المخلص
10-10-2010, 07:03 AM
سماحة الإمام الوالد عبد العزيز بن عبد الله بن باز : ظهر في المسلمين - ولله الحمد - في أول هذا القرن ، وفي آخر القرن الماضي دعاةٌ كثيرون للحق ، ونشاط في سبيل الدعوة إلى الله - عز وجل - ، وظهر شباب صالح حريص على التمسك بكتاب الله وسنة رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، وأيدهم في ذلك - أيضًا - من المشايخ والعلماء والأخيار شيبًا وشبابًا حتى ظهر - بحمد الله - نصرٌ لدين الله ، وحياة جديدة ضد الباطل وإن كثر أهل الباطل .
لكن مثلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) ، وهم - بحمد الله الآن - في نشاط وزيادة ، وقد انتشر في دول العالم وفي أرجاء الدنيا دعاة الحق ، وهداة الخلق ، من خريجي الجامعات الإسلامية ، والمدارس والمعاهد الإسلامية ، والحلقات الإسلامية من كل مكان ، ليَسْمَعوا الحق ويدعوا إليه ضد أهل الباطل ، وقد غاظ هذا أعداء الله ، وسبب لهم كثيرًا من النشاط في باطلهم ، والحيرة مما رأوا .
ولكن نسأل الله أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يوفق المسلمين - جميعًا شيبًا وشبابًا - للتكاتف والتعاون في نصر الحق وتأييده ، وتأييد القائمين به ، ومساعدتهم ، وأن ينصرهم - جميعًا - على أعداء الله ، وأن يعينهم على جهاد أعداء الله بالسيف والسنان ، وبالحجة والبرهان ، وأن يثبت أهل الحق على حقهم ، وأن يهدي حكام المسلمين ليقوموا بالحق وينصروه ، ويحكِّموا شريعة الله فيما بينهم حتى ينصرهم مولاهم ، وحتى يعينهم على أعدائهم ، وحتى يثبت لهم ما هم فيه من الخير ، وحتى يحميهم من مكائد أعداء الله ، إنه - عز وجل - جواد كريم .
والواجب على كل طالب علم وعلى كل عالم أينما كان أن يبذل وسعه في نصر الحق ، هذا زمانه ، وهذا زمان الدعوة ، وهذا زمان الجهاد باللسان ، ونشر الحق والدعوة إليه ، كتابةً ودعوةً وخطابةً وغير ذلك من أنواع الجهاد : بالقلم ، واللسان ، وبالعمل ، والتوجيه ، والنصائح الفردية والجماعية الخطابية ، وغيرها ، هكذا يكون الجهاد ، وهكذا يكون العالم وطالب العلم أينما كان ، في بلاده وغير بلاده ، ينشر الحق ويدعو إليه صابرًا محتسبًا ، يريد ثواب الله والدار الآخرة ، ينشره في وسائل الإعلام حيثما كان ، وحسبما يتيسر له مع التثبت والعناية بمعرفة الحق ، فإن الكلام في غير بصيرة يضر كثيرًا ، فلا بد من البصيرة ، ولا بد من العلم ، كما قال الله - سبحانه - : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ . [ يوسف : 108 ] . بل حرم القول عليه بغير علم .
فعلى العلماء والدعاة أن يتبصروا ، وأن ينطقوا بالحق ، وأن يجتهدوا في هزم الباطل والقضاء عليه ، وحماية المسلمين من هذا الغزو الذي نوَّعه أعداء الله عن طريق الإذاعات ، والتلفاز ، والصحافة ، والمؤلفات ، والخطب المنبرية ، والخطب الجماعية في المحافل إلى غير ذلك .
فالشيء يحارب بجنسه ، فالباطل يحارب بجنسه حسب الطاقة والإمكان ، وبذلك يؤدي العالم وطالب العلم والمؤمن البصير بدينه ما أوجب الله عليه ، ولا ينبغي لعاقل أن يحقر نفسه ، كما جاء في الحديث : ( لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى شيئًا لله في مقال فلا يقول ) . أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - .
لا بد أن يتكلم طالب العلم بما يعلم من الحق الذي هو على بصيرة فيه ولا سيما عند ظهور الباطل في أي مكان ، وعند التباس الأمور ، الله هو الذي أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء - جلَّ وعَلا - ، كما قال - سبحانه - : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ . [ النحل : 89 ] .
هذا الكتاب العظيم وهو القرآن فيه الحجة والبيان ، فيه الهدى ، فيه بيان طريق السعادة ، فيه دحض الباطل والقضاء عليه والرد عليه . فلا يجوز للعالم أن يرضى بالسكوت ، أو يرضى بدون ما يستطيع في أي مكان ، في الغرب والشرق والجنوب والشمال ، في السيارة والطائرة والقطار ، في أي مكان كان ، وعلى أي وجه استطاع أن يدعو إلى الله ، ولا ييئس ، ولا يقول : هذا لغيري ، ولا يقول : الناس ما فيهم خير ، ولا يقبلون ، لا ، كل هذا لا يَقُلْه ، كل هذا مما يحبه الشيطان . ولكن ليتكلم وليقل الحق ، وليعمل بقوله - سبحانه - : ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ . [ النحل : 125 ] .
الحكمة : العلم ، قال الله وقال رسوله ، سمى الله العلم حكمة ؛ لأنه يردع الناس ، ويوقفهم عند حدهم ، وكل كلمة وعَظَتْك ، وذَكَّرَتك ، ورَدَعَتْك عن الباطل ودَعَتْك إلى الحق فهي حكمة .
ثم مع ذلك الموعظة ؛ لأن بعض القلوب قد تكون قاسية تحتاج إلى عِظَة ، قد لا يأخذ منها العلم مأخذه ، إذا سمعت العلم فتحتاج إلى الموعظة حتى تلين ، وحتى تقبل الحق ، يذكرها بالله ، وبالدار الآخرة ، وبالجنة والنار ، وأن هذه الدنيا دار الزوال والفناء ، وليست دار إقامة ، وأن دار الإقامة أمامك إما الجنة وإما النار ، ولا بد من الترغيب فيما عند الله من الجزاء ، والتحذير مما عند الله من العقوبات لمن حاد عن سبيله ، أو دعا إلى ضده ، ولهذا يقول - جل وعلا - : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ . [ فصلت : 33 ] .
فأنت - يا عبد الله - على حسب حالك ، العالم الكبير ، وطالب العلم ، والمؤمن المتبصِّر الذي عنده من البصيرة ما يستطيع به الدعوة إلى سبيل الله ، والدفاع عن دينه ما علم ، كلٌّ عليه نصيب ، وكلٌّ عليه أداء الواجب الذي يستطيعه ، مع تحري الحق ، ومع الأسلوب الحسن الذي فيه إيصال الحق إلى القلوب من غير تنفير .
فالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن التي أرشد الله إليها ، هو الطريق الذي يوصل الحق إلى القلوب ، فالعلم قال الله وقال رسوله وشرح لذلك ، وبيان لذلك بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، والعِظَة الحسنة ، وعند الشبه الجدال بالتي هي أحسن ، إذا أبدى شكًا وشبهة ، وأراد أن يستفيد ما يزيلها ، أو أراد الصد عن الحق بها ، يجادل بالتي هي أحسن ، حتى يتضح الحق للمستمعين ، وحتى تزول الشبهة ، وحتى يهدي الله بذلك من سبقت له من الله السعادة .
والطرق اليوم غير الطرق بالأمس ، الطرق اليوم كثيرة ، وسائل الدعوة متعددة والناس مقبلون عليها ، فوجب على أهل العلم والإيمان أن يعمروها بالخير ، وأن يشغلوها بالحق ضد الباطل ، ولو بذلوا الأموال في ذلك ، فإن هناك صحفًا في الخارج لا تكتب إلا بالمال ، أما هنا فقد يستطيع - بحمد الله - أن يكتب وينشر لغيره ما يمهله ؛ لأنه قد يكون في مكان يحتاج إلى مال ، وقد تكون هناك صحف معروفة تحتاج إلى مال ، فيعطيها من المال ما يسبب نشر الحق ، والدعوة إلى الحق ، وهكذا الإذاعات تحتاج إلى مال ، وهكذا النقلٌ من لغة إلى لغة مع الترجمة ، كل هذا يحتاج إلى البذل في سبيل الله ، حتى ينشر الحق ، وحتى يدعو إليه حسب طاقته باللغة التي يعرفها ، وباللغات الأخرى التي يستطيع أن يبذل المال حتى تحصل الترجمة لمقاله إلى اللغة التي يريد .
والصحافة تحتاج إلى عناية ، وكذلك الإذاعة والتلفاز عندنا وعند غيرنا ، وعند غيرنا أكثر ، فلا بد من العناية ، فالقراء هنا والعلماء هنا ، واجبهم أن يُعنوا بذلك ، وأن يتَّبعوا ما يكون في الصحافة من خطأ بالتنبيه عليه ، وما يقع في الإذاعة من خطأ بالتنبيه عليه ، وما يقع في التلفاز من خطأ فينبهوا عليه ، ولا يجوز لأحد أن يقول : هذا لفلان ، أو هذا يلزم فلانًا ، هذا خطأ . على العلماء - جميعًا - ، وعلى الكتَّاب - جميعًا - الذين لهم قدرة أن يشاركوا في هذا الحق وهذا الخير ضد هذا الغزو الذي قام به أعداء الله ونوابهم ، فليس لأحد أن يقول : هذا ليس إليَّ ، كل مسلم عليه واجبه . ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . [ محمد : 7 ] . ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ . [ فصلت : 33 ] . ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ . [ يوسف : 108 ] . ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ . [ الأحزاب : 21 ] . الآية .
كل منا عليه واجب ، وكذلك كل مسلم في بلاد الله في المشارق والمغارب في جميع أنحاء الدنيا ، كل مسلم وكل طالب علم ، وكل عالم ، وكل مؤمن عليه واجبه من الدعوة إلى دين الله الذي أكرمه الله به ونفي الشُّبه عنه والباطل ، والرد على خصومه بالأساليب والطرق التي يراها ناجعة ، توصِل إلى الحق ، وترغِّب في قبول الحق ، وتردع الباطل
لكن مثلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة ، لا يضرهم من خذلهم ، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله ) ، وهم - بحمد الله الآن - في نشاط وزيادة ، وقد انتشر في دول العالم وفي أرجاء الدنيا دعاة الحق ، وهداة الخلق ، من خريجي الجامعات الإسلامية ، والمدارس والمعاهد الإسلامية ، والحلقات الإسلامية من كل مكان ، ليَسْمَعوا الحق ويدعوا إليه ضد أهل الباطل ، وقد غاظ هذا أعداء الله ، وسبب لهم كثيرًا من النشاط في باطلهم ، والحيرة مما رأوا .
ولكن نسأل الله أن ينصر دينه ، ويعلي كلمته ، وأن يوفق المسلمين - جميعًا شيبًا وشبابًا - للتكاتف والتعاون في نصر الحق وتأييده ، وتأييد القائمين به ، ومساعدتهم ، وأن ينصرهم - جميعًا - على أعداء الله ، وأن يعينهم على جهاد أعداء الله بالسيف والسنان ، وبالحجة والبرهان ، وأن يثبت أهل الحق على حقهم ، وأن يهدي حكام المسلمين ليقوموا بالحق وينصروه ، ويحكِّموا شريعة الله فيما بينهم حتى ينصرهم مولاهم ، وحتى يعينهم على أعدائهم ، وحتى يثبت لهم ما هم فيه من الخير ، وحتى يحميهم من مكائد أعداء الله ، إنه - عز وجل - جواد كريم .
والواجب على كل طالب علم وعلى كل عالم أينما كان أن يبذل وسعه في نصر الحق ، هذا زمانه ، وهذا زمان الدعوة ، وهذا زمان الجهاد باللسان ، ونشر الحق والدعوة إليه ، كتابةً ودعوةً وخطابةً وغير ذلك من أنواع الجهاد : بالقلم ، واللسان ، وبالعمل ، والتوجيه ، والنصائح الفردية والجماعية الخطابية ، وغيرها ، هكذا يكون الجهاد ، وهكذا يكون العالم وطالب العلم أينما كان ، في بلاده وغير بلاده ، ينشر الحق ويدعو إليه صابرًا محتسبًا ، يريد ثواب الله والدار الآخرة ، ينشره في وسائل الإعلام حيثما كان ، وحسبما يتيسر له مع التثبت والعناية بمعرفة الحق ، فإن الكلام في غير بصيرة يضر كثيرًا ، فلا بد من البصيرة ، ولا بد من العلم ، كما قال الله - سبحانه - : ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ . [ يوسف : 108 ] . بل حرم القول عليه بغير علم .
فعلى العلماء والدعاة أن يتبصروا ، وأن ينطقوا بالحق ، وأن يجتهدوا في هزم الباطل والقضاء عليه ، وحماية المسلمين من هذا الغزو الذي نوَّعه أعداء الله عن طريق الإذاعات ، والتلفاز ، والصحافة ، والمؤلفات ، والخطب المنبرية ، والخطب الجماعية في المحافل إلى غير ذلك .
فالشيء يحارب بجنسه ، فالباطل يحارب بجنسه حسب الطاقة والإمكان ، وبذلك يؤدي العالم وطالب العلم والمؤمن البصير بدينه ما أوجب الله عليه ، ولا ينبغي لعاقل أن يحقر نفسه ، كما جاء في الحديث : ( لا يحقرن أحدكم نفسه أن يرى شيئًا لله في مقال فلا يقول ) . أو كما قال - عليه الصلاة والسلام - .
لا بد أن يتكلم طالب العلم بما يعلم من الحق الذي هو على بصيرة فيه ولا سيما عند ظهور الباطل في أي مكان ، وعند التباس الأمور ، الله هو الذي أنزل الكتاب تبيانًا لكل شيء - جلَّ وعَلا - ، كما قال - سبحانه - : ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ . [ النحل : 89 ] .
هذا الكتاب العظيم وهو القرآن فيه الحجة والبيان ، فيه الهدى ، فيه بيان طريق السعادة ، فيه دحض الباطل والقضاء عليه والرد عليه . فلا يجوز للعالم أن يرضى بالسكوت ، أو يرضى بدون ما يستطيع في أي مكان ، في الغرب والشرق والجنوب والشمال ، في السيارة والطائرة والقطار ، في أي مكان كان ، وعلى أي وجه استطاع أن يدعو إلى الله ، ولا ييئس ، ولا يقول : هذا لغيري ، ولا يقول : الناس ما فيهم خير ، ولا يقبلون ، لا ، كل هذا لا يَقُلْه ، كل هذا مما يحبه الشيطان . ولكن ليتكلم وليقل الحق ، وليعمل بقوله - سبحانه - : ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ . [ النحل : 125 ] .
الحكمة : العلم ، قال الله وقال رسوله ، سمى الله العلم حكمة ؛ لأنه يردع الناس ، ويوقفهم عند حدهم ، وكل كلمة وعَظَتْك ، وذَكَّرَتك ، ورَدَعَتْك عن الباطل ودَعَتْك إلى الحق فهي حكمة .
ثم مع ذلك الموعظة ؛ لأن بعض القلوب قد تكون قاسية تحتاج إلى عِظَة ، قد لا يأخذ منها العلم مأخذه ، إذا سمعت العلم فتحتاج إلى الموعظة حتى تلين ، وحتى تقبل الحق ، يذكرها بالله ، وبالدار الآخرة ، وبالجنة والنار ، وأن هذه الدنيا دار الزوال والفناء ، وليست دار إقامة ، وأن دار الإقامة أمامك إما الجنة وإما النار ، ولا بد من الترغيب فيما عند الله من الجزاء ، والتحذير مما عند الله من العقوبات لمن حاد عن سبيله ، أو دعا إلى ضده ، ولهذا يقول - جل وعلا - : ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ . [ فصلت : 33 ] .
فأنت - يا عبد الله - على حسب حالك ، العالم الكبير ، وطالب العلم ، والمؤمن المتبصِّر الذي عنده من البصيرة ما يستطيع به الدعوة إلى سبيل الله ، والدفاع عن دينه ما علم ، كلٌّ عليه نصيب ، وكلٌّ عليه أداء الواجب الذي يستطيعه ، مع تحري الحق ، ومع الأسلوب الحسن الذي فيه إيصال الحق إلى القلوب من غير تنفير .
فالموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن التي أرشد الله إليها ، هو الطريق الذي يوصل الحق إلى القلوب ، فالعلم قال الله وقال رسوله وشرح لذلك ، وبيان لذلك بالكلام الطيب ، والأسلوب الحسن ، والعِظَة الحسنة ، وعند الشبه الجدال بالتي هي أحسن ، إذا أبدى شكًا وشبهة ، وأراد أن يستفيد ما يزيلها ، أو أراد الصد عن الحق بها ، يجادل بالتي هي أحسن ، حتى يتضح الحق للمستمعين ، وحتى تزول الشبهة ، وحتى يهدي الله بذلك من سبقت له من الله السعادة .
والطرق اليوم غير الطرق بالأمس ، الطرق اليوم كثيرة ، وسائل الدعوة متعددة والناس مقبلون عليها ، فوجب على أهل العلم والإيمان أن يعمروها بالخير ، وأن يشغلوها بالحق ضد الباطل ، ولو بذلوا الأموال في ذلك ، فإن هناك صحفًا في الخارج لا تكتب إلا بالمال ، أما هنا فقد يستطيع - بحمد الله - أن يكتب وينشر لغيره ما يمهله ؛ لأنه قد يكون في مكان يحتاج إلى مال ، وقد تكون هناك صحف معروفة تحتاج إلى مال ، فيعطيها من المال ما يسبب نشر الحق ، والدعوة إلى الحق ، وهكذا الإذاعات تحتاج إلى مال ، وهكذا النقلٌ من لغة إلى لغة مع الترجمة ، كل هذا يحتاج إلى البذل في سبيل الله ، حتى ينشر الحق ، وحتى يدعو إليه حسب طاقته باللغة التي يعرفها ، وباللغات الأخرى التي يستطيع أن يبذل المال حتى تحصل الترجمة لمقاله إلى اللغة التي يريد .
والصحافة تحتاج إلى عناية ، وكذلك الإذاعة والتلفاز عندنا وعند غيرنا ، وعند غيرنا أكثر ، فلا بد من العناية ، فالقراء هنا والعلماء هنا ، واجبهم أن يُعنوا بذلك ، وأن يتَّبعوا ما يكون في الصحافة من خطأ بالتنبيه عليه ، وما يقع في الإذاعة من خطأ بالتنبيه عليه ، وما يقع في التلفاز من خطأ فينبهوا عليه ، ولا يجوز لأحد أن يقول : هذا لفلان ، أو هذا يلزم فلانًا ، هذا خطأ . على العلماء - جميعًا - ، وعلى الكتَّاب - جميعًا - الذين لهم قدرة أن يشاركوا في هذا الحق وهذا الخير ضد هذا الغزو الذي قام به أعداء الله ونوابهم ، فليس لأحد أن يقول : هذا ليس إليَّ ، كل مسلم عليه واجبه . ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ . [ محمد : 7 ] . ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا ﴾ . [ فصلت : 33 ] . ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ ﴾ . [ يوسف : 108 ] . ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ . [ الأحزاب : 21 ] . الآية .
كل منا عليه واجب ، وكذلك كل مسلم في بلاد الله في المشارق والمغارب في جميع أنحاء الدنيا ، كل مسلم وكل طالب علم ، وكل عالم ، وكل مؤمن عليه واجبه من الدعوة إلى دين الله الذي أكرمه الله به ونفي الشُّبه عنه والباطل ، والرد على خصومه بالأساليب والطرق التي يراها ناجعة ، توصِل إلى الحق ، وترغِّب في قبول الحق ، وتردع الباطل