ابو حمزة
12-30-2011, 08:49 PM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن الاحتفال بأعياد الكفار :
” موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين :
الطريق الأول العام :
هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا فيكون فيه مفسدة موافقتهم وفي تركه مصلحة مخالفتهم حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة لنا كما تقدمت الإشارة إليه فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما ، ومن جهة أنه من البدع المحدثة وهذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ونحو ذلك مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل ، فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصا وإجماعا وقياسا تبين له دخول هذه المسألة في كثير مما تقدم من الدلائل وتبين له أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل وأن هذا محرم كله بخلاف مالم يكن من خصائص دينهم ولا شعارا له مثل نزع النعلين في الصلاة فإنه جائز كما أن لبسهما جائز وتبين له أيضا الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئا نكون به موافقين لهم فيه وبين أن نحدث أعمالا أصلها مأخوذ عنهم وقصدنا موافقتهم أو لم نقصد .
وأما الطريق الثاني الخاص :
في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار : …)
الدليل من الكتاب :
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
فقد تأول غير واحد من التابعين قوله تعالى : (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)
فذهب مجاهد و الربيع بن أنس والقاضي أبايعلى وغيرهم كما في الجامع للخلال الى أن قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) : هو أعياد المشركين،
الدليل من السنة:
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال ( ما هذان اليومان ) قالوا ( كنا نلعب فيهما في الجاهلية ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود بهذا اللفظ حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس ورواه أحمد والنسائي وهذا إسناد على شرط مسلم
الدليل من الإجماع والآثار :
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم،
وقال أيضاً: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة…)
الإعتبار :
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
أحدها: أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) وقال (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به بين الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة وشروطه ، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو واهله فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه وإن شئت أن تنظم هذا قياسا تمثيليا قلت العيد شريعة من شرائع الكفر أو شعيرة من شعائره فحرمت موافقتهم فيها كسائر شعائر الكفر وشرائعه وإن كان هذا أبين من القياس الجزئي ثم كل ما يختص به ذلك من عبادة وعادة فإنما سببه هو كونه يوما مخصوصا وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء وتخصيصه ليس من دين الإسلام في شيء بل هو كفر به )
من كتابه اقتضاء الصراط المستقيم
قال ابن القيم رحمه الله :
( ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله . وقد صرح به الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة في كتبهم . . . وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) . وقال عمر أيضاً : (اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم) . وروى البيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو أنه قال : (من مَرَّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة)
انتهى من أحكام أهل الذمة 1 /723-724 .
قال ابن نجيم الحنفي :
(قال أبو حفص الكبير رحمه الله : لو أن رجلا عبد الله تعالى خمسين سنة ثم جاء يوم النيروز وأهدى إلى بعض المشركين بيضة يريد تعظيم ذلك اليوم فقد كفر وحبط عمله وقال صاحب الجامع الأصغر إذا أهدى يوم النيروز إلى مسلم آخر ولم يرد به تعظيم اليوم ولكن على ما اعتاده بعض الناس لا يكفر ولكن ينبغي له أن لا يفعل ذلك في ذلك اليوم خاصة ويفعله قبله أو بعده لكي لا يكون تشبيها بأولئك القوم , وقد قال صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } .
وقال في الجامع الأصغر رجل اشترى يوم النيروز شيئا يشتريه الكفرة منه وهو لم يكن يشتريه قبل ذلك إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما تعظمه المشركون كفر , وإن أراد الأكل والشرب والتنعم لا يكفر)ا.هـ
البحر الرائق شرح كنز الدقائق للعلامة ابن نجيم (8/555)
قال ابن الحاج المالكي :
( .. الكلام على المواسم التي اعتادها أكثرهم وهم يعلمون أنها مواسم مختصة بأهل الكتاب فتشبه بعض أهل الوقت بهم فيها وشاركوهم في تعظيمها يا ليت ذلك لو كان في العامة خصوصا ولكنك ترى بعض من ينتسب إلى العلم يفعل ذلك في بيته ويعينهم عليه ويعجبه منهم ويدخل السرور على من عنده في البيت من كبير وصغير بتوسعة النفقة والكسوة على زعمه بل زاد بعضهم أنهم يهادون بعض أهل الكتاب في مواسمهم ويرسلون إليهم ما يحتاجونه لمواسمهم فيستعينون بذلك على زيادة كفرهم ويرسل بعضهم الخرفان وبعضهم البطيخ الأخضر وبعضهم البلح وغير ذلك مما يكون في وقتهم وقد يجمع ذلك أكثرهم , وهذا كله مخالف للشرع الشريف …
ومن مختصر الواضحة سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي يركب فيها النصارى لأعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له . قال وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له . ورآه من تعظيم عيده وعونا له على مصلحة كفره . ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يعارون دابة ولا يعانون على شيء من دينهم ; لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك , وهو قول مالك وغيره لم أعلم أحدا اختلف في ذلك انتهى .
ويمنع التشبه بهم كما تقدم لما ورد في الحديث { من تشبه بقوم فهو منهم } ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به . وقد كان عليه الصلاة والسلام يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود إن محمدا يريد أن لا يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه . وقد جمع هؤلاء بين التشبه بهم فيما ذكر والإعانة لهم على كفرهم فيزدادون به طغيانا إذ أنهم إذا رأوا المسلمين يوافقونهم أو يساعدونهم , أو هما معا كان ذلك سببا لغبطتهم بدينهم ويظنون أنهم على حق وكثر هذا بينهم . أعني المهاداة حتى إن بعض أهل الكتاب ليهادون ببعض ما يفعلونه في مواسمهم لبعض من له رياسة من المسلمين فيقبلون ذلك منهم ويشكرونهم ويكافئونهم . وأكثر أهل الكتاب يغتبطون بدينهم ويسرون عند قبول المسلم ذلك منهم ; لأنهم أهل صور وزخارف فيظنون أن أرباب الرياسة في الدنيا من المسلمين هم أهل العلم والفضل والمشار إليهم في الدين وتعدى هذا السم لعامة المسلمين فسرى فيهم فعظموا مواسم أهل الكتاب وتكلفوا فيها النفقة..) ا.هـ
بتصرف من المدخل (2/46-48)
قال الدَّمِيري الشافعي :
( يُعزّر من وافق الكفار في أعيادهم ) ا.هـ
النجم الوهاج في شرح المنهاج للعامة الدَّمِيري (9/244) ، وكذا قال الشربيني في مغني المحتاج (4/191) .
وقال ابن حجر الهيتمي الشافعي :
(.. من أقبح البدع موافقة المسلمين النصارى في أعيادهم بالتشبه بأكلهم والهدية لهم وقبول هديتهم فيه وأكثر الناس اعتناء بذلك المصريون وقد قال صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } …إلى غير ذلك من البدع التي اخترعوها ويجب منعهم من التظاهر بأعيادهم) ا.هـ
الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (4/238-239)
قال البهوتي الحنبلي :
( ” ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى” وغيرهم من الكفار ” وبيعه لهم فيه ” . وفي المنتهى : لا بيعنا لهم فيه ” ومهاداتهم لعيدهم ” لما في ذلك من تعظيمهم فيشبه بداءتهم بالسلام .
.. “و” يحرم ” كل ما فيه تخصيص كعيدهم وتمييز لهم وهو من التشبه بهم , والتشبه بهم منهي عنه إجماعا “ للخبر ” وتجب عقوبة فاعله” ) ا.هـ
كشف القناع عن متن الإقناع (3/131)
قالوا في اللجنة الدائمة :
(…
ثالثاً: استفاضت الأدلة من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة في النهي عن مشابهة الكفار فيما هو من خصائصهم ومن ذلك مشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم بها، والعيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم يعود ويتكرر يعظمه الكفار أو مكان للكفار لهم فيه اجتماع ديني، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة فهو من أعيادهم، فليس النهي عن خصوص أعيادهم بل كل ما يعظمونه يدخل في ذلك وكذلك ما قبله وما بعده من الأيام التي هي كالتحريم له، كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ومما جاء في النهي عن خصوص المشابهة في الأعياد قوله تعالى { وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } في ذكر صفات عباد الله المؤمنين، فقد فسرها جماعة من السلف كابن سيرين ومجاهد والربيع بن أنس: بأن الزور هو أعياد الكفار، وثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة
ولهم يومان يلعبان فيهما فقال: (ما هذان اليومان ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر) خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.
وصح عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أنه قال: « نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها من وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم » خرجه أبو داود بإسناد صحيح.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم، وقال أيضاً: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.
رابعاً: وينهى أيضاً عن أعياد الكفار لاعتبارات كثيرة منها:
أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم وانشراح صدورهم بما هم عليه من الباطل. والمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور
الباطنة من العقائد الفاسدة على وجه المسارقة والتدرج الخفي.
ومن أعظم المفاسد -أيضاً- الحاصلة من ذلك: أن مشابهة الكفار في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان كما قال تعالى { يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ، وقال سبحانه { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية.
خامساً: بناءً على ما تقدم فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً أن يقيم احتفالات لأعياد لا أصل لها في دين الإسلام، ومنها الألفية المزعومة، ولا يجوز أيضاً حضورها ولا المشاركة فيها ولا الإعانة عليها بأي شيء كان، لأنها إثم ومجاوزة لحدود الله، والله تعالى يقول ﴿وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ﴾.
سادساً: لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم ومن ذلك: إشهار أعيادهم وإعلانها، ومنها الألفية المذكورة ولا الدعوة إليها بأي وسيلة سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الأعلام، أو نصب الساعات واللوحات الرقمية، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية، أو طبع البطاقات أوالكراسات المدرسية، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها أو الأنشطة الرياضية أو نشر شعار خاص بها.
سابعاً: لا يجوز لمسلم اعتبار أعياد الكفار ومنا الألفية المذكورة ونحوها مناسبات سعيدة وأوقاتاً مباركة فتعطل فيها الأعمال وتجري فيها عقود الزواج أو ابتداء الأعمال التجارية أو افتتاح المشاريع وغيرها، ولا يجوز أن يعتقد في هذه الأيام ميزة على غيرها، لأن هذه الأيام كغيرها من الأيام ولأن هذا من الاعتقاد الفاسد الذي لا يغير من حقيقتها شيئاً، بل إن هذا الاعتقاد فيها هو إثم على إثم نسأل الله العافية والسلامة.
ثامناً: لا يجوز لمسلم التهنئة بأعياد الكفار، لأن ذلك نوع رضي بما هم عليه من الباطل وإدخال للسرور عليهم قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج المحرم ونحوه.
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)انتهى.
[ من بيان اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء عن حكم الاحتفال بحلول عام 2000 الإفرنجي وما يتعلق به من أمور رقم 3825 وتاريخ 21/7/1420هـ ]
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – :
لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم ، والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم.
فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء ، لأنها أعيا د مخالفة للشرع.
فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ، ولأن الله سبحانه يقول : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان .
[مجلة البحوث الإسلامية العدد الخامس عشر ، ص 285 . موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز]
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله :
ما حُـكم تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) ؟
وكيف نردّ عليهم إذا هنئونا به ؟
وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يُقيمونها بهذه المناسبة ؟
وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئا مما ذُكِر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجا أو غير ذلك من الأسباب ؟
وهل يجوز التّشبّه بهم في ذلك ؟
فأجاب – رحمه الله – :
( تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيّم – رحمه الله – في كتابه أحكام أهل الذمة ، حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات ، وهو بمنزلة أن تُهنئة بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشدّ مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه . انتهى كلامه – رحمه الله – .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورِضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره ؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك ، كما قال تعالى : ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) . وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك ، لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها أعياد مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يَحرم على المسلمين التّشبّه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا ، أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ تشبّه بقوم فهو منهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ” اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ” : مُشابهتهم في بعض أعيادهم تُوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء . انتهى كلامه – رحمه الله – .
ومَنْ فَعَل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فَعَلَه مُجاملة أو تَودّداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب ؛ لأنه من المُداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بِدينهم .
والله المسؤول أن يُعزّ المسلمين بِدِينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم . إنه قويٌّ عزيز ) ا.هـ
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ( جـ 3 ص 44 – 46 )
وسئل الشيخ الألباني رحمه الله عن طعام الكفار في أعيادهم فقال :
( لا يجوز تأييد الكفار على عاداتهم الدينية، مهما كانت أشكالها و صورها ، طعاماً ، لباساً ، تأييداً ، كل هذا لا ينبغي ولا يجوز.
{ طعام الذين أوتوا الكتاب } يعني الأكل المعتاد ) ا.هـ
المصدر : شريط صوتي للشيخ رحمه الله
” موافقتهم في أعيادهم لا تجوز من الطريقين :
الطريق الأول العام :
هو ما تقدم من أن هذا موافقة لأهل الكتاب فيما ليس من ديننا ولا عادة سلفنا فيكون فيه مفسدة موافقتهم وفي تركه مصلحة مخالفتهم حتى لو كانت موافقتهم في ذلك أمرا اتفاقيا ليس مأخوذا عنهم لكان المشروع لنا مخالفتهم لما في مخالفتهم من المصلحة لنا كما تقدمت الإشارة إليه فمن وافقهم فقد فوت على نفسه هذه المصلحة وإن لم يكن قد أتى بمفسدة فكيف إذا جمعهما ، ومن جهة أنه من البدع المحدثة وهذه الطريق لا ريب في أنها تدل على كراهة التشبه بهم في ذلك فإن أقل أحوال التشبه بهم أن يكون مكروها وكذلك أقل أحوال البدع أن تكون مكروهة ويدل كثير منها على تحريم التشبه بهم في العيد مثل قوله صلى الله عليه وسلم (من تشبه بقوم فهو منهم) فإن موجب هذا تحريم التشبه بهم مطلقا وكذلك قوله (خالفوا المشركين) ونحو ذلك مثل ما ذكرناه من دلالة الكتاب والسنة على تحريم سبيل المغضوب عليهم والضالين وأعيادهم من سبيلهم إلى غير ذلك من الدلائل ، فمن انعطف على ما تقدم من الدلائل العامة نصا وإجماعا وقياسا تبين له دخول هذه المسألة في كثير مما تقدم من الدلائل وتبين له أن هذا من جنس أعمالهم التي هي دينهم أو شعار دينهم الباطل وأن هذا محرم كله بخلاف مالم يكن من خصائص دينهم ولا شعارا له مثل نزع النعلين في الصلاة فإنه جائز كما أن لبسهما جائز وتبين له أيضا الفرق بين ما بقينا فيه على عادتنا لم نحدث شيئا نكون به موافقين لهم فيه وبين أن نحدث أعمالا أصلها مأخوذ عنهم وقصدنا موافقتهم أو لم نقصد .
وأما الطريق الثاني الخاص :
في نفس أعياد الكفار فالكتاب والسنة والإجماع والاعتبار : …)
الدليل من الكتاب :
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
فقد تأول غير واحد من التابعين قوله تعالى : (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما)
فذهب مجاهد و الربيع بن أنس والقاضي أبايعلى وغيرهم كما في الجامع للخلال الى أن قوله تعالى (والذين لا يشهدون الزور) : هو أعياد المشركين،
الدليل من السنة:
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
فروى أنس بن مالك رضي الله عنه قال ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال ( ما هذان اليومان ) قالوا ( كنا نلعب فيهما في الجاهلية ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر) رواه أبو داود بهذا اللفظ حدثنا موسى بن إسمعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس ورواه أحمد والنسائي وهذا إسناد على شرط مسلم
الدليل من الإجماع والآثار :
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم،
وقال أيضاً: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة…)
الإعتبار :
قال رحمه الله ( ابن تيمية) :
أحدها: أن الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله سبحانه (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا) وقال (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) كالقبلة والصلاة والصيام فلا فرق بين مشاركتهم في العيد وبين مشاركتهم في سائر المناهج فإن الموافقة في جميع العيد موافقة في الكفر والموافقة في بعض فروعه موافقة في بعض شعب الكفر بل الأعياد هي من أخص ما تتميز به بين الشرائع ومن أظهر ما لها من الشعائر فالموافقة فيها موافقة في أخص شرائع الكفر وأظهر شعائره ولا ريب أن الموافقة في هذا قد تنتهي إلى الكفر في الجملة وشروطه ، وأما مبدؤها فأقل أحواله أن تكون معصية وإلى هذا الاختصاص أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (إن لكل قوم عيدا وإن هذا عيدنا) وهذا أقبح من مشاركتهم في لبس الزنار ونحوه من علاماتهم فإن تلك علامة وضعية ليست من الدين وإنما الغرض منها مجرد التمييز بين المسلم والكافر وأما العيد وتوابعه فإنه من الدين الملعون هو واهله فالموافقة فيه موافقة فيما يتميزون به من أسباب سخط الله وعقابه وإن شئت أن تنظم هذا قياسا تمثيليا قلت العيد شريعة من شرائع الكفر أو شعيرة من شعائره فحرمت موافقتهم فيها كسائر شعائر الكفر وشرائعه وإن كان هذا أبين من القياس الجزئي ثم كل ما يختص به ذلك من عبادة وعادة فإنما سببه هو كونه يوما مخصوصا وإلا فلو كان كسائر الأيام لم يختص بشيء وتخصيصه ليس من دين الإسلام في شيء بل هو كفر به )
من كتابه اقتضاء الصراط المستقيم
قال ابن القيم رحمه الله :
( ولا يجوز للمسلمين حضور أعياد المشركين باتفاق أهل العلم الذين هم أهله . وقد صرح به الفقهاء من أتباع المذاهب الأربعة في كتبهم . . . وروى البيهقي بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال : (لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم) . وقال عمر أيضاً : (اجتنبوا أعداء الله في أعيادهم) . وروى البيهقي بإسناد جيد عن عبد الله بن عمرو أنه قال : (من مَرَّ ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة)
انتهى من أحكام أهل الذمة 1 /723-724 .
قال ابن نجيم الحنفي :
(قال أبو حفص الكبير رحمه الله : لو أن رجلا عبد الله تعالى خمسين سنة ثم جاء يوم النيروز وأهدى إلى بعض المشركين بيضة يريد تعظيم ذلك اليوم فقد كفر وحبط عمله وقال صاحب الجامع الأصغر إذا أهدى يوم النيروز إلى مسلم آخر ولم يرد به تعظيم اليوم ولكن على ما اعتاده بعض الناس لا يكفر ولكن ينبغي له أن لا يفعل ذلك في ذلك اليوم خاصة ويفعله قبله أو بعده لكي لا يكون تشبيها بأولئك القوم , وقد قال صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } .
وقال في الجامع الأصغر رجل اشترى يوم النيروز شيئا يشتريه الكفرة منه وهو لم يكن يشتريه قبل ذلك إن أراد به تعظيم ذلك اليوم كما تعظمه المشركون كفر , وإن أراد الأكل والشرب والتنعم لا يكفر)ا.هـ
البحر الرائق شرح كنز الدقائق للعلامة ابن نجيم (8/555)
قال ابن الحاج المالكي :
( .. الكلام على المواسم التي اعتادها أكثرهم وهم يعلمون أنها مواسم مختصة بأهل الكتاب فتشبه بعض أهل الوقت بهم فيها وشاركوهم في تعظيمها يا ليت ذلك لو كان في العامة خصوصا ولكنك ترى بعض من ينتسب إلى العلم يفعل ذلك في بيته ويعينهم عليه ويعجبه منهم ويدخل السرور على من عنده في البيت من كبير وصغير بتوسعة النفقة والكسوة على زعمه بل زاد بعضهم أنهم يهادون بعض أهل الكتاب في مواسمهم ويرسلون إليهم ما يحتاجونه لمواسمهم فيستعينون بذلك على زيادة كفرهم ويرسل بعضهم الخرفان وبعضهم البطيخ الأخضر وبعضهم البلح وغير ذلك مما يكون في وقتهم وقد يجمع ذلك أكثرهم , وهذا كله مخالف للشرع الشريف …
ومن مختصر الواضحة سئل ابن القاسم عن الركوب في السفن التي يركب فيها النصارى لأعيادهم فكره ذلك مخافة نزول السخط عليهم لكفرهم الذي اجتمعوا له . قال وكره ابن القاسم للمسلم أن يهدي إلى النصراني في عيده مكافأة له . ورآه من تعظيم عيده وعونا له على مصلحة كفره . ألا ترى أنه لا يحل للمسلمين أن يبيعوا للنصارى شيئا من مصلحة عيدهم لا لحما ولا إداما ولا ثوبا ولا يعارون دابة ولا يعانون على شيء من دينهم ; لأن ذلك من التعظيم لشركهم وعونهم على كفرهم وينبغي للسلاطين أن ينهوا المسلمين عن ذلك , وهو قول مالك وغيره لم أعلم أحدا اختلف في ذلك انتهى .
ويمنع التشبه بهم كما تقدم لما ورد في الحديث { من تشبه بقوم فهو منهم } ومعنى ذلك تنفير المسلمين عن موافقة الكفار في كل ما اختصوا به . وقد كان عليه الصلاة والسلام يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود إن محمدا يريد أن لا يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه . وقد جمع هؤلاء بين التشبه بهم فيما ذكر والإعانة لهم على كفرهم فيزدادون به طغيانا إذ أنهم إذا رأوا المسلمين يوافقونهم أو يساعدونهم , أو هما معا كان ذلك سببا لغبطتهم بدينهم ويظنون أنهم على حق وكثر هذا بينهم . أعني المهاداة حتى إن بعض أهل الكتاب ليهادون ببعض ما يفعلونه في مواسمهم لبعض من له رياسة من المسلمين فيقبلون ذلك منهم ويشكرونهم ويكافئونهم . وأكثر أهل الكتاب يغتبطون بدينهم ويسرون عند قبول المسلم ذلك منهم ; لأنهم أهل صور وزخارف فيظنون أن أرباب الرياسة في الدنيا من المسلمين هم أهل العلم والفضل والمشار إليهم في الدين وتعدى هذا السم لعامة المسلمين فسرى فيهم فعظموا مواسم أهل الكتاب وتكلفوا فيها النفقة..) ا.هـ
بتصرف من المدخل (2/46-48)
قال الدَّمِيري الشافعي :
( يُعزّر من وافق الكفار في أعيادهم ) ا.هـ
النجم الوهاج في شرح المنهاج للعامة الدَّمِيري (9/244) ، وكذا قال الشربيني في مغني المحتاج (4/191) .
وقال ابن حجر الهيتمي الشافعي :
(.. من أقبح البدع موافقة المسلمين النصارى في أعيادهم بالتشبه بأكلهم والهدية لهم وقبول هديتهم فيه وأكثر الناس اعتناء بذلك المصريون وقد قال صلى الله عليه وسلم { من تشبه بقوم فهو منهم } …إلى غير ذلك من البدع التي اخترعوها ويجب منعهم من التظاهر بأعيادهم) ا.هـ
الفتاوى الفقهية الكبرى لابن حجر الهيتمي (4/238-239)
قال البهوتي الحنبلي :
( ” ويحرم شهود عيد اليهود والنصارى” وغيرهم من الكفار ” وبيعه لهم فيه ” . وفي المنتهى : لا بيعنا لهم فيه ” ومهاداتهم لعيدهم ” لما في ذلك من تعظيمهم فيشبه بداءتهم بالسلام .
.. “و” يحرم ” كل ما فيه تخصيص كعيدهم وتمييز لهم وهو من التشبه بهم , والتشبه بهم منهي عنه إجماعا “ للخبر ” وتجب عقوبة فاعله” ) ا.هـ
كشف القناع عن متن الإقناع (3/131)
قالوا في اللجنة الدائمة :
(…
ثالثاً: استفاضت الأدلة من الكتاب والسنة والآثار الصحيحة في النهي عن مشابهة الكفار فيما هو من خصائصهم ومن ذلك مشابهتهم في أعيادهم واحتفالاتهم بها، والعيد: اسم جنس يدخل فيه كل يوم يعود ويتكرر يعظمه الكفار أو مكان للكفار لهم فيه اجتماع ديني، وكل عمل يحدثونه في هذه الأمكنة والأزمنة فهو من أعيادهم، فليس النهي عن خصوص أعيادهم بل كل ما يعظمونه يدخل في ذلك وكذلك ما قبله وما بعده من الأيام التي هي كالتحريم له، كما نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
ومما جاء في النهي عن خصوص المشابهة في الأعياد قوله تعالى { وَالَّذِينَ لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } في ذكر صفات عباد الله المؤمنين، فقد فسرها جماعة من السلف كابن سيرين ومجاهد والربيع بن أنس: بأن الزور هو أعياد الكفار، وثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة
ولهم يومان يلعبان فيهما فقال: (ما هذان اليومان ؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر) خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح.
وصح عن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أنه قال: « نذر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحر إبلاً ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني نذرت أن أنحر إبلاً ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هل كان فيها من وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا: لا، قال: فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ قالوا: لا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم » خرجه أبو داود بإسناد صحيح.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تدخلوا على المشركين في كنائسهم يوم عيدهم فإن السخطة تنزل عليهم، وقال أيضاً: اجتنبوا أعداء الله في عيدهم. وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: من بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة.
رابعاً: وينهى أيضاً عن أعياد الكفار لاعتبارات كثيرة منها:
أن مشابهتهم في بعض أعيادهم يوجب سرور قلوبهم وانشراح صدورهم بما هم عليه من الباطل. والمشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور
الباطنة من العقائد الفاسدة على وجه المسارقة والتدرج الخفي.
ومن أعظم المفاسد -أيضاً- الحاصلة من ذلك: أن مشابهة الكفار في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن، والمحبة والموالاة لهم تنافي الإيمان كما قال تعالى { يَـأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } ، وقال سبحانه { لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَآدُّونَ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } الآية.
خامساً: بناءً على ما تقدم فلا يجوز لمسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً أن يقيم احتفالات لأعياد لا أصل لها في دين الإسلام، ومنها الألفية المزعومة، ولا يجوز أيضاً حضورها ولا المشاركة فيها ولا الإعانة عليها بأي شيء كان، لأنها إثم ومجاوزة لحدود الله، والله تعالى يقول ﴿وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ﴾.
سادساً: لا يجوز لمسلم التعاون مع الكفار بأي وجه من وجوه التعاون في أعيادهم ومن ذلك: إشهار أعيادهم وإعلانها، ومنها الألفية المذكورة ولا الدعوة إليها بأي وسيلة سواء كانت الدعوة عن طريق وسائل الأعلام، أو نصب الساعات واللوحات الرقمية، أو صناعة الملابس والأغراض التذكارية، أو طبع البطاقات أوالكراسات المدرسية، أو عمل التخفيضات التجارية والجوائز المادية من أجلها أو الأنشطة الرياضية أو نشر شعار خاص بها.
سابعاً: لا يجوز لمسلم اعتبار أعياد الكفار ومنا الألفية المذكورة ونحوها مناسبات سعيدة وأوقاتاً مباركة فتعطل فيها الأعمال وتجري فيها عقود الزواج أو ابتداء الأعمال التجارية أو افتتاح المشاريع وغيرها، ولا يجوز أن يعتقد في هذه الأيام ميزة على غيرها، لأن هذه الأيام كغيرها من الأيام ولأن هذا من الاعتقاد الفاسد الذي لا يغير من حقيقتها شيئاً، بل إن هذا الاعتقاد فيها هو إثم على إثم نسأل الله العافية والسلامة.
ثامناً: لا يجوز لمسلم التهنئة بأعياد الكفار، لأن ذلك نوع رضي بما هم عليه من الباطل وإدخال للسرور عليهم قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: (وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثماً عند الله وأشد مقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج المحرم ونحوه.
وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو كفر فقد تعرض لمقت الله وسخطه)انتهى.
[ من بيان اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء عن حكم الاحتفال بحلول عام 2000 الإفرنجي وما يتعلق به من أمور رقم 3825 وتاريخ 21/7/1420هـ ]
قال الشيخ عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – :
لا يجوز للمسلم ولا المسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم ، والرسول عليه الصلاة والسلام حذرنا من مشابهتهم والتخلق بأخلاقهم.
فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، ولا تجوز لهما المساعدة في ذلك بأي شيء ، لأنها أعيا د مخالفة للشرع.
فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بغير ذلك كالأواني وغيرها ، ولأن الله سبحانه يقول : { وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان .
[مجلة البحوث الإسلامية العدد الخامس عشر ، ص 285 . موقع الشيخ عبدالعزيز بن باز]
وقد سئل الشيخ محمد الصالح العثيمين – رحمه الله :
ما حُـكم تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) ؟
وكيف نردّ عليهم إذا هنئونا به ؟
وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يُقيمونها بهذه المناسبة ؟
وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئا مما ذُكِر بغير قصد ؟ وإنما فعله إما مجاملة أو حياءً أو إحراجا أو غير ذلك من الأسباب ؟
وهل يجوز التّشبّه بهم في ذلك ؟
فأجاب – رحمه الله – :
( تهنئة الكفار بعيد ( الكريسميس ) أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق ، كما نقل ذلك ابن القيّم – رحمه الله – في كتابه أحكام أهل الذمة ، حيث قال : وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق ، مثل أن يُهنئهم بأعيادهم وصومهم ، فيقول : عيد مبارك عليك ، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه فهذا إن سلِمَ قائله من الكفر فهو من المحرّمات ، وهو بمنزلة أن تُهنئة بسجوده للصليب بل ذلك أعظم إثماً عند الله ، وأشدّ مَـقتاً من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه . وكثير ممن لا قدر للدِّين عنده يقع في ذلك ، ولا يدري قبح ما فعل ، فمن هنّـأ عبد بمعصية أو بدعة أو كـُـفْرٍ فقد تعرّض لِمقت الله وسخطه . انتهى كلامه – رحمه الله – .
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم لأن فيها إقراراً لما هم عليه من شعائر الكفر ، ورِضىً به لهم ، وإن كان هو لا يرضى بهذا الكفر لنفسه ، لكن يَحرم على المسلم أن يَرضى بشعائر الكفر أو يُهنئ بها غيره ؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك ، كما قال تعالى : ( إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ ) . وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا ) وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا .
وإذا هنئونا بأعيادهم فإننا لا نُجيبهم على ذلك ، لأنها ليست بأعياد لنا ، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى ، لأنها أعياد مبتدعة في دينهم ، وإما مشروعة لكن نُسِخت بدين الإسلام الذي بَعَث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم إلى جميع الخلق ، وقال فيه : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) .
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام ، لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها لما في ذلك من مشاركتهم فيها .
وكذلك يَحرم على المسلمين التّشبّه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة ، أو تبادل الهدايا ، أو توزيع الحلوى ، أو أطباق الطعام ، أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : مَنْ تشبّه بقوم فهو منهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه ” اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم ” : مُشابهتهم في بعض أعيادهم تُوجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل ، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء . انتهى كلامه – رحمه الله – .
ومَنْ فَعَل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فَعَلَه مُجاملة أو تَودّداً أو حياءً أو لغير ذلك من الأسباب ؛ لأنه من المُداهنة في دين الله ، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بِدينهم .
والله المسؤول أن يُعزّ المسلمين بِدِينهم ، ويرزقهم الثبات عليه ، وينصرهم على أعدائهم . إنه قويٌّ عزيز ) ا.هـ
[مجموع فتاوى ورسائل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ( جـ 3 ص 44 – 46 )
وسئل الشيخ الألباني رحمه الله عن طعام الكفار في أعيادهم فقال :
( لا يجوز تأييد الكفار على عاداتهم الدينية، مهما كانت أشكالها و صورها ، طعاماً ، لباساً ، تأييداً ، كل هذا لا ينبغي ولا يجوز.
{ طعام الذين أوتوا الكتاب } يعني الأكل المعتاد ) ا.هـ
المصدر : شريط صوتي للشيخ رحمه الله