المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أسباب انتشار المعاصي


أبو معاذ اليماني
11-18-2011, 03:44 AM
الشيخ محمد صالح العثيمين
الحمد لله القوي العظيم الرقيب الشهيد يدبر خلقه كما يشاء بحكمته فهو الفعال لما يريد أحكم ما شرع وأتقن ما صنع فهو الولي الحميد حد لعباده حدوداً ونظم لهم تنظيما وقال لهم ( هذا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ )(الأنعام: من الآية153) فصار الناس على أقسام فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله وإن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود:102) وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد لا ضد له ولا نديد وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائم بأمر الله الناصح لعباد الله على الرشد والتسديد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليما …

أما بعد

فيا عباد الله قال الله عز وجل (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) (الحج:1-2) وقال الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (لقمان:33) وقال الله تعالى (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (البقرة:281) وقال الله تعالى (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)(النساء: من الآية1) وقال الله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) عباد الله (لا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)(لقمان: من الآية33) لا تغرنكم الأموال وكثرتها لا يغرنكم رغد العيش ونظارة الدنيا وزهرتها لا يغرنكم ما أنعم الله به عليكم من العافية والأمان لا يغرنكم إمهال الله لكم مع تقصيركم في الواجب والعصيان إن اغتراركم بهذا لمن الأماني الباطلة والآمال الكاذبة إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون أيها المسلمون لقد أنعم الله علينا بالمال وأنعم علينا بالأمان وأنعم علينا بالرزق يأتينا رغداً من كل مكان فهل نحن قمنا بما يجب لله علينا نحو هذه النعم هل نحن قمنا بطاعة الله على الوجه الذي يرضي الله ما استطعنا هل نحن انتهينا عن معاصي الله هل نحن قومنا أنفسنا وأهلنا وذوينا هل نحن حاولنا أن نصلح مجتمعنا من شباب وكهول وشيوخ إن الأمر يحتاج إلى تأمل يا عباد الله إن الله تعالى يقول (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (لأنفال:25) هكذا يقول الله عز وجل ونحن إذا نظرنا في مجتمعنا اليوم وجدنا المجتمع غاصاً بالمعاصي إلا من رحم الله لقد انتشرت المعاصي في مجتمع الأمة الإسلامية وأصبح ما كان منكراً بالأمس معروفاً اليوم فمن الناس من أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات من الناس من تعاملوا بالربا ومنعوا الزكاة من الناس من ابتعدوا عن الحياء وانتهكوا الحرمات من الناس من صاروا كالبهائم بل هم أضل سبيلا يطلبون متع الدنيا وإن أضاعوا الدين صدوا عن سبيل الله واتبعوا سبيل الغاوين زين لهم سوء أعمالهم فظنوا أن ذلك تحرراً وتقدماً وتطورا وما علموا أن ذلك هو الرق تحت قيود الهوى وأنه التأخر عن كل فضل إلى الوراء وأنه التدهور إلى الهاوية والرداء إن مخالفة الدين الإسلامي ليست تحرراً ولا تقدماً ولا تطورا ولكنها والله تحرر من عباد الله إلى قيود رق الشيطان والهوى وإنها تقدم إلى الهاوية وإلى نار جهنم وإنها أعني مخالفة الدين الإسلامي تدهور إلى الهاوية فيا أيها المسلمون يا أيها المؤمنون بمحمد رسول الله إن أسباب هذا التدهور وانتشار المعاصي بين المسلمين اليوم إنه يرجع إلى أمرين أحدهما ضعف الدين في النفوس مع قوة الداعي إلى الباطل فالإيمان في النفوس ضعيف ودعاة الباطل قائمون على قدم وساق في كل مجالات الدعايا في الصحف والأقوال وغيرها يدعون إلى الباطل وينكرون الحق فنسأل الله تعالى أن يعيننا عليهم وأن يدحض باطلهم وأن يؤخرهم إلى الوراء حتى يقوم دين الله على ما يريد الله عز وجل أما الأمر الثاني فهو ضعف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والمداهنة في دين الله عز وجل وإن حماية دين الإسلام لا تكون أيها المسلمون إلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الأمر بما أمر الله به ورسوله والنهي عما نهى الله عنه ورسوله بقصد النصيحة لله ولعباد الله أيها المسلمون إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة على هذه الأمة التي هي أفضل الأمم وأكرمها على الله إن استقامت على دينه واسمعوا ربكم يقول (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (آل عمران:104-105) أيها المسلمون إنكم إذا قمتم بهذا الذي أمركم الله به كنتم خير أمة أخرجت للناس وإن تركتم ذلك كنتم من شرار الأمم لأنه لا نسب بين الله وبين عباده ولكن من اتقى الله فهو الكريم عند الله أكرم الناس عند الله أتقاهم له إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يقتصر على فئة معينة من الناس تعينهم الدولة إنه واجب ألزم الله به عباده جميعا إنه واجب على جميع الناس إن الذي نصب الناس آمرين بالمعروف وناهيين عن المنكر هو الله رب العالمين (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) (آل عمران:104) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان ) أيها المسلمون إن من الناس من يظن أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خاص بفئة معينة يظن ذلك إما جهلاً منه وإما تعامياً وتجاهلاً حتى يخرج من المسؤولية وهذا ظن فاسد فالنبي صلى الله عليه وسلم قال ( من رأى منكم منكراً ) وهذا عام لكل من رأى المنكر يجب أن يغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه بالكلام بالنصح والإرشاد أو الكلام مع ولاة الأمور إن لم ينفع الكلام مع فاعل المنكر وكل واحد منا يستطيع أن يتكلم مع المسؤولين في منع المنكر ويجب على المسؤولين إذا بلغهم أن يقوموا بما أوجب الله عليهم من الإصلاح وأن يجتمعوا على ذلك لينالوا الفوز والفلاح إن على المسؤولين إذا بلغهم المنكر أن يتركوا الدعة والسكون وأن يقوموا لله مخلصين له الدين وسوف تكون العاقبة لهم ( إن العاقبة للمتقين ) أيها المسلمون إن أمة الإسلام لا يمكن أن تكون أمة قوية مرموقة حتى تتحد في أهدافها وأعمالها ولن يمكنها ذلك حتى تقوم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فتكون على دين واحد في العقيدة والقول والعمل صراطاً مستقيماً صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض أما إذا لم تقم بذلك فإنها تتفكك وتنفصم عراها يكون لكل واحد هدف ولكل واحد طريق وعمل يتفرقون أحزابا كل حزب بما لديهم فرحون (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الأنعام:159) أيها المسلمون إذا لم نقم بأمر الله ونسعى في إصلاح مجتمعنا بالإلتزام بدين الله فمن الذي يقوم ويسعى بذلك أيأتي أقوام من خارج بلادنا ليصلحوا بلادنا لا إن الواجب علينا أن نتكاتف جميعاً على منع الشر والفساد فكلنا إذا لم نقم بذلك كلنا هالكون عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل من بني إسرائيل كان إذا رأى أخاه على الذنب نهاه عنه تعذيرا فإذا كان من الغد لم يمنعه ما رأى منه أن يكون جليسه أو يأكل معه ) فلما رأى الله ذلك منهم ضرب قلوب بعضهم على بعض ولعنهم على لسان نبيهم داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( والذي نفس محمد بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد السفيه ولتأطرونه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم ) ولما فتح المسلمون جزيرة قبرص فرق أهلها فبكى بعضهم إلى بعض فرؤيا أبو الدرداء رضي الله عنه يبكي فقيل له ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله فقال ويحك ما أهون الخلق على الله عز وجل إذا هم أضاعوا أمره بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى أيها المسلمون إن من المؤسف المروع أن نرى مجتمعنا الإسلامي أمة محمد نراهم هكذا شعباً متفككاً لا يغارون لدين ولا يخافون من وبال لا يتفقد الرجل أهله وولده لا ينظر في جيرانه وذويه بل تراه يرى المعاصي فيهم لا ينهاهم عنها ويرى التقصير في الواجب فلا يتداركه بل الأمر أشد من ذلك في بعض الناس إذا رأوا من أولادهم الشباب الصالحين سواء كانوا إناثاً أم ذكورا إذا رأوا منهم صلاحاً ذهبوا ينبذونهم بالألقاب السيئة يقولون لهم أنت مشددون أنتم متنطعون أنتم موسوسون حتى يضيقوا عليهم أشد الضيق نسأل الله العافية إن هؤلاء لأجهل من حمرهم التي يركبونها إن الذي ينبغي للإنسان بل الذي يجب عليه إذا رأى من أولاده وأهله صلاحاً أن يحمد الله على ذلك وأن يشجعهم عليه وأن يكافئهم بقدر ما يكون فيه الدفع لهم إلى الأمام هكذا ينبغي للمؤمن الناصح لنفسه الناصح لأهله أفلا يتذكر هؤلاء السفهاء أنهم إذا ثبطوهم عن القيام بهذا الأمر الجليل عن القيام بطاعة الله أنهم سوف يأثمون وسوف ينالون العقاب من الله عز وجل إن لم يتداركهم الله برحمته أفلا ينظر هؤلاء بل أفلا يسمع هؤلاء ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ) أفلا يحمدون الله على صلاح أولادهم حتى يوفق الأولاد للدعاء لهم بعد مماتهم أيها المسلمون إن هذا أمر ينذر بالخطر لاسيما مع كثرة النعم والإنغماس في الترف يقول الله عز وجل (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الاسراء:16) ويقول تعالى (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ) (الأنعام:44) اللهم إنا نسألك أن تهدينا جميعا اللهم اهدنا جميعا اللهم اهدنا شباباً وكهولاً وشيوخا ذكرواً وإناثا اللهم ألهمنا رشدنا اللهم هيئ لنا الخير اللهم أجمع كلمتنا على الحق اللهم أبرم لأمتنا أمراً يؤمر فيه بالمعروف وينهى عن المنكر يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك يا رب العالمين اللهم من كان منا زائغاً عن سبيلك فاهده إلى الحق يا رب العالمين اللهم إنا نقول قولنا هذا ندعوك كما أمرتنا فاستجب لنا كما وعدتنا والحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على نبينا خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه أجمعين …

الحمد لله على إحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أرسله الله تعالى بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيرا فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين …

أما بعد

أيها الأخوة المسلمون إن الله يقول (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7) فوعد الله عز وجل الشاكرين بالزيادة وتوعد الكافرين بالانتقام حيث يقول ( وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)(ابراهيم: من الآية7) وقد قال الله تعالى في آية أخرى (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ * أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحىً وَهُمْ يَلْعَبُونَ * أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) (لأعراف:96-99) أيها الأخوة ألم تروا ما أصاب كثيراً من الناس في هذا العام من النقص في الأموال حتى أصبحوا بعد الغنى فقراء وبعد العز أذلاء ذلك الأمر الذي ينذر بالخطر فإن النعم لا تدوم أبداً مع كفرها اللهم إلا أن يبقيها الله تعالى استدراجاً للإنسان حتى إذا أخذه لم يفلته إن هذا الذي أصاب الناس من ضيق العيش عند كثير منهم ومن الأمور التي تنذر من الخطر في المستقبل إنه لإنذار لمن كان له قلب إنه ينبغي لنا بل يجب علينا أن لا تمر بنا هذه الأمور وكأنها أمور طبيعية وأن لا نلجأ إلى الأسباب المادية في إزالتها ومعالجتها إن الواجب علينا أن نعالجها بالتفكير في أنفسنا فيما أضعنا من أمر الله حتى نرجع إلى الله عز وجل حتى نقيم ما اعوج ونصلح ما فسد فإن الله تعالى قد نبهنا إلى ذلك في قوله (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41) إن فتن الحروب حولنا كما تشاهدون وإن الضائقة العالمية في الإقتصاد لأمر صار يهدد كل دولة لذلك يجب علينا أن نفكر ملياً وأن نرجع إلى الله وأن نقتصد في الإنفاق وأن لا نسرف لقد كانت النعم ولاسيما في الولائم لقد كانت تؤخذ في القلابيات لترمى في البر لا ينتفع بها أحد بل هو إضاعة للمال ولكننا مع الأسف الشديد كأن هذا أمر نتيجة للغنى الذي أصاب الناس وللترف الذي صاروا يتسابقون فيه وإن العاقل لينظر في الأمور ويقتصد ويقتصر على ما يحصل به الكفاية وما لا يكون مشيناً له أمام إخوانه وزملائه فيا أيها الناس ليس اليوم كالأمس إن على الإنسان أن يقدر للظروف مقاديرها وأن يحكمها ويتقنها حتى لا يكون سفيهاً وأن يرجع إلى الله عز وجل في أموره كلها وأن يعلم أن النعمة لا تدوم خصوصاً إذا استمر الناس في معصية الله اللهم إنا نسألك أن توفقنا لشكر نعمتك وحسن عبادتك اللهم ارزقنا شكر نعمتك وحسن عبادتك اللهم اجعلنا من المنتفعين المعتبرين بآياتك اللهم هيئ لنا من أمرنا رشدا أيها المسلمون إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة في دين الله بدعة وكل بدعة ضلالة فعليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة ومن شذ شذ في النار وأعلموا أن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه فقال جل من قائل عليما (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (الأحزاب:56) اللهم صلي وسلم على محمد وعلى آله وأصحابه اللهم أرزقنا محبته واتباعه ظاهراً وباطنا اللهم توفنا على ملته اللهم احشرنا في زمرته اللهم أدخلنا في شفاعته اللهم أسقنا من حوضه اللهم أجمعنا به في جنات النعيم مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين اللهم ارضى عن خلفائه الراشدين وعن أولاده الغر الميامين وعن زوجاته أمهات المؤمنين وعن الصحابة أجمعين وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين اللهم ارضى عنا معهم وأصلح أحوالنا كما أصلحت أحوالهم يا رب العالمين اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم صغيرهم وكبيرهم يا رب العالمين اللهم هيئ لولاة أمورنا بطانة صالحة اللهم هيئ لولاة أمورنا بطانة صالحة اللهم هيئ لولاة أمورنا بطانة صالحة تدلهم على الخير وتحثهم عليه وتحذرهم من الشر وتبعدهم عنه يا رب العالمين اللهم من كان من بطانتهم غير مستقيم على دينك ولا ناصح لهم ولا لرعيتهم فأبعده عنهم يا رب العالمين وألقي في قلوبهم بغضه حتى يبعدوه ويستخلفوا بدله من هو خير منه إنك على كل شئ قدير اللهم استجب لنا دعاءنا اللهم استجب لنا دعاءنا يا رب العالمين اللهم إنا نسألك أن تنصر المجاهدين في سبيلك الذين يجاهدون بأموالهم وأنفسهم وألسنتهم يجاهدون بذلك لتكون كلمتك هي العليا اللهم أنصر المجاهدين بالعلم والبيان والسلاح يا رب العالمين اللهم أنصرهم في كل مكان اللهم من أراد بالمسلمين سوءاً فاجعل كيده في نحره وشتت شمله وفرق جمعه واهزم جنده يا رب العالمين إنك على كل شئ قدير اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين …