![]() |
12-21-2010 01:59 PM | |
ناصر |
( شرح ألفية ابن مالك [26] ) للشيخ : ( محمد بن صالح العثيمين ) شرح ألفية ابن مالك [26]
إن وأخواتها حروف تنصب المبتدأ وترفع الخبر، فإذا عطف عليها فللمعطوف أحكام، وقد تخفف بعض هذه الحروف فتختلف فيها بعض الأحكام. حكم العطف على إن وأخواتها ![]() ![]() ...... ![]() جواز رفع المعطوف على إن واسمها وخبرها ![]() قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وجائز رفعك معطوفاً على منصوب إن بعد أن تستكملا ] قوله: [وجائز رفعك]. جائز: خبر مقدم. رفعك: مبتدأ مؤخر. هذا الإعراب هو الصحيح؛ لأنه يشترط في استغناء اسم الفاعل بمرفوعه أن يعتمد على استفهام أو نفي، لكن يجوز على ضعف أن يكون (جائز) مبتدأ و(رفع) خبراً؛ لقول ابن مالك في الألفية: (وقد يجوز نحو فائز أولو الرشد) قوله: (معطوفاً): مفعول به، والعامل هو المصدر في قوله (رفعك). على منصوب إن: متعلق بـ (معطوفاً). بعد أن تستكملا: متعلق بـ (رفع) أي: يجوز رفع المعطوف على منصوب (إن) إذا استكملت الاسم والخبر. يقول رحمه الله: (وجائز رفعك) أي: جائز لغة إذا عطفت على إنَّ واسمها وخبرها أن ترفع المعطوف. وقوله: (جائز رفعك) يدل على أن الأصل فيه المنع، وكلمة (جائز) لا تعني أنه الأولى، بل الأولى هو النصب. مثال ذلك: إن زيداً قائمٌ وعمرو، يجوز في (عمرو) وجهان: الوجه الأول: النصب (وعمراً)، والوجه الثاني: الرفع (وعمرو)، فعلى النصب يكون معطوفاً على اسم إنَّ، والمعطوف على المنصوب منصوب، ولا إشكال في ذلك. وعلى الرفع قيل: إنه معطوف على إنَّ واسمها؛ لأن محلهما المبتدأ. وقيل: إنه معطوف على محل اسم إنَّ؛ لأن محله في الأصل الرفع؛ لأن أصله مبتدأ. وقيل: إنه مبتدأ وخبره محذوف، والتقدير: وعمرو قائم، فيكون العطف هنا عطف جملة على جملة. وقوله: (بعد أن تستكملا) يفهم منه أنك إذا عطفت على منصوب إنَّ قبل الاستكمال فإن الرفع لا يجوز، مثاله: إن زيداً وعمراً في المسجد، فلا يجوز أن تقول: إن زيداً وعمرو في المسجد؛ لأنها لم تستكمل معموليها، فيجب أن تقول: (وعمراً) معطوف على اسم إنَّ وهو زيد، والمعطوف على المنصوب منصوب. وتقول: إن زيداً وعمراً قائمان، ولا تقل: إن زيداً وعمرو قائمان؛ وذلك لأنها لم تستكمل معموليها. فأفادنا المؤلف رحمه الله في هذا البيت أن من خصائص (إنِّ): أنه يجوز إذا عطفت على اسمها بعد استكمال معموليها أن تجعل المعطوف مرفوعاً أو منصوباً. أعلى الصفحة ![]() حكم المعطوف على أخوات إن ![]() قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وألحقت بإنَّ لكنّ وأنّ من دون ليتَ ولعلّ وكأنّ ] قوله: (وألحقت) ألحق: فعل ماضٍ منبي لما لم يسم فاعله، والذي ألحق (لكنَّ وأنّ) هم العرب، فإن العرب هم الذين يعتمد عليهم. بإن: جار ومجرور متعلق بألحقت. لكنَّ: نائب فاعل، وهو حرف، ولكنه صار نائباً للفاعل لأن المقصود لفظه. وأنّ: معطوفة على (لكنَّ). (من دون ليت ولعل وكأن) أي: سوى (ليت ولعل وكأن)، فقوله (من دوه) بمعنى الاستثناء، فليت ولعل وكأن لا تلحق بإن في جواز الرفع، بل يجب النصب. مثال (أن): علمت أن زيداً قائمٌ وعمراً، ولك أن تقول: علمت أن زيداً قائمٌ وعمرٌو برفع (عمرو). مثال (لكن): لكن عمراً قائم وبكراً، ولك أن تقول: لكن عمراً قائمٌ وبكرٌ برفع (بكر). إذاً: يجوز في المعطوف على اسم إنّ وأنّ ولكنَّ وخبرها الوجهان: الرفع والنصب، فصارت هذه الأدوات الست تنقسم إلى قسمين في جواز رفع المعطوف على اسمها بعد استكمال الخبر: ثلاث منها يجوز فيها الرفع والنصب، وهي: إنَّ وأنَّ ولكنَّ. وثلاث منها لا يجوز، وهي: ليت ولعل وكأنَّ. ووجه عدم جواز رفع المعطوف على اسم هذه الثلاث وخبرها: أنه يختلف المعنى اختلافاً عظيماً، فمثلاً: ليت زيداً قائمٌ وعمرٌو، فعندما رفعنا (عمرو) جعلناه مبتدأ، وحينئذ لم يبق فيه معنى التمني، أي: تمني أنه قائم؛ لأنك إذا جعلته مبتدأ قطعته عما سبق، فلا يدخله التمني. كذلك نقول في لعل: لعل زيداً قائمٌ وعمرٌو، بالرفع: إنه لا يصح؛ لأنك لو فعلت هكذا لم يتبين لنا أنه داخل في الرجاء الذي تعلق بزيد. وكذلك: كأن زيداً أسدٌ وعمرٌو، لا يستقيم؛ لأننا لا ندري هل المراد: كأن زيداً أسد وعمرو قطٌّ، أم وعمرو أسد. إذاً: يجب أن نقول: ليت زيداً قائمٌ وعمراً، وكأن زيداً أسدٌ وعمراً، ولعل زيداً ناجح وعمراً، بنصب (عمرو) لا برفعها. أما قوله تعالى: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة إعمال إن المخففة وإهمالها ![]() ![]() قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وخففت إنّ فقل العملُ وتلزم اللام إذا ما تهمل وربما استغني عنها إن بدا ما ناطق أراده معتمدا ] قوله: (وخففت): خفف: فعل ماض، والتاء للتأنيث، والفعل مبني لما لم يسم فاعله. إنَّ: نائب فاعل باعتبار لفظها. فقل العمل: الفاء عاطفة وهي مفرعة على ما سبق، أو سببية. العمل: (أل) للعهد الذهني، أي: فقل عملها، فأل هنا نائبة مناب الضمير، والعمل: فاعل. وتلزم اللام: اللام هنا يحتمل أن تكون (أل) التي للجنس، ويحتمل أن تكون للعهد، فإن قلنا: إنها للعهد، فاللام هنا لام الابتداء التي تدخل على خبر إنَّ، وإن قلنا: إنها للجنس، فاللام هنا لام جديدة استجلبت للفرق بين إنْ النافية وإنْ المخففة، وعلى كل حال فاللام فاعل. إذا: شرطية. ما: زائدة. تهمل: فعل مضارع مبني لما لم يسم فاعله، ونائب الفاعل مستتر يعود على إن. وقد قلنا: إن (ما) زائدة؛ لأنها وقعت بعد إذا، وقد قيل: يا طالباً خذ فائدة بعد إذا ما زائدة يقول رحمه الله: (وخففت إن) الذي خففها هم العرب لا النحويون؛ لأن النحويين لا يمكن أن يتصرفوا في اللغة العربية، بل يحللون اللغة العربية ولكن لا يتصرفون فيها، فالمخفف هم العرب. (فقل العمل) أي: قل عملها، أي: وكثر إهمالها، فإذا قلَّ العمل كثر الإهمال، فنستفيد من ذلك: أنه إذا خففت (إنَّ) جاز فيها وجهان: الإعمال وهو الأقل، والإهمال وهو الأكثر. فإن أعملت فالأمر ظاهر، تقول: إنْ زيداً قائمٌ، كقولك: إنَّ زيداً قائمٌ، وفي الإهمال تقول: إنْ زيدٌ قائمٌ. يقول المؤلف: (وتلزم اللام إذا ما تهمل) فيجب أن تقول: إنْ زيدٌ لقائم، أما إذا أعملت فلا تلزم؛ وذلك لأن لزوم اللام من أجل الفرق بينها وبين (إنْ) النافية، فإذا أعملت زال اللبس. فإذا قلت مثلاً: إن زيدٌ قائمٌ، لم يدر هل المقصود إثبات قيامه أو نفيه، لكن إذا قلت: إن زيداً قائمٌ، أُثبِتَ القيام وزال الإشكال. ففي المثال الأول يجب أن تأتي باللام فتقول: إن زيد لقائمٌ، لأجل أن تفرق بين (إنْ) النافية و(إنْ) المخففة، ووجه ذلك: أن النافية لا تأتي معها اللام؛ لأن اللام للتوكيد، و(إنْ) النافية للنفي، فلا يمكن أن تأتي اللام المؤكدة مع النفي. إذاً: أفادنا المؤلف رحمه الله أن (إنَّ) إذا خففت جاز إعمالها وإهمالها؛ لأنه قال: (فقلَّ العمل)، وأفادنا في الشطر الثاني: أنها إذا أهملت وجب اقتران خبرها باللام، وتسمى: اللام الفارقة؛ لأنها تفرق بين (إنْ) النافية و(إنْ) المخففة. ثم هل اللام الفارقة هي لام الابتداء أم لام فارقة جديدة؟ خلاف لا يهمنا؛ لأن هذا الخلاف ليس تحته شيء. قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وربما استغني عنها إن بدا ما ناطق أراده معتمداً ] قوله: (ربما) يحتمل أن تكون للتكثير، ويحتمل أن تكون للتقليل. استغني عنها: أي: عن اللام، واستغني: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله. عنها: جار ومجرور في محل نائب الفاعل. إن بدا: إن: شرطية، وبدا: فعل الشرط بمعنى: ظهر. ما: فاعل بدا. ناطق: مبتدأ. أراده: الجملة خبر المبتدأ. معتمداً: حال من فاعل أراده، وجملة المبتدأ والخبر صلة الموصول. والمعنى: ربما استغني عن اللام فلم تأت مع الإهمال إذا اتضح المعنى؛ لكن بأي شيء يتضح المعنى؟ يتضح المعنى بالقرينة، مثال ذلك قول الشاعر: ونحن أباة الضيم من آل مالك وإنْ مالك كانت كرام المعادن (أباة) جمع أبيّ، وهو الممتنع، يعني: أنا من الممتنعين الذين لا يرضون بالضيم. الشاهد: قوله: (وإنْ مالك كانت كرام المعادن)، (إنْ) هذه مخففة من الثقيلة، وهي مهملة، وليس في خبرها اللام، فكيف لم يأت في خبرها اللام مع أنها مهملة؟ نقول: لأن المعنى واضح، ولو جعلنا (إنْ) بمعنى (ما) النافية، لكان هناك تناقض بين أول الكلام وآخره، ففي البداية يفتخر بأنه من آل مالك، ثم يقول: وما مالك كانت كرام المعادن! فلا يمكن هذا؛ إذ كيف يفتخر بأنه من آل مالك ثم يقدح في مالك، ويقول: إنها ليست كريمة المعادن؟! إذاً: يتعين أنَّ (إنْ) هنا مخففة من الثقيلة. ولو قال قائل: إنْ موسى فاهم، فنقول: هذا لا يجوز، حتى ولو أعملت؛ لأن الفتحة لا تظهر على موسى، فيكون قول ابن مالك : (إذا ما تهمل) مقيداً بما إذا كانت تظهر علامة الإعراب على الاسم، أما إذا كانت لا تظهر فإنه لا يتبين، حتى ولو أعملت لا يتبين، فلابد حينئذٍ من اللام. وكذلك أيضاً إذا كان اسمها مثنى ولزمنا فيه لغة من يلزمه الألف مطلقاً، فهذا لا بد من اللام لعدم الاتضاح. وكذلك إذا كان الاسم مبنياً فلا بد من اللام. والحقيقة أن هذه الصور وإن كان الذي يبدو للإنسان أن ابن مالك لم يذكرها لكنه ذكرها بقوله: [ وربما استغني عنها إن بدا ما ناطق أراده معتمدا ]. ومعلوم أن ما لا تظهر عليه الحركات لا يدرى ما أراده الناطق، وكذلك إذا كان مبنياً، وكذلك إذا كان إعرابه لا يختلف فيه المرفوع والمنصوب، فلابد أن يقترن الخبر باللام حتى يتضح المعنى، إلا إذا وجدت قرينة كافية. والخلاصة: أن العرب يخففون إنَّ التي للتوكيد، وحينئذٍ يجوز إعمالها وإهمالها، والأكثر الإهمال، وإذا أهملت فيجب اقتران خبرها باللام ما لم يظهر المعنى، فإن ظهر المعنى بقرينة حالية أو لفظية جاز حذف اللام، والقرينة الحالية المعنوية كقول القائل: نحن أباة الضيم من آل مالك وإن مالك كانت كرام المعادن والقرينة اللفظية يمكن أن نمثل لها بقولنا: إنْ موسى قائم وعمراً، فهذه قرينة لفظية، وكذلك قول الشاعر: إنِ الحق لا يخفى على ذي بصيرة. فـ(إنْ) هنا مخففة ولابد؛ لأنه لا يصح أن نقول: ما الحق لا يخفى على ذي بصيرة؛ لأن (لا) نافية و(ما) نافية، ولا يجتمع نافيان على حكم واحد للتضاد، ولهذا يعتبر العلماء هذه قرينة لفظية، بخلاف ما إذا قلت: إنِ الحق؛ لأن (إنْ) المخففة من الثقيلة للإثبات، والمعنى: إنَّ الحق لا يخفى على ذي بصيرة....... ![]() دخول إن المخففة على الفعل ![]() قال المصنف رحمه الله تعالى: [ والفعل إن لم يك ناسخاً فلا تلفيه غالباً بإن ذي موصلا ] من المعلوم أن إنّ وأخواتها ست أدوات، منها المشدد ومنها المخفف، فالمشدد: إنَّ، وأنَّ، ولعلَّ، ولكنَّ، وكأنَّ، والمخفف ليتَ فقط. وقد تكلمنا فيما سبق على حكم (إنَّ) إذا خففت إلى (إنْ)، والآن سيتكلم المؤلف على باقي الحروف التي تخفف. قوله: (والفعل إن لم يك ناسخاً فلا). الفعل: مبتدأ وخبره جملة الشرط: (إن لم يك ناسخاً فلا تلفيه غالباً بإن ذي موصلاً). إن: شرطية. لم: حرف جزم. يك: فعل مضارع مجزوم بلم؛ لأنها المباشرة، والجلمة في محل جزم فعل الشرط. ناسخاً: خبر يكن. فلا تلفيه غالباً: أي: لا تجده غالباً، ومعلوم أن (لا): نافية. تلفيه: تلفي: فعل مضارع، والفاعل مستتر تقديره أنت، والهاء مفعول أول. غالباً: منصوب بنزع الخافض، أي: في الغالب. بإن ذي: المشار إليه هي (إنْ) المخففة، والباء: حرف جر، وإن مجرور بالباء باعتبار اللفظ. وذي: صفة لإن، والجار والمجرور متعلق بموصلاً. موصلاً: مفعول ثان لـ(تلفي)، أي: فلا تلفيه موصلاً في الغالب. معلوم أنّ َ(إنْ) المخففة إذا كانت داخلة على جملة اسمية فقد سبق الكلام أنها تعمل وتهمل، والإهمال أكثر، وأنه إذا أهملت ولم يتضح المعنى وجب اقتران خبرها باللام، والجملة الفعلية هل تتصل بإنْ المخففة؟ فصل المؤلف رحمه الله تعالى، والحاصل: أن (إنْ) لا يليها الفعل إلا إذا كان ناسخاً، مثل: كاد، وكان، ووجد، وما أشبهها، قال الله تبارك وتعالى: ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة الكلام على أن المخففة من الثقيلة ![]() ![]() ...... ![]() حذف اسم أن المخففة ![]() قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن تخفف أنّ فاسمها استكنّ والخبرَ اجعل جملة من بعد أنْ] هذا هو الحرف الثاني مما يخفف من هذه الحروف الستة. قوله: (إن تخفف) إنْ: شرطية، تخفف: فعل الشرط، وهو مبني لما لم يسم فاعله. أنّ: نائب فاعل، وهو حرف لكن المقصود اللفظ. فاسمها: الفاء رابطة للجواب، واسم: مبتدأ، وهو مضاف إلى الهاء. استكن: بمعنى: اختفى، وهو فعل ماض وفاعله مستتر تقديره هو، والجملة الفعلية خبر المبتدأ، والجملة من اسمها وخبرها في محل جزم جواب الشرط. قوله: (والخبر اجعل جملة من بعد أن): الخبر: مفعول أول مقدم لـ (اجعل)، وفاعل (اجعل) مستتر وجوباً تقديره أنت. جملة: مفعول ثان، أي: اجعل الخبر جملة من بعد أن. ومعنى البيت: أن (أنّ) تخفف، والمخفف لها هم العرب، وفي حال التخفيف يقول: (اسمها استكن)، وهذه عبارة فيها تساهل؛ لأن ظاهرها أن الاسم مستتر في أنَّ، وهذا غلط؛ لأن (أنَّ) حرف لا تتحمل الضمير، هذا من وجه، ومن وجه آخر: أن اسم (أنَّ) منصوب ولا يوجد ضمير مستتر وهو منصوب في الدنيا كلها، إنما الذي يستتر هو الضمير المرفوع، وذلك لقوة اتصاله، فصار في كلامه رحمه الله نظر من وجهين: الوجه الأول: أنه لا استتار في الحرف. والثاني: لا استتار لضمير منصوب، إنما الاستتار للضمير المرفوع، أما المنصوب فيحذف. وحينئذ نقول: مراد ابن مالك رحمه الله بقوله: (استكن) أي: حذف، وجعله مستكناً لأنه محذوف لم يظهر فكأنه مستتر، وإلا فإننا نعلم -والعلم عند الله- أن ابن مالك لا يخفى عليه أن الحروف ليست محلاً لاستتار الضمائر فيها، ونعلم أيضاً أنه يعلم أن الذي يستتر إنما هو ضمير الرفع. إذاً: ما الذي أوجب لـابن مالك أن يعبر بكلمة (استكن) مع هذا الاحتمال؟ نقول: ضرورة الشعر، و الحريري رحمه الله وصف الشعر بأنه صلف فقال: وجائز في صنعة الشعر الصلف أن يصرف الشاعر ما لا ينصرف وهذا صحيح، حتى إن بعض العلماء يقول: يجوز في ضرورة الشعر أن يرفع المنصوب وينصب المرفوع، وكذلك ينصب المجرور ويرفع. قوله: (والخبر اجعل جملة) لما بين أن اسم (أنّ) إن خففت يحذف، فماذا يكون حكم خبرها؟ قال: والخبر يكون جملة، فلا يكون مفرداً أبداً، لكن قد يكون خبرها مفرداً إذا لم يحذف اسمها، ومنه قول الشاعر: لقد علم الضيف والمرملون إذا اغبر أفق وهبت شمالا بأَنْك ربيع وغيث مريع وأنْك هناك تكون الثمالا ففي هذين البيتين خفف (أنّ) وجاء بها مرتين مع اسمها، وخبرها في المرة الأولى مفرد، وهو قوله: (ربيع)، وخبرها في المرة ا لثانية جملة، وهو قوله: (تكون الثمالا). إذاً: تخفف أنّ، والمخفف لها هم العرب، وإذا خففت وجب حذف اسمها، ولا يذكر إلا نادراً، ويجب أن يكون خبرها جملة، ولا يكون مفرداً إلا قليلاً، ولاسيما إذا ذكر الاسم؛ لأنه إذا ذكر الاسم صارت تشبه المشددة في أنه يكون لها خبر مفرد. أعلى الصفحة ![]() الفصل بين أن المخففة وخبرها ![]() قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وإن يكن فعلاً ولم يكن دعا ولم يكن تصريفه ممتنعا فالأحسن الفصل بقد أو نفيٍ او تنفيسٍ او لو وقيل ذكر لو ] قوله: (وإن يكن فعلاً ولم يكن دعا): (وإن يكن) أي: الخبر. (فعلاً) خبر يكن التي استتر اسمها. (ولم يكن دعا) أي: لم يكن الفعل دعاء، ولم: حرف جازم. ويكن: فعل مضارع مجزوم بلم، واسمها مستتر جوازاً تقديره هو. دعا: خبر يكن، وأصلها مهموز (دعاء)، لكن حذفت الهمزة من أجل الروي. قوله: (ولم يكن تصريفه ممتنعاً ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() أعلى الصفحة الكلام على كأن المخففة ![]() ![]() قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وخففت كأنّ أيضاً فنوي منصوبها وثابتاً أيضاً روي ] قوله: (خففت): فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله، والتاء للتأنيث. كأن: نائب الفاعل. أيضاً: مصدر عامله محذوف، تقديره: آض، أي: رجع، فيكون (أيضاً) بمعنى (رجوعاً)، ومعنى الكلام إذا جاءت أيضاً فيه: أي: رجوعاً إلى ما سبق، والمعنى هنا: (وخففت كأن أيضاً)، أي: كما خففت إنّ وخففت أنّ. فروي: الفاء حرف عطف، وروي: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله. منصوبها: منصوب: نائب الفاعل، وهو مضاف إلى الهاء. وثابتاً: الواو حرف عطف، وثابتاً: حال مقدمة من نائب الفاعل في روي. أيضاً: نقول في إعرابها كما قلنا في أختها السابقة. وروي: فعل ماض مبني لما لم يسم فاعله، ونائب الفاعل مستتر تقديره هو. ومعنى البيت: أن (كأنّ) خففت، وإذا جاءت مخففة فإن اسمها يكون محذوفاً وهو ضمير الشأن، وخبرها يكون جملة. ولم يذكر المؤلف رحمه الله لخبرها شيئاً من الشروط، وكأنه يأتي جملة بدون شرط ولا قيد، قال الله تبارك وتعالى: ![]() ![]() تخفيف لكن ![]() ![]() إذا خففت (لكنّ) فإنها تكون مجرد حرف عطف، وتكون مهملة، مثل: ما قام زيد لكن عمرو؛ فلكن: حرف عطف. ...... |
![]() |
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code is متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|