![]() |
ابن حزم كما وصفه ابن تيمية
بسم الله الرحمان الرحيم :
قال شيخ الإسلام تقي الدين أحمد ابن تيمية الحراني في الفتاوي 4/18 : .. كَذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ فِيمَا صَنَّفَهُ مِنْ الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ إنَّمَا يُسْتَحْمَدُ بِمُوَافَقَةِ السُّنَّةِ ، وَالْحَدِيثِ مِثْلَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَسَائِلِ " الْقَدَرِ " وَ "الْإِرْجَاءِ " وَنَحْوِ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ فِي التَّفْضِيلِ بَيْنَ الصَّحَابَةِ . وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي " بَابِ الصِّفَاتِ" فَإِنَّهُ يُسْتَحْمَدُ فِيهِ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ لِكَوْنِهِ يَثْبُتُ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ ، وَيُعَظِّمُ السَّلَفَ ، وَأَئِمَّةَ الْحَدِيثِ ، وَيَقُولُ: إنَّهُ مُوَافِقٌ لِلْإِمَامِ أَحْمَد فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ ، وَغَيْرِهَا ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لَهُ ، وَلَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ . لَكِنَّ الْأَشْعَرِيَّ ، وَنَحْوَهُ أَعْظَمُ مُوَافَقَةً لِلْإِمَامِ أَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ ، وَمَنْ قَبْلَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي الْقُرْآنِ وَالصِّفَاتِ ، وَإِنْ كَانَ " أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ حَزْمٍ " فِي مَسَائِلِ الْإِيمَانِ وَالْقَدَرِ أَقْوَمَ مِنْ غَيْرِهِ ، وَأَعْلَمَ بِالْحَدِيثِ ، وَأَكْثَرَ تَعْظِيمًا لَهُ ، وَلِأَهْلِهِ مَنْ غَيْرِهِ ، لَكِنْ قَدْ خَالَطَ مِنْ أَقْوَالِ الْفَلَاسِفَةِ ، وَالْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسَائِلِ الصِّفَاتِ مَا صَرَفَهُ عَنْ مُوَافَقَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي مَعَانِي مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ ، فَوَافَقَ هَؤُلَاءِ فِي اللَّفْظِ ، وَهَؤُلَاءِ فِي الْمَعْنَى . وَبِمِثْلِ هَذَا صَارَ يَذُمُّهُ مَنْ يَذُمُّهُ مِنْ الْفُقَهَاءِ ، والمتكلمين ، وَعُلَمَاءِ الْحَدِيثِ بِاتِّبَاعِهِ لِظَاهِرِ لَا بَاطِنَ لَهُ ، كَمَا نَفَى الْمَعَانِيَ فِي الْأَمْرِ ، وَالنَّهْيِ ، وَالِاشْتِقَاقِ ، وَكَمَا نَفَى خَرْقَ الْعَادَاتِ ، وَنَحْوَهُ مِنْ عِبَادَاتِ الْقُلُوبِ . مَضْمُومًا إلَى مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ الْوَقِيعَةِ فِي الْأَكَابِرِ ، وَالْإِسْرَافِ فِي نَفْيِ الْمَعَانِي ، وَدَعْوَى مُتَابَعَةِ الظَّوَاهِرِ . وَإِنْ كَانَ لَهُ مِنْ الْإِيمَانِ ، وَالدِّينِ ، وَالْعُلُومِ الْوَاسِعَةِ الْكَثِيرَةِ مَا لَا يَدْفَعُهُ إلَّا مُكَابِرٌ ; وَيُوجَدُ فِي كُتُبِهِ مِنْ كَثْرَةِ الإطلاع عَلَى الْأَقْوَالِ ، وَالْمَعْرِفَةِ بِالْأَحْوَالِ ; وَالتَّعْظِيمِ لِدَعَائِمِ الْإِسْلَامِ ، وَلِجَانِبِ الرِّسَالَةِ مَا لَا يَجْتَمِعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ . فَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا حَدِيثٌ يَكُونُ جَانِبُهُ فِيهَا ظَاهِرَ التَّرْجِيحِ . وَلَهُ مِنْ التَّمْيِيزِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالضَّعِيفِ وَالْمَعْرِفَةِ بِأَقْوَالِ السَّلَفِ مَا لَا يَكَادُ يَقَعُ مِثْلُهُ لِغَيْرِهِ مِنْ الْفُقَهَاءِ . |
الساعة الآن 10:31 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir