أ/أحمد
08-12-2012, 09:04 PM
السلام عليكم و رحمة الله..
هذا مجموع بأهم الفوائد من شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله من شرح أصول الإيمان مع التنبيه إلى أني لم أتعرض للقسم الأخير الذي أستطرد الشيخ في ذكر آداب طلب العلم و أهميته و ذكر كلاماً ممتعاً يعلي الهمة و يوجهها فليرجع إليه الإخوة للاستفادة.
تنبيه أن كنت وضعت أغلبها في المنتدى هنا فأحببت جمعها في مشاركة واحدة و أعتذر عن التكرار لما هو مذكور من قبل..
1- صفة الرحمة صفة ذاتية بخلاف الغضب:
فيه بحث من جهة هذه الكلمة : ( إن رحمتي غلبت غضبي ) هل هو كتاب من اللوح المحفوظ فيكون في اللوح المحفوظ ذكر صفات الرب جل وعلا ؟ ، أو هو كتاب مستقل جعله الله فوق عرشه ليبين عظم سبق رحمته لغضبه ؟ وهذا يدل على أن الرحمة : صفة ذاتية ، وعلى أن الغضب : صفة اختيارية ، فالرحمة ملازمة للرحمن جل وعلا فهو سبحانه وتعالى لم يزل رحيماً فهو رحيم لا تنفك عنه الرحمة ، أما الغضب فهو صفة اختيارية تكون بالرحمن جل وعلا إذا شاء بمشيئته وقدرته فيغضب في حين ولا يغضب في حين آخر ، أما الرحمة فهو دائماً سبحانه وتعالى رحيم ولأجل رحمته قامت هذه المخلوقات ، فقيام هذه المخلوقات وظهور النعم فيها كلها من آثار رحمة الرب جل وعلا وهذا يدل على أن آثار الرحمة دائمة وعلى أن آثار الغضب غير دائمة .
ففي قوله تعالى : ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)(طـه: من الآية81) فجعله حالاَّ ،(ومن يحلل ) يعني : ليس دائماً وإنما يحل في حينٍ دون آخر ، كما جاء في حديث الشفاعة المعروف قال : ( إن الله غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعد مثله ) فدل على قيام الغضب به جل وعلا بمشيئته واختياره وقدرته سبحانه وتعالى .
فإذاً هناك فرق كبير بين صفة الرحمة وصفة الغضب لله جل وعلا ، فالرحمة ذاتية والغضب اختياري ، والرحمة آثارها دائمة والغضب آثاره ليست دائمة ، والرحمة من آثارها ما يتقلب فيه الخلق من النعم الدينية والدنيوية مصالح أمور دنياهم وآخرتهم كلها من آثار الرحمة . وأما الغضب فآثاره عقوبة لمن يستحق ذلك وهذا مغلوب بالرحمة ( إن رحمتي غلبت غضبي ) أو ( سبقت غضبي ) . ا.هــ كلامه رحمه الله.
2- الموعظة في الشرع تشمل الترغيب و الترهيب و غيرها من الأمور العلمية:
قوله : ( وعظنا موعظة بليغة ) الوعظ والموعظة في الشرع يشمل العلم كله فكل علم موعظة والقرآن كله موعظة ، فالوعظ في النصوص لا يختص بالترغيب والترهيب أو بذكر أمر الجنة والنار أو بالزهديات ونحو ذلك ، ودليل ذلك قول الله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57) ، والموعظة التي جاءت من الله والشفاء هو : القرآن ويشمل المسائل العلمية ويشمل الأمر والنهي ، وكذلك في غير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الموعظة.
فالرسل وعظوا أقوامهم كما قال سبحانه في الأمر والنهي : (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً )(لأعراف: من الآية164) ، ( لِمَ تَعِظُونَ ) : الموعظة التي حصلت بالنهي ، نهوهم عن فعلهم بالاعتداء بالسفك فصار النهي موعظة . إذاَ الأمر بالمعروف موعظة والنهي عن المنكر موعظة في النصوص الشرعية ، العلم والعقيدة موعظة لأن هذه كلها إذا استقبلها المرء استقبالاً حسناً فإنها تعظه ويكون في قلبه خوف وإجلال لربه جل وعلا .
فإذاً قوله : ( موعظة بليغة ذرفت منها العيون ) هذه تشمل المسائل العلمية والمسائل العملية والتخويف من النار والترغيب في الجنة إلى آخر ذلك .
3- (درجات الإيمان بالقرآن الواجبة و المستحبة)
((وحقيقة الإيمان بالقرآن أنها تشمل مراتب وهذه كلها واجبة ومن معني الركنية أو داخلة كلها في الإيمان بهذا الركن :
المرتب الأولى : أن هذا القرآن كلام الله جل وعلا المنزّّل على عبده محمد عليه الصلاة والسلام .
المرتبة الثانية : أن القرآن حق لا باطل فيه .
المرتبة الثالثة : أن القرآن هو آخر كتب الله جل وعلا وأنه لا كتاب بعده ولا هدى يأتي من الله جل وعلا بعده لعباده ، فكما أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين فكذلك القرآن هو خاتم كتب الله جل وعلا وحجة الله على هذه الأمة وهو الصراط المستقيم وهو حبل الله المتين من أخذ به هدي ومن تركه ضل .
الإيمان بالقرآن على درجتين : درجة واجبة والتي هي الركن من لم يأت بها فلا يصح منه الإيمان وهي التي ذكرت لك في المراتب الثلاث .
والدرجة الثانية : مستحبة وهي الإيمان بكل التفاصيل التي جاءت في القرآن أو في السنة وما جاء من تفسيرها ، فهذه مستحبة إجمالاً يعني : قبل علم الإنسان بها ، فإنه يقال : إنه يؤمن ولو لم يعلم بما للقرآن من فضل ، ويجب الإيمان بها لمن علمها على وجه التفصيل ، وقال كثير من أهل العلم : إنها واجبة وليست مستحبة من جهة الإجمال ، فإنه يجب عليه أن يؤمن بما للقرآن من فضل علمه أو لم يعلمه – من جهة الإجمال – وإذا علم التفصيل فإنه يجب التفصيل .
وعند التحقيق القولان متقاربان لأنه في الحقيقة من جهة عملية لا فرق بينهما كبير .))أ.هــ كلامه حفظه الله
4- الشيخ يميل أن الذنوب التي قد تميل إليها بعض النفوس أو جرت عادة الناس عليها لا تدخل في (و من سن سنة سيئة):
( لأنه سنَّ القتل ) . فهذا الأصل مما يجب أن يُخاف منه وهو : أن يفتح الإنسان على الناس باب شر إما بكلام أو بتصرفات أو يتساهل في أمر ويدعو إلى شر أو إلى معصية أو إلى ضلالة فيتبعه من يتبعه على ذلك خاصة في الأمور المستأنفة يعني : ليست معروفة ، أما في أمور الذنوب والمعاصي التي جرت عادة الناس عليها وفيما جعل الله جل وعلا في بعض النفوس من الميل إلى ذلك فهذا قد لا يدخل في هذا الباب ، لكن الشيء الجديد الذي يدعو الناس إلى ضلالة – والعياذ بالله – في المهج أو في السلوك أو في أمور جديدة تحدث في الناس تضلهم ، مثل ما هو حاصل الآن من هذه الأمور التي تدعو إلى الفساد من القنوات والفضائيات أو من بعض الأشرطة وأشباه ذلك يكون هو أول من يأتي بها ثم يتساهل الناس فيها هو عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه في ذلك أو تأثر به في ذلك لأنه هو الذي سنَّها ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة – والعياذ بالله - .
5-(من أسباب بغض الكفار و أهل البدع)
قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه لأصول الإيمان لشيخ الإسلام محمد عبدالوهَّاب رحمه الله:
(((إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً(93)لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) (مريم:95) .
فمن أعظم السب أن يجعل لله الصاحبة أو يجعل له الولد أو أن يجعل له شريك سبحانه وتعالى في الربوبية أو في الألوهية ، لأن اتخاذ الشريك مع الله جل وعلا سب له سبحانه ، فكل من أشرك بالله جل وعلا إلهاً آخر عبد الأصنام أو عبد الأوثان أو عبد الأولياء أو عبد الصالحين ، أو ادعى مع الله جل وعلا إلهاً آخر على أصناف الآلهة فهذا قد سب الله جل وعلا أعظم مسبة ولهذا يجد المؤمن في قلبه البغض للمشرك لأنه المشرك سب الله سبحانه وتعالى ولأن المشرك شتم الله جل وعلا ولو شتم أحد من الناس فلاناً لأبغضه ولو سبه لأبغضه فكيف بمن يسب الرب جل وعلا ولو أخذ فلاناً يسب أبا الرجل ويسب آباءه وأجداده أو يسب نفسه ونحو ذلك ويشتمها و يتنقصها بأنواع النقائص لصار مبغضاً إليه و لربما قامت أشياء عظيمة بين الساب والمسبوب والشاتم والمشتوم وذلك لما جرت عليه النفوس من الاعتداد بحقها فكيف بسب الله جل وعلا ، ولهذا المشرك يبغض ولو كانت حاله في الدنيا ما هي أو كانت حسناته الدنيوية في أي شأن يبغض لما اشتمل عليه صدره واشتملت عليه روحه من مسبة الله جل وعلا ومن بغضائه . والله جل وعلا صبور يسمع أذى العباد ويرى شتمهم ويسمع شتمهم ويرى سبهم والله جل وعلا صابر عليهم كما قال : ( وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(البقرة: من الآية126) . لهذا بغض المشرك قائم على بغض من سب الله جل وعلا وشتمه ، وبغض المبتدع قائم على بغض من ادعى أن محمداً عليه الصلاة والسلام لم يكمل لنا البلاغ كما قال الإمام مالك : ( ما أحدث أحد بدعة إلا وقد زعم أن محمداً خان الرسالة ) ، هذا ولا شك مبناه عظيم ، التوحيد والسنة .
فإذاً مسألة بغض المشرك وبغض أهل البدع وكراهة أولئك ليست مسألة أهواء إنما هي مسألة أنهم عادوا الله جل وعلا وعادوا رسوله صلى الله عليه وسلم وإن ادعوا أنهم يحبونه ففي الحقيقة من ابتدع ودعا إلى البدعة فهو عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله سبحانه قال لنبيه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: من الآية3) ومن أتى بشيء جديد فقد ادعى أنه لم يتم لنا الدين .
6- كيفية التفريق بين إذا كانت الإضافة إلى الله إضافة تشريف أو صفة إلى موصوف:
السلام عليكم و رحمة الله...
هذه الفائدة تتكرر كثيراً في شروح أهل العلم في كتب العقيدة و هي مهمة خاصة عند إيراد الشبه من قبل أهل البدع أو حتى يستقيم فهم المسلم في كثير من آيات القرآن التي تضاف فيها أشياء إلى الله عز و جل فتعينه هذه القاعدة في التفريق بين إن كانت هذه إضافة تشريف أو إضافة صفة إلى متصف مثل قوله تعالى (( و نفخت فيه من روحي)) فهل يقال أن الروح هنا صفة لله أم من خلقه و أضيفت إليه تشريفاً ؟
و اخترت أن أنقل هذه القاعدة من شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله على أصول الإيمان لشيخ الإسلام محمد عبدالوهَّاب رحمه الله:
(( المتن: (وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم .)
الشرح : هذا الحديث من النوع الثالث وهو الإيمان بالأسماء والصفات وذلك أن فيه إثبات عدد من الصفات وأظهرها في الحديث صفة اليد لله جل وعلا .
قال في الحديث : ( إن الله يبسط يده بالليل .....) دال على إثبات صفة اليد للرحمن جل وعلا ، ووجه الدلالة : أنه أضاف اليد إلى ذاته العلية حيث قال : ( يبسط يده ) .
ومن المتقرر عند أهل العلم أن الإضافة إلى الله جل وعلا نوعان : إضافة مخلوق إلى خالقه ، وإضافة صفة إلى متصف بها .
*فإضافة المخلوق إلى خالقه : كإضافة الروح إلى الله جل وعلا في قوله : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي )(الحجر: من الآية29)) ، وكقوله جل وعلا : ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا)(الشمس: من الآية13)) ، ونحو ذلك كقوله : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(الإسراء: من الآية1) ، فإضافة الروح والناقة والعبد إلى الله جل وعلا إضافة مخلوق إلى خالقه وهذه الإضافة تقتضي التشريف لأن تخصيص بعض المخلوقات إلى الرب جل وعلا معناه : أن هذه المخلوقات لها شأن خاص وذلك تشريف لها .
والنوع الثاني : إضافة الصفة إلى متصف بها وهو الله جل وعلا وهذا ينضبط بكل ما لا يقوم بنفسه من الأشياء سواء كانت من الأعيان ، أو من المعاني، فمن الأعيان اليد فإنها لا تقوم بنفسها ، والوجه فإنه لا يقوم بنفسه يعني لا يوجد وجه بلا ذات ولا توجد يد بلا ذات إلى آخر أنواع ذلك ، ومن المعاني : مثل الغضب و الرضى وأشباه ذلك والرحمة إلى غير ذلك . إذاً فهذا الحديث جارٍ مع القاعدة .
إذاً قوله في الحديث : ( إن الله يبسط يده بالليل ....) هذه إضافة صفة إلى متصف بها فهذا يمنع أن تكون اليد مؤولة بمعنى النعمة أو بمعنى القدرة وأشباه ذلك ، فإن اليد في اللغة قد تأتي بمعنى النعمة لكن لا تضاف كقول العرب : لفلان علي يد يعني : نعمة ، لكن لا تقول العرب إذا أرادت النعمة : يد فلان علي ، إنما تقول : ( لفلان علي يد ) بقطع الإضافة ، وحتى هذا الإطلاق من العرب لأجل أن وسيلة إيصال النعمة إلى المنعم عليه بواسطة اليد . فربما دخل من إطلاق الشيء وإرادة لازمه . ومن المعلوم أنه في اللغة العربية لا يمتنع إطلاق المفرد على المثنى ، ولا يمتنع إطلاق الجمع على المفرد ولا يمتنع إطلاق المثنى على الجمع كلها سواء ، فإذا أطلق المفرد فقد يراد به المفرد المعين وقد يراد به الجنس ، ولكن لما سمعنا قول الله جل وعلا : بل يداه مبسوطتان علمنا أن قوله : (يبسط يده بالليل) يعنى : يديه .))ا.هـــ كلامه حفظه الله.
قلت: فيتضح أن كل ما لا يقوم بنفسه من الأشياء سواء كان من الأعيان أو من المعاني و أضيف إلى الله عز و جل فهو صفة له سبحانه أما إذا أضيف له ما يقوم بنفسه فإنما هو مخلوق أضيف له إضافة تشريف.
7- (حكم وصف الأيام بالسوء أو النحس)
وينبغي أن يُعلم أن وصف الأيام بالسوء أو بالنحس أو بالسواد أو بالظلمة ونحو ذلك مما فيه إضافة للعبد أن هذا ليس من سب العبد (و الظاهر أن الصحيح ((الدهر)) فليراجعها من لديه نسخة من الشرح أو من لديه التسجيل) كما يقال مثلاً : هذا يوم نحس ، أو هذا يوم أسود وهذه أيام مظلمة أو سنة مظلمة وأشباه ذلك ، هذا وصف وليس من السب فهو وصف لتلك الأيام بالإضافة إلى من حصل له فيها أشياء سيئة وهذا كما قال جل وعلا : ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)(القمر: من الآية19) ، وكما قال جل وعلا : ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ )(فصلت: من الآية16) . ووصف الأيام بالنحس والسوء أو الإظلام أو يوم أسود أو نحو ذلك بقصد أنه بالنسبة للقائل هو كذلك ، أي حصل له فيه سوء فهذا لا بأس به لأن الشر ليس إلى الله جل وعلا وإنما هو قد يضاف إلى العبد فيكون يوم نحس بالنسبة للعبد ، يوم سوء بالنسبة للعبد وهكذا .ا.هــ كلامه..
قلت: أرجو أن يتنبه الإخوة على تقيد الشيخ حفظه الله أن هذا الوصف بالنسبة للقائل أو لشخص و ليس على الإطلاق فيصف الشخص الدهر بالسوء على الإطلاق و إنما بالنسبة لشخص و هذا هو الحق والله أعلم.
8- (هل هناك فرق بين القدر و القضاء)
قال الشيخ:((ولهذا فرَّق طائفة من أهل العلم بين القضاء والقدر فقالوا : القدر والقضاء يختلفان في المرتبتين الحاليتين ، وبعضهم قال : القدر هو القضاء لأن المرتبتين : مرتبة عموم الخلق والمشيئة هذه من القدر وهي القضاء .
فطائفة من أهل العلم قالوا : القدر والقضاء بمعنى واحد ، لأن القضاء من القدر والإيمان بالقدر بأربع مراتب ، ومرتبتان هما القدر .
وقال آخرون : يُفَرَّق إذا ذكر القضاء والقدر بين القضاء والقدر بأن القضاء هو : ما وقع وقُضِي من القدر ، والقدر أعم يشمل ما قُضي وما لم يُقض .
فالقضاء هو : ما قُضِي وانتهى من القدر ، وهذا أولى وهو المتجه بدلالة اللفظ وبدلالة الكتاب والسنة ، قال سبحانه : ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)(طـه: من الآية72) وقال جل وعلا : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْض)(سـبأ: من الآية14) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقضي الله لعبده قضاءً إلا كان خيراً له ) .ا.هــ كلامه
هذا مجموع بأهم الفوائد من شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله من شرح أصول الإيمان مع التنبيه إلى أني لم أتعرض للقسم الأخير الذي أستطرد الشيخ في ذكر آداب طلب العلم و أهميته و ذكر كلاماً ممتعاً يعلي الهمة و يوجهها فليرجع إليه الإخوة للاستفادة.
تنبيه أن كنت وضعت أغلبها في المنتدى هنا فأحببت جمعها في مشاركة واحدة و أعتذر عن التكرار لما هو مذكور من قبل..
1- صفة الرحمة صفة ذاتية بخلاف الغضب:
فيه بحث من جهة هذه الكلمة : ( إن رحمتي غلبت غضبي ) هل هو كتاب من اللوح المحفوظ فيكون في اللوح المحفوظ ذكر صفات الرب جل وعلا ؟ ، أو هو كتاب مستقل جعله الله فوق عرشه ليبين عظم سبق رحمته لغضبه ؟ وهذا يدل على أن الرحمة : صفة ذاتية ، وعلى أن الغضب : صفة اختيارية ، فالرحمة ملازمة للرحمن جل وعلا فهو سبحانه وتعالى لم يزل رحيماً فهو رحيم لا تنفك عنه الرحمة ، أما الغضب فهو صفة اختيارية تكون بالرحمن جل وعلا إذا شاء بمشيئته وقدرته فيغضب في حين ولا يغضب في حين آخر ، أما الرحمة فهو دائماً سبحانه وتعالى رحيم ولأجل رحمته قامت هذه المخلوقات ، فقيام هذه المخلوقات وظهور النعم فيها كلها من آثار رحمة الرب جل وعلا وهذا يدل على أن آثار الرحمة دائمة وعلى أن آثار الغضب غير دائمة .
ففي قوله تعالى : ( وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى)(طـه: من الآية81) فجعله حالاَّ ،(ومن يحلل ) يعني : ليس دائماً وإنما يحل في حينٍ دون آخر ، كما جاء في حديث الشفاعة المعروف قال : ( إن الله غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعد مثله ) فدل على قيام الغضب به جل وعلا بمشيئته واختياره وقدرته سبحانه وتعالى .
فإذاً هناك فرق كبير بين صفة الرحمة وصفة الغضب لله جل وعلا ، فالرحمة ذاتية والغضب اختياري ، والرحمة آثارها دائمة والغضب آثاره ليست دائمة ، والرحمة من آثارها ما يتقلب فيه الخلق من النعم الدينية والدنيوية مصالح أمور دنياهم وآخرتهم كلها من آثار الرحمة . وأما الغضب فآثاره عقوبة لمن يستحق ذلك وهذا مغلوب بالرحمة ( إن رحمتي غلبت غضبي ) أو ( سبقت غضبي ) . ا.هــ كلامه رحمه الله.
2- الموعظة في الشرع تشمل الترغيب و الترهيب و غيرها من الأمور العلمية:
قوله : ( وعظنا موعظة بليغة ) الوعظ والموعظة في الشرع يشمل العلم كله فكل علم موعظة والقرآن كله موعظة ، فالوعظ في النصوص لا يختص بالترغيب والترهيب أو بذكر أمر الجنة والنار أو بالزهديات ونحو ذلك ، ودليل ذلك قول الله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس:57) ، والموعظة التي جاءت من الله والشفاء هو : القرآن ويشمل المسائل العلمية ويشمل الأمر والنهي ، وكذلك في غير ذلك من الآيات التي فيها ذكر الموعظة.
فالرسل وعظوا أقوامهم كما قال سبحانه في الأمر والنهي : (وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً )(لأعراف: من الآية164) ، ( لِمَ تَعِظُونَ ) : الموعظة التي حصلت بالنهي ، نهوهم عن فعلهم بالاعتداء بالسفك فصار النهي موعظة . إذاَ الأمر بالمعروف موعظة والنهي عن المنكر موعظة في النصوص الشرعية ، العلم والعقيدة موعظة لأن هذه كلها إذا استقبلها المرء استقبالاً حسناً فإنها تعظه ويكون في قلبه خوف وإجلال لربه جل وعلا .
فإذاً قوله : ( موعظة بليغة ذرفت منها العيون ) هذه تشمل المسائل العلمية والمسائل العملية والتخويف من النار والترغيب في الجنة إلى آخر ذلك .
3- (درجات الإيمان بالقرآن الواجبة و المستحبة)
((وحقيقة الإيمان بالقرآن أنها تشمل مراتب وهذه كلها واجبة ومن معني الركنية أو داخلة كلها في الإيمان بهذا الركن :
المرتب الأولى : أن هذا القرآن كلام الله جل وعلا المنزّّل على عبده محمد عليه الصلاة والسلام .
المرتبة الثانية : أن القرآن حق لا باطل فيه .
المرتبة الثالثة : أن القرآن هو آخر كتب الله جل وعلا وأنه لا كتاب بعده ولا هدى يأتي من الله جل وعلا بعده لعباده ، فكما أن محمداً عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء والمرسلين فكذلك القرآن هو خاتم كتب الله جل وعلا وحجة الله على هذه الأمة وهو الصراط المستقيم وهو حبل الله المتين من أخذ به هدي ومن تركه ضل .
الإيمان بالقرآن على درجتين : درجة واجبة والتي هي الركن من لم يأت بها فلا يصح منه الإيمان وهي التي ذكرت لك في المراتب الثلاث .
والدرجة الثانية : مستحبة وهي الإيمان بكل التفاصيل التي جاءت في القرآن أو في السنة وما جاء من تفسيرها ، فهذه مستحبة إجمالاً يعني : قبل علم الإنسان بها ، فإنه يقال : إنه يؤمن ولو لم يعلم بما للقرآن من فضل ، ويجب الإيمان بها لمن علمها على وجه التفصيل ، وقال كثير من أهل العلم : إنها واجبة وليست مستحبة من جهة الإجمال ، فإنه يجب عليه أن يؤمن بما للقرآن من فضل علمه أو لم يعلمه – من جهة الإجمال – وإذا علم التفصيل فإنه يجب التفصيل .
وعند التحقيق القولان متقاربان لأنه في الحقيقة من جهة عملية لا فرق بينهما كبير .))أ.هــ كلامه حفظه الله
4- الشيخ يميل أن الذنوب التي قد تميل إليها بعض النفوس أو جرت عادة الناس عليها لا تدخل في (و من سن سنة سيئة):
( لأنه سنَّ القتل ) . فهذا الأصل مما يجب أن يُخاف منه وهو : أن يفتح الإنسان على الناس باب شر إما بكلام أو بتصرفات أو يتساهل في أمر ويدعو إلى شر أو إلى معصية أو إلى ضلالة فيتبعه من يتبعه على ذلك خاصة في الأمور المستأنفة يعني : ليست معروفة ، أما في أمور الذنوب والمعاصي التي جرت عادة الناس عليها وفيما جعل الله جل وعلا في بعض النفوس من الميل إلى ذلك فهذا قد لا يدخل في هذا الباب ، لكن الشيء الجديد الذي يدعو الناس إلى ضلالة – والعياذ بالله – في المهج أو في السلوك أو في أمور جديدة تحدث في الناس تضلهم ، مثل ما هو حاصل الآن من هذه الأمور التي تدعو إلى الفساد من القنوات والفضائيات أو من بعض الأشرطة وأشباه ذلك يكون هو أول من يأتي بها ثم يتساهل الناس فيها هو عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه في ذلك أو تأثر به في ذلك لأنه هو الذي سنَّها ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة – والعياذ بالله - .
5-(من أسباب بغض الكفار و أهل البدع)
قال الشيخ صالح آل الشيخ في شرحه لأصول الإيمان لشيخ الإسلام محمد عبدالوهَّاب رحمه الله:
(((إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً(93)لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْداً) (مريم:95) .
فمن أعظم السب أن يجعل لله الصاحبة أو يجعل له الولد أو أن يجعل له شريك سبحانه وتعالى في الربوبية أو في الألوهية ، لأن اتخاذ الشريك مع الله جل وعلا سب له سبحانه ، فكل من أشرك بالله جل وعلا إلهاً آخر عبد الأصنام أو عبد الأوثان أو عبد الأولياء أو عبد الصالحين ، أو ادعى مع الله جل وعلا إلهاً آخر على أصناف الآلهة فهذا قد سب الله جل وعلا أعظم مسبة ولهذا يجد المؤمن في قلبه البغض للمشرك لأنه المشرك سب الله سبحانه وتعالى ولأن المشرك شتم الله جل وعلا ولو شتم أحد من الناس فلاناً لأبغضه ولو سبه لأبغضه فكيف بمن يسب الرب جل وعلا ولو أخذ فلاناً يسب أبا الرجل ويسب آباءه وأجداده أو يسب نفسه ونحو ذلك ويشتمها و يتنقصها بأنواع النقائص لصار مبغضاً إليه و لربما قامت أشياء عظيمة بين الساب والمسبوب والشاتم والمشتوم وذلك لما جرت عليه النفوس من الاعتداد بحقها فكيف بسب الله جل وعلا ، ولهذا المشرك يبغض ولو كانت حاله في الدنيا ما هي أو كانت حسناته الدنيوية في أي شأن يبغض لما اشتمل عليه صدره واشتملت عليه روحه من مسبة الله جل وعلا ومن بغضائه . والله جل وعلا صبور يسمع أذى العباد ويرى شتمهم ويسمع شتمهم ويرى سبهم والله جل وعلا صابر عليهم كما قال : ( وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلاً ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ)(البقرة: من الآية126) . لهذا بغض المشرك قائم على بغض من سب الله جل وعلا وشتمه ، وبغض المبتدع قائم على بغض من ادعى أن محمداً عليه الصلاة والسلام لم يكمل لنا البلاغ كما قال الإمام مالك : ( ما أحدث أحد بدعة إلا وقد زعم أن محمداً خان الرسالة ) ، هذا ولا شك مبناه عظيم ، التوحيد والسنة .
فإذاً مسألة بغض المشرك وبغض أهل البدع وكراهة أولئك ليست مسألة أهواء إنما هي مسألة أنهم عادوا الله جل وعلا وعادوا رسوله صلى الله عليه وسلم وإن ادعوا أنهم يحبونه ففي الحقيقة من ابتدع ودعا إلى البدعة فهو عدو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن الله سبحانه قال لنبيه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: من الآية3) ومن أتى بشيء جديد فقد ادعى أنه لم يتم لنا الدين .
6- كيفية التفريق بين إذا كانت الإضافة إلى الله إضافة تشريف أو صفة إلى موصوف:
السلام عليكم و رحمة الله...
هذه الفائدة تتكرر كثيراً في شروح أهل العلم في كتب العقيدة و هي مهمة خاصة عند إيراد الشبه من قبل أهل البدع أو حتى يستقيم فهم المسلم في كثير من آيات القرآن التي تضاف فيها أشياء إلى الله عز و جل فتعينه هذه القاعدة في التفريق بين إن كانت هذه إضافة تشريف أو إضافة صفة إلى متصف مثل قوله تعالى (( و نفخت فيه من روحي)) فهل يقال أن الروح هنا صفة لله أم من خلقه و أضيفت إليه تشريفاً ؟
و اخترت أن أنقل هذه القاعدة من شرح الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله على أصول الإيمان لشيخ الإسلام محمد عبدالوهَّاب رحمه الله:
(( المتن: (وعن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ) رواه مسلم .)
الشرح : هذا الحديث من النوع الثالث وهو الإيمان بالأسماء والصفات وذلك أن فيه إثبات عدد من الصفات وأظهرها في الحديث صفة اليد لله جل وعلا .
قال في الحديث : ( إن الله يبسط يده بالليل .....) دال على إثبات صفة اليد للرحمن جل وعلا ، ووجه الدلالة : أنه أضاف اليد إلى ذاته العلية حيث قال : ( يبسط يده ) .
ومن المتقرر عند أهل العلم أن الإضافة إلى الله جل وعلا نوعان : إضافة مخلوق إلى خالقه ، وإضافة صفة إلى متصف بها .
*فإضافة المخلوق إلى خالقه : كإضافة الروح إلى الله جل وعلا في قوله : (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي )(الحجر: من الآية29)) ، وكقوله جل وعلا : ( نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا)(الشمس: من الآية13)) ، ونحو ذلك كقوله : (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى)(الإسراء: من الآية1) ، فإضافة الروح والناقة والعبد إلى الله جل وعلا إضافة مخلوق إلى خالقه وهذه الإضافة تقتضي التشريف لأن تخصيص بعض المخلوقات إلى الرب جل وعلا معناه : أن هذه المخلوقات لها شأن خاص وذلك تشريف لها .
والنوع الثاني : إضافة الصفة إلى متصف بها وهو الله جل وعلا وهذا ينضبط بكل ما لا يقوم بنفسه من الأشياء سواء كانت من الأعيان ، أو من المعاني، فمن الأعيان اليد فإنها لا تقوم بنفسها ، والوجه فإنه لا يقوم بنفسه يعني لا يوجد وجه بلا ذات ولا توجد يد بلا ذات إلى آخر أنواع ذلك ، ومن المعاني : مثل الغضب و الرضى وأشباه ذلك والرحمة إلى غير ذلك . إذاً فهذا الحديث جارٍ مع القاعدة .
إذاً قوله في الحديث : ( إن الله يبسط يده بالليل ....) هذه إضافة صفة إلى متصف بها فهذا يمنع أن تكون اليد مؤولة بمعنى النعمة أو بمعنى القدرة وأشباه ذلك ، فإن اليد في اللغة قد تأتي بمعنى النعمة لكن لا تضاف كقول العرب : لفلان علي يد يعني : نعمة ، لكن لا تقول العرب إذا أرادت النعمة : يد فلان علي ، إنما تقول : ( لفلان علي يد ) بقطع الإضافة ، وحتى هذا الإطلاق من العرب لأجل أن وسيلة إيصال النعمة إلى المنعم عليه بواسطة اليد . فربما دخل من إطلاق الشيء وإرادة لازمه . ومن المعلوم أنه في اللغة العربية لا يمتنع إطلاق المفرد على المثنى ، ولا يمتنع إطلاق الجمع على المفرد ولا يمتنع إطلاق المثنى على الجمع كلها سواء ، فإذا أطلق المفرد فقد يراد به المفرد المعين وقد يراد به الجنس ، ولكن لما سمعنا قول الله جل وعلا : بل يداه مبسوطتان علمنا أن قوله : (يبسط يده بالليل) يعنى : يديه .))ا.هـــ كلامه حفظه الله.
قلت: فيتضح أن كل ما لا يقوم بنفسه من الأشياء سواء كان من الأعيان أو من المعاني و أضيف إلى الله عز و جل فهو صفة له سبحانه أما إذا أضيف له ما يقوم بنفسه فإنما هو مخلوق أضيف له إضافة تشريف.
7- (حكم وصف الأيام بالسوء أو النحس)
وينبغي أن يُعلم أن وصف الأيام بالسوء أو بالنحس أو بالسواد أو بالظلمة ونحو ذلك مما فيه إضافة للعبد أن هذا ليس من سب العبد (و الظاهر أن الصحيح ((الدهر)) فليراجعها من لديه نسخة من الشرح أو من لديه التسجيل) كما يقال مثلاً : هذا يوم نحس ، أو هذا يوم أسود وهذه أيام مظلمة أو سنة مظلمة وأشباه ذلك ، هذا وصف وليس من السب فهو وصف لتلك الأيام بالإضافة إلى من حصل له فيها أشياء سيئة وهذا كما قال جل وعلا : ( فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)(القمر: من الآية19) ، وكما قال جل وعلا : ( فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ )(فصلت: من الآية16) . ووصف الأيام بالنحس والسوء أو الإظلام أو يوم أسود أو نحو ذلك بقصد أنه بالنسبة للقائل هو كذلك ، أي حصل له فيه سوء فهذا لا بأس به لأن الشر ليس إلى الله جل وعلا وإنما هو قد يضاف إلى العبد فيكون يوم نحس بالنسبة للعبد ، يوم سوء بالنسبة للعبد وهكذا .ا.هــ كلامه..
قلت: أرجو أن يتنبه الإخوة على تقيد الشيخ حفظه الله أن هذا الوصف بالنسبة للقائل أو لشخص و ليس على الإطلاق فيصف الشخص الدهر بالسوء على الإطلاق و إنما بالنسبة لشخص و هذا هو الحق والله أعلم.
8- (هل هناك فرق بين القدر و القضاء)
قال الشيخ:((ولهذا فرَّق طائفة من أهل العلم بين القضاء والقدر فقالوا : القدر والقضاء يختلفان في المرتبتين الحاليتين ، وبعضهم قال : القدر هو القضاء لأن المرتبتين : مرتبة عموم الخلق والمشيئة هذه من القدر وهي القضاء .
فطائفة من أهل العلم قالوا : القدر والقضاء بمعنى واحد ، لأن القضاء من القدر والإيمان بالقدر بأربع مراتب ، ومرتبتان هما القدر .
وقال آخرون : يُفَرَّق إذا ذكر القضاء والقدر بين القضاء والقدر بأن القضاء هو : ما وقع وقُضِي من القدر ، والقدر أعم يشمل ما قُضي وما لم يُقض .
فالقضاء هو : ما قُضِي وانتهى من القدر ، وهذا أولى وهو المتجه بدلالة اللفظ وبدلالة الكتاب والسنة ، قال سبحانه : ( فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ)(طـه: من الآية72) وقال جل وعلا : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْض)(سـبأ: من الآية14) ، وقال عليه الصلاة والسلام : ( لا يقضي الله لعبده قضاءً إلا كان خيراً له ) .ا.هــ كلامه