باغي الخير
09-29-2011, 01:41 AM
تنزيه الشريعة الإسلامية من فتنة الاختلاط"
الحلقة الثانية
وفيها بيان فساد منهج الكاتب في الاستدلال بالأحاديث النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد :
12- فقال الكاتب: " وقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك على سعد بن عبادة -رضي الله عنه- حين قال: «والله لأضربنه بالسيف غير مصفح»، في شأن من وجد مع امرأته رجلا آخر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: «أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأغير من سعد، والله أغير منا، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن»".
أقول:
أ- لفظ الحديث في البخاري في "كتاب النكاح": "وقال وَرَّادٌ: عن الْمُغِيرَةِ: قال سَعْدُ بن عُبَادَةَ: لو رأيت رَجُلًا مع امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غير مُصْفَحٍ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَتَعْجَبُونَ من غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ منه وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي".
ثم أورد بعده حديث ابن مسعود حديث (5220) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أَحَدٍ أَغْيَرُ من اللَّهِ، من أَجْلِ ذلك حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وما أَحَدٌ أَحَبَّ إليه الْمَدْحُ من اللَّهِ".
وفي صحيح مسلم في "اللعان" حديث (1498) عن أبي هريرة من طرق، قال سَعْدُ ابن عُبَادَةَ: يا رَسُولَ اللَّهِ لو وَجَدْتُ مع أَهْلِي رَجُلًا لم أَمَسَّهُ حتى آتى بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:نعم، قال: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إن كنت لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قبل ذلك، قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: اسْمَعُوا إلى ما يقول سَيِّدُكُمْ إنه لَغَيُورٌ وأنا أَغْيَرُ منه وَاللَّهُ أَغْيَرُ مني".
وروى مسلم في "صحيحه" بعد هذا الحديث من طريق وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ قال: قال سَعْدُ بن عُبَادَةَ: "لو رأيت رَجُلًا مع امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عنه، فَبَلَغَ ذلك رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أَتَعْجَبُونَ من غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ منه، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مني، من أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ. ولا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللَّهِ"( ).
ثم أقول: إن الغيرة محمودة، ولم ينكرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على سعد، إنما أكد هذه الصفة الحميدة بقوله: " والله لَأَنَا أَغْيَرُ منه وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ".
فالله يغار ومن أجل هذه الصفة الكاملة الحميدة حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- غيور وأصحابه غيورون، ومنهم عمر بن الخطاب، وهو معروف بهذا، قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بَيْنَمَا أنا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي في الْجَنَّةِ فإذا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ، فقلت: لِمَنْ هذا؟ قالوا: هذا لِعُمَرَ،فَذَكَرْتُ غيرته، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وهو في الْمَجْلِسِ، ثُمَّ قال: أو عليك يا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ "( ).
والزبير غيور، قالت زوجته أسماء في قصة لها طويلة منها:" فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهُ نَفَرٌ من الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي، ثُمَّ قال: أخ أخ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مع الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وكان أَغْيَرَ الناس، فَعَرَفَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّي قد اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى..."( ).
فالغيرة على محارم الله محمودة، وغيرة المؤمنين على زوجاتهم ومحارمهم ونساء المؤمنين محمودة.
لكن لاحتمال أن يتذرع بعض الناس إلى قتل خصمه بدعوى أنه وجده مع امرأته صمم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أنه لا بد من شهادة أربعة على وقوع الزنى بالفعل، وإلا فأمامه الحد سداً لذريعة قتل النفوس بالدعاوى.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في "روضة المحبين" (ص273):
"ومنها غيرته لمحبوبه وعلى محبوبه فالغيرة له أن يكره ما يكره ويغار إذا عصي محبوبه وانتهك حقه وضيع أمره فهذه غيرة المحب حقا والدين كله تحت هذه الغيرة
فأقوى الناس دينا أعظمهم غيرة وقد قال النبي في الحديث الصحيح أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني فمحب الله ورسوله يغار لله ورسوله على قدر محبته وإجلاله وإذا خلا قلبه من الغيرة لله ولرسوله فهو من المحبة أخلى وإن زعم أنه من المحبين فكذب من ادعى محبة محبوب من الناس وهو يرى غيره ينتهك حرمة محبوبه ويسعى في أذاه ومساخطه ويستهين بحقه ويستخف بأمره وهو لا يغار لذلك بل قلبه بارد فكيف يصح لعبد أن يدعي محبة الله وهو لا يغار لمحارمه إذا انتهكت ولا لحقوقه إذا ضيعت وأقل الأقسام أن يغار له من نفسه وهواه وشيطانه فيغار لمحبوبه من تفريطه في حقه وارتكابه لمعصيته
وإذا ترحلت هذه الغيرة من القلب ترحلت منه المحبة بل ترحل منه الدين وإن بقيت فيه آثاره وهذه الغيرة هي أصل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الحاملة على ذلك فإن خلت من القلب لم يجاهد ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فإنه إنما يأتي بذلك غيرة منه لربه ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى علامة محبته ومحبوبيته الجهاد فقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)" اهـ.
فأبعد الناس عن الغيرة المحمودة هم دعاة الاختلاط.
والذين تستنكر عليهم الغيرة التي ترى أنهم قد تجاوزوا فيها الحد، أنت المخطئ في هذا الاستنكار.
الحلقة الثانية
وفيها بيان فساد منهج الكاتب في الاستدلال بالأحاديث النبوية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه.
أما بعد :
12- فقال الكاتب: " وقد أنكر النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك على سعد بن عبادة -رضي الله عنه- حين قال: «والله لأضربنه بالسيف غير مصفح»، في شأن من وجد مع امرأته رجلا آخر، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- حين رأى أصحابه تعجبوا من غيرة سعد: «أتعجبون من غيرة سعد، والله إني لأغير من سعد، والله أغير منا، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن»".
أقول:
أ- لفظ الحديث في البخاري في "كتاب النكاح": "وقال وَرَّادٌ: عن الْمُغِيرَةِ: قال سَعْدُ بن عُبَادَةَ: لو رأيت رَجُلًا مع امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غير مُصْفَحٍ، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أَتَعْجَبُونَ من غَيْرَةِ سَعْدٍ لَأَنَا أَغْيَرُ منه وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي".
ثم أورد بعده حديث ابن مسعود حديث (5220) عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من أَحَدٍ أَغْيَرُ من اللَّهِ، من أَجْلِ ذلك حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وما أَحَدٌ أَحَبَّ إليه الْمَدْحُ من اللَّهِ".
وفي صحيح مسلم في "اللعان" حديث (1498) عن أبي هريرة من طرق، قال سَعْدُ ابن عُبَادَةَ: يا رَسُولَ اللَّهِ لو وَجَدْتُ مع أَهْلِي رَجُلًا لم أَمَسَّهُ حتى آتى بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:نعم، قال: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ إن كنت لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قبل ذلك، قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: اسْمَعُوا إلى ما يقول سَيِّدُكُمْ إنه لَغَيُورٌ وأنا أَغْيَرُ منه وَاللَّهُ أَغْيَرُ مني".
وروى مسلم في "صحيحه" بعد هذا الحديث من طريق وَرَّادٍ كَاتِبِ الْمُغِيرَةِ عن الْمُغِيرَةِ بن شُعْبَةَ قال: قال سَعْدُ بن عُبَادَةَ: "لو رأيت رَجُلًا مع امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرُ مُصْفِحٍ عنه، فَبَلَغَ ذلك رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقال: أَتَعْجَبُونَ من غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَغْيَرُ منه، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مني، من أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ. ولا شَخْصَ أَغْيَرُ من اللَّهِ"( ).
ثم أقول: إن الغيرة محمودة، ولم ينكرها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على سعد، إنما أكد هذه الصفة الحميدة بقوله: " والله لَأَنَا أَغْيَرُ منه وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي وَمِنْ أَجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ".
فالله يغار ومن أجل هذه الصفة الكاملة الحميدة حرّم الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- غيور وأصحابه غيورون، ومنهم عمر بن الخطاب، وهو معروف بهذا، قال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "بَيْنَمَا أنا نَائِمٌ رَأَيْتُنِي في الْجَنَّةِ فإذا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ، فقلت: لِمَنْ هذا؟ قالوا: هذا لِعُمَرَ،فَذَكَرْتُ غيرته، فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا، فَبَكَى عُمَرُ وهو في الْمَجْلِسِ، ثُمَّ قال: أو عليك يا رَسُولَ اللَّهِ أَغَارُ "( ).
والزبير غيور، قالت زوجته أسماء في قصة لها طويلة منها:" فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَعَهُ نَفَرٌ من الْأَنْصَارِ فَدَعَانِي، ثُمَّ قال: أخ أخ لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ، فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسِيرَ مع الرِّجَالِ، وَذَكَرْتُ الزُّبَيْرَ وَغَيْرَتَهُ، وكان أَغْيَرَ الناس، فَعَرَفَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنِّي قد اسْتَحْيَيْتُ، فَمَضَى..."( ).
فالغيرة على محارم الله محمودة، وغيرة المؤمنين على زوجاتهم ومحارمهم ونساء المؤمنين محمودة.
لكن لاحتمال أن يتذرع بعض الناس إلى قتل خصمه بدعوى أنه وجده مع امرأته صمم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على أنه لا بد من شهادة أربعة على وقوع الزنى بالفعل، وإلا فأمامه الحد سداً لذريعة قتل النفوس بالدعاوى.
قال الإمام ابن القيم -رحمه الله- في "روضة المحبين" (ص273):
"ومنها غيرته لمحبوبه وعلى محبوبه فالغيرة له أن يكره ما يكره ويغار إذا عصي محبوبه وانتهك حقه وضيع أمره فهذه غيرة المحب حقا والدين كله تحت هذه الغيرة
فأقوى الناس دينا أعظمهم غيرة وقد قال النبي في الحديث الصحيح أتعجبون من غيرة سعد لأنا أغير منه والله أغير مني فمحب الله ورسوله يغار لله ورسوله على قدر محبته وإجلاله وإذا خلا قلبه من الغيرة لله ولرسوله فهو من المحبة أخلى وإن زعم أنه من المحبين فكذب من ادعى محبة محبوب من الناس وهو يرى غيره ينتهك حرمة محبوبه ويسعى في أذاه ومساخطه ويستهين بحقه ويستخف بأمره وهو لا يغار لذلك بل قلبه بارد فكيف يصح لعبد أن يدعي محبة الله وهو لا يغار لمحارمه إذا انتهكت ولا لحقوقه إذا ضيعت وأقل الأقسام أن يغار له من نفسه وهواه وشيطانه فيغار لمحبوبه من تفريطه في حقه وارتكابه لمعصيته
وإذا ترحلت هذه الغيرة من القلب ترحلت منه المحبة بل ترحل منه الدين وإن بقيت فيه آثاره وهذه الغيرة هي أصل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهي الحاملة على ذلك فإن خلت من القلب لم يجاهد ولم يأمر بالمعروف ولم ينه عن المنكر فإنه إنما يأتي بذلك غيرة منه لربه ولذلك جعل الله سبحانه وتعالى علامة محبته ومحبوبيته الجهاد فقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم)" اهـ.
فأبعد الناس عن الغيرة المحمودة هم دعاة الاختلاط.
والذين تستنكر عليهم الغيرة التي ترى أنهم قد تجاوزوا فيها الحد، أنت المخطئ في هذا الاستنكار.