاطبها إذا كان كفء في دينه ورضيته من النكاح بها فإن منعكم تتضيع للأمانة ووقوع في معصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) إن في الحديث توجيهاً وإرشاداً إلى أن ينظر إلى الخطاب من ناحيتين فقط لا ثالث لهما هما الدين والخلق لأن الدين والخلق هما الأساس الذي به صلاح الدين وسعادة الحياة إن صاحب الدين صالح بنفسه مصلح لمن يتصل به فاتصال المرأة بصاحب الدين خير وفلاح إن أمسكها، أمسكها بمعروف وإن فارقها، فارقها بمعروف لأن عنده من الدين والتقوى ما يمنعه من ظلم المرأة والمطل بحقها وصاحب الخلق مستقيم في أخلاقه مقوم لغيره يتلقى أهله بالبشر وطلاقة الوجه ويعودهم بأقواله وحاله على مكارم الأخلاق ومعالي الآداب أيها المسلمون أيها الأولياء إن أهم ما تجب العناية به من ناحية الدين سلامة العقيدة وإقامة الصلاة فأما سلامة العقيدة فإن يكون الرجل مؤمناً بالله ورسوله لا يذكر عنه ما يدل على شكه وأن يكون معظم لله ورسوله لا يذكر عنه ما يدل على استهزاءه وسخريته واستهانته بذلك فإن من شك في وجود الله أي شك في كون الله هو الخالق وحده أو هو المعبود وحده فهو كافر ومن شك في كون محمد صلى الله عليه وسلم رسول الله إلى الناس كافة إلى يوم القيامة فهو كافر ومن ظن أن ديناً سوى دين الإسلام قائم اليوم مقبول عند الله فهو كافر ومن استهزأ بالله أو رسوله أو دينه فهو كافر يقول الله عز وجل: ( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ) ويقول جل وعلا: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ) ويقول جل وعلا: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) فمن زعم أو أعتقد أن دين النصارى الذين يسمون أنفسهم المسيحيين أو أن دين اليهود الذين يزعمون أنهم متبعون لموسى من زعم أن دينهم قائم اليوم وأنهم من ما يقبل عند الله فقد كذب الله عز وجل ومن كذب الله عز وجل فهو كافر وأما إقامة الصلاة فإن يأتي الرجل بالصلوات الخمس في أوقاتها بأدنى ما يجب فيها معتقداً فريضتها فمن أنكر فرضية الصلوات الخمس أو بعضها فهو كافر لأنه مكذب لله ورسوله وإجماع المسلمين إلا أن يكون ممن أسلم قريباً ولا يدري عن فرائض الدين فإنه لا يكفر ولكنه يعلم فإن أصر على جحد الفرض بعد أن علمه صار كافراً ومن ترك الصلاة تهاوناً فهو كافر وإن كان يقر أنها فريضة لقول الله تعالى: (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ) وفي حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) وقال عبد الله بن شقيق: ( كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة هذا الكفر الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وعن الصحابة رضي الله عنهم في من ترك الصلاة هو الكفر الأكبر المخرج عن الإسلام الموجب القتل في الدنيا والخلود في النار في الآخرة قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا حظ في الإٍسلام لمن ترك الصلاة فلا يجوز تزويج من لا يؤمن بالله ورسوله بمسلمة ولا يجوز تزويج من يستهزئ بالله أو رسوله أو كتابه أو دينه بمسلمة ولا يجوز تزويج من لا يصلى بمسلمة لأن هؤلاء كفار والكفار لا يحل أن يزوجوا بمسلمات قال الله عز وجل في المهاجرات: (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُن) فمن زوج مسلمة بكافر فالنكاح باطل لا تحل به الزوجة بل لأجنبية مِن من عقد له عليها فوطؤه إياها بمنزلة وطأ المرأة الأجنبية فاتقوا الله أيها المسلمون فاختاروا لبناتكم وابحثوا عن دين الخاطب قبل قبوله ولا تجعلوا همكم المال فإن المال يجئ ويذهب فكم من غني صار فقيرا وكم من فقير صار غنيا فإن من المؤسف أن بعض الناس إذا خطب منهم شخص لا يصلى معروف بأنه لا يصلى تجدهم يقدمون على تزويجه وهذا حرام عليهم والمرأة لا تحل للزوج بهذا العقد ويعللون أنفسهم بأنه ربما يهديه الله ويتوب عن ترك الصلاة فيصلي ولكننا نقول لهم نحن لا نعلم المستقبل ولا نكلف إلا بما نعلمه في الوقت الحاضر والمستقبل علمه عند الله عز وجل فإنه ربما يتوب هذا الرجل ولكنه الآن في حال لا يقبل منه أن يتزوج بامرأة مؤمنة وربما إذا زوجتموه بها يغريها حتى تترك الصلاة فتكفر معه هي أيضاً أيها الناس إن بعض الأولياء يتحكمون في بناتهم ومن تحت ولايته من النساء فيمنعوهن من الخطاب الأكفاء مع رضا المرأة بالخاطب وهذا حرام عليهم لاعتدائهم على حقوقهن إلا أن ترضى المرأة بخاطب لا يرضى دينه مثل أن ترضى بشخص لا يصلى أو بشخص يشرب الخمر أو بشخص يمارس من المعاصي ما يخل بالشرف والدين فإن لوليها أن يمنعها من التزوج به ولا أثم عليه ولو بقيت بلا زوج طيلة حياتها إذا كانت لا ترضي من الرجال إلا مثل هؤلاء أيها الناس إنه كما لا يجوز لكم أن تمنعوا النساء من تزويجهن بمن يرضى دينه وخلقه فكذلك لا يجوز لكم أن تكرهوهن على التزوج بمن لا يرغبن نكاحه لا يجوز للولي أن يجبر أبنته أو أخته أو من له ولاية عليها على أن تتزوج بشخص لا تريده فإن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك فقال صلى الله عليه وسلم: (لا تنكح الأيم حتى تستأ مر ولا تنكح البكر حتى تستأذن ) قالوا يا رسول الله وكيف أذنها قال: ( أن تسكت ) ولا فرق في هذا بين الأب وغيره من الأولياء فالأب لا يجبر أبنته ولو كانت بكراً على نكاح شخص لا ترغبه وكذلك الأخ وغيره قال النبي صلى الله عليه وسلم: (البكر يستأذنها أبوها في نفسها وأذنها صمتها ) فاتقوا الله أيها المسلمون لا تضيعوا أمانتكم لا تتحملوا مسئولية إذا وقفتم بين يدي الله عز وجل حيث لا مال ولا بنين ولا متاع حيث لا ينفعكم أهل ولا أصدقاء حيث لا ينفعكم إلا العمل الصالح لا تزوجوا النساء من غير أكفأهن ولا تمنعوهن من نكاح أكفأهن ولا تجبروهن على نكاح من لا يرغبن نكاحه ولا يكن همكم المال والدنيا فإن ذلك من السخف و إن من السخف أن ينزل الرجل بنفسه فيزوج من أجل المال ويرد من أجل المال حتى أنه لا يقبل الخاطب وترضى به المرأة فإذا أرسل الجهاز وكان قاصراً عن ما في نفوسهم ردوه وتركوا تزويج هذا الخاطب بعد قبوله كأن المقصود المال وكأن المرأة سلعة تباع وتشترى فشأن النكاح أعظم من ما يريد هؤلاء السفهاء فإنه قصير القرابة في الصلة بين الناس قال الله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً) أسال الله تعالى في مقامي هذا ونحن في انتظار فرضية من فرائض الله أن يجعلنا جميعاً مِن من يؤدون الأمانة على الوجه الذي يرضى به عنا وأن يوفقنا لما يحبه ويرضى وأن يتولانا بعنايته وأن يثبت خطانا ويوفقنا على الخير أين ما كنا أنه جواد كريم والحمد لله رب العالمين وأصلى وأسلم على نبينا محمد و على آله وصحبه أجمعين . الحمد لله حمداً كثيراً كما أمر وأشكره وقد تأذن بالزيادة لمن شكر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كره ذلك من أشرك به وكفر وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد البشر الشافع المشفع في المحشر صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه خير صحب ومعشر وعلى التابعين لهم بإحسان ما بدأ الفجر وأنور وسلم تسليماً كثيرا .


أما بعد


أيها الناس فإنه كثر التساؤل عن صيام ستة أيام من شوال هل يجوز للإنسان أن يصومها قبل أن يقضي ما عليه من رمضان وإن الجواب على ذلك أنه لا يجوز أن يصوم الستة قبل قضاء رمضان فإن صامها فإنها لا تجزئه عن صيام أيام الست وأختلف العلماء هل تقبل منه أو لا تقبل وإنما لا تجزئ الأيام الست من شوال حتى يقضي صيام رمضان لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر ) فقال من صام رمضان ومن المعلوم أن من عليه قضاء فصامها قبل القضاء فقد صامها قبل أن يصوم رمضان وعلى هذا فإن الإنسان يبدأ أولاً بقضاء الأيام التي عليه من رمضان ثم يصوم الأيام الست فإذا كان الإنسان قد فاته صوم رمضان كله فإنه يقضيه في شوال ثم يقضي ستة أيام ولو في ذي القعدة لأنه إنما أخرها لعذر وتأخير الأيام لعذر لا بأس به ولو كانت أوقاتها معينة كما ولو أخر الإنسان لعذر فإنه يقضيه في أيام أخر أيها المسلمون اجتهدوا في فعل الطاعات فرضها ونفلها وأعلموا أننا مقصرون فيما أوجب الله علينا من عبادته نحن أهل التقصير وهو أهل العفو والإحسان والمغفرة ولكنه بحكمته ورحمته شرع لنا شرائع على سبيل التطوع تكمل بها الفرائض يوم القيامة فالصلوات لها فريضة وتطوع والصدقة لها فريضة وتطوع والصيام له فريضة وتطوع والحج له فريضة وتطوع والجهاد له فريضة وتطوع كل ذلك من أجل أن يكمل الإنسان فرائضه بالنوافل إذا كانت الفرائض فيها خلل لا يقتضي بطلانها فنحمد الله ونشكره على نعمه ونسأله أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) فسمعاً لك اللهم وطاعة اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم إنا نسألك أن ترزقنا محبته وأتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفضل أتباع المرسلين التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم أرضى عنا معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم لا تولي على المسلمين من لا يقوم بفرض المسئولية عليه اللهم من كان من ولاة المسلمين غير مستقيم على شرعك ولا ناصح لعبادك فأبدله بخير منه أو أهده إلى الحق يا رب العالمين اللهم أصلح لولاة أمور المسلمين بطانتهم اللهم هيئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه وأبعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين اللهم أغفر للمؤمنين والمؤمنات وألف بين قلوبهم وأهدهم سبل السلام وجنبهم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وأجعلهم شاكرين لنعمك مثنين بها عليك فأقدرها وأتمها عليهم يا رب العالمين ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً) (وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .

من موقع بن عثيمين