أ/أحمد
08-12-2012, 08:40 PM
نسخ جميع أحكام التوراة :
• توراة موسى صلى الله عليه وسلم فيها جميع أحكام شريعة بني إسرائيل وكل أنبيائهم مأمورون بالعمل بأحكامها ومنها أحكام الحلال والحرام من الحيوانات فيما يحل أكله أو يحرم منها وعيسى صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل وتابع لشريعة موسى صلى الله عليه وسلم وليس بناسخ لها فقد ورد على لسانه كما في إنجيل متى 5 / 17-18 : لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل) وقد تمسك الدكتور القسيس فندر بهاتين الفقرتين في الصفحة (24) من كتابه ميزان الحق على أن أحكام التوراة لا تنسخ ونفى أن يكون المسيح قد نسخ شيئا من أحكام التوراة لأنه ما جاء لينقضها بل ليكملها ولكن جميع المحرمات في التوراة أصبحت حلالا بفتوى بولس ولا يوجد في شريعته شيء حرام إلا للنجسين فالأشياء الطاهرة هي للنجسين نجسة والأشياء النجسة هي للطاهرين طاهرة وهذه من أعجب الفتاوى ففي رسالة بولس إلى أهل رومية 14 / 14 :( إني عالم ومتيقن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسا بذاته إلا من يحسب شيئا نجسا فله هو نجس) وفي رسالة بولس إلى تيطس 1 / 15 :( كل شيء طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا وضميرهم )
• يفهم من النصين السابقين أن موسى وسائر أنبياء بني إسرائيل إلى عيسى صلى الله عليه وسلم وأتباعهم لم يكونوا طاهرين فلم تحصل لهم هذه الإباحة العامة لجميع المحرمات ولم يستطع عيسى صلى الله عليه وسلم أن ينسخ شريعة موسى ولما كان أتباع بولس طاهرين حصلت لهم هذه الإباحة العامة لجميع المحرمات والمطعومات النجسة وصار كل شيء طاهرا وحلالا لهم واستطاع رئيسهم بولس أن ينسخ شريعة موسى كلها واجتهد كثيرا في إشاعة حكم الإباحة العامة وفي إقناع أتباعه بأن أحكام التوراة كلها صارت منسوخة ولذلك كتب إلى تيموثاوس في رسالته الأولى 1 / 1-7 : إنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين وعار في الحق لأن كل خليقة الله جيدة ولا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة إن فكرت الإخوة بهذا تكون خادما صالحا ليسوع المسيح متربيا بكلام الإيمان والتعليم الحسن الذي تتبعته وأما الخرافات الدنسة العجائزية فارفضها) .
نسخ الأعياد الإسرائيلية والسبت :
• وردت أحكام الأعياد والسبت مفصلة في سفر الأحبار ( اللاويين) 23 / 1-44 وورد في الفقرات 14 و21 و31 و41 أنها فريضة دهرية في جميع أجيال بني إسرائيل وفي جميع مساكنهم وكان تعظيم السبت حكما أبديا في شريعة موسى وكل من عمل فيه عملا يقتل وتكرر تعظيم السبت في مواضع من كتب العهد العتيق منها سفر التكوين 2 / 2-3 وسفر الخروج 20 / 8-11 و23 / 12 و34 وسفر الأحبار ( اللاويين) 19 / 3 و23 / 3 وسفر التثنية 5 / 12-15 سفر إرميا 17 / 19-27 وسفر إشعياء 56 / 1-8 و58 / 13-14 وسفر نحميا 9 / 14 وسفر حزقيال 20 / 12-24 .
• أما قتل كل من عمل عملا يوم السبت فقد ورد في سفر الخروج 31 / 12-17 ، و35 / 1-3 وفي زمان موسى صلى الله عليه وسلم وجدوا رجلا يحتطب يوم السبت فأخرجوه خارج المحلة ورجموه بالحجارة فمات كما ورد في سفر العدد 15 / 32-36 وقد نسخ بولس جميع أحكام الأعياد بما فيها حكم تعظيم السبت فقال في رسالته إلى أهل كولوسي 2 / 16 :( فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت) ونقل في تفسير دوالي ورجردمينت عن اثنين من العلماء المفسرين قولهما :كانت الأعياد في اليهود على ثلاثة أقسام في كل سنة سنة وفي كل شهر شهر وفي كل أسبوع أسبوع فنسخت هذه الأعياد كلها بل ونسخ يوم السبت أيضا وأقيم سبت النصارى مقامه أي يوم الأحد بدل يوم السبت .
نسخ حكم الختان :
• حكم الختان كان في شريعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حكما أبديا كما هو مصرح به في سفر التكوين 17 / 9-14 وأكتفي بنقل بعض الفقرات : ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا) وبقي هذا الحكم مستمرا في أولاد إسماعيل وإسحاق صلى الله عليه وسلم وبقي كذلك في شريعة موسى صلى الله عليه وسلم ففي سفر الأحبار ( اللاويين) 12 / 3 بخصوص المولود الذكر (وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته) وقد ختن عيسى صلى الله عليه وسلم ففي إنجيل لوقا 2 :( ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع ) وفي عبادة النصارى إلى هذا الحين صلاة معينة يؤدونها في يوم ختان عيسى تذكرة لهذا اليوم وبقي حكم الختان في عهده صلى الله عليه وسلم ولم ينسخه ولكن بولس شدد تشديدا بليغا في نسخ هذا الحكم كما يظهر من رسالته إلى أهل رومية 2 / 25-29 ورسالته إلى أهل غلاطية 2 / 3-5 ، و5 / 1-6 و6 / 11-16 ورسالته إلى أهل فيلبي 3 / 3 ورسالته إلى أهل كولوسي 2 / 11 وأكتفي بنقل فقرتين من رسالته إلى أهل غلاطية 5 / 2و6 : ها أنا بولس أقول لكم إنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة ) والنصارى تركوا الحكم الذي هو حكم أبدي ولم ينقضه عيسى صلى الله عليه وسلم وصدقوا أن بولس نسخه لهم .
• ورد قول بولس في الرسالة إلى العبرانيين 7 / 18 :( فإنه يصير إبطال الوصية السابقة من أجل ضعفها وعدم نفعها ) ونص الفقرة في طبعتي سنة 1825م و1826 م ( لأن نسخ ما تقدم من الحكم قد عرض لما فيه من الضعف وعدم الفائدة ) ونص هذه الفقرة أيضا في طبعات سنة 1671م و1823م و1844م ( وإنما كان رذالة الوصية الأولى لضعفها وأنه لم يكن فيها منفعة) ونصها في طبعة سنة 1882م كما يلي : ( إذن نرفض الوصية السابقة لضعفها وعدم نفعها ) وفي الرسالة العبرانية 8 / 7و13 : فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب لما طلب موضع لثان فإذ قال جديدا عتق الأول وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال ونص هاتين الفقرتين في طبعتي سنة 1823م و1844م: (ولو أن الأول كان بلا لوم لم يطلب للثاني موضع وإذا قال جديدا فعتق الأول والذي عتق وشاخ فهو قريب من الفساد) ونصهما في طبعتي سنة 1825م و1826م: (فلو كان العهد الأول غير معترض عليه لم يوجد للثاني موضع فبقوله عهدا جديدا صير الأول عتيقا والشيء العتيق والبالي قريب من الفناء) وفي الرسالة إلى العبرانيين 10 / 9 : ( ينزع الأول لكي يثبت الثاني ) ففي الفقرات السابقة أطلق بولس على التوراة أنها ضعيفة وعديمة النفع وعديمة الفائدة ورذيلة ومعابة وعتيقة وشاخت وقريبة من الاضمحلال ومرفوضة وملومة وقريبة من الفساد ومعترض عليها وبالية وقريبة من الفناء ومنزوعة ومنسوخة نقل في تفسير دوالي ورجردمينت قول بايل : هذا ظاهر جدا أن الله يريد أن ينسخ العتيق الأنقص بالرسالة الجديدة الحسنة فلذلك يرفع المذهب الرسومي اليهودي ويقوم المذهب النصراني مقامه وفيه إشعار بكون ذبائح اليهود غير كافية ولذا تحمل المسيح على نفسه الموت ليجبر نقصانها ونسخ بفعل أحدهما استعمال الآخر .
• ظهر من الأمثلة السابقة ما يلي :
أ- وجود بعض الأحكام المنسوخة في شرائع سابقة والأحكام الناسخة في شرائع لاحقة ليس مختصا بشريعة الإسلام بل وجد في الشرائع السابقة أيضا .
ب- جميع أحكام التوراة العملية أبدية كانت أو غير أبدية وجميع الفرائض والمحرمات نسخها بولس حسب ما ورد في رسائله وجعل أتباعه غير مطالبين بها .
ت- لفظ النسخ أيضا وجد في كلام بولس بالنسبة إلى التوراة وأحكامها وورد في كلام المفسرين والمحققين منهم .
ث- بولس ادعى أن الشيء العتيق البالي قريب من الفناء والفساد وضعيف وعديم النفع وعديم الفائدة ورذيل ومعاب ومضمحل ومرفوض وملوم ومعترض عليه ومنزوع ومنسوخ إذن لا استبعاد في نسخ شريعة أهل الكتاب بشريعة الإسلام ، بل هذا ضروري على وفق كلام بولس ؛ لأن شريعة أهل الكتاب تعد قديمة بالنسبة إلى شريعة الإسلام الجديدة ، كيف لا يكون ذلك ضروريا ورسولهم بولس والمفسرون أطلقوا على التوراة ألفاظا غير ملائمة ، مع أنهم يقولون إنها كلام الله ؟!
نسخ الأمر بالذبح :
• ورد في سفر التكوين 22 / 1-14 أن الله أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذبح ولده إسحاق صلى الله عليه وسلم (والصواب أنه إسماعيل صلى الله عليه وسلم) فلما استجابا للأمر نسخ الله هذا الحكم قبل العمل به وفدى الذبيح بكبش من السماء .
• أمر حزقيال ثم نسخ الأمر قبل العمل به :في سفر حزقيال 4 / 10و12 و14 و15 : وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن كل يوم عشرين شاقلا من وقت إلى وقت تأكله وتأكل كعكا من الشعير على الخرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم فقلت آه يا سيد الرب ها نفسي لم تتنجس ومن صباي إلى الآن لم آكل ميتة أو فريسة ولا دخل فمي لحم نجس فقال لي انظر قد جعلت لك خثي البقر بدل خرء الإنسان فتصنع خبزك عليه ) .
• نسخ الأمر بالذبح في المذبح المخصص :ورد في سفر الأحبار ( اللاويين) 17 / 1-6 أن الله أمر موسى وبني إسرائيل أن تذبح الذبائح التي تكون من البقر أو الغنم أو المعز في المذبح المخصص لذلك القريب من خيمة الاجتماع وتسمى قبة الزمان قبة العهد قبة الشهادة لتكون الذبائح قربانا للرب والإنسان الذي يذبح خارج المذبح المخصص يهلك من شعبه أي يقتل ثم نسخ هذا الحكم بما في سفر التثنية 12 / 15-22 وصار يجوز لهم الذبح في كل مكان وعدم الاقتصار على المذبح المخصص قال هورن في تفسيره بعد أن نقل الفقرات المشار إليها من سفر الأحبار وسفر التثنية في هذين الموضعين تناقض في الظاهر لكن إذا لوحظ أن الشريعة الموسوية كانت تزاد وتنقص على وفق حال بني إسرائيل وكانت قابلة للتبديل فالتوجيه في غاية السهولة فقد نسيخ موسى في السنة الأربعين من التيه قبل دخولهم فلسطين حكم سفر الأحبار بحكم سفر التثنية نسخا صريحا فيجوز لهم بعد دخول فلسطين أن يذبحوا البقر والغنم والمعز في أي موضع شاؤوا ويأكلوا فاعترف بوقوع النسخ في شريعة موسى وأنها كانت تزاد وتنقص على وفق حال بني إسرائيل
• الحكم في عمر اللاوي (الحبر) المخصص للخدمة :ورد في سفر العدد 4 / 3و23و30 و 35و 39و43و46 أن الحبر اللاوي المخصص للخدمة في خيمة الاجتماع لا يكون عمره أنقص من ثلاثين سنة ولا يزيد عن خمسين ( من ابن ثلاثين سنة فصاعدا إلى ابن خمسين سنة ) ورد في سفر العدد 8 / 24 و 25 أن عمر الحبر اللاوي المخصص للخدمة لا يكون أنقص من خمس وعشرين سنة ولا يزيد عن خمسين (هذا ما للاويين من ابن خمس وعشرين سنة فصاعدا)فإما أن يكون هذا الفرق من التناقض والاختلاف الواقع بالتحريف وإما أن يكون هذا الحكم الثاني ناسخا للأول فيجب الإقرار بأحد الأمرين .
• الزيادة في عمر حزقيا :ورد في سفر الملوك الثاني 20 / 1-6 أن الله أمر النبي إشعياء بن آموص أن يذهب إلى حزقيا ملك مملكة يهوذا فيخبره بانتهاء أجله لكي يوصي على بيته فأقبل الملك حزقيا بوجهه إلى الحائط وصلى وبكى بكاء عظيما فلما خرج إشعياء نسخ الله هذا الحكم بعد تبليغه وأوحى إليه قبل أن يصل إلى وسط الدار أن يرجع إلى حزقيا ويقول له إن الله قد سمع صلاتك ورأى دموعك وشفاك وزاد في عمرك خمس عشرة سنة فالحكم المنسوخ والناسخ بلغا بواسطة النبي إشعياء بوحي الله إليه .
• الرسالة العيسوية بين الخصوص والعموم :ورد في إنجيل متى 10 / 5-6 : هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا إلى طريق أمم لا تمضوا إلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ) وفي إنجيل متى 15 :( فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة) ففي هذين النصين خصص عيسى صلى الله عليه وسلم رسالته ببني إسرائيل وورد في إنجيل مرقس 16 / 15 أن عيسى صلى الله عليه وسلم قال للحواريين : (اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها ) ويزعم النصارى أن هذا النص دال على عموم الرسالة فيكون هذا النص ناسخا للخصوصية وصار الحكم الأول منسوخا أي إن المسيح أولا خصص رسالته ببني إسرائيل فقط ثم نسخ التخصيص وأمر بدعوة العالم أجمع فإن أقروا بالنسخ حصل ما أردنا من إمكانية وقوع النسخ في كتبهم وأن كتبهم غير ممنوعة من النسخ بل هو واقع فيها وإن لم يقروا بالنسخ حصل ما أردنا من وجود التناقض والتحريف في أناجيلهم والصواب أن عبارة إنجيل مرقس لم يقلها المسيح صلى الله عليه وسلم.
إبطال التثليث
بيان أمور تفيد الناظر بصيرة
• كتب العهد القديم ناطقة بأن الله واحد أحد منزه عن الصاحبة والولد حي لا يموت قادر يفعل ما يشاء ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته والأمر لشهرته وكثرته في تلك الكتب غير محتاج إلى نقل الشواهد .
• عبادة غير الله حرام وحرمتها التوراة في فقرات كثيرة منها سفر الخروج 20 / 3 و4 و5 و23 و34 / 14 و17 وسفر التثنية 13/ 1-11 و17 / 2-7 وصرحت التوراة بوجوب قتل من دعا إلى عبادة غير الله ولو كان هذا الداعي نبيا ذا معجزات عظيمة وصرحت التوراة بوجوب رجم كل من عبد غير الله أو رغب في عبادة غير الله سواء كان هذا العابد رجلا أو امرأة وسواء كان المرغب من الأقرباء أو الأصدقاء .
• وردت في التوراة فقرات تفيد التنزيه لله وأنه ليس له شبيه ففي سفر التثنية 4 / 12 و15 :فكلمكم الرب من وسط النار وأنتم سامعون صوت كلام ولكن لم تروا صورة بل صوتا فاحتفظوا جدا لأنفسكم فإنكم لم تروا صورة ما يوم كلمكم الرب في حوريب من وسط النار ووردت في العهد الجديد فقرات تفيد أن رؤية الله ممتنعة في الدنيا ففي إنجيل يوحنا 1 / 18 :(الله لم يره أحد قط) وفي رسالة بولس الأول إلى تيموثاوس 6 / 16 : (لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه) وفي رسالة يوحنا الأولى 4 / 12 : (الله لم ينظره أحد قط) فثبت أن الله ليس له شبيه ورؤيته في الدنيا غير واقعة ومن كان مرئيا لا يكون إلها قط ولو أطلق عليه في كلام الله أو الأنبياء أو الحواريين لفظ الله أو رب لأنه لا يجوز الأخذ بالفقرات المخالفة للبرهان العقلي وترك الفقرات السابقة التي مضمونها مطابق للبرهان العقلي فقد ورد في مواضع غير محصورة من كتب العهدين إطلاق لفظ إله على الملك وعلى موسى وعلى قضاة بني إسرائيل وعلى الإنسان الكامل بل وعلى آحاد الناس وعلى الشيطان الرجيم لأنه يكون لإطلاق مثل هذا اللفظ على غير الله وجه مناسب لكل محل ويدل سوق الكلام على ذلك الوجه بحيث لا يشتبه على الناظر في بادي الرأي فلا يجوز لعاقل أن يستدل بإطلاق هذا اللفظ على بعض بني آدم أنه إله أو ابن الله وينبذ وراءه جميع البراهين العقلية القطعية وكذلك البراهين النقلية الصحيحة .
• عقيدة التثليث لم يأت بها نبي من الأنبياء ولا نزلت في كتاب من الكتب السماوية ، وعدم ورودها في التوراة غير محتاج إلى بيان لأن من طالع التوراة الحالية لا يجد فيها ذكرا صريحا ولا إشارة أو تلميحا لهذا الأمر وعلماء اليهود من عهد موسى صلى الله عليه وسلم إلى هذا الزمان لا يعترفون بعقيدة التثليث ولا يرضون بنسبتها إلى كتبهم فلو كانت عقيدة التثليث حقا لوجب على موسى وسائر أنبياء بني إسرائيل وآخرهم عيسى صلى الله عليه وسلم أن يبينوها حق التبيين فقد كانوا مأمورين بالعمل بجميع أحكام التوراة في الشريعة والعقيدة وأهل التثليث يعتقدون أن عقيدتهم هذه هي مدار النجاة ولا يمكن نجاة أحد بدونها نبيا كان أو غير نبي فكيف فارق أنبياء بني إسرائيل كلهم الدنيا دون أن يبينوا هذه العقيدة بيانا واضحا وصريحا وهم في نفس الوقت بينوا أمورا وأحكاما أقل أهمية من هذه العقيدة وكرروا البيان لبعض الأحكام مرة بعد أخرى وأكدوا على المحافظة عليها والعمل بها تأكيدا بليغا وأوجبوا القتل على تارك بعضها فالعجب كل العجب أن عيسى صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم أنبياء بني إسرائيل والذي هو أحد أركان الثالوث عند النصارى عرج إلى السماء دون أن يبين لأتباعه هذه العقيدة بكلام واضح غير محتاج إلى التأويل كأن يقول مثلا إن الله ثلاثة أقانيم الآب والابن والروح القدس وإن أقنوم الابن الإله الثاني متعلق بي بالعلاقة الفلانية أو بعلاقة فهمها خارج عن إدراك عقولكم أو أن يقول أي كلام آخر صريح في بيان هذه العقيدة والصواب أن أهل التثليث ليس في أيديهم أي دليل على عقيدتهم وأنهم يأتون بتأويلات بعيدة لأقوال ظاهرة لا تحتمل التأويل وصاحب كتاب ميزان الحق الدكتور القسيس فندر سأل سؤالا في كتابه المسمى مفتاح الأسرار وهو: لم لم يبين المسيح ألوهيته ببيان واضح ؟! ولم لم يقل باختصار إني أنا الله ؟ ثم أجاب نفسه على هذا السؤال بقوله إنه ما كان أحد يقدر على فهم هذه العلاقة والوحدانية قبل قيامه من الأموات وعروجه إلى السماء فلو قال صراحة إني أنا الله لفهموا أنه إله بحسب الجسم الإنساني وهذا باطل وهناك أمور كثيرة قال في حقها لتلاميذه كما في إنجيل يوحنا 16 / 12 :(إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن) فعلماء اليهود أرادوا مرارا أن يأخذوه ويرجموه وهو ما كان يبين لهم ألوهيته بين أيديهم إلا على طريق الألغاز
• في الرد على جواب الدكتور فندر نقول أولا : إن هذا جواب ضعيف غاية الضعف لأن زعمه عدم قدرة أحد أن يفهم عقيدة التثليث وعقيدة ألوهية المسيح قبل قيامه وعروجه فلأن بإمكان المسيح أن يقول لأتباعه ولليهود إن علاقة الاتحاد التي بين جسمي وبين الأقنوم الثاني ( أقنوم الابن) فهمها خارج عن وسعكم ، فاتركوا البحث فيها واعتقدوا بأني إله ، وأني لست إلها باعتبار الجسم بل بعلاقة الاتحاد التي فهمها خارج عن إدراك عقولكم
• عدم القدرة على فهم علاقة الاتحاد المذكور باقية بعد عروج المسيح أيضا وإلى الآن لا يستطيع عالم من علماء النصارى أن يبين كيفية هذه العلاقة وكتبهم مليئة بالاعترافات في عدة مواضع أن هذا الأمر من الأسرار الخارجة عن إدراك العقل ومن أراد التأكد فليرجع إلى قاموس الكتاب المقدس الذي اشترك في تأليفه أكثر من عشرين عالما لاهوتيا من علمائهم ، ولينظر بنفسه كيف تخبطوا تخبطا واضحا في شرح كلمة تثليث .
• لماذا خاف المسيح من اليهود فلم يبين لهم ألوهيته إلا بطريق الألغاز وأنتم تزعمون أن المسيح ما جاء إلا ليكون كفارة لذنوب الخلق بأن يصلبه اليهود وأنه كان يعلم يقينا أنهم يصلبونه فأي محل للخوف من اليهود في بيان هذه العقيدة الضرورية للنجاة وكيف يخاف الإله العظيم خالق السماوات والأرضين من أذل أقوام الدنيا والحال أن بعض الأنبياء بينوا الحق لبني إسرائيل دون خوف منهم فأوذي بعضهم إيذاء شديدا وقتل بعضهم ثم إن المسيح صلى الله عليه وسلم شدد في الإنكار على الكتبة والفريسيين ووصفهم بأنهم مراءون وقادة عميان وجهال وحيات وأفاع وأظهر قبائحهم على رؤوس الأشهاد حتى شكا بعضهم بأنك تشتمنا ( إنجيل متى 23 13 - 37 وإنجيل لوقا 11 37 - 54 ) فالمسيح الذي بين لعلماء اليهود بعض مخالفاتهم وعنفهم عليها تعنيفا شديدا ووصفهم بأوصاف قاسية دون خوف منهم فكيف يظن به أن يحمله الخوف منهم على أن يترك بيان العقيدة الضرورية للنجاة حاشا وكلا أن يكون جنابه الشريف عند هذا الظن الفاسد .
إبطال التثليث بالبرهان العقلي
• النصارى يعتقدون أن التثليث حقيقي والتوحيد حقيقي ولكن إذا وجد التثليث الحقيقي وجدت الكثرة الحقيقية أيضا وإذا ثبت التثليث والكثرة الحقيقيان انتفى التوحيد الحقيقي ولا يمكن ثبوته وإلا يلزم اجتماع الضدين الحقيقيين وهو محال ويلزم تعدد واجبي الوجود وهو محال أيضا فالقائل بالتثليث لا يمكن أن يكون موحدا لله توحيدا حقيقيا لأن الواحد الحقيقي ليس له ثلث صحيح وليس هو مجموع آحاد أما الثلاثة فلها ثلث صحيح هو واحد وهي مجموع آحاد ثلاثة فالواحد الحقيقي جزء الثلاثة فلو اجتمعا في محل واحد يلزم منه كون الجزء كلا والكل جزءا ويلزم منه أيضا كون الواحد ثلث نفسه وهو ثلاثة أميال الثلاثة والثلاثة ثلث الواحد وهي ثلاثة أمثال نفسها وكلها لوازم يرفضها العقل بالبداهة وبناء على ذلك فالتثليث الحقيقي ممتنع في ذات الله فلو وجد قول في كتب النصارى يدل على التثليث بحسب الظاهر فيجب تأويله ليطابق العقل والنقل فالعقل والنقل يدلان على امتناع التثليث في ذات الله.
• قام جرجيس صال بترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنكليزية وطبعت هذه الترجمة سنة 1836م وكان قد وصى قومه بوصايا منها قوله لا تعلموا المسلمين المسائل التي هي مخالفة للعقل لأنهم ليسوا حمقى حتى نغلب عليهم في هذه المسائل كعبادة الصنم والعشاء الرباني لأنهم يعثرون كثيرا من هذه المسائل وكل كنيسة فيها هذه المسائل لا تقدر أن تجذبهم إليها
• قال علماء الإسلام : لا نرى مذهبا في الدنيا أشد ركاكة وبعدا عن العقل من مذهب النصارى ولا نرى في الدنيا مقالة أشد فسادا وأظهر بطلانا من مقالتهم .
إبطال التثليث بأقوال المسيح عليه السلام
• القول الأول : ورد في إنجيل يوحنا 17 / 3 قول عيسى صلى الله عليه وسلم مخاطبا الله: ( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) فبين عيسى صلى الله عليه وسلم أن الحياة الأبدية تنال بالإيمان بتوحيد الله وبرسالة رسوله عيسى ولم يقل إن الحياة الأبدية تنال بالإيمان بتثليث الأقانيم الإلهية ولا بالإيمان بأن عيسى إله وابن الله ولما كان قول عيسى هنا في خطاب الله فلا احتمال هنا لخوفه من اليهود فلو كان اعتقاد التثليث وألوهية عيسى مدار النجاة لبينه ولكن مدار النجاة والحياة الأبدية باعتقاد التوحيد الحقيقي لله وبأن المسيح رسوله والاعتقاد بعكس ذلك هو الهلاك الأبدي والضلال المبين لأن كون الله واحدا ضد لكونه ثلاثة وكون المسيح رسولا ضد لكونه إلها والمرسل غير الرسول المرسل .
• القول الثاني : ورد في إنجيل مرقس 12 / 28-34 : فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله أية وصية هي أول الكل فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك . هذه هي الوصية الأولى وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك . ليس وصية أخرى أعظم من هاتين فقال له الكاتب جيدا يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه ومحبته من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح فلما رآه يسوع أنه أجاب بعقل قال له لست بعيدا عن ملكوت الله ) والفقرات وردت في إنجيل متى 22 / 34-40 وأكتفي بنقل الفقرة (40) وهي قول عيسى صلى الله عليه وسلم: (بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء ) فأكدت الفقرات السابقة على أن أول الوصايا الموصي بها في التوراة وفي سائر كتب الأنبياء والتي هي مدار النجاة الاعتقاد بأن الله واحد لا إله غيره ولو كان اعتقاد التثليث وألوهية المسيح حقا لكان مبينا في التوراة وفي جميع كتب الأنبياء ولقال عيسى في جواب السائل إن أول الوصايا هي الاعتقاد بأن الله واحد ذو أقانيم ثلاثة وأني الإله الثاني وابن الله وبما أن عيسى لم يقل ذلك ولم ترد إشارة له لا في التوراة ولا في كتب الأنبياء ثبت أن النجاة تكون باعتقاد التوحيد الحقيقي لله المناقض لاعتقاد التثليث ولاعتقاد الشريك والولد وكتب العهد القديم مليئة بالنصوص المصرحة بتوحيد الله وعلى سبيل المثال انظر (سفر التثنية 4 / 35 و39 و6 / 4-5 وسفر إشعياء 45 / 5-6 ، و46 / 9) .
• القول الثالث : ورد في إنجيل مرقس 13 :( وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب ) فالقول ينادي على بطلان التثليث وألوهية المسيح لأنه صلى الله عليه وسلم خصص علم ساعة القيامة بالله وحده ونفى عن نفسه علمها كما نفاه عن عباد الله الآخرين وسوى بين نفسه وبينهم في عدم العلم ولو كان إلها لكان يعلم وقت القيامة ولما نفى عن نفسه العلم بها .
• القول الرابع : ورد في إنجيل متى 27 / 46و50 : ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح ) وهذا القول الذي صدر عن المسيح في آخر حياته بزعمهم ينفي ألوهيته لأنه لو كان إلها لما استغاث بإله آخر فالإله الحقيقي يمتنع عليه صفات النقص كالضعف والإعياء والاستغاثة والعجز والموت وهو حي قدوس ففي سفر إشعياء 40 / 28 :(أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا) ومثل فقرة سفر إشعياء فقرات كثيرة في كتب العهدين (انظر : سفر إشعياء 44 / 6 ، وسفر إرميا 10 / 10 ، وسفر حبقوق 1 / 12 ، ورسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 1 / 17) وكلها تدل على أن الإله الحقيقي هو إله سرمدي حي قدوس لا يموت ولا إله غيره بريء من الضعف فهل يكون العاجز الفاني الميت إلها ؟! لا شك أن الإله الحقيقي هو الذي استغاث به عيسى في هذا الوقت على زعمهم فقرة سفر حبقوق 1 / 12 في الطبعات القديمة كما يلي :(يارب إلهي قدوسي لا تموت) فوردت فيها كلمة (تموت) بتاءين أي تنفي الموت عن الله وفي الطبعات الحديثة حرفت التاء الأولى وكتبت نون فوردت فيها هذه الكلمة بالنون أي (لا نموت) .
• القول الخامس : ورد في إنجيل يوحنا 20 / 17 أن عيسى صلى الله عليه وسلم قال لمريم المجدلية :(ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم) ففي هذا القول سوى المسيح صلى الله عليه وسلم بينه وبين سائر الناس في أن الله أبوه وأبوهم وإلهه وإلههم لكيلا يتقولوا عليه الباطل فيقولوا إنه إله وابن الله فكما أن تلاميذه هم عبادُ الله وليسوا أبناء الله على الحقيقة بل بالمعنى المجازي فكذلك عيسى هو عبد الله وليس ابن الله على الحقيقة وكما لم يلزم من بنوتهم لله كونهم آلهة فكذلك لا يلزم من بنوته لله كونه إلها ولما كان هذا القول صدر عن المسيح بعد قيامه من الأموات على زعمهم أي قبل العروج بقليل ثبت أنه كان يصرح بأنه عبد الله وأن الله إلهه وإلههم إلى آخر لحظة من وجوده على الأرض وهذا مطابق لأقوال المسيح الواردة في قوله تعالى عنه في سورة آل عمران آية 51 : { إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ } فالقول بالتثليث وألوهية المسيح يناقض آخر كلمات تكلم بها المسيح وودع بها تلاميذه قبل رفعه لأنه بقي إلى تلك اللحظة يدعو إلى اعتقاد توحيد الله ووجوب عبادته واعتقاد عبودية المسيح لله ربِّه .
• القول السادس : وردت في الأناجيل فقرات كثيرة يصعب حصرها صرح فيها المسيح صلى الله عليه وسلم بأنه إنسانٌ معلِّمٌ ورسولٌ نبي يوحي إليه ومنها لمن أراد الرجوع إليها
1. في إنجيل متّى 10 / 40 و11 / 19 و13 / 57 و15 و17 / 12 و22 و19 / 16 و21 / 11 و46 و23 و10 و26 / 18 وما ورد في إنجيل مرقس 9 / 37 و38 و10 / 35 .
2. في إنجيل لوقا 4 / 43 و5 / 5 ، و7 / 16 و39 و40 ، و8 / 24 و45 و9 / 33 و38 و56 و10 / 16 و12 / 13 و13 / 33 و34 و17 / 13 و23 / 47 و24 / 19 .
3. في إنجيل يوحنا 1 / 38 و4 / 19 و31 و34 و5 ,24 و36 و37 و6 / 14 و25 ، و7 / 15 و16 و17 و18 و52 ، و8 / 16 و18 و26 و28 و29 و40 و42 ، و9 / 11 و15 و17 ، و11 / 42 ، و12 / 44 و49 و50 ، و13 / 13 و14 ، و14 ، و17 / 3 و8 و18 و25 ، و20 / 16و21 .
4. في إنجيل متى 10 / 40 : ( من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني) .
5. في إنجيل لوقا 4 / 43 :( فقال لهم إنه ينبغي لي أن أبشر المدن الأخر أيضا بملكوت الله لأني لهذا قد أرسلت) .
6. في إنجيل يوحنا 5 / 36 و37 : هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته) .
• القول السابع : ورد في إنجيل متى 26 / 36-46 : حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة يقال لها جَثْسَيْمَانِي فقال للتلاميذ اجلسوا هاهنا حتى أمضي وأصلي هناك ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت امكثوا هاهنا واسهروا معي ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياما فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف فمضى أيضا ثانية وصلى قائلا يا أبتاه إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك ثم جاء فوجدهم أيضا نياما إذ كانت أعينهم ثقيلة فتركهم ومضى أيضا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا هو ذا الساعة قد اقتربت وابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة قوموا ننطلق هو ذا الذي يسلمني قد اقترب مثل هذه الفقرات ما ورد في إنجيل لوقا 22 / 39-46 فأقوال المسيح وأحواله المندرجة في هذه الفقرات تدل دلالة قطعية على عبوديته لله وأنه ليس إلها ولا ابن الله لأن الذي يحزن ويكتئب ويصلي ويدعو بغاية التضرع ويموت يكون بشرا مخلوقا وليس إلها خالقا
• توراة موسى صلى الله عليه وسلم فيها جميع أحكام شريعة بني إسرائيل وكل أنبيائهم مأمورون بالعمل بأحكامها ومنها أحكام الحلال والحرام من الحيوانات فيما يحل أكله أو يحرم منها وعيسى صلى الله عليه وسلم من بني إسرائيل وتابع لشريعة موسى صلى الله عليه وسلم وليس بناسخ لها فقد ورد على لسانه كما في إنجيل متى 5 / 17-18 : لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ما جئت لأنقض بل لأكمل فإني الحق أقول لكم إلى أن تزول السماء والأرض لا يزول حرف واحد أو نقطة واحدة من الناموس حتى يكون الكل) وقد تمسك الدكتور القسيس فندر بهاتين الفقرتين في الصفحة (24) من كتابه ميزان الحق على أن أحكام التوراة لا تنسخ ونفى أن يكون المسيح قد نسخ شيئا من أحكام التوراة لأنه ما جاء لينقضها بل ليكملها ولكن جميع المحرمات في التوراة أصبحت حلالا بفتوى بولس ولا يوجد في شريعته شيء حرام إلا للنجسين فالأشياء الطاهرة هي للنجسين نجسة والأشياء النجسة هي للطاهرين طاهرة وهذه من أعجب الفتاوى ففي رسالة بولس إلى أهل رومية 14 / 14 :( إني عالم ومتيقن في الرب يسوع أن ليس شيء نجسا بذاته إلا من يحسب شيئا نجسا فله هو نجس) وفي رسالة بولس إلى تيطس 1 / 15 :( كل شيء طاهر للطاهرين وأما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرا بل قد تنجس ذهنهم أيضا وضميرهم )
• يفهم من النصين السابقين أن موسى وسائر أنبياء بني إسرائيل إلى عيسى صلى الله عليه وسلم وأتباعهم لم يكونوا طاهرين فلم تحصل لهم هذه الإباحة العامة لجميع المحرمات ولم يستطع عيسى صلى الله عليه وسلم أن ينسخ شريعة موسى ولما كان أتباع بولس طاهرين حصلت لهم هذه الإباحة العامة لجميع المحرمات والمطعومات النجسة وصار كل شيء طاهرا وحلالا لهم واستطاع رئيسهم بولس أن ينسخ شريعة موسى كلها واجتهد كثيرا في إشاعة حكم الإباحة العامة وفي إقناع أتباعه بأن أحكام التوراة كلها صارت منسوخة ولذلك كتب إلى تيموثاوس في رسالته الأولى 1 / 1-7 : إنه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين وآمرين أن يمتنع عن أطعمة قد خلقها الله لتتناول بالشكر من المؤمنين وعار في الحق لأن كل خليقة الله جيدة ولا يرفض شيء إذا أخذ مع الشكر لأنه يقدس بكلمة الله والصلاة إن فكرت الإخوة بهذا تكون خادما صالحا ليسوع المسيح متربيا بكلام الإيمان والتعليم الحسن الذي تتبعته وأما الخرافات الدنسة العجائزية فارفضها) .
نسخ الأعياد الإسرائيلية والسبت :
• وردت أحكام الأعياد والسبت مفصلة في سفر الأحبار ( اللاويين) 23 / 1-44 وورد في الفقرات 14 و21 و31 و41 أنها فريضة دهرية في جميع أجيال بني إسرائيل وفي جميع مساكنهم وكان تعظيم السبت حكما أبديا في شريعة موسى وكل من عمل فيه عملا يقتل وتكرر تعظيم السبت في مواضع من كتب العهد العتيق منها سفر التكوين 2 / 2-3 وسفر الخروج 20 / 8-11 و23 / 12 و34 وسفر الأحبار ( اللاويين) 19 / 3 و23 / 3 وسفر التثنية 5 / 12-15 سفر إرميا 17 / 19-27 وسفر إشعياء 56 / 1-8 و58 / 13-14 وسفر نحميا 9 / 14 وسفر حزقيال 20 / 12-24 .
• أما قتل كل من عمل عملا يوم السبت فقد ورد في سفر الخروج 31 / 12-17 ، و35 / 1-3 وفي زمان موسى صلى الله عليه وسلم وجدوا رجلا يحتطب يوم السبت فأخرجوه خارج المحلة ورجموه بالحجارة فمات كما ورد في سفر العدد 15 / 32-36 وقد نسخ بولس جميع أحكام الأعياد بما فيها حكم تعظيم السبت فقال في رسالته إلى أهل كولوسي 2 / 16 :( فلا يحكم عليكم أحد في أكل أو شرب أو من جهة عيد أو هلال أو سبت) ونقل في تفسير دوالي ورجردمينت عن اثنين من العلماء المفسرين قولهما :كانت الأعياد في اليهود على ثلاثة أقسام في كل سنة سنة وفي كل شهر شهر وفي كل أسبوع أسبوع فنسخت هذه الأعياد كلها بل ونسخ يوم السبت أيضا وأقيم سبت النصارى مقامه أي يوم الأحد بدل يوم السبت .
نسخ حكم الختان :
• حكم الختان كان في شريعة إبراهيم صلى الله عليه وسلم حكما أبديا كما هو مصرح به في سفر التكوين 17 / 9-14 وأكتفي بنقل بعض الفقرات : ابن ثمانية أيام يختن منكم كل ذكر في أجيالكم فيكون عهدي في لحمكم عهدا أبديا) وبقي هذا الحكم مستمرا في أولاد إسماعيل وإسحاق صلى الله عليه وسلم وبقي كذلك في شريعة موسى صلى الله عليه وسلم ففي سفر الأحبار ( اللاويين) 12 / 3 بخصوص المولود الذكر (وفي اليوم الثامن يختن لحم غرلته) وقد ختن عيسى صلى الله عليه وسلم ففي إنجيل لوقا 2 :( ولما تمت ثمانية أيام ليختنوا الصبي سمي يسوع ) وفي عبادة النصارى إلى هذا الحين صلاة معينة يؤدونها في يوم ختان عيسى تذكرة لهذا اليوم وبقي حكم الختان في عهده صلى الله عليه وسلم ولم ينسخه ولكن بولس شدد تشديدا بليغا في نسخ هذا الحكم كما يظهر من رسالته إلى أهل رومية 2 / 25-29 ورسالته إلى أهل غلاطية 2 / 3-5 ، و5 / 1-6 و6 / 11-16 ورسالته إلى أهل فيلبي 3 / 3 ورسالته إلى أهل كولوسي 2 / 11 وأكتفي بنقل فقرتين من رسالته إلى أهل غلاطية 5 / 2و6 : ها أنا بولس أقول لكم إنه إن اختتنتم لا ينفعكم المسيح شيئا لأنه في المسيح يسوع لا الختان ينفع شيئا ولا الغرلة ) والنصارى تركوا الحكم الذي هو حكم أبدي ولم ينقضه عيسى صلى الله عليه وسلم وصدقوا أن بولس نسخه لهم .
• ورد قول بولس في الرسالة إلى العبرانيين 7 / 18 :( فإنه يصير إبطال الوصية السابقة من أجل ضعفها وعدم نفعها ) ونص الفقرة في طبعتي سنة 1825م و1826 م ( لأن نسخ ما تقدم من الحكم قد عرض لما فيه من الضعف وعدم الفائدة ) ونص هذه الفقرة أيضا في طبعات سنة 1671م و1823م و1844م ( وإنما كان رذالة الوصية الأولى لضعفها وأنه لم يكن فيها منفعة) ونصها في طبعة سنة 1882م كما يلي : ( إذن نرفض الوصية السابقة لضعفها وعدم نفعها ) وفي الرسالة العبرانية 8 / 7و13 : فإنه لو كان ذلك الأول بلا عيب لما طلب موضع لثان فإذ قال جديدا عتق الأول وأما ما عتق وشاخ فهو قريب من الاضمحلال ونص هاتين الفقرتين في طبعتي سنة 1823م و1844م: (ولو أن الأول كان بلا لوم لم يطلب للثاني موضع وإذا قال جديدا فعتق الأول والذي عتق وشاخ فهو قريب من الفساد) ونصهما في طبعتي سنة 1825م و1826م: (فلو كان العهد الأول غير معترض عليه لم يوجد للثاني موضع فبقوله عهدا جديدا صير الأول عتيقا والشيء العتيق والبالي قريب من الفناء) وفي الرسالة إلى العبرانيين 10 / 9 : ( ينزع الأول لكي يثبت الثاني ) ففي الفقرات السابقة أطلق بولس على التوراة أنها ضعيفة وعديمة النفع وعديمة الفائدة ورذيلة ومعابة وعتيقة وشاخت وقريبة من الاضمحلال ومرفوضة وملومة وقريبة من الفساد ومعترض عليها وبالية وقريبة من الفناء ومنزوعة ومنسوخة نقل في تفسير دوالي ورجردمينت قول بايل : هذا ظاهر جدا أن الله يريد أن ينسخ العتيق الأنقص بالرسالة الجديدة الحسنة فلذلك يرفع المذهب الرسومي اليهودي ويقوم المذهب النصراني مقامه وفيه إشعار بكون ذبائح اليهود غير كافية ولذا تحمل المسيح على نفسه الموت ليجبر نقصانها ونسخ بفعل أحدهما استعمال الآخر .
• ظهر من الأمثلة السابقة ما يلي :
أ- وجود بعض الأحكام المنسوخة في شرائع سابقة والأحكام الناسخة في شرائع لاحقة ليس مختصا بشريعة الإسلام بل وجد في الشرائع السابقة أيضا .
ب- جميع أحكام التوراة العملية أبدية كانت أو غير أبدية وجميع الفرائض والمحرمات نسخها بولس حسب ما ورد في رسائله وجعل أتباعه غير مطالبين بها .
ت- لفظ النسخ أيضا وجد في كلام بولس بالنسبة إلى التوراة وأحكامها وورد في كلام المفسرين والمحققين منهم .
ث- بولس ادعى أن الشيء العتيق البالي قريب من الفناء والفساد وضعيف وعديم النفع وعديم الفائدة ورذيل ومعاب ومضمحل ومرفوض وملوم ومعترض عليه ومنزوع ومنسوخ إذن لا استبعاد في نسخ شريعة أهل الكتاب بشريعة الإسلام ، بل هذا ضروري على وفق كلام بولس ؛ لأن شريعة أهل الكتاب تعد قديمة بالنسبة إلى شريعة الإسلام الجديدة ، كيف لا يكون ذلك ضروريا ورسولهم بولس والمفسرون أطلقوا على التوراة ألفاظا غير ملائمة ، مع أنهم يقولون إنها كلام الله ؟!
نسخ الأمر بالذبح :
• ورد في سفر التكوين 22 / 1-14 أن الله أمر إبراهيم صلى الله عليه وسلم بذبح ولده إسحاق صلى الله عليه وسلم (والصواب أنه إسماعيل صلى الله عليه وسلم) فلما استجابا للأمر نسخ الله هذا الحكم قبل العمل به وفدى الذبيح بكبش من السماء .
• أمر حزقيال ثم نسخ الأمر قبل العمل به :في سفر حزقيال 4 / 10و12 و14 و15 : وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن كل يوم عشرين شاقلا من وقت إلى وقت تأكله وتأكل كعكا من الشعير على الخرء الذي يخرج من الإنسان تخبزه أمام عيونهم فقلت آه يا سيد الرب ها نفسي لم تتنجس ومن صباي إلى الآن لم آكل ميتة أو فريسة ولا دخل فمي لحم نجس فقال لي انظر قد جعلت لك خثي البقر بدل خرء الإنسان فتصنع خبزك عليه ) .
• نسخ الأمر بالذبح في المذبح المخصص :ورد في سفر الأحبار ( اللاويين) 17 / 1-6 أن الله أمر موسى وبني إسرائيل أن تذبح الذبائح التي تكون من البقر أو الغنم أو المعز في المذبح المخصص لذلك القريب من خيمة الاجتماع وتسمى قبة الزمان قبة العهد قبة الشهادة لتكون الذبائح قربانا للرب والإنسان الذي يذبح خارج المذبح المخصص يهلك من شعبه أي يقتل ثم نسخ هذا الحكم بما في سفر التثنية 12 / 15-22 وصار يجوز لهم الذبح في كل مكان وعدم الاقتصار على المذبح المخصص قال هورن في تفسيره بعد أن نقل الفقرات المشار إليها من سفر الأحبار وسفر التثنية في هذين الموضعين تناقض في الظاهر لكن إذا لوحظ أن الشريعة الموسوية كانت تزاد وتنقص على وفق حال بني إسرائيل وكانت قابلة للتبديل فالتوجيه في غاية السهولة فقد نسيخ موسى في السنة الأربعين من التيه قبل دخولهم فلسطين حكم سفر الأحبار بحكم سفر التثنية نسخا صريحا فيجوز لهم بعد دخول فلسطين أن يذبحوا البقر والغنم والمعز في أي موضع شاؤوا ويأكلوا فاعترف بوقوع النسخ في شريعة موسى وأنها كانت تزاد وتنقص على وفق حال بني إسرائيل
• الحكم في عمر اللاوي (الحبر) المخصص للخدمة :ورد في سفر العدد 4 / 3و23و30 و 35و 39و43و46 أن الحبر اللاوي المخصص للخدمة في خيمة الاجتماع لا يكون عمره أنقص من ثلاثين سنة ولا يزيد عن خمسين ( من ابن ثلاثين سنة فصاعدا إلى ابن خمسين سنة ) ورد في سفر العدد 8 / 24 و 25 أن عمر الحبر اللاوي المخصص للخدمة لا يكون أنقص من خمس وعشرين سنة ولا يزيد عن خمسين (هذا ما للاويين من ابن خمس وعشرين سنة فصاعدا)فإما أن يكون هذا الفرق من التناقض والاختلاف الواقع بالتحريف وإما أن يكون هذا الحكم الثاني ناسخا للأول فيجب الإقرار بأحد الأمرين .
• الزيادة في عمر حزقيا :ورد في سفر الملوك الثاني 20 / 1-6 أن الله أمر النبي إشعياء بن آموص أن يذهب إلى حزقيا ملك مملكة يهوذا فيخبره بانتهاء أجله لكي يوصي على بيته فأقبل الملك حزقيا بوجهه إلى الحائط وصلى وبكى بكاء عظيما فلما خرج إشعياء نسخ الله هذا الحكم بعد تبليغه وأوحى إليه قبل أن يصل إلى وسط الدار أن يرجع إلى حزقيا ويقول له إن الله قد سمع صلاتك ورأى دموعك وشفاك وزاد في عمرك خمس عشرة سنة فالحكم المنسوخ والناسخ بلغا بواسطة النبي إشعياء بوحي الله إليه .
• الرسالة العيسوية بين الخصوص والعموم :ورد في إنجيل متى 10 / 5-6 : هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا إلى طريق أمم لا تمضوا إلى مدينة للسامريين لا تدخلوا بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة ) وفي إنجيل متى 15 :( فأجاب وقال لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة) ففي هذين النصين خصص عيسى صلى الله عليه وسلم رسالته ببني إسرائيل وورد في إنجيل مرقس 16 / 15 أن عيسى صلى الله عليه وسلم قال للحواريين : (اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها ) ويزعم النصارى أن هذا النص دال على عموم الرسالة فيكون هذا النص ناسخا للخصوصية وصار الحكم الأول منسوخا أي إن المسيح أولا خصص رسالته ببني إسرائيل فقط ثم نسخ التخصيص وأمر بدعوة العالم أجمع فإن أقروا بالنسخ حصل ما أردنا من إمكانية وقوع النسخ في كتبهم وأن كتبهم غير ممنوعة من النسخ بل هو واقع فيها وإن لم يقروا بالنسخ حصل ما أردنا من وجود التناقض والتحريف في أناجيلهم والصواب أن عبارة إنجيل مرقس لم يقلها المسيح صلى الله عليه وسلم.
إبطال التثليث
بيان أمور تفيد الناظر بصيرة
• كتب العهد القديم ناطقة بأن الله واحد أحد منزه عن الصاحبة والولد حي لا يموت قادر يفعل ما يشاء ليس كمثله شيء لا في ذاته ولا في صفاته والأمر لشهرته وكثرته في تلك الكتب غير محتاج إلى نقل الشواهد .
• عبادة غير الله حرام وحرمتها التوراة في فقرات كثيرة منها سفر الخروج 20 / 3 و4 و5 و23 و34 / 14 و17 وسفر التثنية 13/ 1-11 و17 / 2-7 وصرحت التوراة بوجوب قتل من دعا إلى عبادة غير الله ولو كان هذا الداعي نبيا ذا معجزات عظيمة وصرحت التوراة بوجوب رجم كل من عبد غير الله أو رغب في عبادة غير الله سواء كان هذا العابد رجلا أو امرأة وسواء كان المرغب من الأقرباء أو الأصدقاء .
• وردت في التوراة فقرات تفيد التنزيه لله وأنه ليس له شبيه ففي سفر التثنية 4 / 12 و15 :فكلمكم الرب من وسط النار وأنتم سامعون صوت كلام ولكن لم تروا صورة بل صوتا فاحتفظوا جدا لأنفسكم فإنكم لم تروا صورة ما يوم كلمكم الرب في حوريب من وسط النار ووردت في العهد الجديد فقرات تفيد أن رؤية الله ممتنعة في الدنيا ففي إنجيل يوحنا 1 / 18 :(الله لم يره أحد قط) وفي رسالة بولس الأول إلى تيموثاوس 6 / 16 : (لم يره أحد من الناس ولا يقدر أن يراه) وفي رسالة يوحنا الأولى 4 / 12 : (الله لم ينظره أحد قط) فثبت أن الله ليس له شبيه ورؤيته في الدنيا غير واقعة ومن كان مرئيا لا يكون إلها قط ولو أطلق عليه في كلام الله أو الأنبياء أو الحواريين لفظ الله أو رب لأنه لا يجوز الأخذ بالفقرات المخالفة للبرهان العقلي وترك الفقرات السابقة التي مضمونها مطابق للبرهان العقلي فقد ورد في مواضع غير محصورة من كتب العهدين إطلاق لفظ إله على الملك وعلى موسى وعلى قضاة بني إسرائيل وعلى الإنسان الكامل بل وعلى آحاد الناس وعلى الشيطان الرجيم لأنه يكون لإطلاق مثل هذا اللفظ على غير الله وجه مناسب لكل محل ويدل سوق الكلام على ذلك الوجه بحيث لا يشتبه على الناظر في بادي الرأي فلا يجوز لعاقل أن يستدل بإطلاق هذا اللفظ على بعض بني آدم أنه إله أو ابن الله وينبذ وراءه جميع البراهين العقلية القطعية وكذلك البراهين النقلية الصحيحة .
• عقيدة التثليث لم يأت بها نبي من الأنبياء ولا نزلت في كتاب من الكتب السماوية ، وعدم ورودها في التوراة غير محتاج إلى بيان لأن من طالع التوراة الحالية لا يجد فيها ذكرا صريحا ولا إشارة أو تلميحا لهذا الأمر وعلماء اليهود من عهد موسى صلى الله عليه وسلم إلى هذا الزمان لا يعترفون بعقيدة التثليث ولا يرضون بنسبتها إلى كتبهم فلو كانت عقيدة التثليث حقا لوجب على موسى وسائر أنبياء بني إسرائيل وآخرهم عيسى صلى الله عليه وسلم أن يبينوها حق التبيين فقد كانوا مأمورين بالعمل بجميع أحكام التوراة في الشريعة والعقيدة وأهل التثليث يعتقدون أن عقيدتهم هذه هي مدار النجاة ولا يمكن نجاة أحد بدونها نبيا كان أو غير نبي فكيف فارق أنبياء بني إسرائيل كلهم الدنيا دون أن يبينوا هذه العقيدة بيانا واضحا وصريحا وهم في نفس الوقت بينوا أمورا وأحكاما أقل أهمية من هذه العقيدة وكرروا البيان لبعض الأحكام مرة بعد أخرى وأكدوا على المحافظة عليها والعمل بها تأكيدا بليغا وأوجبوا القتل على تارك بعضها فالعجب كل العجب أن عيسى صلى الله عليه وسلم الذي هو خاتم أنبياء بني إسرائيل والذي هو أحد أركان الثالوث عند النصارى عرج إلى السماء دون أن يبين لأتباعه هذه العقيدة بكلام واضح غير محتاج إلى التأويل كأن يقول مثلا إن الله ثلاثة أقانيم الآب والابن والروح القدس وإن أقنوم الابن الإله الثاني متعلق بي بالعلاقة الفلانية أو بعلاقة فهمها خارج عن إدراك عقولكم أو أن يقول أي كلام آخر صريح في بيان هذه العقيدة والصواب أن أهل التثليث ليس في أيديهم أي دليل على عقيدتهم وأنهم يأتون بتأويلات بعيدة لأقوال ظاهرة لا تحتمل التأويل وصاحب كتاب ميزان الحق الدكتور القسيس فندر سأل سؤالا في كتابه المسمى مفتاح الأسرار وهو: لم لم يبين المسيح ألوهيته ببيان واضح ؟! ولم لم يقل باختصار إني أنا الله ؟ ثم أجاب نفسه على هذا السؤال بقوله إنه ما كان أحد يقدر على فهم هذه العلاقة والوحدانية قبل قيامه من الأموات وعروجه إلى السماء فلو قال صراحة إني أنا الله لفهموا أنه إله بحسب الجسم الإنساني وهذا باطل وهناك أمور كثيرة قال في حقها لتلاميذه كما في إنجيل يوحنا 16 / 12 :(إن لي أمورا كثيرة أيضا لأقول لكم ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن) فعلماء اليهود أرادوا مرارا أن يأخذوه ويرجموه وهو ما كان يبين لهم ألوهيته بين أيديهم إلا على طريق الألغاز
• في الرد على جواب الدكتور فندر نقول أولا : إن هذا جواب ضعيف غاية الضعف لأن زعمه عدم قدرة أحد أن يفهم عقيدة التثليث وعقيدة ألوهية المسيح قبل قيامه وعروجه فلأن بإمكان المسيح أن يقول لأتباعه ولليهود إن علاقة الاتحاد التي بين جسمي وبين الأقنوم الثاني ( أقنوم الابن) فهمها خارج عن وسعكم ، فاتركوا البحث فيها واعتقدوا بأني إله ، وأني لست إلها باعتبار الجسم بل بعلاقة الاتحاد التي فهمها خارج عن إدراك عقولكم
• عدم القدرة على فهم علاقة الاتحاد المذكور باقية بعد عروج المسيح أيضا وإلى الآن لا يستطيع عالم من علماء النصارى أن يبين كيفية هذه العلاقة وكتبهم مليئة بالاعترافات في عدة مواضع أن هذا الأمر من الأسرار الخارجة عن إدراك العقل ومن أراد التأكد فليرجع إلى قاموس الكتاب المقدس الذي اشترك في تأليفه أكثر من عشرين عالما لاهوتيا من علمائهم ، ولينظر بنفسه كيف تخبطوا تخبطا واضحا في شرح كلمة تثليث .
• لماذا خاف المسيح من اليهود فلم يبين لهم ألوهيته إلا بطريق الألغاز وأنتم تزعمون أن المسيح ما جاء إلا ليكون كفارة لذنوب الخلق بأن يصلبه اليهود وأنه كان يعلم يقينا أنهم يصلبونه فأي محل للخوف من اليهود في بيان هذه العقيدة الضرورية للنجاة وكيف يخاف الإله العظيم خالق السماوات والأرضين من أذل أقوام الدنيا والحال أن بعض الأنبياء بينوا الحق لبني إسرائيل دون خوف منهم فأوذي بعضهم إيذاء شديدا وقتل بعضهم ثم إن المسيح صلى الله عليه وسلم شدد في الإنكار على الكتبة والفريسيين ووصفهم بأنهم مراءون وقادة عميان وجهال وحيات وأفاع وأظهر قبائحهم على رؤوس الأشهاد حتى شكا بعضهم بأنك تشتمنا ( إنجيل متى 23 13 - 37 وإنجيل لوقا 11 37 - 54 ) فالمسيح الذي بين لعلماء اليهود بعض مخالفاتهم وعنفهم عليها تعنيفا شديدا ووصفهم بأوصاف قاسية دون خوف منهم فكيف يظن به أن يحمله الخوف منهم على أن يترك بيان العقيدة الضرورية للنجاة حاشا وكلا أن يكون جنابه الشريف عند هذا الظن الفاسد .
إبطال التثليث بالبرهان العقلي
• النصارى يعتقدون أن التثليث حقيقي والتوحيد حقيقي ولكن إذا وجد التثليث الحقيقي وجدت الكثرة الحقيقية أيضا وإذا ثبت التثليث والكثرة الحقيقيان انتفى التوحيد الحقيقي ولا يمكن ثبوته وإلا يلزم اجتماع الضدين الحقيقيين وهو محال ويلزم تعدد واجبي الوجود وهو محال أيضا فالقائل بالتثليث لا يمكن أن يكون موحدا لله توحيدا حقيقيا لأن الواحد الحقيقي ليس له ثلث صحيح وليس هو مجموع آحاد أما الثلاثة فلها ثلث صحيح هو واحد وهي مجموع آحاد ثلاثة فالواحد الحقيقي جزء الثلاثة فلو اجتمعا في محل واحد يلزم منه كون الجزء كلا والكل جزءا ويلزم منه أيضا كون الواحد ثلث نفسه وهو ثلاثة أميال الثلاثة والثلاثة ثلث الواحد وهي ثلاثة أمثال نفسها وكلها لوازم يرفضها العقل بالبداهة وبناء على ذلك فالتثليث الحقيقي ممتنع في ذات الله فلو وجد قول في كتب النصارى يدل على التثليث بحسب الظاهر فيجب تأويله ليطابق العقل والنقل فالعقل والنقل يدلان على امتناع التثليث في ذات الله.
• قام جرجيس صال بترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنكليزية وطبعت هذه الترجمة سنة 1836م وكان قد وصى قومه بوصايا منها قوله لا تعلموا المسلمين المسائل التي هي مخالفة للعقل لأنهم ليسوا حمقى حتى نغلب عليهم في هذه المسائل كعبادة الصنم والعشاء الرباني لأنهم يعثرون كثيرا من هذه المسائل وكل كنيسة فيها هذه المسائل لا تقدر أن تجذبهم إليها
• قال علماء الإسلام : لا نرى مذهبا في الدنيا أشد ركاكة وبعدا عن العقل من مذهب النصارى ولا نرى في الدنيا مقالة أشد فسادا وأظهر بطلانا من مقالتهم .
إبطال التثليث بأقوال المسيح عليه السلام
• القول الأول : ورد في إنجيل يوحنا 17 / 3 قول عيسى صلى الله عليه وسلم مخاطبا الله: ( وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته ) فبين عيسى صلى الله عليه وسلم أن الحياة الأبدية تنال بالإيمان بتوحيد الله وبرسالة رسوله عيسى ولم يقل إن الحياة الأبدية تنال بالإيمان بتثليث الأقانيم الإلهية ولا بالإيمان بأن عيسى إله وابن الله ولما كان قول عيسى هنا في خطاب الله فلا احتمال هنا لخوفه من اليهود فلو كان اعتقاد التثليث وألوهية عيسى مدار النجاة لبينه ولكن مدار النجاة والحياة الأبدية باعتقاد التوحيد الحقيقي لله وبأن المسيح رسوله والاعتقاد بعكس ذلك هو الهلاك الأبدي والضلال المبين لأن كون الله واحدا ضد لكونه ثلاثة وكون المسيح رسولا ضد لكونه إلها والمرسل غير الرسول المرسل .
• القول الثاني : ورد في إنجيل مرقس 12 / 28-34 : فجاء واحد من الكتبة وسمعهم يتحاورون فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله أية وصية هي أول الكل فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا رب واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك . هذه هي الوصية الأولى وثانية مثلها هي تحب قريبك كنفسك . ليس وصية أخرى أعظم من هاتين فقال له الكاتب جيدا يا معلم بالحق قلت لأنه الله واحد وليس آخر سواه ومحبته من كل القلب ومن كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات والذبائح فلما رآه يسوع أنه أجاب بعقل قال له لست بعيدا عن ملكوت الله ) والفقرات وردت في إنجيل متى 22 / 34-40 وأكتفي بنقل الفقرة (40) وهي قول عيسى صلى الله عليه وسلم: (بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والأنبياء ) فأكدت الفقرات السابقة على أن أول الوصايا الموصي بها في التوراة وفي سائر كتب الأنبياء والتي هي مدار النجاة الاعتقاد بأن الله واحد لا إله غيره ولو كان اعتقاد التثليث وألوهية المسيح حقا لكان مبينا في التوراة وفي جميع كتب الأنبياء ولقال عيسى في جواب السائل إن أول الوصايا هي الاعتقاد بأن الله واحد ذو أقانيم ثلاثة وأني الإله الثاني وابن الله وبما أن عيسى لم يقل ذلك ولم ترد إشارة له لا في التوراة ولا في كتب الأنبياء ثبت أن النجاة تكون باعتقاد التوحيد الحقيقي لله المناقض لاعتقاد التثليث ولاعتقاد الشريك والولد وكتب العهد القديم مليئة بالنصوص المصرحة بتوحيد الله وعلى سبيل المثال انظر (سفر التثنية 4 / 35 و39 و6 / 4-5 وسفر إشعياء 45 / 5-6 ، و46 / 9) .
• القول الثالث : ورد في إنجيل مرقس 13 :( وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب ) فالقول ينادي على بطلان التثليث وألوهية المسيح لأنه صلى الله عليه وسلم خصص علم ساعة القيامة بالله وحده ونفى عن نفسه علمها كما نفاه عن عباد الله الآخرين وسوى بين نفسه وبينهم في عدم العلم ولو كان إلها لكان يعلم وقت القيامة ولما نفى عن نفسه العلم بها .
• القول الرابع : ورد في إنجيل متى 27 / 46و50 : ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني فصرخ يسوع أيضا بصوت عظيم وأسلم الروح ) وهذا القول الذي صدر عن المسيح في آخر حياته بزعمهم ينفي ألوهيته لأنه لو كان إلها لما استغاث بإله آخر فالإله الحقيقي يمتنع عليه صفات النقص كالضعف والإعياء والاستغاثة والعجز والموت وهو حي قدوس ففي سفر إشعياء 40 / 28 :(أما عرفت أم لم تسمع إله الدهر الرب خالق أطراف الأرض لا يكل ولا يعيا) ومثل فقرة سفر إشعياء فقرات كثيرة في كتب العهدين (انظر : سفر إشعياء 44 / 6 ، وسفر إرميا 10 / 10 ، وسفر حبقوق 1 / 12 ، ورسالة بولس الأولى إلى تيموثاوس 1 / 17) وكلها تدل على أن الإله الحقيقي هو إله سرمدي حي قدوس لا يموت ولا إله غيره بريء من الضعف فهل يكون العاجز الفاني الميت إلها ؟! لا شك أن الإله الحقيقي هو الذي استغاث به عيسى في هذا الوقت على زعمهم فقرة سفر حبقوق 1 / 12 في الطبعات القديمة كما يلي :(يارب إلهي قدوسي لا تموت) فوردت فيها كلمة (تموت) بتاءين أي تنفي الموت عن الله وفي الطبعات الحديثة حرفت التاء الأولى وكتبت نون فوردت فيها هذه الكلمة بالنون أي (لا نموت) .
• القول الخامس : ورد في إنجيل يوحنا 20 / 17 أن عيسى صلى الله عليه وسلم قال لمريم المجدلية :(ولكن اذهبي إلى إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم) ففي هذا القول سوى المسيح صلى الله عليه وسلم بينه وبين سائر الناس في أن الله أبوه وأبوهم وإلهه وإلههم لكيلا يتقولوا عليه الباطل فيقولوا إنه إله وابن الله فكما أن تلاميذه هم عبادُ الله وليسوا أبناء الله على الحقيقة بل بالمعنى المجازي فكذلك عيسى هو عبد الله وليس ابن الله على الحقيقة وكما لم يلزم من بنوتهم لله كونهم آلهة فكذلك لا يلزم من بنوته لله كونه إلها ولما كان هذا القول صدر عن المسيح بعد قيامه من الأموات على زعمهم أي قبل العروج بقليل ثبت أنه كان يصرح بأنه عبد الله وأن الله إلهه وإلههم إلى آخر لحظة من وجوده على الأرض وهذا مطابق لأقوال المسيح الواردة في قوله تعالى عنه في سورة آل عمران آية 51 : { إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ } فالقول بالتثليث وألوهية المسيح يناقض آخر كلمات تكلم بها المسيح وودع بها تلاميذه قبل رفعه لأنه بقي إلى تلك اللحظة يدعو إلى اعتقاد توحيد الله ووجوب عبادته واعتقاد عبودية المسيح لله ربِّه .
• القول السادس : وردت في الأناجيل فقرات كثيرة يصعب حصرها صرح فيها المسيح صلى الله عليه وسلم بأنه إنسانٌ معلِّمٌ ورسولٌ نبي يوحي إليه ومنها لمن أراد الرجوع إليها
1. في إنجيل متّى 10 / 40 و11 / 19 و13 / 57 و15 و17 / 12 و22 و19 / 16 و21 / 11 و46 و23 و10 و26 / 18 وما ورد في إنجيل مرقس 9 / 37 و38 و10 / 35 .
2. في إنجيل لوقا 4 / 43 و5 / 5 ، و7 / 16 و39 و40 ، و8 / 24 و45 و9 / 33 و38 و56 و10 / 16 و12 / 13 و13 / 33 و34 و17 / 13 و23 / 47 و24 / 19 .
3. في إنجيل يوحنا 1 / 38 و4 / 19 و31 و34 و5 ,24 و36 و37 و6 / 14 و25 ، و7 / 15 و16 و17 و18 و52 ، و8 / 16 و18 و26 و28 و29 و40 و42 ، و9 / 11 و15 و17 ، و11 / 42 ، و12 / 44 و49 و50 ، و13 / 13 و14 ، و14 ، و17 / 3 و8 و18 و25 ، و20 / 16و21 .
4. في إنجيل متى 10 / 40 : ( من يقبلكم يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني) .
5. في إنجيل لوقا 4 / 43 :( فقال لهم إنه ينبغي لي أن أبشر المدن الأخر أيضا بملكوت الله لأني لهذا قد أرسلت) .
6. في إنجيل يوحنا 5 / 36 و37 : هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته) .
• القول السابع : ورد في إنجيل متى 26 / 36-46 : حينئذ جاء معهم يسوع إلى ضيعة يقال لها جَثْسَيْمَانِي فقال للتلاميذ اجلسوا هاهنا حتى أمضي وأصلي هناك ثم أخذ معه بطرس وابني زبدي وابتدأ يحزن ويكتئب فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت امكثوا هاهنا واسهروا معي ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس ولكن ليس كما أريد أنا بل كما تريد أنت ثم جاء إلى التلاميذ فوجدهم نياما فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة أما الروح فنشيط وأما الجسد فضعيف فمضى أيضا ثانية وصلى قائلا يا أبتاه إن لم يمكن أن تعبر عني هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك ثم جاء فوجدهم أيضا نياما إذ كانت أعينهم ثقيلة فتركهم ومضى أيضا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلام بعينه ثم جاء إلى تلاميذه وقال لهم ناموا الآن واستريحوا هو ذا الساعة قد اقتربت وابن الإنسان يسلم إلى أيدي الخطاة قوموا ننطلق هو ذا الذي يسلمني قد اقترب مثل هذه الفقرات ما ورد في إنجيل لوقا 22 / 39-46 فأقوال المسيح وأحواله المندرجة في هذه الفقرات تدل دلالة قطعية على عبوديته لله وأنه ليس إلها ولا ابن الله لأن الذي يحزن ويكتئب ويصلي ويدعو بغاية التضرع ويموت يكون بشرا مخلوقا وليس إلها خالقا