أ/أحمد
03-13-2012, 05:34 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الإمام اللغوي المفسر خطيب أهل السنة وأديبهم أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري في كتابه أدب الكاتب (الذي يعد احد أركان الأدب الأربعة) :
ولو أن هذا المُعْجَب بنفسه الزارِيَ على الإسلام برأيه نظر من جهة النظر لأحْيَاهُ الله بنُورِ الهدى وثَلَجِ اليقين, ولكنه طال عليه أن ينظر في علم الكتاب وفي أخبار رسول الله وصحابته , وفي علوم العرب ولغاتها وآدابها, فَنَصَب لذلك وعَادَاهُ , وانحرف عنه إلى علم قد سَلَّمه له ولأمثاله المسلمون, وقلَّ فيه المتناظرون, له ترجمةٌ تروق بلا معنى, واسم يهول بلا جسم, فإذا سمع الغُمْرُ والحدَثُ الغِرُّ قولَه :
الكَوْن والفساد ,وسَمع الكيانِ, والأسماءَ المفردةَ والكيفيةَ والزمان والدليلَ والأخبارَ المؤلفة رَاعَهُ ما سمع وظن أنَّ تحت هذه الألقاب كلَّ فائدة وكلَّ لطيفة ,فإذا طالعها لم يَحل منها بطائل, إنما هو الجوهر يقوم بنفسه !والعَرَضُ لا يقوم بنفسه !ورأس الخط النقطة!والنقطة لا تنقسم!والكلام أربعة : أمر وخبر واستخبار ورغبة ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب وهي : الأمر والإستخبار والرغبة وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخبر!!والآنُ حدُّ الزمانَيْنِ !مع هذَيان كثير والخبر ينقسم إلى تسعة آلاف وكذا وكذا مائةً من الوجوه!!!
فإذا أراد المتكلم أن يستعمل بعض تلك الوجوه في كلامه كانت وَبَالا على لفظه وقَيْدًا للسانه وعِيًّا في المحافل وعُقْلَة عند المتناظرين . ولقد بلغني أن قومًا من أصحاب الكلام سألوا محمدَ بنَ الجَهْمْ البرمكيَّ أن يذكر لهم مسألة من حد المنطق حسنة لطيفة فقال لهم : ما معنى قول الحكيم : ( أولُ الفكرة آخرُ العمل وأولُ العمل آخر الفكرة !! ) فسألوه فقال لهم : مثَلُ هذا كمثلِ رجل قال : ( إني صانع لنفسي كِنًّا ) فوقَعَتْ فكرتُه على السقف ،ثم انحدر فعلم أن السقف لا يكون إلا على حائط ،وأن الحائط لا يقوم إلا على أُسّ، وأن الأُسَّ لا يقوم إلا على أصل، ثم ابتدأ في العمل بالأصل ،ثم بالأسِّ، ثم بالحائط، ثم بالسقف، فكان ابتداء تفكره آخرَ عمله، وآخرُ عمله بدءَ فكرته، فأيةُ منفعةٍ في هذه المسألة ؟ وهل يجهل أحد هذا حتى يحتاج إلى إخراجه بهذه الألفاظ الهائلة ؟ وهكذا جميع ما في هذا الكتاب ولو أن مؤلفَ حد المنطق بلغ زماننا هذا حتى يسمع دقائق الكلام في الدين والفقه والفرائض والنحو لعدَّ نفسه من البكْمِ، أو يسمع كلام رسول الله وصحابته لأيقنَ أن للعرب الحكمةَ وفَصْلَ الخطاب
ــــــــ
المرجع: كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري ص 5 .ت محمد محيى الدين عبد الحميد
قال الإمام اللغوي المفسر خطيب أهل السنة وأديبهم أبو محمد عبد الله بن مسلم ابن قتيبة الدينوري في كتابه أدب الكاتب (الذي يعد احد أركان الأدب الأربعة) :
ولو أن هذا المُعْجَب بنفسه الزارِيَ على الإسلام برأيه نظر من جهة النظر لأحْيَاهُ الله بنُورِ الهدى وثَلَجِ اليقين, ولكنه طال عليه أن ينظر في علم الكتاب وفي أخبار رسول الله وصحابته , وفي علوم العرب ولغاتها وآدابها, فَنَصَب لذلك وعَادَاهُ , وانحرف عنه إلى علم قد سَلَّمه له ولأمثاله المسلمون, وقلَّ فيه المتناظرون, له ترجمةٌ تروق بلا معنى, واسم يهول بلا جسم, فإذا سمع الغُمْرُ والحدَثُ الغِرُّ قولَه :
الكَوْن والفساد ,وسَمع الكيانِ, والأسماءَ المفردةَ والكيفيةَ والزمان والدليلَ والأخبارَ المؤلفة رَاعَهُ ما سمع وظن أنَّ تحت هذه الألقاب كلَّ فائدة وكلَّ لطيفة ,فإذا طالعها لم يَحل منها بطائل, إنما هو الجوهر يقوم بنفسه !والعَرَضُ لا يقوم بنفسه !ورأس الخط النقطة!والنقطة لا تنقسم!والكلام أربعة : أمر وخبر واستخبار ورغبة ثلاثة لا يدخلها الصدق والكذب وهي : الأمر والإستخبار والرغبة وواحد يدخله الصدق والكذب وهو الخبر!!والآنُ حدُّ الزمانَيْنِ !مع هذَيان كثير والخبر ينقسم إلى تسعة آلاف وكذا وكذا مائةً من الوجوه!!!
فإذا أراد المتكلم أن يستعمل بعض تلك الوجوه في كلامه كانت وَبَالا على لفظه وقَيْدًا للسانه وعِيًّا في المحافل وعُقْلَة عند المتناظرين . ولقد بلغني أن قومًا من أصحاب الكلام سألوا محمدَ بنَ الجَهْمْ البرمكيَّ أن يذكر لهم مسألة من حد المنطق حسنة لطيفة فقال لهم : ما معنى قول الحكيم : ( أولُ الفكرة آخرُ العمل وأولُ العمل آخر الفكرة !! ) فسألوه فقال لهم : مثَلُ هذا كمثلِ رجل قال : ( إني صانع لنفسي كِنًّا ) فوقَعَتْ فكرتُه على السقف ،ثم انحدر فعلم أن السقف لا يكون إلا على حائط ،وأن الحائط لا يقوم إلا على أُسّ، وأن الأُسَّ لا يقوم إلا على أصل، ثم ابتدأ في العمل بالأصل ،ثم بالأسِّ، ثم بالحائط، ثم بالسقف، فكان ابتداء تفكره آخرَ عمله، وآخرُ عمله بدءَ فكرته، فأيةُ منفعةٍ في هذه المسألة ؟ وهل يجهل أحد هذا حتى يحتاج إلى إخراجه بهذه الألفاظ الهائلة ؟ وهكذا جميع ما في هذا الكتاب ولو أن مؤلفَ حد المنطق بلغ زماننا هذا حتى يسمع دقائق الكلام في الدين والفقه والفرائض والنحو لعدَّ نفسه من البكْمِ، أو يسمع كلام رسول الله وصحابته لأيقنَ أن للعرب الحكمةَ وفَصْلَ الخطاب
ــــــــ
المرجع: كتاب أدب الكاتب لابن قتيبة الدينوري ص 5 .ت محمد محيى الدين عبد الحميد