محمد الفاريابي
10-07-2011, 06:17 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله الملك الحق المبين أبان لعباده من آياته ما به عبرة للمعتبرين وهداية للمهتدين وحجة على المعاندين الملحدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين بيده ملكوت السماوات والأرض وله الحكم في الدنيا والآخرة وإليه ترجعون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وخاتم النبيين بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على المرسل إليهم أجمعين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أعطاكم من العقول التي تتميزون بها على البهائم وتدركون بها ما ينفعكم وما يضركم وتستدلون بها على ما أعطاكم الله بل على ما أبان لكم من آياته الكونية الدالة على وحدانية وعلى كمال ربوبيته إن الله عز وجل له في كل شئ من مخلوقاته آية تدل على أنه إله واحد لا إله غيره وعلى أنه رب عظيم ماجد كامل العلم والقدرة كامل الرحمة والحكمة كامل العظمة والسلطان فمن آياته خلق السماوات والأرض من نظر إلى السماء في حسنها وكمالها وارتفاعها وقوتها علم بذلك تمام قدرة الله وحكمته قال الله عز وجل: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) (رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) وقال عز وجل: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) إي بنيناها بقوة لا يماثلها قوة وهو موسعها عز وجل لسعة أرجائها وقال عز وجل: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) وقال جل من قائل: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) في هذه السماء وفي جوها من آيات الله ما يبهر العقول: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً) ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) أيها المسلمون انظروا إلى هذه الشمس العظيمة الكبيرة الحجم الشديدة الحرارة جعلها الله تعالى سراجاً وهاجا تصل إلى الأرض حرارتها مع البعد العظيم بينها وبين الأرض لتنضج الزروع والثمار وتدفع الأجواء والبحار تسير هذه الشمس بانتظام بديع وسير سريع لو نزلت مقدار شعرة أو ارتفعت لاختل نظام الأرض قال الله عز وجل: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) العزيز القهار الغالب الذي لا يغلب العليم بكل شيء ثم انظروا إلى هذا القمر البدر المنير آية الليل جعله الله تعالى مقدراً بمنازل لنعلم بذلك عدد السنين والحساب وله آثار على البحار والنبات والأجسام أجسام الإحياء لاختلاف هذه المنازل قال الله عز وجل: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أيها المسلمون انظروا أيضاً إلى الأرض وما فيها من آيات الله تعلموا بذلك تمام قدرة الله وحكمته مهدها الله لخلقه وسلك لهم فيها سبلا وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها جعلها الله لعباده ذلولا يمشون في مناكبها ويأكلون من رزقها فيحرثون ويزرعون ويصلون إلى المياه في جوفها فيسقون ويشربون جعلها الله تعالى قراراً للخلق لا تميد بهم ولا تضطرب ولا تتزلزل ولا تتصدع إلا بأذن الله عز وجل أسمعوا قول الله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) في الأرض قطع متجاورات تجد في الحصاة الواحدة قطعاً متجاورة فضلاً عن الجبل الصغير فضلاً عن ما فوقه من الجبال تجدها خطوطاً هذا أسود وهذا أحمر وهذا أبيض والخالق واحد جل وعلا، في الأرض قطع متجاورات مختلفة في ذاتها وصفاتها ومنافعها هذه رمال وهذه جبال وهذه معادن من ذهب وهذه معادن من فضة وهذه معادن من حديد وهذه معادن من رصاص إلى أمور لا يعلمها إلا خالقها عز وجل في الأرض جنات من أعناب وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ويفضل الله بعضه على بعضٍ في الأكل قال الله عز وجل: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) ففي السماوات ملائكة لا يحصهم إلا الله عز وجل ما من موضع أربع أصابع من السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد يطوف كل يوم بالبيت المعمور في السماء سبعون ألف ملك لا يعودون إليه مرة أخرى إلى يوم القيامة إذاً فالزائرون لهذه البيت كل يوم سبعون ألف ملك لا يعود إليه الزائر مرة أخرى منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة فما ظنكم بهذا العدد الكبير إنه عدد لا يحصيه إلا الذي خلقه جل وعلا في الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا تحصى أجناسه فضلاً عن أنواعه فضلاً عن أفراده هذه الدواب مختلفة في أجناسها وأشكالها وأحوالها فمنها النافع الذي يعرف به الإنسان كمال نعمة الله عليه ومنها الضار الذي يعرف بها الإنسان قدر نفسه وضعفه أمام قدرة الله عز وجل فهذه البعوضة الصغيرة الحقيرة تسلط على الإنسان فتقلق راحته وتقض مضجعه ويذكر أن ملكاً جباراً كان يتحدث مستهتراً يقول ما الفائدة من خلق الذباب فقال له أحد الحاضرين إن الله خلقه ليرغم به أنوف الجبابرة يعني أن الذباب يقع على أنف الرجل الجبار بأرجله الملوثة بالانتان والقاذورات لا يستطيع التخلص منه وهو من أصغر المخلوقات وأحقرها وهذه الدواب المنتشرة في الأرض في بحارها وقفارها ومدنها وقراها وأوديتها وجبالها وفي كل مكان كلها تسبح بحمد الله وتسجد له قال الله عز وجل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) كل هذه الدواب المنتشرة خلقت بأمر الله واهتدت برحمة الله وعاشت برزق الله: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ) ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن سليمان بن داؤود أحد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام خرج ذات يوم يستسقي وكان سليمان يعرف منطق النمل فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك فقال سليمان أرجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم) ومن آيات الله عز وجل هذا الليل والنهار في تعاقبهما على العباد يطول هذا تارة ويقصر أخرى ويتساويان تارة ثالثة جعل الله الليل سكناً يسكن فيه العباد فينامون ويستريحون وجعل النهار معاشاً للناس يبتغون فيه من فضل الله ويكسبون قال الله عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) لو اجتمعت الخليقة كلها على أن تأتي بالليل في وقت النهار ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولو اجتمعوا على أن يأتوا بالنهار في وقت الليل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولكن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الذي يأتي بهذا وبهذا لتقوم مصالح العباد وذلك من رحمة الله فنسأل الله أن يعيننا على شكر نعمته أيها المسلمون إن الكون كله من آيات الله جملة وتفصيلا هو الذي خلقه وهو المدبر له لم يخلق الكون نفسه ولم يخلقه أحد غير الله عز وجل كما قال الله تعالى مبرهناً على ذلك: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) فتدبروا عباد الله تدبروا آيات الله لتصلوا بها إلى اليقين واعتبروا بما فيها من الرحمة والعظمة لتصلوا إلى محبة الله وتعظيمه وانظروا إلى ما فيها من الانتظام والانسجام لتعرفوا بذلك حكمة رب العالمين اللهم إنا نسألك يا ربنا في مقامنا هذا ونحن ننتظر فريضة من فرائضك اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المعتبرين بآياتك الواصلين بها إلى مرضاتك وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وأن تهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا
أما بعد
أيها الناس فلقد شاهدنا المسلمين ولله الحمد في هذه الإجازة يؤمون البيت الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليؤدوا ما من الله به عليهم من العمرة والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقبور أصحابه في البقيع وقبور الشهداء في أحد وليخرجوا إلى مسجد قباء متطهرين ليصلوا فيه ركعتين وجدنا الناس ولله الحمد بكثرة وهذا يدل على انعطاف بالغ في قلوبهم إلى الأماكن التي يرضى الله عز وجل أن يتعبدوا له فيها وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على رغبة أكيدة وعلى هوى منقاد إلى تلك الأماكن ولكني أقول إني أسال الله لي ولهم الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد وأن يجعل قلوبنا تهوى دائماً مرضاته في أي مكان وفي أي زمان إن المؤمن حقاً هو الذي يتعلق قلبه بربه ويعبد الله تعالى في أي مكان لا يعبده في مكان فإذا سافر منه أقبل على المعاصي التي كان يألفها لا يحبه في زمان فإذا انقضى هذا الزمان أقبل على المعاصي التي كان يألفها إن المؤمن حقاً هو الذي تعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى محبةً وتعظيما رجاء وخوفا وتوكلاً واستعانة هذا هو المؤمن حقاً لذلك أدعو إلى أخواني المسلمين إلى أن يكونوا دائماً يذكرون الله تعالى بقلوبهم وجوارحهم إن ذكر الله المفيدة للمرء هو ذكر الله تعالى في القلب ولهذا قال الله تعالى: ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) إن الذكر بالقلب لا يعني أن نهمل الذكر باللسان ولكني أقول إن الذكر باللسان إذا لم يكن مصحوباً بالذكر بالقلب فإنه يكون قليل الفائدة ولكن الإنسان إذا ذكر الله بقلبه وجوارحه كان ذلك أتم ولهذا نقول إن ذكر الله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام ذكر بالقلب وحده وذكر باللسان وحده وذكر بالجوارح من اليدين والرجلين والعنين وغير ذلك فإذا أتمت فإذا اجتمعت الأمور الثلاثة كان ذلك هو الأكمل وإذا تخلف واحد منها نقص من ذلك بقدر ما تخلف فاذكروا الله عباد الله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكر الله عز وجل بالقلب أن يكون الرب عز وجل دائماً في قلب الإنسان على ذكره إذا نظر، نظر بالله وإذا أعرض عن شئ محرم أعرض عنه لله عز وجل وهكذا وكذلك الذكر باللسان من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد وقراءة القرآن وتعلم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأقوال المقربة إلى الله كلها من ذكر الله تعالى باللسان ذكر الله تعالى بالجوارح مثل القيام في الصلاة والركوع والسجود والقعود فيها والمشي إلى المساجد وكتابة العلم وتقليب الكتب للمراجعة وغير ذلك من ما يقرب إلى الله تعالى أسال الله أن يجعل قلوبنا جميعاً دائمة الذكر لله عز وجل وأن يجعل جوارحنا دائماً آمرة بذكر الله عز وجل وأن يجعل ألسنتنا دائماً ناطقة بذكر الله عز وجل إنه ولي ذلك والقادر عليه وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل ما أحدث في دين الله بدعة وهو سيئ وإن ظن صاحبه حسنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فعليكم أيها المسلمون بالجماعة عليكم أن تجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا فيه فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ، شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ بنفسه فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وأرضى عن معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين، اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان الذين يجاهدون بالعلم ويجاهدون بالسلاح يا رب العالمين،اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم دلهم على الخير وأعنهم عليه يا رب العالمين اللهم هيئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وترغبهم فيه وتبين الشر وتحذرهم منه يا رب العالمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك ولا ناصح لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم وعم بذلك جميع ولاة أمور المسلمين إنك على كل شئ قدير عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الحمد لله الملك الحق المبين أبان لعباده من آياته ما به عبرة للمعتبرين وهداية للمهتدين وحجة على المعاندين الملحدين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين بيده ملكوت السماوات والأرض وله الحكم في الدنيا والآخرة وإليه ترجعون وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إمام المتقين وخاتم النبيين بعثه الله تعالى رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على المرسل إليهم أجمعين فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واشكروه على ما أعطاكم من العقول التي تتميزون بها على البهائم وتدركون بها ما ينفعكم وما يضركم وتستدلون بها على ما أعطاكم الله بل على ما أبان لكم من آياته الكونية الدالة على وحدانية وعلى كمال ربوبيته إن الله عز وجل له في كل شئ من مخلوقاته آية تدل على أنه إله واحد لا إله غيره وعلى أنه رب عظيم ماجد كامل العلم والقدرة كامل الرحمة والحكمة كامل العظمة والسلطان فمن آياته خلق السماوات والأرض من نظر إلى السماء في حسنها وكمالها وارتفاعها وقوتها علم بذلك تمام قدرة الله وحكمته قال الله عز وجل: (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) (رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) وقال عز وجل: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ) إي بنيناها بقوة لا يماثلها قوة وهو موسعها عز وجل لسعة أرجائها وقال عز وجل: (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ) وقال تعالى: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ) (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ)(وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) وقال جل من قائل: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) في هذه السماء وفي جوها من آيات الله ما يبهر العقول: (تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجاً وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُنِيراً) ( وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون ) أيها المسلمون انظروا إلى هذه الشمس العظيمة الكبيرة الحجم الشديدة الحرارة جعلها الله تعالى سراجاً وهاجا تصل إلى الأرض حرارتها مع البعد العظيم بينها وبين الأرض لتنضج الزروع والثمار وتدفع الأجواء والبحار تسير هذه الشمس بانتظام بديع وسير سريع لو نزلت مقدار شعرة أو ارتفعت لاختل نظام الأرض قال الله عز وجل: (وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) العزيز القهار الغالب الذي لا يغلب العليم بكل شيء ثم انظروا إلى هذا القمر البدر المنير آية الليل جعله الله تعالى مقدراً بمنازل لنعلم بذلك عدد السنين والحساب وله آثار على البحار والنبات والأجسام أجسام الإحياء لاختلاف هذه المنازل قال الله عز وجل: (وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ*لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) أيها المسلمون انظروا أيضاً إلى الأرض وما فيها من آيات الله تعلموا بذلك تمام قدرة الله وحكمته مهدها الله لخلقه وسلك لهم فيها سبلا وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها جعلها الله لعباده ذلولا يمشون في مناكبها ويأكلون من رزقها فيحرثون ويزرعون ويصلون إلى المياه في جوفها فيسقون ويشربون جعلها الله تعالى قراراً للخلق لا تميد بهم ولا تضطرب ولا تتزلزل ولا تتصدع إلا بأذن الله عز وجل أسمعوا قول الله تعالى: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ) في الأرض قطع متجاورات تجد في الحصاة الواحدة قطعاً متجاورة فضلاً عن الجبل الصغير فضلاً عن ما فوقه من الجبال تجدها خطوطاً هذا أسود وهذا أحمر وهذا أبيض والخالق واحد جل وعلا، في الأرض قطع متجاورات مختلفة في ذاتها وصفاتها ومنافعها هذه رمال وهذه جبال وهذه معادن من ذهب وهذه معادن من فضة وهذه معادن من حديد وهذه معادن من رصاص إلى أمور لا يعلمها إلا خالقها عز وجل في الأرض جنات من أعناب وزروع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ويفضل الله بعضه على بعضٍ في الأكل قال الله عز وجل: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ) ففي السماوات ملائكة لا يحصهم إلا الله عز وجل ما من موضع أربع أصابع من السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد يطوف كل يوم بالبيت المعمور في السماء سبعون ألف ملك لا يعودون إليه مرة أخرى إلى يوم القيامة إذاً فالزائرون لهذه البيت كل يوم سبعون ألف ملك لا يعود إليه الزائر مرة أخرى منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة فما ظنكم بهذا العدد الكبير إنه عدد لا يحصيه إلا الذي خلقه جل وعلا في الأرض من أجناس الدواب وأنواعها ما لا تحصى أجناسه فضلاً عن أنواعه فضلاً عن أفراده هذه الدواب مختلفة في أجناسها وأشكالها وأحوالها فمنها النافع الذي يعرف به الإنسان كمال نعمة الله عليه ومنها الضار الذي يعرف بها الإنسان قدر نفسه وضعفه أمام قدرة الله عز وجل فهذه البعوضة الصغيرة الحقيرة تسلط على الإنسان فتقلق راحته وتقض مضجعه ويذكر أن ملكاً جباراً كان يتحدث مستهتراً يقول ما الفائدة من خلق الذباب فقال له أحد الحاضرين إن الله خلقه ليرغم به أنوف الجبابرة يعني أن الذباب يقع على أنف الرجل الجبار بأرجله الملوثة بالانتان والقاذورات لا يستطيع التخلص منه وهو من أصغر المخلوقات وأحقرها وهذه الدواب المنتشرة في الأرض في بحارها وقفارها ومدنها وقراها وأوديتها وجبالها وفي كل مكان كلها تسبح بحمد الله وتسجد له قال الله عز وجل: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ) وقال تعالى: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ) كل هذه الدواب المنتشرة خلقت بأمر الله واهتدت برحمة الله وعاشت برزق الله: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا ) ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن سليمان بن داؤود أحد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام خرج ذات يوم يستسقي وكان سليمان يعرف منطق النمل فرأى نملة مستلقية على ظهرها رافعة قوائمها إلى السماء تقول اللهم إنا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن سقياك فقال سليمان أرجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم) ومن آيات الله عز وجل هذا الليل والنهار في تعاقبهما على العباد يطول هذا تارة ويقصر أخرى ويتساويان تارة ثالثة جعل الله الليل سكناً يسكن فيه العباد فينامون ويستريحون وجعل النهار معاشاً للناس يبتغون فيه من فضل الله ويكسبون قال الله عز وجل: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ) (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ) ( ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ) لو اجتمعت الخليقة كلها على أن تأتي بالليل في وقت النهار ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولو اجتمعوا على أن يأتوا بالنهار في وقت الليل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا ولكن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الذي يأتي بهذا وبهذا لتقوم مصالح العباد وذلك من رحمة الله فنسأل الله أن يعيننا على شكر نعمته أيها المسلمون إن الكون كله من آيات الله جملة وتفصيلا هو الذي خلقه وهو المدبر له لم يخلق الكون نفسه ولم يخلقه أحد غير الله عز وجل كما قال الله تعالى مبرهناً على ذلك: (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ) (أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ) فتدبروا عباد الله تدبروا آيات الله لتصلوا بها إلى اليقين واعتبروا بما فيها من الرحمة والعظمة لتصلوا إلى محبة الله وتعظيمه وانظروا إلى ما فيها من الانتظام والانسجام لتعرفوا بذلك حكمة رب العالمين اللهم إنا نسألك يا ربنا في مقامنا هذا ونحن ننتظر فريضة من فرائضك اللهم إنا نسألك أن تجعلنا من المعتبرين بآياتك الواصلين بها إلى مرضاتك وأن لا تزيغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وأن تهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ربنا صلى وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيرا
أما بعد
أيها الناس فلقد شاهدنا المسلمين ولله الحمد في هذه الإجازة يؤمون البيت الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليؤدوا ما من الله به عليهم من العمرة والصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وقبور أصحابه في البقيع وقبور الشهداء في أحد وليخرجوا إلى مسجد قباء متطهرين ليصلوا فيه ركعتين وجدنا الناس ولله الحمد بكثرة وهذا يدل على انعطاف بالغ في قلوبهم إلى الأماكن التي يرضى الله عز وجل أن يتعبدوا له فيها وهذا إن دل على شئ فإنما يدل على رغبة أكيدة وعلى هوى منقاد إلى تلك الأماكن ولكني أقول إني أسال الله لي ولهم الثبات على الأمر والعزيمة على الرشد وأن يجعل قلوبنا تهوى دائماً مرضاته في أي مكان وفي أي زمان إن المؤمن حقاً هو الذي يتعلق قلبه بربه ويعبد الله تعالى في أي مكان لا يعبده في مكان فإذا سافر منه أقبل على المعاصي التي كان يألفها لا يحبه في زمان فإذا انقضى هذا الزمان أقبل على المعاصي التي كان يألفها إن المؤمن حقاً هو الذي تعلق قلبه بربه سبحانه وتعالى محبةً وتعظيما رجاء وخوفا وتوكلاً واستعانة هذا هو المؤمن حقاً لذلك أدعو إلى أخواني المسلمين إلى أن يكونوا دائماً يذكرون الله تعالى بقلوبهم وجوارحهم إن ذكر الله المفيدة للمرء هو ذكر الله تعالى في القلب ولهذا قال الله تعالى: ( وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً) إن الذكر بالقلب لا يعني أن نهمل الذكر باللسان ولكني أقول إن الذكر باللسان إذا لم يكن مصحوباً بالذكر بالقلب فإنه يكون قليل الفائدة ولكن الإنسان إذا ذكر الله بقلبه وجوارحه كان ذلك أتم ولهذا نقول إن ذكر الله تعالى ينقسم إلى ثلاثة أقسام ذكر بالقلب وحده وذكر باللسان وحده وذكر بالجوارح من اليدين والرجلين والعنين وغير ذلك فإذا أتمت فإذا اجتمعت الأمور الثلاثة كان ذلك هو الأكمل وإذا تخلف واحد منها نقص من ذلك بقدر ما تخلف فاذكروا الله عباد الله اذكروا الله بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم ذكر الله عز وجل بالقلب أن يكون الرب عز وجل دائماً في قلب الإنسان على ذكره إذا نظر، نظر بالله وإذا أعرض عن شئ محرم أعرض عنه لله عز وجل وهكذا وكذلك الذكر باللسان من التسبيح والتكبير والتهليل والتحميد وقراءة القرآن وتعلم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من الأقوال المقربة إلى الله كلها من ذكر الله تعالى باللسان ذكر الله تعالى بالجوارح مثل القيام في الصلاة والركوع والسجود والقعود فيها والمشي إلى المساجد وكتابة العلم وتقليب الكتب للمراجعة وغير ذلك من ما يقرب إلى الله تعالى أسال الله أن يجعل قلوبنا جميعاً دائمة الذكر لله عز وجل وأن يجعل جوارحنا دائماً آمرة بذكر الله عز وجل وأن يجعل ألسنتنا دائماً ناطقة بذكر الله عز وجل إنه ولي ذلك والقادر عليه وأعلموا أيها المسلمون أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد رسول صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل ما أحدث في دين الله بدعة وهو سيئ وإن ظن صاحبه حسنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم (كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار) فعليكم أيها المسلمون بالجماعة عليكم أن تجتمعوا على دين الله ولا تتفرقوا فيه فإن يد الله مع الجماعة ومن شذ، شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ بنفسه فقال جل من قائل عليما: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) اللهم صلى وسلم على عبدك ورسولك محمد اللهم ارزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم اسقنا من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم أرضى عن خلفائه الراشدين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وأرضى عن معهم بمنك وكرمك يا رب العالمين، اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان اللهم أنصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان الذين يجاهدون بالعلم ويجاهدون بالسلاح يا رب العالمين،اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم أصلح لنا ولاة أمورنا اللهم دلهم على الخير وأعنهم عليه يا رب العالمين اللهم هيئ لهم بطانة صالحة تدلهم على الخير وترغبهم فيه وتبين الشر وتحذرهم منه يا رب العالمين اللهم من كان من بطانة ولاة أمورنا غير مستقيم على دينك ولا ناصح لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم وأبدلهم بخير منه يا رب العالمين يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم اللهم وعم بذلك جميع ولاة أمور المسلمين إنك على كل شئ قدير عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .