محمد الفاريابي
09-21-2011, 03:59 AM
الشيخ محمد صالح العثيمين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واعلموا أن الله خلقكم لعبادته كما قال الله عزَّ وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: 56-58]، وقد بيَّن الله لكم طريق عبادته ومَنَّ عليكم بمواسم الخير تتكرّر عليكم وتتوالى بِما فيها من الفضائل والمكارم وعظيم الأجور، فعظّموا - رحمكم الله - هذه المواسم واقْدروها حق قَدْرها بفعل الطاعات والقُرُبات واجتناب المعاصي والموبقات؛ فإن الله لم يجعل هذه المواسم إلا لتكفير سيئاتكم، وزيادة حسناتكم، ورفعة درجاتكم .
أيها الناس، إن من المواسم العظيمة التي ينبغي للإنسان أن ينتهز فرصها بطاعة الله ذلكم الشهر الكريم ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ﴾ [البقرة: 185]، شهر الخير والبركات والرحمة، هذا الشهر جعله الله تعالى ميدانًا للتسابق إلى الخيرات؛ فإنه شهر تُضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات، «جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليلِهِ تطوّعًا لتكميل فرائضكم»(1)، «مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»(2)، «ومَن قامه إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»(3)، «ومَن أتى فيه بعمرة كان كمَن أتى بحجة»(4)، «فيه تُفتح أبواب الجنة وتكثر الطاعات من أهل الإيمان، وتُغلق أبواب النار فَتَقِلُّ المعاصي من أهل الخير، وتُغَلُّ فيه الشياطين فلا يخلصون إلى أهل الإيمان بمثل ما يخلصون إليهم في غيره»(5) .
أيها الناس، «صوموا لرؤية هلال رمضان»(6) ولا تقدَّموا عليه بصوم يوم أو يومين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقدَّموا رمضان بصوم يوم أو يومين»(7) إلا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان الماضي فلْيقضِه، أو كان له عادة بصوم فلْيصمْه، فإذا كان للإنسان عادة أن يصوم يوم الإثنين وصادَف أن يكون قبل رمضان بيوم أو يومين فلا حرج عليه أن يصومه، وكذلك مَن كان يصوم من الشهر ثلاثة أيام فلم يتيسّر له أن يصومها إلا في آخر شعبان فلا حرج عليه في ذلك .
ولا تصوموا يوم الشك وهو: يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في ليلته ما يمنع رؤية الهلال من غيم أو قتر، ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصوموا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»(8)، ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين»(9)، وقال عمّار بن ياسر رضي الله عنه: «مَن صام اليوم الذي يُشكّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم»(10)، ومَن رأى الهلال يقينًا فلْيخبر به ولاة الأمور ولا يكتمه، وإذا أُعلن في الإذاعة السعودية ثبوت رمضان فصوموا، وإذا أُعلن فيها ثبوت شوال فأفطروا؛ لأن الإعلان من جهة ولاة الأمور حكمٌ بذلك .
جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه رأى الهلال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأذّن في الناس يا بلال أن يصوموا غدًا»(11) .
وصوم رمضان أحدُ أركان الإسلام فرَضَه الله على عباده، فمَن أنكر فرضيّته وقال: إني مُخيّر بين الصوم وعدم الصوم فهو كافرٌ مرتدّ؛ لأنه مكذبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال الله عزَّ وجل: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185]، «فالصوم واجب على كل مسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ، قادرٍ، مقيمٍ، ذكرًا كان أم أنثى»(م1) «غير الحائض والنفساء»(12)، «فلا يجب الصوم على كافر، فلو أسْلَمَ في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما مضى، ولو أسْلَمَ في أثناء اليوم من رمضان أمسكَ بقية اليوم ولم يلزمه قضاؤه»(م2)، ولا يجب الصوم على صغير لم يبلغ، لكن إن كان لا يشق عليه أُمِرَ به ليعتاده «فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يُصوِّمون أولادهم الصغار حتى إن الصبي ليبكي من الجوع فيعطونه لعبةً يتلهّى بها إلى الغروب»(13) .
«ويحصل بلوغ الصغير إن كان ذكرًا بواحد من أمور ثلاثة:
أن يتم له خمس عشرة سنة، أو تنبت عانته، أو يُنزل منيًّا بشهوة باحتلام أو غيره، وتزيد الأنثى بأمر رابع وهو: الحيض، فمتى حصل للصغير واحد من هذه الأمور فقد بلغ ولزمته فرائض الله وغيرها من أحكام التكليف إذا كان عاقلاً»(14).
وهنا نقف لنُنَبِّهَكم على أن بعض النساء تبلغ بالحيض وهي صغيرة، فقد تحيض لإحدى عشر سنة ولكنّها لا تصوم إما لجهلها أو لجهل أهلها؛ وعلى هذا فيجب البحث عن هذا الأمر ونشره بين الناس حتى يُعرف؛ لأن السؤال عنه كثير؛ فإن بعض النساء تحيض وهي في الحادية عشرة أو في الثانية عشرة وتظن هي أو أهلها أنه لا يجب عليها الصوم حتى تبلغ خمس عشرة سنة وهذا خطأ، فمتى حاضت ولو لتسع سنين وجبَ عليها الصوم؛ لأنها صارت مكلّفة .
«ولا يجب الصوم على مَن لا عقل له كالمجنون والمعتوه ونحوهما؛ وعلى هذا فالـمُهذري لا يلزمه الصوم ولا الإطعام عنه ولا الطهارة ولا الصلاة؛ لأنه فاقد للتمييز فهو بمنزلة الطفل، ولا يجب الصوم على مَن يعجز عنه عجزًا دائمًا كالكبير والمريض مرضًا لا يرجى برؤه ولكنه يُطعم بدلاً عن الصيام عن كل يوم مسكينًا بعدد أيام الشهر، لكل مسكين خُمس صاع من البر؛ أي: أن الصاع المعروف عندنا هنا يكفي لخمسة فقراء عن خمسة أيام، والأحسن أن يُجعل مع الطعام شيءٌ يأدمه من لحم أو دهن، ويجزئ عن البر الرز بل هو خير منه في بعض الأحوال، وأما المريض بمرض يرجى برؤه فإن كان الصوم لا يشقّ عليه ولا يضرّه وجبَ عليه أن يصوم؛ لأنه لا عذر له، وإن كان الصوم يشقّ عليه ولا يضرّه فإنه يُفطر ويُكْرَه له أن يصوم، وإن كان الصوم يضرّه فإنه يَحرم عليه أن يصوم، ومتى برئ من مرضه قضى ما أفطر، فإن مات قبل برئه فلا شيء عليه، والمرأة الحامل التي يشقّ عليها الصوم لضعفها أو ثقل حملها يجوز لها أن تُفطر ثم تقضي إن تيسّر لها القضاء قبل وضع الحمل أو بعده إذا طهرت من النفاس، والمرضع التي يشقّ عليها الصوم من أجل الرضاع أو ينقص لبنها بالصوم نقصًا يُخِلُّ بتغذية الولد تفطر ثم تقضي في أيام لا مشقّة فيها ولا نقص على الولد»(م3).
«وأما المسافر فإن قصد بسفره التحيّل على الفطر فالفطر حرامٌ عليه ويجب عليه الصوم حتى في سفره؛ لأن هذا سفر لا تستباح به الرخص، وإن لم يقصد بسفره التحيّل على الفطر فهو مُخيّر إن شاء صام وإن شاء أفطر وقضى عدد الأيام التي أفطر، والأفضل له فعل الأسهل عليه»(15) «فإن تساوى عنده الصوم والفطر فالصوم أفضل»(16)؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه أسرع في إبراء ذمته؛ ولأنه أخفّ من القضاء غالبًا، فإن كان الصوم يشقّ عليه بسبب السفر كُرِهَ له أن يصوم، وإن عظمت المشقة واشتدت حَرُم أن يصوم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فقيل له: إن الناس قد شقَّ عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء بعد العصر فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب والناس ينظرون، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: «أولئك العصاة أولئك العصاة»(17) .
أيها المسلمون، أَتَدْرون متى كان سفر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا ؟
إنه كان سفره في فتح مكة، وقد فتحها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الشهر، قيل: في اليوم العشرين من الشهر وبقي مفطرًا في مكة؛ عشرة أيام بقيّة الشهر لم يصم صلى الله عليه وسلم؛ وبهذا نعرف أن ما يتكلّفه بعض الناس إذا ذهبوا للعمرة تجد الصوم يشقّ عليهم في مكة ومع ذلك يصومون وهذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فواللهِ ما هم أشد حبًّا للطاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا هم أكمل هديًا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يصم في مكة في العشر الأواخر من رمضان بل ترك الصوم؛ لأن الفطر كان في ذلك الوقت أيسر له؛ وعلى هذا فإذا وصل الإنسان إلى مكة وهو معتمر وكان يشقّ عليه أن يؤدّي العمرة وهو صائم قلنا له: أفطرْ ولو في أثناء اليوم وأدِّ العمرة براحة، وقد وسَّع الله عليك، فلا تشقّ على نفسك .
أيها المسلمون، «إنه لا فرقَ في المسافر بين أن يكون سفره عارضًا لحاجة أو مستمرًّا في غالب الأحيان، مثل: أصحاب سيارات الأجرة «التكاسي» أو غيرها من السيارات الكبيرة فإنهم متى خرجوا من بلدهم فهم مسافرون يجوز لهم ما يجوز للمسافرين الآخرين من الفطر في رمضان، وقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء عند الحاجة، والفطر لهم أفضل من الصيام إذا كان الفطر أسهل لهم ويقضونه في أيام الشتاء؛ لأن أصحاب هذه السيارات لهم بلد ينتمون إليها وأهل فيها يأوون إليهم، فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون، وإذا خرجوا منها فهم مسافرون، لهم ما للمسافرين وعليهم ما على المسافرين، ومَن سافر في أثناء اليوم في رمضان وهو صائم فالأفضل أن يُتمّ صومه، فإن وجد مشقة فلْيفطر ثم يقضه بعد ذلك، ولا يتقيّد السفر بزمن، فمتى خرج من بلده مسافرًا فهو على سفر حتى يرجع إلى بلده ولو أقام مدَّةً طويلة إلا أن يقصد بتطويل مدّة الإقامة التحيّل على الفطر فإنه يحرم عليه الفطر ويلزمه الصوم؛ لأن فرائض الله لا تسقط بالتحيّل عليها»(18).
«ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء ولا يصح منهما»(19) «إلا أن تطهرا قبل الفجر ولو بلحظة فيجب عليهما الصيام ويصح منهما وإن لم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر، ويلزمهما قضاء ما أفطرتاه من الأيام»(20) .
أيها المسلمون، هذه جملة من أحكام الصوم، وإذا كان الناس في رمضان يصومون ويقومون فإن من المهم أن تبيَّن أحكام القيام في هذا الشهر المبارك، فلقد رغّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام هذا الشهر وقال: «مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تقدّم من ذنبه»(21) وإن صلاة التراويح من قيام رمضان فأقيموها وأحسنوها وقوموا مع إمامكم حتى ينصرف؛ «فإن مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة»(22) تامَّة وإن كان نائمًا على فراشه .
وإن على الأئمة أن يتَّقوا الله - عزَّ وجل - في هذه التراويح فيراعوا مَن خلفهم ويُحسنوا الصلاة لهم فيقيموها بتأنٍ وطمأنينة ولا يسرعوا فيها فيحرموا أنفسهم ومَن وراءهم الخير، أو ينقروها نقرَ الغراب لا يطمئنون في ركوعها ولا سجودها ولا قيامها ولا قعودها .
إن على الأئمة ألا يكون هَمُّ الواحد منهم أن يخرج قبل الناس أو أن يُكثر عدد التسليمات دون إحسان الصلاة؛ فإن الله يقول: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [الملك: 2]، ولم يقل: أيّكم أسرع نهاية أو أكثر عملاً بلا إحسان، وقد كان نبيّكم - صلى الله عليه وسلم - وهو أحرص الناس على الخير والأسوة الحسنة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر، «كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة لا في رمضان ولا في غيره»(23) ولكنه يُطيل ذلك، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة»(24)، فمَن صلى التراويح إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة فلا حرج عليه، وقد صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قام بأصحابه في رمضان ثم ترك ذلك خشية أن تُفرض على الناس فيعجزوا عنها»(25) «وصَحَّ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر أُبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما في الناس بإحدى عشرة ركعة»(26)، فهذا العدد الذي قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - وواظب عليه واتَّبعه فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أفضل عدد تُصلى به التراويح، ولكن ينبغي أن يُطيل الإنسان فيها حتى يتمكّن الناس من الدعاء، ولو زاد الإنسان على هذا العدد رغبةً في الزيادة لا رغبةً عن السنَّة لم يُنكَر عليه لِوُرُود ذلك عن بعض السلف وإنما المنكر الإسراع الفاحش الذي يفعله بعض الأئمة فيفوّت الخير على نفسه وعلى مَن خلفه .
اللهم إنَّا نسألك أن توفِّقنا جميعًا لاغتنام الأوقات بالطاعات، وأن تحمينا من فعل المنكرات والسيئات، اللهم اهدنا صراطك المستقيم وجنِّبنا صراط أصحاب الجحيم، اللهم اجعلنا مِمَّن يصوم رمضان ويقومه إيمانًا بك واحتسابًا لثوابك؛ إنك جوادٌ كريم .
والحمدُ لله رب العالمين، وأصلي وأسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده له الخلاق الكريم الأكرم، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى .
عباد الله، إنكم في هذه الأيام تستقبلون عامًا دراسيًّا جديدًا، وإن الإنسان لا يكون إنسانًا ولا يرتقي إلى الإنسانية الحقّة إلا إذا كان لديه علْم نافع يهتدي به في عبادته، ومعاملاته في معاملته مع ربه، ومعاملته مع خلقه .
أيها الناس، احرصوا على العلم من أول دراستكم؛ حتى لا تنفرط عليكم الأيام وحتى لا تجتمع عليكم العلوم في آخر العام وحينئذٍ تمرّون بها من أجل الاختبار فقط مرورًا سريعًا لا يرسخ في قلوبكم .
تعلّموا العلم؛ «فإن الله تعالى يرفع بالعلم أقوامًا ويضع به آخرين»(27)، مَن تعلّم العلْم فعمل بِما علم ورثه الله تعالى علم ما لم يعلم، ورفعه الله تعالى درجات، ومَن تعلّم العلْم الشرعي فنبذه وراء ظهره؛ فإن الله تعالى ينكث عليه أمره، ويكون علْمه عليه وبالاً؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «القرآن حجة لك أو عليك»(28)، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن دائرًا بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن يكون لك وإما أن يكون عليك، فمتى يكون لك ومتى يكون عليك ؟
يكون لك إذا أنت قمت بأوامره واجتنبت نواهيه، وصدّقت بأخباره، وتلوته ترجو بذلك ثواب الله عزَّ وجل؛ فإن في كل حرف من القرآن حسنة، بل في كل حسنة عشر حسنات، ويكون حجة عليك إذا أنت ولَّيته ظهرك ولم تمتثل أمره، ولم تجتنب نهيه، ولم تصدق بخبره وتركته وراءك ظهريًّا .
أيها المسلمون، تعلّموا العلْم واعملوا بِما علمتم؛ فإن ذلك نور تهتدون به في الدنيا والآخرة، واعلموا أن الإنسان إذا استقبل العلم بجدٍّ ونشاط مع إخلاص النيَّة لله عزَّ وجل، وتعليم الناس ما جهلوه من العلم، والدعوة إلى الله تعالى بعلمه على بصيرة، اعلموا أنه يكون بذلك وارث الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام؛ لأن«الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا»(29) كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فإن الأنبياء لا يورثون ما تركوا من المال بل ما تركوه يكون صدقة في سبيل الله - عزَّ وجل - فيما يقرّب إلى الله تعالى، ولكنهم ورثوا ما هو أهم من المال، وأعم نفعًا، وأكثر شمولاً، أَلا وهو: العلْم الذي جاؤوا به من عند الله، إما في كلام الله عزَّ وجل، أو فيما أوحاه إليهم من السنَّة النبويّة .
أيها المسلمون، تعلَّموا العلْم واعملوا به، وادعوا الناس به، وكونوا من الذين قال الله فيهم: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: 33] .
عباد الله، اعلموا أن «خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة»(30)، «وكل ضلالة في النار»(31)، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلّ من قائل عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56] .
اللهم صلِّ وسلّم وبارِك على عبدك ونبيّك محمد، اللهم ارزقنا محبّته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنّات النّعيم مع الذي أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ عن أولاده الغُرّ الميامين، وعن زوجاته أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم ارضَ عنَّا معهم وأصْلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين .
اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين الذي يجاهدون في سبيلك بألسنتهم والدعوة إليك، اللهم انصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك بأموالهم وأنفسهم يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك في مقامنا هذا ونحن في انتظار فريضة من فرائضك، اللهم إنَّا نسألك أن تجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاك يا رب العالمين .
اللهم إنّا نسألك أن تولي على المسلمين خيارهم، اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، اللهم مَن كان من ولاة أمور المسلمين صغيرهم وكبيرهم غير قائم بأمرك ولا ناصح لخلقه فاهده إلى الحق أو أبدله بخير منه يا رب العالمين .
اللهم مَن أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، وشتِّت شمله، وفرِّق جمعه، واهزم جنده، وأذقه الذلّ والخزي والعار يا رب العالمين .
اللهم مَن أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، وشتِّت شمله، وفرِّق جمعه، واهزم جنده، وأذقه الذلّ والعار في الدنيا والآخرة يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك أن تتقبّل منّا إنك أنت السميع العليم، اللهم تقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم، اللهم تقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيد .
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيد .
------------------------
(1) أخرجه ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه في الجزء [3] الصفحة [192]، من حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، رقم [1887]، وأخرجه البيهقي -رحمه الله تعالى- في [شعب الإيمان] في الجزء [3] الصفحة [305]، من حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، رقم [3608] ت م ش، رواه الحارث في مسنده [زوائد الهيثمي] الجزء [1] الصفحة [412] .
(2) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] في باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [37]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1268] ت ط ع .
(3) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] باب: تطوّع قيام رمضان من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [36]، وأخرجه أيضًا في كتاب [صلاة التراويح] باب: فضل مَن قام رمضان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1869] ت ط ع .
(4) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] باب: عمرة في رمضان، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، رقم [1657]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] باب: فضل العمرة في رمضان، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، رقم [2202] ت ط ع .
(5) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، رقم [22393]، وأخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [الصيام] باب: فضل شهر رمضان، من حديث أبي هريرة، رقم [2070]، ومن حديث عتبة بن فرقد رضي الله تعالى عنهما، رقم [2080] ت ط ع .
(6) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا» . الباب رقم [1776]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، رقم [1809] ت ط ع .
(7) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: لا يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، رقم [1781]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، رقم [1812] ت ط ع .
(8) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا» رقم [1774] ت ط ع .
(9) سبق تخريجه في الحديث السابق حديث [6] في نفس الصفحة، الحديث متّفق عليه .
(10) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث عمّار بن ياسر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في كراهية صوم يوم الشك، رقم [622] وقال: حديث حسن صحيح، ت ط ع .
(11) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في الصوم بالشهادة، رقم [627]، وأخرجه النسائي برقم [2086]، وأبو داوود برقم [1993]، وابن ماجة برقم [1642]، والدارمي برقم [1630] ت ط ع .
(12) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الحيض] باب: ترك الحائض الصوم، رقم [293]، وأخرجه في كتاب [الصوم] باب: الحائض تترك الصوم والصلاة، رقم [1815]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الإيمان] باب: نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة من الحقوق، رقم [114] ت ط ع .
(13) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: صوم الصبيان، من حديث الربيع بنت مسعود رضي الله تعالى عنها، رقم [1824]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: مَن أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه، من حديث الربيع بنت مسعود رضي الله تعالى عنها، رقم [1919] ت ط ع .
(14) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الشهادات] باب: بلوغ الصبيان وشهادتهم، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [2470]، وأخرجه أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الحيض] باب: ترك الحائض الصوم، رقم [293]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإمارة] باب: بيان سن البلوغ، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [3473]، وأخرجه من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الإيمان] باب: نقصان الإيمان بنقصان الطاعات، رقم [114]، وأخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأحكام] باب: ما جاء في حد بلوغ الرجال والمرأة، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [1281] ت ط ع، وانظر إليه في [الإنصاف] الجزء [5] الصفحة [320]، وانظر إليه في [الإقناع] الجزء [2] الصفحة [221] .
(15) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: لم يعب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، رقم [1811]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفر مرحلتين فأكثر وإن الأفضل لِمَن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولِمَن يشق عليه أن يفطر، من حديث أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، [1882-1884-1885] كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1892] ت ط ع .
(16) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم]، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1809]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1892-1893] ت ط ع .
(17) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفر مرحلتين فأكثر وإن الأفضل لِمَن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولِمَن يشق عليه أن يفطر، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، رقم [1878] ت ط ع .
(18) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [المغازي] باب: غزوة الفتح في رمضان، رقم [3940] ت ط ع .
(19) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الحي] باب: ترك الحائض الصوم، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، رقم [293]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الإيمان] باب: نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، رقم [114] ت ط ع .
(20) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الحيض] باب: لا تقضي الحائض الصلاة، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وقال جابر بن عبد الله وأبو سعيد -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تدع الصلاة»، رقم [310]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الحيض] باب: وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [508] ت ط ع .
(21) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [37]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1268] ت ط ع .
(22) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] باب: تطوّع قيام رمضان من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [36]، وأخرجه أيضًا في كتاب [صلاة التراويح] باب: فضل مَن قام رمضان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1869] ت ط ع .
(23) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة التراويح] باب: فضل مَن قام رمضان، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1784]، وفي رواية أخرى للبخاري في كتاب [الصيام] باب: الضجع على الشق الأيمن، رقم [5835]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1215] ت ط ع .
(24) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الجمعة] باب: كيف كان صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، رقم [1070] ت ط ع .
(25) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] رقم [872]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، رقم [1270-1271]، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، ت ط ع .
(26) أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ] في كتاب [النداء للصلاة] باب: ما جاء في قيام رمضان، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، رقم [232] ت ط ع .
(27) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: فضل مَن يقوم بالقرآن ويعلمه وفضل مَن تعلم حكمة من فقه أو غيره فعمل بها وعلمها، من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، رقم [1353] .
(28) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الطهارة] باب: فضل الوضوء، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه، رقم [328] .
(29) أخرجه الإمام البخاري في كتاب [العلم] باب: العلم قبل القول والعمل، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في كتاب [المقدمة] باب: فضل العلم والعالِم، رقم [346]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسند الأنصار، رقم [20723]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في كتب [المقدمة] باب: فضل العلم والحث على طلب العلم، رقم [219]، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه .
(30) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الجمعة] باب: تخفيف الصلاة والخطبة، من حديث جابر بن عبد الله تعالى عنه، رقم [1435] .
(31) أخرجه النسائي -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة العيدين] باب: كيف الخطبة، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، رقم [1560] .
(م1) انظر إلى هذه المسألة والدليل عليها في كتاب [مجالس شهر رمضان] لسماحة الوالد فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- في المجلس السادس .
(م2) انظر إلى حكم هذه المسائل المذكرة من أول صفحة [3] إلى صفحة [4] في كتاب [مجالس شهر رمضان] لسماحة الوالد شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- من أول المجلس السادس إلى نهاية المجلس الثامن، وفّق الله الجميع لِما يحبه ويرضاه .
(م3) انظر إلى حكم هذه المسائل المذكرة من أول صفحة [3] إلى صفحة [4] في كتاب [مجالس شهر رمضان] لسماحة الوالد شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- من أول المجلس السادس إلى نهاية المجلس الثامن . وفَّق الله الجميع لِما يحبه ويرضاه .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلّ له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واعلموا أن الله خلقكم لعبادته كما قال الله عزَّ وجل: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ [الذاريات: 56-58]، وقد بيَّن الله لكم طريق عبادته ومَنَّ عليكم بمواسم الخير تتكرّر عليكم وتتوالى بِما فيها من الفضائل والمكارم وعظيم الأجور، فعظّموا - رحمكم الله - هذه المواسم واقْدروها حق قَدْرها بفعل الطاعات والقُرُبات واجتناب المعاصي والموبقات؛ فإن الله لم يجعل هذه المواسم إلا لتكفير سيئاتكم، وزيادة حسناتكم، ورفعة درجاتكم .
أيها الناس، إن من المواسم العظيمة التي ينبغي للإنسان أن ينتهز فرصها بطاعة الله ذلكم الشهر الكريم ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ﴾ [البقرة: 185]، شهر الخير والبركات والرحمة، هذا الشهر جعله الله تعالى ميدانًا للتسابق إلى الخيرات؛ فإنه شهر تُضاعف فيه الحسنات وتعظم فيه السيئات، «جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليلِهِ تطوّعًا لتكميل فرائضكم»(1)، «مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»(2)، «ومَن قامه إيمانًا واحتسابًا غفرَ الله له ما تقدّم من ذنبه»(3)، «ومَن أتى فيه بعمرة كان كمَن أتى بحجة»(4)، «فيه تُفتح أبواب الجنة وتكثر الطاعات من أهل الإيمان، وتُغلق أبواب النار فَتَقِلُّ المعاصي من أهل الخير، وتُغَلُّ فيه الشياطين فلا يخلصون إلى أهل الإيمان بمثل ما يخلصون إليهم في غيره»(5) .
أيها الناس، «صوموا لرؤية هلال رمضان»(6) ولا تقدَّموا عليه بصوم يوم أو يومين؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تقدَّموا رمضان بصوم يوم أو يومين»(7) إلا إذا كان على الإنسان قضاء من رمضان الماضي فلْيقضِه، أو كان له عادة بصوم فلْيصمْه، فإذا كان للإنسان عادة أن يصوم يوم الإثنين وصادَف أن يكون قبل رمضان بيوم أو يومين فلا حرج عليه أن يصومه، وكذلك مَن كان يصوم من الشهر ثلاثة أيام فلم يتيسّر له أن يصومها إلا في آخر شعبان فلا حرج عليه في ذلك .
ولا تصوموا يوم الشك وهو: يوم الثلاثين من شعبان إذا كان في ليلته ما يمنع رؤية الهلال من غيم أو قتر، ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تصوموا حتى تروه فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»(8)، ومن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن غُبِّي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين»(9)، وقال عمّار بن ياسر رضي الله عنه: «مَن صام اليوم الذي يُشكّ فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم»(10)، ومَن رأى الهلال يقينًا فلْيخبر به ولاة الأمور ولا يكتمه، وإذا أُعلن في الإذاعة السعودية ثبوت رمضان فصوموا، وإذا أُعلن فيها ثبوت شوال فأفطروا؛ لأن الإعلان من جهة ولاة الأمور حكمٌ بذلك .
جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره أنه رأى الهلال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «أَتَشْهَدُ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله ؟ قال: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فأذّن في الناس يا بلال أن يصوموا غدًا»(11) .
وصوم رمضان أحدُ أركان الإسلام فرَضَه الله على عباده، فمَن أنكر فرضيّته وقال: إني مُخيّر بين الصوم وعدم الصوم فهو كافرٌ مرتدّ؛ لأنه مكذبٌ لله ورسوله وإجماع المسلمين، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال الله عزَّ وجل: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة: 185]، «فالصوم واجب على كل مسلمٍ، بالغٍ، عاقلٍ، قادرٍ، مقيمٍ، ذكرًا كان أم أنثى»(م1) «غير الحائض والنفساء»(12)، «فلا يجب الصوم على كافر، فلو أسْلَمَ في أثناء رمضان لم يلزمه قضاء ما مضى، ولو أسْلَمَ في أثناء اليوم من رمضان أمسكَ بقية اليوم ولم يلزمه قضاؤه»(م2)، ولا يجب الصوم على صغير لم يبلغ، لكن إن كان لا يشق عليه أُمِرَ به ليعتاده «فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - يُصوِّمون أولادهم الصغار حتى إن الصبي ليبكي من الجوع فيعطونه لعبةً يتلهّى بها إلى الغروب»(13) .
«ويحصل بلوغ الصغير إن كان ذكرًا بواحد من أمور ثلاثة:
أن يتم له خمس عشرة سنة، أو تنبت عانته، أو يُنزل منيًّا بشهوة باحتلام أو غيره، وتزيد الأنثى بأمر رابع وهو: الحيض، فمتى حصل للصغير واحد من هذه الأمور فقد بلغ ولزمته فرائض الله وغيرها من أحكام التكليف إذا كان عاقلاً»(14).
وهنا نقف لنُنَبِّهَكم على أن بعض النساء تبلغ بالحيض وهي صغيرة، فقد تحيض لإحدى عشر سنة ولكنّها لا تصوم إما لجهلها أو لجهل أهلها؛ وعلى هذا فيجب البحث عن هذا الأمر ونشره بين الناس حتى يُعرف؛ لأن السؤال عنه كثير؛ فإن بعض النساء تحيض وهي في الحادية عشرة أو في الثانية عشرة وتظن هي أو أهلها أنه لا يجب عليها الصوم حتى تبلغ خمس عشرة سنة وهذا خطأ، فمتى حاضت ولو لتسع سنين وجبَ عليها الصوم؛ لأنها صارت مكلّفة .
«ولا يجب الصوم على مَن لا عقل له كالمجنون والمعتوه ونحوهما؛ وعلى هذا فالـمُهذري لا يلزمه الصوم ولا الإطعام عنه ولا الطهارة ولا الصلاة؛ لأنه فاقد للتمييز فهو بمنزلة الطفل، ولا يجب الصوم على مَن يعجز عنه عجزًا دائمًا كالكبير والمريض مرضًا لا يرجى برؤه ولكنه يُطعم بدلاً عن الصيام عن كل يوم مسكينًا بعدد أيام الشهر، لكل مسكين خُمس صاع من البر؛ أي: أن الصاع المعروف عندنا هنا يكفي لخمسة فقراء عن خمسة أيام، والأحسن أن يُجعل مع الطعام شيءٌ يأدمه من لحم أو دهن، ويجزئ عن البر الرز بل هو خير منه في بعض الأحوال، وأما المريض بمرض يرجى برؤه فإن كان الصوم لا يشقّ عليه ولا يضرّه وجبَ عليه أن يصوم؛ لأنه لا عذر له، وإن كان الصوم يشقّ عليه ولا يضرّه فإنه يُفطر ويُكْرَه له أن يصوم، وإن كان الصوم يضرّه فإنه يَحرم عليه أن يصوم، ومتى برئ من مرضه قضى ما أفطر، فإن مات قبل برئه فلا شيء عليه، والمرأة الحامل التي يشقّ عليها الصوم لضعفها أو ثقل حملها يجوز لها أن تُفطر ثم تقضي إن تيسّر لها القضاء قبل وضع الحمل أو بعده إذا طهرت من النفاس، والمرضع التي يشقّ عليها الصوم من أجل الرضاع أو ينقص لبنها بالصوم نقصًا يُخِلُّ بتغذية الولد تفطر ثم تقضي في أيام لا مشقّة فيها ولا نقص على الولد»(م3).
«وأما المسافر فإن قصد بسفره التحيّل على الفطر فالفطر حرامٌ عليه ويجب عليه الصوم حتى في سفره؛ لأن هذا سفر لا تستباح به الرخص، وإن لم يقصد بسفره التحيّل على الفطر فهو مُخيّر إن شاء صام وإن شاء أفطر وقضى عدد الأيام التي أفطر، والأفضل له فعل الأسهل عليه»(15) «فإن تساوى عنده الصوم والفطر فالصوم أفضل»(16)؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه أسرع في إبراء ذمته؛ ولأنه أخفّ من القضاء غالبًا، فإن كان الصوم يشقّ عليه بسبب السفر كُرِهَ له أن يصوم، وإن عظمت المشقة واشتدت حَرُم أن يصوم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان فقيل له: إن الناس قد شقَّ عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت، فدعا صلى الله عليه وسلم بقدح من ماء بعد العصر فرفعه حتى نظر الناس إليه ثم شرب والناس ينظرون، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: «أولئك العصاة أولئك العصاة»(17) .
أيها المسلمون، أَتَدْرون متى كان سفر النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا ؟
إنه كان سفره في فتح مكة، وقد فتحها النبي - صلى الله عليه وسلم - في أثناء الشهر، قيل: في اليوم العشرين من الشهر وبقي مفطرًا في مكة؛ عشرة أيام بقيّة الشهر لم يصم صلى الله عليه وسلم؛ وبهذا نعرف أن ما يتكلّفه بعض الناس إذا ذهبوا للعمرة تجد الصوم يشقّ عليهم في مكة ومع ذلك يصومون وهذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، فواللهِ ما هم أشد حبًّا للطاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا هم أكمل هديًا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لم يصم في مكة في العشر الأواخر من رمضان بل ترك الصوم؛ لأن الفطر كان في ذلك الوقت أيسر له؛ وعلى هذا فإذا وصل الإنسان إلى مكة وهو معتمر وكان يشقّ عليه أن يؤدّي العمرة وهو صائم قلنا له: أفطرْ ولو في أثناء اليوم وأدِّ العمرة براحة، وقد وسَّع الله عليك، فلا تشقّ على نفسك .
أيها المسلمون، «إنه لا فرقَ في المسافر بين أن يكون سفره عارضًا لحاجة أو مستمرًّا في غالب الأحيان، مثل: أصحاب سيارات الأجرة «التكاسي» أو غيرها من السيارات الكبيرة فإنهم متى خرجوا من بلدهم فهم مسافرون يجوز لهم ما يجوز للمسافرين الآخرين من الفطر في رمضان، وقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، والجمع بين الظهر والعصر أو بين المغرب والعشاء عند الحاجة، والفطر لهم أفضل من الصيام إذا كان الفطر أسهل لهم ويقضونه في أيام الشتاء؛ لأن أصحاب هذه السيارات لهم بلد ينتمون إليها وأهل فيها يأوون إليهم، فمتى كانوا في بلدهم فهم مقيمون، وإذا خرجوا منها فهم مسافرون، لهم ما للمسافرين وعليهم ما على المسافرين، ومَن سافر في أثناء اليوم في رمضان وهو صائم فالأفضل أن يُتمّ صومه، فإن وجد مشقة فلْيفطر ثم يقضه بعد ذلك، ولا يتقيّد السفر بزمن، فمتى خرج من بلده مسافرًا فهو على سفر حتى يرجع إلى بلده ولو أقام مدَّةً طويلة إلا أن يقصد بتطويل مدّة الإقامة التحيّل على الفطر فإنه يحرم عليه الفطر ويلزمه الصوم؛ لأن فرائض الله لا تسقط بالتحيّل عليها»(18).
«ولا يجب الصوم على الحائض والنفساء ولا يصح منهما»(19) «إلا أن تطهرا قبل الفجر ولو بلحظة فيجب عليهما الصيام ويصح منهما وإن لم تغتسلا إلا بعد طلوع الفجر، ويلزمهما قضاء ما أفطرتاه من الأيام»(20) .
أيها المسلمون، هذه جملة من أحكام الصوم، وإذا كان الناس في رمضان يصومون ويقومون فإن من المهم أن تبيَّن أحكام القيام في هذا الشهر المبارك، فلقد رغّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قيام هذا الشهر وقال: «مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفرَ له ما تقدّم من ذنبه»(21) وإن صلاة التراويح من قيام رمضان فأقيموها وأحسنوها وقوموا مع إمامكم حتى ينصرف؛ «فإن مَن قام مع الإمام حتى ينصرف كُتب له قيام ليلة»(22) تامَّة وإن كان نائمًا على فراشه .
وإن على الأئمة أن يتَّقوا الله - عزَّ وجل - في هذه التراويح فيراعوا مَن خلفهم ويُحسنوا الصلاة لهم فيقيموها بتأنٍ وطمأنينة ولا يسرعوا فيها فيحرموا أنفسهم ومَن وراءهم الخير، أو ينقروها نقرَ الغراب لا يطمئنون في ركوعها ولا سجودها ولا قيامها ولا قعودها .
إن على الأئمة ألا يكون هَمُّ الواحد منهم أن يخرج قبل الناس أو أن يُكثر عدد التسليمات دون إحسان الصلاة؛ فإن الله يقول: ﴿لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [الملك: 2]، ولم يقل: أيّكم أسرع نهاية أو أكثر عملاً بلا إحسان، وقد كان نبيّكم - صلى الله عليه وسلم - وهو أحرص الناس على الخير والأسوة الحسنة لِمَن كان يرجو الله واليوم الآخر، «كان لا يزيد على إحدى عشرة ركعة لا في رمضان ولا في غيره»(23) ولكنه يُطيل ذلك، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة»(24)، فمَن صلى التراويح إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة ركعة فلا حرج عليه، وقد صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قام بأصحابه في رمضان ثم ترك ذلك خشية أن تُفرض على الناس فيعجزوا عنها»(25) «وصَحَّ عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أمر أُبي بن كعب وتميم الداري أن يقوما في الناس بإحدى عشرة ركعة»(26)، فهذا العدد الذي قام به النبي - صلى الله عليه وسلم - وواظب عليه واتَّبعه فيه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - هو أفضل عدد تُصلى به التراويح، ولكن ينبغي أن يُطيل الإنسان فيها حتى يتمكّن الناس من الدعاء، ولو زاد الإنسان على هذا العدد رغبةً في الزيادة لا رغبةً عن السنَّة لم يُنكَر عليه لِوُرُود ذلك عن بعض السلف وإنما المنكر الإسراع الفاحش الذي يفعله بعض الأئمة فيفوّت الخير على نفسه وعلى مَن خلفه .
اللهم إنَّا نسألك أن توفِّقنا جميعًا لاغتنام الأوقات بالطاعات، وأن تحمينا من فعل المنكرات والسيئات، اللهم اهدنا صراطك المستقيم وجنِّبنا صراط أصحاب الجحيم، اللهم اجعلنا مِمَّن يصوم رمضان ويقومه إيمانًا بك واحتسابًا لثوابك؛ إنك جوادٌ كريم .
والحمدُ لله رب العالمين، وأصلي وأسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده له الخلاق الكريم الأكرم، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى .
عباد الله، إنكم في هذه الأيام تستقبلون عامًا دراسيًّا جديدًا، وإن الإنسان لا يكون إنسانًا ولا يرتقي إلى الإنسانية الحقّة إلا إذا كان لديه علْم نافع يهتدي به في عبادته، ومعاملاته في معاملته مع ربه، ومعاملته مع خلقه .
أيها الناس، احرصوا على العلم من أول دراستكم؛ حتى لا تنفرط عليكم الأيام وحتى لا تجتمع عليكم العلوم في آخر العام وحينئذٍ تمرّون بها من أجل الاختبار فقط مرورًا سريعًا لا يرسخ في قلوبكم .
تعلّموا العلم؛ «فإن الله تعالى يرفع بالعلم أقوامًا ويضع به آخرين»(27)، مَن تعلّم العلْم فعمل بِما علم ورثه الله تعالى علم ما لم يعلم، ورفعه الله تعالى درجات، ومَن تعلّم العلْم الشرعي فنبذه وراء ظهره؛ فإن الله تعالى ينكث عليه أمره، ويكون علْمه عليه وبالاً؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «القرآن حجة لك أو عليك»(28)، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن دائرًا بين أمرين لا ثالث لهما: إما أن يكون لك وإما أن يكون عليك، فمتى يكون لك ومتى يكون عليك ؟
يكون لك إذا أنت قمت بأوامره واجتنبت نواهيه، وصدّقت بأخباره، وتلوته ترجو بذلك ثواب الله عزَّ وجل؛ فإن في كل حرف من القرآن حسنة، بل في كل حسنة عشر حسنات، ويكون حجة عليك إذا أنت ولَّيته ظهرك ولم تمتثل أمره، ولم تجتنب نهيه، ولم تصدق بخبره وتركته وراءك ظهريًّا .
أيها المسلمون، تعلّموا العلْم واعملوا بِما علمتم؛ فإن ذلك نور تهتدون به في الدنيا والآخرة، واعلموا أن الإنسان إذا استقبل العلم بجدٍّ ونشاط مع إخلاص النيَّة لله عزَّ وجل، وتعليم الناس ما جهلوه من العلم، والدعوة إلى الله تعالى بعلمه على بصيرة، اعلموا أنه يكون بذلك وارث الأنبياء الكرام عليهم الصلاة والسلام؛ لأن«الأنبياء لم يورثوا درهمًا ولا دينارًا»(29) كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك فإن الأنبياء لا يورثون ما تركوا من المال بل ما تركوه يكون صدقة في سبيل الله - عزَّ وجل - فيما يقرّب إلى الله تعالى، ولكنهم ورثوا ما هو أهم من المال، وأعم نفعًا، وأكثر شمولاً، أَلا وهو: العلْم الذي جاؤوا به من عند الله، إما في كلام الله عزَّ وجل، أو فيما أوحاه إليهم من السنَّة النبويّة .
أيها المسلمون، تعلَّموا العلْم واعملوا به، وادعوا الناس به، وكونوا من الذين قال الله فيهم: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [فصلت: 33] .
عباد الله، اعلموا أن «خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشرّ الأمور محدثاتها، وكل محدثة في دين الله بدعة، وكل بدعة ضلالة»(30)، «وكل ضلالة في النار»(31)، واعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جلّ من قائل عليمًا: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56] .
اللهم صلِّ وسلّم وبارِك على عبدك ونبيّك محمد، اللهم ارزقنا محبّته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم توفَّنا على ملّته، اللهم احشرنا في زمرته، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا به في جنّات النّعيم مع الذي أنعمت عليهم من النبيين، والصديقين، والشهداء والصالحين .
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي أفضل أتباع المرسلين، اللهم ارضَ عن أولاده الغُرّ الميامين، وعن زوجاته أمهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .
اللهم ارضَ عنَّا معهم وأصْلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين .
اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين في كل مكان، اللهم انصر المسلمين الذي يجاهدون في سبيلك بألسنتهم والدعوة إليك، اللهم انصر المسلمين الذين يجاهدون في سبيلك بأموالهم وأنفسهم يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك في مقامنا هذا ونحن في انتظار فريضة من فرائضك، اللهم إنَّا نسألك أن تجعل خير أعمارنا آخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا وأسعدها يوم نلقاك يا رب العالمين .
اللهم إنّا نسألك أن تولي على المسلمين خيارهم، اللهم ولِّ على المسلمين خيارهم، اللهم مَن كان من ولاة أمور المسلمين صغيرهم وكبيرهم غير قائم بأمرك ولا ناصح لخلقه فاهده إلى الحق أو أبدله بخير منه يا رب العالمين .
اللهم مَن أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، وشتِّت شمله، وفرِّق جمعه، واهزم جنده، وأذقه الذلّ والخزي والعار يا رب العالمين .
اللهم مَن أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره، وشتِّت شمله، وفرِّق جمعه، واهزم جنده، وأذقه الذلّ والعار في الدنيا والآخرة يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك أن تتقبّل منّا إنك أنت السميع العليم، اللهم تقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم، اللهم تقبَّل منَّا إنك أنت السميع العليم .
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيد .
اللهم بارِك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميدٌ مجيد .
------------------------
(1) أخرجه ابن خزيمة -رحمه الله تعالى- في صحيحه في الجزء [3] الصفحة [192]، من حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، رقم [1887]، وأخرجه البيهقي -رحمه الله تعالى- في [شعب الإيمان] في الجزء [3] الصفحة [305]، من حديث سلمان الفارسي رضي الله تعالى عنه، رقم [3608] ت م ش، رواه الحارث في مسنده [زوائد الهيثمي] الجزء [1] الصفحة [412] .
(2) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] في باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [37]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1268] ت ط ع .
(3) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] باب: تطوّع قيام رمضان من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [36]، وأخرجه أيضًا في كتاب [صلاة التراويح] باب: فضل مَن قام رمضان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1869] ت ط ع .
(4) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] باب: عمرة في رمضان، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، رقم [1657]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الحج] باب: فضل العمرة في رمضان، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، رقم [2202] ت ط ع .
(5) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، رقم [22393]، وأخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [الصيام] باب: فضل شهر رمضان، من حديث أبي هريرة، رقم [2070]، ومن حديث عتبة بن فرقد رضي الله تعالى عنهما، رقم [2080] ت ط ع .
(6) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا» . الباب رقم [1776]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال، رقم [1809] ت ط ع .
(7) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: لا يتقدم رمضان بصوم يوم أو يومين، رقم [1781]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين، رقم [1812] ت ط ع .
(8) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا» رقم [1774] ت ط ع .
(9) سبق تخريجه في الحديث السابق حديث [6] في نفس الصفحة، الحديث متّفق عليه .
(10) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث عمّار بن ياسر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في كراهية صوم يوم الشك، رقم [622] وقال: حديث حسن صحيح، ت ط ع .
(11) أخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في الصوم بالشهادة، رقم [627]، وأخرجه النسائي برقم [2086]، وأبو داوود برقم [1993]، وابن ماجة برقم [1642]، والدارمي برقم [1630] ت ط ع .
(12) أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الحيض] باب: ترك الحائض الصوم، رقم [293]، وأخرجه في كتاب [الصوم] باب: الحائض تترك الصوم والصلاة، رقم [1815]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الإيمان] باب: نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة من الحقوق، رقم [114] ت ط ع .
(13) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: صوم الصبيان، من حديث الربيع بنت مسعود رضي الله تعالى عنها، رقم [1824]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: مَن أكل في عاشوراء فليكف بقية يومه، من حديث الربيع بنت مسعود رضي الله تعالى عنها، رقم [1919] ت ط ع .
(14) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الشهادات] باب: بلوغ الصبيان وشهادتهم، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [2470]، وأخرجه أيضًا من حديث أبي سعيد الخدري -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الحيض] باب: ترك الحائض الصوم، رقم [293]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإمارة] باب: بيان سن البلوغ، من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [3473]، وأخرجه من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الإيمان] باب: نقصان الإيمان بنقصان الطاعات، رقم [114]، وأخرجه الإمام الترمذي -رحمه الله تعالى- في كتاب [الأحكام] باب: ما جاء في حد بلوغ الرجال والمرأة، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، رقم [1281] ت ط ع، وانظر إليه في [الإنصاف] الجزء [5] الصفحة [320]، وانظر إليه في [الإقناع] الجزء [2] الصفحة [221] .
(15) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: لم يعب أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعضهم بعضًا في الصوم والإفطار، من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، رقم [1811]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفر مرحلتين فأكثر وإن الأفضل لِمَن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولِمَن يشق عليه أن يفطر، من حديث أبي سعيد الخدري وأنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، [1882-1884-1885] كما جاء في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصيام] باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1892] ت ط ع .
(16) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم]، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1809]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: التخيير في الصوم والفطر في السفر، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، رقم [1892-1893] ت ط ع .
(17) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: جواز الصوم والفطر في شهر رمضان للمسافر في غير معصية إذا كان سفر مرحلتين فأكثر وإن الأفضل لِمَن أطاقه بلا ضرر أن يصوم ولِمَن يشق عليه أن يفطر، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، رقم [1878] ت ط ع .
(18) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [المغازي] باب: غزوة الفتح في رمضان، رقم [3940] ت ط ع .
(19) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الحي] باب: ترك الحائض الصوم، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، رقم [293]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الإيمان] باب: نقصان الإيمان بنقص الطاعات وبيان إطلاق الكفر على غير الكفر بالله ككفر النعمة والحقوق، من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، رقم [114] ت ط ع .
(20) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الحيض] باب: لا تقضي الحائض الصلاة، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، وقال جابر بن عبد الله وأبو سعيد -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «تدع الصلاة»، رقم [310]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الحيض] باب: وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [508] ت ط ع .
(21) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] باب: صوم رمضان احتسابًا من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [37]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1268] ت ط ع .
(22) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الإيمان] باب: تطوّع قيام رمضان من الإيمان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [36]، وأخرجه أيضًا في كتاب [صلاة التراويح] باب: فضل مَن قام رمضان، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [1869] ت ط ع .
(23) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة التراويح] باب: فضل مَن قام رمضان، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1784]، وفي رواية أخرى للبخاري في كتاب [الصيام] باب: الضجع على الشق الأيمن، رقم [5835]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: صلاة الليل وعدد ركعات النبي -صلى الله عليه وسلم- في الليل وأن الوتر ركعة وأن الركعة صلاة صحيحة، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، رقم [1215] ت ط ع .
(24) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الجمعة] باب: كيف كان صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- وكم كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل، من حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، رقم [1070] ت ط ع .
(25) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الجمعة] رقم [872]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: الترغيب في قيام رمضان وهو التراويح، رقم [1270-1271]، من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، ت ط ع .
(26) أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ] في كتاب [النداء للصلاة] باب: ما جاء في قيام رمضان، عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، رقم [232] ت ط ع .
(27) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة المسافرين وقصرها] باب: فضل مَن يقوم بالقرآن ويعلمه وفضل مَن تعلم حكمة من فقه أو غيره فعمل بها وعلمها، من حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، رقم [1353] .
(28) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الطهارة] باب: فضل الوضوء، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله تعالى عنه، رقم [328] .
(29) أخرجه الإمام البخاري في كتاب [العلم] باب: العلم قبل القول والعمل، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في كتاب [المقدمة] باب: فضل العلم والعالِم، رقم [346]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسند الأنصار، رقم [20723]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في كتب [المقدمة] باب: فضل العلم والحث على طلب العلم، رقم [219]، من حديث أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه .
(30) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الجمعة] باب: تخفيف الصلاة والخطبة، من حديث جابر بن عبد الله تعالى عنه، رقم [1435] .
(31) أخرجه النسائي -رحمه الله تعالى- في كتاب [صلاة العيدين] باب: كيف الخطبة، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه، رقم [1560] .
(م1) انظر إلى هذه المسألة والدليل عليها في كتاب [مجالس شهر رمضان] لسماحة الوالد فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- في المجلس السادس .
(م2) انظر إلى حكم هذه المسائل المذكرة من أول صفحة [3] إلى صفحة [4] في كتاب [مجالس شهر رمضان] لسماحة الوالد شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- من أول المجلس السادس إلى نهاية المجلس الثامن، وفّق الله الجميع لِما يحبه ويرضاه .
(م3) انظر إلى حكم هذه المسائل المذكرة من أول صفحة [3] إلى صفحة [4] في كتاب [مجالس شهر رمضان] لسماحة الوالد شيخنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله تعالى- من أول المجلس السادس إلى نهاية المجلس الثامن . وفَّق الله الجميع لِما يحبه ويرضاه .