ادهم
09-08-2011, 06:20 PM
فضيلة الشيخ محمد صالح العثيمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمدُ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، بعَثَه الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح أمَّته وجاهَدَ في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان .
أما بعد:
أيها الناس، فقد كنّا نرتقب مجيء شهر رمضان، فجاء شهر رمضان ثم خلفناه وراء ظهورنا، وهكذا كل مستقبلٍ للمرء يرتقبه ثم يَمُرُّ به ويُخلّفه وراءه حتى يأتيه الموت .
لقد حلّ بكم شهر رمضان ضيفًا كريمًا فأودعتموه ما شاء الله من الأعمال ثم فارقكم شاهدًا لكم أو عليكم بِما أودعتموه، لقد فرح قومٌ بفراقه؛ لأنهم تخلّصوا منه، تخلّصوا من الصيام والعبادات التي كانت ثقيلةً عليهم، وفرح قومٌ بتمامه؛ لأنهم تخلّصوا به من الذنوب والآثام بِما قاموا به فيه من عملٍ صالح استحقّوا به وعدَ الله بالمغفرة، والفرق بين الفَرَحَين فرقٌ عظيم .
إنَّ علامة الفَرِحين بفراقه أن يعاودوا المعاصي بعده فيتهاونوا بالواجبات ويتجرؤوا على المحرّمات وتظهر آثار ذلك في المجتمع فيقِلّ المصلّون في المساجد وينقصوا نقصًا ملحوظًا «ومَن ضيّع صلاته فهو لِمَا سواها أضيع»(ث) .
لقد شاهد الناس قلّة المصلّين بعد خروج رمضان وهذا أمر يؤسف له، فبئس القوم قومًا لا يعرفون الله إلا في رمضان .
أيها المسلمون، إن المعاصي بعد الطاعات ربما تُحيط بها فلا يكون للعامل سوى التعب، قال بعضهم: «ثواب الحسنة الحسنةُ بعدها، فمَن عمِل حسنةً ثم أتبعها بحسنة كان ذلك علامةً على قبول الحسنة الأولى، كما أنَّ مَن عمِل حسنةً ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة على ردّ الحسنة وعدم قبولها»(م1)، هكذا قال بعض أهل العلم، ولعلّهم يستنبطون ذلك من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17] .
أيها الناس، إن عمل المؤمن لا ينقضي بانقضاء مواسم العمل؛ إن عمل المؤمن عملٌ دائبٌ لا ينقضي إلا بالموت كما قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر: 99]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102] .
أيها المسلمون، هل انقضت الأعمال الصالحة بانقضاء رمضان ؟ هل انقضى الصيام والقيام والطاعات ؟ لئن انقضى شهر الصيام وهو موسم عمل فإن زمن العمل لم ينقطع، ولئن انقضى صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعًا ولله الحمد،«فمَن صام رمضان وأتبعه بستة أيامٍ من شوال كان كصيام الدهر»(1)، وقد سنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صيام الإثنين والخميس وقال: «إن الأعمال تُعرض فيهما على الله»(2)، وأوصى صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا ذَرّ وأبا الدرداء رضي الله عنهم، أوصاهم بصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر(3)، وقال صلى الله عليه وسلم: «صوم ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ صوم الدهر كلّه»(4)، وحثَّ على العمل الصالح في عشر ذي الحجة ومنه الصيام، وروي عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان لا يدع صيامها»(5)، وقال في صوم يوم عرفة: «يكفّر سنتين ماضية ومستقبلة»(6) يعني: لغير الحاج فأما الحاج فلا يصوم بعرفة، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم»(7)، وقال في صوم يوم العاشر منه: «يُكفّر سنةً ماضية»(8)، وقالت عائشة رضي الله عنها: «ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم في شهرٍ - تعني: تطوّعًا - ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا قليلاً بل كان يصومه كلّه»(9) .
هذه - أيها المسلمون - أوقاتٌ فيها الصيام مفضول على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولئن انقضى قيام رمضان فإن القيام لا يزال مشروعًا كل ليلةٍ من ليالي السنة، حثّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه ورغّب فيه وقال: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاةُ في جوف الليل»(10)، وصَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم «أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلثُ الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له، مَن يسألني فأعطيه، مَن يستغفرني فأغفر له»(11).
فاتَّقوا الله - عباد الله - وبادروا أعماركم بأعمالكم، وحقِّقوا أقوالكم بأفعالكم؛ فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله، «وإن الكيِّس مَن دَانَ نفسه - أي: حاسَبَها - وعمِلَ لِمَا بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني»(12) .
أيها المسلمون، لقد يسَّر الله لكم سُبل الخيرات وفتح أبوابها، ودعاكم لدخولها وبيّن لكم ثوابها، فهذه الصلوات الخمس آكدُ أركان الإسلام بعد الشهادتين، «هي خمسٌ في الفعل وخمسون في الميزان»(13)، مَن أقامها كانت كفّارةً له ونجاةً يوم القيامة، شرَعَها الله لكم وأوجبها عليكم وأكملها بالرواتب التابعة لها؛ والرواتب التابعة للمكتوبات «اثنتا عشرة ركعة: أربعٌ قبل الظهر بسلامَيْن وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، مَن صلاهنّ بنى الله له بيتًا في الجنة»(14)، ومَن فاتَتْه الراتبة التي قبل الصلاة فلْيقضها بعد الصلاة .
وهذا الوتر سنّة مؤكّدة سنَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فلْيوتر أوَّله، ومَن طمع أن يقوم آخره فلْيوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل»(15)، فهو سنَّةٌ مؤكَّدة لا ينبغي للإنسان تركه حتى قال بعض أهل العلم: إن الوتر واجبٌ يأثم بتركه، وقال الإمام أحمد بن حنبلٍ رحمه الله: مَن ترك الوتر فهو رجل سوءٍ لا ينبغي أن تُقبَل له شهادة(م2)، وأقَلُّ الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ووقته من صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر(16) ومَن فاته في الليل قضاه في النهار شفعًا، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاثٍ فنسِيَهُ في الليل أو نامَ عنه صلاه في النهار أربع ركعات، ومَن كان من عادته أن يوتر بخمس صلاه في النهار ستًّا وهكذا، ففي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا غَلَبه نومٌ أو وجعٌ عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»(17).
وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلَّم من الصلات «استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام»(18)،وقال صلى الله عليه وسلم:«مَن سبّح الله دبرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحَمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»(19).
وهذا الوضوء «مَن توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال: أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»(20) .
وهذه النفقات الماليّة من الزكوات والصدقات والمصروفات على الأهل والأولاد حتى على نفس الإنسان ما من مؤمنٍ يُنفق نفقةً يبتغي بها وجه الله إلا أُثيب عليها(21)، وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها(22)، والساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر(23)، والساعي على الأرملة والمساكين هو: الذي يسعى بطلب رزقهم ويقوم بحاجتهم، وعائلتك الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين، فالسعي عليهم كالجهاد في سبيل الله أو كالصيام الدائم والقيام المستمر .
فيا عباد الله، إن طرق الخير كثيرة فأين السالكون ؟ وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون ؟ وإن الحق لواضحٌ لا يزيغ عنه إلا الهالكون، فخذوا - عباد الله - من كل طاعةٍ بنصيب، فقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77] .
واعلموا أنكم مفتقرون لعبادة الله في كل وقت وحين، ليست العبادة في رمضان فقط؛ لأنكم تعبدون الله وهو حي لا يموت، ليست العبادة في وقت محدّد من أعماركم؛ لأنكم في حاجة إليها على الدوام وسوف يأتي اليوم الذي يتمنّى الواحد زيادة ركعة أو تسبيحة في حسناته ونقص سيئة أو خطيئة في سيئاته، يقول الله عزَّ وجل: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: 99-100] .
اللهم فِّقنا لاغتنام الأوقات وعمارتها بالأعمال الصالحات، اللهم ارزقنا اجتناب الخطايا والسيئات، اللهم طهِّرنا منها بِمَنِّك وكرمك؛ إنك واسع الهبات .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ .
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيّته وربوبيّته وسلطانه، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله الذي أيَّده الله ببرهانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وأعوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتّقوا الله تعالى واعلموا أن الله قد حدَّ حدودًا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تضيّعوها، وإن مِمّا حدّه الله تعالى وشرعه لعباده: أنه إذا ثبتت رؤية الهلال بشهادة عدْلَين موثوقَيْن ببصرهما ونظرهما فإنه يجب على المسلمين أن يفطروا ولا عبرةَ بمنازل القمر، ولقد كان عند بعض الناس شكٌّ في هذا العام؛ حيث إن الهلال لم يُرَ في الليلة الثانية ولم يَرَه إلا أقلّ القليل في الليلة الثالثة إن كانوا قد رأوه، صار عند الناس شكّ في دخول شهر شوال ولكن المؤمنُ ينقاد لأمر الله تعالى الشرعي حتى وإن كانت الظواهر الأفقيّة تدل على خلافه؛ وذلك لأننا نحن متعبّدون بشرع الله عزَّ وجل، فإذا شرع الله لعباده شيئًا فإن الواجب عليهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]، وما موقف المسلمين يوم القيامة إذا شهد شاهدان أو أكثر على رؤية الهلال ثم قيل للناس: لا تعتبروا هذه الرؤية؛ لأننا قد رأيناه في صباح اليوم، ما موقف الناس من الله - عزَّ وجل - يوم القيامة وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفطر حين نراه فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا»؛ ولهذا فإن نفس المؤمن تطيب بِما يقتضيه شرع الله وإن خالف في ظاهره الظواهر الأفقيّة؛ لأننا نحن نقول سمعنا وأطعنا فلا يكن في قلوبكم شك أو ريب من هذا الأمر؛ فإن الأمر - والحمد لله - ظاهر تطمئن إليه النفس؛ لأننا إنّما فعلنا ذلك بمقتضى شريعة الله .
فنسأل الله تعالى أن يوفّق المسلمين لِمَا فيه الخير والصلاح والاطمئنان إلى شريعة الله عزَّ وجل .
واعلموا - أيها المسلمون - أن «خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ في دين الله بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار»، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلَّ من قائلٍ عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾[الأحزاب: 56] .
فأكْثروا - أيها المؤمنون - من الصلاة والسلام على نبيّكم محمد صلى الله عليه وسلم، تمتثلون في ذلك أمر الله تعالى بالصلاة والسلام عليه وتنالون بذلك أجرًا كثيرًا؛ فإنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن مَن صلى عليه مرّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا» .
اللهم صلِّ وسلّم وبارِك على عبدك ونبيّك محمد، اللهم ارزقنا محبّته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنّات النّعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصدّيقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ أولاده الذكور والإناث وعن زوجاته أمهات المؤمنين، اللهم ارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنَّا معهم وأصْلح أحوالنا كما أصْلحت أحوالهم يا رب العالمين .
اللهم أصْلح للمسلمين ولاة وأمورهم، اللهم أصْلح للمسلمين ولاة وأمورهم، اللهم أصْلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين .
اللهم هيئ لولاة المسلمين بطانة صالحة تدلّهم على الخير وتحثّهم عليه وأبْعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين .
اللهم أصْلح ولاة أمورنا ورعيّتنا شبابههم وكهولهم وشيوخهم ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك أن تتقبّل منّا صيام شهر رمضان وقيامه وأن تُعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية ونحن نتمتّع بالصحة والعافية والإيمان والأمن والاستقرار وقوّة العقيدة والعمل الصالح يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك توبة نصوحًا تمحو بها ما سلف منّا، ونسألك الإنابة إليك والرجوع لدينك يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك الثبات على دينك وأن لا تُزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] .
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 90-91]، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزِدْكُم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45] .
---------------------------
(1)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: استحباب صوم ستة من شوال إتباعًا لرمضان، من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، رقم [1984] .
(2)أخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في صوم الإثنين والخميس، رقم [678] ت ط ع .
(3)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: صيام أيام البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، رقم [1845]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست والحث على المحافظة عليها، رقم [1182]، وفي رواية للإمام مسلم من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1183]، وأخرجه النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: صوم ثلاثة أيام من الشهر، رقم [2362] ت ط ع .
(4)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: صوم الدهر، رقم [1840]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: النهي عن صوم الدهر لِمَن تضرر به أو فوت به حقًا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم، رقم [1962]، وأخرجه مسلم أيضًا في كتاب [الصيام] باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفه وعاشوراء والإثنين والخميس، رقم [1976] ت ط ع .
(5)أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث هُنيدة بن خالد -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] رقم [2332] ت ط ع .
(6)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، رقم [1977]، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده في باقي مسند الأنصار، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه، رقم [21496] ت ط ع .
(7)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل صوم المحرم، رقم [1982] ت ط ع .
(8)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [21496]، من حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه، ت ط ع .
(9)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصوم] باب: صوم شعبان، رقم [1833]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرًا عن صوم، رقم [1956] ت ط ع .
(10)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل صوم المحرم، رقم [1983] ت ط ع .
(11)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الجمعة] باب: الدعاء في الصلاة من آخر الليل، رقم [1077]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في الدعاء والذكْر في آخر الليل والإجابة فيه، رقم [1261] ت ط ع .
(12)أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [صفة القيامة والرقائق والورع باب منه] رقم [2383]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي يعلى شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الزهد] باب: ذكر الموت والاستعداد له، رقم [4250] ت ط ع .
(13)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- الطويل في قصة الإسراء والمعراج على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، في كتاب [التوحيد] باب قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: 164]، رقم [6963]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- الطويل في قصة الإسراء والمعراج بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الإيمان] باب: الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات وفرض الصلاة، رقم [234] ت ط ع .
(14)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: فضل السنن الرواتب قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن، رقم [1199]، وأخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أم حبيبة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصلاة] باب: ما جاء فيمَن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنّة وما له فيه من الفضل، رقم [380] ت ط ع .
(15)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فلْيوتر أوله، رقم [1255] ت ط ع .
(16)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، رقم [1216] ت ط ع .
(17)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: جامع صلاة الليل ومَن نام عنه أو مرض، رقم [1234] ت ط ع .
(18)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث ثوبان -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] باب: استحباب الذكْر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم [931] ت ط ع .
(19)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم [939] ت ط ع .
(20)أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الطهارة] باب: فيما يقال بعد الوضوء، رقم [50] ت ط ع .
(21)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المناقب] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أمضِ لأصحابي هجرتهم ومرثيته مَن مات بمكة منهم»، رقم [3643]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الوصية] باب: الوصية بالثلث، رقم [3076] ت ط ع .
(22)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار] باب: استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، رقم [4915] ت ط ع .
(23)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الأدب] باب: الساعي على المساكين، رقم [5548]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الزهد والرقائق] باب: الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم، رقم [5295] ت ط ع .
(24)سبق تخريجه في الحديث رقم [1] .
(25)أخرجه أبو داوود في سننه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصلاة] باب: صلاة العيدين، رقم [959]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، رقم [12985]، وأخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [صلاة العيدين] رقم [1538]، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، ت ط ع .
(ث) أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ]، من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [وقوت الصلاة] باب: وقوت الصلاة، رقم [5] .
(م1) انظر إلى هذه المقولة في كتاب [لطائف المعارف] الجزء [1] الصفحة [244] .
(م2) انظر إلى هذه المقولة التي ذكرها ابن قدامة المقدسي -رحمه الله تعالى- في كتابه [المغني] في الفقه الحنبلي، الجزء [1] الصفحة [827] .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمدُ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، بعَثَه الله تعالى بالهدى ودين الحق، فبلَّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح أمَّته وجاهَدَ في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان .
أما بعد:
أيها الناس، فقد كنّا نرتقب مجيء شهر رمضان، فجاء شهر رمضان ثم خلفناه وراء ظهورنا، وهكذا كل مستقبلٍ للمرء يرتقبه ثم يَمُرُّ به ويُخلّفه وراءه حتى يأتيه الموت .
لقد حلّ بكم شهر رمضان ضيفًا كريمًا فأودعتموه ما شاء الله من الأعمال ثم فارقكم شاهدًا لكم أو عليكم بِما أودعتموه، لقد فرح قومٌ بفراقه؛ لأنهم تخلّصوا منه، تخلّصوا من الصيام والعبادات التي كانت ثقيلةً عليهم، وفرح قومٌ بتمامه؛ لأنهم تخلّصوا به من الذنوب والآثام بِما قاموا به فيه من عملٍ صالح استحقّوا به وعدَ الله بالمغفرة، والفرق بين الفَرَحَين فرقٌ عظيم .
إنَّ علامة الفَرِحين بفراقه أن يعاودوا المعاصي بعده فيتهاونوا بالواجبات ويتجرؤوا على المحرّمات وتظهر آثار ذلك في المجتمع فيقِلّ المصلّون في المساجد وينقصوا نقصًا ملحوظًا «ومَن ضيّع صلاته فهو لِمَا سواها أضيع»(ث) .
لقد شاهد الناس قلّة المصلّين بعد خروج رمضان وهذا أمر يؤسف له، فبئس القوم قومًا لا يعرفون الله إلا في رمضان .
أيها المسلمون، إن المعاصي بعد الطاعات ربما تُحيط بها فلا يكون للعامل سوى التعب، قال بعضهم: «ثواب الحسنة الحسنةُ بعدها، فمَن عمِل حسنةً ثم أتبعها بحسنة كان ذلك علامةً على قبول الحسنة الأولى، كما أنَّ مَن عمِل حسنةً ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة على ردّ الحسنة وعدم قبولها»(م1)، هكذا قال بعض أهل العلم، ولعلّهم يستنبطون ذلك من قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآَتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ [محمد: 17] .
أيها الناس، إن عمل المؤمن لا ينقضي بانقضاء مواسم العمل؛ إن عمل المؤمن عملٌ دائبٌ لا ينقضي إلا بالموت كما قال الله تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾[الحجر: 99]، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾[آل عمران: 102] .
أيها المسلمون، هل انقضت الأعمال الصالحة بانقضاء رمضان ؟ هل انقضى الصيام والقيام والطاعات ؟ لئن انقضى شهر الصيام وهو موسم عمل فإن زمن العمل لم ينقطع، ولئن انقضى صيام رمضان فإن الصيام لا يزال مشروعًا ولله الحمد،«فمَن صام رمضان وأتبعه بستة أيامٍ من شوال كان كصيام الدهر»(1)، وقد سنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - صيام الإثنين والخميس وقال: «إن الأعمال تُعرض فيهما على الله»(2)، وأوصى صلى الله عليه وسلم أبا هريرة وأبا ذَرّ وأبا الدرداء رضي الله عنهم، أوصاهم بصيام ثلاثة أيامٍ من كل شهر(3)، وقال صلى الله عليه وسلم: «صوم ثلاثة أيامٍ من كل شهرٍ صوم الدهر كلّه»(4)، وحثَّ على العمل الصالح في عشر ذي الحجة ومنه الصيام، وروي عنه صلى الله عليه وسلم «أنه كان لا يدع صيامها»(5)، وقال في صوم يوم عرفة: «يكفّر سنتين ماضية ومستقبلة»(6) يعني: لغير الحاج فأما الحاج فلا يصوم بعرفة، وقال صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المحرّم»(7)، وقال في صوم يوم العاشر منه: «يُكفّر سنةً ماضية»(8)، وقالت عائشة رضي الله عنها: «ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصوم في شهرٍ - تعني: تطوّعًا - ما كان يصوم في شعبان كان يصومه إلا قليلاً بل كان يصومه كلّه»(9) .
هذه - أيها المسلمون - أوقاتٌ فيها الصيام مفضول على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولئن انقضى قيام رمضان فإن القيام لا يزال مشروعًا كل ليلةٍ من ليالي السنة، حثّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه ورغّب فيه وقال: «أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاةُ في جوف الليل»(10)، وصَحَّ عنه صلى الله عليه وسلم «أن الله تعالى ينزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلثُ الليل الآخر فيقول: مَن يدعوني فأستجيب له، مَن يسألني فأعطيه، مَن يستغفرني فأغفر له»(11).
فاتَّقوا الله - عباد الله - وبادروا أعماركم بأعمالكم، وحقِّقوا أقوالكم بأفعالكم؛ فإن حقيقة عمر الإنسان ما أمضاه في طاعة الله، «وإن الكيِّس مَن دَانَ نفسه - أي: حاسَبَها - وعمِلَ لِمَا بعد الموت، والعاجز مَن أتبع نفسه هواها وتمنّى على الله الأماني»(12) .
أيها المسلمون، لقد يسَّر الله لكم سُبل الخيرات وفتح أبوابها، ودعاكم لدخولها وبيّن لكم ثوابها، فهذه الصلوات الخمس آكدُ أركان الإسلام بعد الشهادتين، «هي خمسٌ في الفعل وخمسون في الميزان»(13)، مَن أقامها كانت كفّارةً له ونجاةً يوم القيامة، شرَعَها الله لكم وأوجبها عليكم وأكملها بالرواتب التابعة لها؛ والرواتب التابعة للمكتوبات «اثنتا عشرة ركعة: أربعٌ قبل الظهر بسلامَيْن وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، مَن صلاهنّ بنى الله له بيتًا في الجنة»(14)، ومَن فاتَتْه الراتبة التي قبل الصلاة فلْيقضها بعد الصلاة .
وهذا الوتر سنّة مؤكّدة سنَّهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله وفعله، وقال صلى الله عليه وسلم: «مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فلْيوتر أوَّله، ومَن طمع أن يقوم آخره فلْيوتر آخر الليل؛ فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل»(15)، فهو سنَّةٌ مؤكَّدة لا ينبغي للإنسان تركه حتى قال بعض أهل العلم: إن الوتر واجبٌ يأثم بتركه، وقال الإمام أحمد بن حنبلٍ رحمه الله: مَن ترك الوتر فهو رجل سوءٍ لا ينبغي أن تُقبَل له شهادة(م2)، وأقَلُّ الوتر ركعة وأكثره إحدى عشرة ركعة ووقته من صلاة العشاء الآخرة إلى طلوع الفجر(16) ومَن فاته في الليل قضاه في النهار شفعًا، فإذا كان من عادته أن يوتر بثلاثٍ فنسِيَهُ في الليل أو نامَ عنه صلاه في النهار أربع ركعات، ومَن كان من عادته أن يوتر بخمس صلاه في النهار ستًّا وهكذا، ففي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «كان إذا غَلَبه نومٌ أو وجعٌ عن قيام الليل صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة»(17).
وهذه الأذكار خلف الصلوات المكتوبة، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلَّم من الصلات «استغفر ثلاثًا وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام»(18)،وقال صلى الله عليه وسلم:«مَن سبّح الله دبرَ كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحَمِد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبَّر الله ثلاثًا وثلاثين، فتلك تسعةٌ وتسعون، وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير، غُفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر»(19).
وهذا الوضوء «مَن توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال: أَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوّابين واجعلني من المتطهّرين فُتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء»(20) .
وهذه النفقات الماليّة من الزكوات والصدقات والمصروفات على الأهل والأولاد حتى على نفس الإنسان ما من مؤمنٍ يُنفق نفقةً يبتغي بها وجه الله إلا أُثيب عليها(21)، وإن الله ليرضى عن العبد يأكل الأكلة فيحمده عليها ويشرب الشربة فيحمده عليها(22)، والساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله أو كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر(23)، والساعي على الأرملة والمساكين هو: الذي يسعى بطلب رزقهم ويقوم بحاجتهم، وعائلتك الصغار والضعفاء الذين لا يستطيعون القيام بأنفسهم هم من المساكين، فالسعي عليهم كالجهاد في سبيل الله أو كالصيام الدائم والقيام المستمر .
فيا عباد الله، إن طرق الخير كثيرة فأين السالكون ؟ وإن أبوابها لمفتوحة فأين الداخلون ؟ وإن الحق لواضحٌ لا يزيغ عنه إلا الهالكون، فخذوا - عباد الله - من كل طاعةٍ بنصيب، فقد قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الحج: 77] .
واعلموا أنكم مفتقرون لعبادة الله في كل وقت وحين، ليست العبادة في رمضان فقط؛ لأنكم تعبدون الله وهو حي لا يموت، ليست العبادة في وقت محدّد من أعماركم؛ لأنكم في حاجة إليها على الدوام وسوف يأتي اليوم الذي يتمنّى الواحد زيادة ركعة أو تسبيحة في حسناته ونقص سيئة أو خطيئة في سيئاته، يقول الله عزَّ وجل: ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ﴾ [المؤمنون: 99-100] .
اللهم فِّقنا لاغتنام الأوقات وعمارتها بالأعمال الصالحات، اللهم ارزقنا اجتناب الخطايا والسيئات، اللهم طهِّرنا منها بِمَنِّك وكرمك؛ إنك واسع الهبات .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ .
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيدٌ .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله على إحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في ألوهيّته وربوبيّته وسلطانه، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله الذي أيَّده الله ببرهانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأنصاره وأعوانه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتّقوا الله تعالى واعلموا أن الله قد حدَّ حدودًا فلا تعتدوها وفرض فرائض فلا تضيّعوها، وإن مِمّا حدّه الله تعالى وشرعه لعباده: أنه إذا ثبتت رؤية الهلال بشهادة عدْلَين موثوقَيْن ببصرهما ونظرهما فإنه يجب على المسلمين أن يفطروا ولا عبرةَ بمنازل القمر، ولقد كان عند بعض الناس شكٌّ في هذا العام؛ حيث إن الهلال لم يُرَ في الليلة الثانية ولم يَرَه إلا أقلّ القليل في الليلة الثالثة إن كانوا قد رأوه، صار عند الناس شكّ في دخول شهر شوال ولكن المؤمنُ ينقاد لأمر الله تعالى الشرعي حتى وإن كانت الظواهر الأفقيّة تدل على خلافه؛ وذلك لأننا نحن متعبّدون بشرع الله عزَّ وجل، فإذا شرع الله لعباده شيئًا فإن الواجب عليهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا، ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 36]، وما موقف المسلمين يوم القيامة إذا شهد شاهدان أو أكثر على رؤية الهلال ثم قيل للناس: لا تعتبروا هذه الرؤية؛ لأننا قد رأيناه في صباح اليوم، ما موقف الناس من الله - عزَّ وجل - يوم القيامة وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفطر حين نراه فقال صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا»؛ ولهذا فإن نفس المؤمن تطيب بِما يقتضيه شرع الله وإن خالف في ظاهره الظواهر الأفقيّة؛ لأننا نحن نقول سمعنا وأطعنا فلا يكن في قلوبكم شك أو ريب من هذا الأمر؛ فإن الأمر - والحمد لله - ظاهر تطمئن إليه النفس؛ لأننا إنّما فعلنا ذلك بمقتضى شريعة الله .
فنسأل الله تعالى أن يوفّق المسلمين لِمَا فيه الخير والصلاح والاطمئنان إلى شريعة الله عزَّ وجل .
واعلموا - أيها المسلمون - أن «خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ في دين الله بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار»، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلَّ من قائلٍ عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً﴾[الأحزاب: 56] .
فأكْثروا - أيها المؤمنون - من الصلاة والسلام على نبيّكم محمد صلى الله عليه وسلم، تمتثلون في ذلك أمر الله تعالى بالصلاة والسلام عليه وتنالون بذلك أجرًا كثيرًا؛ فإنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن مَن صلى عليه مرّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا» .
اللهم صلِّ وسلّم وبارِك على عبدك ونبيّك محمد، اللهم ارزقنا محبّته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنّات النّعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين، والصدّيقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ أولاده الذكور والإناث وعن زوجاته أمهات المؤمنين، اللهم ارضَ عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، اللهم ارضَ عنَّا معهم وأصْلح أحوالنا كما أصْلحت أحوالهم يا رب العالمين .
اللهم أصْلح للمسلمين ولاة وأمورهم، اللهم أصْلح للمسلمين ولاة وأمورهم، اللهم أصْلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين .
اللهم هيئ لولاة المسلمين بطانة صالحة تدلّهم على الخير وتحثّهم عليه وأبْعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين .
اللهم أصْلح ولاة أمورنا ورعيّتنا شبابههم وكهولهم وشيوخهم ذكورهم وإناثهم يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك أن تتقبّل منّا صيام شهر رمضان وقيامه وأن تُعيده علينا وعلى الأمة الإسلامية ونحن نتمتّع بالصحة والعافية والإيمان والأمن والاستقرار وقوّة العقيدة والعمل الصالح يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك توبة نصوحًا تمحو بها ما سلف منّا، ونسألك الإنابة إليك والرجوع لدينك يا رب العالمين .
اللهم إنا نسألك الثبات على دينك وأن لا تُزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] .
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 90-91]، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزِدْكُم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45] .
---------------------------
(1)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: استحباب صوم ستة من شوال إتباعًا لرمضان، من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه، رقم [1984] .
(2)أخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في صوم الإثنين والخميس، رقم [678] ت ط ع .
(3)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: صيام أيام البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، رقم [1845]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: استحباب صلاة الضحى وأن أقلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع ركعات أو ست والحث على المحافظة عليها، رقم [1182]، وفي رواية للإمام مسلم من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1183]، وأخرجه النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي ذر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: صوم ثلاثة أيام من الشهر، رقم [2362] ت ط ع .
(4)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: صوم الدهر، رقم [1840]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: النهي عن صوم الدهر لِمَن تضرر به أو فوت به حقًا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم، رقم [1962]، وأخرجه مسلم أيضًا في كتاب [الصيام] باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصوم يوم عرفه وعاشوراء والإثنين والخميس، رقم [1976] ت ط ع .
(5)أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث هُنيدة بن خالد -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] رقم [2332] ت ط ع .
(6)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي قتادة الأنصاري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر ويوم عرفة وعاشوراء والإثنين والخميس، رقم [1977]، وأخرجه الإمام أحمد في مسنده في باقي مسند الأنصار، من حديث أبي قتادة الأنصاري رضي الله تعالى عنه، رقم [21496] ت ط ع .
(7)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل صوم المحرم، رقم [1982] ت ط ع .
(8)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [21496]، من حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه، ت ط ع .
(9)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصوم] باب: صوم شعبان، رقم [1833]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: صيام النبي -صلى الله عليه وسلم- في غير رمضان واستحباب ألا يخلي شهرًا عن صوم، رقم [1956] ت ط ع .
(10)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل صوم المحرم، رقم [1983] ت ط ع .
(11)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الجمعة] باب: الدعاء في الصلاة من آخر الليل، رقم [1077]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في الدعاء والذكْر في آخر الليل والإجابة فيه، رقم [1261] ت ط ع .
(12)أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [صفة القيامة والرقائق والورع باب منه] رقم [2383]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي يعلى شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الزهد] باب: ذكر الموت والاستعداد له، رقم [4250] ت ط ع .
(13)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- الطويل في قصة الإسراء والمعراج على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم، في كتاب [التوحيد] باب قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: 164]، رقم [6963]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- الطويل في قصة الإسراء والمعراج بالنبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الإيمان] باب: الإسراء برسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى السماوات وفرض الصلاة، رقم [234] ت ط ع .
(14)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: فضل السنن الرواتب قبل الفرائض وبعدهن وبيان عددهن، رقم [1199]، وأخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أم حبيبة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصلاة] باب: ما جاء فيمَن صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة من السنّة وما له فيه من الفضل، رقم [380] ت ط ع .
(15)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: مَن خاف ألا يقوم من آخر الليل فلْيوتر أوله، رقم [1255] ت ط ع .
(16)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، رقم [1216] ت ط ع .
(17)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: جامع صلاة الليل ومَن نام عنه أو مرض، رقم [1234] ت ط ع .
(18)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث ثوبان -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] باب: استحباب الذكْر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم [931] ت ط ع .
(19)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المساجد ومواضع الصلاة] باب: استحباب الذكر بعد الصلاة وبيان صفته، رقم [939] ت ط ع .
(20)أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الطهارة] باب: فيما يقال بعد الوضوء، رقم [50] ت ط ع .
(21)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [المناقب] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أمضِ لأصحابي هجرتهم ومرثيته مَن مات بمكة منهم»، رقم [3643]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الوصية] باب: الوصية بالثلث، رقم [3076] ت ط ع .
(22)أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار] باب: استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب، رقم [4915] ت ط ع .
(23)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الأدب] باب: الساعي على المساكين، رقم [5548]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الزهد والرقائق] باب: الإحسان إلى الأرملة والمسكين واليتيم، رقم [5295] ت ط ع .
(24)سبق تخريجه في الحديث رقم [1] .
(25)أخرجه أبو داوود في سننه، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصلاة] باب: صلاة العيدين، رقم [959]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، رقم [12985]، وأخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [صلاة العيدين] رقم [1538]، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، ت ط ع .
(ث) أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ]، من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [وقوت الصلاة] باب: وقوت الصلاة، رقم [5] .
(م1) انظر إلى هذه المقولة في كتاب [لطائف المعارف] الجزء [1] الصفحة [244] .
(م2) انظر إلى هذه المقولة التي ذكرها ابن قدامة المقدسي -رحمه الله تعالى- في كتابه [المغني] في الفقه الحنبلي، الجزء [1] الصفحة [827] .