المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ابن تيمية | {إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}


الجوهرة
03-14-2017, 09:41 PM
الحمدلله وبعد،

قال شيخ الإسلام ابن تيمية (ت: ٧٢٨ هـ ) في المجموع (٣٨/٢٨) :

{إنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} فَمَنْ شَنَأَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ نَصِيبٌ؛

وَلِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ: إنَّ بِالْمَسْجِدِ أَقْوَامًا يَجْلِسُونَ وَيَجْلِسُ النَّاسُ إلَيْهِمْ فَقَالَ: مَنْ جَلَسَ لِلنَّاسِ جَلَسَ النَّاسُ إلَيْهِ؛

لَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ يَبْقَوْنَ وَيَبْقَى ذِكْرُهُمْ وَأَهْلَ الْبِدْعَةِ يَمُوتُونَ وَيَمُوتُ ذِكْرُهُمْ.

وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْبِدْعَةِ شَنَئُوا بَعْضَ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ فَأَبْتَرَهُمْ بِقَدْرِ ذَلِكَ،

وَاَلَّذِينَ أَعْلَنُوا مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ ﷺ فَصَارَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}،

فَإِنَّ مَا أَكَرَمَ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلِلْمُؤْمِنِينَ الْمُتَابِعِينَ نَصِيبٌ بِقَدْرِ إيمَانِهِمْ.

فَمَا كَانَ مِنْ خَصَائِصِ النُّبُوَّةِ وَالرِّسَالَةِ فَلَمْ يُشَارِكْ فِيهِ أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ وَمَا كَانَ مِنْ ثَوَابِ الْإِيمَانِ وَالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ فَلِكُلِّ مُؤْمِنٍ نَصِيبٌ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
http://www.ajurry.com/vb/showthread.php?t=43535
وقال رحمه الله في (٥٢٨/١٦) :

فَالْحَذَرَ الْحَذَرَ أَيُّهَا الرَّجُلُ مِنْ أَنْ تَكْرَهَ شَيْئًا مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ ﷺ أَوْ تَرُدَّهُ لِأَجْلِ هَوَاك أَوْ انْتِصَارًا لِمَذْهَبِك أَوْ لِشَيْخِك أَوْ لِأَجْلِ اشْتِغَالِك بِالشَّهَوَاتِ أَوْ بِالدُّنْيَا،

فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يُوجِبْ عَلَى أَحَدٍ طَاعَةَ أَحَدٍ إلَّا طَاعَةَ رَسُولِهِ وَالْأَخْذَ بِمَا جَاءَ بِهِ بِحَيْثُ لَوْ خَالَفَ الْعَبْدُ جَمِيعَ الْخَلْقِ وَاتَّبَعَ الرَّسُولَ مَا سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْ مُخَالَفَةِ أَحَدٍ فَإِنَّ مَنْ يُطِيعُ أَوْ يُطَاعُ إنَّمَا يُطَاعُ تَبَعًا لِلرَّسُولِ وَإِلَّا لَوْ أَمَرَ بِخِلَافِ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّسُولُ مَا أُطِيعَ.

فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَاسْمَعْ وَأَطِعْ وَاتَّبِعْ وَلَا تَبْتَدِعْ. تَكُنْ أَبْتَرَ مَرْدُودًا عَلَيْك عَمَلُك بَلْ لَا خَيْرَ فِي عَمَلٍ أَبْتَرَ مِنْ الِاتِّبَاعِ وَلَا خَيْرَ فِي عَامِلِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. انتهى كلامه رحمه الله.