الجوهرة
03-14-2017, 10:57 PM
(فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (البقرة:209)
التفسير:{ 209 } قوله تعالى: { فإن زللتم } قال بعض العلماء: أي عدلتم؛ وقال آخرون: أي ملتم؛ والمعنى متقارب؛ لأن العادل عن الشيء زال عنه.قوله تعالى: { من بعد ما جاءتكم البينات }؛ { البينات } صفة لموصوف محذوف - أي الآيات البينات -؛ وسمى الله ذلك زللاً؛ لأن في الميل، والعدول عن الحق هلكة، مثل لو زلّ الإنسان، وسقط في بئر مثلاً.قوله تعالى: { فاعلموا أن الله عزيز حكيم }: هذا جواب الشرط؛ والمراد بالعلم أن نحذر ممن له العزة.وذكر أهل العلم أن «العزيز» له ثلاثة معانٍ: عزة قدْر؛ وعزة قهر؛ وعزة امتناع؛ فعزة القدر - أي أنه عزّ وجلّ عظيم القدر -؛ لقوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة...} [الزمر: 67] الآية؛ أما عزة القهر فمعناها الغلبة - أي أنه سبحانه وتعالى غالب لا يغلبه شيء -؛ وهذا أظهر معانيها؛ وأما عزة الامتناع فمعناها أنه يمتنع أن يناله السوء - مأخوذ من قولهم: «أرض عزاز» أي قوية صلبة لا تؤثر فيها الأقدام -؛ وأما «الحكيم» أي ذو الحكم، والحكمة.
الفوائد:1 - من فوائد الآية: الوعيد على من زلّ بعد قيام الحجة عليه؛ لقوله تعالى: { فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات }؛ فإن قيل: من أين يأتي الوعيد؟ قلنا: من قوله تعالى: { فاعلموا أن الله عزيز حكيم }؛ لأن من معاني «العزة» الغلبة، والقهر؛ و «الحكمة» : تنزيل الشيء في مواضعه؛ فإذا كان هناك غلبة وحكمة، فالمعنى: أنه سينزِّل بكم ما تتبين به عزته؛ لأن هذا هو مقتضى حكمته.
2 - ومنها: أن الله تعالى أقام البينات بالعباد؛ لقوله تعالى: { من بعد ما جاءتكم البينات }.
3 - ومنها: أنه لا تقوم الحجة على الإنسان، ولا يستحق العقوبة إلا بعد قيام البينة؛ لقوله تعالى: { من بعد ما جاءتكم البينات }؛ ولهذا شواهد كثيرة من الكتاب والسنة تدل على أن الإنسان لا حجة عليه حتى تقوم عليه البينة.
4 - ومنها: وجوب الإيمان بأسماء الله، وما تضمنته من صفات؛ لقوله تعالى: { فاعلموا } علم اعتراف، وإقرار، وقبول، وإذعان؛ فمجرد العلم لا يكفي؛ ولهذا فإن أبا طالب كان يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، وأنه رسول الله؛ لكنه لم يقبل، ولم يذعن؛ فلهذا لم ينفعه إقراره؛ فالإيمان ليس مجرد اعتراف بدون قبول وإذعان.
5 - ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله - وهما «العزيز» ، و «الحكيم» -؛ وإثبات ما تضمناه من صفة - وهي العزة، والحُكم، والحكمة.
التفسير : سورة البقرة - المجلد الثالث
الشيخ صالح العثيمين
التفسير:{ 209 } قوله تعالى: { فإن زللتم } قال بعض العلماء: أي عدلتم؛ وقال آخرون: أي ملتم؛ والمعنى متقارب؛ لأن العادل عن الشيء زال عنه.قوله تعالى: { من بعد ما جاءتكم البينات }؛ { البينات } صفة لموصوف محذوف - أي الآيات البينات -؛ وسمى الله ذلك زللاً؛ لأن في الميل، والعدول عن الحق هلكة، مثل لو زلّ الإنسان، وسقط في بئر مثلاً.قوله تعالى: { فاعلموا أن الله عزيز حكيم }: هذا جواب الشرط؛ والمراد بالعلم أن نحذر ممن له العزة.وذكر أهل العلم أن «العزيز» له ثلاثة معانٍ: عزة قدْر؛ وعزة قهر؛ وعزة امتناع؛ فعزة القدر - أي أنه عزّ وجلّ عظيم القدر -؛ لقوله تعالى: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة...} [الزمر: 67] الآية؛ أما عزة القهر فمعناها الغلبة - أي أنه سبحانه وتعالى غالب لا يغلبه شيء -؛ وهذا أظهر معانيها؛ وأما عزة الامتناع فمعناها أنه يمتنع أن يناله السوء - مأخوذ من قولهم: «أرض عزاز» أي قوية صلبة لا تؤثر فيها الأقدام -؛ وأما «الحكيم» أي ذو الحكم، والحكمة.
الفوائد:1 - من فوائد الآية: الوعيد على من زلّ بعد قيام الحجة عليه؛ لقوله تعالى: { فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات }؛ فإن قيل: من أين يأتي الوعيد؟ قلنا: من قوله تعالى: { فاعلموا أن الله عزيز حكيم }؛ لأن من معاني «العزة» الغلبة، والقهر؛ و «الحكمة» : تنزيل الشيء في مواضعه؛ فإذا كان هناك غلبة وحكمة، فالمعنى: أنه سينزِّل بكم ما تتبين به عزته؛ لأن هذا هو مقتضى حكمته.
2 - ومنها: أن الله تعالى أقام البينات بالعباد؛ لقوله تعالى: { من بعد ما جاءتكم البينات }.
3 - ومنها: أنه لا تقوم الحجة على الإنسان، ولا يستحق العقوبة إلا بعد قيام البينة؛ لقوله تعالى: { من بعد ما جاءتكم البينات }؛ ولهذا شواهد كثيرة من الكتاب والسنة تدل على أن الإنسان لا حجة عليه حتى تقوم عليه البينة.
4 - ومنها: وجوب الإيمان بأسماء الله، وما تضمنته من صفات؛ لقوله تعالى: { فاعلموا } علم اعتراف، وإقرار، وقبول، وإذعان؛ فمجرد العلم لا يكفي؛ ولهذا فإن أبا طالب كان يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، وأنه رسول الله؛ لكنه لم يقبل، ولم يذعن؛ فلهذا لم ينفعه إقراره؛ فالإيمان ليس مجرد اعتراف بدون قبول وإذعان.
5 - ومنها: إثبات اسمين من أسماء الله - وهما «العزيز» ، و «الحكيم» -؛ وإثبات ما تضمناه من صفة - وهي العزة، والحُكم، والحكمة.
التفسير : سورة البقرة - المجلد الثالث
الشيخ صالح العثيمين