سعيد
12-07-2011, 02:21 PM
الحمد لله الذي خلق الخلق ليعبدوه وجعل لهم أجلاً للقائه هم بالغوه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً كثيرا ...
أما بعد ...
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعبدوه واذكروا نعمته عليكم واشكروه وتذكروا بدايتكم ونهايتكم تعرفوا آيات ربكم وتعظموه أنظروا إلى الماضي البعيد كيف أنتم وهل كنتم, قال الله عز وجل (هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (الانسان:1) ولكن الله عز وجل ابتدأ هذه الخليقة البشرية فخلق آدم عليه السلام خلقه من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين سوى الحمل في بطن أمه في ظلمات ثلاث نفخ فيه من روحه إن الجنين في بطن أمه يتنقل إلى أربعة أطوار يكون أربعين يوماً نطفة ثم أربعين يوماً علقة ثم أربعين يوماً مضغة أي قطعة لحم بقدر ما يمضغة الإنسان في فمه هذه المضغة أحيانا تكون مخلقة وأحيانا تكون غير مخلقة ففي بدايتها تكون غير مخلقة ولن تخلق قبل ثمانين يوما ولن تكون مضغة قبل ثمانين يوما ثم بعد تخليقها وبعد تمام مائة وعشرين يوماً أي تمام أربعة أشهر كاملة يبعث الله تعالى ملكاً موكلاً بالأرحام فينفخ في هذه المضغة الروح وحينئذٍ فيكون بشرا أما قبل ذلك فإنه جماد ولهذا إذا سقط الجنين قبل أن يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين أي لا يدفن في المقبرة لئلا يخصص له قبر تضيق به المقبرة ولكن يدفن في أي مكان يكون من الارض إذا كان طاهرا وكذلك لا يسمى ولا يعق له لأنه لم يكن بشرا أما إذا كان قد بلغ أربعة أشهر فإنه بشر يبعث يوم القيامة مع الناس ولهذا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ويدعى لوالديه بالرحمة عند الصلاة عليه ولو كان بقدر الكف إذا عق عنه فهو أحسن لأنه سوف يبعث يوم القيامة ويكون شفيعاً لوالديه يبعث الله الملك إلى الرحم فينفخ الروح في هذه المضغة و يؤمر بأربعة كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ثم يبقى بعد ذلك ما شاء الله أن يبقى في بطن أمه ثم يخرجه الله تعالى إلى دار العمل والكسب فيمكث في هذه الدار دار الدنيا دار العمل دار الإبتلاء دار الإمتحان دار السراء دار الضراء دار الصفو دار الكدر فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر يمكث في هذه الدار ما شاء الله أن يمكث ثم ينتقل إلى دار الجزاء فإنه ينقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية يجعلها هو لنفسه كوقف على الفقراء أو بناء المساجد أو ما أشبه ذلك و علم ينتفع به ولو مسألة واحدة فإن الإنسان إذا نفع إخوانه بعلمه ولو مسألة فإنه يكتب له أجرها مادام المسلمون ينتفعون بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) أما الثالث فهو ولد صالح يدعو له فيبقى الإنسان إذا انتقل من هذه الدنيا في البرزخ إلى قيام الساعة يوم يقوم الناس لرب العالمين عارية أجسادهم حافية أقدامهم شاخصة أبصارهم أفئدتهم هواء مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر أيها المسلمون هذه هي الحقيقة وماذا بعد هذا البعث بعد هذا البعث إما نار وإما جنة نسأل الله أن يجعلنا جميعا من أصحاب الجنة أيها المسلمون إن لبني آدم عند انتقالهم من دار الدنيا إلى دار الآخرة أحوالاً ثلاثاً بينها الله عزك وجل في كتابه في آخر سورة الواقعة قال الله تعالى : (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) أي بلغت الروح الحلقوم (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (الواقعة:83-85) تقرب الملائكة من الإنسان حين الاحتضار ولكن لا تبصرون (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ) أعاذنا الله وإياكم من هذا (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) هذا كلام من كلام الله عز وجل ولهذا قال ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) سبحان ربنا العظيم ولقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتفصيل ما يكون عند الموت وفي القبر فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كنا في جنازة رجل من الأنصار في البقيع فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير أي من شدة أحترامهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كأن على رؤوسنا الطير وهو يلحد له فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر) ثم قال:( إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء أي تخرج بسهولة لأنها بشرت بالخير فتخرج ابتغاء لهذا الخير فيأخذها ملك الموت فإذا أخذها لم يدعوها أي الملائكة لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء ويشيعه مقربوها إلى السماء الثانية وهكذا إلى بقية السماوات فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى تصل إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم وفي رواية من نبيك فيقول هو رسول الله فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي) قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث ( وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم كفن من النار وحنوط من النار فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده كراهةً لما بشرت به وفراراً منه ولكن ملك الموت وقد وكل بقبض الأرواح ينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأخبث ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ولا يفتح ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ومن المعلوم أن الجمل لا يمكن أن يدخل في سم الخياط أي في جب الإبرة ولكن هذا من التعليق على المستحيل أي فكما أنه يستحيل أن يلج الجمل في جب الإبرة فكذلك يستحيل أن تفتح أبواب السماء لأرواح الكفار فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجيل في الأرض السفلى فتطرح روحه يعني إلى الأرض طرحا ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيقولان له من ربك فيقول ها ها لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول ها ها لا أدري فينادي منادي من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبرة حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوئك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول ربي لا تقم الساعة لماذا ؟ لماذا يقول ربي لا تقم الساعة لأن الله يقول (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) (القمر:46) إنه إذا عذب في قبره إنما يعذب وحده لا يطلع عليه أحد ولكنه إذا عذب يوم القيامة تطلع عليه جميع الخلائق (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)(طـه: من الآية127) ولهذا يقول هذا الكافر في قبره ربي لا تقم الساعة وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال( إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه وذكر الحديث وفيه فيقال أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فيراهما جميعا) ألم تروا كيف يعرض على هذا الرجل مقعداه مقعده من النار ومقعده من الجنة من أجل أن يغتبط بنعمة الله ويفرح بنعمة الله الذي أنجاه من مقعد النار وجعله في مقعد الجنة اللهم اجلعنا من هؤلاء فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها المسلمون واعدوا لهذا الأمر العظيم عدته أعدوا له عدته لأنكم لا تدرون أقريبون أنتم منه أم بعيدون أن الرجل ليخرج من بيته حيا سويا ولكن يرجع إلى بيته ميتا هامدا اللهم إنا نسألك أن نعد لهذا الأمر العظيم عدته أيها المسلمون تعوذوا بالله من عذاب القبر أسالوا الله أن يجعل القبور لكم روضة من رياض الجنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيراً ...
أما بعد ...
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعدوا للقاء ربكم عدة الصالحين فإن الإنسان كما يقول ربه جل وعلا (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (الانشقاق:6) أيها المسلمون إن الإنسان لا يدري أين يموت ولا يدري متى يموت كما قال الله عز وجل ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(لقمان: من الآية34) إذا كنا لا نعلم ما نكسبه غداً وهو من أفعالنا فإننا لا نعلم متى نموت وهو من أفعال الله عز وجل وإذا كنا لا ندري بأي أرض نموت مع إن الإنسان يتنقل إلى الأراضي باختيارنا إنه لا يدري متى يموت إذاً فالمكان مجهول والزمان مجهول نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة وليس الشأن ليس الشأن متى يموت الإنسان ولا أين يموت الإنسان ليس الشأن أن يموت في مكة أو في المدينة أو يموت في غيرهما من بلاد الله وليس الشأن أن يموت يوم الجمعة أو يوم الاثنين أو غيرهما من أيام الأسبوع إنما الشأن كل الشأن على أي حال يموت هذا هو الشأن على أي حال تموت أتموت على الإيمان والإخلاص والتوحيد نسأل الله لنا جميعا ذلك أم تموت على الشك والشرك والكفر والجحود هذا هو الشأن هذا هو الشأن أيها المسلمون ولكن من أراد أن يختم له بخير فليعمل خيرا فإن الله سبحانه وتعالى أكرم وأجود من أن يخذل عبده في مقام الضيق إذا كان يتعرف إلى الله في الرخاء قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) أي شدة أشد من حضور الأجل أي شدة أشد على الإنسان من مفارقة الحياة الدنيا فإذا تعرف الإنسان إلى ربه في الرخاء بطاعته والتوسل إليه بعبادته ودوام ذكره فإن الله تعالى يتعرف إليه في الشدة رزقنا الله وإياكم ذلك الشأن كل الشأن على أي حال يموت ورد في بعض الآثار أن الإنسان عند موته تعرض عليه الأديان اليهودية والنصرانية والإسلام وأن الشيطان يتمثل له في صورة أبيه ويقول يا بني عليك بدين اليهود عليك بدين النصارى حتى يخرج على أحد الدينين الباطلين المنسوخين الذين لا يقبلهما الله عز وجل وهذه والله فتنة كبيرة فتنة عظيمة لكن من نعمة الله أنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية لا تعرض الأديان على كل ميت بل إذا كان الميت صالح النية مستقيم العبادة فإن الله تعالى ينجيه من هذه الفتنة ولهذا فسر كثير من العلماء فتنة الممات التي نتعوذ بالله منها في كل صلاة بأنها الفتنة عند الموت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا تشهدنا التشهد الأخير أن نقول: ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ) ففسر كثير من العلماء فتنة الممات بأنها الفتنة عند الموت لأنها أعظم فتنة في الحياة إذ أن عليها المدار ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يعني فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها رؤي الإمام أحمد رحمه الله وهو في سياق الموت يقول بعد؛ بعد يقول بعد؛ بعد فقيل له كيف بعد ؛ بعد قال إن الشيطان أمامي يعض أنامله يقول فتني يا أحمد فقلت له بعد؛ بعد أي ما دام الإنسان نفسه في جسد ه فإنه تخشى عليه الفتنة أيها الإخوة المسلمون جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه ثم رجع إلى الله فقال أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت فقال الله لملك الموت أيريد الحياة قال نعم فقال يضع يده على جلد ثور وله بكل شعرة تحت يده سنة من السنوات فذهب الملك إلى موسى وقال له ذلك فقال موسى ثم ماذا قال ثم الموت كل نفس ذائقة الموت فقال فمن الآن لأن الإنسان مهما طالت به الحياة فكأنه إذا جاءه الموت لم يلبث إلا ساعة من نهار بل أن يوم القيامة إذا جاء كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار كما قال الله تعالى ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)(الاحقاف: من الآية35) قال موسى فمن الآن ولكنه سأل الله أن يدنيه من البلاد المقدسة فأدناه الله منها قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبره عند الكثيب الأحمر ولو كنت ثم لأريتكم إياه لكنه أي قبر موسى مجهول الآن لا يعلم أين هو ولا يعلم أي قبر من قبور الأنبياء إلا قبرا واحدا هو قبر محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويذكر أن إبراهيم عليه السلام دفن في البلد الذي في فلسطين الذي يسمى الخليل فالله أعلم الشيء المتيقن من قبور الأنبياء هو قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك فإن أصحاب القبور لا ينفعون من يدعون القبور بل لا يرضون لأحد من الناس أن يدعوهم إذا كانوا من أولياء الله أو إذا كانوا من الصديقين والشهداء والأنبياء لا يرضى أحدا يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدعوه أحد من الناس أبدا ولهذا إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى ( يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المائدة:116-117) أيها المسلمون إنني جئت بهذه الجملة ليتبين أن هؤلاء الذين يفتنون بالقبور ليدعون الأولياء هم ضالون مشركون بالله عز وجل ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار إن أظلم الظلم أن تجعل لله ندا وهو خلقك (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان: 13)وإني لأعجب من هؤلاء السفهاء كيف يدعون أصحاب القبور وهم جثث هامدة لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراً فكيف يملكون لغيرهم وأقول أدعوا رب الناس ادعوا الله عز وجل أدعوه بلا واسطة بينكم وبينه فإنه لا واسطة بين الله وبين الخلق في الدعاء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) اللهم أنا نسألك أن تنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم دمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين و الملحدين اللهم دمر أعداء الدين جميعا اللهم أجعل كلمتك هي العليا اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم اللهم أنصرهم اللهم أعنهم على ما تحملوه من اللأواء والبأساة اللهم أهزم الكروات والصرب اللهم أهزمهم هزيمة نكراء
أما بعد ...
فيا أيها الناس اتقوا الله تعالى واعبدوه واذكروا نعمته عليكم واشكروه وتذكروا بدايتكم ونهايتكم تعرفوا آيات ربكم وتعظموه أنظروا إلى الماضي البعيد كيف أنتم وهل كنتم, قال الله عز وجل (هَلْ أَتَى عَلَى الْأِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) (الانسان:1) ولكن الله عز وجل ابتدأ هذه الخليقة البشرية فخلق آدم عليه السلام خلقه من طين وجعل نسله من سلالة من ماء مهين سوى الحمل في بطن أمه في ظلمات ثلاث نفخ فيه من روحه إن الجنين في بطن أمه يتنقل إلى أربعة أطوار يكون أربعين يوماً نطفة ثم أربعين يوماً علقة ثم أربعين يوماً مضغة أي قطعة لحم بقدر ما يمضغة الإنسان في فمه هذه المضغة أحيانا تكون مخلقة وأحيانا تكون غير مخلقة ففي بدايتها تكون غير مخلقة ولن تخلق قبل ثمانين يوما ولن تكون مضغة قبل ثمانين يوما ثم بعد تخليقها وبعد تمام مائة وعشرين يوماً أي تمام أربعة أشهر كاملة يبعث الله تعالى ملكاً موكلاً بالأرحام فينفخ في هذه المضغة الروح وحينئذٍ فيكون بشرا أما قبل ذلك فإنه جماد ولهذا إذا سقط الجنين قبل أن يتم له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن مع المسلمين أي لا يدفن في المقبرة لئلا يخصص له قبر تضيق به المقبرة ولكن يدفن في أي مكان يكون من الارض إذا كان طاهرا وكذلك لا يسمى ولا يعق له لأنه لم يكن بشرا أما إذا كان قد بلغ أربعة أشهر فإنه بشر يبعث يوم القيامة مع الناس ولهذا يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين ويدعى لوالديه بالرحمة عند الصلاة عليه ولو كان بقدر الكف إذا عق عنه فهو أحسن لأنه سوف يبعث يوم القيامة ويكون شفيعاً لوالديه يبعث الله الملك إلى الرحم فينفخ الروح في هذه المضغة و يؤمر بأربعة كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ثم يبقى بعد ذلك ما شاء الله أن يبقى في بطن أمه ثم يخرجه الله تعالى إلى دار العمل والكسب فيمكث في هذه الدار دار الدنيا دار العمل دار الإبتلاء دار الإمتحان دار السراء دار الضراء دار الصفو دار الكدر فيوم علينا ويوم لنا ويوم نساء ويوم نسر يمكث في هذه الدار ما شاء الله أن يمكث ثم ينتقل إلى دار الجزاء فإنه ينقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية يجعلها هو لنفسه كوقف على الفقراء أو بناء المساجد أو ما أشبه ذلك و علم ينتفع به ولو مسألة واحدة فإن الإنسان إذا نفع إخوانه بعلمه ولو مسألة فإنه يكتب له أجرها مادام المسلمون ينتفعون بها ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( بلغوا عني ولو آية ) أما الثالث فهو ولد صالح يدعو له فيبقى الإنسان إذا انتقل من هذه الدنيا في البرزخ إلى قيام الساعة يوم يقوم الناس لرب العالمين عارية أجسادهم حافية أقدامهم شاخصة أبصارهم أفئدتهم هواء مهطعين إلى الداع يقول الكافرون هذا يوم عسر أيها المسلمون هذه هي الحقيقة وماذا بعد هذا البعث بعد هذا البعث إما نار وإما جنة نسأل الله أن يجعلنا جميعا من أصحاب الجنة أيها المسلمون إن لبني آدم عند انتقالهم من دار الدنيا إلى دار الآخرة أحوالاً ثلاثاً بينها الله عزك وجل في كتابه في آخر سورة الواقعة قال الله تعالى : (فَلَوْلا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) أي بلغت الروح الحلقوم (وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لا تُبْصِرُونَ) (الواقعة:83-85) تقرب الملائكة من الإنسان حين الاحتضار ولكن لا تبصرون (فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ * وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ) أعاذنا الله وإياكم من هذا (وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ * فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) هذا كلام من كلام الله عز وجل ولهذا قال ( إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ* فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) سبحان ربنا العظيم ولقد بين النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالتفصيل ما يكون عند الموت وفي القبر فعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (كنا في جنازة رجل من الأنصار في البقيع فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله كأن على رؤوسنا الطير أي من شدة أحترامهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كأن على رؤوسنا الطير وهو يلحد له فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر أعوذ بالله من عذاب القبر) ثم قال:( إن العبد المؤمن إذا كان في إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا نزلت إليه ملائكة كأن وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة وحنوط من الجنة فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فم السقاء أي تخرج بسهولة لأنها بشرت بالخير فتخرج ابتغاء لهذا الخير فيأخذها ملك الموت فإذا أخذها لم يدعوها أي الملائكة لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها إلى السماء فتفتح لها أبواب السماء ويشيعه مقربوها إلى السماء الثانية وهكذا إلى بقية السماوات فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذه الروح الطيبة فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى تصل إلى السماء السابعة فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم وفي رواية من نبيك فيقول هو رسول الله فينادي منادي من السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وافتحوا له باباً إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له من أنت فوجهك الوجه الذي يأتي بالخير فيقول أنا عملك الصالح فيقول ربي أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي) قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث ( وإن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم كفن من النار وحنوط من النار فيجلسون منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت فيجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى سخط من الله وغضب فتتفرق في جسده كراهةً لما بشرت به وفراراً منه ولكن ملك الموت وقد وكل بقبض الأرواح ينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في ذلك الكفن وذلك الحنوط ويخرج منها كأخبث ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الريح الخبيث فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي يدعى بها في الدنيا حتى ينتهي به إلى السماء الدنيا فيستفتح له ولا يفتح ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ) ومن المعلوم أن الجمل لا يمكن أن يدخل في سم الخياط أي في جب الإبرة ولكن هذا من التعليق على المستحيل أي فكما أنه يستحيل أن يلج الجمل في جب الإبرة فكذلك يستحيل أن تفتح أبواب السماء لأرواح الكفار فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجيل في الأرض السفلى فتطرح روحه يعني إلى الأرض طرحا ثم قرأ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ) فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيقولان له من ربك فيقول ها ها لا أدري فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول ها ها لا أدري فينادي منادي من السماء أن كذب عبدي فافرشوه من النار وافتحوا له باباً إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها ويضيق عليه قبرة حتى تختلف أضلاعه ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول أبشر بالذي يسوئك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول من أنت فوجهك الذي يجيء بالشر فيقول أنا عملك الخبيث فيقول ربي لا تقم الساعة لماذا ؟ لماذا يقول ربي لا تقم الساعة لأن الله يقول (بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ) (القمر:46) إنه إذا عذب في قبره إنما يعذب وحده لا يطلع عليه أحد ولكنه إذا عذب يوم القيامة تطلع عليه جميع الخلائق (وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى)(طـه: من الآية127) ولهذا يقول هذا الكافر في قبره ربي لا تقم الساعة وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال( إن الميت إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فأقعداه وذكر الحديث وفيه فيقال أنظر إلى مقعدك من النار أبدلك الله به مقعداً من الجنة قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (فيراهما جميعا) ألم تروا كيف يعرض على هذا الرجل مقعداه مقعده من النار ومقعده من الجنة من أجل أن يغتبط بنعمة الله ويفرح بنعمة الله الذي أنجاه من مقعد النار وجعله في مقعد الجنة اللهم اجلعنا من هؤلاء فاتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها المسلمون اتقوا الله أيها المسلمون واعدوا لهذا الأمر العظيم عدته أعدوا له عدته لأنكم لا تدرون أقريبون أنتم منه أم بعيدون أن الرجل ليخرج من بيته حيا سويا ولكن يرجع إلى بيته ميتا هامدا اللهم إنا نسألك أن نعد لهذا الأمر العظيم عدته أيها المسلمون تعوذوا بالله من عذاب القبر أسالوا الله أن يجعل القبور لكم روضة من رياض الجنة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102) بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله حمداً كثيراً طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الحمد في الآخرة والأولى وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى وخليله المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن بهداهم اهتدى وسلم تسليماً كثيراً ...
أما بعد ...
أيها الناس اتقوا الله تعالى وأعدوا للقاء ربكم عدة الصالحين فإن الإنسان كما يقول ربه جل وعلا (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) (الانشقاق:6) أيها المسلمون إن الإنسان لا يدري أين يموت ولا يدري متى يموت كما قال الله عز وجل ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(لقمان: من الآية34) إذا كنا لا نعلم ما نكسبه غداً وهو من أفعالنا فإننا لا نعلم متى نموت وهو من أفعال الله عز وجل وإذا كنا لا ندري بأي أرض نموت مع إن الإنسان يتنقل إلى الأراضي باختيارنا إنه لا يدري متى يموت إذاً فالمكان مجهول والزمان مجهول نسأل الله أن يحسن لنا ولكم الخاتمة وليس الشأن ليس الشأن متى يموت الإنسان ولا أين يموت الإنسان ليس الشأن أن يموت في مكة أو في المدينة أو يموت في غيرهما من بلاد الله وليس الشأن أن يموت يوم الجمعة أو يوم الاثنين أو غيرهما من أيام الأسبوع إنما الشأن كل الشأن على أي حال يموت هذا هو الشأن على أي حال تموت أتموت على الإيمان والإخلاص والتوحيد نسأل الله لنا جميعا ذلك أم تموت على الشك والشرك والكفر والجحود هذا هو الشأن هذا هو الشأن أيها المسلمون ولكن من أراد أن يختم له بخير فليعمل خيرا فإن الله سبحانه وتعالى أكرم وأجود من أن يخذل عبده في مقام الضيق إذا كان يتعرف إلى الله في الرخاء قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ( تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة) أي شدة أشد من حضور الأجل أي شدة أشد على الإنسان من مفارقة الحياة الدنيا فإذا تعرف الإنسان إلى ربه في الرخاء بطاعته والتوسل إليه بعبادته ودوام ذكره فإن الله تعالى يتعرف إليه في الشدة رزقنا الله وإياكم ذلك الشأن كل الشأن على أي حال يموت ورد في بعض الآثار أن الإنسان عند موته تعرض عليه الأديان اليهودية والنصرانية والإسلام وأن الشيطان يتمثل له في صورة أبيه ويقول يا بني عليك بدين اليهود عليك بدين النصارى حتى يخرج على أحد الدينين الباطلين المنسوخين الذين لا يقبلهما الله عز وجل وهذه والله فتنة كبيرة فتنة عظيمة لكن من نعمة الله أنه كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية لا تعرض الأديان على كل ميت بل إذا كان الميت صالح النية مستقيم العبادة فإن الله تعالى ينجيه من هذه الفتنة ولهذا فسر كثير من العلماء فتنة الممات التي نتعوذ بالله منها في كل صلاة بأنها الفتنة عند الموت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا تشهدنا التشهد الأخير أن نقول: ( أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال ) ففسر كثير من العلماء فتنة الممات بأنها الفتنة عند الموت لأنها أعظم فتنة في الحياة إذ أن عليها المدار ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يعني فيما يبدو للناس حتى ما يكون بينه وبينها ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها رؤي الإمام أحمد رحمه الله وهو في سياق الموت يقول بعد؛ بعد يقول بعد؛ بعد فقيل له كيف بعد ؛ بعد قال إن الشيطان أمامي يعض أنامله يقول فتني يا أحمد فقلت له بعد؛ بعد أي ما دام الإنسان نفسه في جسد ه فإنه تخشى عليه الفتنة أيها الإخوة المسلمون جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام ليقبض روحه ثم رجع إلى الله فقال أرسلتني إلى رجل لا يريد الموت فقال الله لملك الموت أيريد الحياة قال نعم فقال يضع يده على جلد ثور وله بكل شعرة تحت يده سنة من السنوات فذهب الملك إلى موسى وقال له ذلك فقال موسى ثم ماذا قال ثم الموت كل نفس ذائقة الموت فقال فمن الآن لأن الإنسان مهما طالت به الحياة فكأنه إذا جاءه الموت لم يلبث إلا ساعة من نهار بل أن يوم القيامة إذا جاء كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار كما قال الله تعالى ( كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ)(الاحقاف: من الآية35) قال موسى فمن الآن ولكنه سأل الله أن يدنيه من البلاد المقدسة فأدناه الله منها قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقبره عند الكثيب الأحمر ولو كنت ثم لأريتكم إياه لكنه أي قبر موسى مجهول الآن لا يعلم أين هو ولا يعلم أي قبر من قبور الأنبياء إلا قبرا واحدا هو قبر محمدا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويذكر أن إبراهيم عليه السلام دفن في البلد الذي في فلسطين الذي يسمى الخليل فالله أعلم الشيء المتيقن من قبور الأنبياء هو قبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومع ذلك فإن أصحاب القبور لا ينفعون من يدعون القبور بل لا يرضون لأحد من الناس أن يدعوهم إذا كانوا من أولياء الله أو إذا كانوا من الصديقين والشهداء والأنبياء لا يرضى أحدا يؤمن بالله واليوم الآخر أن يدعوه أحد من الناس أبدا ولهذا إذا كان يوم القيامة يقول الله تعالى ( يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ* مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (المائدة:116-117) أيها المسلمون إنني جئت بهذه الجملة ليتبين أن هؤلاء الذين يفتنون بالقبور ليدعون الأولياء هم ضالون مشركون بالله عز وجل ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار إن أظلم الظلم أن تجعل لله ندا وهو خلقك (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)(لقمان: 13)وإني لأعجب من هؤلاء السفهاء كيف يدعون أصحاب القبور وهم جثث هامدة لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراً فكيف يملكون لغيرهم وأقول أدعوا رب الناس ادعوا الله عز وجل أدعوه بلا واسطة بينكم وبينه فإنه لا واسطة بين الله وبين الخلق في الدعاء (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) (غافر:60) اللهم أنا نسألك أن تنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم أنصر الإسلام والمسلمين اللهم دمر أعداء الدين من اليهود والنصارى والمشركين والمنافقين و الملحدين اللهم دمر أعداء الدين جميعا اللهم أجعل كلمتك هي العليا اللهم انصر إخواننا في البوسنة والهرسك اللهم أنصرهم اللهم أنصرهم اللهم أعنهم على ما تحملوه من اللأواء والبأساة اللهم أهزم الكروات والصرب اللهم أهزمهم هزيمة نكراء