الجوهرة
10-08-2011, 08:37 PM
حديث إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء
قال الإمام مسلم رحمه الله في كتاب البر والصلة والآداب من صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن بريد بن عبد الله عن جده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم (ح) وحدثنا محمد بن العلاء الهمداني ـ واللفظ له ـ حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة)).
المبحث الأول: التخريج:
- ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك ، إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه ، ومثل الجليس السوء صاحب الكير ، إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3065
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هذا الحديث رواه مسلم من هذين الطريقين، وقد رواه البخاري في موضعين من صحيحه، أولهما في (كتاب البيوع، باب في العطار وبيع المسك)، فقال: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا أبو بردة بن عبد الله قال: سمعت أبا بردة بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة)). والثاني في (كتاب الذبائح والصيد، باب المسك)، فقال: حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)).
وأخرجه أبو داود في (كتاب الأدب) من سننه عن أنس رضي الله عنه فقال: (باب من يؤمر أن يجالس): حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن، والفاجر الذي يقرأ القرآن والفاجر الذي لا يقرأ القرآن، ثم قال: ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير، إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه)). وهو عنده أيضاً من طريق أخرى عن أنس رضي الله عنه .
مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ، كمثل الأترجة ، ريحها طيب ، وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ، كمثل التمرة ، لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن ، كمثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مر
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5840
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وأخرج حديث أبي موسى الإمام أحمد في (المسند) فقال: حدثنا سفيان عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رواية قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ومثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل الكير إن لم يحرقك نالك من شرره، والخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به مؤتجراً أحد المتصدقين)). وقال في موضع آخر: حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة قال: سمعت أبا موسى يقول على المنبر: قال
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6654
خلاصة حكم المحدث: صحيح
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل الجليس الصالح كمثل العطار إن لا يحذك يعبق بك من ريحه، ومثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير)).
المبحث الثاني: التعريف برجال الإسناد:
الأول والثاني: شيخا مسلم أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني أبو كريب، تقدم ذكرهما في رجال إسناد الحديث الأول.
الثالث: شيخ شيخ مسلم في الإسناد الأوّل سفيان بن عيينة، قال في (التقريب): سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد، الكوفي ثم المكي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، إلاّ أنه تغير حفظه بأخرة، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات في سنة ثمان وتسعين ـ أي بعد المائة ـ وله إحدى وتسعون سنة، ورمز لكونه من رجال الجماعة. وقد ذكرت ترجمته في رجال إسناد الحديث الخامس عشر من الأحاديث التي اخترتها من صحيح البخاري.
الرابع: شيخ شيخ مسلم في الإسناد الثاني أبو أسامة، قال الحافظ في (التقريب): حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي، أبو أسامة مشهور بكنيته، ثقة، ثبت ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة، مات سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين، ورمز لكونه من رجال الجماعة.
وقال في (تهذيب التهذيب): روى عن هشام بن عروة، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وغيرهم سماهم. ثم قال: وعنه الشافعي، وأحمد بن حنبل، ويحيى، وإسحاق بن راهويه، وأبو خيثمة، وقتيبة، وابنا أبي شيبة، وغيرهم وسماهم. ثم ذكر بعض ثناء الأئمة عليه، ومن ذلك قول أحمد: كان ثبتاً ما كان أثبته لا يكاد يخطئ. ونقل توثيقه عن أحمد، وابن معين، وابن سعد، والعجلي. وقال في مقدمة فتح الباري: اتفقوا على توثيقه وشذّّ الأزدي فذكره في الضعفاء.
الخامس: بريد بن عبد الله، قال الحافظ في (التقريب): بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة يخطئ قليلاً، من السادسة، ورمز لكونه من رجال الجماعة.
وقال الخزرجي في (الخلاصة): بريد بن عبد الله بن أبي بردة الأشعري، أبو بردة الكوفي، عن جده، والحسن، وعطاء. وعنه السفيانان، وحفص بن غياث، وأبو نعيم، وأبو أسامة.
وقال الحافظ في مقدمة فتح الباري: وثقه ابن معين، والعجلي، والترمذي، وأبو داود. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين يكتب حديثه. انتهى.
وقال الذهبي في (الميزان): قال ابن عدي: روى عنه الأئمة، ولم يرو عنه أحد أكثر من أبي أسامة، وأحاديثه عنه مستقيمة وهو صدوق، وأرجو أن لا يكون به بأس. انتهى. ولم أقف لأحد على ذكر سنة وفاته.
السادس: أبو بردة، قال الحافظ في (التقريب): أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، قيل: اسمه عامر، وقيل: الحارث، ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة وقيل: غير ذلك، وقد جاوز الثمانين، ورمز لكونه من رجال الجماعة. وقد ذكرت ترجمته وترجمة أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في رجال إسناد الحديث الخامس من الأحاديث التي اخترتها من صحيح البخاري.
السابع: أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ، قال الحافظ في (التقريب): عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار ـ بفتح المهملة وتشديد الضاد المعجمة ـ أبو موسى الأشعري، صحابي مشهور، أمره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، مات سنة خمسين وقيل: بعدها، ورمز لكون حديثه في الكتب الستة.
المبحث الثالث: لطائف الإسنادين وما فيهما من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث:
(1) رجال الإسنادين السبعة كوفيون، فهما مسلسلان بالرواة الكوفيين، وابن عيينة كوفي ثم مكي.
(2) رجال الإسنادين السبعة خرّج حديثهم أصحاب الكتب الستة إلا شيخ مسلم أبا بكر بن أبي شيبة فلم يخرّج له الترمذي.
(3) الإسنادان كما اتفقا في أن رجالهما كوفيون، اتفقا في صيغ الأداء من أولهما إلى آخرهما فاتفقا في التحديث في موضعين وفي باقي الإسنادين بالعنعنة.
(4) أبو أسامة ممن وافقت كنيته اسم أبيه، فهو أبو أسامة واسم أبيه أسامة، وبريد ممن وافقت كنيته كنية جدّه فكل منهما يكنى أبا بردة.
(5) أربعة من رجال الإسنادين ذكروا بكناهم وقد اشتهروا بها وهم: أبو بكر بن أبي شيبة واسمه عبد الله بن محمد، وأبو أسامة واسمه حماد بن أسامة، وأبو بردة واسمه عامر أو الحارث، وأبو موسى رضي الله عنه واسمه عبد الله بن قيس، وفي الإسناد الثاني محمد بن العلاء الهمداني وكنيته أبو كريب وقد اشتهر بكنيته كما اشتهر باسمه.
(6) أبو بكر بن أبي شيبة شيخ مسلم يذكره مسلم بكنيته، قال الحافظ في (الفتح) في (باب فضل الفقر) في (كتاب الرقاق) قال: وقد أكثر عنه المصنف ـ يعني البخاري ـ وكذا مسلم لكن مسلم يكنيه دائماً والبخاري يسميه وقلّ أن كناه.
(7) في الإسناد رواية الأبناء عن الآباء، فبريد يرويه عن جده أبي بردة وأبو بردة يرويه عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .
(http://www.ajurry.com/vb/images/smilies/icon_cool.gif بريد بن عبد الله اشتهر باسمه دون كنيته، وجده أبو بردة اشتهر بكنيته دون اسمه، بل قد اختلف في اسمه فقيل: عامر وقيل الحارث.
(9) في الإسناد الأول سفيان بن عيينة وهو مدلس لكنه لا يدلس إلا عن ثقة، وذكر أبو حاتم بن حبان في مقدمة صحيحه أنه الشخص الوحيد الذي لا يدلس إلا عن الثقات. وقد روى هذا الحديث عن بريد بالعنعنة وكذا أبو أسامة مدلس وقد روى الحديث عن بريد بالعنعنة. ولم أقف لهما على تصريح بالسماع لكن قد قال النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: واعلم أن ما كان في الصحيحين عن المدلسين بعن ونحوها فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى.
(10) سفيان بن عيينة اختلط قبل وفاته بسنة واحدة، وقد تقدم أن ما كان في الصحيحين عن المختلطين فهو مما علم أنه روي عنهم قبل الاختلاط.
(11) سفيان بن عيينة هو أحد السفيانين فيما إذا قيل عن شخص: روى عن السفيانين وعن آخر روى عنه السفيانان، والثاني منهما سفيان الثوري.
(12) في نهاية الإسناد الأول حرف (ح) الدال على التحويل في الإسناد، وملتقى الإسنادين بريد بن عبد الله فعنده يتحد الإسنادان، ولم يضع مسلم حرف التحويل عند الوصول إليه لاختلاف الإسنادين في ذكره وذكر جده، فإن بريداً ذكر في الإسناد الأول منسوباً ولم ينسب في الإسناد الثاني، وشيخه قيل فيه في الإسناد الأول (عن جده) أما في الإسناد الثاني فقيل (عن أبي بردة).
(13) بريد هو الرجل الوحيد الذي يسمى بهذا الاسم في رجال الصحيحين.
المبحث الرابع: شرح الحديث:
(1) ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المثل للجليس الصالح، وما يستفيده جليسه من فوائد كبيرة في أمور دينه ودنياه، بحامل المسك الذي لا يعدم جليسه منه فائدة إما كبيرة أو صغيرة، فمن يجالس حامل المسك، إما أن يستفيد منه مسكاً عن طريق الهبة أو عن طريق الابتياع، وأقل أحواله أن يشم ريحاً طيبة، وكذا من يجالس أهل التقى والصلاح، يستفيد منهم الإرشاد إلى الخير والدلالة على ما ينفع، ليسلك سبيله كما يستفيد منهم معرفة الضار، ليجتنبه ويكون على حذر منه، فيألف بمجالستهم الخير ويعود نفسه عليه حتى يكون له خلقاً، ويبغض الشر والأشرار ويربأ بنفسه عن فعله والميل إلى أهله.
وكما ضرب صلى الله عليه وسلم المثل للجليس الصالح بحامل المسك، ضرب المثل للجليس السوء بنافخ الكير، الذي لا يعدم من يجلس عنده مضرة ما في بدنه أو ثيابه، وأقل أحواله ما يشمه من ريح خبيثة، وكذا جليس السوء ضرره على جليسه كبير، والمصيبة عليه عظيمة، يحبب إليه الشر ويرغبه فيه، ويزهده في الخير ويثنيه عنه، يأمر جليسه بالمنكر وينهاه عن المعروف، ومن أوضح الأمثلة لأضرار جلساء السوء ما ثبت في الصحيحين في قصة وفاة أبي طالب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رغبه في الإسلام، ودعاه إليه عند الموت، عارض هذه الدعوة الخيرة أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية وقالا: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب. وكلما أعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الحق أعادا عليه الدعوة إلى الإبقاء على الباطل، والاستمرار عليه حتى كان آخر ما كلمهم به أنه على ملة عبد المطلب، والعياذ بالله.
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه طهارة المسك واستحبابه، وجواز بيعه، وقد أجمع العلماء على جميع هذا، ولم يخالف فيه من يعتد به، ونقل عن الشيعة نجاسته، والشيعة لا يعتد بهم في الإجماع. ومن الدلائل على طهارته الإجماع وهذا الحديث وهو قوله: ((وإما أن تبتاع منه)) والنجس لا يصح بيعه، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يستعمله في بدنه، ورأسه، ويصلي به، ويخبر بأنه أطيب الطيب، ولم يزل المسلمون على استعماله وجواز بيعه.
(3) في الحديث شاهد لما يعرف في البلاغة باللف والنشر المرتب، فإنه ذكر المشبه وهو الجليس الصالح والجليس السوء، والمشبه به وهو حامل المسك ونافخ الكير، ثم وضح ذلك بادئاً بالجليس الصالح ثم الجليس السوء، ومن أمثلته في الكتاب العزيز قوله تعالى: ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً).
(4) من فقه الحديث وما يستنبط منه:
(1) ضرب الأمثلة لإيضاح ما يراد بيانه.
(2) الترغيب في مجالسة أهل التقى والصلاح.
(3) الترهيب من مخالطة جلساء السوء.
(4) التنبيه إلى أن المنفعة من الجليس الصالح محققة.
(5) التنبيه إلى أن المضرة من جليس السوء حاصلة.
(6) تنبيه المرشدين والمعلمين إلى الجمع بين الترغيب والترهيب.
(7) الاستدلال على القرين بقرينه وإلحاق الشيء بشبيهه ونظيره.
( طهارة المسك واستعماله.
(9) جواز بيع المسك.
(10) التنبيه إلى أولوية احتراف بيع الطيب.
من شبكة السنة النبوية
قال الإمام مسلم رحمه الله في كتاب البر والصلة والآداب من صحيحه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن بريد بن عبد الله عن جده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم (ح) وحدثنا محمد بن العلاء الهمداني ـ واللفظ له ـ حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة)).
المبحث الأول: التخريج:
- ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك ، إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه ، ومثل الجليس السوء صاحب الكير ، إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الترغيب (http://www.dorar.net/book/531&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 3065
خلاصة حكم المحدث: صحيح
هذا الحديث رواه مسلم من هذين الطريقين، وقد رواه البخاري في موضعين من صحيحه، أولهما في (كتاب البيوع، باب في العطار وبيع المسك)، فقال: حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا عبد الواحد حدثنا أبو بردة بن عبد الله قال: سمعت أبا بردة بن أبي موسى عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحاً خبيثة)). والثاني في (كتاب الذبائح والصيد، باب المسك)، فقال: حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)).
وأخرجه أبو داود في (كتاب الأدب) من سننه عن أنس رضي الله عنه فقال: (باب من يؤمر أن يجالس): حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا أبان عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكر: ((مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن والمؤمن الذي لا يقرأ القرآن، والفاجر الذي يقرأ القرآن والفاجر الذي لا يقرأ القرآن، ثم قال: ومثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه، ومثل جليس السوء كمثل صاحب الكير، إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه)). وهو عنده أيضاً من طريق أخرى عن أنس رضي الله عنه .
مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن ، كمثل الأترجة ، ريحها طيب ، وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ، كمثل التمرة ، لا ريح لها وطعمها حلو ، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن ، كمثل الريحانة ، ريحها طيب وطعمها مر ، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ، ليس لها ريح وطعمها مر
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 5840
خلاصة حكم المحدث: صحيح
وأخرج حديث أبي موسى الإمام أحمد في (المسند) فقال: حدثنا سفيان عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رواية قال: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، ومثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه، ومثل الجليس السوء مثل الكير إن لم يحرقك نالك من شرره، والخازن الأمين الذي يؤدي ما أمر به مؤتجراً أحد المتصدقين)). وقال في موضع آخر: حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة قال: سمعت أبا موسى يقول على المنبر: قال
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا
الراوي: أبو موسى الأشعري المحدث: الألباني (http://www.dorar.net/mhd/1420)- المصدر: صحيح الجامع (http://www.dorar.net/book/3741&ajax=1) - الصفحة أو الرقم: 6654
خلاصة حكم المحدث: صحيح
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مثل الجليس الصالح كمثل العطار إن لا يحذك يعبق بك من ريحه، ومثل الجليس السوء كمثل صاحب الكير)).
المبحث الثاني: التعريف برجال الإسناد:
الأول والثاني: شيخا مسلم أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء الهمداني أبو كريب، تقدم ذكرهما في رجال إسناد الحديث الأول.
الثالث: شيخ شيخ مسلم في الإسناد الأوّل سفيان بن عيينة، قال في (التقريب): سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون الهلالي أبو محمد، الكوفي ثم المكي، ثقة، حافظ، فقيه، إمام، حجة، إلاّ أنه تغير حفظه بأخرة، وكان ربما دلس لكن عن الثقات، من رؤوس الطبقة الثامنة، وكان أثبت الناس في عمرو بن دينار، مات في سنة ثمان وتسعين ـ أي بعد المائة ـ وله إحدى وتسعون سنة، ورمز لكونه من رجال الجماعة. وقد ذكرت ترجمته في رجال إسناد الحديث الخامس عشر من الأحاديث التي اخترتها من صحيح البخاري.
الرابع: شيخ شيخ مسلم في الإسناد الثاني أبو أسامة، قال الحافظ في (التقريب): حماد بن أسامة القرشي مولاهم الكوفي، أبو أسامة مشهور بكنيته، ثقة، ثبت ربما دلس، وكان بأخرة يحدث من كتب غيره، من كبار التاسعة، مات سنة إحدى ومائتين وهو ابن ثمانين، ورمز لكونه من رجال الجماعة.
وقال في (تهذيب التهذيب): روى عن هشام بن عروة، وبريد بن عبد الله بن أبي بردة، وإسماعيل بن أبي خالد، والأعمش، وغيرهم سماهم. ثم قال: وعنه الشافعي، وأحمد بن حنبل، ويحيى، وإسحاق بن راهويه، وأبو خيثمة، وقتيبة، وابنا أبي شيبة، وغيرهم وسماهم. ثم ذكر بعض ثناء الأئمة عليه، ومن ذلك قول أحمد: كان ثبتاً ما كان أثبته لا يكاد يخطئ. ونقل توثيقه عن أحمد، وابن معين، وابن سعد، والعجلي. وقال في مقدمة فتح الباري: اتفقوا على توثيقه وشذّّ الأزدي فذكره في الضعفاء.
الخامس: بريد بن عبد الله، قال الحافظ في (التقريب): بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري الكوفي، ثقة يخطئ قليلاً، من السادسة، ورمز لكونه من رجال الجماعة.
وقال الخزرجي في (الخلاصة): بريد بن عبد الله بن أبي بردة الأشعري، أبو بردة الكوفي، عن جده، والحسن، وعطاء. وعنه السفيانان، وحفص بن غياث، وأبو نعيم، وأبو أسامة.
وقال الحافظ في مقدمة فتح الباري: وثقه ابن معين، والعجلي، والترمذي، وأبو داود. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: ليس بالمتين يكتب حديثه. انتهى.
وقال الذهبي في (الميزان): قال ابن عدي: روى عنه الأئمة، ولم يرو عنه أحد أكثر من أبي أسامة، وأحاديثه عنه مستقيمة وهو صدوق، وأرجو أن لا يكون به بأس. انتهى. ولم أقف لأحد على ذكر سنة وفاته.
السادس: أبو بردة، قال الحافظ في (التقريب): أبو بردة بن أبي موسى الأشعري، قيل: اسمه عامر، وقيل: الحارث، ثقة من الثالثة، مات سنة أربع ومائة وقيل: غير ذلك، وقد جاوز الثمانين، ورمز لكونه من رجال الجماعة. وقد ذكرت ترجمته وترجمة أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في رجال إسناد الحديث الخامس من الأحاديث التي اخترتها من صحيح البخاري.
السابع: أبو موسى الأشعري رضي الله عنه ، قال الحافظ في (التقريب): عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار ـ بفتح المهملة وتشديد الضاد المعجمة ـ أبو موسى الأشعري، صحابي مشهور، أمره عمر ثم عثمان، وهو أحد الحكمين بصفين، مات سنة خمسين وقيل: بعدها، ورمز لكون حديثه في الكتب الستة.
المبحث الثالث: لطائف الإسنادين وما فيهما من الشواهد التطبيقية لعلم مصطلح الحديث:
(1) رجال الإسنادين السبعة كوفيون، فهما مسلسلان بالرواة الكوفيين، وابن عيينة كوفي ثم مكي.
(2) رجال الإسنادين السبعة خرّج حديثهم أصحاب الكتب الستة إلا شيخ مسلم أبا بكر بن أبي شيبة فلم يخرّج له الترمذي.
(3) الإسنادان كما اتفقا في أن رجالهما كوفيون، اتفقا في صيغ الأداء من أولهما إلى آخرهما فاتفقا في التحديث في موضعين وفي باقي الإسنادين بالعنعنة.
(4) أبو أسامة ممن وافقت كنيته اسم أبيه، فهو أبو أسامة واسم أبيه أسامة، وبريد ممن وافقت كنيته كنية جدّه فكل منهما يكنى أبا بردة.
(5) أربعة من رجال الإسنادين ذكروا بكناهم وقد اشتهروا بها وهم: أبو بكر بن أبي شيبة واسمه عبد الله بن محمد، وأبو أسامة واسمه حماد بن أسامة، وأبو بردة واسمه عامر أو الحارث، وأبو موسى رضي الله عنه واسمه عبد الله بن قيس، وفي الإسناد الثاني محمد بن العلاء الهمداني وكنيته أبو كريب وقد اشتهر بكنيته كما اشتهر باسمه.
(6) أبو بكر بن أبي شيبة شيخ مسلم يذكره مسلم بكنيته، قال الحافظ في (الفتح) في (باب فضل الفقر) في (كتاب الرقاق) قال: وقد أكثر عنه المصنف ـ يعني البخاري ـ وكذا مسلم لكن مسلم يكنيه دائماً والبخاري يسميه وقلّ أن كناه.
(7) في الإسناد رواية الأبناء عن الآباء، فبريد يرويه عن جده أبي بردة وأبو بردة يرويه عن أبيه أبي موسى الأشعري رضي الله عنه .
(http://www.ajurry.com/vb/images/smilies/icon_cool.gif بريد بن عبد الله اشتهر باسمه دون كنيته، وجده أبو بردة اشتهر بكنيته دون اسمه، بل قد اختلف في اسمه فقيل: عامر وقيل الحارث.
(9) في الإسناد الأول سفيان بن عيينة وهو مدلس لكنه لا يدلس إلا عن ثقة، وذكر أبو حاتم بن حبان في مقدمة صحيحه أنه الشخص الوحيد الذي لا يدلس إلا عن الثقات. وقد روى هذا الحديث عن بريد بالعنعنة وكذا أبو أسامة مدلس وقد روى الحديث عن بريد بالعنعنة. ولم أقف لهما على تصريح بالسماع لكن قد قال النووي في مقدمة شرح صحيح مسلم: واعلم أن ما كان في الصحيحين عن المدلسين بعن ونحوها فمحمول على ثبوت السماع من جهة أخرى.
(10) سفيان بن عيينة اختلط قبل وفاته بسنة واحدة، وقد تقدم أن ما كان في الصحيحين عن المختلطين فهو مما علم أنه روي عنهم قبل الاختلاط.
(11) سفيان بن عيينة هو أحد السفيانين فيما إذا قيل عن شخص: روى عن السفيانين وعن آخر روى عنه السفيانان، والثاني منهما سفيان الثوري.
(12) في نهاية الإسناد الأول حرف (ح) الدال على التحويل في الإسناد، وملتقى الإسنادين بريد بن عبد الله فعنده يتحد الإسنادان، ولم يضع مسلم حرف التحويل عند الوصول إليه لاختلاف الإسنادين في ذكره وذكر جده، فإن بريداً ذكر في الإسناد الأول منسوباً ولم ينسب في الإسناد الثاني، وشيخه قيل فيه في الإسناد الأول (عن جده) أما في الإسناد الثاني فقيل (عن أبي بردة).
(13) بريد هو الرجل الوحيد الذي يسمى بهذا الاسم في رجال الصحيحين.
المبحث الرابع: شرح الحديث:
(1) ضرب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث المثل للجليس الصالح، وما يستفيده جليسه من فوائد كبيرة في أمور دينه ودنياه، بحامل المسك الذي لا يعدم جليسه منه فائدة إما كبيرة أو صغيرة، فمن يجالس حامل المسك، إما أن يستفيد منه مسكاً عن طريق الهبة أو عن طريق الابتياع، وأقل أحواله أن يشم ريحاً طيبة، وكذا من يجالس أهل التقى والصلاح، يستفيد منهم الإرشاد إلى الخير والدلالة على ما ينفع، ليسلك سبيله كما يستفيد منهم معرفة الضار، ليجتنبه ويكون على حذر منه، فيألف بمجالستهم الخير ويعود نفسه عليه حتى يكون له خلقاً، ويبغض الشر والأشرار ويربأ بنفسه عن فعله والميل إلى أهله.
وكما ضرب صلى الله عليه وسلم المثل للجليس الصالح بحامل المسك، ضرب المثل للجليس السوء بنافخ الكير، الذي لا يعدم من يجلس عنده مضرة ما في بدنه أو ثيابه، وأقل أحواله ما يشمه من ريح خبيثة، وكذا جليس السوء ضرره على جليسه كبير، والمصيبة عليه عظيمة، يحبب إليه الشر ويرغبه فيه، ويزهده في الخير ويثنيه عنه، يأمر جليسه بالمنكر وينهاه عن المعروف، ومن أوضح الأمثلة لأضرار جلساء السوء ما ثبت في الصحيحين في قصة وفاة أبي طالب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رغبه في الإسلام، ودعاه إليه عند الموت، عارض هذه الدعوة الخيرة أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية وقالا: يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب. وكلما أعاد عليه النبي صلى الله عليه وسلم دعوة الحق أعادا عليه الدعوة إلى الإبقاء على الباطل، والاستمرار عليه حتى كان آخر ما كلمهم به أنه على ملة عبد المطلب، والعياذ بالله.
(2) قال النووي في شرح صحيح مسلم: وفيه طهارة المسك واستحبابه، وجواز بيعه، وقد أجمع العلماء على جميع هذا، ولم يخالف فيه من يعتد به، ونقل عن الشيعة نجاسته، والشيعة لا يعتد بهم في الإجماع. ومن الدلائل على طهارته الإجماع وهذا الحديث وهو قوله: ((وإما أن تبتاع منه)) والنجس لا يصح بيعه، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان يستعمله في بدنه، ورأسه، ويصلي به، ويخبر بأنه أطيب الطيب، ولم يزل المسلمون على استعماله وجواز بيعه.
(3) في الحديث شاهد لما يعرف في البلاغة باللف والنشر المرتب، فإنه ذكر المشبه وهو الجليس الصالح والجليس السوء، والمشبه به وهو حامل المسك ونافخ الكير، ثم وضح ذلك بادئاً بالجليس الصالح ثم الجليس السوء، ومن أمثلته في الكتاب العزيز قوله تعالى: ( وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً).
(4) من فقه الحديث وما يستنبط منه:
(1) ضرب الأمثلة لإيضاح ما يراد بيانه.
(2) الترغيب في مجالسة أهل التقى والصلاح.
(3) الترهيب من مخالطة جلساء السوء.
(4) التنبيه إلى أن المنفعة من الجليس الصالح محققة.
(5) التنبيه إلى أن المضرة من جليس السوء حاصلة.
(6) تنبيه المرشدين والمعلمين إلى الجمع بين الترغيب والترهيب.
(7) الاستدلال على القرين بقرينه وإلحاق الشيء بشبيهه ونظيره.
( طهارة المسك واستعماله.
(9) جواز بيع المسك.
(10) التنبيه إلى أولوية احتراف بيع الطيب.
من شبكة السنة النبوية