عارف النهدي
02-01-2012, 03:06 PM
السلام عليكم
قوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان))
السؤال هنا : ما معنى قوله :"كأنه سلسلة على صفوان" ،
في المسألة أربعة أقوال أذكر القول الذي يترجح لي والموضوع مطروح للنقاش الهادف فأقول وبالله التوفيق:
إن اصح الأقوال وأقربها إلى النص أن نقول : إن الصوت المسموع هو صوت الباري جل وعلا والمراد تشبيه المسموع بالمسموع لا السماع بالسماع كما فهم بعض أهل العلم
وفي الحقيقة أن من نظر إلى هذا القول متجردا عن العوالق الذهنية والصوارف الوراثية وجد أنه موافق لظاهر النص ؛ بل روايات الحديث فيها دلالة صريحة على هذا القول ، ولذا استدل به كثير من أهل العلم على إثبات صفة الكلام . لكن يرد على هذا القول اشكال وهو :
هل يقال إنه يمر كما جاء من غير تعرض للفظة بالتفسير التيبين ، أو نقول بل المراد تشبيه السماع بالسماع لا المسموع بالمسموع أم نقول إن المراد به تشبيه المسموع بالمسموع ؟. فهذه ثلاث احتمالات اعرج عليها سريعاً عله يتضح المراد فأقول وبالله التوفيق :
أما الأول : وهو إمراره كما جاء وتركه على ظاهره ، لأنهم سمعوا الوحي كجر السلسلة على صفوان ، فيكون ذكره تفسيره ، وهذا المذهب لعله أقرب أقوال أهل العلم خصوصاً أنه لم يرد حسب علمي عنهم تفسيره عنهم وإنما يذكرون الحديث ويستدلون به على صفة الكلام وأنه بحرف وصوت.
ويمكن أن يستدل لهذا القول بعدة أمور منها :
1ـ أن هذا القول ظاهر من النص فلا يحتاج إلى تأويل وتأويله هو ذكره لأن تأويله قد يزيده إشكالا.
2ـ أن هذا هو ظاهر منهج السلف خاصة وأن المعنى معلوم فيكون شبيها بقول الإمام مالك رحمه الله " الاستواء معلوم."
3ـ أن لهذا القول نظائر من كلام سيد المرسلين كقوله صلى الله عليه وسلم : " .. من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا منه برئ " [1]
ولأهل العلم في معنى قوله : " فإن محمداً بريء منه" أقوال أصحها : إمرارها كما جاء كما هو قول الإمام أحمد رحمه الله وغيره. [2]
وأما الثاني : وهو أن يقال إن المراد بقوله : " كأنه سلسلة على صفوان " أي أن سماع الملائكة لصوته كسماعهم لصوت جر السلسلة على صفوان فيكون المشبه هنا سماع الملائكة بسماع من يسمع جر سلسلة على صفوان ، ولهذا فإن أصحاب هذا القول يقولون إن المراد تشبيه السماع بالسماع لا المسموع بالمسموع ، ويمكن أن يستدل لهذا المذهب برواية ابن مسعود وفيها : " فيسمع لصوته كأنه "[3] ولم يقل وسمع صوته كأنه فدل على أن المقصود تشبيه سماع الملائكة بسماع من يسمع صوت جر سلسلة على صفوان ؛ لكن يشكل على هذا الروايات العديدة الصريحة في أن صوت الوحي كصوت السلسلة.
ولم أجد أحداً ذكره حسب علمي من المتقدمين، وإنما يذكرون الحديث ويستدلون به على صفة الكلام وأنه سبحانه يتكلم بحرف وصوت ويردون به على من زعم أن كلام الله قديم لا غير .
أما المتأخرون فإنهم يقولون بهذا ، وممن قال بذلك الشيخ الحكمي ـ رحمه الله ـ كما في كتابة معارج القبول، وابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ كما تقدم وتبعهما جمع من أهل العلم وطلابه.
والذي يظهر لي ـ والله تعالى أعلم ـ أن هذا القول فيه نظر لمخالفته ظاهر الحديث ، ولما سيأتي بيانه.
الثالث : أن المراد بقوله : " كأنه سلسلة على صفوان " أي أن الصوت المسموع كصوت جر السلسلة على صفوان ، وهذا ظاهر النصوص والروايات الواردة في الحديث، ولذا فيجب أن يصار إليه ويتوقف عنده .
قال في فتح المجيد : ( قوله : كأنه سلسلة على صفوان أي كأن الصوت المسموع سلسلة على صفوان وهو الحجر الأملس.) [4] وكذا قال ابن سعدي وغيرهما.
وهذا لعله أقرب الأقوال إلى الصواب ، أما أن يقال : إن المراد تشبيه السماع بالسماع والوقع بالوقع لا المسموع بالمسموع قياساً على حديث الرؤية ففيه نظر لأمور منها :
1ـ أن النص ظاهر فيجب الوقوف عند ظاهره كما هي قاعدة أهل السنة في امرار النصوص على ظاهرها وعدم صرفها عن ظاهرها إلا بدليل .
2ـ أن للمخالف أن يقول : إن قولكم هذا تأويل فمن أين جئتم به مع أنه ظاهر النص خلافه كما هو منهجكم .
3ـ أن التشبيه لا يلزم منه المماثلة والمشابهة من كل وجه كما هو متقرر عند أهل اللغة والبيان حتى يقال إنه يلزم منه التشبيه ، وهذا يتبين بالوجه التالي .
4ـ أنه إذا فسر الحديث بأنه تشبيه للصوت بالصوت فليس معنى هذا أنه يشبهه من كل وجه بل لا يدخل في التشبيه المحذور.
[1] ـ رواه ابو داود ( ح36) والنسائي ( ح533) محمد عبد القادر عطا . وصححه الألباني كما في صحيح الجامع " رقم (6409).
[2] ـ انظر فتح المجيد باب " حتى إذا فزع عن قلوبهم"
[3] ـ رواه البخاري في خلق أفعال العباد (ص194)
[4] ـ فتح المجيد ( 1/188).
منقوووووول
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5190 (http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5190)
قوله عليه الصلاة والسلام : (( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان))
السؤال هنا : ما معنى قوله :"كأنه سلسلة على صفوان" ،
في المسألة أربعة أقوال أذكر القول الذي يترجح لي والموضوع مطروح للنقاش الهادف فأقول وبالله التوفيق:
إن اصح الأقوال وأقربها إلى النص أن نقول : إن الصوت المسموع هو صوت الباري جل وعلا والمراد تشبيه المسموع بالمسموع لا السماع بالسماع كما فهم بعض أهل العلم
وفي الحقيقة أن من نظر إلى هذا القول متجردا عن العوالق الذهنية والصوارف الوراثية وجد أنه موافق لظاهر النص ؛ بل روايات الحديث فيها دلالة صريحة على هذا القول ، ولذا استدل به كثير من أهل العلم على إثبات صفة الكلام . لكن يرد على هذا القول اشكال وهو :
هل يقال إنه يمر كما جاء من غير تعرض للفظة بالتفسير التيبين ، أو نقول بل المراد تشبيه السماع بالسماع لا المسموع بالمسموع أم نقول إن المراد به تشبيه المسموع بالمسموع ؟. فهذه ثلاث احتمالات اعرج عليها سريعاً عله يتضح المراد فأقول وبالله التوفيق :
أما الأول : وهو إمراره كما جاء وتركه على ظاهره ، لأنهم سمعوا الوحي كجر السلسلة على صفوان ، فيكون ذكره تفسيره ، وهذا المذهب لعله أقرب أقوال أهل العلم خصوصاً أنه لم يرد حسب علمي عنهم تفسيره عنهم وإنما يذكرون الحديث ويستدلون به على صفة الكلام وأنه بحرف وصوت.
ويمكن أن يستدل لهذا القول بعدة أمور منها :
1ـ أن هذا القول ظاهر من النص فلا يحتاج إلى تأويل وتأويله هو ذكره لأن تأويله قد يزيده إشكالا.
2ـ أن هذا هو ظاهر منهج السلف خاصة وأن المعنى معلوم فيكون شبيها بقول الإمام مالك رحمه الله " الاستواء معلوم."
3ـ أن لهذا القول نظائر من كلام سيد المرسلين كقوله صلى الله عليه وسلم : " .. من عقد لحيته أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمدا منه برئ " [1]
ولأهل العلم في معنى قوله : " فإن محمداً بريء منه" أقوال أصحها : إمرارها كما جاء كما هو قول الإمام أحمد رحمه الله وغيره. [2]
وأما الثاني : وهو أن يقال إن المراد بقوله : " كأنه سلسلة على صفوان " أي أن سماع الملائكة لصوته كسماعهم لصوت جر السلسلة على صفوان فيكون المشبه هنا سماع الملائكة بسماع من يسمع جر سلسلة على صفوان ، ولهذا فإن أصحاب هذا القول يقولون إن المراد تشبيه السماع بالسماع لا المسموع بالمسموع ، ويمكن أن يستدل لهذا المذهب برواية ابن مسعود وفيها : " فيسمع لصوته كأنه "[3] ولم يقل وسمع صوته كأنه فدل على أن المقصود تشبيه سماع الملائكة بسماع من يسمع صوت جر سلسلة على صفوان ؛ لكن يشكل على هذا الروايات العديدة الصريحة في أن صوت الوحي كصوت السلسلة.
ولم أجد أحداً ذكره حسب علمي من المتقدمين، وإنما يذكرون الحديث ويستدلون به على صفة الكلام وأنه سبحانه يتكلم بحرف وصوت ويردون به على من زعم أن كلام الله قديم لا غير .
أما المتأخرون فإنهم يقولون بهذا ، وممن قال بذلك الشيخ الحكمي ـ رحمه الله ـ كما في كتابة معارج القبول، وابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ كما تقدم وتبعهما جمع من أهل العلم وطلابه.
والذي يظهر لي ـ والله تعالى أعلم ـ أن هذا القول فيه نظر لمخالفته ظاهر الحديث ، ولما سيأتي بيانه.
الثالث : أن المراد بقوله : " كأنه سلسلة على صفوان " أي أن الصوت المسموع كصوت جر السلسلة على صفوان ، وهذا ظاهر النصوص والروايات الواردة في الحديث، ولذا فيجب أن يصار إليه ويتوقف عنده .
قال في فتح المجيد : ( قوله : كأنه سلسلة على صفوان أي كأن الصوت المسموع سلسلة على صفوان وهو الحجر الأملس.) [4] وكذا قال ابن سعدي وغيرهما.
وهذا لعله أقرب الأقوال إلى الصواب ، أما أن يقال : إن المراد تشبيه السماع بالسماع والوقع بالوقع لا المسموع بالمسموع قياساً على حديث الرؤية ففيه نظر لأمور منها :
1ـ أن النص ظاهر فيجب الوقوف عند ظاهره كما هي قاعدة أهل السنة في امرار النصوص على ظاهرها وعدم صرفها عن ظاهرها إلا بدليل .
2ـ أن للمخالف أن يقول : إن قولكم هذا تأويل فمن أين جئتم به مع أنه ظاهر النص خلافه كما هو منهجكم .
3ـ أن التشبيه لا يلزم منه المماثلة والمشابهة من كل وجه كما هو متقرر عند أهل اللغة والبيان حتى يقال إنه يلزم منه التشبيه ، وهذا يتبين بالوجه التالي .
4ـ أنه إذا فسر الحديث بأنه تشبيه للصوت بالصوت فليس معنى هذا أنه يشبهه من كل وجه بل لا يدخل في التشبيه المحذور.
[1] ـ رواه ابو داود ( ح36) والنسائي ( ح533) محمد عبد القادر عطا . وصححه الألباني كما في صحيح الجامع " رقم (6409).
[2] ـ انظر فتح المجيد باب " حتى إذا فزع عن قلوبهم"
[3] ـ رواه البخاري في خلق أفعال العباد (ص194)
[4] ـ فتح المجيد ( 1/188).
منقوووووول
http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5190 (http://www.alagidah.com/vb/showthread.php?t=5190)