الواثقة بالله
10-22-2018, 02:57 AM
مظاهر الانحراف العقدي في توحيد الربوبية *
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
)يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون( [آل عمران: 102].
)يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا( [النساء: 1].
) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما( [الأحزاب: 70-71].
أما بعدُ : فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الخلق لعبادته وتوحيده سبحانه، قال الله سبحانه وتعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( [الذاريات: 56]، قال العلماء: أي: يوحدون، والتوحيد كما قرره علماء السلف ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، والدليل في سورة الفاتحة فقد جاء فيها هذه الأنواع الثلاثة من التوحيد، والقرآن مليء بهذا، وبهذا التقسيم يتبين بطلان قول من يقول أن التوحيد المطلوب من العباد هو الإقرار بأن الله هو الخالق المدبر المالك.
وتوحيد الربوبية لم يكن ينكره الأقوام الذين بعث فيهم الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه إلا الشواذ منهم، وقد استيقنته قلوبهم، قال الله سبحانه وتعالى وهو يذكر حالهم: )وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ( [النمل: 14].
وتوحيد الربوبية كما عرفه العلماء هو: إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة، في الخلق والملك والتدبير، والدليل على هذا قاله سبحانه وتعالى: ) أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ( [الأعراف: 54]، والأمر أي: التدبير، وقال سبحانه وتعالى ) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض ( [المائدة: 18].
كما أنه توجد علاقة بين توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية والعكس؛ قال العلامة الفوزان حفظه الله تعالى: ((وعلاقة أحد النوعين بالآخر أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإلهية، بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجب الإقرار بتوحيد الإلهية والقيام به، فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره، وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، بمعنى أن توحيد الربوبية يدخل ضمن توحيد الألوهية، فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئاً، فلابد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه، كما قال إبراهيم الخليل علية الصلاة والسلام: )أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( [لشعراء : 75-82] )) اهـ ([1]).
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله (( ما ضد توحيد الربوبية؟
هو اعتقاد متصرف مع الله عز وجل في أي شيء من تدبير الكون من إيجاد أو إعداد أو إحياء أو إماتة أو جلب خير أو دفع شر، أو غير ذلك من معاني الربوبية أو اعتقاد منازع له في شيء من مقتضيات أسمائه وصفاته كعلم الغيب وكالعظمة والكبرياء ونحو ذلك.
قال الله وتعالى: ) ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ( [فاطر: 2-3] الآيات.
وقال تعالى: ) وإن يمسـسك الله بضـر فلا كاشـف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله( [يونس: 107] الآية.
وقال تعالى: ) قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون( [الزمر: 38] الآية.
وقال تعالى: ) وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو( [الأنعام: 59] الآيات.
وقال تعالى: ) قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله( [النمل: 65] الآية.
وقال تعالى: ) ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شآء( [البقرة: 255].
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يقول تعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحداً منهما أسكنته ناري)) ([2]) وهو صحيح )) ([3]).
وسأعرض بعض الأمور التي تنافي توحيد الربوبية، فأقول مستعينًا بالله عز وجل:
1. القول بوحدة الوجود، قال العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة تحت الحديث رقم 6401، قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الله معه حيث كان))، قال الإمام محمد بن يحي الذهلي: (يريد أن الله علمه محيط بكل مكان ، والله على العرش).
ذكره الحافظ الذهبي في العلو رقم الترجمة 37 بتحقيقي واختصاري .
وأما قول العامة وكثير من الخاصة: الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته فهو ضلال بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق ويقول كبيرهم : كل ما تره بعينك فهو الله! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً)) اهـ.
2. الاعتقاد بإمكانية حلول الله في بعض مخلوقاته التي يصطفيها، كاعتقاد النصارى أن الله سبحانه وتعالى حل في عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.
3. القول بأن الله في كل مكان، والله عز وجل مستوى على عرشه بائن من خلقه، قال الله عز جل: )الرحمن على العرش استوى( [طه: 5].
4. الاعتقاد أن الله لا داخل العالم ولا خارجة.
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في معارج القبول: ((سلبية محضاً يثبتون إثباتاً هو عين النفي، ويصفون الباري تعالى بصفات العدم المحض الذي ليس هو بشيء البتة، وليس له عندهم حقيقة غير أنهم يقولون هو موجود لا داخل العالم ولا خارجًا عنه ولا مباينًا له ولا محايثًا، وليس هو على العرش ولا غيره)) اهـ ([4]).
5. قولهم: إن العالم وجد نتيجة للطبيعة التي هي عبارة عن ذات الأشياء من النبات والحيوان والجمادات، فهذه الكائنات عندهم هي الطبيعة، وهي التي أوجدت نفسها ([5]).
6. ومن أقوالهم الباطلة: إن هذه الكائنات تنشأ عن طريق المصادفة، بمعنى أن تجميع الذرات والجزئيات عن طرق المصادفة يؤدي إلى ظهور الحياة بلا تدبير من خالق مدبر ولا حكمة ([6]).
7. نفي تقدير الخير والشر لله.
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله: ((نفاة القدر، وهم فرقتان: فرقة نفت تقدير الخير والشر بالكلية، وجعلت العباد هم الخالقين لأفعالهم خيرها وشرها ولازمُ هذا القولِ أنهم الخالقون لأنفسهم، لأن في قولهم نفي تصرف الله في عباده، وإخراج أفعالهم عن خلقه وتدبيره … .
وفرقه نفت تقدير الشر دون الخير، فجعلوا الخير من الله وجعلوا الشر من العبد.
ثم منهم من ينفي تقدير الشر من أعمال العباد دون تقديره في المصائب، ومنهم من غلا فنفى تقدير الشر من المصائب والمعائب. وعلى كل حال فقد أثبتوا مع الله تعالى خالقاً، بل وجعلوا العبادَ معه خالقين كلهم، ونفوا أن يكون الله هو المتفرد بالتصرف في ملكوته، وهذا راجع إلى مذهب المجوس الوثنيون الذين أثبتوا خالقين: خالقاً للخير وخالقاً للشر، قبحهم الله)) اهـ ([7]).
8. قولهم: لا حول الله، اختصار للكلمة الطيبة (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وقولهم هذا يعني: نفي التحول عن الله عز وجل، وسلب استطاعته عز وجل عن تحويل الأشياء.
9. إدعائهم تحويل أشياء لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسماء، كقولهم: فلان يحول الصخر رملًا ويقلب البحر سهلًا ويصير الجبال تربًا.
10. سب الرب، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
11. الاعتقاد بأن هذا الكون خلق من نور الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويرون في هذا حديث موضوع.
12. الاعتقاد بأن كل من أحب شيئًا في هذا الكون فقد أحب الله عز وجل، لأن الكل بزعمهم ما هو إلا مظاهر ومجال لله تعالى تمشي على هذا الكون، وهذا ناتج عن قولهم بوحدة الوجود.
13. سب الدهر معتقدًا أن له تأثير فيما نزل به، كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قال الله عز وجل: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار قال العلامة ابن النحاس رحمه الله فإن اعتقد أنه الفاعل لذلك حقيقةً كفر وصار مرتدًا)) ([8]).
14. الحكم بغير ما أنزل الله، قال الله سبحانه وتعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( [المائدة: 44]، جحوداً لحكم الله عز وجل أو أن حكم المخلوقين أفضل أو يساوي حكم الله سبحانه وتعالى أو يجوز، فكل هذا ينافي توحيد الربوبية.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((إن الحكم بما أنزل الله - تعالى - من توحيد الربوبية، لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى الربوبية ؛ وكمال ملكه وتصرفه ، ولهذا سمى الله - تعالى - المتبوعين في غير ما أنزل الله - تعالى - أرباباً لمتبعيهم فقال - سبحانه - : تعالى )اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون( [سورة التوبة: 31 ])) اهـ ([9]).
15. قولهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، كما في الصحيحين من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحديبية على إثر سماء كانت بالليل، فقال: ((أتدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟))، قلنا: الله ورسوله اعلم، قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمه، فذلك مؤمن بي، كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب.
16. تسوية الخالق بالمخلوق، مثل قولهم: ما شاء الله وشئت، كما جاء في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد، قال رجل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ما شاء الله وشئت. قال: ((أجعلتني لله نداً، قل ما شاء الله وحدة)).
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((ما ورد في ذلك من النهي، وانه شرك وتنديد لأنك إذا قلت ذلك شركت بين الخالق والمخلوق في المشيئة، حيث عطفت بالواو، والواو تقتضي التشريك، فهذا شرك في الربوبية)) ([10]).
17. قولهم: باسم الوطن، باسم الشعب، باسم العروبة.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((وإن قصد التبرك والاستعانة فهو نوع من الشرك، وقد يكون شركًا أكبر بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به)) اهـ ([11]).
18. قولهم: الله يخلق ومحمد يبتلي، فلا يجوز إعطاء صفه من صفات الله عز وجل الخاصة به إلى أحد من المخلوقين، سوء كان ملك مقرب أو نبي مرسل.
19. قولهم: يا شمس يا شموسا يا عين العروسا خوذي سن حمار وأعطيني سن غزال، اعتقادهم أن الشمس تأخذ وتعطي، وهذا عندما تنكسر سن الطفل فيقولون له: خذ هذه السن وارمي بها إلى الشمس وقل هذه الجملة، ويحفظونها لهم.
20. الغلو الزائد في الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأولياء مما أدى بهم إخراج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المرتبة البشرية إلى المرتبة الألوهية والربوبية.
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((ففي قولنا عبده ورسوله منع من الإفراط ومن التفريط … فيه التحذير من الغلو في حقه صلى الله علية وعلى آله وسلم عن طريق المديح، وأنه صلى الله علية وعلى آله وسلم إنما يوصف بصفاته التي أعطاه الله إياها: العبودية والرسالة، أما أن يُغلى في حقه فيوصف بأنه يفرج الكروب ويغفر الذنوب، وأنه يستغاث به - عليه الصلاة والسلام - بعد وفاته، كما وقع فيه كثير من المخرفين اليوم فيما يسمونه بالمدائح النبوية في أشعارهم كالبردة للبوصيري، وما قيل على نسجها من المخرفين، فهذا غلو أوقع في الشرك، كما قال البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلاً وإلا قل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
هذا غلو - والعياذ بالله - أفضي إلى الكفر والشرك، حتى لم يترك لله شيئاً ، كل شيء جعله للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الدنيا والآخرة للرسول، علم اللوح والقلم للرسول، لا ينتقد من العذاب يوم القيامة إلا الرسول، إذاً ما بقي لله عز وجل؟)) ([12]).
21. الاعتقاد بأن علم الله سبحانه وتعالى جزء من علم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
22. قولهم: وفينا نبي الله يعلم ما في غد، كما في حديث الذي أخرجه صحيح البخاري عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين)).
23. تصديق الكاهن، فقد روى الإمام أحمد والأربعة وهو مخرج في الإرواء (7/69-70) وغاية المرام (ص 284) وقال الألباني رحمه الله: صحيح في تخريجه لشرح الطحاوية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من أتي عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أُنزل على محمد)).
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في ((معارج القبول)):
ومن يصدق كاهناً فقد كفر
بما أتي به الرسول المعتبر
ومن يصدق كاهناً يعتقد بقلبه صدقة فيما ادعاه من علم المغيبات التي استأثر الله تعالى بعلمها فقد كفر أي بلغ درجة الكفر بتصديقه الكاهن بما أتي به الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الله عز وجل من الكتاب والسنة وبما أتى به غير صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الرسل عليهم [الصلاة و] السلام)) ([13]).
24. الغلو في قبور الأنبياء والصالحين والاعتقاد بأن الأولياء يَرزقون.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، يحذر مما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. فمن طلب منهم الولد والرزق والمدد فقد اتخذهم أربابا من دون الله .
25. إدعاء أن الأولياء يعلمون الغيب، ولا تخفي عليهم خافية.
26. الاعتقاد بأن للأولياء مراتب سبعة وأن كل واحد من أهل هذه المراتب له وظيفة خاصة به وأن هذا الكون تسيره مجموعة ممن يزعمون أنهم أولياء الله .
27. قولهم: نظرة من الشيخ تقلب الشقي سعيداً، كما يقولون: نظرة يا ست زينب! أمام قبرها.
28. تحليل الحرام وتحريم الحلال، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب من أطاع العلماء و الأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أرباباً، قوله سبحانه تعالى: ) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ( [التوبة: 31].
29. التصوير مضاهاة لخلق الله، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قال تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة)).
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، هذا استفهام إنكار بمعني النفي، أي: لا أحد أشد ظلماً من المصور، مثل قوله تعالى: ) ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً (، ) ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام ( أي : لا أحد أظلم من هذا ، فهو أظلم الظالمين)) اهـ ([14]).
30. لبس الحلقة والخيط والتميمة لرفع البلاء.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) رواه أحمد.
31. الرقي ([15]) والتمائم والتوله شرك، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إن الرقي والتمائم والتوله شرك)) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في الصحيحة رقم 331.
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((سبب ذكر عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لهذا الحديث: أنه رأى على امرأته زينب - رضي الله عنها - خيطاً في عنقها، وقال: لأنتم يا آل عبد الله أغنياء عن الشرك، قالت: إن عيني كانت تطرف، فأذهب إلى فلان اليهودي فيرقاها فتكف، قال - رضي الله عنه -: إنما ذلك الشيطان ينخسها بكفه، فإذا رقي كف، ثم قال: سمعت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إن الرقي والتمائم والتوله شرك))، فهو لما قطع هذا الخيط، وأنكر على زوجته هذا الفعل، ذكر الدليل من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الرقي والتمائم والتوله شرك)).
32. لبس خاتم الخطبة – الدبلة - معتقدين فيه الوفاق والخلاف.
33. قولهم أطعم ربك وضئ ربك، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا يقل أحدكم : أطعم ربك، وضئ ربك)).
قال العلامة صالح الفوزان حفظه الله: ((لفظ الرب لا يطلق إلا على الله، لأنه هو الرب سبحانه وتعالى الذي له الربوبية على عباده ) اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم(، ) قل أعوذ برب الناس(، وهكذا، لم يرد لفظ الرب في القرآن إلا على الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز استعماله لغيرة، وإن كان المتكلم لا يقصد المعني وإنما يقصد مجرد الملكية والرق ، ولكن من باب سد الذرائع)) اهـ ([16]).
34. قولهم عبدي وأمتي.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : باب لا يقول عبدي وأمتي.
قال العلامة الفوزان حفظه الله شرحاً: ((من أجل احترام أسماء الله وصفاته، ومن أجل سد الطرق التي تفضي إلى الشرك وحماية جناب التوحيد، وذلك بتجنب الألفاظ الموهمة التي قد يفهم منها شيء من الشرك، ولو كان المتكلم بها لا يقصد المعنى، ولكنه يتجنب ذلك من أجل سدّ الباب من أصله، هذا هو المقصود.
ثم قال حفظة الله: قوله أمتي: الأمة معناها - أيضاً - العبدة، فلا يقال: هذه أمة فلان، وإنما يقال: هذه أمة الله. وهذا تأدب مع التوحيد ومع جناب الربوبية)) اهـ ([17]).
35. الطيرة.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب ما جاء في التطير.
قال العلامة الفوزان حفظه الله شرحاً ((أن فيه بيان نوع من أنواع الشرك والاعتقاد الباطل المخل بالتوحيد)) اهـ.
36. قولهم: أصاباه عين، أو ضربته عين، اعتقاد أن العين هي التي أصابته من دون الله سبحانه وتعالى.
37. العدوى، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر.
قال العلامة الفوزان حفظه الله شرحاً: ((قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا عدوى)) المراد بالعدوى، انتقال المرض من شخص إلى شخص، أو بهيمة إلى بهيمة، أو من مكان إلى مكان .
هذه العدوى.
والمرض يتعدّى من محل إلى محل، ويتعدى من المريض إلى السليم، ويتعدى من الجربى إلى الصحيحة، هذا شيء موجود.
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينفي هذا، وإنما ينفي العدوى التي كان يعتقدها أهل الجاهلية من أن المرض يتعدّى بنفسه بدون الله سبحانه وتعالى)) اهـ.
ما ذكره صاحب البردة، وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالي في رده على الكبري أربعة أبيات من البردة وأنكر على قائلها وقال فيه: ومنهم - أي من المبالغين في الغلو في الرسول صلى اللٌه عليه وسلم - من يقول أسقط الربوبية وقل في الرسول ما شئت.
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
فإن فضل رسول اللٌه ليس له
حد فيعرب عنه ناطق بفم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
لو ناسبت قدره آياته عظماً
أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
انتهى ما ذكره شيخ الإسلام رحمة اللُه تعالى ، نقل من كتاب ((الرد على الكاتب المفتون)) (ص 214) للعلامة حمود التوجري رحمه الله .
وقال رحمه الله في (ص 219): ((أن يقال إذا كان رسول الله صال الله عليه وسلم قد أنكر على من قال له ما شاء الله وشئت، وقال: ((أجعلتني لله عدلا بل ما شاء الله وحده) فكيف لو سمع الذين يتغنون بقول صاحب البردة:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
إن لم كان في معادي آخذا بيدي
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
لا شك أنه سيجاهد هؤلاء الذين بالغوا في إطرائه وصرفوا له ما هو من خصائص الربوبية والألوهية كما كان يجاهد سلفهم الذين اتخذوا من دون اللٌه أندادا يتعلقون بهم في قضاء الحاجات وتفريج الشدائد والكربات)) انتهي.
نصيحة:
أنصح نفسي وإخواني بدعاء الله عز وجل أن يجنبنا الشرك، تأسيًا بنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسـلام، قـال: ) واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ( [إبراهيم: 35].
ومن عرف حال الصوفية والشيعة الرافضة وغيرهم من مثل الجماعات المستحدثة كجماعة التبليغ وخبر حالهم رأى هذه المظاهرة رؤيا حق ورؤيا عين.
هذا آخر ما تم جمعه، فإن كان صوابًا فمن الله وحده، ثم مما استنفدته من كتب علماء أهل السنة، وجهدهم المباركة، وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله.
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلم ([18])، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين ومن سار على طريقهم إلى يوم الدين، وآخر دعونا أن الحمد الله ربي العالمين، سبحنك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا الله أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 2 ربيع الثاني سنة 1436 هـ
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* هذا البحث قد كتبته منذ ما يزيد عن عشر سنوات وعرضته على أخي الشيخ محمد لنقر حفظه الله وقد قام بإبداء بعض الملاحظات، وبعدما قمت بالتصحيح والتهذيب في هذه الأيام عرضته على أخي وشيخي خالد العكاري حفظه الله فهو كذلك لم يبخل عليّ بتوجيهاته وتصوباته الصائبة كعادته في كل ما أعرض عليه فجزاهما الله عني خير الجزاء وأوفره .
([1]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد (ص 35).
([2]) رواه أحمد بلفظ ((العظمة ردائي والكبرياء إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار)) وبلفظ ألقينه في جهنم ولفظ آخر أدخلته جهنم وأخرجه أيضًا ابن ماجه.
([3]) أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة، السؤل رقم 50.
([4]) معارج القبول (1/475-476).
([5]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد (ص 29).
([6]) المصدر السابق.
([7]) معارج القبول (1/479).
([8]) تنبه الغافلين عن أعمال الجاهلين (ص 210).
([9]) فتاوى أركان الإسلام السؤال رقم 68 (ص 142).
([10]) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/231).
([11]) فتاوى أركان الإسلام السؤال رقم 107 (ص 193).
([12]) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/436-437).
([13]) معارج القبول (2/712).
([14]) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/366).
([15]) المقصود بالرقي البدعيه التي تفضي إلى الشرك، قال الألباني رحمه الله: في الصحيح، الرقى هي هنا كل ما فيه الاستعاذة بالجن، أو لا يفهم معناها.
([16])إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/306-307).
([17]) المصدر السابق (2/307 -30.
([18]) هذا جزء من حديث معقل بن يسار أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) رقم 716 ، وصححه العلامة الألباني رحمه الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه، ونستعينُه، ونستغفرُه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا اله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
)يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون( [آل عمران: 102].
)يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسآءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا( [النساء: 1].
) يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما( [الأحزاب: 70-71].
أما بعدُ : فإن أحسن الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
لقد خلق الله سبحانه وتعالى الخلق لعبادته وتوحيده سبحانه، قال الله سبحانه وتعالى: )وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( [الذاريات: 56]، قال العلماء: أي: يوحدون، والتوحيد كما قرره علماء السلف ينقسم إلى ثلاثة أقسام: توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وتوحيد الأسماء والصفات، والدليل في سورة الفاتحة فقد جاء فيها هذه الأنواع الثلاثة من التوحيد، والقرآن مليء بهذا، وبهذا التقسيم يتبين بطلان قول من يقول أن التوحيد المطلوب من العباد هو الإقرار بأن الله هو الخالق المدبر المالك.
وتوحيد الربوبية لم يكن ينكره الأقوام الذين بعث فيهم الأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه إلا الشواذ منهم، وقد استيقنته قلوبهم، قال الله سبحانه وتعالى وهو يذكر حالهم: )وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ( [النمل: 14].
وتوحيد الربوبية كما عرفه العلماء هو: إفراد الله سبحانه وتعالى في أمور ثلاثة، في الخلق والملك والتدبير، والدليل على هذا قاله سبحانه وتعالى: ) أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ ( [الأعراف: 54]، والأمر أي: التدبير، وقال سبحانه وتعالى ) وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْض ( [المائدة: 18].
كما أنه توجد علاقة بين توحيد الألوهية بتوحيد الربوبية والعكس؛ قال العلامة الفوزان حفظه الله تعالى: ((وعلاقة أحد النوعين بالآخر أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الإلهية، بمعنى أن الإقرار بتوحيد الربوبية يوجب الإقرار بتوحيد الإلهية والقيام به، فمن عرف أن الله ربه وخالقه ومدبر أموره، وجب عليه أن يعبده وحده لا شريك له، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، بمعنى أن توحيد الربوبية يدخل ضمن توحيد الألوهية، فمن عبد الله وحده ولم يشرك به شيئاً، فلابد أن يكون قد اعتقد أنه هو ربه وخالقه، كما قال إبراهيم الخليل علية الصلاة والسلام: )أفرأيتم ما كنتم تعبدون * أنتم وآباؤكم الأقدمون * فإنهم عدو لي إلا رب العالمين * الذي خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو يشفين * والذي يميتني ثم يحيين * والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ( [لشعراء : 75-82] )) اهـ ([1]).
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله (( ما ضد توحيد الربوبية؟
هو اعتقاد متصرف مع الله عز وجل في أي شيء من تدبير الكون من إيجاد أو إعداد أو إحياء أو إماتة أو جلب خير أو دفع شر، أو غير ذلك من معاني الربوبية أو اعتقاد منازع له في شيء من مقتضيات أسمائه وصفاته كعلم الغيب وكالعظمة والكبرياء ونحو ذلك.
قال الله وتعالى: ) ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ( [فاطر: 2-3] الآيات.
وقال تعالى: ) وإن يمسـسك الله بضـر فلا كاشـف له إلا هو وإن يردك بخير فلا رآد لفضله( [يونس: 107] الآية.
وقال تعالى: ) قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته قل حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون( [الزمر: 38] الآية.
وقال تعالى: ) وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو( [الأنعام: 59] الآيات.
وقال تعالى: ) قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله( [النمل: 65] الآية.
وقال تعالى: ) ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شآء( [البقرة: 255].
وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((يقول تعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحداً منهما أسكنته ناري)) ([2]) وهو صحيح )) ([3]).
وسأعرض بعض الأمور التي تنافي توحيد الربوبية، فأقول مستعينًا بالله عز وجل:
1. القول بوحدة الوجود، قال العلامة الألباني رحمه الله في الصحيحة تحت الحديث رقم 6401، قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الله معه حيث كان))، قال الإمام محمد بن يحي الذهلي: (يريد أن الله علمه محيط بكل مكان ، والله على العرش).
ذكره الحافظ الذهبي في العلو رقم الترجمة 37 بتحقيقي واختصاري .
وأما قول العامة وكثير من الخاصة: الله موجود في كل مكان، أو في كل الوجود، ويعنون بذاته فهو ضلال بل هو مأخوذ من القول بوحدة الوجود، الذي يقول به غلاة الصوفية الذين لا يفرقون بين الخالق والمخلوق ويقول كبيرهم : كل ما تره بعينك فهو الله! تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً)) اهـ.
2. الاعتقاد بإمكانية حلول الله في بعض مخلوقاته التي يصطفيها، كاعتقاد النصارى أن الله سبحانه وتعالى حل في عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام.
3. القول بأن الله في كل مكان، والله عز وجل مستوى على عرشه بائن من خلقه، قال الله عز جل: )الرحمن على العرش استوى( [طه: 5].
4. الاعتقاد أن الله لا داخل العالم ولا خارجة.
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في معارج القبول: ((سلبية محضاً يثبتون إثباتاً هو عين النفي، ويصفون الباري تعالى بصفات العدم المحض الذي ليس هو بشيء البتة، وليس له عندهم حقيقة غير أنهم يقولون هو موجود لا داخل العالم ولا خارجًا عنه ولا مباينًا له ولا محايثًا، وليس هو على العرش ولا غيره)) اهـ ([4]).
5. قولهم: إن العالم وجد نتيجة للطبيعة التي هي عبارة عن ذات الأشياء من النبات والحيوان والجمادات، فهذه الكائنات عندهم هي الطبيعة، وهي التي أوجدت نفسها ([5]).
6. ومن أقوالهم الباطلة: إن هذه الكائنات تنشأ عن طريق المصادفة، بمعنى أن تجميع الذرات والجزئيات عن طرق المصادفة يؤدي إلى ظهور الحياة بلا تدبير من خالق مدبر ولا حكمة ([6]).
7. نفي تقدير الخير والشر لله.
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله: ((نفاة القدر، وهم فرقتان: فرقة نفت تقدير الخير والشر بالكلية، وجعلت العباد هم الخالقين لأفعالهم خيرها وشرها ولازمُ هذا القولِ أنهم الخالقون لأنفسهم، لأن في قولهم نفي تصرف الله في عباده، وإخراج أفعالهم عن خلقه وتدبيره … .
وفرقه نفت تقدير الشر دون الخير، فجعلوا الخير من الله وجعلوا الشر من العبد.
ثم منهم من ينفي تقدير الشر من أعمال العباد دون تقديره في المصائب، ومنهم من غلا فنفى تقدير الشر من المصائب والمعائب. وعلى كل حال فقد أثبتوا مع الله تعالى خالقاً، بل وجعلوا العبادَ معه خالقين كلهم، ونفوا أن يكون الله هو المتفرد بالتصرف في ملكوته، وهذا راجع إلى مذهب المجوس الوثنيون الذين أثبتوا خالقين: خالقاً للخير وخالقاً للشر، قبحهم الله)) اهـ ([7]).
8. قولهم: لا حول الله، اختصار للكلمة الطيبة (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وقولهم هذا يعني: نفي التحول عن الله عز وجل، وسلب استطاعته عز وجل عن تحويل الأشياء.
9. إدعائهم تحويل أشياء لا يقدر عليها إلا رب الأرض والسماء، كقولهم: فلان يحول الصخر رملًا ويقلب البحر سهلًا ويصير الجبال تربًا.
10. سب الرب، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًا كبيرًا.
11. الاعتقاد بأن هذا الكون خلق من نور الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويرون في هذا حديث موضوع.
12. الاعتقاد بأن كل من أحب شيئًا في هذا الكون فقد أحب الله عز وجل، لأن الكل بزعمهم ما هو إلا مظاهر ومجال لله تعالى تمشي على هذا الكون، وهذا ناتج عن قولهم بوحدة الوجود.
13. سب الدهر معتقدًا أن له تأثير فيما نزل به، كما جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قال الله عز وجل: يسب بنو آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار قال العلامة ابن النحاس رحمه الله فإن اعتقد أنه الفاعل لذلك حقيقةً كفر وصار مرتدًا)) ([8]).
14. الحكم بغير ما أنزل الله، قال الله سبحانه وتعالى ) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ( [المائدة: 44]، جحوداً لحكم الله عز وجل أو أن حكم المخلوقين أفضل أو يساوي حكم الله سبحانه وتعالى أو يجوز، فكل هذا ينافي توحيد الربوبية.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((إن الحكم بما أنزل الله - تعالى - من توحيد الربوبية، لأنه تنفيذ لحكم الله الذي هو مقتضى الربوبية ؛ وكمال ملكه وتصرفه ، ولهذا سمى الله - تعالى - المتبوعين في غير ما أنزل الله - تعالى - أرباباً لمتبعيهم فقال - سبحانه - : تعالى )اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون( [سورة التوبة: 31 ])) اهـ ([9]).
15. قولهم: مطرنا بنوء كذا وكذا، كما في الصحيحين من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه، قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالحديبية على إثر سماء كانت بالليل، فقال: ((أتدرون ماذا قال ربكم الليلة ؟))، قلنا: الله ورسوله اعلم، قال: ((قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمه، فذلك مؤمن بي، كافر بالكواكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي، مؤمن بالكواكب.
16. تسوية الخالق بالمخلوق، مثل قولهم: ما شاء الله وشئت، كما جاء في الحديث الذي يرويه الإمام أحمد، قال رجل للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ما شاء الله وشئت. قال: ((أجعلتني لله نداً، قل ما شاء الله وحدة)).
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((ما ورد في ذلك من النهي، وانه شرك وتنديد لأنك إذا قلت ذلك شركت بين الخالق والمخلوق في المشيئة، حيث عطفت بالواو، والواو تقتضي التشريك، فهذا شرك في الربوبية)) ([10]).
17. قولهم: باسم الوطن، باسم الشعب، باسم العروبة.
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: ((وإن قصد التبرك والاستعانة فهو نوع من الشرك، وقد يكون شركًا أكبر بحسب ما يقوم في قلب صاحبه من التعظيم بما استعان به)) اهـ ([11]).
18. قولهم: الله يخلق ومحمد يبتلي، فلا يجوز إعطاء صفه من صفات الله عز وجل الخاصة به إلى أحد من المخلوقين، سوء كان ملك مقرب أو نبي مرسل.
19. قولهم: يا شمس يا شموسا يا عين العروسا خوذي سن حمار وأعطيني سن غزال، اعتقادهم أن الشمس تأخذ وتعطي، وهذا عندما تنكسر سن الطفل فيقولون له: خذ هذه السن وارمي بها إلى الشمس وقل هذه الجملة، ويحفظونها لهم.
20. الغلو الزائد في الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأولياء مما أدى بهم إخراج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من المرتبة البشرية إلى المرتبة الألوهية والربوبية.
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((ففي قولنا عبده ورسوله منع من الإفراط ومن التفريط … فيه التحذير من الغلو في حقه صلى الله علية وعلى آله وسلم عن طريق المديح، وأنه صلى الله علية وعلى آله وسلم إنما يوصف بصفاته التي أعطاه الله إياها: العبودية والرسالة، أما أن يُغلى في حقه فيوصف بأنه يفرج الكروب ويغفر الذنوب، وأنه يستغاث به - عليه الصلاة والسلام - بعد وفاته، كما وقع فيه كثير من المخرفين اليوم فيما يسمونه بالمدائح النبوية في أشعارهم كالبردة للبوصيري، وما قيل على نسجها من المخرفين، فهذا غلو أوقع في الشرك، كما قال البوصيري:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلاً وإلا قل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
هذا غلو - والعياذ بالله - أفضي إلى الكفر والشرك، حتى لم يترك لله شيئاً ، كل شيء جعله للرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم: الدنيا والآخرة للرسول، علم اللوح والقلم للرسول، لا ينتقد من العذاب يوم القيامة إلا الرسول، إذاً ما بقي لله عز وجل؟)) ([12]).
21. الاعتقاد بأن علم الله سبحانه وتعالى جزء من علم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
22. قولهم: وفينا نبي الله يعلم ما في غد، كما في حديث الذي أخرجه صحيح البخاري عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((دعي هذا وقولي بالذي كنت تقولين)).
23. تصديق الكاهن، فقد روى الإمام أحمد والأربعة وهو مخرج في الإرواء (7/69-70) وغاية المرام (ص 284) وقال الألباني رحمه الله: صحيح في تخريجه لشرح الطحاوية عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((من أتي عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول ، فقد كفر بما أُنزل على محمد)).
قال العلامة حافظ الحكمي رحمه الله في ((معارج القبول)):
ومن يصدق كاهناً فقد كفر
بما أتي به الرسول المعتبر
ومن يصدق كاهناً يعتقد بقلبه صدقة فيما ادعاه من علم المغيبات التي استأثر الله تعالى بعلمها فقد كفر أي بلغ درجة الكفر بتصديقه الكاهن بما أتي به الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الله عز وجل من الكتاب والسنة وبما أتى به غير صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الرسل عليهم [الصلاة و] السلام)) ([13]).
24. الغلو في قبور الأنبياء والصالحين والاعتقاد بأن الأولياء يَرزقون.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب ما جاء أن الغلو في قبور الصالحين يصيرها أوثانا تعبد من دون الله، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ((لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))، يحذر مما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً. فمن طلب منهم الولد والرزق والمدد فقد اتخذهم أربابا من دون الله .
25. إدعاء أن الأولياء يعلمون الغيب، ولا تخفي عليهم خافية.
26. الاعتقاد بأن للأولياء مراتب سبعة وأن كل واحد من أهل هذه المراتب له وظيفة خاصة به وأن هذا الكون تسيره مجموعة ممن يزعمون أنهم أولياء الله .
27. قولهم: نظرة من الشيخ تقلب الشقي سعيداً، كما يقولون: نظرة يا ست زينب! أمام قبرها.
28. تحليل الحرام وتحريم الحلال، قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب من أطاع العلماء و الأمراء في تحريم ما أحل الله أو تحليل ما حرمه الله فقد اتخذهم أرباباً، قوله سبحانه تعالى: ) اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ( [التوبة: 31].
29. التصوير مضاهاة لخلق الله، وفي الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((قال تعالى : ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا ذرة أو ليخلقوا حبة، أو ليخلقوا شعيرة)).
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، هذا استفهام إنكار بمعني النفي، أي: لا أحد أشد ظلماً من المصور، مثل قوله تعالى: ) ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً (، ) ومن أظلم ممن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام ( أي : لا أحد أظلم من هذا ، فهو أظلم الظالمين)) اهـ ([14]).
30. لبس الحلقة والخيط والتميمة لرفع البلاء.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه ، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((من تعلق تميمة فقد أشرك)) رواه أحمد.
31. الرقي ([15]) والتمائم والتوله شرك، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: سمعت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إن الرقي والتمائم والتوله شرك)) رواه أحمد وأبو داود وصححه الألباني في الصحيحة رقم 331.
قال العلامة الفوزان حفظه الله: ((سبب ذكر عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - لهذا الحديث: أنه رأى على امرأته زينب - رضي الله عنها - خيطاً في عنقها، وقال: لأنتم يا آل عبد الله أغنياء عن الشرك، قالت: إن عيني كانت تطرف، فأذهب إلى فلان اليهودي فيرقاها فتكف، قال - رضي الله عنه -: إنما ذلك الشيطان ينخسها بكفه، فإذا رقي كف، ثم قال: سمعت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: ((إن الرقي والتمائم والتوله شرك))، فهو لما قطع هذا الخيط، وأنكر على زوجته هذا الفعل، ذكر الدليل من سنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((إن الرقي والتمائم والتوله شرك)).
32. لبس خاتم الخطبة – الدبلة - معتقدين فيه الوفاق والخلاف.
33. قولهم أطعم ربك وضئ ربك، كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا يقل أحدكم : أطعم ربك، وضئ ربك)).
قال العلامة صالح الفوزان حفظه الله: ((لفظ الرب لا يطلق إلا على الله، لأنه هو الرب سبحانه وتعالى الذي له الربوبية على عباده ) اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم(، ) قل أعوذ برب الناس(، وهكذا، لم يرد لفظ الرب في القرآن إلا على الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز استعماله لغيرة، وإن كان المتكلم لا يقصد المعني وإنما يقصد مجرد الملكية والرق ، ولكن من باب سد الذرائع)) اهـ ([16]).
34. قولهم عبدي وأمتي.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : باب لا يقول عبدي وأمتي.
قال العلامة الفوزان حفظه الله شرحاً: ((من أجل احترام أسماء الله وصفاته، ومن أجل سد الطرق التي تفضي إلى الشرك وحماية جناب التوحيد، وذلك بتجنب الألفاظ الموهمة التي قد يفهم منها شيء من الشرك، ولو كان المتكلم بها لا يقصد المعنى، ولكنه يتجنب ذلك من أجل سدّ الباب من أصله، هذا هو المقصود.
ثم قال حفظة الله: قوله أمتي: الأمة معناها - أيضاً - العبدة، فلا يقال: هذه أمة فلان، وإنما يقال: هذه أمة الله. وهذا تأدب مع التوحيد ومع جناب الربوبية)) اهـ ([17]).
35. الطيرة.
قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: باب ما جاء في التطير.
قال العلامة الفوزان حفظه الله شرحاً ((أن فيه بيان نوع من أنواع الشرك والاعتقاد الباطل المخل بالتوحيد)) اهـ.
36. قولهم: أصاباه عين، أو ضربته عين، اعتقاد أن العين هي التي أصابته من دون الله سبحانه وتعالى.
37. العدوى، كما في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ((لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر.
قال العلامة الفوزان حفظه الله شرحاً: ((قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لا عدوى)) المراد بالعدوى، انتقال المرض من شخص إلى شخص، أو بهيمة إلى بهيمة، أو من مكان إلى مكان .
هذه العدوى.
والمرض يتعدّى من محل إلى محل، ويتعدى من المريض إلى السليم، ويتعدى من الجربى إلى الصحيحة، هذا شيء موجود.
والرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا ينفي هذا، وإنما ينفي العدوى التي كان يعتقدها أهل الجاهلية من أن المرض يتعدّى بنفسه بدون الله سبحانه وتعالى)) اهـ.
ما ذكره صاحب البردة، وقد ذكر شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية رحمه الله تعالي في رده على الكبري أربعة أبيات من البردة وأنكر على قائلها وقال فيه: ومنهم - أي من المبالغين في الغلو في الرسول صلى اللٌه عليه وسلم - من يقول أسقط الربوبية وقل في الرسول ما شئت.
دع ما ادعته النصارى في نبيهم
واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
فإن فضل رسول اللٌه ليس له
حد فيعرب عنه ناطق بفم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف
وانسب إلى قدره ما شئت من عظم
لو ناسبت قدره آياته عظماً
أحيا اسمه حين يدعى دارس الرمم
انتهى ما ذكره شيخ الإسلام رحمة اللُه تعالى ، نقل من كتاب ((الرد على الكاتب المفتون)) (ص 214) للعلامة حمود التوجري رحمه الله .
وقال رحمه الله في (ص 219): ((أن يقال إذا كان رسول الله صال الله عليه وسلم قد أنكر على من قال له ما شاء الله وشئت، وقال: ((أجعلتني لله عدلا بل ما شاء الله وحده) فكيف لو سمع الذين يتغنون بقول صاحب البردة:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم
فإن من جودك الدنيا وضرتها
ومن علومك علم اللوح والقلم
إن لم كان في معادي آخذا بيدي
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
لا شك أنه سيجاهد هؤلاء الذين بالغوا في إطرائه وصرفوا له ما هو من خصائص الربوبية والألوهية كما كان يجاهد سلفهم الذين اتخذوا من دون اللٌه أندادا يتعلقون بهم في قضاء الحاجات وتفريج الشدائد والكربات)) انتهي.
نصيحة:
أنصح نفسي وإخواني بدعاء الله عز وجل أن يجنبنا الشرك، تأسيًا بنبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسـلام، قـال: ) واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ( [إبراهيم: 35].
ومن عرف حال الصوفية والشيعة الرافضة وغيرهم من مثل الجماعات المستحدثة كجماعة التبليغ وخبر حالهم رأى هذه المظاهرة رؤيا حق ورؤيا عين.
هذا آخر ما تم جمعه، فإن كان صوابًا فمن الله وحده، ثم مما استنفدته من كتب علماء أهل السنة، وجهدهم المباركة، وإن كان خطأ فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله.
اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا أعلمه، وأستغفرك لما لا أعلم ([18])، هذا والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة أجمعين ومن سار على طريقهم إلى يوم الدين، وآخر دعونا أن الحمد الله ربي العالمين، سبحنك اللهم وبحمد أشهد أن لا إله إلا الله أستغفرك وأتوب إليك.
كتبه
عزالدين بن سالم بن الصادق أبوزخار
طرابلس الغرب: يوم الخميس 2 ربيع الثاني سنة 1436 هـ
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
* هذا البحث قد كتبته منذ ما يزيد عن عشر سنوات وعرضته على أخي الشيخ محمد لنقر حفظه الله وقد قام بإبداء بعض الملاحظات، وبعدما قمت بالتصحيح والتهذيب في هذه الأيام عرضته على أخي وشيخي خالد العكاري حفظه الله فهو كذلك لم يبخل عليّ بتوجيهاته وتصوباته الصائبة كعادته في كل ما أعرض عليه فجزاهما الله عني خير الجزاء وأوفره .
([1]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد (ص 35).
([2]) رواه أحمد بلفظ ((العظمة ردائي والكبرياء إزاري فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار)) وبلفظ ألقينه في جهنم ولفظ آخر أدخلته جهنم وأخرجه أيضًا ابن ماجه.
([3]) أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة الناجية المنصورة، السؤل رقم 50.
([4]) معارج القبول (1/475-476).
([5]) الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد (ص 29).
([6]) المصدر السابق.
([7]) معارج القبول (1/479).
([8]) تنبه الغافلين عن أعمال الجاهلين (ص 210).
([9]) فتاوى أركان الإسلام السؤال رقم 68 (ص 142).
([10]) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/231).
([11]) فتاوى أركان الإسلام السؤال رقم 107 (ص 193).
([12]) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/436-437).
([13]) معارج القبول (2/712).
([14]) إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/366).
([15]) المقصود بالرقي البدعيه التي تفضي إلى الشرك، قال الألباني رحمه الله: في الصحيح، الرقى هي هنا كل ما فيه الاستعاذة بالجن، أو لا يفهم معناها.
([16])إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد (2/306-307).
([17]) المصدر السابق (2/307 -30.
([18]) هذا جزء من حديث معقل بن يسار أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) رقم 716 ، وصححه العلامة الألباني رحمه الله.