الواثقة بالله
11-28-2019, 12:29 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيَحْصُل افتراق في هذه الأمة كما حصل في الأمم السابقة، وأوصانا عند ذلك أن نتمسك بما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، قال صلى الله عليه وسلم: افترَقَتِ اليهود على إحدى وسبعين فِرقة، افترقتِ النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فِرقة كلها في النار إلا واحدة ، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ، قال عليه الصلاة والسلام : فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية: وكل ضلالة في النار ، هكذا أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَلزم ما كان عليه هو وأصحابه عند حصول الاختلاف والافتراق، لأنه لا بد أن يقع وقد وقع كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فطريق النجاة هو التزام ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذه الفِرقة هي الناجية من النار، وسائر الفرق كلها في النار، ولذلك تسمى الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة هذه هي الفرقة المتميزة عن غيرها باتباع الكتاب والسنة، وما عداها فهي فرق ضالة وإن كانت تنتسب إلى هذه الأمة، ومنهجها مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم ومن كمال بيانه للناس، فالطريق واضح والحمد لله اتباع الكتاب والسنة وما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين إلى آخر القرون المفضلة القرون الثلاثة أو الأربعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، قال الراوي: (لا أدري أذكر مع قرنه قرنين أو ثلاثة) ثم قال: سيأتي بعدهم قوم يحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويظهر فيهم السمن ، بعد القرون المفضلة تحصل هذه الأمور، ولكن من صار على منهج القرون المفضلة ولو كان في آخر يوم من الدنيا فإنه ينجو ويسلم من النار، والله عز وجل قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، فالله جل وعلا ضَمن لمن اتبع المهاجرين والأنصار بهذا الشرط (بِإِحْسَانٍ) يعني بإتقان لا دعوى أو انتساب من غير تحقيق إما عن جهل أو عن هوى، ليس كل من انتسب إلى السلف يكون محقا حتى يكون اتباعه بإحسان هذا شرط شرطه الله عز وجل ، والإحسان يعني الاتقان والإتمام وهذا يتطلب من الأتْباع أن يدرسوا منهج السلف وأن يعرفوه ويتمسكوا به، أما أن ينتسبوا إليهم وهم لا يعرفون منهجهم ولا مذهبهم فهذا لا يجدي شيئا ولا ينفع شيئا وليسوا من السلف وليسوا سلفيين، لأنهم لم يتبعوا السلف بإحسان كما شرط الله عز وجل، ولذلك أنتم ولله الحمد في هذه الجامعة وفي هذه البلاد وفي مساجد هذه البلاد الذي يدرس فيها هو منهج السلف الصالح حتى نتبعهم بإحسان، لا بالدعوى والتسمِي فقط، فكم ممن يدعي السلفية وأنه على منهج السلف وهو على خلاف ذلك، إما لجهله أنه بمنهج السلف وإما لهواه يعرف لكن يتبع هواه ولا يتبع منهج السلف، لاسيما وأن من صار على منهج السلف يحتاج إلى أمرين كما ذكرنا معرفة منهج السلف، والأمر الثاني التمسك به مهما كلفه ذلك لأنه سيلقى من المخالفين، سيلقى أذى، يلقى تعنُّتا، يلقى اتهامات يلقى ما يلقى من الألقاب السيئة لكن يصبر على ذلك لأنه مقتنع بما هو عليه فلا تهزه الأعاصير ولا تغييره الفتن فيصبر على ذلك إلى أن يلقى ربه.
يتعلم منهج السلف أولا، يتبعه بإحسان، يصبر على ما يلقى من الناس، ولا يكفي هذا لا بد أن ينشر منهج السلف لا بد أن يدعو إلى الله ويدعو إلى مذهب السلف ويبينه للناس وينشره في الناس هذا هو السلفي حقيقة، وأما من يدعي السلفية وهو لا يعرف منهج السلف أو يعرفه ولا يتَّبعه وإنما يتبع ما عليه الناس أو يتبع ما يوافق هواه هذا ليس سلفيا وإن تسمى بالسلفية، أو لا يصبر على الفتن ويجامل في دينه ويداهن في دينه ويتنازل عن شيء من منهج السلف فهذا ليس على منهج السلف، فليس العبرة بالدعوة العبرة بالحقيقة هذا يستدعي منا الاهتمام لمعرفة منهج السلف ودراسة منهج السلف في العقيدة والأخلاق والعمل في جميع مجالات منهج السلف فهو المنهج الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه من اقتدى بهم وسار على منهجهم إلى أن تقوم الساعة قال صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي - هؤلاء هم السلف هم السلفيون – على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى ، فقوله: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم يدل على أنه سيكون من يخالفهم، ويكون من يخذلهم، ولكن لا يهمهم ذلك بل يأخذوا طريقهم إلى الله عز وجل ويصبر على ما أصابه، كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾، هذا منهج السلف هذا سَمْتهم هذه صفتهم والله جل وعلا قال: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، (هَذَا صِرَاطِي) نسبه إلى نفسه نسبة تشريف وتكريم له ولمن سار عليه، (هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً) يعني معتدلا (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)، فدل على أن هناك سبل ولم يحددها سبل كثيرة (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ)، هذه المناهج الفرق المخالفة لمنهج السلف (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، أولا قال: (فَاتَّبِعُوهُ)، ثم قال (وَصَّاكُمْ) تأكيد (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تتقون الله سبحانه وتتقون الضلالات وتتقون الشبهات وتتقون وتتقون ما يعترضوا طريقكم في سلوككم لهذا الصراط دل على أنه سيعترضكم أشياء وانظر كيف وحد سبيله وصراطه وعدد السبل، صراط الله واحد لا انقسام فيه ولا تعدد ولا اعوجاج ولا اختلاف وأما السُّبل فهي كثيرة لا تُعد، كل يبتكر له سبيل طريق يسير عليه كل يبتكر له منهجا يسير عليه هو وأتباعه فهي متعددة السبل (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) فإذا اتبعتم السبل ماذا يحصل؟ (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) تخرجكم عن سبيل الله عز وجل تقعون في التِّيه والضلال والهلاك فلا نجاة ولا صلاح ولا فلاح إلا بلزوم الصراط المستقيم الذي هو صراط الله جل وعلا ، وما عداه فهو سبل الشياطين على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه فلنحذر هذا الأمر ولا نغتر بكثرة المخالفين ولا نعبأ بشبهاتهم وتعييرهم وتنقصهم لنا ما نلتفت إلى هذا بل نسير إلى الله على بصيرة، والله جل وعلا فرض علينا في كل ركعة من صلواتنا أن نقرأ سورة الفاتحة وفي آخرها (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصراط المستقيم الذي هو صراط الله عز وجل، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ) أي دلنا وأرشدنا وثبتنا على الصراط المستقيم (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، من هم الذين يسيرون عليه (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، هؤلاء هم رفقاءك على هذا الصراط الذي تسير عليه (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، فلا تستوحش وأنت على هذا الصراط، لأن صحبك ورفقاءك هم خيار الخلق فلا تستوحش ولو كثرت الطرق كثرت الفرق وكثر المخالفون ما تلتفت إليه، لأنك مقتنع بما أنت عليه وهو صراط الله عز وجل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) ، أي غير صراط المغضوب عليهم ولا الضالين، المغضوب عليهم هم الذين عندهم علم ولم يعملوا به مثل اليهود عندهم علم ولكنهم لم يعملوا به، والعلم إذا لم يُعمل به صار حجة على صاحبه يوم القيامة.
والعلم إن كان أقوالا بلا عمل فإن صاحبه بالجهل منغمِرُ
لا بد من العمل وعلم بلا عمل كشجر بلا ثم، وش الفائدة من شجر بلا ثمر، ولذلك غضب الله عليهم لأنه عندهم علم ولم يعملوا به فاستحقوا غضب الله سبحانه وتعالى ومقته وسخطه عليهم، وإن كانوا يرون أنهم هم الناس وهم أهل التقدم والرقي والحضارة إلى آخر ما يدَّعونه من الرقي فإنهم على ضلالة على غضب من الله سبحانه وتعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) أي غير طريق الضالين وهم الذين يعملون يعبدون الله ويزهدون لكن على غير علم وهدى من الله سبحانه وتعالى فعملهم هباء منثور لا يفيدهم شيئا لأنهم ضالون عن الطريق، ضالون عن الصراط المستقيم فعملهم تعب بلا فائدة ومن هؤلاء النصارى، النصارى عندهم عبادة رهبانية لكنهم على غير علم، فهم ضالون وهم على ضلال على خطأ والعبرة ليست بالجد والاجتهاد من غير إصابة للحق ومن غير طريق الصحيح، الصوفية مثلا عندنا في الاسلام هم على طريق النصارى هم يعبدون ويزهدون ويجتهدون ويعتزلون الناس لكنهم ما عندهم علم ولا يتعلمون يزهدون في العلم يقولون للناس اعملوا أما العلم يشغلكم عن العمل المطلوب منكم العمل، يزهدون الناس في تعلم العلم، ويزهدونهم في الجلوس للعلماء وأخذ العلم من العلماء يقولون هؤلاء مقصرون وهؤلاء وهؤلاء أعاقوكم عن العمل هذه نافذة عندهم، النافذة الثانية يقولون العلم ليس بالتعلم العلم يأتيك تلقائيا إذا اجتهدت في العبادة فتح الله عليك، ذاك العلم بدون أنك تتعلم هذا ضلال والعياذ بالله، فلنحذر من هذا، العلم بالتعلم ما يمكن الحصول على العلم بدون التعلم على أهل العلم وأهل البصيرة و تلقي العلم عن العلماء، العلم قبل القول والعمل، قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيح البخاري بابٌ: العلم قبل القول والعمل ثم ذكر هذه الآية: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، اعلم أنه لا إله إلا الله، تعلم أولا ثم استغفر واعمل بعد ذلك، فلابد من العلم، العلم هو الدليل إلى الله سبحانه وتعالى فالله أنزل الكتاب وأرسل الرسول ليدلنا على الطريق الصحيح الذي نسير عليه وهو العلم النافع والعمل الصالح، الله جل وعلا قال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، الهدى هو العلم الحق، ودين الحق هو العمل الصالح، فلا بد من جمع الأمرين العلم النافع والعمل الصالح، هذا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء بالعلم فقط دون عمل ! ولا جاء بعمل دون علم، قرينان متلازمان، لابد ان يكون العمل مؤسسا على علمٍ وعلى بصيرة، ولا بد للعالم أن يعمل بعلمه وإلا فالعلم الذي لا يعمل بعلمه والعامل الذي لا يسير على علم كلا منهما هالك، إلا من عنده علم نافع وعمل صالح، وهذا هو الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي السلفية الصحيحة وهذه سمات السلف الصالح العلم النافع والعمل الصالح، هذه سمات السلف الصالح والسلف يعني الذين مضوا (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)، لما ذكر المهاجرين والأنصار في سورة الحشر قال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا) اخواننا (الَّذِينَ سَبَقُونَا) بأي شيء (بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ) حقدا وبغضا (لِلَّذِينَ آمَنُوا)، فالذي يبغض السابقين من الصحابة من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان والقرون المفضلة قال الذي يبغضهم هذا قد سخط الله عليه وغضب عليه وعمله هباء منثورا لأنه لم يؤسس على هدى، والعمل إنما يقبل بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون خالصا لوجه الله.
الشرط الثاني: أن يكون صوابا على سنة رسول الله.
(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)، أسلم وجهه هذا هو الاخلاص البراءة من الشرك وأهله، وهو محسن أي متبع للرسول صلى الله عليه وسلم تاركا للبدع والمحدثات، وإنما يعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فهذا هو منهج السلف وهو مأخوذ من الكتاب والسنة لا تقول من أين آخذ منهج السلف أنا لا أعرف منهج السلف من أين آخذه؟ يا أخي الكتاب والسنة هو الذي يعرفك منهج السلف، وأيضا ما تأخذ من الكتاب والسنة إلا بواسطة العلماء الراسخين في العلم لا بد من هذا، فالذي يريد أن يسير على منهج السلف لا بد أن يلتزم بهذه الضوابط الشرعية، وإلا كثير اليوم من يدعون أنهم على منهج السلف وهم على ضلالة وعلى أخطاء كبيرة وينسبونها لمنهج السلف، فلذلك صار الكفار والمنافقون والذين في قلوبهم مرض يسبون السلفيين وكل جريمة وكل تخريب وكل بلاء يقولون هؤلاء هم السلفيون، هذا السلفية بريئة منه كل البراءة والسلف برآء منه وليس هو على منهج السلف إنما هو على منهج الضلال وإن تسمَّى بمنهج السلف، فيجب أن فرق بين التسمي والحقيقة، لأنه فيه من يتسمى من غير حقيقة فهذا ليس سلفيا والسلف برآء منه، منهج السلف علم نافع وعمل صالح وأخوة في دين الله وتعاون على البر والتقوى هذا منهج السلف الصالح الذي من تمسك به نجا من الفتن والشرور وانحاز إلى رضى الله سبحانه وتعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ)، كل يريد الجنات التي تجري تحتها الأنهار، كل لا يريد النار ولا يريد العذاب، لكن الكلام على اتخاذ الأسباب التي توصل إلى الجنة وتنجي من النار، ما فيه أسباب إلا التزام منهج السلف الصالح، قال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، ما الذي أصلح أولها هو الكتاب والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بالكتاب والسنة، والكتاب والسنة ولله الحمد موجودة لدينا محفوظة بحفظ الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، محفوظة بإذن الله من أرادها بصدق وتعلم تعلما صحيحا وجد هذا، وأما من يدعي من غير حقيقة أو يقلد من يدعي السلفية وهو ليس على منهج السلف فهذا لا يجزي عليه شيء بل يضره، والمشكلة أن هذه ينسب إلى السلف ينسب إلى السلفيين وهذا كذب وافتراء على السلف كذب وافتراء على السلفية هذا تمويه على الناس سواء تعمد هذا أو لم يتعمده إما صاحب هوى وإما جاهل
والدعاوى إذا لم يقيموا عليها بينات أهلها أدعياء
فلا بد من يدعي أو ينتسب إلى السلف أن يحقق هذا التسمي والانتساب بأن يتمثل منهج السلف في الاعتقاد وفي القول والعمل والتعامل حتى يكون سلفيا حقا ويكون قدوة صالحا يمثل مذهب السلف الصالح، فمن أراد هذا المنهج فعليه أن يعرفه، أن يتعلمه، أن يعمل به في نفسه أولا، أن يدعو إليه، أن يبينه للناس، هذا هو طريق النجاة وهذا هو طريق الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وصبر على ذلك وثبت على ذلك ولم ينجرف مع الفتن ولا مع الدعايات المضللة ولم تهزه الأعاصير بل يثبت على ما هو عليه حتى يلقى الله ربه سبحانه وتعالى، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
https://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/14381
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. أما بعد:
فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه سيَحْصُل افتراق في هذه الأمة كما حصل في الأمم السابقة، وأوصانا عند ذلك أن نتمسك بما كان عليه صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه، قال صلى الله عليه وسلم: افترَقَتِ اليهود على إحدى وسبعين فِرقة، افترقتِ النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فِرقة كلها في النار إلا واحدة ، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ، قال عليه الصلاة والسلام : فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وفي رواية: وكل ضلالة في النار ، هكذا أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نَلزم ما كان عليه هو وأصحابه عند حصول الاختلاف والافتراق، لأنه لا بد أن يقع وقد وقع كما أخبر به صلى الله عليه وسلم، فطريق النجاة هو التزام ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، هذه الفِرقة هي الناجية من النار، وسائر الفرق كلها في النار، ولذلك تسمى الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة هذه هي الفرقة المتميزة عن غيرها باتباع الكتاب والسنة، وما عداها فهي فرق ضالة وإن كانت تنتسب إلى هذه الأمة، ومنهجها مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهذا من كمال نصحه صلى الله عليه وسلم ومن كمال بيانه للناس، فالطريق واضح والحمد لله اتباع الكتاب والسنة وما عليه سلف هذه الأمة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين إلى آخر القرون المفضلة القرون الثلاثة أو الأربعة، كما قال صلى الله عليه وسلم: خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ، قال الراوي: (لا أدري أذكر مع قرنه قرنين أو ثلاثة) ثم قال: سيأتي بعدهم قوم يحلفون ولا يستحلفون ويشهدون ولا يُستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون ويظهر فيهم السمن ، بعد القرون المفضلة تحصل هذه الأمور، ولكن من صار على منهج القرون المفضلة ولو كان في آخر يوم من الدنيا فإنه ينجو ويسلم من النار، والله عز وجل قال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾، فالله جل وعلا ضَمن لمن اتبع المهاجرين والأنصار بهذا الشرط (بِإِحْسَانٍ) يعني بإتقان لا دعوى أو انتساب من غير تحقيق إما عن جهل أو عن هوى، ليس كل من انتسب إلى السلف يكون محقا حتى يكون اتباعه بإحسان هذا شرط شرطه الله عز وجل ، والإحسان يعني الاتقان والإتمام وهذا يتطلب من الأتْباع أن يدرسوا منهج السلف وأن يعرفوه ويتمسكوا به، أما أن ينتسبوا إليهم وهم لا يعرفون منهجهم ولا مذهبهم فهذا لا يجدي شيئا ولا ينفع شيئا وليسوا من السلف وليسوا سلفيين، لأنهم لم يتبعوا السلف بإحسان كما شرط الله عز وجل، ولذلك أنتم ولله الحمد في هذه الجامعة وفي هذه البلاد وفي مساجد هذه البلاد الذي يدرس فيها هو منهج السلف الصالح حتى نتبعهم بإحسان، لا بالدعوى والتسمِي فقط، فكم ممن يدعي السلفية وأنه على منهج السلف وهو على خلاف ذلك، إما لجهله أنه بمنهج السلف وإما لهواه يعرف لكن يتبع هواه ولا يتبع منهج السلف، لاسيما وأن من صار على منهج السلف يحتاج إلى أمرين كما ذكرنا معرفة منهج السلف، والأمر الثاني التمسك به مهما كلفه ذلك لأنه سيلقى من المخالفين، سيلقى أذى، يلقى تعنُّتا، يلقى اتهامات يلقى ما يلقى من الألقاب السيئة لكن يصبر على ذلك لأنه مقتنع بما هو عليه فلا تهزه الأعاصير ولا تغييره الفتن فيصبر على ذلك إلى أن يلقى ربه.
يتعلم منهج السلف أولا، يتبعه بإحسان، يصبر على ما يلقى من الناس، ولا يكفي هذا لا بد أن ينشر منهج السلف لا بد أن يدعو إلى الله ويدعو إلى مذهب السلف ويبينه للناس وينشره في الناس هذا هو السلفي حقيقة، وأما من يدعي السلفية وهو لا يعرف منهج السلف أو يعرفه ولا يتَّبعه وإنما يتبع ما عليه الناس أو يتبع ما يوافق هواه هذا ليس سلفيا وإن تسمى بالسلفية، أو لا يصبر على الفتن ويجامل في دينه ويداهن في دينه ويتنازل عن شيء من منهج السلف فهذا ليس على منهج السلف، فليس العبرة بالدعوة العبرة بالحقيقة هذا يستدعي منا الاهتمام لمعرفة منهج السلف ودراسة منهج السلف في العقيدة والأخلاق والعمل في جميع مجالات منهج السلف فهو المنهج الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه من اقتدى بهم وسار على منهجهم إلى أن تقوم الساعة قال صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي - هؤلاء هم السلف هم السلفيون – على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى ، فقوله: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم يدل على أنه سيكون من يخالفهم، ويكون من يخذلهم، ولكن لا يهمهم ذلك بل يأخذوا طريقهم إلى الله عز وجل ويصبر على ما أصابه، كما قال لقمان لابنه وهو يعظه: ﴿يَا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ* وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ* وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾، هذا منهج السلف هذا سَمْتهم هذه صفتهم والله جل وعلا قال: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، (هَذَا صِرَاطِي) نسبه إلى نفسه نسبة تشريف وتكريم له ولمن سار عليه، (هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً) يعني معتدلا (فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)، فدل على أن هناك سبل ولم يحددها سبل كثيرة (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ)، هذه المناهج الفرق المخالفة لمنهج السلف (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾، أولا قال: (فَاتَّبِعُوهُ)، ثم قال (وَصَّاكُمْ) تأكيد (وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) تتقون الله سبحانه وتتقون الضلالات وتتقون الشبهات وتتقون وتتقون ما يعترضوا طريقكم في سلوككم لهذا الصراط دل على أنه سيعترضكم أشياء وانظر كيف وحد سبيله وصراطه وعدد السبل، صراط الله واحد لا انقسام فيه ولا تعدد ولا اعوجاج ولا اختلاف وأما السُّبل فهي كثيرة لا تُعد، كل يبتكر له سبيل طريق يسير عليه كل يبتكر له منهجا يسير عليه هو وأتباعه فهي متعددة السبل (وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ) فإذا اتبعتم السبل ماذا يحصل؟ (فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) تخرجكم عن سبيل الله عز وجل تقعون في التِّيه والضلال والهلاك فلا نجاة ولا صلاح ولا فلاح إلا بلزوم الصراط المستقيم الذي هو صراط الله جل وعلا ، وما عداه فهو سبل الشياطين على كل سبيل منها شيطان يدعو الناس إليه فلنحذر هذا الأمر ولا نغتر بكثرة المخالفين ولا نعبأ بشبهاتهم وتعييرهم وتنقصهم لنا ما نلتفت إلى هذا بل نسير إلى الله على بصيرة، والله جل وعلا فرض علينا في كل ركعة من صلواتنا أن نقرأ سورة الفاتحة وفي آخرها (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) الصراط المستقيم الذي هو صراط الله عز وجل، (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً)، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ) أي دلنا وأرشدنا وثبتنا على الصراط المستقيم (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)، من هم الذين يسيرون عليه (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، هؤلاء هم رفقاءك على هذا الصراط الذي تسير عليه (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقاً)، فلا تستوحش وأنت على هذا الصراط، لأن صحبك ورفقاءك هم خيار الخلق فلا تستوحش ولو كثرت الطرق كثرت الفرق وكثر المخالفون ما تلتفت إليه، لأنك مقتنع بما أنت عليه وهو صراط الله عز وجل (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) ، أي غير صراط المغضوب عليهم ولا الضالين، المغضوب عليهم هم الذين عندهم علم ولم يعملوا به مثل اليهود عندهم علم ولكنهم لم يعملوا به، والعلم إذا لم يُعمل به صار حجة على صاحبه يوم القيامة.
والعلم إن كان أقوالا بلا عمل فإن صاحبه بالجهل منغمِرُ
لا بد من العمل وعلم بلا عمل كشجر بلا ثم، وش الفائدة من شجر بلا ثمر، ولذلك غضب الله عليهم لأنه عندهم علم ولم يعملوا به فاستحقوا غضب الله سبحانه وتعالى ومقته وسخطه عليهم، وإن كانوا يرون أنهم هم الناس وهم أهل التقدم والرقي والحضارة إلى آخر ما يدَّعونه من الرقي فإنهم على ضلالة على غضب من الله سبحانه وتعالى (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ) أي غير طريق الضالين وهم الذين يعملون يعبدون الله ويزهدون لكن على غير علم وهدى من الله سبحانه وتعالى فعملهم هباء منثور لا يفيدهم شيئا لأنهم ضالون عن الطريق، ضالون عن الصراط المستقيم فعملهم تعب بلا فائدة ومن هؤلاء النصارى، النصارى عندهم عبادة رهبانية لكنهم على غير علم، فهم ضالون وهم على ضلال على خطأ والعبرة ليست بالجد والاجتهاد من غير إصابة للحق ومن غير طريق الصحيح، الصوفية مثلا عندنا في الاسلام هم على طريق النصارى هم يعبدون ويزهدون ويجتهدون ويعتزلون الناس لكنهم ما عندهم علم ولا يتعلمون يزهدون في العلم يقولون للناس اعملوا أما العلم يشغلكم عن العمل المطلوب منكم العمل، يزهدون الناس في تعلم العلم، ويزهدونهم في الجلوس للعلماء وأخذ العلم من العلماء يقولون هؤلاء مقصرون وهؤلاء وهؤلاء أعاقوكم عن العمل هذه نافذة عندهم، النافذة الثانية يقولون العلم ليس بالتعلم العلم يأتيك تلقائيا إذا اجتهدت في العبادة فتح الله عليك، ذاك العلم بدون أنك تتعلم هذا ضلال والعياذ بالله، فلنحذر من هذا، العلم بالتعلم ما يمكن الحصول على العلم بدون التعلم على أهل العلم وأهل البصيرة و تلقي العلم عن العلماء، العلم قبل القول والعمل، قال الإمام البخاري رحمه الله في صحيح البخاري بابٌ: العلم قبل القول والعمل ثم ذكر هذه الآية: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ)، اعلم أنه لا إله إلا الله، تعلم أولا ثم استغفر واعمل بعد ذلك، فلابد من العلم، العلم هو الدليل إلى الله سبحانه وتعالى فالله أنزل الكتاب وأرسل الرسول ليدلنا على الطريق الصحيح الذي نسير عليه وهو العلم النافع والعمل الصالح، الله جل وعلا قال: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ)، الهدى هو العلم الحق، ودين الحق هو العمل الصالح، فلا بد من جمع الأمرين العلم النافع والعمل الصالح، هذا الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ما جاء بالعلم فقط دون عمل ! ولا جاء بعمل دون علم، قرينان متلازمان، لابد ان يكون العمل مؤسسا على علمٍ وعلى بصيرة، ولا بد للعالم أن يعمل بعلمه وإلا فالعلم الذي لا يعمل بعلمه والعامل الذي لا يسير على علم كلا منهما هالك، إلا من عنده علم نافع وعمل صالح، وهذا هو الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه هي السلفية الصحيحة وهذه سمات السلف الصالح العلم النافع والعمل الصالح، هذه سمات السلف الصالح والسلف يعني الذين مضوا (رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ)، لما ذكر المهاجرين والأنصار في سورة الحشر قال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا) اخواننا (الَّذِينَ سَبَقُونَا) بأي شيء (بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ) حقدا وبغضا (لِلَّذِينَ آمَنُوا)، فالذي يبغض السابقين من الصحابة من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان والقرون المفضلة قال الذي يبغضهم هذا قد سخط الله عليه وغضب عليه وعمله هباء منثورا لأنه لم يؤسس على هدى، والعمل إنما يقبل بشرطين:
الشرط الأول: أن يكون خالصا لوجه الله.
الشرط الثاني: أن يكون صوابا على سنة رسول الله.
(بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ)، أسلم وجهه هذا هو الاخلاص البراءة من الشرك وأهله، وهو محسن أي متبع للرسول صلى الله عليه وسلم تاركا للبدع والمحدثات، وإنما يعمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فهذا هو منهج السلف وهو مأخوذ من الكتاب والسنة لا تقول من أين آخذ منهج السلف أنا لا أعرف منهج السلف من أين آخذه؟ يا أخي الكتاب والسنة هو الذي يعرفك منهج السلف، وأيضا ما تأخذ من الكتاب والسنة إلا بواسطة العلماء الراسخين في العلم لا بد من هذا، فالذي يريد أن يسير على منهج السلف لا بد أن يلتزم بهذه الضوابط الشرعية، وإلا كثير اليوم من يدعون أنهم على منهج السلف وهم على ضلالة وعلى أخطاء كبيرة وينسبونها لمنهج السلف، فلذلك صار الكفار والمنافقون والذين في قلوبهم مرض يسبون السلفيين وكل جريمة وكل تخريب وكل بلاء يقولون هؤلاء هم السلفيون، هذا السلفية بريئة منه كل البراءة والسلف برآء منه وليس هو على منهج السلف إنما هو على منهج الضلال وإن تسمَّى بمنهج السلف، فيجب أن فرق بين التسمي والحقيقة، لأنه فيه من يتسمى من غير حقيقة فهذا ليس سلفيا والسلف برآء منه، منهج السلف علم نافع وعمل صالح وأخوة في دين الله وتعاون على البر والتقوى هذا منهج السلف الصالح الذي من تمسك به نجا من الفتن والشرور وانحاز إلى رضى الله سبحانه وتعالى (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ)، كل يريد الجنات التي تجري تحتها الأنهار، كل لا يريد النار ولا يريد العذاب، لكن الكلام على اتخاذ الأسباب التي توصل إلى الجنة وتنجي من النار، ما فيه أسباب إلا التزام منهج السلف الصالح، قال الإمام مالك رحمه الله: (لا يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها)، ما الذي أصلح أولها هو الكتاب والسنة، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بالكتاب والسنة، والكتاب والسنة ولله الحمد موجودة لدينا محفوظة بحفظ الله (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، محفوظة بإذن الله من أرادها بصدق وتعلم تعلما صحيحا وجد هذا، وأما من يدعي من غير حقيقة أو يقلد من يدعي السلفية وهو ليس على منهج السلف فهذا لا يجزي عليه شيء بل يضره، والمشكلة أن هذه ينسب إلى السلف ينسب إلى السلفيين وهذا كذب وافتراء على السلف كذب وافتراء على السلفية هذا تمويه على الناس سواء تعمد هذا أو لم يتعمده إما صاحب هوى وإما جاهل
والدعاوى إذا لم يقيموا عليها بينات أهلها أدعياء
فلا بد من يدعي أو ينتسب إلى السلف أن يحقق هذا التسمي والانتساب بأن يتمثل منهج السلف في الاعتقاد وفي القول والعمل والتعامل حتى يكون سلفيا حقا ويكون قدوة صالحا يمثل مذهب السلف الصالح، فمن أراد هذا المنهج فعليه أن يعرفه، أن يتعلمه، أن يعمل به في نفسه أولا، أن يدعو إليه، أن يبينه للناس، هذا هو طريق النجاة وهذا هو طريق الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وصبر على ذلك وثبت على ذلك ولم ينجرف مع الفتن ولا مع الدعايات المضللة ولم تهزه الأعاصير بل يثبت على ما هو عليه حتى يلقى الله ربه سبحانه وتعالى، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين
https://www.alfawzan.af.org.sa/ar/node/14381