المتوكل بالله
09-12-2010, 10:43 AM
فضيلة العلامة د. صالح بن فوزان الفوزان : الحمد لله على فضله وإحسانه ، تفضل علينا ببلوغ شهر رمضان ومكننا فيه من الأعمال الصالحة التي تقربنا إليه ، والصلاة والسلام على نبينا محمد كان أول سابق إلى الخيرات وعلى آله وأصحابه ؛ ﴿ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ، أما بعد :
فأوصيكم ونفسي - في هذا الشهر المبارك - بتقوى الله - وفي غيره من الشهور - ، ولكن هذا الشهر له مزية خصه الله بها . فهو موسم الخيرات ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله ببلوغ رمضان ، فكان يقول إذا دخل شهر رجب : ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان ؛ وبلغنا رمضان ) ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه بقدومه ويبين لهم مزاياه ، فيقول : ( أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك ) ، ويحث أصحابه على الاجتهاد فيه بالأعمال الصالحة من فرائض ونوافل ، من صلوات وصدقات ، وبذل معروف وإحسان ، وصبر على طاعة الله ، وعمارة نهاره بالصيام ، وليله بالقيام ، وساعاته بتلاوة القرآن وذكر الله - عز وجل - ، فلا تضيعون بالغفلة والإعراض ، كحال الأشقياء الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، فلا يستفيدون من مرور مواسم الخير ولا يعرفون لها حرمة ولا يقدرون لها قيمة .
كثير من الناس لا يعرفون هذا الشهر إلا أنه شهر لتنويع المآكل والمشارب ، فيبالغون في إعطاء نفوسهم ما تشتهي ، ويكثرون من شراء الكماليات من الأطعمة والأشربة ، ومعلوم أن الإكثار من المآكل والمشارب يكسل عن الطاعة ، والمطلوب من المسلم أن يقلل من الطعام والشراب حتى ينشط للطاعة .
وبعض من الناس لا يعرف شهر رمضان إلا أنه شهر النوم في النهار والسهر في الليل على ما لا فائدة فيه أو ما فيه مضرة ، فيسهر معظم ليله أو كله ثم ينام النهار حتى عن الصلوات المفروضة فلا يصلي مع الجماعة ولا في أوقات الصلوات .
وفئة من الناس تجلس على مائدة الإفطار وتترك صلاة المغرب مع الجماعة ، هذه الفئات من الناس لا تعرف لشهر رمضان قيمة ولا تتورع عن انتهاك حرمته بالسهر الحرام ، وترك الواجبات ، وفعل المحرمات .
وإلى جانب هؤلاء جماعة لا يعرفون شهر رمضان إلا أنه موسم للتجارة وعرض السلع وطلب الدنيا العاجلة ؛ فينشطون على البيع والشراء فيلازمون الأسواق ويهجرون المساجد ، وإن ذهبوا إلى المساجد فهم على عجل ومضض لا يستقرون فيها لأن قرة أعينهم في الأسواق .
وصنف آخر من الناس لا يعرف شهر رمضان إلا أنه وقت للتسول في المساجد والشوارع ، فيمضي معظم أوقاته بين ذهاب وتجوال هنا وهناك وانتقال من بلد إلى بلد لجمع المال عن طريق السؤال ، وإظهار نفسه بمظهر المحتاج وهو غني ، وبمظهر المصاب في جسمه وهو سليم ، يجحد نعمة الله عليه بالغنا والصحة ، ويأخذ المال بغير حقه ، ويضيع وقته الغالي فيما هو مضرة عليه ، فما بقي لرمضان من مزية عند هذه الفئات .
عباد الله لقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في هذا الشهر أكثر مما يجتهد في غيره ، وإن كان - عليه الصلاة والسلام - مجدًا في العبادة في جميع أوقاته ، فكان يتفرغ في هذا الشهر من كثير من المشاغل التي هي في الحقيقة عبادة ، لكنه يتفرغ من العمل الفاضل لما هو أفضل منه .
وكان السلف الصالح يقتدون به في ذلك ؛ فيخصون هذا الشهر بمزيد اهتمام ، ويتفرغون فيه للأعمال الصالحة ، ويعمرون ليله بالتهجد ونهاره بالصيام والذكر وتلاوة القرآن ، ويعمرون المساجد بذلك ، فلنقارن بين حالنا وحالهم وما هو مبلغ شعورنا بهذا الشهر . ولنعلم أنه كما تضاعف فيه الحسنات فإنها أيضًا تغلظ السيئات وتعظم عقوبتها ، فلنتق الله سبحانه ونعظم حرماته : ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ . [ الحج : 30 ] .
وفق الله الجميع لصالح القول والعمل .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .[/size]
فأوصيكم ونفسي - في هذا الشهر المبارك - بتقوى الله - وفي غيره من الشهور - ، ولكن هذا الشهر له مزية خصه الله بها . فهو موسم الخيرات ، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو الله ببلوغ رمضان ، فكان يقول إذا دخل شهر رجب : ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان ؛ وبلغنا رمضان ) ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يبشر أصحابه بقدومه ويبين لهم مزاياه ، فيقول : ( أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك ) ، ويحث أصحابه على الاجتهاد فيه بالأعمال الصالحة من فرائض ونوافل ، من صلوات وصدقات ، وبذل معروف وإحسان ، وصبر على طاعة الله ، وعمارة نهاره بالصيام ، وليله بالقيام ، وساعاته بتلاوة القرآن وذكر الله - عز وجل - ، فلا تضيعون بالغفلة والإعراض ، كحال الأشقياء الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ، فلا يستفيدون من مرور مواسم الخير ولا يعرفون لها حرمة ولا يقدرون لها قيمة .
كثير من الناس لا يعرفون هذا الشهر إلا أنه شهر لتنويع المآكل والمشارب ، فيبالغون في إعطاء نفوسهم ما تشتهي ، ويكثرون من شراء الكماليات من الأطعمة والأشربة ، ومعلوم أن الإكثار من المآكل والمشارب يكسل عن الطاعة ، والمطلوب من المسلم أن يقلل من الطعام والشراب حتى ينشط للطاعة .
وبعض من الناس لا يعرف شهر رمضان إلا أنه شهر النوم في النهار والسهر في الليل على ما لا فائدة فيه أو ما فيه مضرة ، فيسهر معظم ليله أو كله ثم ينام النهار حتى عن الصلوات المفروضة فلا يصلي مع الجماعة ولا في أوقات الصلوات .
وفئة من الناس تجلس على مائدة الإفطار وتترك صلاة المغرب مع الجماعة ، هذه الفئات من الناس لا تعرف لشهر رمضان قيمة ولا تتورع عن انتهاك حرمته بالسهر الحرام ، وترك الواجبات ، وفعل المحرمات .
وإلى جانب هؤلاء جماعة لا يعرفون شهر رمضان إلا أنه موسم للتجارة وعرض السلع وطلب الدنيا العاجلة ؛ فينشطون على البيع والشراء فيلازمون الأسواق ويهجرون المساجد ، وإن ذهبوا إلى المساجد فهم على عجل ومضض لا يستقرون فيها لأن قرة أعينهم في الأسواق .
وصنف آخر من الناس لا يعرف شهر رمضان إلا أنه وقت للتسول في المساجد والشوارع ، فيمضي معظم أوقاته بين ذهاب وتجوال هنا وهناك وانتقال من بلد إلى بلد لجمع المال عن طريق السؤال ، وإظهار نفسه بمظهر المحتاج وهو غني ، وبمظهر المصاب في جسمه وهو سليم ، يجحد نعمة الله عليه بالغنا والصحة ، ويأخذ المال بغير حقه ، ويضيع وقته الغالي فيما هو مضرة عليه ، فما بقي لرمضان من مزية عند هذه الفئات .
عباد الله لقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتهد في هذا الشهر أكثر مما يجتهد في غيره ، وإن كان - عليه الصلاة والسلام - مجدًا في العبادة في جميع أوقاته ، فكان يتفرغ في هذا الشهر من كثير من المشاغل التي هي في الحقيقة عبادة ، لكنه يتفرغ من العمل الفاضل لما هو أفضل منه .
وكان السلف الصالح يقتدون به في ذلك ؛ فيخصون هذا الشهر بمزيد اهتمام ، ويتفرغون فيه للأعمال الصالحة ، ويعمرون ليله بالتهجد ونهاره بالصيام والذكر وتلاوة القرآن ، ويعمرون المساجد بذلك ، فلنقارن بين حالنا وحالهم وما هو مبلغ شعورنا بهذا الشهر . ولنعلم أنه كما تضاعف فيه الحسنات فإنها أيضًا تغلظ السيئات وتعظم عقوبتها ، فلنتق الله سبحانه ونعظم حرماته : ﴿ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ . [ الحج : 30 ] .
وفق الله الجميع لصالح القول والعمل .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .[/size]