المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المحبة هي حقيقة العبادة


الواثقة بالله
05-16-2015, 08:12 PM
وأصل الأعمال كلها هو المحبة ، فالإنسان لا يعمل إلا لمن يحب ؛ إما لجلب منفعة ، أو لدفع مضرة ، فإذا عمل شيئا ؛ فلأنه يحبه إما لذاته كالطعام ، أو لغيره كالدواء .

وعبادة الله مبنية على المحبة ، بل هي حقيقة العبادة ، إذ لو تعبدت بدون محبة صارت عبادتك قشرا لا روح فيها ، فإن كان الإنسان في قلبه محبة لله وللوصول إلى جنته ؛ فسوف يسلك الطريق الموصل إلى ذلك .

ولهذا لما أحب المشركون آلهتم توصلت بهم هذه المحبة إلى أن عبدوها من دون الله أو مع الله

والمحبة تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول :

محبة عبادة : وهي التي توجب التذلل والتعظيم ، وأن يقوم بقلب الإنسان من إحلال المحبوب وتعظيمه ما يقتضي أن يمتثل أمره ويجتنب نهيه ، وهذه خاصة بالله ، فمن أحب مع الله غيره محبة عبادة ؛ فو مشرك شركا أكبر ، ويعبر العلماء عنها بالمحبة الخاصة .

القسم الثاني :

محبة ليست بعبادة في ذاتها ، وهذه أنواع :

النوع الأول : المحبة لله وفي الله ، وذلك بأن يكون الجالب لها محبة الله ؛ أي : كون الشيء محبوبا لله تعالى من أشخاص ؛ كالأنبياء ، والرسل ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين .أو أعمال ، كالصلاة ، والزكاة ، وأعمال الخير ، أو غير ذلك

وهذا النوع تابع للقسم الأول الذي هو محبة لله .

النوع الثاني : محبة إشفاق ورحمة ، وذلك كمحبة الولد ، والصغار ، والضعفاء ، والمرضى .

النوع الثالث : محبة إجلال وتعظيم لا عبادة ، كمحبة الإنسان لوالده ، ولمعلمه ولكبير من أهل الخير .

النوع الرابع : محبة طبيبعية ، كمحبة الطعام ، والشراب ، والملبس ، والمركب ، والمسكن .

وأشرف هذالأنواع النوع الأول ، والبقية من قسم المباح ؛ إلا إذا

اقترن بها ما يقتضي التعبد صارت عبادة ؛ فالإنسان يحب والده محبة إجلال

وتعظيم ، وإذا اقترن بها أن يتعبد لله بهذا الحب من أجل أن يقوم ببر والده صارت

عبادة ، وكذلك يحب ولده محبة شفقة ، وإذا اقترن بها ما يقتضي أن يقوم بأمر

الله بإصلاح هذا الولد صارت عبادة ، كذلك المحبة الطبيعية ؛ كالأكل والشرب

والملبس والمسكن إذا قصد بها الاستعانة على عبادة صارت عبادة ولهذا ((

حبب للنبي http://baiyt-essalafyat.com/vb/images/smilies/saws.gif النساء والطيب )) (1) من هذه الدنيا ، فحبب إليه النساء

لأن ذلك مقتضى الطبيعة ولما يترتب عليه من المصالح العظيمة ، وحبب إليه

الطيب ؛ لأنه ينشط النفس ويريحها ويشرح الصدر ، ولأن الطيبات للطيبين ، والله

طيب لا يقبل إلا طيبا ، فهذه الأشياء إذا اتخذها الإنسان بقصد العبادة صارت

عبادة ، قال النبي http://baiyt-essalafyat.com/vb/images/smilies/saws.gif : (( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرىء ما نوى )) (

2) وقال العلماء : إن ما لا يتم الواجب إلا به ، فهو واجب ، وقالوا : الوسائل لها

أحكام المقاصد وهذا أمر متفق عليه .


.................................................. .............
(1) صحيح والحديث أخرجه النسائي : ( 7\61) في كتاب عشرةالنساء باب حب النساء وفي الكبرى (8887، 8888) وأحمد (3\128، 285،199) ، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وهو كما قال .
(2) صحيح



المصدر : القول المفيد على كتاب التوحيد شرح الشيخ العثيمين رحمه الله ج2 ص4،3