الواثقة بالله
10-24-2023, 01:14 AM
هل الرسول ﷺ حي في قبره أم لا؟ وهل يعلم في قبره بأمور الدنيا؟ وهل هذه العقيدة شرك أم لا؟
الجواب: قد صرح الكثيرون من أهل السنة بأن النبي ﷺ حي في قبره حياة برزخية لا يعلم كنهها وكيفيتها إلا الله سبحانه، وليست من جنس حياة أهل الدنيا، بل هي نوع آخر يحصل بها له ﷺ الإحساس بالنعيم ويسمع بها سلام المسلم عليه عندما يرد الله عليه روحه ذلك الوقت، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وخرج البزار بإسناد حسن عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام وأخرج أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: لا تجعلوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهذه الحياة البرزخية أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله عنها سبحانه بقوله: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] وفي قوله : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ [البقرة:154] وروحه عليه الصلاة والسلام في أعلى عليين عند ربه عز وجل وهو أفضل من الشهداء فيكون له من الحياة البرزخية أكمل من الذي لهم، ولكن لا يلزم من هذه الحياة أنه يعلم الغيب أو يعلم أمور أهل الدنيا بل ذلك قد انقطع بالموت لقوله ﷺ: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: يذاد رجال يوم القيامة عن حوضي فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:117] متفق على صحته، والأحاديث في هذا الباب كثيرة وهو ﷺ لا يعلم الغيب في حياته، فكيف يعلمه بعد مماته.
وقد قال الله سبحانه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65] وقال آمرا نبيه أن يبلغ الناس: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ [الأنعام:50] وقال تعالى: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]
والآيات الدالة على أنه ﷺ لا يعلم الغيب كثيرة وهكذا غيره من الناس من باب أولى، ومن ادعى أنه يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية، كما قالت ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ولما قذف بعض الناس زوجته عائشة رضي الله عنها في بعض غزواته وأشاع ذلك بعض المنافقين ومن قلدهم لم يعلم النبي براءتها حتى نزل القرآن بذلك، ولو كان يعلم الغيب لقال لها وللناس أنها بريئة ولم ينتظر نزول الوحي في ذلك، وهكذا لما ضاع عقدها في بعض أسفاره بعث أصحابه يلتمسونه فلم يجدوه ولم يعلم النبي ﷺ مكانه حتى أقاموا البعير الذي كانت تحمل عليه فلما أقاموه وجدوه تحته، والأحاديث في ذلك كثيرة وفيما ذكرت إن شاء الله كفاية[1].
نشرت في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد الرابع السنة السادسة لشهر ربيع الآخر عام 1394 هـ ص 175 – 182.
الجواب: قد صرح الكثيرون من أهل السنة بأن النبي ﷺ حي في قبره حياة برزخية لا يعلم كنهها وكيفيتها إلا الله سبحانه، وليست من جنس حياة أهل الدنيا، بل هي نوع آخر يحصل بها له ﷺ الإحساس بالنعيم ويسمع بها سلام المسلم عليه عندما يرد الله عليه روحه ذلك الوقت، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد حسن عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام وخرج البزار بإسناد حسن عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال: إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام وأخرج أبو داود بإسناد جيد عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: لا تجعلوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهذه الحياة البرزخية أكمل من حياة الشهداء التي أخبر الله عنها سبحانه بقوله: وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ [آل عمران:169] وفي قوله : وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ [البقرة:154] وروحه عليه الصلاة والسلام في أعلى عليين عند ربه عز وجل وهو أفضل من الشهداء فيكون له من الحياة البرزخية أكمل من الذي لهم، ولكن لا يلزم من هذه الحياة أنه يعلم الغيب أو يعلم أمور أهل الدنيا بل ذلك قد انقطع بالموت لقوله ﷺ: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له أخرجه مسلم في صحيحه، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: يذاد رجال يوم القيامة عن حوضي فأقول: يا رب أصحابي فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح: وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [المائدة:117] متفق على صحته، والأحاديث في هذا الباب كثيرة وهو ﷺ لا يعلم الغيب في حياته، فكيف يعلمه بعد مماته.
وقد قال الله سبحانه: قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65] وقال آمرا نبيه أن يبلغ الناس: قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ [الأنعام:50] وقال تعالى: قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]
والآيات الدالة على أنه ﷺ لا يعلم الغيب كثيرة وهكذا غيره من الناس من باب أولى، ومن ادعى أنه يعلم الغيب فقد أعظم على الله الفرية، كما قالت ذلك عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، ولما قذف بعض الناس زوجته عائشة رضي الله عنها في بعض غزواته وأشاع ذلك بعض المنافقين ومن قلدهم لم يعلم النبي براءتها حتى نزل القرآن بذلك، ولو كان يعلم الغيب لقال لها وللناس أنها بريئة ولم ينتظر نزول الوحي في ذلك، وهكذا لما ضاع عقدها في بعض أسفاره بعث أصحابه يلتمسونه فلم يجدوه ولم يعلم النبي ﷺ مكانه حتى أقاموا البعير الذي كانت تحمل عليه فلما أقاموه وجدوه تحته، والأحاديث في ذلك كثيرة وفيما ذكرت إن شاء الله كفاية[1].
نشرت في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد الرابع السنة السادسة لشهر ربيع الآخر عام 1394 هـ ص 175 – 182.