الواثقة بالله
06-21-2016, 03:19 PM
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فهذا نقل لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول:
موقع الأرض من السماء وموقع السماء من العرش(مج(5/150))
استدارة الأفلاك(مج (25/193) )(وهذا هو الجزء الذي تمت ترجمته، قد يقول قائل: ما سبب تغيير العنوان؟، الجواب: بهدف تيسير الوصول إليه من خلال محرك البحث)
1- موقع الأرض من السماء وموقع السماء من العرش
اعلم أن " الأرض " قد اتفقوا على أنها كروية الشكل وهي في الماء المحيط بأكثرها؛ إذ اليابس السدس وزيادة بقليل والماء أيضا مقبب من كل جانب للأرض والماء الذي فوقها بينه وبين السماء كما بيننا وبينها مما يلي رءوسنا وليس تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز؛ فلا يكون لنا جهة بينة إلا جهتان: العلو والسفل وإنما تختلف الجهات باختلاف الإنسان. فعلو الأرض وجهها من كل جانب. وأسفلها ما تحت وجهها - ونهاية المركز - هو الذي يسمى محط الأثقال فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة إلى المركز يكون هبوطا ومنه إلى وجهها صعودا وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كروية وكذا الباقي. والكرسي فوق الأفلاك كلها والعرش فوق الكرسي ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فلاة والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة. والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن لفظ " الفلك " يدل على الاستدارة ومنه قوله تعالى {وكل في فلك يسبحون} قال ابن عباس: في فلكة كفلكة المغزل. ومنه قولهم: تفلك ثدي الجارية إذا استدار. وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك.
وأما " العرش " فإنه مقبب؛ لما روي في السنن لأبي داود عن جبير بن مطعم قال؛ {أتى رسول الله صلى الله عليه أعرابي فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وجاع العيال وذكر الحديث إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله على عرشه وإن عرشه على سمواته وأرضه كهكذا} وقال بأصبعه مثل القبة. ولم يثبت أنه فلك مستدير مطلقا بل ثبت أنه فوق الأفلاك وأن له قوائم: كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد قال: {جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه فقال: يا محمد إن رجلا من أصحابك لطم وجهي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادعوه فدعوه. فقال: لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفى موسى على البشر. فقلت: يا خبيث وعلى محمد فأخذتني غضبة فلطمته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخيروا بين الأنبياء؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور} . وفي " علوه " قوله صلى الله عليه وسلم {إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلاها وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة} -. فقد تبين بهذه الأحاديث أنه أعلى المخلوقات وسقفها وأنه مقبب وأن له قوائم وعلى كل تقدير فهو فوق سواء كان محيطا بالأفلاك أو غير ذلك؛ فيجب أن يعلم أن العالم العلوي والسفلي بالنسبة إلى الخالق - سبحانه وتعالى - في غاية الصغر؛ لقوله تعالى {وما قدروا الله حق قدره} الآية.
2-استدارة الأفلاك(مج (25/193) )(وهذا هو الجزء الذي تمت ترجمته، قد يقول قائل: ما سبب تغيير العنوان؟، الجواب: بهدف تيسير الوصول إليه من خلال محرك البحث)
هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة قال الله تعالى: {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر} وقال: {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} وقال تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} قال ابن عباس: في فلكة مثل فلكة المغزل وهكذا هو في لسان العرب الفلك الشيء المستدير. ومنه يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار. قال تعالى: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} والتكوير هو التدوير. ومنه قيل: كار العمامة وكورها إذا أدارها. ومنه قيل: للكرة كرة وهي الجسم المستدير ولهذا يقال: للأفلاك كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وكورت الكارة إذا دورتها ومنه الحديث: {إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم} وقال تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} مثل حسبان الرحا وقال: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما فإنه يتفاوت لأن زواياه مخالفة لقوائمه والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي ليس بعضه مخالفا لبعض. {وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: إنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. فقال: ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه. إن شأنه أعظم من ذلك إن عرشه على سمواته هكذا وقال بيده مثل القبة: وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه} رواه. أبو داود وغيره من حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنها أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن} فقد أخبر أن الفردوس هي الأعلى والأوسط وهذا لا يكون إلا في الصورة المستديرة فأما المربع ونحوه فليس أوسطه أعلاه بل هو متساو. وأما إجماع العلماء: فقال إياس بن معاوية - الإمام المشهور قاضي البصرة من التابعين -: السماء على الأرض مثل القبة. وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد: لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين: أحدهما في ناحية الشمال والآخر في ناحية الجنوب. قال: ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد في حركاتها ومقادير أجزائها إلى أن تتوسط السماء ثم تنحدر على ذلك الترتيب. كأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دورا واحدا. قال: وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة. قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد بل على المشرق قبل المغرب. قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء كالنقطة في الدائرة. يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء على قدر واحد فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء. وقد يظن بعض الناس أن ما جاءت به الآثار النبوية من أن العرش سقف الجنة وأن الله على عرشه مع ما دلت عليه من أن الأفلاك مستديرة متناقض أو مقتض أن يكون الله تحت بعض خلقه " كما احتج بعض الجهمية على إنكار أن يكون الله فوق العرش باستدارة الأفلاك وأن ذلك مستلزم كون الرب أسفل. وهذا من غلطهم في تصور الأمر ومن علم أن الأفلاك مستديرة وأن المحيط الذي هو السقف هو أعلى عليين وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه وهو قعر الأرض هو " سجين " " وأسفل سافلين " علم من مقابلة الله بين أعلى عليين وبين سجين مع أن المقابلة: إنما تكون في الظاهر بين العلو والسفل أو بين السعة والضيق وذلك لأن العلو مستلزم للسعة والضيق مستلزم للسفول وعلم أن السماء فوق الأرض مطلقا لا يتصور أن تكون تحتها قط وإن كانت مستديرة محيطة وكذلك كلما علا كان أرفع وأشمل. وعلم أن الجهة قسمان: قسم ذاتي. وهو العلو والسفول فقط. وقسم إضافي: وهو ما ينسب إلى الحيوان بحسب حركته: فما أمامه يقال له: أمام وما خلفه يقال له خلف وما عن يمينه يقال له اليمين وما عن يسرته يقال له اليسار وما فوق رأسه يقال له فوق وما تحت قدميه يقال له تحت وذلك أمر إضافي. أرأيت لو أن رجلا علق رجليه إلى السماء ورأسه إلى الأرض أليست السماء فوقه وإن قابلها برجليه وكذلك النملة أو غيرها لو مشى تحت السقف مقابلا له برجليه وظهره إلى الأرض لكان العلو محاذيا لرجليه وإن كان فوقه وأسفل سافلين ينتهي إلى جوف الأرض. والكواكب التي في السماء وإن كان بعضها محاذيا لرءوسنا وبعضها في النصف الآخر من الفلك فليس شيء منها تحت شيء بل كلها فوقنا في السماء ولما كان الإنسان إذا تصور هذا يسبق إلى وهمه السفل الإضافي كما احتج به الجهمي الذي أنكر علو الله على عرشه وخيل على من لا يدري أن من قال: إن الله فوق العرش فقد جعله تحت نصف المخلوقات أو جعله فلكا آخر تعالى الله عما يقول الجاهل. فمن ظن أنه لازم لأهل الإسلام من الأمور التي لا تليق بالله ولا هي لازمة بل هذا يصدقه الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من حديث الحسن عن أبي هريرة ورواه الترمذي في حديث الإدلاء؛ فإن الحديث يدل على أن الله فوق العرش ويدل على إحاطة العرش كونه سقف المخلوقات. ومن تأوله على قوله هبط على علم الله كما فعل الترمذي لم يدر كيف الأمر ولكن لما كان من أهل السنة وعلم أن الله فوق العرش ولم يعرف صورة المخلوقات وخشي أن يتأوله الجهمي أنه مختلط بالخلق قال: هكذا وإلا فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كله حق يصدق بعضه بعضا. وما علم بالمعقول من العلوم الصحيحة يصدق ما جاء به الرسول ويشهد له. فنقول: إذا تبين أنا نعرف ما قد عرف من استدارة الأفلاك علم أن المنكر له مخالف لجميع الأدلة لكن المتوقف في ذلك قبل البيان فعل الواجب وكذلك من لم يزل يستفيد ذلك من جهة لا يثق بها.هذا وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=32868
فهذا نقل لكلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حول:
موقع الأرض من السماء وموقع السماء من العرش(مج(5/150))
استدارة الأفلاك(مج (25/193) )(وهذا هو الجزء الذي تمت ترجمته، قد يقول قائل: ما سبب تغيير العنوان؟، الجواب: بهدف تيسير الوصول إليه من خلال محرك البحث)
1- موقع الأرض من السماء وموقع السماء من العرش
اعلم أن " الأرض " قد اتفقوا على أنها كروية الشكل وهي في الماء المحيط بأكثرها؛ إذ اليابس السدس وزيادة بقليل والماء أيضا مقبب من كل جانب للأرض والماء الذي فوقها بينه وبين السماء كما بيننا وبينها مما يلي رءوسنا وليس تحت وجه الأرض إلا وسطها ونهاية التحت المركز؛ فلا يكون لنا جهة بينة إلا جهتان: العلو والسفل وإنما تختلف الجهات باختلاف الإنسان. فعلو الأرض وجهها من كل جانب. وأسفلها ما تحت وجهها - ونهاية المركز - هو الذي يسمى محط الأثقال فمن وجه الأرض والماء من كل وجهة إلى المركز يكون هبوطا ومنه إلى وجهها صعودا وإذا كانت سماء الدنيا فوق الأرض محيطة بها فالثانية كروية وكذا الباقي. والكرسي فوق الأفلاك كلها والعرش فوق الكرسي ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فلاة والجملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة. والأفلاك مستديرة بالكتاب والسنة والإجماع؛ فإن لفظ " الفلك " يدل على الاستدارة ومنه قوله تعالى {وكل في فلك يسبحون} قال ابن عباس: في فلكة كفلكة المغزل. ومنه قولهم: تفلك ثدي الجارية إذا استدار. وأهل الهيئة والحساب متفقون على ذلك.
وأما " العرش " فإنه مقبب؛ لما روي في السنن لأبي داود عن جبير بن مطعم قال؛ {أتى رسول الله صلى الله عليه أعرابي فقال: يا رسول الله جهدت الأنفس وجاع العيال وذكر الحديث إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله على عرشه وإن عرشه على سمواته وأرضه كهكذا} وقال بأصبعه مثل القبة. ولم يثبت أنه فلك مستدير مطلقا بل ثبت أنه فوق الأفلاك وأن له قوائم: كما جاء في الصحيحين عن أبي سعيد قال: {جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه فقال: يا محمد إن رجلا من أصحابك لطم وجهي. فقال النبي صلى الله عليه وسلم ادعوه فدعوه. فقال: لم لطمت وجهه؟ فقال: يا رسول الله إني مررت بالسوق وهو يقول: والذي اصطفى موسى على البشر. فقلت: يا خبيث وعلى محمد فأخذتني غضبة فلطمته. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخيروا بين الأنبياء؛ فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور} . وفي " علوه " قوله صلى الله عليه وسلم {إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلاها وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة} -. فقد تبين بهذه الأحاديث أنه أعلى المخلوقات وسقفها وأنه مقبب وأن له قوائم وعلى كل تقدير فهو فوق سواء كان محيطا بالأفلاك أو غير ذلك؛ فيجب أن يعلم أن العالم العلوي والسفلي بالنسبة إلى الخالق - سبحانه وتعالى - في غاية الصغر؛ لقوله تعالى {وما قدروا الله حق قدره} الآية.
2-استدارة الأفلاك(مج (25/193) )(وهذا هو الجزء الذي تمت ترجمته، قد يقول قائل: ما سبب تغيير العنوان؟، الجواب: بهدف تيسير الوصول إليه من خلال محرك البحث)
هذا وقد ثبت بالكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة أن الأفلاك مستديرة قال الله تعالى: {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر} وقال: {وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون} وقال تعالى: {لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون} قال ابن عباس: في فلكة مثل فلكة المغزل وهكذا هو في لسان العرب الفلك الشيء المستدير. ومنه يقال: تفلك ثدي الجارية إذا استدار. قال تعالى: {يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل} والتكوير هو التدوير. ومنه قيل: كار العمامة وكورها إذا أدارها. ومنه قيل: للكرة كرة وهي الجسم المستدير ولهذا يقال: للأفلاك كروية الشكل؛ لأن أصل الكرة كورة تحركت الواو وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا وكورت الكارة إذا دورتها ومنه الحديث: {إن الشمس والقمر يكوران يوم القيامة كأنهما ثوران في نار جهنم} وقال تعالى: {الشمس والقمر بحسبان} مثل حسبان الرحا وقال: {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} وهذا إنما يكون فيما يستدير من أشكال الأجسام دون المضلعات من المثلث أو المربع أو غيرهما فإنه يتفاوت لأن زواياه مخالفة لقوائمه والجسم المستدير متشابه الجوانب والنواحي ليس بعضه مخالفا لبعض. {وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي الذي قال: إنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك. فقال: ويحك إن الله لا يستشفع به على أحد من خلقه. إن شأنه أعظم من ذلك إن عرشه على سمواته هكذا وقال بيده مثل القبة: وإنه ليئط به أطيط الرحل الجديد براكبه} رواه. أبو داود وغيره من حديث جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنها أعلى الجنة وأوسط الجنة وسقفها عرش الرحمن} فقد أخبر أن الفردوس هي الأعلى والأوسط وهذا لا يكون إلا في الصورة المستديرة فأما المربع ونحوه فليس أوسطه أعلاه بل هو متساو. وأما إجماع العلماء: فقال إياس بن معاوية - الإمام المشهور قاضي البصرة من التابعين -: السماء على الأرض مثل القبة. وقال الإمام أبو الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي من أعيان العلماء المشهورين بمعرفة الآثار والتصانيف الكبار في فنون العلوم الدينية من الطبقة الثانية من أصحاب أحمد: لا خلاف بين العلماء أن السماء على مثال الكرة وأنها تدور بجميع ما فيها من الكواكب كدورة الكرة على قطبين ثابتين غير متحركين: أحدهما في ناحية الشمال والآخر في ناحية الجنوب. قال: ويدل على ذلك أن الكواكب جميعها تدور من المشرق تقع قليلا على ترتيب واحد في حركاتها ومقادير أجزائها إلى أن تتوسط السماء ثم تنحدر على ذلك الترتيب. كأنها ثابتة في كرة تديرها جميعها دورا واحدا. قال: وكذلك أجمعوا على أن الأرض بجميع حركاتها من البر والبحر مثل الكرة. قال: ويدل عليه أن الشمس والقمر والكواكب لا يوجد طلوعها وغروبها على جميع من في نواحي الأرض في وقت واحد بل على المشرق قبل المغرب. قال: فكرة الأرض مثبتة في وسط كرة السماء كالنقطة في الدائرة. يدل على ذلك أن جرم كل كوكب يرى في جميع نواحي السماء على قدر واحد فيدل ذلك على بعد ما بين السماء والأرض من جميع الجهات بقدر واحد فاضطرار أن تكون الأرض وسط السماء. وقد يظن بعض الناس أن ما جاءت به الآثار النبوية من أن العرش سقف الجنة وأن الله على عرشه مع ما دلت عليه من أن الأفلاك مستديرة متناقض أو مقتض أن يكون الله تحت بعض خلقه " كما احتج بعض الجهمية على إنكار أن يكون الله فوق العرش باستدارة الأفلاك وأن ذلك مستلزم كون الرب أسفل. وهذا من غلطهم في تصور الأمر ومن علم أن الأفلاك مستديرة وأن المحيط الذي هو السقف هو أعلى عليين وأن المركز الذي هو باطن ذلك وجوفه وهو قعر الأرض هو " سجين " " وأسفل سافلين " علم من مقابلة الله بين أعلى عليين وبين سجين مع أن المقابلة: إنما تكون في الظاهر بين العلو والسفل أو بين السعة والضيق وذلك لأن العلو مستلزم للسعة والضيق مستلزم للسفول وعلم أن السماء فوق الأرض مطلقا لا يتصور أن تكون تحتها قط وإن كانت مستديرة محيطة وكذلك كلما علا كان أرفع وأشمل. وعلم أن الجهة قسمان: قسم ذاتي. وهو العلو والسفول فقط. وقسم إضافي: وهو ما ينسب إلى الحيوان بحسب حركته: فما أمامه يقال له: أمام وما خلفه يقال له خلف وما عن يمينه يقال له اليمين وما عن يسرته يقال له اليسار وما فوق رأسه يقال له فوق وما تحت قدميه يقال له تحت وذلك أمر إضافي. أرأيت لو أن رجلا علق رجليه إلى السماء ورأسه إلى الأرض أليست السماء فوقه وإن قابلها برجليه وكذلك النملة أو غيرها لو مشى تحت السقف مقابلا له برجليه وظهره إلى الأرض لكان العلو محاذيا لرجليه وإن كان فوقه وأسفل سافلين ينتهي إلى جوف الأرض. والكواكب التي في السماء وإن كان بعضها محاذيا لرءوسنا وبعضها في النصف الآخر من الفلك فليس شيء منها تحت شيء بل كلها فوقنا في السماء ولما كان الإنسان إذا تصور هذا يسبق إلى وهمه السفل الإضافي كما احتج به الجهمي الذي أنكر علو الله على عرشه وخيل على من لا يدري أن من قال: إن الله فوق العرش فقد جعله تحت نصف المخلوقات أو جعله فلكا آخر تعالى الله عما يقول الجاهل. فمن ظن أنه لازم لأهل الإسلام من الأمور التي لا تليق بالله ولا هي لازمة بل هذا يصدقه الحديث الذي رواه أحمد في مسنده من حديث الحسن عن أبي هريرة ورواه الترمذي في حديث الإدلاء؛ فإن الحديث يدل على أن الله فوق العرش ويدل على إحاطة العرش كونه سقف المخلوقات. ومن تأوله على قوله هبط على علم الله كما فعل الترمذي لم يدر كيف الأمر ولكن لما كان من أهل السنة وعلم أن الله فوق العرش ولم يعرف صورة المخلوقات وخشي أن يتأوله الجهمي أنه مختلط بالخلق قال: هكذا وإلا فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كله حق يصدق بعضه بعضا. وما علم بالمعقول من العلوم الصحيحة يصدق ما جاء به الرسول ويشهد له. فنقول: إذا تبين أنا نعرف ما قد عرف من استدارة الأفلاك علم أن المنكر له مخالف لجميع الأدلة لكن المتوقف في ذلك قبل البيان فعل الواجب وكذلك من لم يزل يستفيد ذلك من جهة لا يثق بها.هذا وصلّ اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=32868