أ/أحمد
02-20-2013, 05:20 PM
قال العلامة الشيخ النحرير محمد الأمين بن محمد المختار الجكني الشنقيطي أسبغ الله عليه لباس الرحمة و الحبور و أنزله مساكن الفوز و السرور :
” أيها الأب الكريم المؤمن العربي الشهم بأيِّ مسوِّغ من عقل أو دين أو مروءة أو إنسانية تترك فلذة كبدك التي هي ابنتك مائدة سبيلاً تتمتع بجمالها كلُّ عين فاجرة غدراً وخيانة ومكراً وظلماً لذلك الجمال الذي يُستغلّ مجاناً في إرضاء الشيطان و تقليد كفرة الإفرنج تقليداً أعمى مع إضاعة الشرف و الفضيلة و العفاف !؟ .
و الفاجر قد يتمتع بالنظر إلى جمال المرأة وربما بلغت به لذة النظر إلى حد بعيد . ألا ترون قول بعضهم في محبة النظر الحرام :
قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة … ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
مع أن فلذة كبدك التي هي ابنتك لو ربيتها تربية إسلامية في حنان و صيانة و محافظة على الشرف و الفضيلة لكانت هي جوهرة الدنيا و أنفس شيء موجود فيها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ )) [1] . ولا تكون صالحة إلا بالتربية الدينية .
ولا يصح لعاقل أن يشك في أن اختلاط الجنسين في غاية الشباب و نضارته وحسنه أنه أكبر وسيلة و أنجح طريق إلى انتشار الفاحشة وفشو الرذيلة بين الجنسين .
ولا شك أنهما بحكم كونه زميلها و هي زميلته في الدراسة أنهما يخلوان كما يخلو الزميل بزميله في منتزهات ومواضع السباحة في الماء ومواضع مراجعة الدروس ، وخلوه بها طريق إلى ارتكاب ما لا ينبغي لا ينكرها إلا مكابر ، و السبيل الموصلة إلى ذلك سبيل سيئة كما قال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [ الإسراء / 32 ] فصرح بأنه فاحشة وأن سبيله سيئة . و الفاحشة هي : الخصلة التي بلغت غاية القبح و السوء ، و كل شيء بلغ النهاية في شيء فهو فاحش فيه ، ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته :
أرى الموت يَعتام الكرام َ ويصطفي … عقيلةَ مال الفاحش المتشدِّد
فقوله ” الفاحش ” أي البالغ غاية البخل .
وتأملوا لم قال تعالى : { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا } ولم يقل : ولا تزنوا ؛ لأن النهي عن القرب منه يستلزم التباعد من جميع الوسائل التي توصل إليه ، ولأن من قرب من الشيء كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه . فما أجمل تعاليم القرآن و آدابه السماوية ، وما أحسن ما تدعو إليه من النزاهة و الفضيلة و التباعد عن الرذائل …
… وبعد هذا كله فإنا نُهِيب بالآباء الكرام المسلمين العرب فنقول :
أين شهامتكم العربية العريقة المتوارثة على مر العصور ؟! كيف تتركون بناتكم خارجات عاريات مبذولات لمن شاء أن يتمتع بالنظر إليهن مجاناً عدواناً على المسكينات الجاهلات و على الشرف و الفضيلة ؟! …
… فليكن في كريم علمكم أن الزي الذي ترتديه بنات العرب و غيرهن من المسلمين في الجامعات و غيرها المقتضي كشف شيء من بدن المرأة لا يحل كشفه شرعاً ولا مروءة ، أن منشأه الأساسي هو ما يُفهم من القرآن العظيم و التاريخ ، و إيضاح ذلك :
أن الشيطان هو العدو الألد لآدم وزوجه وذريتهما كما قال تعالى : { إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ } الآية [ طه / 117 ]
و قال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ فاطر / 6 ]
وقال تعالى : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [ الكهف / 50 ] إلى غير ذلك من الآيات ،
ومعلوم أن الشيطان لشدة عداوته لآدم و زوجه وذريته أنه يسعى بكل ما لديه من الوسائل في إهانتهم بأنواع الإهانات الدنيوية و الأخروية ، ومن المعلوم أن من أعظم الإهانات الأدبية كشف عورة الإنسان ونزع ثيابه التي تستره عنه ، وهذه الإهانة الأدبية العظيمة هي أول إهانة ظفر بها إبليس فأهان الله بها بها آدم وحواء ، كما صرح الله بذلك في قوله : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا } [ الأعراف /20 ] .
وقوله : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ } [ الأعراف / 22 ] ، وكونهما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة يدل على عملهما وكدحهما ليُخَفِّفا من ضرر الإهانة التي تسبب لهما منها عدوهما إبليس .
وقد نادى الله – عز وجل – بني آدم نداءً سماوياً ونهاهم عن أن يغشم الشيطان ويهينهم كما أهان أبويهم آدم وحواء ، وذكر من ذلك أمرين :
أحدهما : الإخراج من الجنة .
و الثاني : نزع اللباس و إبداء السوأة التي هي العورة ، فجعل نزع اللباس و إبداء العورة مقروناً بالإخراج من الجنة ، وفي ذلك دليل على أن كليهما له وقع شديد ، و أنه أذية بالغة و إهانة عظيمة وذلك في قوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا } الآية [ الأعراف / 27 ] وبهذا تعرفون أن كشف العورة و إبداء السوأة مقصد أصيل عريق من مقاصد إبليس ليهين بها كرامة النوع الآدمي ، و إهانة كرامتهم تسره و تقر عينه لعداوته لهم .
و لم يزل إبليس يحاول إهانة بني آدم بكشف العورة و إبداء السوأة حتى بلغ غايته من ذلك ، وقد كان حَمَل العرب في الجاهلية على أن يخلعوا جميع ثيابهم عند الطواف بالبيت الحرام حتى يهينهم بكشف العورة في حرام الله و أشرف بقاع أرضه حول أول بيت وضع للناس فيطوفوا عراة في حالة مزرية ، وكانت المرأة منهم تطوف بالبيت عارية و العياذ بالله وكل ذلك من إهانة الشيطان لهم ، وقد ثبت في صحيح مسلم [2] من حديث ابن عباس أن المرأة في الجاهلية كانت تطوف عارية وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله … وما بدا منه فلا أحله
وكل ذلك إهانة من الشيطان لأعدائه الآدميين بكشف عوراتهم ، وله مع ذلك مقصد آخر وهو أن انكشاف عورتها يدعو إلى الفاحشة .
ولم يزل الشيطان يهين الآدميين بكشف العورة حتى في حال الطواف بالبيت ، حتى دفع الله باطله بالوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم و أرسل صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي : ألَّا يحج بعد اليوم مشرك و لا يطوف بالبيت عريان [3] ، و أنزل الله قوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } الآية [ الأعراف / 31] وقوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ } الآية [ الأعراف / 26 ]
و بنور ذلك الوحي سُتِرت العورات و لُبِست ثياب الزينة و التستر ، و رجع الشيطان خاسئاً ، ولكن لما طال الزمان و ضعف الدين و انصرف أكثر الناس عن الوحي السماوي وجد الشيطان الفرصة سانحة فأعادَ الكرَّة لإهانة الجنس الآدمي بكشف العورة و إبداء السوأة بفلسفة شيطانية من شعاراتها التقدم و الحضارة و الرقي و التمدن . و قد وصل إلى جميع غاياته في البلاد الكافرة ، فترك نساءها عاريات الفروج بالمجلات و الجرائد و مواضع السباحة في الماء و غير ذلك ، والإباحية فيها قائمة على قدم وساق ، و أولاد الزنا لا يمكن إحصاؤهم إحصاءاً دقيقاً لكثرتهم و العياذ بالله ، وهذا أمر معلوم مفروغ منه في أوروبا وما جرى مجراها .
ثم إن الشيطان أراد أن يهين المسلمين بنفس الإهانة المذكورة التي هي أول نكاية أوقعها بآدم وحواء ، وقد وصل إلى كشف كثير من أبدان نساء المسلمين في الجامعات و الحفلات و الطرق وغير ذلك ، وبينت العورة المغلظة ، و الشيطان مُجِدٌّ في الوصول إلى إبدائها و كشفها من نساء المسلمين . ومعلوم أنه إن تمادى الأمر على ما هو عليه أنه سيصل إلى ذلك كما تشير إليه طبيعة التقاليد المتبعة .
نرجو الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته و يبصِّر المسلمين طريق الحق و يلهمهم العمل بها حتى يحافظوا على بناتهم من كل ما يخل بالشرف و الفضيلة على ضوء النور السماوي الذي أنزله الله على سيد خلقه صلى الله عليه وسلم “.
انتهى النقل من ” فتوى في تحريم التعليم المختلط ” للعلامة الشنقيطي ضمن مجموع فيه بعض فتاويه و محاضراته مضمن في آثار العلامة محمد الأمين الشنقيطي صفحة [159 ] و من [166 إلى 169 ] ببعض الحذف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[1] : رواه الإمام مسلم في صحيحه (1467) .
[2] : برقم (3028) .
[3] : أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها برقم (1622) وبوب للحديث بمضمونه ، ومسلم في صحيحه (1347) .
” أيها الأب الكريم المؤمن العربي الشهم بأيِّ مسوِّغ من عقل أو دين أو مروءة أو إنسانية تترك فلذة كبدك التي هي ابنتك مائدة سبيلاً تتمتع بجمالها كلُّ عين فاجرة غدراً وخيانة ومكراً وظلماً لذلك الجمال الذي يُستغلّ مجاناً في إرضاء الشيطان و تقليد كفرة الإفرنج تقليداً أعمى مع إضاعة الشرف و الفضيلة و العفاف !؟ .
و الفاجر قد يتمتع بالنظر إلى جمال المرأة وربما بلغت به لذة النظر إلى حد بعيد . ألا ترون قول بعضهم في محبة النظر الحرام :
قلت اسمحوا لي أن أفوز بنظرة … ودعوا القيامة بعد ذاك تقوم
مع أن فلذة كبدك التي هي ابنتك لو ربيتها تربية إسلامية في حنان و صيانة و محافظة على الشرف و الفضيلة لكانت هي جوهرة الدنيا و أنفس شيء موجود فيها ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : (( الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ )) [1] . ولا تكون صالحة إلا بالتربية الدينية .
ولا يصح لعاقل أن يشك في أن اختلاط الجنسين في غاية الشباب و نضارته وحسنه أنه أكبر وسيلة و أنجح طريق إلى انتشار الفاحشة وفشو الرذيلة بين الجنسين .
ولا شك أنهما بحكم كونه زميلها و هي زميلته في الدراسة أنهما يخلوان كما يخلو الزميل بزميله في منتزهات ومواضع السباحة في الماء ومواضع مراجعة الدروس ، وخلوه بها طريق إلى ارتكاب ما لا ينبغي لا ينكرها إلا مكابر ، و السبيل الموصلة إلى ذلك سبيل سيئة كما قال تعالى {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا } [ الإسراء / 32 ] فصرح بأنه فاحشة وأن سبيله سيئة . و الفاحشة هي : الخصلة التي بلغت غاية القبح و السوء ، و كل شيء بلغ النهاية في شيء فهو فاحش فيه ، ومنه قول طرفة بن العبد في معلقته :
أرى الموت يَعتام الكرام َ ويصطفي … عقيلةَ مال الفاحش المتشدِّد
فقوله ” الفاحش ” أي البالغ غاية البخل .
وتأملوا لم قال تعالى : { وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا } ولم يقل : ولا تزنوا ؛ لأن النهي عن القرب منه يستلزم التباعد من جميع الوسائل التي توصل إليه ، ولأن من قرب من الشيء كالراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه . فما أجمل تعاليم القرآن و آدابه السماوية ، وما أحسن ما تدعو إليه من النزاهة و الفضيلة و التباعد عن الرذائل …
… وبعد هذا كله فإنا نُهِيب بالآباء الكرام المسلمين العرب فنقول :
أين شهامتكم العربية العريقة المتوارثة على مر العصور ؟! كيف تتركون بناتكم خارجات عاريات مبذولات لمن شاء أن يتمتع بالنظر إليهن مجاناً عدواناً على المسكينات الجاهلات و على الشرف و الفضيلة ؟! …
… فليكن في كريم علمكم أن الزي الذي ترتديه بنات العرب و غيرهن من المسلمين في الجامعات و غيرها المقتضي كشف شيء من بدن المرأة لا يحل كشفه شرعاً ولا مروءة ، أن منشأه الأساسي هو ما يُفهم من القرآن العظيم و التاريخ ، و إيضاح ذلك :
أن الشيطان هو العدو الألد لآدم وزوجه وذريتهما كما قال تعالى : { إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ } الآية [ طه / 117 ]
و قال تعالى : { إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ فاطر / 6 ]
وقال تعالى : { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} [ الكهف / 50 ] إلى غير ذلك من الآيات ،
ومعلوم أن الشيطان لشدة عداوته لآدم و زوجه وذريته أنه يسعى بكل ما لديه من الوسائل في إهانتهم بأنواع الإهانات الدنيوية و الأخروية ، ومن المعلوم أن من أعظم الإهانات الأدبية كشف عورة الإنسان ونزع ثيابه التي تستره عنه ، وهذه الإهانة الأدبية العظيمة هي أول إهانة ظفر بها إبليس فأهان الله بها بها آدم وحواء ، كما صرح الله بذلك في قوله : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا } [ الأعراف /20 ] .
وقوله : { فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ } [ الأعراف / 22 ] ، وكونهما طفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة يدل على عملهما وكدحهما ليُخَفِّفا من ضرر الإهانة التي تسبب لهما منها عدوهما إبليس .
وقد نادى الله – عز وجل – بني آدم نداءً سماوياً ونهاهم عن أن يغشم الشيطان ويهينهم كما أهان أبويهم آدم وحواء ، وذكر من ذلك أمرين :
أحدهما : الإخراج من الجنة .
و الثاني : نزع اللباس و إبداء السوأة التي هي العورة ، فجعل نزع اللباس و إبداء العورة مقروناً بالإخراج من الجنة ، وفي ذلك دليل على أن كليهما له وقع شديد ، و أنه أذية بالغة و إهانة عظيمة وذلك في قوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا } الآية [ الأعراف / 27 ] وبهذا تعرفون أن كشف العورة و إبداء السوأة مقصد أصيل عريق من مقاصد إبليس ليهين بها كرامة النوع الآدمي ، و إهانة كرامتهم تسره و تقر عينه لعداوته لهم .
و لم يزل إبليس يحاول إهانة بني آدم بكشف العورة و إبداء السوأة حتى بلغ غايته من ذلك ، وقد كان حَمَل العرب في الجاهلية على أن يخلعوا جميع ثيابهم عند الطواف بالبيت الحرام حتى يهينهم بكشف العورة في حرام الله و أشرف بقاع أرضه حول أول بيت وضع للناس فيطوفوا عراة في حالة مزرية ، وكانت المرأة منهم تطوف بالبيت عارية و العياذ بالله وكل ذلك من إهانة الشيطان لهم ، وقد ثبت في صحيح مسلم [2] من حديث ابن عباس أن المرأة في الجاهلية كانت تطوف عارية وتقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله … وما بدا منه فلا أحله
وكل ذلك إهانة من الشيطان لأعدائه الآدميين بكشف عوراتهم ، وله مع ذلك مقصد آخر وهو أن انكشاف عورتها يدعو إلى الفاحشة .
ولم يزل الشيطان يهين الآدميين بكشف العورة حتى في حال الطواف بالبيت ، حتى دفع الله باطله بالوحي الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم و أرسل صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي : ألَّا يحج بعد اليوم مشرك و لا يطوف بالبيت عريان [3] ، و أنزل الله قوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } الآية [ الأعراف / 31] وقوله تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ } الآية [ الأعراف / 26 ]
و بنور ذلك الوحي سُتِرت العورات و لُبِست ثياب الزينة و التستر ، و رجع الشيطان خاسئاً ، ولكن لما طال الزمان و ضعف الدين و انصرف أكثر الناس عن الوحي السماوي وجد الشيطان الفرصة سانحة فأعادَ الكرَّة لإهانة الجنس الآدمي بكشف العورة و إبداء السوأة بفلسفة شيطانية من شعاراتها التقدم و الحضارة و الرقي و التمدن . و قد وصل إلى جميع غاياته في البلاد الكافرة ، فترك نساءها عاريات الفروج بالمجلات و الجرائد و مواضع السباحة في الماء و غير ذلك ، والإباحية فيها قائمة على قدم وساق ، و أولاد الزنا لا يمكن إحصاؤهم إحصاءاً دقيقاً لكثرتهم و العياذ بالله ، وهذا أمر معلوم مفروغ منه في أوروبا وما جرى مجراها .
ثم إن الشيطان أراد أن يهين المسلمين بنفس الإهانة المذكورة التي هي أول نكاية أوقعها بآدم وحواء ، وقد وصل إلى كشف كثير من أبدان نساء المسلمين في الجامعات و الحفلات و الطرق وغير ذلك ، وبينت العورة المغلظة ، و الشيطان مُجِدٌّ في الوصول إلى إبدائها و كشفها من نساء المسلمين . ومعلوم أنه إن تمادى الأمر على ما هو عليه أنه سيصل إلى ذلك كما تشير إليه طبيعة التقاليد المتبعة .
نرجو الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته و يبصِّر المسلمين طريق الحق و يلهمهم العمل بها حتى يحافظوا على بناتهم من كل ما يخل بالشرف و الفضيلة على ضوء النور السماوي الذي أنزله الله على سيد خلقه صلى الله عليه وسلم “.
انتهى النقل من ” فتوى في تحريم التعليم المختلط ” للعلامة الشنقيطي ضمن مجموع فيه بعض فتاويه و محاضراته مضمن في آثار العلامة محمد الأمين الشنقيطي صفحة [159 ] و من [166 إلى 169 ] ببعض الحذف .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
[1] : رواه الإمام مسلم في صحيحه (1467) .
[2] : برقم (3028) .
[3] : أخرجه البخاري في مواضع من صحيحه منها برقم (1622) وبوب للحديث بمضمونه ، ومسلم في صحيحه (1347) .