الواثقة بالله
05-21-2016, 02:10 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد:
فهذا تنبيه مهمٌ جدًا من الشيخ الفاضل سليمان الرحيلي -حفظه الله-
على قول المصنف الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-
في رسالة " ثلاثة الأصول" :
[ الأولى: العلم: وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ]
قال الشَّيخ سليمان الرحيلي: " قوله -رحمه الله-: "بالأدلة" يرجع إلى الثلاث المعارف: إلى معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، فيجب أن تكون معرفتك لله بالأدلة لا بالتقليد المحض الَّذي لا ينتج اعتقادا، وهنا -يا طلاب العلم يا معاشر المؤمنين- مسألتان يجب فقههما حتى لا تزل القدم في هذا الباب:
المسألة الأولى: هي مسألة وجوب أن يتعلم المكلف هذه الأمور بالأدلة وعدم جواز التقليد فيها، وهذه المسألة عند علمائنا تعرف بمسألة الطريق.
والمسألة الثانية: مسألة حكم من قلد في هذه الأمور هل يصح اعتقاده أو لا يصح؟ وهذه تعرف عند علمائنا بمسألة الغاية، فالإعتقاد له طريق والإعتقاد هو الغاية.
ومن شُرَّاح الأصول الثلاثة من قال: إن قول الشَّيخ هنا: "بالأدلة" وافق فيه المعتزلة!!؛ وهذا سوء فهم.
ومنهم من قال: إن هذه الأمور يجوز أخذها بالتقليد؛ وهذا سوء علم.
وهذان السببان [هما] أهم أسباب الإنحراف عن الحق: سوء الفهم وسوء العلم، فإذا أضفت لهما الثالث اجتمعت الأسباب ألا وهو سوء القصد، فمن ساء قصده انحرف عن الحق، ومن ساء فهمه انحرف عن الحق سواء ساء فهمه في فهم الأدلة الشرعية كما وقع للخوارج الذين نزلوا الآيات التي في الكفار على المؤمنين؛ أو ساء فهمه في فهم القواعد الشرعية كما وقع للمكفرة في سوء فهمهم لقاعدة أن من لم يكفر الكافر فهو كافر؛ أو ساء فهمه لكلام أهل العلم فإنه ينحرف عن الحق؛ أو ساء علمه سواء كان جاهلا فتكلم في المسائل بجهل، أو كان عالما علما لا ينفع فكان جاهلا وهو يظن أنه عالم كبعض المتزعمة في هذا العصر يؤلفون الكتب وينتجون الأشرطة وإذا نظرت في كلامهم وجدته جهلا وهم يظنون أنهم أئمة، وهذا هو الجهل المركب عند أهل العلم، ومن ساء علمه انحرف عن الحق؛ فإذن على طالب العلم، على طالب الحق، على المسلم أن يُحكم هذه الأمور الثلاثة فيراقب القصد فيكون قصده حسنا، يكون قصده الحق، وينظر في الفهم فيكون فهمه حسنا، ومتى يكون حسنا؟ إذا كان على فهم السلف، فهذا هو الفهم الحسن للدين الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وينظر أيضا في علمه هل هو علم حسن أو سيء، فيحرص على أن يكون حسنًا.
أعود للمسألتين:
المسألة الأولى وهي: هل يجوز للمسلم أن يأخذ هذه الأمور بالتقليد؟
فأقول: الذي عليه جمهور العلماء وجمهور أهل الحديث أنه لا يجوز تعلم المسائل الكبار بطريق التقليد بل تعلمها بالأدلة فرض عين، فيجب على كل مسلم أن يطلب علمها بالأدلة.
وأما المسألة الثانية وهي: ما الحكم لو أن مسلما قلد في هذه الأمور ولم يتعلم ؟ أخذ ذلك عن العلماء بالتقليد أو أخذ ذلك عن أهله بالتقليد ولم يتعلم. نقول: التقليد هنا -كما ذكر العلماء- له حالتان:
الحالة الأولى: أن لا يُنتج اعتقادا، ولكن الإنسان يردد ما يردده الناس من غير اعتقاد، وهذا لا ينفع كما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
والحالة الثانية:أن يُنتج اعتقادا، فيعتقد ذلك اعتقادا جازما، وهذا عند أهل السنة والجماعة يصح اعتقادهوهو مسلم خلافا للمعتزلة، المعتزلة يقولون لا يصح اعتقاده إلَّا إذا كان عن طريق الأدلة العقلية، أما أهل السنة والجماعة فيقولون:
من اعتقد اعتقادا صحيحا جازما صح اعتقاده ولو كان ذلك بطريق التقليد.
إذن -يا إخوة - هما مسألتان لا نخلط بينهما، مسألة التعلم شيء ومسألة الاعتقاد شيء آخر، ولذلك الإمام السفّاريني في منظومته ذكر المسألتين فقال:
وكل ما يطلب فيه الجزمُ ... فمنع تقليد بذاك حتمُ
يعني لا يجوز أن يُطلب بالتقليد، ثم قال في المسألة الثانية:
فالجازمون من عوام البشرْ .... فمسلمون عند أهل الأثرْ
يعني: العوام الذين أخذوا ذلك بالتقليد وجزموا فهم مسلمون عند أهل السنة والجماعة، يجب أن نعلم هذا حتى لا نخطئ في فهم المسائل.
شيخ الإسلام عمّ يتكلم الآن؟ يتكلم عن العلم، عن التعلم، إذن هو يتكلم عن المسألة الأولىولم يتكلم عن مسألة الاعتقاد، فيجب على كل مسلم أن يعرف ربه بالأدلة فإن لم يفعل ذلك أثم، فإن اعتقد بالتقليد وصح اعتقاده فهو مسلم عند أهل السنة والجماعة " اهـ.
وللعلامة أبا بطين -رحمه الله- كلام له علاقة بما سبق قال فيه:
" وقال أيضاً: فرضٌ على كل أحدٍ معرفة التوحيد، وأركان الإسلام بالدليل، ولا يجوز التقليد في ذلك؛ لكن العامي الذي لا يعرف الأدلة، إذا كان يعتقد وحدانية الرب سبحانه، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنار، ويعتقد أن هذه الأمور الشركية التي تفعل عند هذه المشاهد باطلة وضلال، فإذا كان يعتقد ذلك اعتقاداً جازماً لا شك فيه، فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدَّليل، لأن عامة المسلمين ولو لقنوا الدليل فإنهم لا يفهمون المعنى غالباً ". [الدرر السنية 5/347] بواسطة الشَّاملة.
والله أعلم.
وبعد:
فهذا تنبيه مهمٌ جدًا من الشيخ الفاضل سليمان الرحيلي -حفظه الله-
على قول المصنف الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-
في رسالة " ثلاثة الأصول" :
[ الأولى: العلم: وهو معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام بالأدلة ]
قال الشَّيخ سليمان الرحيلي: " قوله -رحمه الله-: "بالأدلة" يرجع إلى الثلاث المعارف: إلى معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام، فيجب أن تكون معرفتك لله بالأدلة لا بالتقليد المحض الَّذي لا ينتج اعتقادا، وهنا -يا طلاب العلم يا معاشر المؤمنين- مسألتان يجب فقههما حتى لا تزل القدم في هذا الباب:
المسألة الأولى: هي مسألة وجوب أن يتعلم المكلف هذه الأمور بالأدلة وعدم جواز التقليد فيها، وهذه المسألة عند علمائنا تعرف بمسألة الطريق.
والمسألة الثانية: مسألة حكم من قلد في هذه الأمور هل يصح اعتقاده أو لا يصح؟ وهذه تعرف عند علمائنا بمسألة الغاية، فالإعتقاد له طريق والإعتقاد هو الغاية.
ومن شُرَّاح الأصول الثلاثة من قال: إن قول الشَّيخ هنا: "بالأدلة" وافق فيه المعتزلة!!؛ وهذا سوء فهم.
ومنهم من قال: إن هذه الأمور يجوز أخذها بالتقليد؛ وهذا سوء علم.
وهذان السببان [هما] أهم أسباب الإنحراف عن الحق: سوء الفهم وسوء العلم، فإذا أضفت لهما الثالث اجتمعت الأسباب ألا وهو سوء القصد، فمن ساء قصده انحرف عن الحق، ومن ساء فهمه انحرف عن الحق سواء ساء فهمه في فهم الأدلة الشرعية كما وقع للخوارج الذين نزلوا الآيات التي في الكفار على المؤمنين؛ أو ساء فهمه في فهم القواعد الشرعية كما وقع للمكفرة في سوء فهمهم لقاعدة أن من لم يكفر الكافر فهو كافر؛ أو ساء فهمه لكلام أهل العلم فإنه ينحرف عن الحق؛ أو ساء علمه سواء كان جاهلا فتكلم في المسائل بجهل، أو كان عالما علما لا ينفع فكان جاهلا وهو يظن أنه عالم كبعض المتزعمة في هذا العصر يؤلفون الكتب وينتجون الأشرطة وإذا نظرت في كلامهم وجدته جهلا وهم يظنون أنهم أئمة، وهذا هو الجهل المركب عند أهل العلم، ومن ساء علمه انحرف عن الحق؛ فإذن على طالب العلم، على طالب الحق، على المسلم أن يُحكم هذه الأمور الثلاثة فيراقب القصد فيكون قصده حسنا، يكون قصده الحق، وينظر في الفهم فيكون فهمه حسنا، ومتى يكون حسنا؟ إذا كان على فهم السلف، فهذا هو الفهم الحسن للدين الذي جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وينظر أيضا في علمه هل هو علم حسن أو سيء، فيحرص على أن يكون حسنًا.
أعود للمسألتين:
المسألة الأولى وهي: هل يجوز للمسلم أن يأخذ هذه الأمور بالتقليد؟
فأقول: الذي عليه جمهور العلماء وجمهور أهل الحديث أنه لا يجوز تعلم المسائل الكبار بطريق التقليد بل تعلمها بالأدلة فرض عين، فيجب على كل مسلم أن يطلب علمها بالأدلة.
وأما المسألة الثانية وهي: ما الحكم لو أن مسلما قلد في هذه الأمور ولم يتعلم ؟ أخذ ذلك عن العلماء بالتقليد أو أخذ ذلك عن أهله بالتقليد ولم يتعلم. نقول: التقليد هنا -كما ذكر العلماء- له حالتان:
الحالة الأولى: أن لا يُنتج اعتقادا، ولكن الإنسان يردد ما يردده الناس من غير اعتقاد، وهذا لا ينفع كما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه.
والحالة الثانية:أن يُنتج اعتقادا، فيعتقد ذلك اعتقادا جازما، وهذا عند أهل السنة والجماعة يصح اعتقادهوهو مسلم خلافا للمعتزلة، المعتزلة يقولون لا يصح اعتقاده إلَّا إذا كان عن طريق الأدلة العقلية، أما أهل السنة والجماعة فيقولون:
من اعتقد اعتقادا صحيحا جازما صح اعتقاده ولو كان ذلك بطريق التقليد.
إذن -يا إخوة - هما مسألتان لا نخلط بينهما، مسألة التعلم شيء ومسألة الاعتقاد شيء آخر، ولذلك الإمام السفّاريني في منظومته ذكر المسألتين فقال:
وكل ما يطلب فيه الجزمُ ... فمنع تقليد بذاك حتمُ
يعني لا يجوز أن يُطلب بالتقليد، ثم قال في المسألة الثانية:
فالجازمون من عوام البشرْ .... فمسلمون عند أهل الأثرْ
يعني: العوام الذين أخذوا ذلك بالتقليد وجزموا فهم مسلمون عند أهل السنة والجماعة، يجب أن نعلم هذا حتى لا نخطئ في فهم المسائل.
شيخ الإسلام عمّ يتكلم الآن؟ يتكلم عن العلم، عن التعلم، إذن هو يتكلم عن المسألة الأولىولم يتكلم عن مسألة الاعتقاد، فيجب على كل مسلم أن يعرف ربه بالأدلة فإن لم يفعل ذلك أثم، فإن اعتقد بالتقليد وصح اعتقاده فهو مسلم عند أهل السنة والجماعة " اهـ.
وللعلامة أبا بطين -رحمه الله- كلام له علاقة بما سبق قال فيه:
" وقال أيضاً: فرضٌ على كل أحدٍ معرفة التوحيد، وأركان الإسلام بالدليل، ولا يجوز التقليد في ذلك؛ لكن العامي الذي لا يعرف الأدلة، إذا كان يعتقد وحدانية الرب سبحانه، ورسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجنة والنار، ويعتقد أن هذه الأمور الشركية التي تفعل عند هذه المشاهد باطلة وضلال، فإذا كان يعتقد ذلك اعتقاداً جازماً لا شك فيه، فهو مسلم، وإن لم يترجم بالدَّليل، لأن عامة المسلمين ولو لقنوا الدليل فإنهم لا يفهمون المعنى غالباً ". [الدرر السنية 5/347] بواسطة الشَّاملة.
والله أعلم.