الواثقة بالله
08-09-2012, 01:26 AM
حمدا لله وصلاة وسلاما على نبيه وآله وصحبه ومن والاه وعلى كل من اهتدى بهداه،أما بعد:
فيقول الله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [سورة: القدر]
يقول الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره (ج24/ص534 - طبعة مؤسسة الرسالة):"وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزيل قول من قال: عملٌ في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر".
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (ج8/ص443 - طبعة دار طيبة):"وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر -وليس فيها ليلة القدر-هو اختيارُ ابن جرير. وهو الصواب لا ما عداه".
وقال العلامة السعدي في تفسيره (ص931 - طبعة مؤسسة الرسالة):"اي تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة".
وقال الحافظ بن حجر في معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة (ص17 - مكتبة المسجد النبوي الشريف):"وإذا علم أن الله مالك كل شئ {لَهُ مَا فيِ السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ( لم يمتنع أن يعطي من شاء ما شاء وقد ثبت أن ليلة القدر خير من ألف شهر وقد يقع العمل في بعض ليالي السنة من بعض الناس أكثر مما يعمل فيها ومع ذلك فالعمل فيها أفضل من غيرها بثلاثين ألف ضعف {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ".
ولا شك ان هذه الليلة المباركة لا تختص بليلة معينة كما دلت على هذا الاحاديث الصحيحة خلافا لما يظنه بعض الناس من ان ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين قطعا من أجل ذلك تراهم يخصصون هذه الليلة بالعمرة مثلا او يخصصون هذه الليلة بصلاة التسبيح وهذا كله مخالف للادلة ولعمل السلف الصالح.
فقد روى البخاري (ج3/ص42 - ط. دار طوق النجاة) ومسلم (2/ 825 - ط. دار إحياء التراث العربي) واللفظ له عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:" إن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه قال وإني أريتها ليلة وتر وأني أسجد صبيحتها في طين وماء فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح فمطرت السماء فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر)).
ففي هذا دليل على ان ليلة القدر قد وقعت في ذلك العام ليلة (21) من رمضان وما ياتي يدل على انتقالها قطعا.
فقد أخرج البخاري (ج3/ص46 - ط. دار طوق النجاة) ومسلم (2/ 822 - ط. دار إحياء التراث العربي) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرى رؤياكم قد تواطأت ـ توافقت ـ في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ".
وقد قال البخاري في صحيحه (ج3/ص47 - ط. دار طوق النجاة) - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى» تابعه عبد الوهاب، عن أيوب حدثنا عبد الله بن أبي الأسود، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عاصم، عن أبي مجلز، وعكرمة، قال: ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي في العشر الأواخر، هي في تسع يمضين، أو في سبع يبقين» يعني ليلة القدر، وعن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس التمسوا في أربع وعشرين".
وقال الإمام أحمد في المسند (/437 - ط. مؤسسة الرسالة) حدثنا أبو سلمة الخزاعي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر يعني المخرمي، عن يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن حزم، عن عبد الله بن أنيس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم، وسألوه عن ليلة يتراءونها في رمضان؟ قال: «ليلة ثلاث وعشرين».
وقال الامام الألباني عنه في صحيح ابي داود (5/ 125 - ط. مؤسسة غراس):"إسناده صحيح على شرط مسلم" وللحديث طرق أخرى ذكرها الالباني هناك.
وأخرج الامام مسلم في صحيحه (1/ 525) عن زر بن حبيش قال: سمعت أبي بن كعب، يقول: وقيل له إن عبد الله بن مسعود، يقول: «من قام السنة أصاب ليلة القدر»، فقال أبي: «والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها»
فهذه الأدلة لا يمكن الجمع بينها الا بالقول بانتقالها من أجل هذا يقول الإمام النووي في المجموع (ج6/ص450 - طبعة دار الفكر):- ((وقال أمامان جليلان من أصحابنا وهما المزني وصاحبه أبو بكر محمد ابن اسحق بن خزيمة أنها منتقلة في ليالي العشر تنتقل في بعض السنين إلى ليلة وفى بعضها إلى غيرها جمعا بين الاحاديث وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الاحاديث الصحيحة في ذلك كما سنوضحه إن شاء الله تعالى ولا طريق إلي الجمع بين الاحاديث إلا بانتقالها)).
ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره (ج8/ 450 - ط. دار طيبة):- ((روي عن أبي قِلابَة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر وهذا الذي حكاه عن أبي قلابة نص عليه مالك، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، والمزني، وأبو بكر بن خُزَيمة، وغيرهم. وهو محكي عن الشافعي -نقله القاضي عنه، وهو الأشبه -والله أعلم)).
وقد نقل الحافظ بن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (2/161-ط.مكتبة العبيكان) من كتاب الامام الوزير يحيى بن هبيرة " الإفصاح عن معاني الصحاح "أنه قال فيه: ((الصحيح عندي: أن ليلة القدر تنتقل في أفراد العشر، فإنه حدثني من أثق به أنه رآها في ليلة سبع وعشرين. وحدثني أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله: أنه رآها. فأما أنا فكنت في ليلة إحدى وعشرين وكانت ليلة جمعة، فواصلت انتظارها بذكر اللّه عز وجل، ولم أنم تلك الليلة. فلما كان وقت السحر - وأنا قائم على قدمي - رأيت في السماء بابًا مفتوحًا مربعًا عن يمين القبلة، قدرت أنه على حجرة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فبقي على حاله - وأنا أنظر إليه - نحو قراءة مائة آية، ولم يزل، حتى التفت عن يساري إلى المشرق لأنظر هل طلع الفجر؟ فرأيت أول الفجر. فالتفت إلى ذلك الباب فرأيته قد ذهب. وكان ذلك مما صدق عندي ما رأيت. فالظاهر من ذلك: تنقلها في ليالي الأفراد في العشر. فإذا اتفقت ليالي الجمع في الأفراد فأجدر وأخلق بكونها فيها)).
وَقد سئل شيخ الاسلام كما في مجموع الفتاوى عن ليلة القدر وهو معتقل بالقلعة (25/ 284 - ط. دار الوفاء):
((فأجاب: الحمد لله، ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {هي في العشر الأواخر من رمضان}. وتكون في الوتر منها. لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين.
ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى}. فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع. وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى. وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح. وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي. كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {تحروها في العشر الأواخر} وتكون في السبع الأواخر أكثر. وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين. فقيل له: بأي شيء علمت ذلك؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله. " {أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطشت لا شعاع لها}. فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات في الحديث وقد روي في علاماتها " {أنها ليلة بلجة منيرة} وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة. فيرى أنوارها أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر. والله تعالى أعلم)).
وقال شيخ الاسلام ايضا كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص85 - طبعة دار ابن القيم):((:((وبعضهم يعين لها ليلة من العشر الأواخر.والصحيح أنها في العشر الأواخر تنتقل، فروى البخاري: «ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»)).
يتبع
فيقول الله تعالى {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ(1)وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5)} [سورة: القدر]
يقول الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره (ج24/ص534 - طبعة مؤسسة الرسالة):"وأشبه الأقوال في ذلك بظاهر التنزيل قول من قال: عملٌ في ليلة القدر خير من عمل ألف شهر، ليس فيها ليلة القدر".
وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (ج8/ص443 - طبعة دار طيبة):"وهذا القول بأنها أفضل من عبادة ألف شهر -وليس فيها ليلة القدر-هو اختيارُ ابن جرير. وهو الصواب لا ما عداه".
وقال العلامة السعدي في تفسيره (ص931 - طبعة مؤسسة الرسالة):"اي تعادل من فضلها ألف شهر، فالعمل الذي يقع فيها، خير من العمل في ألف شهر خالية منها، وهذا مما تتحير فيه الألباب، وتندهش له العقول، حيث من تبارك وتعالى على هذه الأمة الضعيفة القوة والقوى، بليلة يكون العمل فيها يقابل ويزيد على ألف شهر، عمر رجل معمر عمرًا طويلا نيفًا وثمانين سنة".
وقال الحافظ بن حجر في معرفة الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة (ص17 - مكتبة المسجد النبوي الشريف):"وإذا علم أن الله مالك كل شئ {لَهُ مَا فيِ السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى} ( لم يمتنع أن يعطي من شاء ما شاء وقد ثبت أن ليلة القدر خير من ألف شهر وقد يقع العمل في بعض ليالي السنة من بعض الناس أكثر مما يعمل فيها ومع ذلك فالعمل فيها أفضل من غيرها بثلاثين ألف ضعف {ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} ".
ولا شك ان هذه الليلة المباركة لا تختص بليلة معينة كما دلت على هذا الاحاديث الصحيحة خلافا لما يظنه بعض الناس من ان ليلة القدر هي ليلة سبع وعشرين قطعا من أجل ذلك تراهم يخصصون هذه الليلة بالعمرة مثلا او يخصصون هذه الليلة بصلاة التسبيح وهذا كله مخالف للادلة ولعمل السلف الصالح.
فقد روى البخاري (ج3/ص42 - ط. دار طوق النجاة) ومسلم (2/ 825 - ط. دار إحياء التراث العربي) واللفظ له عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:" إن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتكف العشر الأول من رمضان ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه فقال: إني اعتكفت العشر الأول ألتمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف فاعتكف الناس معه قال وإني أريتها ليلة وتر وأني أسجد صبيحتها في طين وماء فأصبح من ليلة إحدى وعشرين وقد قام إلى الصبح فمطرت السماء فوكف المسجد فأبصرت الطين والماء فخرج حين فرغ من صلاة الصبح وجبينه وروثة أنفه فيهما الطين والماء وإذا هي ليلة إحدى وعشرين من العشر الأواخر)).
ففي هذا دليل على ان ليلة القدر قد وقعت في ذلك العام ليلة (21) من رمضان وما ياتي يدل على انتقالها قطعا.
فقد أخرج البخاري (ج3/ص46 - ط. دار طوق النجاة) ومسلم (2/ 822 - ط. دار إحياء التراث العربي) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أرى رؤياكم قد تواطأت ـ توافقت ـ في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر ".
وقد قال البخاري في صحيحه (ج3/ص47 - ط. دار طوق النجاة) - حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «التمسوها في العشر الأواخر من رمضان ليلة القدر، في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى» تابعه عبد الوهاب، عن أيوب حدثنا عبد الله بن أبي الأسود، حدثنا عبد الواحد، حدثنا عاصم، عن أبي مجلز، وعكرمة، قال: ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي في العشر الأواخر، هي في تسع يمضين، أو في سبع يبقين» يعني ليلة القدر، وعن خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس التمسوا في أربع وعشرين".
وقال الإمام أحمد في المسند (/437 - ط. مؤسسة الرسالة) حدثنا أبو سلمة الخزاعي، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر يعني المخرمي، عن يزيد بن الهاد، عن أبي بكر بن حزم، عن عبد الله بن أنيس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم، وسألوه عن ليلة يتراءونها في رمضان؟ قال: «ليلة ثلاث وعشرين».
وقال الامام الألباني عنه في صحيح ابي داود (5/ 125 - ط. مؤسسة غراس):"إسناده صحيح على شرط مسلم" وللحديث طرق أخرى ذكرها الالباني هناك.
وأخرج الامام مسلم في صحيحه (1/ 525) عن زر بن حبيش قال: سمعت أبي بن كعب، يقول: وقيل له إن عبد الله بن مسعود، يقول: «من قام السنة أصاب ليلة القدر»، فقال أبي: «والله الذي لا إله إلا هو، إنها لفي رمضان، يحلف ما يستثني، ووالله إني لأعلم أي ليلة هي، هي الليلة التي أمرنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها»
فهذه الأدلة لا يمكن الجمع بينها الا بالقول بانتقالها من أجل هذا يقول الإمام النووي في المجموع (ج6/ص450 - طبعة دار الفكر):- ((وقال أمامان جليلان من أصحابنا وهما المزني وصاحبه أبو بكر محمد ابن اسحق بن خزيمة أنها منتقلة في ليالي العشر تنتقل في بعض السنين إلى ليلة وفى بعضها إلى غيرها جمعا بين الاحاديث وهذا هو الظاهر المختار لتعارض الاحاديث الصحيحة في ذلك كما سنوضحه إن شاء الله تعالى ولا طريق إلي الجمع بين الاحاديث إلا بانتقالها)).
ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره (ج8/ 450 - ط. دار طيبة):- ((روي عن أبي قِلابَة أنه قال: ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر وهذا الذي حكاه عن أبي قلابة نص عليه مالك، والثوري، وأحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وأبو ثور، والمزني، وأبو بكر بن خُزَيمة، وغيرهم. وهو محكي عن الشافعي -نقله القاضي عنه، وهو الأشبه -والله أعلم)).
وقد نقل الحافظ بن رجب في ذيل طبقات الحنابلة (2/161-ط.مكتبة العبيكان) من كتاب الامام الوزير يحيى بن هبيرة " الإفصاح عن معاني الصحاح "أنه قال فيه: ((الصحيح عندي: أن ليلة القدر تنتقل في أفراد العشر، فإنه حدثني من أثق به أنه رآها في ليلة سبع وعشرين. وحدثني أمير المؤمنين المقتفي لأمر الله: أنه رآها. فأما أنا فكنت في ليلة إحدى وعشرين وكانت ليلة جمعة، فواصلت انتظارها بذكر اللّه عز وجل، ولم أنم تلك الليلة. فلما كان وقت السحر - وأنا قائم على قدمي - رأيت في السماء بابًا مفتوحًا مربعًا عن يمين القبلة، قدرت أنه على حجرة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فبقي على حاله - وأنا أنظر إليه - نحو قراءة مائة آية، ولم يزل، حتى التفت عن يساري إلى المشرق لأنظر هل طلع الفجر؟ فرأيت أول الفجر. فالتفت إلى ذلك الباب فرأيته قد ذهب. وكان ذلك مما صدق عندي ما رأيت. فالظاهر من ذلك: تنقلها في ليالي الأفراد في العشر. فإذا اتفقت ليالي الجمع في الأفراد فأجدر وأخلق بكونها فيها)).
وَقد سئل شيخ الاسلام كما في مجموع الفتاوى عن ليلة القدر وهو معتقل بالقلعة (25/ 284 - ط. دار الوفاء):
((فأجاب: الحمد لله، ليلة القدر في العشر الأواخر من شهر رمضان هكذا صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " {هي في العشر الأواخر من رمضان}. وتكون في الوتر منها. لكن الوتر يكون باعتبار الماضي فتطلب ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وليلة خمس وعشرين وليلة سبع وعشرين وليلة تسع وعشرين.
ويكون باعتبار ما بقي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {لتاسعة تبقى لسابعة تبقى لخامسة تبقى لثالثة تبقى}. فعلى هذا إذا كان الشهر ثلاثين يكون ذلك ليالي الأشفاع. وتكون الاثنين والعشرين تاسعة تبقى وليلة أربع وعشرين سابعة تبقى. وهكذا فسره أبو سعيد الخدري في الحديث الصحيح. وهكذا أقام النبي صلى الله عليه وسلم في الشهر. وإن كان الشهر تسعا وعشرين كان التاريخ بالباقي. كالتاريخ الماضي. وإذا كان الأمر هكذا فينبغي أن يتحراها المؤمن في العشر الأواخر جميعه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم " {تحروها في العشر الأواخر} وتكون في السبع الأواخر أكثر. وأكثر ما تكون ليلة سبع وعشرين كما كان أبي بن كعب يحلف أنها ليلة سبع وعشرين. فقيل له: بأي شيء علمت ذلك؟ فقال بالآية التي أخبرنا رسول الله. " {أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطشت لا شعاع لها}. فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم من أشهر العلامات في الحديث وقد روي في علاماتها " {أنها ليلة بلجة منيرة} وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة. فيرى أنوارها أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر. والله تعالى أعلم)).
وقال شيخ الاسلام ايضا كما في مختصر الفتاوى المصرية (ص85 - طبعة دار ابن القيم):((:((وبعضهم يعين لها ليلة من العشر الأواخر.والصحيح أنها في العشر الأواخر تنتقل، فروى البخاري: «ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان»)).
يتبع