محمد الفاريابي
09-21-2011, 11:01 PM
الشيخ محمد صالح العثيمين رحمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدُ لله الذي بيَّن لعباده الحرام والحلال، وحدَّ لهم حدودًا بيِّنة المعالم لا غموض فيها ولا إشكال، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكبير المتعال، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله أهدى الخلق وأبقاهم لله في المقام والفعال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان ما تعاقبت الأيام والليال، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واشكروه على ما أبان لكم من معالم الدين، والتزموا طاعته وتقواه سيرة النبيين والمرسلين؛ فإن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، ألا وإن مِمّا حدَّه الله وأوضحه وأبانه وأظهره، ذلكم الصوم الذي هو أحد أركان الإسلام، فقد بيَّن الله ابتداءه وانتهاءه شهريًّا، وابتداءه وانتهاءه يوميًّا، بيّن ذلك في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: ﴿فمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»(1)، وقال تعالى: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187]، الخيط الأبيض: بياض النهار، والخيط الأسود: سواد الليل، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «كلُوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»(2)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا - وأشار إلى المشرق - وأدبر النهار من هاهنا - وأشار إلى المغرب - فقد أفطر الصائم»(3)، فمتى شاهد الإنسان الفجر المعترض في الأفق أو سمع المؤذن الثقة الذي لا يؤذن حتى يطلع الفجر وجبَ عليه الإمساك، ومتى شاهد قرص الشمس غائبًا في الأفق ولو كان شعاعها باقيًا في السماء أو سمع المؤذن الثقة الذي لا يؤذن حتى تغرب الشمس حلَّ له الفطر .
أيها الناس، إنَّ الصوم هو: الإمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن المفطّرات، والمفطّرات سبعة أنواع:
الأول: «الجِماع: وهو أعظم المفطّرات وأشدها وفيه الكفارة المغلّظة إذا حصل في نهار رمضان مِمَّن يجب عليه الصوم، فإذا جامَعَ الإنسان زوجته في نهار رمضان والصوم واجب عليه وجبت عليه الكفارة مع الإثم والقضاء والإمساك بقيَّة اليوم، والكفارة: عتقُ رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يُفطر فيهما يومًا واحدًا إلا من عذر، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا»(4)، أما إذا كان الصوم غير واجبٍ عليه فإنه ليس عليه إلا القضاء، فلو كان صائمًا في السفر ومعه زوجته ثم جامَعَها فإنه ليس عليه كفّارة، وليس عليه إثم، وإنّما عليه القضاء فقط .
الثاني: «إنزال المني باختياره بتقبيلٍ، أو لمسٍ، أو ضمٍّ، أو استمناء أو غير ذلك»(5)، فأما إنزال المني بالاحتلام فلا يفطّر؛ لأنه من نائم، والنائم لا اختيار له .
الثالث: «الأكل والشرب»(6) وهو: إيصال الطعام أو الشراب إلى جوفه، سواء كان الطعام أو الشراب حلالاً، أم حرامًا، نافعًا أم غير نافع، وسواء كان عن طريق الفم أم عن طريق الأنف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بالِغْ بالاستنشاق إلا أن تكون صائمًا»(7)، يعني: في الوضوء يبالغ الإنسان في الاستنشاق إلا أن يكون صائمًا، فدلَّ هذا على أن الداخل من الأنف كالداخل من الفم، فأما شَمُّ الروائح فلا يفطّر؛ لأنه ليس للرائحة جرمٌ يصل إلى الجوف .
الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب، مثل: الحقَن المغذِّية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب؛ لأنها بمعنى الطعام والشراب، فأما الإبر غير المغذّية فإنها لا تفطّر سواء أُخذت للتداوي أم لغيره، وسواء أُخذت مع العروق أم مع العضلات؛ لأنها ليست بمعنى الأكل و الشرب، والأصل بقاء الصوم حتى يثبت ما يفسده بنص، أو إجماع، أو قياس صحيح .
الخامس: إخراج الدم بالحجامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفطرَ الحاجم والمحجوم»(8)، فأما أَخْذُ الدم من البدن للتحليل فإنه لا يفطّر؛ لأنه يسير لا يؤثّر على البدن كتأثير الحجامة، ولا يفطّر خروج الدم بالرعاف ولو كثر؛ لأنه بغير اختياره، ومثل ذلك: لو خرج الدم من جرح سكين، أو زجاجة، أو حادث ولو كثر؛ لأنه بغير اختياره، ولا يفطّر خروج الدم من قلع السن أو الضرس، لكن لا يبلع الدم؛ لأن بلعه حرام على الصائم وغيره، فإن وصل شيء من الدم إلى جوفه بغير اختياره فلا حرج، ولا يفطر بشق الجرح لإخراج المادة منه ولو خرج معها دم، فأما سحب الدم من شخص ليُحقَنَ في شخص آخر فإنه يفطّر؛ لأنه كثير يؤثر على البدن تأثير الحجامة؛ وعلى هذا فلا يحل لِمَن صومه واجب أن يمكِّن أحدًا من سحب الدم منه إلا أن يكون لشخص مضطر لا يمكن تأخيره إلى الغروب، فإذا سُحب الدم لهذه الضرورة فإن الإنسان يُفطر، وله أن يأكل ويشرب بقية يومه وعليه أن يقضي يومًا مكانه .
السادس: القيء وهو: إخراج ما في معدته من طعام أو شراب، فإن خرج بنفسه بدون تعمّد فلا حرج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن ذرعه القيء - أي: غلَبَه - فليس عليه قضاء، ومَن استقاء عمدًا فليقْضِه»(9) .
وهذه المفطرات الستة لا تفطّر الصائم إلا إذا فعلها عالِمًا، ذاكرًا، مُختارًا، فإن فعلها جاهلاً لم يفطر، سواء كان جاهلاً بالحكم أم جاهلاً بالوقت، فمَن أكل مثلاً يظن أن الفجر لم يطلع وهو طالع أو يظن أن الشمس قد غربت ولم تغرب فصومه صحيح ولا قضاء عليه؛ لأن الله - عزَّ وجل - يقول: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: 5]، وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: «أفطرنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ثم طلعت الشمس»(10)، ولم يُذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالقضاء، فلو كان القضاء واجبًا لأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أمرهم بالقضاء لنُقِلَ إلى الأمة؛ لأنه من الشرع الذي تكفَّل الله ببيانه وأوجب على رسوله - صلى الله عليه وسلم - تبليغه، لكن متى علم الإنسان أنه في نهار وجب عليه أن يُمسك فإن استمر بعد علمه بطل صومه .
ومَن أتى شيئًا من المفطرات ناسيًا فصومه تامٌّ ولا قضاء عليه لقول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:286]، فقال الرب الكريم: قد فعلت، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فلْيتمّ صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»(11)، لكن متى ذكر أو ذُكِّر وجب عليه أن يُمسك حتى الذي في فمه يجب أن يلفظه، فإن بلعه بعد أن ذكره فسدَ صومه، ومَن رأى صائمًا يأكل أو يشرب ناسيًا فلْيذكِّره؛ فإنه من التعاون على البر والتقوى، ومَن حصل عليه شيء من المفطرات بغير اختياره فصومه صحيح، فلو طار إلى جوفه غبار، أو تسَّرب إليه ماء من المضمضة، أو الاستنشاق، أو اجتذب الماء أو البنزين باللي فوصل إلى جوفه شيء منه بغير اختياره فصومه صحيح ولا قضاء عليه .
النوع السابع من المفطرات: خروج دم الحيض والنفاس، فمتى خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس قبل الغروب ولو بلحظة بطلَ صومها، فإن خرج بعد الغروب ولو بلحظة فصومها صحيح ولا قضاء عليها .
«ويجوز للصائم أن يكتحل بأي كحل شاء، ويجوز للصائم أن يقطّر دواءً في عينيه أو أذنيه ولا يفطر بذلك ولو وجد طعمه في حلقه، ويجوز للصائم أن يداوي جروحه وأن يتطيّب بالبخور وغيره لكن لا يستنشق دخان البخور فيصل إلى جوفه»(ث).
ويجوز للصائم أن يفعل ما يخفِّف عنه مشقة الحر والعطش كالتبرُّد بالماء وبَلِّ الثوب ونحوه، فقد روى مالك عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصب الماء على رأسه من العطش أو من الحر»(12) - يعني: وهو صائم - «وبَلَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - ثوبه وألقاه على بدنه ليبرِّده، ويجوز للصائم أن يتمضمض إذا نشفَ فمه ولكن لا يبتلع الماء، ويجوز أن يستاك في أول النهار وآخره، بل السواك سنَّة في حق الصائم وغيره»(13)، «متأكد عند الوضوء والصلاة والقيام من النوم»(14)، «ودخول البيت أول ما يدخل»(15) .
فاحفظوا - أيها المسلمون - صيامكم وحافظوا عليه، والتزموا فيه حدود الله غير مغالين ولا مفرِّطين؛ فإن دين الله تعالى وسط بين الغالي فيه والجافي عنه،«تسحَّروا فإن في السحور بركة»(16)، «وأخِّروا السحور فإن تأخيره أفضل»، وأفطروا إذا غربت الشمس وبادروا بالفطر «فلا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر»(17)،«وأفطروا على رطب، فإن لم يكن فتمر، فإن لم يكن فماءٌ فإنه طهور»(18)، فإن لم يكن فَعَلى أي طعام أو شراب حلال، فإن غابت الشمس وأنت في مكان ليس فيه ما تفطر به فانْوِ الفطر بقلبك، ولا تمصّ أصبعك أو تعلك ثوبك كما يظنه بعض العوام .
وحافظوا على طاعة ربكم، وأكْثروا منها في صومكم، واجتنبوا ما حرّم الله عليكم من اللغو الرفث «وقول الزور والعمل به»(19)، «وإن سابَّك أحدٌ أو شاتَمَكَ فقل: إني صائم واتركه»(20)، أقيموا الصلاة جماعة في المساجد، ولا تهاونوا بها فتضيّعوها، واعلموا أن كل واجب ضيّعتموه أو محرّم فعلتموه فإنه نقص في إيمانكم وصيامكم .
أيها المسلمون، ابتعدوا عن استماع المعازف آلاتِ اللهو من الراديو أو غيره؛ «فإن الصوم جُنَّة»(21) يتَّقي بها الصائم من الآثام وينجو بها من النار، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183] .
اللهم احفظ علينا ديننا ورغّبنا فيه، وثبّتنا عليه، و ﴿لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8] .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ونبيّك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لِمَن شكر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كَرِهَ ذلك مَن أشرك به وكفر، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله سيّد البشر، الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان ما بدا الفجر وأنور، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى، وإن ها هنا مسألةً هامَّةً هامَّةً هامَّةً، ألا وإنها تقع من بعض الناس الجاهلين، يوجد بعض الناس يصوم ولكنه لا يصلّي، يزكِّي ولكنه لا يصلّي، يعتمرُ ولكنه لا يصلّي، يتصدّق ولكنه لا يصلّي .
وإني أقول لهذا الرجل: إن صومك غير مقبول، وصدقتك غير مقبولة، وعمرتك غير مقبولة، وعملك مردود عليك، لو صمت الليل والنهار وتصدَّقت بكل مالك واعتمرت عدَّة مرات فإن الله لا يقبله منك حتى تعود إلى دينك بالصلاة؛ لأن الإنسان الذي لا يصلّي كافرٌ خارجٌ عن الإسلام، لا يقبل الله منه زكاةً، ولا صومًا، ولا حجًّا ولا عمرةً؛ لأن الله يقول في الكافرين: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ [الفرقان:23]، ويقول: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التوبة:54] .
وقد دلَّت أدلة الكتاب والسنَّة وأقوال الصحابة والنظر الصحيح على أن تارك الصلاة كافرٌ كفرًا أكبر مخرجًا عن الملّة، وقد ذكرنا ذلك مرارًا وتكرارًا .
وفي هذا اليوم نشرت جريدة الجزيرة فتوًى صادرة عن اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية تقول مثل هذا القول: إن هذا الصائم لا يُقبل منه صومه إذا كان لا يصلّي.
أيها المسلمون، إن الصلاة أمرها عظيمٌ ليس بالهيِّن، إنه من المؤسف حقًّا أن يصوم بعض الناس ولا يصلّي وهذا قد فُرغ منه وصومه مردود عليه وليس له من صومه إلا الجوع والظمأ، وإن من الناس مَن يصوم ويصلّي ولكن يصلّي على الفرغة؛ متى استيقظ صلّى ومتى فرغ من شغله صلّى، وهذا إذا تعمّد إخراج الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعيٍّ فإن صلاته غير مقبولة بل هي مردودة عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(22)، ومَن صلّى الصلاة خارج وقتها بدون عذر فقد فعل فعلاً ليس عليه أمر الله ورسوله، فيكون مردودًا عليه .
أيها الإخوة الكرام، إنه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك ينبغي للإنسان أن يُجدِّد التوبة بينه وبين ربه، ينبغي له أن يقوِّي الصلة بينه وبين الله عزَّ وجل، عسى أن يوفَّق لصيام رمضان إيمانًا واحتسابًا وقيامه إيمانًا واحتسابًا فيُغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وحينئذٍ يعود بعمر جديد ويعود بأعمال جديدة؛ إنه إذا غُفر له ما تقدم من ذنبه وجَدَ له من نفسه انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، والرضى التام، والأنس والسرور؛ لأنه واللهِ لا أنسَ ولا سرور حقيقةً إلا بطاعة الله عزَّ وجل .
أيها المسلمون، استمعوا إلى قول الله عزَّ وجل: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[النحل:97].
إن الحياة الطيِّبة سرور القلب ونعيم النفس، وليست واللهِ كثرة المال، ولا كثرة الأولاد، ولا حُسن المساكن، ولا فخامة المركوب، ولكنها سرور القلب حتى قال بعض السلف: «لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لَجالَدونا عليه بالسيوف»(م) الملوك أعلى مَن يكون تنعُّمًا في هذه الدنيا ولكنهم ليسوا كالذين آمنوا وعملوا الصالحات في سرور القلب، وانشراح الصدر، وطمأنينة النفس .
أيها الناس، اغتنموا شهر رمضان بالأعمال الصالحة، كم من إنسان في المقابر يتمنّى أن يدرك رمضان لكنه لم يحصل له ! كم من إنسان شارَفَ الوصول إلى رمضان ولكن حال بينه وبينه ريب المنون ! كم من إنسان أدرك أول الشهر ولم يدرك آخره ! كم من إنسان أدرك آخر الشهر ولكنه لم يدركه بعد ذلك !
اغتنموا - أيها المسلمون - فرص الدهر، اغتنموا هذه المواسم العظيمة التي أسأل الله أن يجعل لي ولكم منها خير نصيب .
إنه بمناسبة شهر رمضان المبارك أوجِّه كلمة إلى الإخوة الذين يشربون الدخان لعلَّ الله أن يعصمهم في هذا الشهر، إنهم لن يشربوا الدخان في نهارهم فلْيتصبَّروا في ليلهم، فإذا مضى عليهم الشهر فإنه بحول الله سيزول عنهم ما كان في دمائهم من أثر هذا الدخان الخبيث ثم يسهل عليهم بعد ذلك تركه على الإطلاق إذا صحَّت النيَّة وصدقت العزيمة واستعانوا بالله عزَّ وجل؛ فإن الله - عزَّ وجل - أكرم من عبده إذا أقبل العبد إلى ربه أقبل الله إليه أكثر .
اللهم إنَّا نسألك في مقامنا هذا أن تجعلنا من السعداء، وأن توفّقنا لاغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات، وأن تجعلنا من عبادك الصالحين، وحزبك المفلحين، وأوليائك المتَّقين المقرَّبين يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] .
ربَّنا أصْلح للمسلمين ولاة أمورهم، ربَّنا أصْلح لولاة الأمور بطانتهم، ربَّنا انصر المسلمين المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم اجعلنا مِمَّن جاهدوا فيك حق الجهاد، اللهم اجعلنا مِمَّن جاهدوا أنفسهم وجاهدوا شعوبهم على طاعة الله، اللهم يسِّر لنا الطاعة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا يا رب العالمين .
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 90-91]، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزِدْكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
--------------------------
(1)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا»، وقال صلة عن عمار: «مَن صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم»، رقم [1774]، وفي رواية له برقم [1776]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والنظر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يومًا، رقم [1799]، وفي رواية له برقم [1808]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: الصوم لرؤية الهلال، رقم [1624] واللفظ له، ت ط ع .
(2)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها وعن أبيها- في كتاب [الصوم] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال»، رقم [1785]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر وبيان صفة الفجر الذي يتعلق به الأحكام من الدخول في الصوم وحول وقت صلاة الصبح وغير ذلك، رقم [1827-1828-1829] .
(3)أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: بيان انقضاء وقت الصوم وخروج النهار، رقم [1824]، وفي رواية له في نفس الباب، رقم [1843] ت ط ع .
(4)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فيتصدق عليه فليكفر، رقم [1800]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، الباب رقم [1870] ت ط ع .
(5)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: فضل الصوم، رقم [1761]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [8749]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: فضل الصيام، رقم [1705] ت ط ع .
(6)سبق تخريجه في الحديث السابق على اثنين من مفطرات الصيام فانظر إليه حفظك الله تعالى .
(7)أخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث لقيط بن صبرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في كراهة مبالغة الاستنشاق للصائم، رقم [718] ت ط ع .
(8)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند المكيِّين، من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [21412]، وأخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه، في الحديث الطويل في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في كراهية الحجامة للصائم، رقم [705]، وأخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث ثوبان -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: الصائم يحجم، رقم [2020]، وفي رواية له من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، رقم [2021]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في الحجامة للصائم، رقم [1669]، وفي رواية له من حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه، رقم [1670]، وفي رواية له من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، رقم [1671]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: الحجامة تفطّر الصائم، رقم [1667]، وأخرجه أصحاب السنن في سننهم رحمهم الله جميعًا، ت ط ع .
(9)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [10058]، وأخرجه الإمام الترمذي رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء فيمَن استقاء عمدًا، رقم [653]، وأخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [الصوم] باب: الصائم يستقيء عمدًا، رقم [2032]، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: الرخصة فيه، رقم [1666]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في الصائم يقيء، رقم [1666]، وأخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ]، من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في قضاء رمضان والكفّارات، رقم [595] ت ط ع .
(10)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس، رقم [1823]، وأخرجه أصحاب السنن وأحمد، ت ط ع .
(11)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، رقم [1797]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، رقم [1952] ت ط ع .
(12)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم [16007-22107]، أخرجه أبو داوود في سننه رحمه الله تعالى، من حديث بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الصوم] باب: الصائم يصب عليه من العطش ويبالغ في الاستنشاق، رقم [2018]، أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ]، من حديث بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في الصيام في السفر، رقم [577]، وأخرجه الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في مسنده [ترتيب السندي]صفحة [765] [716] ت م ش، وأخرجه عبد الرزاق في مصنّفه وفيه قال عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث ولم يذكر عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكر من الحر والعطش بل ذكر من الصيام، الجزء [4] الصفحة [207]، رقم [7509] .
تنبيه: جميع من أخرج هذا الأثر لم يذكروا اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث إلا في مصنف عبد الرزاق قال عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث وفيه وهو صائم .
(13)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: اغتسال الصائم وبَلّ ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- ثوبًا فألقاه عليه وهو صائم ودخل الشعبي الحمام وهو صائم وقال ابن عباس: لا بأس أن يتطعم القدر أو الشيء، وقال الحسن: لا بأس بالمضمضة والتبرُّد للصائم، وقال ابن مسعود: إذا كان يوم صوم أحدكم فلْيصبح دهينًا مترجلاً، وقال أنس: إن لي إبزًا أتقحم فيه وأنا صائم، ويذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه استاك وهو صائم، وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: يستاك أول النهار وآخره ولا يبلع ريقه، وقال عطاء: إن ازدرد ريقه لا أقول يفطر، وقال ابن سيرين: لا بأس بالسواك الرطب، قيل: له طعم، قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به، ولم يرَ أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسًا . أهـ. وأخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث عامر بن ربيعة -رضي الله تعالى عنه- وعائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في السواك للصائم، رقم [657] .
(14)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: سواك الرطب واليابس للصائم، ويذكر عن عامر بن الربيعة -رضي الله تعالى عنه- قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أُحصي أو أعدّ، وقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»، ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يخص الصائم من غيره، وقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب»، وقال عطاء وقتادة: يبتلع ريقه .
(15)أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [السهو] باب: أقل ما يجزي من عمل الصلاة، رقم [1298]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الطهارة] باب: السواك عند كل صلاة، رقم [371-372] .
(16)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: بركة السحور من غير إيجاب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- واصلوا ولم يذكر السحور، رقم [1789]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، رقم [1835] ت ط ع .
(17)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث سهل بن سعد -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: تعجيل الإفطار، رقم [1821]، وأخرجه مسلم رحمه الله تعالى، من حديث سهل بن معاذ -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل السحور وتأكيد استحباب تأخيره وتعجيل الفطر، رقم [1838] ت ط ع .
(18)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، من حديث أنس رضي الله تعالى عنه، رقم [12215]، وفي رواية أخرى للإمام أحمد في مسنده في مسند المدنيين، من حديث سلمان بن عامر رضي الله تعالى عنه: «فإن الماء طهور»، رقم [15654-17214]، في كتاب [الصوم] وأخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء ما يستحب عليه الإفطار، رقم [632]، وفي رواية للترمذي من حديث سلمان بن عامر الضيمي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أفطر أحدكم فلْيفطر على تمر»، زاد ابن عيينه: «فإنه بركة، فمَن لم يجد فلْيفطر على ماء فإنه طهور»، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما يفطر عليه، رقم [2009]، وفي رواية أخرى من حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- وزاد: «فإن الماء طهور»، رقم [2008]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء على ما يستحب الفطر، وهذه الرواية لم يذكر فيها على رطبات وذكر فيها فلْيفطر على ماء فإن الماء طهور، رقم [1689]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا أفطر أحدكم فلْيفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإن الماء طهور، رقم [1639] في كتاب [الصوم] باب: ما يستحب الإفطار عليه، ت ط ع .
(19)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: مَن لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، رقم [1770] ت ط ع .
(20)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: فضل الصوم، رقم [1761]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل الصيام، رقم [1944] ت ط ع .
(21)أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل الصوم، رقم [1943] ت ط ع .
(22)أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الأقضية] باب: نقض الأحكام الباطلة ومحدثات الأمور، رقم [3243] ت ط ع .
(م) انظر إلى هذه المقولة التي ذكرها ابن القيم الجوزية -رحمه الله تعالى وجزاه الله خيرًا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم- في كتابه المبارك [الجواب الكافي لِمَن سأل عن الدواء الشافي]، المسمى«الداء والدواء» الجزء [1] الصفحة [168] واللفظ له، ت م ش .
(ث) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصوم] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ فلْيستنشق بمنخره الماء» ولم يميِّز بين الصائم وغيره، وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه ويكتحل، وقال عطاء: إن تمضمض ثم أفرغ ما في فيه من الماء لا يضره إن لم يزدرد ريقه وماذا بقي في فيه ولا يمضغ العلك فإن ازدرد ريق العلك لا أقول إنه يفطر لكن ينهى عنه، فإن استنثر فدخل الماء حلقه لا بأس لأنه لا يملك .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدُ لله الذي بيَّن لعباده الحرام والحلال، وحدَّ لهم حدودًا بيِّنة المعالم لا غموض فيها ولا إشكال، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكبير المتعال، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله أهدى الخلق وأبقاهم لله في المقام والفعال، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان ما تعاقبت الأيام والليال، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى واشكروه على ما أبان لكم من معالم الدين، والتزموا طاعته وتقواه سيرة النبيين والمرسلين؛ فإن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، ألا وإن مِمّا حدَّه الله وأوضحه وأبانه وأظهره، ذلكم الصوم الذي هو أحد أركان الإسلام، فقد بيَّن الله ابتداءه وانتهاءه شهريًّا، وابتداءه وانتهاءه يوميًّا، بيّن ذلك في كتابه وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال تعالى: ﴿فمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾ [البقرة:185]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين»(1)، وقال تعالى: ﴿فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة:187]، الخيط الأبيض: بياض النهار، والخيط الأسود: سواد الليل، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «كلُوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم؛ فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر»(2)، وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أقبل الليل من هاهنا - وأشار إلى المشرق - وأدبر النهار من هاهنا - وأشار إلى المغرب - فقد أفطر الصائم»(3)، فمتى شاهد الإنسان الفجر المعترض في الأفق أو سمع المؤذن الثقة الذي لا يؤذن حتى يطلع الفجر وجبَ عليه الإمساك، ومتى شاهد قرص الشمس غائبًا في الأفق ولو كان شعاعها باقيًا في السماء أو سمع المؤذن الثقة الذي لا يؤذن حتى تغرب الشمس حلَّ له الفطر .
أيها الناس، إنَّ الصوم هو: الإمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن المفطّرات، والمفطّرات سبعة أنواع:
الأول: «الجِماع: وهو أعظم المفطّرات وأشدها وفيه الكفارة المغلّظة إذا حصل في نهار رمضان مِمَّن يجب عليه الصوم، فإذا جامَعَ الإنسان زوجته في نهار رمضان والصوم واجب عليه وجبت عليه الكفارة مع الإثم والقضاء والإمساك بقيَّة اليوم، والكفارة: عتقُ رقبة فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين لا يُفطر فيهما يومًا واحدًا إلا من عذر، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا»(4)، أما إذا كان الصوم غير واجبٍ عليه فإنه ليس عليه إلا القضاء، فلو كان صائمًا في السفر ومعه زوجته ثم جامَعَها فإنه ليس عليه كفّارة، وليس عليه إثم، وإنّما عليه القضاء فقط .
الثاني: «إنزال المني باختياره بتقبيلٍ، أو لمسٍ، أو ضمٍّ، أو استمناء أو غير ذلك»(5)، فأما إنزال المني بالاحتلام فلا يفطّر؛ لأنه من نائم، والنائم لا اختيار له .
الثالث: «الأكل والشرب»(6) وهو: إيصال الطعام أو الشراب إلى جوفه، سواء كان الطعام أو الشراب حلالاً، أم حرامًا، نافعًا أم غير نافع، وسواء كان عن طريق الفم أم عن طريق الأنف، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بالِغْ بالاستنشاق إلا أن تكون صائمًا»(7)، يعني: في الوضوء يبالغ الإنسان في الاستنشاق إلا أن يكون صائمًا، فدلَّ هذا على أن الداخل من الأنف كالداخل من الفم، فأما شَمُّ الروائح فلا يفطّر؛ لأنه ليس للرائحة جرمٌ يصل إلى الجوف .
الرابع: ما كان بمعنى الأكل والشرب، مثل: الحقَن المغذِّية التي يُستغنى بها عن الطعام والشراب؛ لأنها بمعنى الطعام والشراب، فأما الإبر غير المغذّية فإنها لا تفطّر سواء أُخذت للتداوي أم لغيره، وسواء أُخذت مع العروق أم مع العضلات؛ لأنها ليست بمعنى الأكل و الشرب، والأصل بقاء الصوم حتى يثبت ما يفسده بنص، أو إجماع، أو قياس صحيح .
الخامس: إخراج الدم بالحجامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أفطرَ الحاجم والمحجوم»(8)، فأما أَخْذُ الدم من البدن للتحليل فإنه لا يفطّر؛ لأنه يسير لا يؤثّر على البدن كتأثير الحجامة، ولا يفطّر خروج الدم بالرعاف ولو كثر؛ لأنه بغير اختياره، ومثل ذلك: لو خرج الدم من جرح سكين، أو زجاجة، أو حادث ولو كثر؛ لأنه بغير اختياره، ولا يفطّر خروج الدم من قلع السن أو الضرس، لكن لا يبلع الدم؛ لأن بلعه حرام على الصائم وغيره، فإن وصل شيء من الدم إلى جوفه بغير اختياره فلا حرج، ولا يفطر بشق الجرح لإخراج المادة منه ولو خرج معها دم، فأما سحب الدم من شخص ليُحقَنَ في شخص آخر فإنه يفطّر؛ لأنه كثير يؤثر على البدن تأثير الحجامة؛ وعلى هذا فلا يحل لِمَن صومه واجب أن يمكِّن أحدًا من سحب الدم منه إلا أن يكون لشخص مضطر لا يمكن تأخيره إلى الغروب، فإذا سُحب الدم لهذه الضرورة فإن الإنسان يُفطر، وله أن يأكل ويشرب بقية يومه وعليه أن يقضي يومًا مكانه .
السادس: القيء وهو: إخراج ما في معدته من طعام أو شراب، فإن خرج بنفسه بدون تعمّد فلا حرج، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن ذرعه القيء - أي: غلَبَه - فليس عليه قضاء، ومَن استقاء عمدًا فليقْضِه»(9) .
وهذه المفطرات الستة لا تفطّر الصائم إلا إذا فعلها عالِمًا، ذاكرًا، مُختارًا، فإن فعلها جاهلاً لم يفطر، سواء كان جاهلاً بالحكم أم جاهلاً بالوقت، فمَن أكل مثلاً يظن أن الفجر لم يطلع وهو طالع أو يظن أن الشمس قد غربت ولم تغرب فصومه صحيح ولا قضاء عليه؛ لأن الله - عزَّ وجل - يقول: ﴿وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ﴾ [الأحزاب: 5]، وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: «أفطرنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم غيم ثم طلعت الشمس»(10)، ولم يُذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالقضاء، فلو كان القضاء واجبًا لأمرهم به النبي صلى الله عليه وسلم، ولو أمرهم بالقضاء لنُقِلَ إلى الأمة؛ لأنه من الشرع الذي تكفَّل الله ببيانه وأوجب على رسوله - صلى الله عليه وسلم - تبليغه، لكن متى علم الإنسان أنه في نهار وجب عليه أن يُمسك فإن استمر بعد علمه بطل صومه .
ومَن أتى شيئًا من المفطرات ناسيًا فصومه تامٌّ ولا قضاء عليه لقول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة:286]، فقال الرب الكريم: قد فعلت، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن نسي وهو صائم فأكل أو شرب فلْيتمّ صومه فإنما أطعمه الله وسقاه»(11)، لكن متى ذكر أو ذُكِّر وجب عليه أن يُمسك حتى الذي في فمه يجب أن يلفظه، فإن بلعه بعد أن ذكره فسدَ صومه، ومَن رأى صائمًا يأكل أو يشرب ناسيًا فلْيذكِّره؛ فإنه من التعاون على البر والتقوى، ومَن حصل عليه شيء من المفطرات بغير اختياره فصومه صحيح، فلو طار إلى جوفه غبار، أو تسَّرب إليه ماء من المضمضة، أو الاستنشاق، أو اجتذب الماء أو البنزين باللي فوصل إلى جوفه شيء منه بغير اختياره فصومه صحيح ولا قضاء عليه .
النوع السابع من المفطرات: خروج دم الحيض والنفاس، فمتى خرج من المرأة دم الحيض أو النفاس قبل الغروب ولو بلحظة بطلَ صومها، فإن خرج بعد الغروب ولو بلحظة فصومها صحيح ولا قضاء عليها .
«ويجوز للصائم أن يكتحل بأي كحل شاء، ويجوز للصائم أن يقطّر دواءً في عينيه أو أذنيه ولا يفطر بذلك ولو وجد طعمه في حلقه، ويجوز للصائم أن يداوي جروحه وأن يتطيّب بالبخور وغيره لكن لا يستنشق دخان البخور فيصل إلى جوفه»(ث).
ويجوز للصائم أن يفعل ما يخفِّف عنه مشقة الحر والعطش كالتبرُّد بالماء وبَلِّ الثوب ونحوه، فقد روى مالك عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يصب الماء على رأسه من العطش أو من الحر»(12) - يعني: وهو صائم - «وبَلَّ ابن عمر - رضي الله عنهما - ثوبه وألقاه على بدنه ليبرِّده، ويجوز للصائم أن يتمضمض إذا نشفَ فمه ولكن لا يبتلع الماء، ويجوز أن يستاك في أول النهار وآخره، بل السواك سنَّة في حق الصائم وغيره»(13)، «متأكد عند الوضوء والصلاة والقيام من النوم»(14)، «ودخول البيت أول ما يدخل»(15) .
فاحفظوا - أيها المسلمون - صيامكم وحافظوا عليه، والتزموا فيه حدود الله غير مغالين ولا مفرِّطين؛ فإن دين الله تعالى وسط بين الغالي فيه والجافي عنه،«تسحَّروا فإن في السحور بركة»(16)، «وأخِّروا السحور فإن تأخيره أفضل»، وأفطروا إذا غربت الشمس وبادروا بالفطر «فلا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطر»(17)،«وأفطروا على رطب، فإن لم يكن فتمر، فإن لم يكن فماءٌ فإنه طهور»(18)، فإن لم يكن فَعَلى أي طعام أو شراب حلال، فإن غابت الشمس وأنت في مكان ليس فيه ما تفطر به فانْوِ الفطر بقلبك، ولا تمصّ أصبعك أو تعلك ثوبك كما يظنه بعض العوام .
وحافظوا على طاعة ربكم، وأكْثروا منها في صومكم، واجتنبوا ما حرّم الله عليكم من اللغو الرفث «وقول الزور والعمل به»(19)، «وإن سابَّك أحدٌ أو شاتَمَكَ فقل: إني صائم واتركه»(20)، أقيموا الصلاة جماعة في المساجد، ولا تهاونوا بها فتضيّعوها، واعلموا أن كل واجب ضيّعتموه أو محرّم فعلتموه فإنه نقص في إيمانكم وصيامكم .
أيها المسلمون، ابتعدوا عن استماع المعازف آلاتِ اللهو من الراديو أو غيره؛ «فإن الصوم جُنَّة»(21) يتَّقي بها الصائم من الآثام وينجو بها من النار، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة:183] .
اللهم احفظ علينا ديننا ورغّبنا فيه، وثبّتنا عليه، و ﴿لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ﴾ [آل عمران: 8] .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ونبيّك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا كما أمر، وأشكره وقد تأذن بالزيادة لِمَن شكر، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولو كَرِهَ ذلك مَن أشرك به وكفر، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله سيّد البشر، الشافع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان ما بدا الفجر وأنور، وسلَّم تسليمًا .
أما بعد:
أيها الناس، اتَّقوا الله تعالى، وإن ها هنا مسألةً هامَّةً هامَّةً هامَّةً، ألا وإنها تقع من بعض الناس الجاهلين، يوجد بعض الناس يصوم ولكنه لا يصلّي، يزكِّي ولكنه لا يصلّي، يعتمرُ ولكنه لا يصلّي، يتصدّق ولكنه لا يصلّي .
وإني أقول لهذا الرجل: إن صومك غير مقبول، وصدقتك غير مقبولة، وعمرتك غير مقبولة، وعملك مردود عليك، لو صمت الليل والنهار وتصدَّقت بكل مالك واعتمرت عدَّة مرات فإن الله لا يقبله منك حتى تعود إلى دينك بالصلاة؛ لأن الإنسان الذي لا يصلّي كافرٌ خارجٌ عن الإسلام، لا يقبل الله منه زكاةً، ولا صومًا، ولا حجًّا ولا عمرةً؛ لأن الله يقول في الكافرين: ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً﴾ [الفرقان:23]، ويقول: ﴿وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التوبة:54] .
وقد دلَّت أدلة الكتاب والسنَّة وأقوال الصحابة والنظر الصحيح على أن تارك الصلاة كافرٌ كفرًا أكبر مخرجًا عن الملّة، وقد ذكرنا ذلك مرارًا وتكرارًا .
وفي هذا اليوم نشرت جريدة الجزيرة فتوًى صادرة عن اللجنة الدائمة للإفتاء بالمملكة العربية السعودية تقول مثل هذا القول: إن هذا الصائم لا يُقبل منه صومه إذا كان لا يصلّي.
أيها المسلمون، إن الصلاة أمرها عظيمٌ ليس بالهيِّن، إنه من المؤسف حقًّا أن يصوم بعض الناس ولا يصلّي وهذا قد فُرغ منه وصومه مردود عليه وليس له من صومه إلا الجوع والظمأ، وإن من الناس مَن يصوم ويصلّي ولكن يصلّي على الفرغة؛ متى استيقظ صلّى ومتى فرغ من شغله صلّى، وهذا إذا تعمّد إخراج الصلاة عن وقتها بدون عذر شرعيٍّ فإن صلاته غير مقبولة بل هي مردودة عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»(22)، ومَن صلّى الصلاة خارج وقتها بدون عذر فقد فعل فعلاً ليس عليه أمر الله ورسوله، فيكون مردودًا عليه .
أيها الإخوة الكرام، إنه بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك ينبغي للإنسان أن يُجدِّد التوبة بينه وبين ربه، ينبغي له أن يقوِّي الصلة بينه وبين الله عزَّ وجل، عسى أن يوفَّق لصيام رمضان إيمانًا واحتسابًا وقيامه إيمانًا واحتسابًا فيُغفر الله له ما تقدّم من ذنبه وحينئذٍ يعود بعمر جديد ويعود بأعمال جديدة؛ إنه إذا غُفر له ما تقدم من ذنبه وجَدَ له من نفسه انشراح الصدر، وطمأنينة القلب، والرضى التام، والأنس والسرور؛ لأنه واللهِ لا أنسَ ولا سرور حقيقةً إلا بطاعة الله عزَّ وجل .
أيها المسلمون، استمعوا إلى قول الله عزَّ وجل: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾[النحل:97].
إن الحياة الطيِّبة سرور القلب ونعيم النفس، وليست واللهِ كثرة المال، ولا كثرة الأولاد، ولا حُسن المساكن، ولا فخامة المركوب، ولكنها سرور القلب حتى قال بعض السلف: «لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لَجالَدونا عليه بالسيوف»(م) الملوك أعلى مَن يكون تنعُّمًا في هذه الدنيا ولكنهم ليسوا كالذين آمنوا وعملوا الصالحات في سرور القلب، وانشراح الصدر، وطمأنينة النفس .
أيها الناس، اغتنموا شهر رمضان بالأعمال الصالحة، كم من إنسان في المقابر يتمنّى أن يدرك رمضان لكنه لم يحصل له ! كم من إنسان شارَفَ الوصول إلى رمضان ولكن حال بينه وبينه ريب المنون ! كم من إنسان أدرك أول الشهر ولم يدرك آخره ! كم من إنسان أدرك آخر الشهر ولكنه لم يدركه بعد ذلك !
اغتنموا - أيها المسلمون - فرص الدهر، اغتنموا هذه المواسم العظيمة التي أسأل الله أن يجعل لي ولكم منها خير نصيب .
إنه بمناسبة شهر رمضان المبارك أوجِّه كلمة إلى الإخوة الذين يشربون الدخان لعلَّ الله أن يعصمهم في هذا الشهر، إنهم لن يشربوا الدخان في نهارهم فلْيتصبَّروا في ليلهم، فإذا مضى عليهم الشهر فإنه بحول الله سيزول عنهم ما كان في دمائهم من أثر هذا الدخان الخبيث ثم يسهل عليهم بعد ذلك تركه على الإطلاق إذا صحَّت النيَّة وصدقت العزيمة واستعانوا بالله عزَّ وجل؛ فإن الله - عزَّ وجل - أكرم من عبده إذا أقبل العبد إلى ربه أقبل الله إليه أكثر .
اللهم إنَّا نسألك في مقامنا هذا أن تجعلنا من السعداء، وأن توفّقنا لاغتنام الأوقات بالأعمال الصالحات، وأن تجعلنا من عبادك الصالحين، وحزبك المفلحين، وأوليائك المتَّقين المقرَّبين يا رب العالمين، ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [الحشر: 10] .
ربَّنا أصْلح للمسلمين ولاة أمورهم، ربَّنا أصْلح لولاة الأمور بطانتهم، ربَّنا انصر المسلمين المجاهدين في سبيلك في كل مكان، اللهم اجعلنا مِمَّن جاهدوا فيك حق الجهاد، اللهم اجعلنا مِمَّن جاهدوا أنفسهم وجاهدوا شعوبهم على طاعة الله، اللهم يسِّر لنا الطاعة وهيئ لنا من أمرنا رشدًا يا رب العالمين .
عباد الله، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل: 90-91]، واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نِعَمِهِ يزِدْكم، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
--------------------------
(1)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا»، وقال صلة عن عمار: «مَن صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم»، رقم [1774]، وفي رواية له برقم [1776]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والنظر لرؤية الهلال وأنه إذا غم في أوله أو آخره أكملت عدة الشهر ثلاثين يومًا، رقم [1799]، وفي رواية له برقم [1808]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: الصوم لرؤية الهلال، رقم [1624] واللفظ له، ت ط ع .
(2)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها وعن أبيها- في كتاب [الصوم] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال»، رقم [1785]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: بيان أن الدخول في الصوم يحصل بطلوع الفجر وأن له الأكل وغيره حتى يطلع الفجر وبيان صفة الفجر الذي يتعلق به الأحكام من الدخول في الصوم وحول وقت صلاة الصبح وغير ذلك، رقم [1827-1828-1829] .
(3)أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: بيان انقضاء وقت الصوم وخروج النهار، رقم [1824]، وفي رواية له في نفس الباب، رقم [1843] ت ط ع .
(4)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: إذا جامع في رمضان ولم يكن له شيء فيتصدق عليه فليكفر، رقم [1800]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، الباب رقم [1870] ت ط ع .
(5)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: فضل الصوم، رقم [1761]، وأخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [8749]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: فضل الصيام، رقم [1705] ت ط ع .
(6)سبق تخريجه في الحديث السابق على اثنين من مفطرات الصيام فانظر إليه حفظك الله تعالى .
(7)أخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث لقيط بن صبرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في كراهة مبالغة الاستنشاق للصائم، رقم [718] ت ط ع .
(8)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في مسند المكيِّين، من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، في مسنده في باقي مسند الأنصار، رقم [21412]، وأخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث رافع بن خديج رضي الله تعالى عنه، في الحديث الطويل في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في كراهية الحجامة للصائم، رقم [705]، وأخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث ثوبان -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: الصائم يحجم، رقم [2020]، وفي رواية له من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، رقم [2021]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في الحجامة للصائم، رقم [1669]، وفي رواية له من حديث ثوبان رضي الله تعالى عنه، رقم [1670]، وفي رواية له من حديث شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، رقم [1671]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث شداد بن أوس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: الحجامة تفطّر الصائم، رقم [1667]، وأخرجه أصحاب السنن في سننهم رحمهم الله جميعًا، ت ط ع .
(9)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم [10058]، وأخرجه الإمام الترمذي رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء فيمَن استقاء عمدًا، رقم [653]، وأخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه في كتاب [الصوم] باب: الصائم يستقيء عمدًا، رقم [2032]، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: الرخصة فيه، رقم [1666]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في الصائم يقيء، رقم [1666]، وأخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ]، من حديث ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في قضاء رمضان والكفّارات، رقم [595] ت ط ع .
(10)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أسماء بنت أبي بكر -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: إذا أفطر في رمضان ثم طلعت الشمس، رقم [1823]، وأخرجه أصحاب السنن وأحمد، ت ط ع .
(11)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسيًا، رقم [1797]، وأخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصيام] باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر، رقم [1952] ت ط ع .
(12)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده، من حديث بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رقم [16007-22107]، أخرجه أبو داوود في سننه رحمه الله تعالى، من حديث بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الصوم] باب: الصائم يصب عليه من العطش ويبالغ في الاستنشاق، رقم [2018]، أخرجه الإمام مالك -رحمه الله تعالى- في [الموطأ]، من حديث بعض أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء في الصيام في السفر، رقم [577]، وأخرجه الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- في مسنده [ترتيب السندي]صفحة [765] [716] ت م ش، وأخرجه عبد الرزاق في مصنّفه وفيه قال عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث ولم يذكر عن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكر من الحر والعطش بل ذكر من الصيام، الجزء [4] الصفحة [207]، رقم [7509] .
تنبيه: جميع من أخرج هذا الأثر لم يذكروا اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث إلا في مصنف عبد الرزاق قال عن أبي بكر بن عبد الرحمن أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث وفيه وهو صائم .
(13)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: اغتسال الصائم وبَلّ ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- ثوبًا فألقاه عليه وهو صائم ودخل الشعبي الحمام وهو صائم وقال ابن عباس: لا بأس أن يتطعم القدر أو الشيء، وقال الحسن: لا بأس بالمضمضة والتبرُّد للصائم، وقال ابن مسعود: إذا كان يوم صوم أحدكم فلْيصبح دهينًا مترجلاً، وقال أنس: إن لي إبزًا أتقحم فيه وأنا صائم، ويذكر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه استاك وهو صائم، وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: يستاك أول النهار وآخره ولا يبلع ريقه، وقال عطاء: إن ازدرد ريقه لا أقول يفطر، وقال ابن سيرين: لا بأس بالسواك الرطب، قيل: له طعم، قال: والماء له طعم وأنت تمضمض به، ولم يرَ أنس والحسن وإبراهيم بالكحل للصائم بأسًا . أهـ. وأخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث عامر بن ربيعة -رضي الله تعالى عنه- وعائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء في السواك للصائم، رقم [657] .
(14)أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الصوم] باب: سواك الرطب واليابس للصائم، ويذكر عن عامر بن الربيعة -رضي الله تعالى عنه- قال: رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يستاك وهو صائم ما لا أُحصي أو أعدّ، وقال أبو هريرة -رضي الله تعالى عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء»، ويروى نحوه عن جابر وزيد بن خالد -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يخص الصائم من غيره، وقالت عائشة -رضي الله تعالى عنها- عن النبي صلى الله عليه وسلم: «السواك مطهرة للفم مرضاة للرب»، وقال عطاء وقتادة: يبتلع ريقه .
(15)أخرجه الإمام النسائي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [السهو] باب: أقل ما يجزي من عمل الصلاة، رقم [1298]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- في كتاب [الطهارة] باب: السواك عند كل صلاة، رقم [371-372] .
(16)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصوم] باب: بركة السحور من غير إيجاب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله تعالى عنهم أجمعين- واصلوا ولم يذكر السحور، رقم [1789]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الصيام] باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه واستحباب تأخيره وتعجيل الفطر، رقم [1835] ت ط ع .
(17)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث سهل بن سعد -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: تعجيل الإفطار، رقم [1821]، وأخرجه مسلم رحمه الله تعالى، من حديث سهل بن معاذ -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل السحور وتأكيد استحباب تأخيره وتعجيل الفطر، رقم [1838] ت ط ع .
(18)أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في مسنده في باقي مسند المكثرين من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، من حديث أنس رضي الله تعالى عنه، رقم [12215]، وفي رواية أخرى للإمام أحمد في مسنده في مسند المدنيين، من حديث سلمان بن عامر رضي الله تعالى عنه: «فإن الماء طهور»، رقم [15654-17214]، في كتاب [الصوم] وأخرجه الترمذي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما جاء ما يستحب عليه الإفطار، رقم [632]، وفي رواية للترمذي من حديث سلمان بن عامر الضيمي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إذا أفطر أحدكم فلْيفطر على تمر»، زاد ابن عيينه: «فإنه بركة، فمَن لم يجد فلْيفطر على ماء فإنه طهور»، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث أنس -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: ما يفطر عليه، رقم [2009]، وفي رواية أخرى من حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- وزاد: «فإن الماء طهور»، رقم [2008]، وأخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: ما جاء على ما يستحب الفطر، وهذه الرواية لم يذكر فيها على رطبات وذكر فيها فلْيفطر على ماء فإن الماء طهور، رقم [1689]، وأخرجه الدارمي -رحمه الله تعالى- في سننه، من حديث سلمان بن عامر -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا أفطر أحدكم فلْيفطر على تمر فإن لم يجد فليفطر على ماء فإن الماء طهور، رقم [1639] في كتاب [الصوم] باب: ما يستحب الإفطار عليه، ت ط ع .
(19)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: مَن لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم، رقم [1770] ت ط ع .
(20)أخرجه الإمام البخاري رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصوم] باب: فضل الصوم، رقم [1761]، وأخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل الصيام، رقم [1944] ت ط ع .
(21)أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- في كتاب [الصيام] باب: فضل الصوم، رقم [1943] ت ط ع .
(22)أخرجه الإمام مسلم رحمه الله تعالى، من حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنهما- في كتاب [الأقضية] باب: نقض الأحكام الباطلة ومحدثات الأمور، رقم [3243] ت ط ع .
(م) انظر إلى هذه المقولة التي ذكرها ابن القيم الجوزية -رحمه الله تعالى وجزاه الله خيرًا عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم- في كتابه المبارك [الجواب الكافي لِمَن سأل عن الدواء الشافي]، المسمى«الداء والدواء» الجزء [1] الصفحة [168] واللفظ له، ت م ش .
(ث) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه في كتاب [الصوم] باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا توضأ فلْيستنشق بمنخره الماء» ولم يميِّز بين الصائم وغيره، وقال الحسن: لا بأس بالسعوط للصائم إن لم يصل إلى حلقه ويكتحل، وقال عطاء: إن تمضمض ثم أفرغ ما في فيه من الماء لا يضره إن لم يزدرد ريقه وماذا بقي في فيه ولا يمضغ العلك فإن ازدرد ريق العلك لا أقول إنه يفطر لكن ينهى عنه، فإن استنثر فدخل الماء حلقه لا بأس لأنه لا يملك .