المتوكل بالله
08-26-2010, 08:22 PM
فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان : الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليُظْهِرَه على الدين كله وكفى بالله شهيدًا ، وأمر بطاعته والاقتداء به ، فقال : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ . [ سورة الأحزاب : 21 ] ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا إله معه ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وكل من أطاعه وأتبعه ، وسلم تسليمًا كثيرًا ، أما بعد :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى واقتدوا برسوله في جميع عباداتكم وطاعاتكم حتى تكون صحيحة مقبولة عند الله ، قال الله تعالى :
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ﴾ . [ النساء : 80 ] . وقال تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ . [ آل عمران : 31 ] .
ومن ذلك الاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في أداء مناسك الحج ، فقد حج - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس أن يقتدوا به ويفعلوا مثل ما يفعل ، فقال :
( خذوا عني مناسككم ) ، أي : تعلموا مني كيف تحجون وتؤدون المناسك ، وذلك بأن تفعلوا مثل ما أفعل ، وهذا كلام جامع استدل به أهل العلم على مشروعية
جميع ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وما قاله في حجه ، وجوبًا في الواجبات ومستحبًا في المستحبات ، وقد لخص شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
صفة حجة النبي - صلى لله عليه وسلم - ، فقال : [ وقد ثبت بالنقل المتواتر عند الخاصة من علماء الحديث من وجوه كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما أنه -
صلى الله عليه وسلم - لما حج حجة الوداع أحرم هو والمسلمون من ذي الحليفة ، فقال : ( من شاء أن يهل بعمرة فليفعل ، ومن شاء أن يهل بحجة فليفعل ،
ومن شاء أن يهل بعمرة وحجة فليفعل ) ، فلما قدموا وطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أمر جميع المسلمين الذين حجوا معه أن يحلوا من إحرامهم .
ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله ، فراجعه بعضهم في ذلك ، فغضب ،
وقال : ( انظروا ما أمرتكم به فافعلوه ) . وكان - صلى الله عليه وسلم - قد ساق الهدي ، فلم يحل من إحرامه .
ولما رأى كراهة بعضهم للإحلال : قال : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ، ولولا أن معي الهدي لأحللت ) ، وقال أيضًا : ( إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر ) .
فحل المسلمون جميعهم إلا النفر الذين ساقوا الهدي ، منهم : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعلي بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، فلما كان يوم التروية أحرم المحلون بالحج وهم ذاهبون إلى منى ، فبات بهم تلك الليلة بمنى ، وصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم سار بهم إلى نمرة على طريق ضب .
ونمرة خارجة عن عرفة من يمانيها وغربيها ، ليست من الحرم ولا من عرفة ، فنصبت له القبة بنمرة ، وهناك كان ينزل خلفاؤه الراشدون بعده . وبها الأسواق وقضاء الحاجة والأكل ونحو ذلك ، فلما زالت الشمس ركب هو ومن ركب معه وسار المسلمون إلى المصلى ببطن عرنة حيث قد بني المسجد ، وليس هو من الحرم ولا من عرفة ، وإنما هو برزخ بين المشعرين الحلال والحرام هناك ، بينه وبين الموقف نحو ميل .
فخطب بهم خطبة الحج على راحلته وكان يوم الجمعة ، ثم نزل فصلى بهم الظهر والعصر مقصورتين مجموعتين ، ثم سار والمسلمون معه إلى الموقف عند الجبل المعروف بجبل الرحمة ، واسمه :
إلال على وزن هلال ، وهو الذي تسميه العامة عرفة ، فلم يزل هو والمسلمون في الذكر والدعاء إلى أن غربت الشمس ، فدفع بهم إلى مزدلفة ،
فصلى المغرب والعشاء بعد مغيب الشفق قبل حط الرحال حيث نزلوا بمزدلفة ، وبات بها حتى طلع الفجر ، فصلى بالمسلمين الفجر في أول وقتها مغلسا بها زيادة على كل يوم ، ثم وقف عند قزح ،
وهو جبل مزدلفة التي يسمى المشعر الحرام ، وإن كانت مزدلفة كلها هي المشعر الحرام المذكور في القرآن . فلم يزل واقفًا بالمسلمين إلى أن أسفر جدا .
ثم دفع بهم حتى قدم منى ، فاستفتحها برمي جمرة العقبة ، ثم رجع إلى منزله بمنى ، فحلق رأسه ، ثم نحر ثلاثًا وستين بدنة من الذي ساقه وأمر عليا بنحر الباقي ، وكان مئة بدنة ، ثم أفاض إلى مكة فطاف طواف الإفاضة .
وكان قد عجل ضعفة أهل بيته من مزدلفة قبل طلوع الفجر ، فرموا الجمرة بليل ، ثم أقام المسلمون أيام منى الثلاث ، يصلي بهم الصلوات الخمس مقصورة غير مجموعة يرمي كل يوم الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس يفتتح بالجمرة الأولى ، وهي الصغرى ،
وهي الدنيا إلى منى ، والقصوى من مكة ، ويختتم بجمرة العقبة ، ويقف بين الجمرتين الأول والثانية وبين الثانية والثالثة وقوفًا طويلاً بقدر سورة البقرة يذكر الله ويدعو ، فإن المواقف ثلاث : عرفة ، ومزدلفة ، ومنى .
ثم أفاض آخر أيام التشريق بعد رمي الجمرات هو والمسلمون ، فنزل بالمحصب عند خيف بني كنانة ، فبات هو والمسلمون في ليلة الأربعاء . وبعث تلك الليلة عائشة مع أخيها عبد الرحمن تعتمر من التنعيم ، وهو أقرب أطراف الحرم إلى مكة من طريق أهل المدينة ، وقد بني بعده هناك مسجد سماه : مسجد عائشة ،
لأنه لم يعتمر بعد الحج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه أحد قط إلا عائشة ، لأجل أنها كانت قد حاضت لما قدمت ، وكانت معتمرة ، فلم تطف قبل الوقوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ،
وقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة ) . ثم ودع البيت هو والمسلمون ورجع إلى المدينة ، ولم يقم بعد أيام التشريق ولا اعتمر أحد قط على عهده عمرة يخرج فيها من الحرم إلى الحل إلا عائشة وحدها ، فأخذ فقهاء الحديث كأحمد وغيره بسنته في ذلك كله ، وإن كان منهم ومن غيرهم من قد يخالف بعض ذلك بتأويل تخفى عليه فيه السنة ] . انتهى كلامه - رحمه الله - .
وهو خلاصة جيدة لصفة حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وقد أمرنا بالإقتداء به في هذا وغيره ، فلنفعل مثل ما فعل حتى تكون أعمالنا في حجنا وعمرتنا وجميع أمور ديننا صحيحة مقبولة عند الله تعالى .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ . [ الأحزاب : 21 ] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
من الخطبة الثانية في صفة الحج :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، واشكروه حيث بين لكم دينكم وأتم عليكم نعمته فتمسكوا به ، واسألوا الله الثبات عليه .
عباد الله : اعلموا أن أعمال الحج تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
• القسم الأول : أركان لا يصح الحج ، أو لا يتم إلا بها ، وهي : الإحرام ، والوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة ، والسعي بين الصفا والمروة .
• القسم الثاني : واجبات ، وهي : الإحرام من الميقات المعتبر له ، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهارًا ، والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل لمن وافاها قبل منتصف الليل ، ورمي الجمار ، والحلق ، أو التقصير ، والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق ، وطواف الوداع على غير الحائض والنفساء .
• القسم الثالث : مستحبات ، وهي : ما عدا هذه الأركان والواجبات من أعمال الحج كالإحرام بالحج في اليوم الثامن ، والخروج إلى منى في هذا اليوم ، والمبيت بها ليلة التاسع وأداء الصلوات الخمس فيها كل صلاة في وقتها مع قصر الصلاة الرباعية ، والنزول بنمرة قبل الوقوف ، والدعاء في عرفة وقت الوقوف ، وفي مزدلفة بعد صلاة الفجر والبقاء في منى في النهار أيام التشريق ، وطواف القدوم في حق القارن والمفرد .
ومن ترك ركنًا من أركان الحج فإن كان الإحرام أو الوقوف بعرفة لم يصح حجه ، وإن كان غيرهما لم يتم الحج إلا به . ومن ترك واجبًا فعليه دم ، ومن ترك سنة فلا شيء عليه .
فاحرصوا أيها المسلمون على إتمام حجكم على وفق ما شرعه الله وبينه رسول الله ، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله .
أيها الناس : اتقوا الله تعالى واقتدوا برسوله في جميع عباداتكم وطاعاتكم حتى تكون صحيحة مقبولة عند الله ، قال الله تعالى :
﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ ﴾ . [ النساء : 80 ] . وقال تعالى : ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ . [ آل عمران : 31 ] .
ومن ذلك الاقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - في أداء مناسك الحج ، فقد حج - صلى الله عليه وسلم - وأمر الناس أن يقتدوا به ويفعلوا مثل ما يفعل ، فقال :
( خذوا عني مناسككم ) ، أي : تعلموا مني كيف تحجون وتؤدون المناسك ، وذلك بأن تفعلوا مثل ما أفعل ، وهذا كلام جامع استدل به أهل العلم على مشروعية
جميع ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وما قاله في حجه ، وجوبًا في الواجبات ومستحبًا في المستحبات ، وقد لخص شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -
صفة حجة النبي - صلى لله عليه وسلم - ، فقال : [ وقد ثبت بالنقل المتواتر عند الخاصة من علماء الحديث من وجوه كثيرة في " الصحيحين " وغيرهما أنه -
صلى الله عليه وسلم - لما حج حجة الوداع أحرم هو والمسلمون من ذي الحليفة ، فقال : ( من شاء أن يهل بعمرة فليفعل ، ومن شاء أن يهل بحجة فليفعل ،
ومن شاء أن يهل بعمرة وحجة فليفعل ) ، فلما قدموا وطافوا بالبيت وبين الصفا والمروة أمر جميع المسلمين الذين حجوا معه أن يحلوا من إحرامهم .
ويجعلوها عمرة إلا من ساق الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله ، فراجعه بعضهم في ذلك ، فغضب ،
وقال : ( انظروا ما أمرتكم به فافعلوه ) . وكان - صلى الله عليه وسلم - قد ساق الهدي ، فلم يحل من إحرامه .
ولما رأى كراهة بعضهم للإحلال : قال : ( لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة ، ولولا أن معي الهدي لأحللت ) ، وقال أيضًا : ( إني لبدت رأسي ، وقلدت هديي ، فلا أحل حتى أنحر ) .
فحل المسلمون جميعهم إلا النفر الذين ساقوا الهدي ، منهم : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعلي بن أبي طالب ، وطلحة بن عبيد الله ، فلما كان يوم التروية أحرم المحلون بالحج وهم ذاهبون إلى منى ، فبات بهم تلك الليلة بمنى ، وصلى بهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم سار بهم إلى نمرة على طريق ضب .
ونمرة خارجة عن عرفة من يمانيها وغربيها ، ليست من الحرم ولا من عرفة ، فنصبت له القبة بنمرة ، وهناك كان ينزل خلفاؤه الراشدون بعده . وبها الأسواق وقضاء الحاجة والأكل ونحو ذلك ، فلما زالت الشمس ركب هو ومن ركب معه وسار المسلمون إلى المصلى ببطن عرنة حيث قد بني المسجد ، وليس هو من الحرم ولا من عرفة ، وإنما هو برزخ بين المشعرين الحلال والحرام هناك ، بينه وبين الموقف نحو ميل .
فخطب بهم خطبة الحج على راحلته وكان يوم الجمعة ، ثم نزل فصلى بهم الظهر والعصر مقصورتين مجموعتين ، ثم سار والمسلمون معه إلى الموقف عند الجبل المعروف بجبل الرحمة ، واسمه :
إلال على وزن هلال ، وهو الذي تسميه العامة عرفة ، فلم يزل هو والمسلمون في الذكر والدعاء إلى أن غربت الشمس ، فدفع بهم إلى مزدلفة ،
فصلى المغرب والعشاء بعد مغيب الشفق قبل حط الرحال حيث نزلوا بمزدلفة ، وبات بها حتى طلع الفجر ، فصلى بالمسلمين الفجر في أول وقتها مغلسا بها زيادة على كل يوم ، ثم وقف عند قزح ،
وهو جبل مزدلفة التي يسمى المشعر الحرام ، وإن كانت مزدلفة كلها هي المشعر الحرام المذكور في القرآن . فلم يزل واقفًا بالمسلمين إلى أن أسفر جدا .
ثم دفع بهم حتى قدم منى ، فاستفتحها برمي جمرة العقبة ، ثم رجع إلى منزله بمنى ، فحلق رأسه ، ثم نحر ثلاثًا وستين بدنة من الذي ساقه وأمر عليا بنحر الباقي ، وكان مئة بدنة ، ثم أفاض إلى مكة فطاف طواف الإفاضة .
وكان قد عجل ضعفة أهل بيته من مزدلفة قبل طلوع الفجر ، فرموا الجمرة بليل ، ثم أقام المسلمون أيام منى الثلاث ، يصلي بهم الصلوات الخمس مقصورة غير مجموعة يرمي كل يوم الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس يفتتح بالجمرة الأولى ، وهي الصغرى ،
وهي الدنيا إلى منى ، والقصوى من مكة ، ويختتم بجمرة العقبة ، ويقف بين الجمرتين الأول والثانية وبين الثانية والثالثة وقوفًا طويلاً بقدر سورة البقرة يذكر الله ويدعو ، فإن المواقف ثلاث : عرفة ، ومزدلفة ، ومنى .
ثم أفاض آخر أيام التشريق بعد رمي الجمرات هو والمسلمون ، فنزل بالمحصب عند خيف بني كنانة ، فبات هو والمسلمون في ليلة الأربعاء . وبعث تلك الليلة عائشة مع أخيها عبد الرحمن تعتمر من التنعيم ، وهو أقرب أطراف الحرم إلى مكة من طريق أهل المدينة ، وقد بني بعده هناك مسجد سماه : مسجد عائشة ،
لأنه لم يعتمر بعد الحج مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أصحابه أحد قط إلا عائشة ، لأجل أنها كانت قد حاضت لما قدمت ، وكانت معتمرة ، فلم تطف قبل الوقوف بالبيت ولا بين الصفا والمروة ،
وقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت ولا بين الصفا والمروة ) . ثم ودع البيت هو والمسلمون ورجع إلى المدينة ، ولم يقم بعد أيام التشريق ولا اعتمر أحد قط على عهده عمرة يخرج فيها من الحرم إلى الحل إلا عائشة وحدها ، فأخذ فقهاء الحديث كأحمد وغيره بسنته في ذلك كله ، وإن كان منهم ومن غيرهم من قد يخالف بعض ذلك بتأويل تخفى عليه فيه السنة ] . انتهى كلامه - رحمه الله - .
وهو خلاصة جيدة لصفة حج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، وقد أمرنا بالإقتداء به في هذا وغيره ، فلنفعل مثل ما فعل حتى تكون أعمالنا في حجنا وعمرتنا وجميع أمور ديننا صحيحة مقبولة عند الله تعالى .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ . [ الأحزاب : 21 ] .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم .
من الخطبة الثانية في صفة الحج :
أيها الناس : اتقوا الله تعالى ، واشكروه حيث بين لكم دينكم وأتم عليكم نعمته فتمسكوا به ، واسألوا الله الثبات عليه .
عباد الله : اعلموا أن أعمال الحج تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
• القسم الأول : أركان لا يصح الحج ، أو لا يتم إلا بها ، وهي : الإحرام ، والوقوف بعرفة ، وطواف الإفاضة ، والسعي بين الصفا والمروة .
• القسم الثاني : واجبات ، وهي : الإحرام من الميقات المعتبر له ، والوقوف بعرفة إلى غروب الشمس لمن وقف نهارًا ، والمبيت بمزدلفة إلى نصف الليل لمن وافاها قبل منتصف الليل ، ورمي الجمار ، والحلق ، أو التقصير ، والمبيت بمنى ليالي أيام التشريق ، وطواف الوداع على غير الحائض والنفساء .
• القسم الثالث : مستحبات ، وهي : ما عدا هذه الأركان والواجبات من أعمال الحج كالإحرام بالحج في اليوم الثامن ، والخروج إلى منى في هذا اليوم ، والمبيت بها ليلة التاسع وأداء الصلوات الخمس فيها كل صلاة في وقتها مع قصر الصلاة الرباعية ، والنزول بنمرة قبل الوقوف ، والدعاء في عرفة وقت الوقوف ، وفي مزدلفة بعد صلاة الفجر والبقاء في منى في النهار أيام التشريق ، وطواف القدوم في حق القارن والمفرد .
ومن ترك ركنًا من أركان الحج فإن كان الإحرام أو الوقوف بعرفة لم يصح حجه ، وإن كان غيرهما لم يتم الحج إلا به . ومن ترك واجبًا فعليه دم ، ومن ترك سنة فلا شيء عليه .
فاحرصوا أيها المسلمون على إتمام حجكم على وفق ما شرعه الله وبينه رسول الله ، واعلموا أن خير الحديث كتاب الله .