الواثقة بالله
03-26-2019, 01:16 AM
لفتوى رقم: ١١٨٧
الصنف: فتاوى الطهارة - الوضوء
في كيفيةِ وضوءِ مَنْ شقَّ عليه نزعُ الجوربِ اللاصق
السؤال:
امرأةٌ تشتكي مِنْ مرض الدوالي (varices) في رجلَيْها، ولمداواته أُلْبِسَتْ ما يشبه الجوربَ اللاصق مِنْ نصف القدم إلى أعلى الرجل بحيث يظهر أمشاطُ النصف الأوَّل مِنَ القدم، ويتعذَّر عليها نزعُه في كُلِّ يومٍ لمَشقَّةِ ذلك، فكيف يكون وضوؤُها؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا كانَتِ المَشقَّةُ تكمن في تَكرارِ نزعِ الجورب اللاصق، فللمرأة ـ في الصورة المذكورة ـ بعد غَسْلِ رجلَيْها في طهارةٍ حكميةٍ: وضوءٍ أو غُسْلٍ، أَنْ تضيف جوربين خفيفين فوق الجورب اللاصق تغطِّي به سائرَ قدمَيْها، ولها ـ بذلك ـ أَنْ تتوضَّأ وتمسحَ على جوربَيْها؛ لأنَّ حكم القدمين اللَّتين ليس عليهما شيءٌ ملبوسٌ أَنْ تُغْسَلا، وحكمهما إذا كان عليهما شيءٌ ملبوسٌ أَنْ يُمْسَح على ذلك الشيء إذا لُبِس على طهارةٍ؛ فعن المغيرة بنِ شعبة رضي الله عنه قال: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ»(١)، علمًا أنَّ مدَّةَ المسحِ ثلاثةُ أيَّامٍ ولياليهنَّ للمسافر، ويومٌ وليلةٌ للمُقيم ـ كما ثَبَت ذلك في السنَّة(٢) ـ ويبدأ توقيتُ المسحِ مِنْ أوَّلِ مسحٍ بعد الحدث على القول الراجح.
أمَّا إذا كان يَلْزَمُ ـ طبًّا ـ أَنْ تبقى أمشاطُ النصف الأوَّل مِنَ القدم مكشوفةً لفعالية العلاج أو تعجيلِ الشفاء؛ فإنه يجوز ـ حالتَئذٍ ـ الجمعُ بين الوضوء والتيمُّم، فتغسل ما انكشف مِنْ رجلَيْها وتتيمَّم للجزء الذي تَعذَّر غَسْلُه، وذلك بضرب الكفَّيْن بالصعيد الطاهر، ثمَّ تمسح بهما الوجهَ والكفَّين؛ عملًا بقاعدةِ: «المَعْسُورُ لَا يُسْقِطُ المَيْسُورَ».
وعليه، فكُلُّ ما دَخَل تحت الاستطاعة ففرضُه العملُ وهو الغَسْلُ، وما لا يُقتدَرُ على فعله فيُعْدَلُ به إلى البدل وهو التيمُّم، وبذلك يُجْمَعُ بين الوضوء والتيمُّم؛ لأنَّ كُلَّ ما عَجَز عنه المكلَّفُ فهو مشمولٌ بقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقولِه تعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: ١٦]، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»(٣).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٢ جمادى الآخرة ١٤٣٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ مارس ٢٠١٦م
(١) أخرجه أبو داود في «الطهارة» باب المسح على الجوربين (١٥٩)، والترمذيُّ في «الطهارة» بابٌ في المسح على الجوربين والنعلين (٩٩)، وابنُ ماجه في «الطهارة» بابُ ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين (٥٥٩)، مِنْ حديثِ المغيرة بنِ شعبة رضي الله عنه. قال أبو داود: «ومَسَح على الجوربين عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وابنُ مسعودٍ، والبراء بنُ عازبٍ، وأنس بنُ مالكٍ، وأبو أمامة، وسهلُ بنُ سعدٍ، وعمرو بنُ حُرَيثٍ، ورُوِيَ ذلك عن عمر بنِ الخطَّاب وابنِ عبَّاسٍ»، وقال الترمذيُّ: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ»، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ١٣٧) رقم: (١٠١).
(٢) لقول عليٍّ رضي الله عنه: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» [أخرجه مسلمٌ في «الطهارة» (٢٧٦)].
(٣) أخرجه البخاريُّ في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» باب الاقتداء بسنن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (٧٢٨٨)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٣٧)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1187
الصنف: فتاوى الطهارة - الوضوء
في كيفيةِ وضوءِ مَنْ شقَّ عليه نزعُ الجوربِ اللاصق
السؤال:
امرأةٌ تشتكي مِنْ مرض الدوالي (varices) في رجلَيْها، ولمداواته أُلْبِسَتْ ما يشبه الجوربَ اللاصق مِنْ نصف القدم إلى أعلى الرجل بحيث يظهر أمشاطُ النصف الأوَّل مِنَ القدم، ويتعذَّر عليها نزعُه في كُلِّ يومٍ لمَشقَّةِ ذلك، فكيف يكون وضوؤُها؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا كانَتِ المَشقَّةُ تكمن في تَكرارِ نزعِ الجورب اللاصق، فللمرأة ـ في الصورة المذكورة ـ بعد غَسْلِ رجلَيْها في طهارةٍ حكميةٍ: وضوءٍ أو غُسْلٍ، أَنْ تضيف جوربين خفيفين فوق الجورب اللاصق تغطِّي به سائرَ قدمَيْها، ولها ـ بذلك ـ أَنْ تتوضَّأ وتمسحَ على جوربَيْها؛ لأنَّ حكم القدمين اللَّتين ليس عليهما شيءٌ ملبوسٌ أَنْ تُغْسَلا، وحكمهما إذا كان عليهما شيءٌ ملبوسٌ أَنْ يُمْسَح على ذلك الشيء إذا لُبِس على طهارةٍ؛ فعن المغيرة بنِ شعبة رضي الله عنه قال: «تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَسَحَ عَلَى الجَوْرَبَيْنِ وَالنَّعْلَيْنِ»(١)، علمًا أنَّ مدَّةَ المسحِ ثلاثةُ أيَّامٍ ولياليهنَّ للمسافر، ويومٌ وليلةٌ للمُقيم ـ كما ثَبَت ذلك في السنَّة(٢) ـ ويبدأ توقيتُ المسحِ مِنْ أوَّلِ مسحٍ بعد الحدث على القول الراجح.
أمَّا إذا كان يَلْزَمُ ـ طبًّا ـ أَنْ تبقى أمشاطُ النصف الأوَّل مِنَ القدم مكشوفةً لفعالية العلاج أو تعجيلِ الشفاء؛ فإنه يجوز ـ حالتَئذٍ ـ الجمعُ بين الوضوء والتيمُّم، فتغسل ما انكشف مِنْ رجلَيْها وتتيمَّم للجزء الذي تَعذَّر غَسْلُه، وذلك بضرب الكفَّيْن بالصعيد الطاهر، ثمَّ تمسح بهما الوجهَ والكفَّين؛ عملًا بقاعدةِ: «المَعْسُورُ لَا يُسْقِطُ المَيْسُورَ».
وعليه، فكُلُّ ما دَخَل تحت الاستطاعة ففرضُه العملُ وهو الغَسْلُ، وما لا يُقتدَرُ على فعله فيُعْدَلُ به إلى البدل وهو التيمُّم، وبذلك يُجْمَعُ بين الوضوء والتيمُّم؛ لأنَّ كُلَّ ما عَجَز عنه المكلَّفُ فهو مشمولٌ بقوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقولِه تعالى: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُمۡ﴾ [التغابن: ١٦]، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ»(٣).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٢ جمادى الآخرة ١٤٣٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٢١ مارس ٢٠١٦م
(١) أخرجه أبو داود في «الطهارة» باب المسح على الجوربين (١٥٩)، والترمذيُّ في «الطهارة» بابٌ في المسح على الجوربين والنعلين (٩٩)، وابنُ ماجه في «الطهارة» بابُ ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين (٥٥٩)، مِنْ حديثِ المغيرة بنِ شعبة رضي الله عنه. قال أبو داود: «ومَسَح على الجوربين عليُّ بنُ أبي طالبٍ، وابنُ مسعودٍ، والبراء بنُ عازبٍ، وأنس بنُ مالكٍ، وأبو أمامة، وسهلُ بنُ سعدٍ، وعمرو بنُ حُرَيثٍ، ورُوِيَ ذلك عن عمر بنِ الخطَّاب وابنِ عبَّاسٍ»، وقال الترمذيُّ: «هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ»، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ١٣٧) رقم: (١٠١).
(٢) لقول عليٍّ رضي الله عنه: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ» [أخرجه مسلمٌ في «الطهارة» (٢٧٦)].
(٣) أخرجه البخاريُّ في «الاعتصام بالكتاب والسنَّة» باب الاقتداء بسنن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (٧٢٨٨)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٣٣٧)، مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
https://ferkous.com/home/?q=fatwa-1187