المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسئلة في التوحيد والعقيدة - يسئل عن حديث الضرير في التوسل ؟ - يجيب عنها فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى (32)


محب الدعوة
09-23-2011, 06:18 PM
السؤال: بارك الله فيكم هذه أختكم أم عبادة من الأردن أختكم في الله تقول في هذا السؤال ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم والراوي عثمان بن حميد أن أعمى أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ادع الله أن يكشف عن بصري قال أو أدعك قال يا رسول الله إنه قد شق علي ذهاب بصري قال فانطلق فتوضأ ثم صلي ركعتين ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فيقضي حاجتي وتذكر حاجتك اللهم شفعه فيّ ما صحة هذا مأجورين؟

الجواب

الشيخ: هذا الحديث اختلف العلماء في صحته فمنهم من أنكره وقال إنه لا يصح عن النبي لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال إنه صحيح وعلى تقدير صحته فإنه ليس من باب التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه من باب التوسل بدعائه بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما هو ظاهر ولكن أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي ركعتين تمهيداً وتوطئة لاستجابة الله سبحانه وتعالى لشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فيه لأنه كل ما تحقق الإيمان في الشخص كان أقرب إلى نيل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ولهذا في هذا الحديث يقول يا رسول الله يقول اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي فإن قوله يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حاضراً وأن هذا طلباً من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع فيه إلى الله عز وجل ثم سأل الله عز وجل أن يقبل هذه الشفاعة وقال اللهم شفعه في وهذا لا يكون دليلاً على التوسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم وإني بهذه المناسبة أقول إن التوسل إلى الله سبحانه وتعالى بالدعاء على نوعين نوع جائز ونوع ممنوع والجائز على عدة وجوه الوجه الأول أن نتوجه إلى الله تعالى بأسمائه والثاني أن نتوجه إلى الله تعالى بصفاته والثالث أن نتوجه إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله(1) والرابع أن يتوجه إلى الله تعالى بالعمل الصالح(2) والخامس أن يتوجه إلى الله تعالى بذكر حاله وفقره إلى ربه والسادس أن يتوجه إلى الله عز وجل بدعاء من ترجى إجابته أما الأول وهو التوجه إلى الله تعالى بأسمائه فقد يكون باسمٍ خاص وقد يكون بالأسماء عموماً ففي حديث ابن مسعود رضي الله عنه الحديث المشهور أسألك اللهم بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك هذا من التوسل بالأسماء على سبيل العموم وقول السائل اللهم إني أسألك أن تغفر لي فإنك أنت الغفور الرحيم هذا من التوسل بالاسم الخاص المناسب لما تدعو الله به وهو داخلٌ في قوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وأما التوسل بالصفات بصفات الله فقد يكون بصفاتٍ معينة وقد يكون بالصفات عموماً فتقول اللهم إني أسألك بصفاتك العليا أن تغفر لي وقد يكون بصفةٍ خاصة مثل قولك اللهم لعلمك الغيب وقدرتك الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي وتوفني ما علمت الوفاة خيراً لي فتوسلت إلى الله بعلمه وقدرته وهنا صفتان خاصتان والتوسل إلى الله تعالى بالإيمان به وبرسوله مثل قوله تعالى (ربنا إنا سمعنا منادياً ينادي بالإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار) ومثال التوسل بالعمل الصالح توسل الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار فلم يستطيعوا أن يزحزحوا الصخرة التي سدت عليهم الباب فتوسل أحدهم إلى الله تعالى بكمال بره والثاني بكمال عفته والثالث بكمال وفائه بالعقد والقصة مشهورة ومثال التوسل بمثل حال الداعي مثل أن تقول اللهم إني فقير إليك ذليل بين يديك وما أشبه ذلك ومنه قول موسى (رب إني بما أنزلت إلي من خيرٍ فقير) ومثال التوسل إلى الله تعالى بدعاء من ترجى إجابته توسل الصحابة رضي الله عنهم بدعاء النبي صلى الله عذه وسلم كما في حديث أنس أن رجلاً دخل يوم جمعة وأن النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت الأموال وتقطعت السبل فادع الله يغيثنا فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس رضي الله عنه فوالله ما في السماء من سحابٍ ولا قزع يعني ما في السماء سحابٌ واسع ولا قزع من الغيم وما بيننا وبين سلعٍ من بيتٍ ولا دار فخرجت من ورائه سحابةً مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ورعدت وبرقت وأمطرت فما نزل النبي صلى الله عليه وسلم من المنبر إلا والمطر يتحادر من لحيته صلوات الله وسلامه عليه ثم بقي المطر أسبوعاً كاملاً فدخل الرجل أو رجلٌ آخر في الجمعة الأخرى والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق المال فادع الله يمسكها فرفع النبي صلى الله عليه وسلم يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا وجعل يشير إلى النواحي عليه الصلاة والسلام وما يشير إلى ناحيةٍ إلا انفرج السحاب عنها وخرج الناس يمشون في الشمس فهذا من التوسل بدعاء من ترجى إجابته وفي الصحيح أيضاً من حديث عمر رضي الله عنه أنه استسقى فقال اللهم إنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقينا وإننا نتوسل إليك بعم نبينا ابن عباس ادع الله فيدعو الله فيسقون هذه أصناف التوسل الجائز أما التوسل الممنوع فأن نتوسل بشيء ليس وسيلةً وليس سبباً في حصول المقصود مثل أن يتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاه النبي صلى الله عليه وسلم فإن التوسل بذاته أو بجاهه ليس سبباً في حصول المقصود لأنك إذا لم يكن لديك سببٌ يوصل إلى حصول المقصود لم ينفعك جاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ربه لأن جاهه إنما ينفعه هو صلوات الله وسلامه عليه ولهذا لم ينتفع أبو لهب بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ولا بذاته لأنه ليس لديه وسيلة تمنعه من عذاب الله وكذلك توسل أصحاب الأوثان بأوثانهم الذين قالوا (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفا) فإن هذا التوسل لا ينفعهم بشيء لأنهم مشركون وإنني أنصح إخواني المسلمين أن يحرصوا على إتباع الآثار فيما يتوسلون به إلى الله وما أحسن الامتثال لقوله تعالى (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها) وهذا خير ما يتوسل به المرء أن يتوسل إلى الله تعالى بأسمائه الدالة على صفاته العظيمة وعلى ذاته فهذا خير متوسلٌ به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1): مثاله كما في قوله تعالى : ( ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا ) وهذا من التوسل لله بالايمان به 0
(2): التوسل إلى الله بالأعمال الصالحة كما في حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة وهم في الغار ، فدعوا الله عز وجل بصالح اعمالهم ، فقال احدهم اللهم إنه كان لي ابوين وإني كنت لا اغبق عليهما احد قبلهما ، اللهم ان كنت فعلت هذا خالصا لك فافرج عنا ما نحن فيه 0 ( ملاحظة حاشية خارجة عن اصل الفتوى )

http://www.ibnothaimeen.com/all/noor/article_996.shtml