أ/أحمد
06-02-2012, 05:09 PM
فائدة في حكم لعن " الشيطان الرجيم "
روى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد :(1) قال : حدثنا سعيد بن أبى مريم , قال :أخبرنا محمد بن جعفر , قال :أخبرني زيد بن اسلم عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء "(2)
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله معلقاً على هذا الحديث في شرحه لكتاب "الأدب المفرد " ( في هذا الحديث إشارة إلى فوائد كثيرة ), وذكر الشيخ رحمه الله تحته فوائد إلى أن قال :
لعن الشيطان من حيث استحقاقه يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن، لكن جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه تعاظم الشيطان ويفرح فحتى لا يفتح المسلم الطريق لفرح الشيطان لإضراره ببني الإنسان - فما ينبغي أن يلعن الشيطان، وإنما يستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم (3) .اهـ
روى أبو داود رحمه الله في السنن قال : حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد يعني ابن عبد الله ، عن خالد يعني الحذاء ، عن أبي تميمة ، عن أبي المليح ، عن رجل ، قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فعثرت دابة ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال : " لا تقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ، ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب "(4)
والحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند : بأسانيد, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد .(5) " ورجالها كلها رجال الصحيح " . اهـ , والحديث قال عنه الألباني رحمه الله في الكلم الطيب .(6) ( صحيح ) وكذلك شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد قال: إسناده ( صحيح ) .(7).
وروى الحافظ أبا القاسم تمام بن كحمد الرازي في كتابه " الفوائد" (8) قال : أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي ، ثنا يحيى بن أيوب العلاف ، ثنا أبو صالح الحراني عبد الغفار بن داود بن مهران ، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الشيطان فإنه يتغيظ ، ولكن تعوذوا بالله عز وجل من شره " (9)
قال الإمام ابن قيم رحمه الله في زاد المعاد : في " فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنطق واختيار الألفاظ " (10)
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقولن أحدكم : تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يكون مثل البيت فيقول : بقوتي صرعتة ولكن ليقل : بسم الله فإنه يتصاغر حتى يكون مثل الذباب ) وفي حديث آخر ( إن العبد إذا لعن الشيطان يقول : إنك لتلعن ملعنا ) ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان , وقبح الله الشيطان , فإن ذلك كلة يفرحه ويقول : علم ابن ادم أني قد نلته بقوتي , وذلك مما يعينه على إغوائه ولا يفيده شيئا , فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ويذكر اسمه ويستعيذ بالله منه , فإن ذلك أنفع له وأغيظ للشيطان .اهـ
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1) في باب اللعان , رقم الحديث 316 . ط " مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الاولى " .
2) والحديث خرجه العلامة الألباني رحمه الله في " صحيح الأدب المفرد " برقم 132 : وقال " صحيح " .
3) تحت باب اللعان برقم 146 لعن الشيطان , والترقيم لهذا الباب كما هو في التفريغ .
4) رقم4982 .
5) ج 10 ص 186 ر 17099 .
6) ج 1 ص 174 ر 238 .
7) ج 5 ص 71 ر 20709 .
8) ج 1 ص 311 ر 778. ط الأولى ، 1421 هـ ، مكتبة الرشد الرياض . .
9) قال الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ج 5 ص 547 : رواه أبو طاهر المخلص 9 / 196 / 2 و عنه الديلمي 4 / 148 و تمام في " فوائده " 122 / 1 و أبو عبد الله الغضائري في " أحاديثه " 204 / 2 عن عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني قال : حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن {أبي هريرة } مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الغفار بن داود فمن رجال البخاري .اهـ . وخرجه رحمه الله في في صحيح الجامع.برقم 7318 .
10) ج 2 ص 355 .
فائدة في حكم لعن " الشيطان الرجيم "
روى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد :(1) قال : حدثنا سعيد بن أبى مريم , قال :أخبرنا محمد بن جعفر , قال :أخبرني زيد بن اسلم عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء "(2)
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله معلقاً على هذا الحديث في شرحه لكتاب "الأدب المفرد " ( في هذا الحديث إشارة إلى فوائد كثيرة ), وذكر الشيخ رحمه الله تحته فوائد إلى أن قال :
لعن الشيطان من حيث استحقاقه يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن، لكن جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه تعاظم الشيطان ويفرح فحتى لا يفتح المسلم الطريق لفرح الشيطان لإضراره ببني الإنسان - فما ينبغي أن يلعن الشيطان، وإنما يستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم (3) .اهـ
روى أبو داود رحمه الله في السنن قال : حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد يعني ابن عبد الله ، عن خالد يعني الحذاء ، عن أبي تميمة ، عن أبي المليح ، عن رجل ، قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فعثرت دابة ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال : " لا تقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ، ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب "(4)
والحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند : بأسانيد, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد .(5) " ورجالها كلها رجال الصحيح " . اهـ , والحديث قال عنه الألباني رحمه الله في الكلم الطيب .(6) ( صحيح ) وكذلك شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد قال: إسناده ( صحيح ) .(7).
وروى الحافظ أبا القاسم تمام بن كحمد الرازي في كتابه " الفوائد" (8) قال : أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي ، ثنا يحيى بن أيوب العلاف ، ثنا أبو صالح الحراني عبد الغفار بن داود بن مهران ، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الشيطان فإنه يتغيظ ، ولكن تعوذوا بالله عز وجل من شره " (9)
قال الإمام ابن قيم رحمه الله في زاد المعاد : في " فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنطق واختيار الألفاظ " (10)
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقولن أحدكم : تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يكون مثل البيت فيقول : بقوتي صرعتة ولكن ليقل : بسم الله فإنه يتصاغر حتى يكون مثل الذباب ) وفي حديث آخر ( إن العبد إذا لعن الشيطان يقول : إنك لتلعن ملعنا ) ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان , وقبح الله الشيطان , فإن ذلك كلة يفرحه ويقول : علم ابن ادم أني قد نلته بقوتي , وذلك مما يعينه على إغوائه ولا يفيده شيئا , فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ويذكر اسمه ويستعيذ بالله منه , فإن ذلك أنفع له وأغيظ للشيطان .اهـ
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1) في باب اللعان , رقم الحديث 316 . ط " مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الاولى " .
2) والحديث خرجه العلامة الألباني رحمه الله في " صحيح الأدب المفرد " برقم 132 : وقال " صحيح " .
3) تحت باب اللعان برقم 146 لعن الشيطان , والترقيم لهذا الباب كما هو في التفريغ .
4) رقم4982 .
5) ج 10 ص 186 ر 17099 .
6) ج 1 ص 174 ر 238 .
7) ج 5 ص 71 ر 20709 .
8) ج 1 ص 311 ر 778. ط الأولى ، 1421 هـ ، مكتبة الرشد الرياض . .
9) قال الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ج 5 ص 547 : رواه أبو طاهر المخلص 9 / 196 / 2 و عنه الديلمي 4 / 148 و تمام في " فوائده " 122 / 1 و أبو عبد الله الغضائري في " أحاديثه " 204 / 2 عن عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني قال : حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن {أبي هريرة } مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الغفار بن داود فمن رجال البخاري .اهـ . وخرجه رحمه الله في في صحيح الجامع.برقم 7318 .
10) ج 2 ص 355 .
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ كما في شرحه للطحاوية:
" ويلحق بلعن الكافر لعن الشيطان أو لعن إبليس، وهذا أيضا اختلف فيه أهل العلم على قولين:
منهم من أجاز لعنه بعينه لقول الله جل وعلا : إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ [إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ](79) إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا(117)لَعَنَهُ اللَّهُ [النساء:117-118]، وما جاء في الآيات في لعن إبليس وطرده عن رحمة الله جل وعلا.
القول الثاني: أنه لا يلعن إبليس ولا الشيطان لما صحّ في الحديث أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نهى عن لعن الشيطان أو عن لعن إبليس وقال «لا تلعنوه فإنه يتعاظم» رواه تمَّام في فوائده وغيره بإسناد جيد، قالوا: فهذا يدل على النهي عن اللّعن، وهذا متّجه في أنَّ اللعن عموما في القاعدة الشرعية أن المسلم لا يلعن؛ لأنّ اللعن منهي عنه المؤمن بعامة، ومن أعظم ما يكون أثرا للعن أن اللّعان لا يكون شفيعا ولا شهيدا يوم القيامة." أ.هـ
وقال القرطبي رحمه الله كما في تفسيره (5/368):
"قوله تعالى : { لعنة الله } أصل اللعن الإبعاد وقد تقدم وهو في العرف إبعاد مقترن بسخط وغضب فلعنة الله على إبليس - عليه لعنة الله - على التعيين جائزة وكذلك سائر الكفرة الموتى كفرعون وهامان وأبي جهل فأما الأحياء فقد مضى الكلام فيه في البقرة." أ.هـ
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم لعن الشيطان؟
فأجاب بقوله : الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان، وإنما أمر بالاستعاذة منه كما قال الله تعالى : (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) وقال تعالىفي سورة فصلت:(وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).أ.هـ
والذي رأيته في بعض الكتب أن بعض العلماء يلعن إبليس عند ذكره مثل ما جاء في مجموع الفتاوى (3/120) لشيخ الإسلام :
"وقد ذكر عن آدم أبى البشر انه استغفر ربه وتاب اليه فاجتباه ربه فتاب عليه وهداه وعن ابليس أبى الجن لعنه الله أنه أصر متعلقا بالقدر فلعنه وأقصاه" أ.هـ
وما جاء في الجواب الكافي (1/100)
"وقال إبليس لعنه الله أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك..." أ.هـ وفي مدارج السالكين (1/459): "ويحكى أن إبليس لعنه الله ..." أ.هـ
وفي عقيدة الفرقة الناجية ص 24 للشيخ محمد بن عبد الوهاب:
"... والطواغيت كثيرون رؤوسهم خمسة إبليس لعنه الله ومن عبد وهو راض ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ومن ادعى شيئا من علم الغيب ومن حكم بغير ما أنزل الله .."أ.هـ
وفي سلم الوصول للشيخ حافظ حكمي (2/462)
"وزين الشيطان لعنه الله لقوم نوح عبادة الأصنام..." أ.هـ
السـؤال : في لغتنا الدارجة في كل لسان بلوى وهي
بلوى الشتيمة مثلاً اللعنة فمثالاً لذلك يقول الإنسـان
لعـن الله والديـن إبليس أو والدين الشيطان فما هو
رد سماحتكم على هذا وشكراً ؟
الجـــواب : ينبــغــي للإنســان أن يمرن لسانه عــلى
الكلمـات الطيبــة المثمرة النافــعة وأن يتجنـب جميع
السباب والشتائم حتـى فيما يجــوز له أن يفعلــه من
الســباب والشــتائم فإنـه لا ينبغي إطلاق لسانه فيها
فكيف في الأمور التي لا خير له فيها مثل لعن إبليس
أو والدي إبليـس أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا ينبغــي
بل إن الـــذي ينبغي أن يتعوذ الإنسان بالله مــن شر
الشيطان فيقول أعــوذ بالله مـــن الشيطان الرجيـــم
وأما لعنه وسبه فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد
المعاد أن ذلك مما لا ينبغي لأننا أمرنا عندما ينــزغ
الشيطـان الإنسان فإنما أمـرنا بالاستعاذة بالله منـه
وأما إذا دعونا عليه فإنه قد يربأ بنفسه يعني يزداد
يربو بنفسه ويزداد وأما الاستعـاذة بالله منــه فهي
إهــانةٍ وإذلالٍ له فـهـذا هو المشروع أن يستعيــذ
الإنســـان بالله مـــن الشيطان الرجيــــم ولا يلعن
الشيطان وأبو الشيطان .
فتاوى نور على الدرب للشيخ محمد العثيمين
الســؤال : لعنت الشيطان في إحدى المرات ، وعندما
سمعني أحـد الإخوة أنكر علي ذلك ، وقال : إنه سمع
أن هناك نهيا عن لعن الشيطان ؛ لأنه إذا لعن تعاظم
فهل ما قال هذا الأخ صحيحا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا
الجـــــواب : المشروع للإنسان إذا سول له الشيطان
فعل المعاصي ، وزينها له ووسوس له ،أو خاف أن
يصيبه ضرر من كيده وكيد أوليائه - أن يستعيذ بالله
ويستجير بـه وحده ؛ لكف شره وأذاه عنه ، ويسمي
بالله ، ويكثر من ذكره ليصرفه الله عنـه ويرد كيده ،
ويتصاغر في نفسه ، ويـدل لذلك قــول الله تعــالى :
( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّـــهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وقـولـه تعالى ( وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ
هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وَأَعُـوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ )
ولما صح عن النبي أنه « كان
يقول إذا قام إلــى الصلاة : أعوذ بالله السميع العليم
من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه »
ولمـا أخرجه الإمام أحمد في ( مسنده ) ج 5 ص59
عــن أبي تميمة الهجيمي ، عمن كــــان رديف النبي
قال « كنت رديفه على حمار ،
فعثر الحمار ،فقلت : تعس الشيطان ، فقال لي النبي
: لا تقل : تعس الشيطان فإنك
إذا قلــت : تعس الشيطان تعاظم في نفسه وقـــال :
صرعته بقوتي ، فإذا قلت : بسم الله ،تصاغرت إليه
نفسه حتى يكون أصغر من ذباب » وروى أبو داود
في (سننه) نحوه ، وجاء في كتاب ( الصمت وآداب
اللسان ) لابـن أبي الدنيـا ص 205 ، عـــن مجاهد
رحمـــه الله أنــه قـــال ( قــل ما ذكـر الشيطان قوم
إلا حضرهم ، فإذا سمع أحدا يلعنه قال : لقـد لعنت
ملعونا ، ولا شيء أقطع لظهره من : لا إله إلا الله)
هــذا هــو العلاج الناجع لكــف أذى الشيطان عــن
الإنسان ، إذ لا يكف شر مردة الجن إلا ذلك .
أما لعن الشيطان فإن الله لعنه في كتابه في أكثر من
موضع ، لمـا تكبر وامتنع عـــن امتثال أمر الله لـــه
للسجود لآدم لما خلقه سجود تكريم وإجلال، ووصفه
الله بأنه رجيم وأنه لعين ، فهو من المطرودين عـن
رحمة الله وجنته يوم القيامة ، قال الله تعـــالى ( إِن
يَدْعُونَ مِــن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُـــونَ إِلاَّ شَيْطَاناً
مَّرِيداً ، لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَــالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِـــنْ عِبَادِكَ نَصِيباً
مَّفْرُوضاً ) وقــال تـعـالـى ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ
رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ )
وقـد لعنه الرسول صلى الله عليه وسلـــم في الصلاة
عندما جاهده وأراد أن يضره ويفتك بـه ، فقــد روى
الإمام مسلم فـي ( صحيحه ) عن أبي الدرداء رضي
الله عنــه قال « قام رسول الله
فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك ، ثــم قـــال : ألعنك
بلعنة الله ،ثلاثا ، وبسط يده كأنه يتناول شيئا ،فلما
فرغ مـن الصلاة قلنا : يا رسول الله : قـــد سمعناك
تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقولــــه قبــل ذلك
ورأيناك بسطت يدك ،قال :
إن عدو الله إبليس جاء
بشهاب من نار ليجعله في وجهي ،فقلت أعوذ بالله
ثلاث مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم
يستأخر ثلاث مرات ، ثم أردت أخــذه ، والله لــولا
دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان
أهل المدينة »
وعـلى ذلك فإنه يجوز للإنسان أن يلعن الشيطان إذا
تعرض له ليضره أو جاهده ووسوس له ليفتنه عـن
طاعة الله ، لكن لا يترك التعوذ منـه بالله ، والإكثار
من ذكر الله ،وقول : بسم الله ونحو ذلك من الأذكار
والأدعية المشروعة ؛ ليتحصن المسلم بالله مــــن
شره ، وعملا بالآيات والأحاديث السابقة . وينبغي
للإنســـان أن لا يجعــل لعن الشيطــان ديدنه بدون
سبب ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلــم .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمـد وآله
وصحبه وسلم .
اللـجــنـــة الـدائمــة للبحــوث العــلـمــيــة والإفــتـــــاء
الشيخ بكر أبو زيد ،الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبدالعزيز بن باز ،
الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ
كتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المجموعة : 1 ، الجزء : 26، الصفحة : 68 ،
الفتوى : 19753
روى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد :(1) قال : حدثنا سعيد بن أبى مريم , قال :أخبرنا محمد بن جعفر , قال :أخبرني زيد بن اسلم عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء "(2)
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله معلقاً على هذا الحديث في شرحه لكتاب "الأدب المفرد " ( في هذا الحديث إشارة إلى فوائد كثيرة ), وذكر الشيخ رحمه الله تحته فوائد إلى أن قال :
لعن الشيطان من حيث استحقاقه يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن، لكن جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه تعاظم الشيطان ويفرح فحتى لا يفتح المسلم الطريق لفرح الشيطان لإضراره ببني الإنسان - فما ينبغي أن يلعن الشيطان، وإنما يستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم (3) .اهـ
روى أبو داود رحمه الله في السنن قال : حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد يعني ابن عبد الله ، عن خالد يعني الحذاء ، عن أبي تميمة ، عن أبي المليح ، عن رجل ، قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فعثرت دابة ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال : " لا تقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ، ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب "(4)
والحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند : بأسانيد, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد .(5) " ورجالها كلها رجال الصحيح " . اهـ , والحديث قال عنه الألباني رحمه الله في الكلم الطيب .(6) ( صحيح ) وكذلك شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد قال: إسناده ( صحيح ) .(7).
وروى الحافظ أبا القاسم تمام بن كحمد الرازي في كتابه " الفوائد" (8) قال : أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي ، ثنا يحيى بن أيوب العلاف ، ثنا أبو صالح الحراني عبد الغفار بن داود بن مهران ، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الشيطان فإنه يتغيظ ، ولكن تعوذوا بالله عز وجل من شره " (9)
قال الإمام ابن قيم رحمه الله في زاد المعاد : في " فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنطق واختيار الألفاظ " (10)
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقولن أحدكم : تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يكون مثل البيت فيقول : بقوتي صرعتة ولكن ليقل : بسم الله فإنه يتصاغر حتى يكون مثل الذباب ) وفي حديث آخر ( إن العبد إذا لعن الشيطان يقول : إنك لتلعن ملعنا ) ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان , وقبح الله الشيطان , فإن ذلك كلة يفرحه ويقول : علم ابن ادم أني قد نلته بقوتي , وذلك مما يعينه على إغوائه ولا يفيده شيئا , فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ويذكر اسمه ويستعيذ بالله منه , فإن ذلك أنفع له وأغيظ للشيطان .اهـ
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1) في باب اللعان , رقم الحديث 316 . ط " مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الاولى " .
2) والحديث خرجه العلامة الألباني رحمه الله في " صحيح الأدب المفرد " برقم 132 : وقال " صحيح " .
3) تحت باب اللعان برقم 146 لعن الشيطان , والترقيم لهذا الباب كما هو في التفريغ .
4) رقم4982 .
5) ج 10 ص 186 ر 17099 .
6) ج 1 ص 174 ر 238 .
7) ج 5 ص 71 ر 20709 .
8) ج 1 ص 311 ر 778. ط الأولى ، 1421 هـ ، مكتبة الرشد الرياض . .
9) قال الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ج 5 ص 547 : رواه أبو طاهر المخلص 9 / 196 / 2 و عنه الديلمي 4 / 148 و تمام في " فوائده " 122 / 1 و أبو عبد الله الغضائري في " أحاديثه " 204 / 2 عن عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني قال : حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن {أبي هريرة } مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الغفار بن داود فمن رجال البخاري .اهـ . وخرجه رحمه الله في في صحيح الجامع.برقم 7318 .
10) ج 2 ص 355 .
فائدة في حكم لعن " الشيطان الرجيم "
روى البخاري رحمه الله في الأدب المفرد :(1) قال : حدثنا سعيد بن أبى مريم , قال :أخبرنا محمد بن جعفر , قال :أخبرني زيد بن اسلم عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء "(2)
قال الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله معلقاً على هذا الحديث في شرحه لكتاب "الأدب المفرد " ( في هذا الحديث إشارة إلى فوائد كثيرة ), وذكر الشيخ رحمه الله تحته فوائد إلى أن قال :
لعن الشيطان من حيث استحقاقه يجوز؛ لأنه هو ملعون بنص القرآن، لكن جاء في بعض الأحاديث أن الشيطان إذا أغضب الإنسان فيلعنه تعاظم الشيطان ويفرح فحتى لا يفتح المسلم الطريق لفرح الشيطان لإضراره ببني الإنسان - فما ينبغي أن يلعن الشيطان، وإنما يستعيذ بالله من شر الشيطان الرجيم (3) .اهـ
روى أبو داود رحمه الله في السنن قال : حدثنا وهب بن بقية ، عن خالد يعني ابن عبد الله ، عن خالد يعني الحذاء ، عن أبي تميمة ، عن أبي المليح ، عن رجل ، قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ، فعثرت دابة ، فقلت : تعس الشيطان ، فقال : " لا تقل تعس الشيطان ، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ، ويقول : بقوتي ، ولكن قل : بسم الله ، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب "(4)
والحديث رواه الإمام أحمد رحمه الله في المسند : بأسانيد, وقال الهيثمي في مجمع الزوائد .(5) " ورجالها كلها رجال الصحيح " . اهـ , والحديث قال عنه الألباني رحمه الله في الكلم الطيب .(6) ( صحيح ) وكذلك شعيب الأرنؤوط في تعليقه على مسند أحمد قال: إسناده ( صحيح ) .(7).
وروى الحافظ أبا القاسم تمام بن كحمد الرازي في كتابه " الفوائد" (8) قال : أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الأذرعي ، ثنا يحيى بن أيوب العلاف ، ثنا أبو صالح الحراني عبد الغفار بن داود بن مهران ، ثنا عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسبوا الشيطان فإنه يتغيظ ، ولكن تعوذوا بالله عز وجل من شره " (9)
قال الإمام ابن قيم رحمه الله في زاد المعاد : في " فصل في هديه صلى الله عليه وسلم في حفظ المنطق واختيار الألفاظ " (10)
ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لا يقولن أحدكم : تعس الشيطان فإنه يتعاظم حتى يكون مثل البيت فيقول : بقوتي صرعتة ولكن ليقل : بسم الله فإنه يتصاغر حتى يكون مثل الذباب ) وفي حديث آخر ( إن العبد إذا لعن الشيطان يقول : إنك لتلعن ملعنا ) ومثل هذا قول القائل : أخزى الله الشيطان , وقبح الله الشيطان , فإن ذلك كلة يفرحه ويقول : علم ابن ادم أني قد نلته بقوتي , وذلك مما يعينه على إغوائه ولا يفيده شيئا , فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من مسه شيء من الشيطان أن يذكر الله تعالى ويذكر اسمه ويستعيذ بالله منه , فإن ذلك أنفع له وأغيظ للشيطان .اهـ
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1) في باب اللعان , رقم الحديث 316 . ط " مؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الاولى " .
2) والحديث خرجه العلامة الألباني رحمه الله في " صحيح الأدب المفرد " برقم 132 : وقال " صحيح " .
3) تحت باب اللعان برقم 146 لعن الشيطان , والترقيم لهذا الباب كما هو في التفريغ .
4) رقم4982 .
5) ج 10 ص 186 ر 17099 .
6) ج 1 ص 174 ر 238 .
7) ج 5 ص 71 ر 20709 .
8) ج 1 ص 311 ر 778. ط الأولى ، 1421 هـ ، مكتبة الرشد الرياض . .
9) قال الألباني رحمه الله في " السلسلة الصحيحة " ج 5 ص 547 : رواه أبو طاهر المخلص 9 / 196 / 2 و عنه الديلمي 4 / 148 و تمام في " فوائده " 122 / 1 و أبو عبد الله الغضائري في " أحاديثه " 204 / 2 عن عبد الغفار بن داود أبي صالح الحراني قال : حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح عن {أبي هريرة } مرفوعا . قلت : و هذا إسناد صحيح , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عبد الغفار بن داود فمن رجال البخاري .اهـ . وخرجه رحمه الله في في صحيح الجامع.برقم 7318 .
10) ج 2 ص 355 .
قال الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ كما في شرحه للطحاوية:
" ويلحق بلعن الكافر لعن الشيطان أو لعن إبليس، وهذا أيضا اختلف فيه أهل العلم على قولين:
منهم من أجاز لعنه بعينه لقول الله جل وعلا : إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ [إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ](79) إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا(117)لَعَنَهُ اللَّهُ [النساء:117-118]، وما جاء في الآيات في لعن إبليس وطرده عن رحمة الله جل وعلا.
القول الثاني: أنه لا يلعن إبليس ولا الشيطان لما صحّ في الحديث أن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ نهى عن لعن الشيطان أو عن لعن إبليس وقال «لا تلعنوه فإنه يتعاظم» رواه تمَّام في فوائده وغيره بإسناد جيد، قالوا: فهذا يدل على النهي عن اللّعن، وهذا متّجه في أنَّ اللعن عموما في القاعدة الشرعية أن المسلم لا يلعن؛ لأنّ اللعن منهي عنه المؤمن بعامة، ومن أعظم ما يكون أثرا للعن أن اللّعان لا يكون شفيعا ولا شهيدا يوم القيامة." أ.هـ
وقال القرطبي رحمه الله كما في تفسيره (5/368):
"قوله تعالى : { لعنة الله } أصل اللعن الإبعاد وقد تقدم وهو في العرف إبعاد مقترن بسخط وغضب فلعنة الله على إبليس - عليه لعنة الله - على التعيين جائزة وكذلك سائر الكفرة الموتى كفرعون وهامان وأبي جهل فأما الأحياء فقد مضى الكلام فيه في البقرة." أ.هـ
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : عن حكم لعن الشيطان؟
فأجاب بقوله : الإنسان لم يؤمر بلعن الشيطان، وإنما أمر بالاستعاذة منه كما قال الله تعالى : (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) وقال تعالىفي سورة فصلت:(وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).أ.هـ
والذي رأيته في بعض الكتب أن بعض العلماء يلعن إبليس عند ذكره مثل ما جاء في مجموع الفتاوى (3/120) لشيخ الإسلام :
"وقد ذكر عن آدم أبى البشر انه استغفر ربه وتاب اليه فاجتباه ربه فتاب عليه وهداه وعن ابليس أبى الجن لعنه الله أنه أصر متعلقا بالقدر فلعنه وأقصاه" أ.هـ
وما جاء في الجواب الكافي (1/100)
"وقال إبليس لعنه الله أهلكت بني آدم بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك..." أ.هـ وفي مدارج السالكين (1/459): "ويحكى أن إبليس لعنه الله ..." أ.هـ
وفي عقيدة الفرقة الناجية ص 24 للشيخ محمد بن عبد الوهاب:
"... والطواغيت كثيرون رؤوسهم خمسة إبليس لعنه الله ومن عبد وهو راض ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه ومن ادعى شيئا من علم الغيب ومن حكم بغير ما أنزل الله .."أ.هـ
وفي سلم الوصول للشيخ حافظ حكمي (2/462)
"وزين الشيطان لعنه الله لقوم نوح عبادة الأصنام..." أ.هـ
السـؤال : في لغتنا الدارجة في كل لسان بلوى وهي
بلوى الشتيمة مثلاً اللعنة فمثالاً لذلك يقول الإنسـان
لعـن الله والديـن إبليس أو والدين الشيطان فما هو
رد سماحتكم على هذا وشكراً ؟
الجـــواب : ينبــغــي للإنســان أن يمرن لسانه عــلى
الكلمـات الطيبــة المثمرة النافــعة وأن يتجنـب جميع
السباب والشتائم حتـى فيما يجــوز له أن يفعلــه من
الســباب والشــتائم فإنـه لا ينبغي إطلاق لسانه فيها
فكيف في الأمور التي لا خير له فيها مثل لعن إبليس
أو والدي إبليـس أو ما أشبه ذلك فإن هذا لا ينبغــي
بل إن الـــذي ينبغي أن يتعوذ الإنسان بالله مــن شر
الشيطان فيقول أعــوذ بالله مـــن الشيطان الرجيـــم
وأما لعنه وسبه فقد ذكر ابن القيم رحمه الله في زاد
المعاد أن ذلك مما لا ينبغي لأننا أمرنا عندما ينــزغ
الشيطـان الإنسان فإنما أمـرنا بالاستعاذة بالله منـه
وأما إذا دعونا عليه فإنه قد يربأ بنفسه يعني يزداد
يربو بنفسه ويزداد وأما الاستعـاذة بالله منــه فهي
إهــانةٍ وإذلالٍ له فـهـذا هو المشروع أن يستعيــذ
الإنســـان بالله مـــن الشيطان الرجيــــم ولا يلعن
الشيطان وأبو الشيطان .
فتاوى نور على الدرب للشيخ محمد العثيمين
الســؤال : لعنت الشيطان في إحدى المرات ، وعندما
سمعني أحـد الإخوة أنكر علي ذلك ، وقال : إنه سمع
أن هناك نهيا عن لعن الشيطان ؛ لأنه إذا لعن تعاظم
فهل ما قال هذا الأخ صحيحا؟ أفتونا جزاكم الله خيرا
الجـــــواب : المشروع للإنسان إذا سول له الشيطان
فعل المعاصي ، وزينها له ووسوس له ،أو خاف أن
يصيبه ضرر من كيده وكيد أوليائه - أن يستعيذ بالله
ويستجير بـه وحده ؛ لكف شره وأذاه عنه ، ويسمي
بالله ، ويكثر من ذكره ليصرفه الله عنـه ويرد كيده ،
ويتصاغر في نفسه ، ويـدل لذلك قــول الله تعــالى :
( وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّـــهُ
سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) وقـولـه تعالى ( وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ
هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وَأَعُـوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ )
ولما صح عن النبي أنه « كان
يقول إذا قام إلــى الصلاة : أعوذ بالله السميع العليم
من الشيطان الرجيم ، من همزه ونفخه ونفثه »
ولمـا أخرجه الإمام أحمد في ( مسنده ) ج 5 ص59
عــن أبي تميمة الهجيمي ، عمن كــــان رديف النبي
قال « كنت رديفه على حمار ،
فعثر الحمار ،فقلت : تعس الشيطان ، فقال لي النبي
: لا تقل : تعس الشيطان فإنك
إذا قلــت : تعس الشيطان تعاظم في نفسه وقـــال :
صرعته بقوتي ، فإذا قلت : بسم الله ،تصاغرت إليه
نفسه حتى يكون أصغر من ذباب » وروى أبو داود
في (سننه) نحوه ، وجاء في كتاب ( الصمت وآداب
اللسان ) لابـن أبي الدنيـا ص 205 ، عـــن مجاهد
رحمـــه الله أنــه قـــال ( قــل ما ذكـر الشيطان قوم
إلا حضرهم ، فإذا سمع أحدا يلعنه قال : لقـد لعنت
ملعونا ، ولا شيء أقطع لظهره من : لا إله إلا الله)
هــذا هــو العلاج الناجع لكــف أذى الشيطان عــن
الإنسان ، إذ لا يكف شر مردة الجن إلا ذلك .
أما لعن الشيطان فإن الله لعنه في كتابه في أكثر من
موضع ، لمـا تكبر وامتنع عـــن امتثال أمر الله لـــه
للسجود لآدم لما خلقه سجود تكريم وإجلال، ووصفه
الله بأنه رجيم وأنه لعين ، فهو من المطرودين عـن
رحمة الله وجنته يوم القيامة ، قال الله تعـــالى ( إِن
يَدْعُونَ مِــن دُونِهِ إِلاَّ إِنَاثاً وَإِن يَدْعُـــونَ إِلاَّ شَيْطَاناً
مَّرِيداً ، لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَــالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِـــنْ عِبَادِكَ نَصِيباً
مَّفْرُوضاً ) وقــال تـعـالـى ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ
رَجِيمٌ ، وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ )
وقـد لعنه الرسول صلى الله عليه وسلـــم في الصلاة
عندما جاهده وأراد أن يضره ويفتك بـه ، فقــد روى
الإمام مسلم فـي ( صحيحه ) عن أبي الدرداء رضي
الله عنــه قال « قام رسول الله
فسمعناه يقول : أعوذ بالله منك ، ثــم قـــال : ألعنك
بلعنة الله ،ثلاثا ، وبسط يده كأنه يتناول شيئا ،فلما
فرغ مـن الصلاة قلنا : يا رسول الله : قـــد سمعناك
تقول في الصلاة شيئا لم نسمعك تقولــــه قبــل ذلك
ورأيناك بسطت يدك ،قال :
إن عدو الله إبليس جاء
بشهاب من نار ليجعله في وجهي ،فقلت أعوذ بالله
ثلاث مرات ، ثم قلت : ألعنك بلعنة الله التامة ، فلم
يستأخر ثلاث مرات ، ثم أردت أخــذه ، والله لــولا
دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان
أهل المدينة »
وعـلى ذلك فإنه يجوز للإنسان أن يلعن الشيطان إذا
تعرض له ليضره أو جاهده ووسوس له ليفتنه عـن
طاعة الله ، لكن لا يترك التعوذ منـه بالله ، والإكثار
من ذكر الله ،وقول : بسم الله ونحو ذلك من الأذكار
والأدعية المشروعة ؛ ليتحصن المسلم بالله مــــن
شره ، وعملا بالآيات والأحاديث السابقة . وينبغي
للإنســـان أن لا يجعــل لعن الشيطــان ديدنه بدون
سبب ، اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلــم .
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمـد وآله
وصحبه وسلم .
اللـجــنـــة الـدائمــة للبحــوث العــلـمــيــة والإفــتـــــاء
الشيخ بكر أبو زيد ،الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبدالعزيز بن باز ،
الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ
كتاب : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المجموعة : 1 ، الجزء : 26، الصفحة : 68 ،
الفتوى : 19753