( الخالُ ) في قولِ الشُّعراء .
لقد اهتَمَّ شعراء العرب بذكر محاسن المرأة العربية ، وعلى رأس هذا الشعر قصيدة ( بانت سعاد ) التي قيلتْ أمام رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وافضل من تكلَّم في هذا الشيء الامام ابن قتيبة الدينوري – رحمه الله – وسيكون كلامنا عن صفة تنازعها بعض الشعراء هل هي صفة جمال أم لا ؟ وهي ( الخال ) في الوجه ، وبعضهم يقول عنها : ( شامة ) . فقد تَغَنَّى بعض الشعراء بهذا ( الخال ) وجعلوه من صفات جمال وجه المرأة العربية ، وجاءت أبياتُهم الشعرية في ذلك ، ومن هؤلاء الشعراء الذين تَغَنَّوا بالخال ، المرار : وَخالٍ على خَدَّيْكِ يبدو كَأَنَّهُ ................ سَنَا البدرِ في دعجاءَ بادٍ دُجُوْنُها . والشاعرُ هنا قَلَبَ المعنى ؛ لأننا نعلم أن ( الخَيْلان ) سود ، وسُمْر ، ووجوه الحِسان بيضٌ ... فجعل الشاعر الخيلان هي المنيرة ، والوجوه هي السمراء ! ولكن الذي يهمنا هو أن الخال جاء في هذا البيت مدحا لجمال تلك الفتاة . وقال الآخرُ : كَأنَّما ( الخَيْلان ) في وَجْهِهِ ................. كواكبٌ أَحْدَقْنَ بالبدر . فالشاعر أعطى الوجه هنا الانارة والبياض بتشبيهه بالقمر ، وجعل الخيلان مُحْدِقةً به مثل الكواكب إذا أحاطتْ بالبدر ، والملحوظ أنه ليس خالاً واحدا بل خيلان كثيرة . وقد أبدع مسلم بن الوليد في ذِكْرِ ( الخال ) : وَخالٍ كَخَالِ البدرِ في وَجْهِ مِثْلِهِ .................. لَقِيْنا المُنَىْ فيه فَحَاجَزَنَا البَذْلُ . فالبدرُ مُنِيْرٌ ، وفيه سواد للرَّآي ، فالخالُ في وجهها كتلك النكتَةِ السوداء على صفحة البدر . وقد أيَّدَه العباسُ بن الأحنف مُنْشِدا : لَخَالٌ بِذِاتِ الخالِ ، أحْسَنُ عندنا ................... مِنْ النُّكْتَةِ السوداءِ في وَضَحِ البدرِ . وهذا عليه أكثرُ الناس ، يحبون الخال في الوجه ... ولكن نجد منْ يجعل الخال صفةَ ذَمٍّ ليستْ مَرْغوبةً في الوجه ، وعلى رأسهم الشاعر ( ذُو الرُّمَّة ) ؛ين وصف محبوبتَه ( مَيْ ) : عَجْزاءُ مَمْكُوْرَةٌ خُمْصَانَةٌ قَلِقٌ .................. عَنْها الوِشَاحُ ، وَتَمَّ الجِسْمُ والقَصَبُ زَيْنُ الثِّيَابِ ، وإنْ أَثْوَابَها اسْتُلِبَتْ ................. فَوْقَ الحَشِيَّةِ يوماً زانَها السَّلَبُ تُرِيْكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غَيْرَ مُقْرِفَةٍ ................. مَلْسَاءَ ، ليسَ بها ( خالٌ ) ولا نَدَبُ . ففي البيت الأخير ينفي ذو الرُّمَّة الخال والنَّدَبَ عن صورة وجه المحبوبة ( ميْ ) بل قرَنَ الخال مع الندب وهو نُتُوْءٌ يكون في صفحة الوجه ، ويجعلُ وجهَها أملسَ كوجهِ المِرْآةِ المصقولة ! بل يُلْمِحُ ذو الرُّمَّة ان صفاءَ الوجه وَخُلُوَّهُ من الخال والنَّدْبِ من صفات العربيات كريمات الأصل ،اللواتي لا قَرَفَ فيهنَّ ، والقرفُ هُجْنَةٌ من جِهَةِ الأبِ . ولكن نقولُ : هذا يرجعُ للشخص نفسه ، فمنهم من يَفَضِّلُ الخالَ ، ومنهم من يرفضُهُ . ...................... شريف الترباني الجذامي شبكة سحاب السلفية |
الساعة الآن 10:59 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir