محمد الفاريابي
10-01-2011, 02:51 AM
العلامة محمد صالح العثيمين رحمه الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدُ الله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماسٍ من السبل، واحتياج الناس إلى الرسل، فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهَدَ في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
أيها الأخ المسلم، تذكَّر حال خروجك من بطن أمك لا تملك شيئًا وليس عليك ولا الثياب التي تكسو عورتك، فأمدّك الله تعالى بالأموال، وأنعم عليك بها، وهو الذي جلبها إليك، ولولا فضل الله عليك بها ما ملكت منها درهمًا واحدًا .
تذكَّروا هذه النعمة فيما مَنَّ الله به عليكم من أموالكم، ولا تبخلوا على أنفسكم ببذل ما أوجب الله عليكم وببذل ما هو مستحب لكم؛ فإن أموالكم حقيقة هي التي تقدّمونها أما ما تخلفونها لغيركم فليس مالاً لكم، والإنسان لا يدري متى يُخلّف ماله لغيره، فقد يكون مالك هذا المال في أول النهار ولكنه في آخر النهار ملكٌ لغيره .
عباد الله، اتّقوا الله - عزَّ وجل - وأدّوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم، وإن أوجب ما عليكم في هذه الأموال هي: الزكاة التي هي ثالث أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في محكم القرآن، وجاء في منعها وفي البخل بها الوعيد بالنيران، قال الله عزَّ وجل: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: 180]، وقال الله عزَّ وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [التوبة: 34-35] .
وقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في تفسير الآية الأولى: «مَن آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّلَ له شجاعًا أقرع» - وهي: الحيَّة التي خلا رأسها من الشعر لكثرة سُمِّها - قال: «مُثِّلَ له شجاعًا أقرع له زبيبتان يُطوّقه يوم القيامة يأخذ بلهْزمَّتيه - يعني: شدقيه - يقول: أنا مالك، أنا كنزك»(1) أخرجه البخاري في صحيحه، ومعنى قوله: «له زبيبتان» أي: له غدتان مملوءتان من السم - أجارنا الله وإياكم من ذلك .
وقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في تفسير الآية الثانية: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار فأُحمي عليها في نار جهنم فيكْوي بها جنْبه وجبينه وظهره، كلّما بردت أُعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد»(2) أخرجه مسلم في صحيحه .
وحق المال هو الزكاة، فاتّقوا الله عباد الله؛ إنه لا يُحمى على هذه الأموال في نار كنار الدنيا وإنما يُحمى عليها في نار أعظم من نار الدنيا كلها فضِّلت عليها بتسعة وستين جزءًا .
أيها المسلمون، وإنه إذا أُحمي عليها لا يكْوى بها طرف من الجسم بل يكْوى بها الجسم من كل ناحية: من الأمام والجنوب ومن الخلف .
أيها المسلمون، وإنه إذا كُويَ بها الجسم لا تُترك حتى تبرد وتزول حرارتها ولكنها كلّما بردت أُعيدت فأُحميت مرّة أخرى .
أيها المسلمون، إن هذا العذاب ليس في يوم، ولا في شهر، ولا في سنة، ولكنه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .
فيا عباد الله، يا مَن آمنوا بالله ورسوله، يا مَن صدَّقوا بالقرآن وصدقوا بالسنَّة، ما قيمة الأموال التي تبخلون بزكاتها وما فائدتها ؟
إنها واللهِ نقمة عليكم وثمرتها لغيركم، إنكم لا تطيقون الصبر على وهج نار الدنيا فكيف تصبرون على نار جهنم ؟
فاتّقوا الله - عباد الله - وأدّوا الزكاة طيّبة بها نفوسكم، حاسبوا أنفسكم محاسبة دقيقة، ثم اعلموا - يا إخواني - أنكم إذا أدّيتم الزكاة فليس ذلك غرمًا بل واللهِ إنه هو الغنيمة .
أيها المسلمون، إن الزكاة واجبةٌ في الذهب والفضة على أي حال كانت سواء كانت جنيهات وريالات، أم قطعًا من الذهب والفضة، أم حليًّا من الذهب والفضة، للبس، أو للبيع أو للتأجير، فالذهب والفضة جاءت نصوص الكتاب والسنَّة بوجوب الزكاة فيها عمومًا بدون تفصيل وجاءت نصوص من السنَّة خاصة في إيجاب الزكاة في الحلي .
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسَكَتان غليظتان من ذهب، فقال لها: «أَتُعْطِين زكاة هذا ؟» قالت: لا، قال: «أَيَسُرّكِ أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟» فخلعتهما وألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقالت: هما لله ورسوله(3)، قال الحافظ بن حجر في «بلوغ المرام»: أخرجه الثلاثة وإسنادهم قوي، وصحَّح هذا الحديث شيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وقال: إن إسناده صحيح وأخذ به وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن الإمام أحمد، والحق أحقُّ أن يتّبع ولو لم يأخذ به إلا واحد من الناس؛ لأن ما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة لا يُنظر لِمن وافقه أو خالفه، قال الله عزَّ وجل: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [آل عمران: 59]، وليس مع مَن لم يوجب الزكاة في الحلي ليس معه إلا أحاديث ضعيفة أو قياسات فاسدة؛ لذلك كلّما اطّلع الإنسان على شيء فإنه يجب عليه أن يأخذ به إذا دلَّ عليه الكتاب والسنَّة .
ولكن لا تجب الزكاة في الذهب والفضة حتى يبلغا نصابًا، فنصاب الذهب عشرون مثقالاً؛ أي: خمسة وثمانون جرامًا فما دون ذلك لا زكاة فيه إلا أن يكون للتجارة، ونصاب الفضة وزْن ستة وخمسين ريالاً سعوديًّا من الفضة فما دون ذلك لا زكاة فيه، أما مقدار الزكاة فهو أمر يسير - ولله الحمد - وهو ربع العشر؛ وعلى هذا: فإذا كان لديك مال تجب فيه الزكاة من الذهب والفضة فاقْسمْه على أربعين فما خرج بالقسمة فهو الزكاة؛ وعلى هذا ففي أربعين ألفًا ألفُ، هذا لِمن يعرف القسمة، أما مَن لا يعرف القسمة فيُقال له: في كل مائة ريالان ونصف وفي كل ألف خمسة وعشرون ريالاً .
ونصاب الفضة والذهب لا يُضم بعضهما إلى بعض، فمَن كان عنده نصف نصاب من الفضة ونصف نصاب من الذهب فلا زكاة عليه؛ لأن الفضة جنس مستقلٌّ برأسه وكذلك الذهب، كما لا تضم الحنطة إلى الشعير في تكميل النصاب وإن كان المقصود منهما واحدًا.
وتجب الزكاة أيضًا في الأوراق النقديَّة إذا بلغت ما يساوي ستة وخمسين ريالاً سعوديًّا من الفضة وفيها ربع العشر، وتجب الزكاة في الديون التي للإنسان وهي: الأطلاب التي له على الناس سواء كانت ثمن مبيع، أو أجرة عقار، أو قرضًا أو غير ذلك مِمّا يجب له على الناس فتجب فيها الزكاة إذا كانت من الذهب والفضة أو الأوراق النقديَّة وبلغت نصابًا بنفسها أو بضمِّها إلى ما عنده من جنسها سواء كانت حالَّة أو مؤجَّلة فيزكِّيها كل سنة إن كانت على غني، ولكن إن شاء أدّى زكاتها قبل قبضها مع ماله وهذا أريح له، وإن شاء انتظر حتى يقبضها فيزكّيها لكل ما مضى .
أما إن كانت الديون على فقير فلا زكاة على مَن هي له حتى يقبضها فيزكّيها سنة واحدة عمّا مضى ولو بلغ عشر سنوات؛ لأنها قبل قبضها في حكم المعدوم؛ إذ إنه لا يجوز للإنسان أن يطالب مَن ليس عنده وفاء، قال الله عزَّ وجل: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: 280] .
وتجب الزكاة في عروض التجارة وهي: كل ما أعدَّه الإنسان للبيع تكسّبًا وانتظارًا للربح من عقار، أو أثاث، أو سيارات، أو مواشٍ، أو مكائن، أو أطعمة، أو أقمشة أو غير ذلك فتجب الزكاة فيها وهي ربع عشر قيمتها عند تمام الحوْل، فإذا تَمَّ الحولُ وجب عليه أن يقدّر ما عنده من العروض ويُخرج ربع عشر قيمتها سواء كانت القيمة مثل الثمن الذي اشتراها به أو أقل أو أكثر، فإذا اشترى إنسان سلعة بألف مثلاً وكانت تساوي عند تمام الحول ألفين وجب عليه زكاة ألفين، وإن كانت لا تساوي إلا خمسمائة لم يجب عليه إلا زكاة خمسمائة، وأما ما كان عنده من الأموال التي عرضها للبيع استغناءً عنها لا طلبًا للربح فلا زكاة فيها ولو بقيت سنوات، فإذا كان الإنسان عنده أرضٌ مثلاً وليس له بها حاجة فعرضها للبيع فإنه لا زكاة فيها ولو بقيت سنوات؛ لأنه لم يعرضها للتكسب ولكن لأن نفسه طابت منها ولا يريد إبقاءها .
ولا زكاة في مال حتى يَحول عليه الحول، فلو نفد المال قبل تمام الحول أو نقص عن النصاب فلا زكاة فيه، ولو مات المالك قبل تمام الحول فلا زكاة عليه، فإذا قدِّر أن هذا الرجل يؤدّي زكاته في رمضان ومات في شعبان فلا زكاة عليه؛ لأنه مات قبل أن يحول على ماله الحول، وإنما تجب الزكاة على الورثة بعد تمام الحول من ملكهم إياها إذا تَمَّت الشروط ويُستثنى من ذلك ربح التجارة ففيه الزكاة إذا تَمَّ حول رأس المال وإن لم يتم الحول على الربح، مثال ذلك: رجل اشترى شيئًا لا يبلغ النصاب ثم بلغ النصاب ثم عند انتهاء الحول صار قيمته أضعافًا مضاعفة فيزكّيه مع ربحه؛ لأن الربح تابعٌ للأصل .
وإذا كان الشخص يملك المال شيئًا فشيئًا كأصحاب الرواتب الشهرية فلا زكاة على شيء منه حتى يحول عليه الحول، وإذا كان ينفق راتبه كل شهر بشهره فلا زكاة عليه؛ لأنه لن يتم عليه الحول في هذه الحال، ولكن إذا كان يبقى من الراتب شيء وله وقت معيّن يؤدّي فيه الزكاة فإنه يؤدي زكاة ما عنده وإن لم يتم عليه الحول؛ لأن ذلك أسلم وأريح؛ يعني: مثلاً لو أن الإنسان راتبه ثلاثة آلاف يُنفق منها ألفين في الشهر وعادته أن يُخرج الزكاة في رمضان فإنه يجمع ما عنده ثم يزكيه في رمضان وإن كان بعضها لم يتم عليه الحول؛ لأن هذا أريح له وأسْلم من الاضطراب .
وإذا كان للإنسان عقار يسكنه، أو سيارة يركبها، أو مكينة لفلاحته فلا زكاة عليه في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة»(4)، وإذا كان له عقار يؤجّره، أو سيارة يكدّها في الأجرة، أو معدّات يؤجّرها فلا زكاة عليه بها وإنما الزكاة فيما يحصل منها من الأجرة .
وإذا كان للإنسان أرضٌ يريد أن يبني عليها مسكنًا له أو للإيجار فلا زكاة عليه فيها، وكذلك إذا أبقاها للحاجة يقول: إن احتجت بعتها وإلا أبقيتها فلا زكاة عليه فيها .
أيها الإخوة المسلمون، إن أمر الزكاة عظيم، وإن على الإنسان أن يسأل عن الأموال التي عنده التي يجب فيها الزكاة والتي لا يجب؛ حتى يبرئ ذمته قبل أن يفجأه الموت، واعلم - يا أخي - أن الذي يأمرك بالإمساك إنما هو الشيطان كما قال الله عزَّ وجل: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 268] .
أيها الأخ المسلم، لا تبخل فإن مَن يبخل إنما يبخل عن نفسه، والله الغني وأنتم الفقراء، وإنما أوجب الله عليكم الزكاة لتطهّركم وتزكيكم وتبلغوا درجة أهل الكرم والجود ووقاية لأموالكم من السحت .
أسأل الله تعالى أن يزكّي نفوسنا ونفوسكم، وأن يُعيننا وإياكم على ما يرضيه، وأن يجعلنا من عباده حقًّّا؛ إنه على كل شيء قدير .
والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها يوم يلاقيه، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى إلى الثقلين: الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا، فبلّغ وأدى، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فإنني - أيها الإخوة - أضمّن خطبتي هذه الثانية، أضمّنها شيئين:
الشيء الأول: التذكير بنعمة الله - عزَّ وجل - بهذا المطر الذي نزل في أوائل هذا الشهر المبارك، وأسأله تعالى أن يجعل ذلك عنوانًا على بركة هذا الشهر وأن يُعيننا وإياكم على طاعته .
أيها الإخوة، ربما تكثر الأمطار ويحتاج الناس إلى الجمع بين المغرب والعشاء، فهل يجوز الجمع مع التراويح ؟
إن بعض الناس يظنون أنه لا يجوز ولكنّ الحقيقة أنه يجوز إذا دعت الحاجة إلى الجمع، وإذا جُمعت العشاء إلى المغرب فإن التراويح تكون تبعًا لها، وإذا صُلّيت التراويح ولو في وقت المغرب فإنها قد صُليت في وقتها؛ وذلك لأنه إذا جَازَ الجمع بين الصلاتين للمطر، أو المرض، أو السفر أو غير ذلك فإن الوقتين يندمجان، ويكون الوقتان وقتًا واحدًا، فيجوز الجمع عند وجود سببه في وقت الأولى وفي وقت الثانية وفيما بينهما؛ لأن الوقتين يكونان وقتًا واحدًا، فإذا قُدِّر أنه جازَ الجمع لمشقة الحضور إلى المسجد وجمع الناس فإنهم يُتبعونها بصلاة التراويح .
أما الشيء الثاني: فإنكم سمعتم ما ذكِر في الزكاة وفي الوعيد عليها ولكن اعلموا أنها لن تجزئ الزكاة حتى تحلّ محلّها، فمَن أعطاها مَن ليس أهلاً لها فإنها لا تجزئه ولا تنفعه وهو كمَن صلى الصلاة قبل وقتها .
فتحرَّوا أيها المسالمون، تحرَّوا أهلها، وقد بيَّن الله - تبارك وتعالى - أصناف أهلها في سورة براءة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، فمَن صرفها في غير ذلك في بناء المساجد، أو بناء المدارس، أو إصلاح الطرق، أو ما أشبه ذلك فإنها لا تجزئه؛ لأن هذه التي ذكرتها لها مصارف أخرى .
لكن نتكلم على بعض من ذكرهم الله عزَّ وجل، فالفقراء والمساكين هم: المحتاجون لكن الفقير أشد حاجة من المسكين، فمَن كان محتاجًا إلى نفقة: كسوة، أو أجرة بيت، أو طعام وصُرفت له الزكاة فهو أهل لها، وكذلك مَن احتاج إلى النكاح وليس عنده ما يتزوّج به فإنه يُعطى من الزكاة ولو شيئًا كثيرًا إذا كان لا يمكنه أن يدرك المرأة إلا به، ولا بأس أن تعطيه جميع زكاتك إذا كان محتاجًا لها، فإذا قُدِّر أن شخصًا من الناس يريد أن يتزوّج بأربعين ألفًا وليس عنده شيء وزكاتك أربعون ألفًا فأعطها إياه ولا حرج؛ لأن الحاجة إلى النكاح مثل الحاجة إلى الثياب والأكل والشرب، ولكن تحقَّق من صرفها في ذلك؛ بمعنى: أنك لا تعطيه بمجرد أن يقول إنه يريد أن يتزوّج حتى تعلم أنه إما عاقد وإما قد خطب فأجيب؛ لأن بعض الناس يحتاط لنفسه ويقول إنه يريد أن يتزوّج ثم يُعطى ما يعطاه من الزكاة ثم تستمر به الحال وهو يطلب زوجة ولا يجد، وربما إذا مَل يصرف هذه الأموال في غير النكاح ثم يأتي بعد ذلك ويقول إنه يريد أن يتزوّج، المهم أن تحتاط لنفسك في هذه المسألة .
واعلم - أيها الأخ المسلم - أنك إذا أعطيتها القريب الذي لا تجب عليك نفقته فإنه أفضل من أن تعطيها البعيد إذا كان من أهلها، فإذا كان للإنسان أخٌ فقيرٌ له عائلة وعنده زكاة فإنه أحق من غيره لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «صدقتُك على ذي القرابة صدقة وصِلَة»(5)، أما مَن تجب عليك نفقته فإنه يجب عليك أن تنفق عليه من مالك الخاص ولا يحل لك أن تصرف الزكاة إليه؛ لأنك إذا فعلت ذلك فقد وفَّرت مالك من الإنفاق عليه .
وإذا كان للإنسان ابنٌ عليه دَيْن لا يستطيع وفاءه إما حادث سيارة أو غير ذلك فلا بأس أن يقضي دَيْن ابنه من الزكاة؛ أي: من زكاته؛ وذلك لأن دَيْن الابن لا يجب على الأب أن يوفيه من ماله الخاص، فإذا أوفاه من زكاته فلا حرج، وكذلك إذا كان على أبيه دَيْن لا يستطيع وفاءه وهو عنده زكاة فلا بأس أن يقضي دَيْن أبيه من زكاته؛ وذلك لأنه لا يجب على الابن أن يقضي دَيْن أبيه، ولكن إن تبرّع بقضاء الدَّيْن عن أبيه وأدّى الزكاة إلى غيره فهو أفضل .
ومن أهل الزكاة الغارمون: الذين عليهم أطلاب في ذممهم ولا يستطيعون وفاءها، ولكن هل تعطي هذا المدين ليوفي عن نفسه أو تذهب إلى الدائن وتوفي عن المدين ؟
في هذا تفصيل: إذا كان المدين معروفًا بالصدق ومحبة إبراء ذمته فأعطها إياه وهو يوفيها، وفي هذه الحال إن شككت فقل له: ائتني بورقة تدلُّ على أنك أوفيت صاحبك، أما إذا كان المدين من المتهاونين بالدَّيْن الذين لا يبالون به وتخشى إن أعطيته ليقضي دَيْنه أن ينفقها في غير ذلك فهذا لا تعطه ليقضي دَيْنه ولكن اذهب إلى دائنه وقل له: يا فلان، إنك تطلب فلانًا كذا وكذا ثم تقضي عنه من زكاتك .
أسأل الله تعالى أن يبرئ ذممنا وذممكم مِمّا أوجب علينا، وأن يجعل زكاة أموالنا في محلّها، وأن يتقبّلها بمنِّه وكرمه؛ إنه على كل شيء قدير .
واعلموا - أيها الإخوة - «أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم» .
أسأل الله تعالى أن يلزمني وإياكم بهديه، وأن يجعلنا مِمَّن سلكه بإحسان؛ إنه على كل شيء قدير .
واعلموا «أن شر الأمور محدثاتها، وأن كل محدثة - يعني: في الدين - بدعة، وكل بدعة ضلالة»، فالزموا السنَّة واتركوا البدعة، واعلموا أن البدعة وإن استحسنتموها لا تزيدكم من الله إلا بُعدًا، وأكْثروا من الصلاة والسلام على نبيّكم يعظم الله لكم بها أجرًا؛ فإن «مَن صلى عليه مرّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا» .
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا، اللهم احشرنا في زمرة نبيّنا، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا بنبيِّنا مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين في جنّات النّعيم يا أرحم الراحمين .
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين من المنافقين والملحدين واليهود والنصارى يا رب العالمين .
اللهم أصْلح للمسلمين ولاة أمورهم، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلّهم على الخير وتحثّهم عليه، وأبعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك أن تُنجي إخواننا في الشيشان من الملحدين الظالمين يا رب العالمين، اللهم فرِّج كرباتهم، واكشف غمَّهم، واجمع بينهم وبين أحبابهم يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العُلا، وقوَّتك التي لا تقاومها قوّة، وعزتك التي لا تقاومها عزّة، نسألك اللهم أن تدمِّر الروس، اللهم دمِّرهم، اللهم دمِّرهم، اللهم دمِّرهم، يا مَن خلقتهم يا قوي يا عزيز، اللهم إنك خالقهم وأنت أشد منهم قوة، اللهم فأنزل بهم بأسَكَ الذي لا يرد عن القوم المجرمين .
اللهم شتِّت شملهم، اللهم فرِّق جمعهم، اللهم اهزم جندهم، اللهم أبدل عزّتهم بذل يا رب العالمين، وقوتهم بضعف يا رب العالمين، واجتماعهم بتفرّق يا رب العالمين، وائتلافهم بتمزّق يا أرحم الراحمين .
اللهم أرنا فيهم ما يسّرنا عاجلاً غير عاجل؛ إنك على كل شيء قدير .
وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---------------------------------
(1) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1365]، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
(2) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1647]، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
(3) أخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1336]، والنسائي -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [2434] .
(4) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، في كتاب [الزكاة] رقم [1631] .
(5) أخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1834]، من حديث سلمان بن عامر الضبي .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدُ الله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضل له، ومَن يُضلل فلا هادي له، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى على حين فترة من الرسل، وانطماسٍ من السبل، واحتياج الناس إلى الرسل، فبلّغ الرسالة، وأدّى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهَدَ في الله حق جهاده، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
أيها الأخ المسلم، تذكَّر حال خروجك من بطن أمك لا تملك شيئًا وليس عليك ولا الثياب التي تكسو عورتك، فأمدّك الله تعالى بالأموال، وأنعم عليك بها، وهو الذي جلبها إليك، ولولا فضل الله عليك بها ما ملكت منها درهمًا واحدًا .
تذكَّروا هذه النعمة فيما مَنَّ الله به عليكم من أموالكم، ولا تبخلوا على أنفسكم ببذل ما أوجب الله عليكم وببذل ما هو مستحب لكم؛ فإن أموالكم حقيقة هي التي تقدّمونها أما ما تخلفونها لغيركم فليس مالاً لكم، والإنسان لا يدري متى يُخلّف ماله لغيره، فقد يكون مالك هذا المال في أول النهار ولكنه في آخر النهار ملكٌ لغيره .
عباد الله، اتّقوا الله - عزَّ وجل - وأدّوا ما أوجب الله عليكم في أموالكم، وإن أوجب ما عليكم في هذه الأموال هي: الزكاة التي هي ثالث أركان الإسلام، وهي قرينة الصلاة في محكم القرآن، وجاء في منعها وفي البخل بها الوعيد بالنيران، قال الله عزَّ وجل: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [آل عمران: 180]، وقال الله عزَّ وجل: ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ﴾ [التوبة: 34-35] .
وقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في تفسير الآية الأولى: «مَن آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته مُثِّلَ له شجاعًا أقرع» - وهي: الحيَّة التي خلا رأسها من الشعر لكثرة سُمِّها - قال: «مُثِّلَ له شجاعًا أقرع له زبيبتان يُطوّقه يوم القيامة يأخذ بلهْزمَّتيه - يعني: شدقيه - يقول: أنا مالك، أنا كنزك»(1) أخرجه البخاري في صحيحه، ومعنى قوله: «له زبيبتان» أي: له غدتان مملوءتان من السم - أجارنا الله وإياكم من ذلك .
وقال النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في تفسير الآية الثانية: «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدّي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفّحت له صفائح من نار فأُحمي عليها في نار جهنم فيكْوي بها جنْبه وجبينه وظهره، كلّما بردت أُعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يُقضى بين العباد»(2) أخرجه مسلم في صحيحه .
وحق المال هو الزكاة، فاتّقوا الله عباد الله؛ إنه لا يُحمى على هذه الأموال في نار كنار الدنيا وإنما يُحمى عليها في نار أعظم من نار الدنيا كلها فضِّلت عليها بتسعة وستين جزءًا .
أيها المسلمون، وإنه إذا أُحمي عليها لا يكْوى بها طرف من الجسم بل يكْوى بها الجسم من كل ناحية: من الأمام والجنوب ومن الخلف .
أيها المسلمون، وإنه إذا كُويَ بها الجسم لا تُترك حتى تبرد وتزول حرارتها ولكنها كلّما بردت أُعيدت فأُحميت مرّة أخرى .
أيها المسلمون، إن هذا العذاب ليس في يوم، ولا في شهر، ولا في سنة، ولكنه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .
فيا عباد الله، يا مَن آمنوا بالله ورسوله، يا مَن صدَّقوا بالقرآن وصدقوا بالسنَّة، ما قيمة الأموال التي تبخلون بزكاتها وما فائدتها ؟
إنها واللهِ نقمة عليكم وثمرتها لغيركم، إنكم لا تطيقون الصبر على وهج نار الدنيا فكيف تصبرون على نار جهنم ؟
فاتّقوا الله - عباد الله - وأدّوا الزكاة طيّبة بها نفوسكم، حاسبوا أنفسكم محاسبة دقيقة، ثم اعلموا - يا إخواني - أنكم إذا أدّيتم الزكاة فليس ذلك غرمًا بل واللهِ إنه هو الغنيمة .
أيها المسلمون، إن الزكاة واجبةٌ في الذهب والفضة على أي حال كانت سواء كانت جنيهات وريالات، أم قطعًا من الذهب والفضة، أم حليًّا من الذهب والفضة، للبس، أو للبيع أو للتأجير، فالذهب والفضة جاءت نصوص الكتاب والسنَّة بوجوب الزكاة فيها عمومًا بدون تفصيل وجاءت نصوص من السنَّة خاصة في إيجاب الزكاة في الحلي .
فعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن امرأة أتت النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مَسَكَتان غليظتان من ذهب، فقال لها: «أَتُعْطِين زكاة هذا ؟» قالت: لا، قال: «أَيَسُرّكِ أن يسوِّرك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟» فخلعتهما وألقتهما إلى النبي - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وقالت: هما لله ورسوله(3)، قال الحافظ بن حجر في «بلوغ المرام»: أخرجه الثلاثة وإسنادهم قوي، وصحَّح هذا الحديث شيخنا عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وقال: إن إسناده صحيح وأخذ به وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن الإمام أحمد، والحق أحقُّ أن يتّبع ولو لم يأخذ به إلا واحد من الناس؛ لأن ما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة لا يُنظر لِمن وافقه أو خالفه، قال الله عزَّ وجل: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾ [آل عمران: 59]، وليس مع مَن لم يوجب الزكاة في الحلي ليس معه إلا أحاديث ضعيفة أو قياسات فاسدة؛ لذلك كلّما اطّلع الإنسان على شيء فإنه يجب عليه أن يأخذ به إذا دلَّ عليه الكتاب والسنَّة .
ولكن لا تجب الزكاة في الذهب والفضة حتى يبلغا نصابًا، فنصاب الذهب عشرون مثقالاً؛ أي: خمسة وثمانون جرامًا فما دون ذلك لا زكاة فيه إلا أن يكون للتجارة، ونصاب الفضة وزْن ستة وخمسين ريالاً سعوديًّا من الفضة فما دون ذلك لا زكاة فيه، أما مقدار الزكاة فهو أمر يسير - ولله الحمد - وهو ربع العشر؛ وعلى هذا: فإذا كان لديك مال تجب فيه الزكاة من الذهب والفضة فاقْسمْه على أربعين فما خرج بالقسمة فهو الزكاة؛ وعلى هذا ففي أربعين ألفًا ألفُ، هذا لِمن يعرف القسمة، أما مَن لا يعرف القسمة فيُقال له: في كل مائة ريالان ونصف وفي كل ألف خمسة وعشرون ريالاً .
ونصاب الفضة والذهب لا يُضم بعضهما إلى بعض، فمَن كان عنده نصف نصاب من الفضة ونصف نصاب من الذهب فلا زكاة عليه؛ لأن الفضة جنس مستقلٌّ برأسه وكذلك الذهب، كما لا تضم الحنطة إلى الشعير في تكميل النصاب وإن كان المقصود منهما واحدًا.
وتجب الزكاة أيضًا في الأوراق النقديَّة إذا بلغت ما يساوي ستة وخمسين ريالاً سعوديًّا من الفضة وفيها ربع العشر، وتجب الزكاة في الديون التي للإنسان وهي: الأطلاب التي له على الناس سواء كانت ثمن مبيع، أو أجرة عقار، أو قرضًا أو غير ذلك مِمّا يجب له على الناس فتجب فيها الزكاة إذا كانت من الذهب والفضة أو الأوراق النقديَّة وبلغت نصابًا بنفسها أو بضمِّها إلى ما عنده من جنسها سواء كانت حالَّة أو مؤجَّلة فيزكِّيها كل سنة إن كانت على غني، ولكن إن شاء أدّى زكاتها قبل قبضها مع ماله وهذا أريح له، وإن شاء انتظر حتى يقبضها فيزكّيها لكل ما مضى .
أما إن كانت الديون على فقير فلا زكاة على مَن هي له حتى يقبضها فيزكّيها سنة واحدة عمّا مضى ولو بلغ عشر سنوات؛ لأنها قبل قبضها في حكم المعدوم؛ إذ إنه لا يجوز للإنسان أن يطالب مَن ليس عنده وفاء، قال الله عزَّ وجل: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ﴾ [البقرة: 280] .
وتجب الزكاة في عروض التجارة وهي: كل ما أعدَّه الإنسان للبيع تكسّبًا وانتظارًا للربح من عقار، أو أثاث، أو سيارات، أو مواشٍ، أو مكائن، أو أطعمة، أو أقمشة أو غير ذلك فتجب الزكاة فيها وهي ربع عشر قيمتها عند تمام الحوْل، فإذا تَمَّ الحولُ وجب عليه أن يقدّر ما عنده من العروض ويُخرج ربع عشر قيمتها سواء كانت القيمة مثل الثمن الذي اشتراها به أو أقل أو أكثر، فإذا اشترى إنسان سلعة بألف مثلاً وكانت تساوي عند تمام الحول ألفين وجب عليه زكاة ألفين، وإن كانت لا تساوي إلا خمسمائة لم يجب عليه إلا زكاة خمسمائة، وأما ما كان عنده من الأموال التي عرضها للبيع استغناءً عنها لا طلبًا للربح فلا زكاة فيها ولو بقيت سنوات، فإذا كان الإنسان عنده أرضٌ مثلاً وليس له بها حاجة فعرضها للبيع فإنه لا زكاة فيها ولو بقيت سنوات؛ لأنه لم يعرضها للتكسب ولكن لأن نفسه طابت منها ولا يريد إبقاءها .
ولا زكاة في مال حتى يَحول عليه الحول، فلو نفد المال قبل تمام الحول أو نقص عن النصاب فلا زكاة فيه، ولو مات المالك قبل تمام الحول فلا زكاة عليه، فإذا قدِّر أن هذا الرجل يؤدّي زكاته في رمضان ومات في شعبان فلا زكاة عليه؛ لأنه مات قبل أن يحول على ماله الحول، وإنما تجب الزكاة على الورثة بعد تمام الحول من ملكهم إياها إذا تَمَّت الشروط ويُستثنى من ذلك ربح التجارة ففيه الزكاة إذا تَمَّ حول رأس المال وإن لم يتم الحول على الربح، مثال ذلك: رجل اشترى شيئًا لا يبلغ النصاب ثم بلغ النصاب ثم عند انتهاء الحول صار قيمته أضعافًا مضاعفة فيزكّيه مع ربحه؛ لأن الربح تابعٌ للأصل .
وإذا كان الشخص يملك المال شيئًا فشيئًا كأصحاب الرواتب الشهرية فلا زكاة على شيء منه حتى يحول عليه الحول، وإذا كان ينفق راتبه كل شهر بشهره فلا زكاة عليه؛ لأنه لن يتم عليه الحول في هذه الحال، ولكن إذا كان يبقى من الراتب شيء وله وقت معيّن يؤدّي فيه الزكاة فإنه يؤدي زكاة ما عنده وإن لم يتم عليه الحول؛ لأن ذلك أسلم وأريح؛ يعني: مثلاً لو أن الإنسان راتبه ثلاثة آلاف يُنفق منها ألفين في الشهر وعادته أن يُخرج الزكاة في رمضان فإنه يجمع ما عنده ثم يزكيه في رمضان وإن كان بعضها لم يتم عليه الحول؛ لأن هذا أريح له وأسْلم من الاضطراب .
وإذا كان للإنسان عقار يسكنه، أو سيارة يركبها، أو مكينة لفلاحته فلا زكاة عليه في ذلك لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة»(4)، وإذا كان له عقار يؤجّره، أو سيارة يكدّها في الأجرة، أو معدّات يؤجّرها فلا زكاة عليه بها وإنما الزكاة فيما يحصل منها من الأجرة .
وإذا كان للإنسان أرضٌ يريد أن يبني عليها مسكنًا له أو للإيجار فلا زكاة عليه فيها، وكذلك إذا أبقاها للحاجة يقول: إن احتجت بعتها وإلا أبقيتها فلا زكاة عليه فيها .
أيها الإخوة المسلمون، إن أمر الزكاة عظيم، وإن على الإنسان أن يسأل عن الأموال التي عنده التي يجب فيها الزكاة والتي لا يجب؛ حتى يبرئ ذمته قبل أن يفجأه الموت، واعلم - يا أخي - أن الذي يأمرك بالإمساك إنما هو الشيطان كما قال الله عزَّ وجل: ﴿الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 268] .
أيها الأخ المسلم، لا تبخل فإن مَن يبخل إنما يبخل عن نفسه، والله الغني وأنتم الفقراء، وإنما أوجب الله عليكم الزكاة لتطهّركم وتزكيكم وتبلغوا درجة أهل الكرم والجود ووقاية لأموالكم من السحت .
أسأل الله تعالى أن يزكّي نفوسنا ونفوسكم، وأن يُعيننا وإياكم على ما يرضيه، وأن يجعلنا من عباده حقًّّا؛ إنه على كل شيء قدير .
والحمدُ لله رب العالمين، وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
الخطبة الثانية
الحمدُ لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تنجي قائلها يوم يلاقيه، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله الله تعالى إلى الثقلين: الإنس والجن بشيرًا ونذيرًا، فبلّغ وأدى، فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد:
فإنني - أيها الإخوة - أضمّن خطبتي هذه الثانية، أضمّنها شيئين:
الشيء الأول: التذكير بنعمة الله - عزَّ وجل - بهذا المطر الذي نزل في أوائل هذا الشهر المبارك، وأسأله تعالى أن يجعل ذلك عنوانًا على بركة هذا الشهر وأن يُعيننا وإياكم على طاعته .
أيها الإخوة، ربما تكثر الأمطار ويحتاج الناس إلى الجمع بين المغرب والعشاء، فهل يجوز الجمع مع التراويح ؟
إن بعض الناس يظنون أنه لا يجوز ولكنّ الحقيقة أنه يجوز إذا دعت الحاجة إلى الجمع، وإذا جُمعت العشاء إلى المغرب فإن التراويح تكون تبعًا لها، وإذا صُلّيت التراويح ولو في وقت المغرب فإنها قد صُليت في وقتها؛ وذلك لأنه إذا جَازَ الجمع بين الصلاتين للمطر، أو المرض، أو السفر أو غير ذلك فإن الوقتين يندمجان، ويكون الوقتان وقتًا واحدًا، فيجوز الجمع عند وجود سببه في وقت الأولى وفي وقت الثانية وفيما بينهما؛ لأن الوقتين يكونان وقتًا واحدًا، فإذا قُدِّر أنه جازَ الجمع لمشقة الحضور إلى المسجد وجمع الناس فإنهم يُتبعونها بصلاة التراويح .
أما الشيء الثاني: فإنكم سمعتم ما ذكِر في الزكاة وفي الوعيد عليها ولكن اعلموا أنها لن تجزئ الزكاة حتى تحلّ محلّها، فمَن أعطاها مَن ليس أهلاً لها فإنها لا تجزئه ولا تنفعه وهو كمَن صلى الصلاة قبل وقتها .
فتحرَّوا أيها المسالمون، تحرَّوا أهلها، وقد بيَّن الله - تبارك وتعالى - أصناف أهلها في سورة براءة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60]، فمَن صرفها في غير ذلك في بناء المساجد، أو بناء المدارس، أو إصلاح الطرق، أو ما أشبه ذلك فإنها لا تجزئه؛ لأن هذه التي ذكرتها لها مصارف أخرى .
لكن نتكلم على بعض من ذكرهم الله عزَّ وجل، فالفقراء والمساكين هم: المحتاجون لكن الفقير أشد حاجة من المسكين، فمَن كان محتاجًا إلى نفقة: كسوة، أو أجرة بيت، أو طعام وصُرفت له الزكاة فهو أهل لها، وكذلك مَن احتاج إلى النكاح وليس عنده ما يتزوّج به فإنه يُعطى من الزكاة ولو شيئًا كثيرًا إذا كان لا يمكنه أن يدرك المرأة إلا به، ولا بأس أن تعطيه جميع زكاتك إذا كان محتاجًا لها، فإذا قُدِّر أن شخصًا من الناس يريد أن يتزوّج بأربعين ألفًا وليس عنده شيء وزكاتك أربعون ألفًا فأعطها إياه ولا حرج؛ لأن الحاجة إلى النكاح مثل الحاجة إلى الثياب والأكل والشرب، ولكن تحقَّق من صرفها في ذلك؛ بمعنى: أنك لا تعطيه بمجرد أن يقول إنه يريد أن يتزوّج حتى تعلم أنه إما عاقد وإما قد خطب فأجيب؛ لأن بعض الناس يحتاط لنفسه ويقول إنه يريد أن يتزوّج ثم يُعطى ما يعطاه من الزكاة ثم تستمر به الحال وهو يطلب زوجة ولا يجد، وربما إذا مَل يصرف هذه الأموال في غير النكاح ثم يأتي بعد ذلك ويقول إنه يريد أن يتزوّج، المهم أن تحتاط لنفسك في هذه المسألة .
واعلم - أيها الأخ المسلم - أنك إذا أعطيتها القريب الذي لا تجب عليك نفقته فإنه أفضل من أن تعطيها البعيد إذا كان من أهلها، فإذا كان للإنسان أخٌ فقيرٌ له عائلة وعنده زكاة فإنه أحق من غيره لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «صدقتُك على ذي القرابة صدقة وصِلَة»(5)، أما مَن تجب عليك نفقته فإنه يجب عليك أن تنفق عليه من مالك الخاص ولا يحل لك أن تصرف الزكاة إليه؛ لأنك إذا فعلت ذلك فقد وفَّرت مالك من الإنفاق عليه .
وإذا كان للإنسان ابنٌ عليه دَيْن لا يستطيع وفاءه إما حادث سيارة أو غير ذلك فلا بأس أن يقضي دَيْن ابنه من الزكاة؛ أي: من زكاته؛ وذلك لأن دَيْن الابن لا يجب على الأب أن يوفيه من ماله الخاص، فإذا أوفاه من زكاته فلا حرج، وكذلك إذا كان على أبيه دَيْن لا يستطيع وفاءه وهو عنده زكاة فلا بأس أن يقضي دَيْن أبيه من زكاته؛ وذلك لأنه لا يجب على الابن أن يقضي دَيْن أبيه، ولكن إن تبرّع بقضاء الدَّيْن عن أبيه وأدّى الزكاة إلى غيره فهو أفضل .
ومن أهل الزكاة الغارمون: الذين عليهم أطلاب في ذممهم ولا يستطيعون وفاءها، ولكن هل تعطي هذا المدين ليوفي عن نفسه أو تذهب إلى الدائن وتوفي عن المدين ؟
في هذا تفصيل: إذا كان المدين معروفًا بالصدق ومحبة إبراء ذمته فأعطها إياه وهو يوفيها، وفي هذه الحال إن شككت فقل له: ائتني بورقة تدلُّ على أنك أوفيت صاحبك، أما إذا كان المدين من المتهاونين بالدَّيْن الذين لا يبالون به وتخشى إن أعطيته ليقضي دَيْنه أن ينفقها في غير ذلك فهذا لا تعطه ليقضي دَيْنه ولكن اذهب إلى دائنه وقل له: يا فلان، إنك تطلب فلانًا كذا وكذا ثم تقضي عنه من زكاتك .
أسأل الله تعالى أن يبرئ ذممنا وذممكم مِمّا أوجب علينا، وأن يجعل زكاة أموالنا في محلّها، وأن يتقبّلها بمنِّه وكرمه؛ إنه على كل شيء قدير .
واعلموا - أيها الإخوة - «أن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم» .
أسأل الله تعالى أن يلزمني وإياكم بهديه، وأن يجعلنا مِمَّن سلكه بإحسان؛ إنه على كل شيء قدير .
واعلموا «أن شر الأمور محدثاتها، وأن كل محدثة - يعني: في الدين - بدعة، وكل بدعة ضلالة»، فالزموا السنَّة واتركوا البدعة، واعلموا أن البدعة وإن استحسنتموها لا تزيدكم من الله إلا بُعدًا، وأكْثروا من الصلاة والسلام على نبيّكم يعظم الله لكم بها أجرًا؛ فإن «مَن صلى عليه مرّة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا» .
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، اللهم ارزقنا محبته واتّباعه ظاهرًا وباطنًا، اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذا هديتنا، اللهم احشرنا في زمرة نبيّنا، اللهم أسْقنا من حوضه، اللهم أدخلنا في شفاعته، اللهم اجمعنا بنبيِّنا مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين في جنّات النّعيم يا أرحم الراحمين .
اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين من المنافقين والملحدين واليهود والنصارى يا رب العالمين .
اللهم أصْلح للمسلمين ولاة أمورهم، وارزقهم البطانة الصالحة التي تدلّهم على الخير وتحثّهم عليه، وأبعد عنهم كل بطانة سوء يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك أن تُنجي إخواننا في الشيشان من الملحدين الظالمين يا رب العالمين، اللهم فرِّج كرباتهم، واكشف غمَّهم، واجمع بينهم وبين أحبابهم يا رب العالمين .
اللهم إنَّا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العُلا، وقوَّتك التي لا تقاومها قوّة، وعزتك التي لا تقاومها عزّة، نسألك اللهم أن تدمِّر الروس، اللهم دمِّرهم، اللهم دمِّرهم، اللهم دمِّرهم، يا مَن خلقتهم يا قوي يا عزيز، اللهم إنك خالقهم وأنت أشد منهم قوة، اللهم فأنزل بهم بأسَكَ الذي لا يرد عن القوم المجرمين .
اللهم شتِّت شملهم، اللهم فرِّق جمعهم، اللهم اهزم جندهم، اللهم أبدل عزّتهم بذل يا رب العالمين، وقوتهم بضعف يا رب العالمين، واجتماعهم بتفرّق يا رب العالمين، وائتلافهم بتمزّق يا أرحم الراحمين .
اللهم أرنا فيهم ما يسّرنا عاجلاً غير عاجل؛ إنك على كل شيء قدير .
وصلى الله وسلّم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
---------------------------------
(1) أخرجه الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1365]، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
(2) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1647]، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه .
(3) أخرجه أبو داوود -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1336]، والنسائي -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [2434] .
(4) أخرجه الإمام مسلم -رحمه الله تعالى- في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، في كتاب [الزكاة] رقم [1631] .
(5) أخرجه ابن ماجة -رحمه الله تعالى- في كتاب [الزكاة] رقم [1834]، من حديث سلمان بن عامر الضبي .