منتديات الإسلام والسنة

منتديات الإسلام والسنة (http://bamhrez.com/vb/index.php)
-   منتدى الأدآب الشرعية (http://bamhrez.com/vb/forumdisplay.php?f=27)
-   -   قصّة مؤثرة / من أنفس الأمثلة في الرجوع إلى الحق (http://bamhrez.com/vb/showthread.php?t=19371)

طالب العلم 01-01-2017 02:46 AM

قصّة مؤثرة / من أنفس الأمثلة في الرجوع إلى الحق
 
عرفات بن حسن المحمدي:

[قصّة مؤثرة]
[من أنفس الأمثلة في رجوع أهل العلم إلى الحق]

قال أبو بكر ابن العربي (ت: ٥٤٣ هـ):

أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ قَاسِمٍ الْعُثْمَانِيُّ غَيْرَ مَرَّةٍ :

وَصَلْت الْفُسْطَاطَ مَرَّةً ، فَجِئْت مَجْلِسَ الشَّيْخِ أَبِي الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيِّ، وَحَضَرْت كَلَامَهُ عَلَى النَّاسِ،

فَكَانَ مِمَّا قَالَ فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسْت إلَيْهِ :

"إنَّ النَّبِيَّ ﷺ طَلَّقَ وَظَاهَرَ وَآلَى"

فَلَمَّا خَرَجَ تَبِعْته حَتَّى بَلَغْت مَعَهُ إلَى مَنْزِلِهِ فِي جَمَاعَةٍ، فَجَلَسَ مَعَنَا فِي الدِّهْلِيزِ ، وَعَرَّفَهُمْ أَمْرِي ،

فَإِنَّهُ رَأَى إشَارَةَ الْغُرْبَةِ وَلَمْ يَعْرِفْ الشَّخْصَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْوَارِدِينَ عَلَيْهِ ،

فَلَمَّا انْفَضَّ عَنْهُ أَكْثَرُهُمْ قَالَ لِي :

أَرَاك غَرِيبًا ، هَلْ لَك مِنْ كَلَامٍ ؟

قُلْت : نَعَمْ !

قَالَ لِجُلَسَائِهِ : أَفْرِجُوا لَهُ عَنْ كَلَامِهِ،

فَقَامُوا وَبَقِيت وَحْدِي مَعَهُ،

فَقُلْت لَهُ: حَضَرْت الْمَجْلِسَ الْيَوْمَ، وَسَمِعْتُك تَقُولُ :

آلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺَ وَصَدَقْت ، وَطَلَّقَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَصَدَقْت .

وَقُلْت : وَظَاهَرَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَهَذَا لَمْ يَكُنْ ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ! لِأَنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ !

وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقَعَ مِنْ النَّبِيِّ ﷺَ .

فَضَمَّنِي إلَى نَفْسِهِ وَقَبَّلَ رَأْسِي ، وَقَالَ لِي :

أَنَا تَائِبٌ مِنْ ذَلِكَ ، جَزَاك اللَّهُ عَنِّي مِنْ مُعَلِّمٍ خَيْرًا .

ثُمَّ انْقَلَبْت عَنْهُ ، وَبَكَّرْت إلَى مَجْلِسِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ، فَأَلْفَيْته قَدْ سَبَقَنِي إلَى الْجَامِعِ ، وَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ،

فَلَمَّا دَخَلْت مِنْ بَابِ الْجَامِعِ وَرَآنِي نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ :

مَرْحَبًا بِمُعَلِّمِي ! أَفْسِحُوا لِمُعَلِّمِي !

فَتَطَاوَلَتْ الْأَعْنَاقُ إلَيَّ ، وَحَدَّقَتْ الْأَبْصَارُ نَحْوِي ، وَتَعْرِفنِي :

يَا أَبَا بَكْرٍ يُشِيرُ إلَى عَظِيمِ حَيَائِهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ أَحَدٌ أَوْ فَاجَأَهُ خَجِلَ لِعَظِيمِ حَيَائِهِ ، وَاحْمَرَّ حَتَّى كَأَنَّ وَجْهَهُ طُلِيَ بِجُلَّنَارٍ

قَالَ : وَتَبَادَرَ النَّاسُ إلَيَّ يَرْفَعُونَنِي عَلَى الْأَيْدِي وَيَتَدَافَعُونِي حَتَّى بَلَغْت الْمِنْبَرَ ،

وَأَنَا لِعَظْمِ الْحَيَاءِ لَا أَعْرِفُ فِي أَيْ بُقْعَةٍ أَنَا مِنْ الْأَرْضِ ، وَالْجَامِعُ غَاصٌّ بِأَهْلِهِ ، وَأَسَالَ الْحَيَاءُ بَدَنِي عَرَقًا
وَأَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى الْخَلْقِ ، فَقَالَ لَهُمْ :

أَنَا مُعَلِّمُكُمْ ، وَهَذَا مُعَلِّمِي !

لَمَّا كَانَ بِالْأَمْسِ قُلْت لَكُمْ :

آلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَطَلَّقَ ، وَظَاهَرَ، فَمَا كَانَ أَحَدٌ مِنْكُمْ فَقُهَ عَنِّي وَلَا رَدَّ عَلَيَّ ، فَاتَّبَعَنِي إلَى مَنْزِلِي ، وَقَالَ لِي كَذَا وَكَذَا،

وَأَعَادَ مَا جَرَى بَيْنِي وَبَيْنَهُ ، وَأَنَا تَائِبٌ عَنْ قَوْلِي بِالْأَمْسِ ، وَرَاجِعٌ عَنْهُ إلَى الْحَقِّ،

فَمَنْ سَمِعَهُ مِمَّنْ حَضَرَ فَلَا يُعَوِّلْ عَلَيْهِ.

وَمَنْ غَابَ فَلْيُبَلِّغْهُ مَنْ حَضَرَ، فَجَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَجَعَلَ يَحْفُلُ فِي الدُّعَاءِ ، وَالْخَلْقُ يُؤَمِّنُونَ .

فَانْظُرُوا رَحِمَكُمْ اللَّهُ إلَى هَذَا الدِّينِ الْمَتِينِ ، وَالِاعْتِرَافِ بِالْعِلْمِ لِأَهْلِهِ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَإِ مِنْ رَجُلٍ ظَهَرَتْ رِيَاسَتُهُ ، وَاشْتُهِرَتْ نَفَاسَتُهُ ، لِغَرِيبٍ مَجْهُولِ الْعَيْنِ لَا يُعْرَفُ مَنْ وَلَا مِنْ أَيْنَ ، فَاقْتَدُوا بِهِ تَرْشُدُوا. اهـ

 أحكام القرآن (٢٤٨/١).

 عرفات بن حسن المحمديّ.


الساعة الآن 03:19 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

vEhdaa 1.1 by NLP ©2009