ناصر
12-15-2010, 05:24 AM
شرح ألفية ابن مالك [12]
من المعارف أسماء الإشارة، وهي مبنية غير معربة، وتختلف دلالتها تذكيراً وتأنيثاً وإفراداً وتثنيةً وجمعاً، وقرباً وبعداً، ويشار إلى المكان بهنا ونحوها.
اسم الإشارة
......
ما تدل عليه أسماء الإشارة من تذكير وإفراد ونحوهما
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ اسم الإشارة بذا المفرد مذكر أشر بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر وذان تان للمثنى المرتفع وفي سواه ذين تين اذكر تطع وبأولى أشر لجمع مطلقاً والمد أولى ولدى البعد انطقا بالكاف حرفاً دون لام أو معه واللام إن قدمت ها ممتنعة وبهنا أو هاهنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هنا أو بهنالك انطقن أو هنا ] اسم الإشارة هو أحد أنواع المعارف؛ لأن المعارف خمس: الضمير والعلم والإشارة واسم الموصول والمحلى بأل، والسادس هو ما أضيف إلى واحد من هذه الأنواع الخمسة. واسم الإشارة يكون في المرتبة الثالثة في التعريف؛ لأن أعرف المعارف هو الضمير بعد اسم الله ويليه العلم، ويليه اسم الإشارة. اسم الإشارة: هو ما دل على مشار إليه، والمشار إليه: هو المعين عن طريق الإشارة، فالعلم يعين المسمى عن طريق التسمية، وهذا عن طريق الإشارة، أقول لك: هذه النجفة مثلاً، فعينتها بالإشارة، فصارت النجفة التي فوق رأسي معرفة؛ لأنني عينتها بالإشارة. ثم إن اسم الإشارة يختلف باختلاف المشار إليه، فقد يكون المشار إليه مفرداً مؤنثاً أو مذكراً، وقد يكون مثنى مؤنثاً أو مذكراً، وقد يكون جمعاً مؤنثاً أو مذكراً، فالأقسام ستة، وكل هذه الأقسام بينها المؤلف رحمه الله فقال: ( بذا لمفرد مذكر أشر ). بذا: متعلق بأشر، يعني: أشر بذا، أي: باللفظ (ذا) لمفرد مذكر، فيقال: هذا رجل، هذا قلم، هذا مسجد، هذا علم، هذا خير، وكل مفرد مذكر سواء من الأعيان والأوصاف، جماداً أو حيواناً أو غير ذلك فإنه يشار إليه بذا. وتأتي هاء التنبيه مع ذا فيقال: هذا. لكن ما هو اسم الإشارة إذا قلنا: هذا خير؟ الجواب: هو (ذا) فقط. قال: (بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر) لا أدري لماذا كثروا اسم الإشارة للأنثى؛ لكن اسم الإشارة للمؤنث أربع كلمات: بذي؛ تقول: هذي هند. وذه؛ تقول: هذه هند، هذه عائشة، وذه يقال فيها: ذه وذهِ وذهي، فتكون ساكنة، ومكسورة، وبإشباع. وتي: اسم إشارة للمؤنث أيضاً، تقول: تلك المرأة ذات دين، فتشير إليها بتي. أو تقول: تي امرأة دينة. تا -بالألف بدلاً عن الياء- تقول: تا هند، يعني: هذه هند. ( على الأنثى اقتصر ) يعني: ولا تشر لمذكر بهذه الألفاظ الأربعة. أما المثنى المذكر والمؤنث فقال: (وذان تان للمثنى المرتفع) ذان للمذكر، وتان للمؤنث. المثنى المذكر يشار إليه في حال الرفع بذان. (وفي سواه ذين) أي: في سوى المرتفع، وهو المنصوب والمجرور، يقال فيه: ذين وتين. مثاله: تقول: هذانِ رجلان. وتقول: إن هذينِ الرجلين. وتقول: مررت بهذين الرجلين. لكن مع ذلك لا تقل: مرفوعة ومنصوبة ومجرورة، قل: مبنية في محل رفع، مبينة في محل نصب، مبنية في محل جر، قالوا: وهي تبنى على الألف في حال الرفع، وتبنى على الياء في حال النصب والجر، فتقول في إعراب هذان قائمان. الهاء: للتنبيه. وذان: مبتدأ مبني على الألف في محل رفع، والنون تشبه النون الواقعة عوضاً عن التنوين في الاسم المفرد. ولا تقل هنا: إنها عوض عن التنوين في الاسم المفرد؛ لأن الاسم المفرد من اسم إشارة لا ينون. وتقول في ذين: اسم إشارة مبني على الياء في محل نصب إن كان منصوباً، أو في محل جر إن كان مجروراً. أما الأنثى فيقول: تان، تقول: هاتان امرأتان، وتقول: إن هاتين المرأتين، وتقول: مررت بهاتين المرأتين، مبنية على الياء في محل جر. قال: ( وبأولى أشر لجمع مطلقاً ). أولى أشر بها للجمع مطلقاً، ومعنى الإطلاق هنا أنها تشمل المذكر والمؤنث. قال: ( والمد أولى ) أي المد أولى من القصر، وأفادنا أن (أولى) فيها لغتان: أولاءِ وأولى. وأن (أولاءِ) أولى من (أولى)، فتقول مثلاً: هؤلاء قومٌ صالحون، وتقول: هؤلاءِ قومٌ مسلمون. والمقصورة مبنية على السكون، والممدودة مبنية على الكسر، قال الله تبارك وتعالى: وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ [المطففين:32] ولم تأت في القرآن إلا ممدودة؛ لأن القرآن أتى باللغة الفصحى. وبهذا نعرف أن أسماء الإشارة تكون للمفرد المذكر، وللمفرد المؤنث، وللمثنى المذكر، وللمثنى المؤنث، وللجمع، وأن الجمع ليس له إلا لفظة واحدة، وفيها لغتان: القصر والمد، والمد أولى.
أعلى الصفحة
مراتب البعد في أسماء الإشارة
قال: ( ولدى البعد انطقا بالكاف ). يعني: عند بُعد المشار إليه، سواء كان بُعْدُه حسياً أو معنوياً فإنه يؤتى بالكاف، فتقول: ذلك الكتاب، ذلك الرجل. وقوله: ( حرفاً ) يبين أن الكاف هنا ليست ضميراً، ولكنها حرف، فإذا قلت: ذاك الرجل بعيد، تقول: ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع، والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب، ولا تقل: ذا: مضاف والكاف مضاف إليه. قوله: ( دون لام ) يعني: يؤتى بالكاف بدون لام، ( أو معه ) أي: مع اللام. فتقول: ذاك رجل، بدون لام. وتقول: ذلك رجل، باللام. يقول: (واللام إن قدمت ها ممتنعة) تمتنع اللام إذا قدمت ها التي تفيد التنبيه. والهاء تأتي قبل اسم الإشارة، فإذا قدمت ها امتنعت اللام، فلا تقل: هاذلك الرجل قائم، بل تقول: ذلك الرجل قائم، أو تقول: هذاك الرجل قائم. فالصور الثلاث: صورتان جائزتان، وصورة ممتنعة: هاذاك الرجل قائم، جائزة. ذلك الرجل، جائزة. هاذلك الرجل، لا تجوز؛ لأنك إذا أتيت باللام مع ها التنبيه فقد يلتبس علينا أن يكون ما بعد اللام خبراً. قال بعض العلماء: المشار إليه إما أن يكون قريباً أو متوسطاً أو بعيداً: فإن كان قريباً لم تأت باللام ولا الكاف، فتقول: هذا رجل أو ذا رجل. وإن كان بعيداً أتيت باللام والكاف، تقول: ذلك رجل. وإن كان متوسطاً أتيت بالكاف فقط، فتقول: ذاك رجل. ولكن ظاهر كلام ابن مالك رحمه الله: أن البعد مرتبة واحدة فقط، وأنه يؤتى فيه بالكاف وحدها، أو بالكاف واللام ما لم تسبق ها، فإن سبقت ها فإنه لا يجوز أن يؤتى باللام.
أعلى الصفحة
الكلام على كاف الخطاب اللاحقة لاسم الإشارة
بقي علينا أن نتكلم على الكاف، فهي للخطاب، ولكن هل يراعى فيها المخاطب أو تكون على صورة واحدة؟ فيها ثلاث لغات: اللغة الأولى وهي الأفصح والأكثر؛ أن يراعى فيها المخاطب، فإذا كنت تخاطب رجلاً فقل: ذلكَ، وإن كنت تخاطب أنثى فقل: ذلكِ، وإن كنت تخاطب مثنى فقل: ذلكما، وإن كنت تخاطب جماعة ذكور فقل: ذلكم، وإن كنت تخاطب جماعة نساء فقل: ذلكن. وهذا هو الذي جاء في القرآن، قال الله تبارك وتعالى في خطاب المفرد المذكر -وهو كثير في القرآن-: ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ [الإسراء:39] يخاطب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وفي قصة امرأة إبراهيم : قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ [الذاريات:30] . وفي قصة مريم : قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ [مريم:21] . وفي المثنى: ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي [يوسف:37] . وفي جمع المذكر: فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ [يونس:32] . وفي جمع المؤنث: فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ [يوسف:32] . اللغة الثانية: أن تكون مفردة مفتوحة في خطاب المذكر، سواء كان واحداً أو اثنين أو جماعة، فتقول: ذلك الرجل، تخاطب واحداً، وتقول: ذلك الرجل، تخاطب جماعة، وتقول: ذلك الرجل، تخاطب اثنين. وفي المؤنث بالكسر دائماً، سواء كانت المخاطبة واحدة أو اثنتين أو أكثر. واللغة الثالثة: أنها بالإفراد والفتح دائماً.
أعلى الصفحة
أسماء الإشارة للمكان
قال: [ وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هَنَّا أو بهنالك انطقن أو هنا ]. يعني: أن هنا أو هاهنا يشار بها إلى المكان القريب، فتقول: اجلس هنا، أو: اجلس هاهنا لمكان قريب، فللمكان القريب إشارتان: إحداهما: هنا، والثانية: هاهنا. والبعيد؛ قال: (وبه الكاف صلا في البعد) إذا كان بعيداً وصل به الكاف، فتقول: اجلس هناك، يعني: بعيداً، اجلس هاهناك؛ يعني: بعيداً. ثم إن البعد قد يكون بعداً حسياً، وقد يكون بعداً معنوياً حسب السياق، قال الله تعالى: هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا [الأحزاب:11] هذا للبعيد؛ ولهذا قال: وبه الكاف صلا في البعد. (أو بثم فه) فه يعني: انطق بثم للبعيد، ويقال: (اجلس ثم)، أي: في مكان بعيد، قال الله تبارك وتعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا [الإنسان:20] ومن الخطأ الشائع بين الناس أن يضموا الثاء من ثم، فيقولون: (ومن ثمُ حصل كذا وكذا)، وهذا خطأ واضح، لأنها تصبح حرف عطف، وظرف المكان أن يقال: ثم. (أو بثم فه) فه فعل أمر، مضارعه: يفوه، ماضيه: فاه، أي: تكلم. (أو هنّا) يعني: أو قل في مكان يشار للبعيد: هنّا. والفرق بين هنا وهنّا أن هنّا أكثر حروفاً من هنا، فإنها تزيد حرفاً واحداً وهو التضعيف في النون. قال العلماء: وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وهذا في الغالب، ومن غير الغالب: شجرة وشجر، فالأكثر مبنى: (شجرة)، والأكثر معنى: (شجر). قال: (أو بهنالك انطقن أو هِنا) هنالك: بدل (هنا)، وهذه فيها اللام والكاف. (أو هِنا) بكسر الهاء، فصارت (هنا) فيها لغتان: الفتح والكسر، وكلاهما للإشارة إلى المكان البعيد. ومما سبق يتضح أن اسم الإشارة مبني، وسبق ذكره في كلام ابن مالك . فقال: (والمعنوي في متى وفي هنا)، فهنا اسم إشارة. ويبنى على الحركة المسموعة عند العرب، وإن كان آخره ياءً أو ألف فعلى السكون، فإذا قلت: هاذي هند، فهذي مبني على السكون، وإذا قلت: هذه هند، فعلى الكسر. وإذا قلت: ذان قائمان، فعلى الألف. وإذا قلت: مررت بذين، فعلى الياء. وهؤلاء: مبني على الكسر. وهنا: مبني على السكون. ثم: مبني على الفتح. إذاً: اسم الإشارة مبني على ما سمع عن العرب، وذلك لأن المبني لا يتغير باختلاف العوامل، وإنما يتغير باختلاف اللغات. إذاً: (ذان وتان) مبنيان على الألف، والنون حرف جيء به لتزيين اللفظ، ولا يقال: إنه عوض عن التنوين في الاسم المفرد؛ لأن هذا الاسم غير معرب.......
من المعارف أسماء الإشارة، وهي مبنية غير معربة، وتختلف دلالتها تذكيراً وتأنيثاً وإفراداً وتثنيةً وجمعاً، وقرباً وبعداً، ويشار إلى المكان بهنا ونحوها.
اسم الإشارة
......
ما تدل عليه أسماء الإشارة من تذكير وإفراد ونحوهما
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ اسم الإشارة بذا المفرد مذكر أشر بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر وذان تان للمثنى المرتفع وفي سواه ذين تين اذكر تطع وبأولى أشر لجمع مطلقاً والمد أولى ولدى البعد انطقا بالكاف حرفاً دون لام أو معه واللام إن قدمت ها ممتنعة وبهنا أو هاهنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هنا أو بهنالك انطقن أو هنا ] اسم الإشارة هو أحد أنواع المعارف؛ لأن المعارف خمس: الضمير والعلم والإشارة واسم الموصول والمحلى بأل، والسادس هو ما أضيف إلى واحد من هذه الأنواع الخمسة. واسم الإشارة يكون في المرتبة الثالثة في التعريف؛ لأن أعرف المعارف هو الضمير بعد اسم الله ويليه العلم، ويليه اسم الإشارة. اسم الإشارة: هو ما دل على مشار إليه، والمشار إليه: هو المعين عن طريق الإشارة، فالعلم يعين المسمى عن طريق التسمية، وهذا عن طريق الإشارة، أقول لك: هذه النجفة مثلاً، فعينتها بالإشارة، فصارت النجفة التي فوق رأسي معرفة؛ لأنني عينتها بالإشارة. ثم إن اسم الإشارة يختلف باختلاف المشار إليه، فقد يكون المشار إليه مفرداً مؤنثاً أو مذكراً، وقد يكون مثنى مؤنثاً أو مذكراً، وقد يكون جمعاً مؤنثاً أو مذكراً، فالأقسام ستة، وكل هذه الأقسام بينها المؤلف رحمه الله فقال: ( بذا لمفرد مذكر أشر ). بذا: متعلق بأشر، يعني: أشر بذا، أي: باللفظ (ذا) لمفرد مذكر، فيقال: هذا رجل، هذا قلم، هذا مسجد، هذا علم، هذا خير، وكل مفرد مذكر سواء من الأعيان والأوصاف، جماداً أو حيواناً أو غير ذلك فإنه يشار إليه بذا. وتأتي هاء التنبيه مع ذا فيقال: هذا. لكن ما هو اسم الإشارة إذا قلنا: هذا خير؟ الجواب: هو (ذا) فقط. قال: (بذي وذه تي تا على الأنثى اقتصر) لا أدري لماذا كثروا اسم الإشارة للأنثى؛ لكن اسم الإشارة للمؤنث أربع كلمات: بذي؛ تقول: هذي هند. وذه؛ تقول: هذه هند، هذه عائشة، وذه يقال فيها: ذه وذهِ وذهي، فتكون ساكنة، ومكسورة، وبإشباع. وتي: اسم إشارة للمؤنث أيضاً، تقول: تلك المرأة ذات دين، فتشير إليها بتي. أو تقول: تي امرأة دينة. تا -بالألف بدلاً عن الياء- تقول: تا هند، يعني: هذه هند. ( على الأنثى اقتصر ) يعني: ولا تشر لمذكر بهذه الألفاظ الأربعة. أما المثنى المذكر والمؤنث فقال: (وذان تان للمثنى المرتفع) ذان للمذكر، وتان للمؤنث. المثنى المذكر يشار إليه في حال الرفع بذان. (وفي سواه ذين) أي: في سوى المرتفع، وهو المنصوب والمجرور، يقال فيه: ذين وتين. مثاله: تقول: هذانِ رجلان. وتقول: إن هذينِ الرجلين. وتقول: مررت بهذين الرجلين. لكن مع ذلك لا تقل: مرفوعة ومنصوبة ومجرورة، قل: مبنية في محل رفع، مبينة في محل نصب، مبنية في محل جر، قالوا: وهي تبنى على الألف في حال الرفع، وتبنى على الياء في حال النصب والجر، فتقول في إعراب هذان قائمان. الهاء: للتنبيه. وذان: مبتدأ مبني على الألف في محل رفع، والنون تشبه النون الواقعة عوضاً عن التنوين في الاسم المفرد. ولا تقل هنا: إنها عوض عن التنوين في الاسم المفرد؛ لأن الاسم المفرد من اسم إشارة لا ينون. وتقول في ذين: اسم إشارة مبني على الياء في محل نصب إن كان منصوباً، أو في محل جر إن كان مجروراً. أما الأنثى فيقول: تان، تقول: هاتان امرأتان، وتقول: إن هاتين المرأتين، وتقول: مررت بهاتين المرأتين، مبنية على الياء في محل جر. قال: ( وبأولى أشر لجمع مطلقاً ). أولى أشر بها للجمع مطلقاً، ومعنى الإطلاق هنا أنها تشمل المذكر والمؤنث. قال: ( والمد أولى ) أي المد أولى من القصر، وأفادنا أن (أولى) فيها لغتان: أولاءِ وأولى. وأن (أولاءِ) أولى من (أولى)، فتقول مثلاً: هؤلاء قومٌ صالحون، وتقول: هؤلاءِ قومٌ مسلمون. والمقصورة مبنية على السكون، والممدودة مبنية على الكسر، قال الله تبارك وتعالى: وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاءِ لَضَالُّونَ [المطففين:32] ولم تأت في القرآن إلا ممدودة؛ لأن القرآن أتى باللغة الفصحى. وبهذا نعرف أن أسماء الإشارة تكون للمفرد المذكر، وللمفرد المؤنث، وللمثنى المذكر، وللمثنى المؤنث، وللجمع، وأن الجمع ليس له إلا لفظة واحدة، وفيها لغتان: القصر والمد، والمد أولى.
أعلى الصفحة
مراتب البعد في أسماء الإشارة
قال: ( ولدى البعد انطقا بالكاف ). يعني: عند بُعد المشار إليه، سواء كان بُعْدُه حسياً أو معنوياً فإنه يؤتى بالكاف، فتقول: ذلك الكتاب، ذلك الرجل. وقوله: ( حرفاً ) يبين أن الكاف هنا ليست ضميراً، ولكنها حرف، فإذا قلت: ذاك الرجل بعيد، تقول: ذا: اسم إشارة مبني على السكون في محل رفع، والكاف حرف خطاب لا محل له من الإعراب، ولا تقل: ذا: مضاف والكاف مضاف إليه. قوله: ( دون لام ) يعني: يؤتى بالكاف بدون لام، ( أو معه ) أي: مع اللام. فتقول: ذاك رجل، بدون لام. وتقول: ذلك رجل، باللام. يقول: (واللام إن قدمت ها ممتنعة) تمتنع اللام إذا قدمت ها التي تفيد التنبيه. والهاء تأتي قبل اسم الإشارة، فإذا قدمت ها امتنعت اللام، فلا تقل: هاذلك الرجل قائم، بل تقول: ذلك الرجل قائم، أو تقول: هذاك الرجل قائم. فالصور الثلاث: صورتان جائزتان، وصورة ممتنعة: هاذاك الرجل قائم، جائزة. ذلك الرجل، جائزة. هاذلك الرجل، لا تجوز؛ لأنك إذا أتيت باللام مع ها التنبيه فقد يلتبس علينا أن يكون ما بعد اللام خبراً. قال بعض العلماء: المشار إليه إما أن يكون قريباً أو متوسطاً أو بعيداً: فإن كان قريباً لم تأت باللام ولا الكاف، فتقول: هذا رجل أو ذا رجل. وإن كان بعيداً أتيت باللام والكاف، تقول: ذلك رجل. وإن كان متوسطاً أتيت بالكاف فقط، فتقول: ذاك رجل. ولكن ظاهر كلام ابن مالك رحمه الله: أن البعد مرتبة واحدة فقط، وأنه يؤتى فيه بالكاف وحدها، أو بالكاف واللام ما لم تسبق ها، فإن سبقت ها فإنه لا يجوز أن يؤتى باللام.
أعلى الصفحة
الكلام على كاف الخطاب اللاحقة لاسم الإشارة
بقي علينا أن نتكلم على الكاف، فهي للخطاب، ولكن هل يراعى فيها المخاطب أو تكون على صورة واحدة؟ فيها ثلاث لغات: اللغة الأولى وهي الأفصح والأكثر؛ أن يراعى فيها المخاطب، فإذا كنت تخاطب رجلاً فقل: ذلكَ، وإن كنت تخاطب أنثى فقل: ذلكِ، وإن كنت تخاطب مثنى فقل: ذلكما، وإن كنت تخاطب جماعة ذكور فقل: ذلكم، وإن كنت تخاطب جماعة نساء فقل: ذلكن. وهذا هو الذي جاء في القرآن، قال الله تبارك وتعالى في خطاب المفرد المذكر -وهو كثير في القرآن-: ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ [الإسراء:39] يخاطب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم. وفي قصة امرأة إبراهيم : قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ [الذاريات:30] . وفي قصة مريم : قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ [مريم:21] . وفي المثنى: ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي [يوسف:37] . وفي جمع المذكر: فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ [يونس:32] . وفي جمع المؤنث: فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ [يوسف:32] . اللغة الثانية: أن تكون مفردة مفتوحة في خطاب المذكر، سواء كان واحداً أو اثنين أو جماعة، فتقول: ذلك الرجل، تخاطب واحداً، وتقول: ذلك الرجل، تخاطب جماعة، وتقول: ذلك الرجل، تخاطب اثنين. وفي المؤنث بالكسر دائماً، سواء كانت المخاطبة واحدة أو اثنتين أو أكثر. واللغة الثالثة: أنها بالإفراد والفتح دائماً.
أعلى الصفحة
أسماء الإشارة للمكان
قال: [ وبهنا أو ههنا أشر إلى داني المكان وبه الكاف صلا في البعد أو بثم فه أو هَنَّا أو بهنالك انطقن أو هنا ]. يعني: أن هنا أو هاهنا يشار بها إلى المكان القريب، فتقول: اجلس هنا، أو: اجلس هاهنا لمكان قريب، فللمكان القريب إشارتان: إحداهما: هنا، والثانية: هاهنا. والبعيد؛ قال: (وبه الكاف صلا في البعد) إذا كان بعيداً وصل به الكاف، فتقول: اجلس هناك، يعني: بعيداً، اجلس هاهناك؛ يعني: بعيداً. ثم إن البعد قد يكون بعداً حسياً، وقد يكون بعداً معنوياً حسب السياق، قال الله تعالى: هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا [الأحزاب:11] هذا للبعيد؛ ولهذا قال: وبه الكاف صلا في البعد. (أو بثم فه) فه يعني: انطق بثم للبعيد، ويقال: (اجلس ثم)، أي: في مكان بعيد، قال الله تبارك وتعالى: وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا [الإنسان:20] ومن الخطأ الشائع بين الناس أن يضموا الثاء من ثم، فيقولون: (ومن ثمُ حصل كذا وكذا)، وهذا خطأ واضح، لأنها تصبح حرف عطف، وظرف المكان أن يقال: ثم. (أو بثم فه) فه فعل أمر، مضارعه: يفوه، ماضيه: فاه، أي: تكلم. (أو هنّا) يعني: أو قل في مكان يشار للبعيد: هنّا. والفرق بين هنا وهنّا أن هنّا أكثر حروفاً من هنا، فإنها تزيد حرفاً واحداً وهو التضعيف في النون. قال العلماء: وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، وهذا في الغالب، ومن غير الغالب: شجرة وشجر، فالأكثر مبنى: (شجرة)، والأكثر معنى: (شجر). قال: (أو بهنالك انطقن أو هِنا) هنالك: بدل (هنا)، وهذه فيها اللام والكاف. (أو هِنا) بكسر الهاء، فصارت (هنا) فيها لغتان: الفتح والكسر، وكلاهما للإشارة إلى المكان البعيد. ومما سبق يتضح أن اسم الإشارة مبني، وسبق ذكره في كلام ابن مالك . فقال: (والمعنوي في متى وفي هنا)، فهنا اسم إشارة. ويبنى على الحركة المسموعة عند العرب، وإن كان آخره ياءً أو ألف فعلى السكون، فإذا قلت: هاذي هند، فهذي مبني على السكون، وإذا قلت: هذه هند، فعلى الكسر. وإذا قلت: ذان قائمان، فعلى الألف. وإذا قلت: مررت بذين، فعلى الياء. وهؤلاء: مبني على الكسر. وهنا: مبني على السكون. ثم: مبني على الفتح. إذاً: اسم الإشارة مبني على ما سمع عن العرب، وذلك لأن المبني لا يتغير باختلاف العوامل، وإنما يتغير باختلاف اللغات. إذاً: (ذان وتان) مبنيان على الألف، والنون حرف جيء به لتزيين اللفظ، ولا يقال: إنه عوض عن التنوين في الاسم المفرد؛ لأن هذا الاسم غير معرب.......