المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يا دعاة الإسلام لا فائدة من دعوتكم دون تحقيق التوحيد .. الفوزان


الجوهرة
07-21-2017, 11:58 PM
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمـعــــــيـن


أمـــا بـعـــــــــــــدُ :


فهذا تفريغ قام به بعض الفضلاء لكلمة للشيخ صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله - جعلت بعنوان



" يا دعاة الإسلام لا فائدة من جهودكم دون تحقيق التوحـيــــــــــــد "


- الـتـفـــــريــــــــغ -


" نجد أول ما يذكر الله جل وعلا من الحقوق حق التوحيد {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [ النساء :36] ذكر في هذه الآية عشرة حقوق بدأها بحقه سبحانه وتعالى وهو التوحيد {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا } {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } [ الأنبياء :25]

فأول ما تتوجه دعوة الرسل والمصلحين من البشر المصلحين من الأمم أول ما تتوجه دعوتهم إلى إصلاح العقيدة ، فإذا صلحت العقيدة فإنه يبنى عليها بقية الأعمال ، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أرسل الدعاة يأمرهم أن يبدءوا الناس بالدعوة إلى التوحيد لما بعث معادا إلى اليمن قال (( إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة ، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم إن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم .. إلى آخر الحديث ))

فقد بدأ صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى التوحيد ثم بعدها الدعوة إلى الصلاة والزكاة...بقية أوامر الدين ، لأنه بدون ذلك لا فائدة من الدعوة ، لو فرضنا أن الناس أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وصاموا رمضان وحجوا وفعلوا من الأعمال الشيء الكثير إلا أنهم لم يحققوا التوحيد ؛ فإن هذه الأعمال لا فائدة منها ولا تفيد شيئا ، لو فرضنا أن الناس اعتنوا بالصلاة والزكاة والصيام والحج وسائر العبادات ماعدا التوحيد لم يحققوه فيه شرك فلا فائدة من أعمالهم كلهم ، لأنها لم تبنى على أساس .



كثير من الدعاة اليوم في البلاد المجاورة يشاهدون الناس يعبدون القبور والأضرحة ويطوفون بها ويذبحون لها وينذرون لها ولايغيّرون عليهم ينكرون عليهم ولا يدعونهم إلى التوحيد ,وإنما تجدهم يدعون إلى أمور جانبية وهي أمور فرعية ويتركون إصلاح العقيدة ، يطلبون من الناس المحافظة على الصلاة والمحافظة على العبادات وترك الربا .. إلى آخره, لكن لم يجدهم يطلبون من الناس إخلاص العبادة لله وترك عبادة الأضرحة والسعي في هدم هذه الأضرحة وهدم هذه الأوثان ما نجد منهم نشاطا في ذلك ، فهذه دعوة فاشلة لأنها لم تبنى على المنهج الرباني المنهج النبوي

النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة يدعو إلى التوحيد ، لم يأمر بالصلاة ولا بالزكاة ولا بالصوم ولا بالحج بقاؤه في مكة لم يأمر بهذه العبادات ، وإنما يدعو الناس إلى أن يقولوا لا إله إلا الله ، يدعوا الناس إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك عبادة الأصنام ، وإنما أمرهم بالصلاة والصيام والحج لما هاجر إلى المدينة ونزلت عليه الشرائع والفرائض ، نزلت عليه صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة .



مما يدل على أن الواجب على الدعاة أن يهتموا بأمر العقيدة أولا ، ويطلبون من الناس إصلاح العقيدة وترك عبادة الأضرحة , الجاهلية يعبدون الأحجار والأشجار ؛ الجاهلية يعبدون اللات والعزة ومناة وهبل ومن هذه الأصنام ، ومشرك هذا الزمان يعبدون القبور والأضرحة , هل هناك فرق بين الأصنام وبين الأضرحة ؟! ما هناك فرق ، كل ما عبد من دون الله عز وجل فإنه وثن ، الأوثان تطلق على كل ما عبد من دون الله عز وجل

قال سبحانه وتعالى {وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ }[الحج :30,31]الأوثان جمع وثن وهو كل ما عبد من دون الله من صنم أو قبر أو حجر أو شجر أو ولي أو نبي أو ملك أو جني أو انسي كل ما عبد من دون الله يسمى وثنا ، فالقبور هذه أوثان ، لماذا لا يتوجهون إليها ويدعون الناس إلى ترك عبادتها ويسعون في هدمها كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم في قوله :(( لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته ولا صورة إلا طمستها ))، وقال صلى الله عليه وسلم (( إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك )) ، وقال عليه الصلاة والسلام وهو في سياق الموت في قال عليه الصلاة والسلام (( لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد ))

وها هي المساجد الآن على القبور تُشاد وتبنى وتزخرف ...ولا نجد من يتكلم ببنت شفه في هذه الأمور ، فأين الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى , نسمع عن الدعوة لكن أين الدعوة وهذه القبور والأضرحة وهذه البلاوي التي أحاطت بالأمة .


فمن منهج الدعوة البداءة بالأهم فالأهم ، أما إذا عكست الامور وبُدأ بالأيسر والأدنى وترك المهم وترك الأصل فإن هذا منهج معاكس لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم فلا ينتج شيئا ولا يثمر فائدة أبدا وهو الواقع اليوم ، مالم يعودوا الدعاة إلى هذا الأصل النبوي وهذا المنهج النبوي فإن الدعوة تصبح اسما بدون حقيقة .



كذلك من مناهج الدعوة النظر في حالة المدعو والتمشي معه بحسب حالاته ، يقول الله سبحانه وتعالى {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ النحل :125] هذه مراعاة أحوال المدعو ، لأن المدعو لا يخلوا من ثلاث حالات :



الحالة الأولى :


أن يكون هذا المدعو جاهلا لا يعرف الحكم ، وإنما فعل ما فعل من الخطأ والشرك لجهله فهذا يحتاج إلى الدعوة بالحكمة ، بأن تبين له أن هذا الأمر شرك وهذا الأمر الذي هو عليه خطأ ،فبمجرد ما تبين له سينتقل من الباطل إلى الحق ، لأنه ما ترك الحق زهدا فيه ولا بغضا فيه ، وإنما تركه لأنه يجهل ويريد الحق ولكنه لم يعرفه ، فإذا عرّفته قبله منك ، هذا يدعى بالحكمة بالبيان فقط

تبين له الخطأ من الصواب وهو ينتقل بسرعة من الخطأ إلى الصواب ، لا يحتاج منك إلى أكثر من البيان ، وهذه غالبة أحوال الناس اليوم خصوصا الذين ينتسبون إلى الإسلام ويقعون في الشرك ،فالغالب أنهم جهال لا يدرون ، أدركوا الناس يعملون هذه الأعمال فظنوها من الإسلام فالتزموها، فلو بين لهم ووضح لهم لرجع الكثير منهم إلى الحق ، ولكن إقامتهم على هذا الخطأ العظيم هذا سبب إهمال الدعاة في هذا الجانب العظيم ... هذه الحالة الأولى .



الحالة الثانية من المدعوين :


من يحتاج إلى موعظة ، إنسان يعرف الحق ولكنه ارتكب الخطأ لأمر من الأمور ، إما لشهوة في نفسه ، وإما لمعاندة ومكابرة ، فهذا يحتاج إلى موعظة بأن تخوفه بالله عز وجل ، و أن تقول له أنت يا فلان تعرف أن هذا الأمر الذي أنت عليه خطأ فاتق الله عز وجل , تب إلى الله لا تتبع شهوات نفسك أو تأخذك العزة بالإثم فتصر على الخطأ وأنت الآن تعرف الحق ، تعرف ما أنت عليه خطأ فاتق الله ،وتُذكره بالله عز وجل وتذكر له عقوبة من عرف الحق ولم يتبعه وبماذا يعاقب ، وبماذا يصاب في الدنيا والآخرة ، لأن الله توعد من عرف الحق ولم يعمل به توعده بأشد الوعيد ، وأعظم الوعيد الذي توعده الله به أنه يفسد عليه قلبه قال تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}[الأنفال :24]

الذي ما يقبل بالحق بعد معرفته يحول الله بينه وبين قلبه فيطمس الله على قلبه فلا يقبل الحق بعد ذلك {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} قال تعالى {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ}[الأنعام :110] نقلب أفئدتهم وأبصارهم مشتتة كما لم يعملوا به أول مرة , لما تبين لهم وعرفوه لم يعملوا به فقلب الله قلوبهم وأبصارهم ، وقال تعالى {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ } {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ }[الصف :5]

(اللا نافية) فقوم موسى يؤذونه وهم يعلمون أنه رسول الله عاقبهم الله عز وجل بزيغ القلوب لأنهم تركوا الحق بعد معرفته ، فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم , ولهذا في دعاء المؤمنين الذي ذكره الله في سورة آل عمران {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا }[ آل عمران :8] كان يخاف على نفسه إذا عرف الحق ولم يعمل به فإنه يخاف على نفسه من الزيغ ، فهكذا تعظ الشخص الذي عرف الحق ولم يبادر إلى قبوله تعظه بهذه المواعظ { وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } هذه الموعظة الحسنة " .
التفريغ:للأخ أبو حفص عبدالرحمن بن ابي القاسم حفظه الله