الواثقة بالله
03-21-2016, 01:43 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فهذا جمع لبعض المقالات في هذه القاعدة مع الاختصار وضعتها هنا لعل يستفيد منها بعض طلبة العلم
وإن كان الكلام غالبا نقل ليس من ألفاظي إلا الشيء اليسير والله الموفق
القول في الصفات كالقول في الذات.
فمن أثبت ذاتاً لزمه أن يثبت الصفات، ومن أثبت ذاتاً من غير تمثيل لزمه أن يثبت الصفات من غير تمثيل، وأما أن يقال: إن ثمة ذاتاً، لكنها مجردة عن الصفات والفعل، فهذا من باب التناقض، وهو بمعنى قولنا: إن هذا الشيء موجودٌ ومعدوم.
وهَذَا أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَمَنْ لَهُ عَقْلٌ. فَإِنَّ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالَ تَتْبَعُ الذَّاتَ الْمُتَّصِفَةَ الْفَاعِلَةَ. فَإِذَا كَانَتْ ذَاتُهُ مُبَايِنَةً لِسَائِرِ الذَّوَاتِ لَيْسَتْ مِثْلَهَا لَزِمَ ضَرُورَةُ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ مُبَايِنَةً لِسَائِرِ الصِّفَاتِ لَيْسَتْ مِثْلَهَا. وَنِسْبَةُ صِفَاتِهِ إلَى ذَاتِهِ كَنِسْبَةِ صِفَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ إلَى ذَاتِهِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى الْعَظِيمُ فَهُوَ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
· هذه القاعدة سلفية ولله الحمد
1- قول أبو سليمان الخطابي رحمه الله: ( 388 هـ)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الخطابي فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي " الغنية عَنْ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ " قَالَ : " فَأَمَّا مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَمَا جَاءَ مِنْهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إثْبَاتُهَا وَإِجْرَاؤُهَا عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَنَفْيُ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا وَقَدْ نَفَاهَا قَوْمٌ فَأَبْطَلُوا مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَحَقَّقَهَا قَوْمٌ مِنْ الْمُثْبِتِينَ فَخَرَجُوا فِي ذَلِكَ إلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ فِي سُلُوكِ الطَّرِيقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَدِينُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي وَالْمُقَصِّرِ عَنْهُ .
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا : أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ وَيُحْتَذَى فِي ذَلِكَ حَذْوُهُ وَمِثَالُهُ . فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ إثْبَاتَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ وُجُودٍ لَا إثْبَاتَ كَيْفِيَّةٍ فَكَذَلِكَ إثْبَاتُ صِفَاتِهِ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ وُجُودٍ لَا إثْبَاتَ تَحْدِيدٍ وَتَكْيِيفٍ . فَإِذَا قُلْنَا يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِنَّمَا هِيَ صِفَاتٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ ؛ وَلَسْنَا نَقُولُ : إنَّ مَعْنَى الْيَدِ الْقُوَّةُ أَوْ النِّعْمَةُ وَلَا مَعْنَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ الْعِلْمُ ؛ وَلَا نَقُولُ إنَّهَا جَوَارِحُ وَلَا نُشَبِّهُهَا بِالْأَيْدِي وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ الَّتِي هِيَ جَوَارِحُ وَأَدَوَاتٌ لِلْفِعْلِ وَنَقُولُ : إنَّ الْقَوْلَ إنَّمَا وَجَبَ بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ ؛ لِأَنَّ التَّوْقِيفَ وَرَدَ بِهَا ؛ وَوَجَبَ نَفْيُ التَّشْبِيهِ عَنْهَا لِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ؛ وَعَلَى هَذَا جَرَى قَوْلُ السَّلَفِ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ " هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الخطابي .
وَهَكَذَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ فِي رِسَالَةٍ لَهُ أَخْبَرَ فِيهَا أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ عَلَى ذَلِكَ . وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ الخطابي قَدْ نَقَلَ نَحْوًا مِنْهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْإِمَامِ يَحْيَى بْنِ عَمَّارٍ السجزي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي إسْمَاعِيلَ الهروي صَاحِبِ " مَنَازِلِ السَّائِرِينَ " وَ " ذَمِّ الْكَلَامِ " وَهُوَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِيِّ وَأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النمري إمَامِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِمْ .
(مجموع افتاوى:5/ 59)
قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الخطابي وَأَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ : مَذْهَبُ السَّلَفِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ إجْرَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ نَفْيِ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا . وَقَالَا فِي ذَلِكَ : إنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ يُحْتَذَى فِيهِ حَذْوَهُ وَيُتَّبَعُ فِيهِ مِثَالَهُ اهـ (مجموع الفتاوى: (12/575)
2- وجاء في طبقات الحنابلة عن أبي يعلى محمد بن الحسين (457 هـ.):
اعتقد الوالد السعيد-قلت هو محمد بن الحسن- ومن قبله ممن سبقه من الأئمة: أن إثبات صفات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد لها حقيقة في علمه لم يطلع الباري سبحانه على كنه معرفتها أحداً من إنس ولا جان .
واعتقدوا: أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ويحتذى حذوه ومثاله وكما جاء (1/254)
3- قال الخطيب البغدادي رحمه الله 463 هــ:
أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الامرين، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه.
والاصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله اهـ. (سير أعلام النبلاء:18/284 وتذكرة الحفاظ:3/ 1142وتاريخ الإسلام للذهبي:7/ 240)
4- وقال الإمام قوام السنة الأصبهاني (535) في الحجة (1/175)
والطريقة المحمودة هي الطريقة المتوسطة بين الأمرين، وهذا لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، وإثبات الذات إثبات وجود ، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات وإنما أثبتناها لأن التوقيف ورد بها، وعلى هذا مضى السلف.
وقال (2/186(
وليس في إثبات الصفات ما يفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس في إثبات الذات ما يفضي إلى التشبيه، وفي قوله: (ليس كمثله شيْءٌ) دليل على أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات.
6- قال الحافظ الذهبي رحمه الله: (748 هـ)
وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الطَّوَائِفِ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمرَارُ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا كَمَا جَاءتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ تَحرِيْفٍ، وَلاَ تَشْبِيْهٍ وَلاَ تَكْيِيفٍ، فَإِنَّ الكَلاَمَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الكَلاَمِ فِي الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.
وَقَدْ عَلِمَ المُسْلِمُوْنَ أَنَّ ذَاتَ البَارِي مَوْجُوْدَةٌ حَقِيْقَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا، وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ -تَعَالَى- مَوْجُوْدَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا. (سير اعلام النبلاء:15/419)
· متى نستعمل القاعدة
- إذا سئلنا كيف هي صفات الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
إذَا قَالَ : كَيْفَ يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ؟ قِيلَ لَهُ : كَيْفَ هُوَ ؟ فَإِذَا قَالَ : لَا أَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ قِيلَ لَهُ : وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ نُزُولِهِ إذْ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّةِ الصِّفَةِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِكَيْفِيَّةِ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ فَرْعٌ لَهُ وَتَابِعٌ لَهُ ؛ فَكَيْفَ تُطَالِبُنِي بِالْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَتَكْلِيمِهِ وَاسْتِوَائِهِ وَنُزُولِهِ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ اهـ. (مجموع الفتاوى:3/25)
- في الرد على أهل البدع.
إذا قال قائل : لا أثبت الصفات لأن في إثباتها تشبيهًا لله بخلقه .
يقال له : أنت تثبت لله ذاتًا حقيقية وتثبت للمخلوقين ذواتًا أفليس هذا تشبيهًا على قولك !! فإن قال : إنما أثبت ذاتًا لله لا تشبه الذوات ولا يسعه غير هذا . قيل له يلزمك هذا في باب الصفات فإن كانت الذات لا تشبه الذوات وهو حق فكذلك صفات الذات الإلهية لا تشبه الصفات . فإن قال : كيف أثبت صفة لا أعلم كيفيتها . قلنا : له كما تثبت ذاتًا لا تعلم كيفيتها .
- في الرد على الممثلة.
إن قال المشبِّه: أنا لا أعقل من نزول الله ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك، والله تعالى لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
فيقال لأهل التمثيل: ألستم تثبتون ذات الله ذاتا بلا تمثيل؟ فأثبتوا له صفات بلا تمثيل اهـ (تقريب التدمرية: ص:36)
- في إثبات عموم الصفات بلا تمثيل
وهذا واضح أي أننا نقول أن لله عز وجل الصفات الكاملة التي لا نقص فيها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن له ذات لا تشبه الذوات.
· استعمال بعض العلماء لهذه القاعدة في باب الرد
قال الإمام عبد العزيز الكناني رحمه الله (240هـ )
فقلت له: قال الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ}[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn1) أفتقول أن نفس رب العالمين داخلة في هذه النفوس التي تذوق الموت، فصاح المأمون بأعلى صوته وكان جهير الصوت، معاذ الله معاذ الله معاذ الله، فقلت:
إذا ورفعت صوتي معاذ الله معاذ الله أن يكون كلام الله داخلا في الأشياء المخلوقة، كما إن نفسه ليست بداخله في الأنفس الميتة، وكلامه خارج عن الأشياء المخلوقة كما إن نفسه خارجة عن الأنفس الميتة. اهـ (الحيدة:54)
قال الإمام أبو النصر عبيد الله السجزي (444 هـ)
الذين يزعمون بشاعته من قولنا في الصفات ليس على ما زعموه ومع ذلك فلازم لهم في إثبات الذات اهـ (الرد على من أنكر الحرف والصوت: 127)
قال الإمام الصابوني رحمه الله (449هـ)
فلما صح خبر النزول عن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعتقدوا تشبيها له بنزول خلقه، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علوا كبيرا، ولعنهم لعنا كثيرا. اهـ (عقيدة السلف أصحاب الحديث:13)
وقال الإمام البغوي (516) بعد ذكره نصوصاً في الصفات في شرح السنة (1/70)
فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع يجب الإيمان بها وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل ، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق ،كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وما أحسن ما قال بعضهم : إذا قال لك الجهمي كيف استوى أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا أو كيف يداه ونحو ذلك فقل له : كيف هو في ذاته ؟ فإذا قال لك لا يعلم ما هو إلا هو وكنه الباري تعالى غير معلوم للبشر . فقل له : فالعلم بكيفية الصفة مستلزم للعلم بكيفية الموصوف ; فكيف يمكن أن تعلم كيفية صفة لموصوف لم تعلم كيفيته وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي لك اهـ (الفتوى الحموية الكبرى)
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: 748هـ :
وأنهما لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين اهـ (سير أعلام النبلاء: 8/509)
· نفي الصفات يستلزم نفي الذات
إن قلتلم لا نتصور صفات الا كما هي في المخلوقات يقال لكم هذا اللازم موجود في الذات أيضا فما تقولونه في الصفات يلزمكم في الذات فعلى هذا عليكم نفي الذات أيضا أو تثبتون الصفات كما أثبتم الذات وإن نفيتم الصفات وأثبتم الذات لزمكم التناقض.
· القياس في صفات الله عز وجل ممنوع كما أنه ممنوع في الذات.
قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله:
وقد ذكرنا في غير موضع في هذه الرسالة - نقلاً من أهل العلم " أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يتحذى حذوه ". فإذا كان من غير الجائز قطعاً قياس الخالق سبحانه على المخلوق في ذاته تعالى، فكذلك الأمر في الصفات، فغير جائز قياس صفاته على صفات المخلوق. (الصفات الإلهية)
· اعتراف الأشاعرة أن استدلالنا بهذه القاعدة في باب الصفات صحيحة.
قال الآمدي:
نعم لَو قيل إِن كَلَامه بحروف وأصوات لَا كحروفنا وأصواتنا كَمَا أَن ذَاته وَصِفَاته لَيست كذاتنا وصفاتنا كَمَا قَالَ بعض السّلف فَالْحق[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2) أَن ذَلِك غير مستبعد عقلا لكنه مِمَّا لم يدل الدَّلِيل الْقَاطِع على إثْبَاته من جِهَة الْمَعْقُول أَو من جِهَة الْمَنْقُول فَالْقَوْل بِهِ تحكم غير مَقْبُول اهـ (غاية المرام إلى علم الكلام: 112)
وقال الآمدي أيضا:
فَإِن قيل بِأَن مَا دلّت عَلَيْهِ هَذِه الظَّوَاهِر من المدلولات وَأَثْبَتْنَاهُ بهَا من الصِّفَات لَيست على نَحْو صفاتنا وَلَا على مَا نتخيل من احوال ذواتنا بل مُخَالفَة لصفاتنا كَمَا ان ذَاته مُخَالفَة لذواتنا وَهَذَا مِمَّا لَا يَقُود إِلَى التَّشْبِيه وَلَا يَسُوق إِلَى التجسيم
فَهَذَا وَإِن كَانَ فِي نَفسه جَائِزا لَكِن القَوْل باثباته من جملَة الصِّفَات يستدعى دَلِيلا قَطْعِيا وَهَذِه الظَّوَاهِر وَإِن أمكن حملهَا على مثل هَذِه المدلولات فقد أمكن حملهَا على غَيرهَا أَيْضا وَمَعَ تعَارض الِاحْتِمَالَات وتعدد المدلولات فَلَا قطع وَمَا لَا قطع عَلَيْهِ من الصِّفَات لَا يَصح إثْبَاته للذات اهـ (غاية المرام إلى علم الكلام: 13http://bamhrez.com/vb/
· استعمال غير أهل السنة والجماعة لهذه القاعدة
وقد استعمل هذه القاعدة بعض أهل البدع أيضا إلا أن بعضهم استعملها في غير موضعها كاستعمال الرازي وغيره ونحن نذكر هنا بعض أقوالهم حتى يعلم أن هذه القاعدة موجودة حتى في كتب غير أهل السنة والجماعة.
1- قال الغزالي :
ينبغي أن يعتقد أن كلامه سبحانه صفة قديمة ليس كمثلها شي، كما أن ذاته ذات قديمة ليس كمثلها شيء اهـ ( الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي:72)
2- قال الرازي:
وكما أن ذاته تعالى لا تشبه سائر الأشياء مع أن الدليل دل على أنها معلومة ومرتبة فكذا كلامه منزه عن مشابهة الحروف والأصوات مع أنه مسموع اهـ (تفسير الرازي)
وهذا الكلام باطل من الرازي مخالف للأدلة الصحيحة في أن كلامه بحروف وأصوات ولكني ذكرت كلام الرازي لكي يعلم أن هذه القاعدة مستعملة عند غير أهل السنة.
كتبه أبو سهيلة حسين بن علي البلوشي عفا الله عنه.
[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref1) سورة آل عمران آية 185.
[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2) _ هذا قول السلف كافة وليس هذا محل تقرير هذه المسألة.
والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد
فهذا جمع لبعض المقالات في هذه القاعدة مع الاختصار وضعتها هنا لعل يستفيد منها بعض طلبة العلم
وإن كان الكلام غالبا نقل ليس من ألفاظي إلا الشيء اليسير والله الموفق
القول في الصفات كالقول في الذات.
فمن أثبت ذاتاً لزمه أن يثبت الصفات، ومن أثبت ذاتاً من غير تمثيل لزمه أن يثبت الصفات من غير تمثيل، وأما أن يقال: إن ثمة ذاتاً، لكنها مجردة عن الصفات والفعل، فهذا من باب التناقض، وهو بمعنى قولنا: إن هذا الشيء موجودٌ ومعدوم.
وهَذَا أَمْرٌ ضَرُورِيٌّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ وَمَنْ لَهُ عَقْلٌ. فَإِنَّ الصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالَ تَتْبَعُ الذَّاتَ الْمُتَّصِفَةَ الْفَاعِلَةَ. فَإِذَا كَانَتْ ذَاتُهُ مُبَايِنَةً لِسَائِرِ الذَّوَاتِ لَيْسَتْ مِثْلَهَا لَزِمَ ضَرُورَةُ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ مُبَايِنَةً لِسَائِرِ الصِّفَاتِ لَيْسَتْ مِثْلَهَا. وَنِسْبَةُ صِفَاتِهِ إلَى ذَاتِهِ كَنِسْبَةِ صِفَةِ كُلِّ مَوْصُوفٍ إلَى ذَاتِهِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ الْعَلِيُّ الْأَعْلَى الْعَظِيمُ فَهُوَ أَعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَعْظَمُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
· هذه القاعدة سلفية ولله الحمد
1- قول أبو سليمان الخطابي رحمه الله: ( 388 هـ)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ الخطابي فِي رِسَالَتِهِ الْمَشْهُورَةِ فِي " الغنية عَنْ الْكَلَامِ وَأَهْلِهِ " قَالَ : " فَأَمَّا مَا سَأَلْت عَنْهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَمَا جَاءَ مِنْهَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَإِنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إثْبَاتُهَا وَإِجْرَاؤُهَا عَلَى ظَوَاهِرِهَا وَنَفْيُ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا وَقَدْ نَفَاهَا قَوْمٌ فَأَبْطَلُوا مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ وَحَقَّقَهَا قَوْمٌ مِنْ الْمُثْبِتِينَ فَخَرَجُوا فِي ذَلِكَ إلَى ضَرْبٍ مِنْ التَّشْبِيهِ وَالتَّكْيِيفِ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ فِي سُلُوكِ الطَّرِيقَةِ الْمُسْتَقِيمَةِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَدِينُ اللَّهِ تَعَالَى بَيْنَ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي وَالْمُقَصِّرِ عَنْهُ .
وَالْأَصْلُ فِي هَذَا : أَنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ وَيُحْتَذَى فِي ذَلِكَ حَذْوُهُ وَمِثَالُهُ . فَإِذَا كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ إثْبَاتَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ وُجُودٍ لَا إثْبَاتَ كَيْفِيَّةٍ فَكَذَلِكَ إثْبَاتُ صِفَاتِهِ إنَّمَا هُوَ إثْبَاتُ وُجُودٍ لَا إثْبَاتَ تَحْدِيدٍ وَتَكْيِيفٍ . فَإِذَا قُلْنَا يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ وَمَا أَشْبَهَهَا فَإِنَّمَا هِيَ صِفَاتٌ أَثْبَتَهَا اللَّهُ لِنَفْسِهِ ؛ وَلَسْنَا نَقُولُ : إنَّ مَعْنَى الْيَدِ الْقُوَّةُ أَوْ النِّعْمَةُ وَلَا مَعْنَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ الْعِلْمُ ؛ وَلَا نَقُولُ إنَّهَا جَوَارِحُ وَلَا نُشَبِّهُهَا بِالْأَيْدِي وَالْأَسْمَاعِ وَالْأَبْصَارِ الَّتِي هِيَ جَوَارِحُ وَأَدَوَاتٌ لِلْفِعْلِ وَنَقُولُ : إنَّ الْقَوْلَ إنَّمَا وَجَبَ بِإِثْبَاتِ الصِّفَاتِ ؛ لِأَنَّ التَّوْقِيفَ وَرَدَ بِهَا ؛ وَوَجَبَ نَفْيُ التَّشْبِيهِ عَنْهَا لِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ؛ وَعَلَى هَذَا جَرَى قَوْلُ السَّلَفِ فِي أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ " هَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الخطابي .
وَهَكَذَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ فِي رِسَالَةٍ لَهُ أَخْبَرَ فِيهَا أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ عَلَى ذَلِكَ . وَهَذَا الْكَلَامُ الَّذِي ذَكَرَهُ الخطابي قَدْ نَقَلَ نَحْوًا مِنْهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ لَا يُحْصَى عَدَدُهُمْ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَالْإِمَامِ يَحْيَى بْنِ عَمَّارٍ السجزي وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي إسْمَاعِيلَ الهروي صَاحِبِ " مَنَازِلِ السَّائِرِينَ " وَ " ذَمِّ الْكَلَامِ " وَهُوَ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُوصَفَ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ أَبِي عُثْمَانَ الصَّابُونِيِّ وَأَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النمري إمَامِ الْمَغْرِبِ وَغَيْرِهِمْ .
(مجموع افتاوى:5/ 59)
قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الخطابي وَأَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ : مَذْهَبُ السَّلَفِ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ إجْرَاؤُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا مَعَ نَفْيِ الْكَيْفِيَّةِ وَالتَّشْبِيهِ عَنْهَا . وَقَالَا فِي ذَلِكَ : إنَّ الْكَلَامَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي الذَّاتِ يُحْتَذَى فِيهِ حَذْوَهُ وَيُتَّبَعُ فِيهِ مِثَالَهُ اهـ (مجموع الفتاوى: (12/575)
2- وجاء في طبقات الحنابلة عن أبي يعلى محمد بن الحسين (457 هـ.):
اعتقد الوالد السعيد-قلت هو محمد بن الحسن- ومن قبله ممن سبقه من الأئمة: أن إثبات صفات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد لها حقيقة في علمه لم يطلع الباري سبحانه على كنه معرفتها أحداً من إنس ولا جان .
واعتقدوا: أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات ويحتذى حذوه ومثاله وكما جاء (1/254)
3- قال الخطيب البغدادي رحمه الله 463 هــ:
أما الكلام في الصفات، فإن ما روي منها في السنن الصحاح، مذهب السلف إثباتها وإجراؤها على ظواهرها، ونفي الكيفية والتشبيه عنها، وقد نفاها قوم، فأبطلوا ما أثبته الله، وحققها قوم من المثبتين، فخرجوا في ذلك إلى ضرب من التشبيه والتكييف، والقصد إنما هو سلوك الطريقة المتوسطة بين الامرين، ودين الله تعالى بين الغالي فيه والمقصر عنه.
والاصل في هذا أن الكلام في الصفات فرع الكلام في الذات، ويحتذى في ذلك حذوه ومثاله اهـ. (سير أعلام النبلاء:18/284 وتذكرة الحفاظ:3/ 1142وتاريخ الإسلام للذهبي:7/ 240)
4- وقال الإمام قوام السنة الأصبهاني (535) في الحجة (1/175)
والطريقة المحمودة هي الطريقة المتوسطة بين الأمرين، وهذا لأن الكلام في الصفات فرع على الكلام في الذات، وإثبات الذات إثبات وجود ، لا إثبات كيفية، فكذلك إثبات الصفات وإنما أثبتناها لأن التوقيف ورد بها، وعلى هذا مضى السلف.
وقال (2/186(
وليس في إثبات الصفات ما يفضي إلى التشبيه، كما أنه ليس في إثبات الذات ما يفضي إلى التشبيه، وفي قوله: (ليس كمثله شيْءٌ) دليل على أنه ليس كذاته ذات، ولا كصفاته صفات.
6- قال الحافظ الذهبي رحمه الله: (748 هـ)
وَمَعْلُوْمٌ عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الطَّوَائِفِ أَنَّ مَذْهَبَ السَّلَفِ إِمرَارُ آيَاتِ الصِّفَاتِ وَأَحَادِيْثِهَا كَمَا جَاءتْ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ وَلاَ تَحرِيْفٍ، وَلاَ تَشْبِيْهٍ وَلاَ تَكْيِيفٍ، فَإِنَّ الكَلاَمَ فِي الصِّفَاتِ فَرْعٌ عَلَى الكَلاَمِ فِي الذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.
وَقَدْ عَلِمَ المُسْلِمُوْنَ أَنَّ ذَاتَ البَارِي مَوْجُوْدَةٌ حَقِيْقَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا، وَكَذَلِكَ صِفَاتُهُ -تَعَالَى- مَوْجُوْدَةٌ، لاَ مِثْلَ لَهَا. (سير اعلام النبلاء:15/419)
· متى نستعمل القاعدة
- إذا سئلنا كيف هي صفات الله عز وجل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
إذَا قَالَ : كَيْفَ يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ؟ قِيلَ لَهُ : كَيْفَ هُوَ ؟ فَإِذَا قَالَ : لَا أَعْلَمُ كَيْفِيَّتَهُ قِيلَ لَهُ : وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ نُزُولِهِ إذْ الْعِلْمُ بِكَيْفِيَّةِ الصِّفَةِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِكَيْفِيَّةِ الْمَوْصُوفِ وَهُوَ فَرْعٌ لَهُ وَتَابِعٌ لَهُ ؛ فَكَيْفَ تُطَالِبُنِي بِالْعِلْمِ بِكَيْفِيَّةِ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَتَكْلِيمِهِ وَاسْتِوَائِهِ وَنُزُولِهِ وَأَنْتَ لَا تَعْلَمُ كَيْفِيَّةَ ذَاتِهِ اهـ. (مجموع الفتاوى:3/25)
- في الرد على أهل البدع.
إذا قال قائل : لا أثبت الصفات لأن في إثباتها تشبيهًا لله بخلقه .
يقال له : أنت تثبت لله ذاتًا حقيقية وتثبت للمخلوقين ذواتًا أفليس هذا تشبيهًا على قولك !! فإن قال : إنما أثبت ذاتًا لله لا تشبه الذوات ولا يسعه غير هذا . قيل له يلزمك هذا في باب الصفات فإن كانت الذات لا تشبه الذوات وهو حق فكذلك صفات الذات الإلهية لا تشبه الصفات . فإن قال : كيف أثبت صفة لا أعلم كيفيتها . قلنا : له كما تثبت ذاتًا لا تعلم كيفيتها .
- في الرد على الممثلة.
إن قال المشبِّه: أنا لا أعقل من نزول الله ويده إلا مثل ما للمخلوق من ذلك، والله تعالى لم يخاطبنا إلا بما نعرفه ونعقله.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
فيقال لأهل التمثيل: ألستم تثبتون ذات الله ذاتا بلا تمثيل؟ فأثبتوا له صفات بلا تمثيل اهـ (تقريب التدمرية: ص:36)
- في إثبات عموم الصفات بلا تمثيل
وهذا واضح أي أننا نقول أن لله عز وجل الصفات الكاملة التي لا نقص فيها لا تشبه صفات المخلوقين كما أن له ذات لا تشبه الذوات.
· استعمال بعض العلماء لهذه القاعدة في باب الرد
قال الإمام عبد العزيز الكناني رحمه الله (240هـ )
فقلت له: قال الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ}[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn1) أفتقول أن نفس رب العالمين داخلة في هذه النفوس التي تذوق الموت، فصاح المأمون بأعلى صوته وكان جهير الصوت، معاذ الله معاذ الله معاذ الله، فقلت:
إذا ورفعت صوتي معاذ الله معاذ الله أن يكون كلام الله داخلا في الأشياء المخلوقة، كما إن نفسه ليست بداخله في الأنفس الميتة، وكلامه خارج عن الأشياء المخلوقة كما إن نفسه خارجة عن الأنفس الميتة. اهـ (الحيدة:54)
قال الإمام أبو النصر عبيد الله السجزي (444 هـ)
الذين يزعمون بشاعته من قولنا في الصفات ليس على ما زعموه ومع ذلك فلازم لهم في إثبات الذات اهـ (الرد على من أنكر الحرف والصوت: 127)
قال الإمام الصابوني رحمه الله (449هـ)
فلما صح خبر النزول عن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر به أهل السنة، وقبلوا الخبر، وأثبتوا النزول على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يعتقدوا تشبيها له بنزول خلقه، وعلموا وتحققوا واعتقدوا أن صفات الله سبحانه لا تشبه صفات الخلق، كما أن ذاته لا تشبه ذوات الخلق تعالى الله عما يقول المشبهة والمعطلة علوا كبيرا، ولعنهم لعنا كثيرا. اهـ (عقيدة السلف أصحاب الحديث:13)
وقال الإمام البغوي (516) بعد ذكره نصوصاً في الصفات في شرح السنة (1/70)
فهذه ونظائرها صفات لله تعالى ورد بها السمع يجب الإيمان بها وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل ، مجتنبا عن التشبيه، معتقدا أن الباري سبحانه وتعالى لا يشبه شيء من صفاته صفات الخلق ،كما لا تشبه ذاته ذوات الخلق ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وما أحسن ما قال بعضهم : إذا قال لك الجهمي كيف استوى أو كيف ينزل إلى سماء الدنيا أو كيف يداه ونحو ذلك فقل له : كيف هو في ذاته ؟ فإذا قال لك لا يعلم ما هو إلا هو وكنه الباري تعالى غير معلوم للبشر . فقل له : فالعلم بكيفية الصفة مستلزم للعلم بكيفية الموصوف ; فكيف يمكن أن تعلم كيفية صفة لموصوف لم تعلم كيفيته وإنما تعلم الذات والصفات من حيث الجملة على الوجه الذي ينبغي لك اهـ (الفتوى الحموية الكبرى)
قال الحافظ الذهبي رحمه الله: 748هـ :
وأنهما لا تشبه صفات المخلوقين كما أن ذاته المقدسة لا تماثل ذوات المخلوقين اهـ (سير أعلام النبلاء: 8/509)
· نفي الصفات يستلزم نفي الذات
إن قلتلم لا نتصور صفات الا كما هي في المخلوقات يقال لكم هذا اللازم موجود في الذات أيضا فما تقولونه في الصفات يلزمكم في الذات فعلى هذا عليكم نفي الذات أيضا أو تثبتون الصفات كما أثبتم الذات وإن نفيتم الصفات وأثبتم الذات لزمكم التناقض.
· القياس في صفات الله عز وجل ممنوع كما أنه ممنوع في الذات.
قال العلامة محمد أمان الجامي رحمه الله:
وقد ذكرنا في غير موضع في هذه الرسالة - نقلاً من أهل العلم " أن الكلام في الصفات فرع عن الكلام في الذات يتحذى حذوه ". فإذا كان من غير الجائز قطعاً قياس الخالق سبحانه على المخلوق في ذاته تعالى، فكذلك الأمر في الصفات، فغير جائز قياس صفاته على صفات المخلوق. (الصفات الإلهية)
· اعتراف الأشاعرة أن استدلالنا بهذه القاعدة في باب الصفات صحيحة.
قال الآمدي:
نعم لَو قيل إِن كَلَامه بحروف وأصوات لَا كحروفنا وأصواتنا كَمَا أَن ذَاته وَصِفَاته لَيست كذاتنا وصفاتنا كَمَا قَالَ بعض السّلف فَالْحق[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftn2) أَن ذَلِك غير مستبعد عقلا لكنه مِمَّا لم يدل الدَّلِيل الْقَاطِع على إثْبَاته من جِهَة الْمَعْقُول أَو من جِهَة الْمَنْقُول فَالْقَوْل بِهِ تحكم غير مَقْبُول اهـ (غاية المرام إلى علم الكلام: 112)
وقال الآمدي أيضا:
فَإِن قيل بِأَن مَا دلّت عَلَيْهِ هَذِه الظَّوَاهِر من المدلولات وَأَثْبَتْنَاهُ بهَا من الصِّفَات لَيست على نَحْو صفاتنا وَلَا على مَا نتخيل من احوال ذواتنا بل مُخَالفَة لصفاتنا كَمَا ان ذَاته مُخَالفَة لذواتنا وَهَذَا مِمَّا لَا يَقُود إِلَى التَّشْبِيه وَلَا يَسُوق إِلَى التجسيم
فَهَذَا وَإِن كَانَ فِي نَفسه جَائِزا لَكِن القَوْل باثباته من جملَة الصِّفَات يستدعى دَلِيلا قَطْعِيا وَهَذِه الظَّوَاهِر وَإِن أمكن حملهَا على مثل هَذِه المدلولات فقد أمكن حملهَا على غَيرهَا أَيْضا وَمَعَ تعَارض الِاحْتِمَالَات وتعدد المدلولات فَلَا قطع وَمَا لَا قطع عَلَيْهِ من الصِّفَات لَا يَصح إثْبَاته للذات اهـ (غاية المرام إلى علم الكلام: 13http://bamhrez.com/vb/
· استعمال غير أهل السنة والجماعة لهذه القاعدة
وقد استعمل هذه القاعدة بعض أهل البدع أيضا إلا أن بعضهم استعملها في غير موضعها كاستعمال الرازي وغيره ونحن نذكر هنا بعض أقوالهم حتى يعلم أن هذه القاعدة موجودة حتى في كتب غير أهل السنة والجماعة.
1- قال الغزالي :
ينبغي أن يعتقد أن كلامه سبحانه صفة قديمة ليس كمثلها شي، كما أن ذاته ذات قديمة ليس كمثلها شيء اهـ ( الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي:72)
2- قال الرازي:
وكما أن ذاته تعالى لا تشبه سائر الأشياء مع أن الدليل دل على أنها معلومة ومرتبة فكذا كلامه منزه عن مشابهة الحروف والأصوات مع أنه مسموع اهـ (تفسير الرازي)
وهذا الكلام باطل من الرازي مخالف للأدلة الصحيحة في أن كلامه بحروف وأصوات ولكني ذكرت كلام الرازي لكي يعلم أن هذه القاعدة مستعملة عند غير أهل السنة.
كتبه أبو سهيلة حسين بن علي البلوشي عفا الله عنه.
[1] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref1) سورة آل عمران آية 185.
[2] (http://www.al-amen.com/vb/#_ftnref2) _ هذا قول السلف كافة وليس هذا محل تقرير هذه المسألة.