سئل شيخ الإسلام
:
مسألة : هل القيام للمصحف وتقبيله , وجعله عند القبر , ووقيد قنديل في موضع يكون
من غير أن يقرأ فيه , مكروه ؟ وهل يكره أيضا أن يفتح فيه الفال ؟
الجواب : الحمد لله القيام للمصحف وتقبيله لا نعلم فيه شيئا مأثورا عن السلف وقد سئل الإمام أحمد عن تقبيل المصحف , فقال : ما سمعت فيه شيئا , ولكن روي عن عكرمة بن أبي جهل أنه كان يفتح المصحف , ويضع وجهه عليه ويقول كلام ربي كلام ربي , ولكن السلف , وإن لم يكن من عادتهم القيام له , فلم يكن من عادتهم قيام بعضهم لبعض , اللهم إلا لمثل القادم من غيبة ونحو ذلك , ولهذا قال أنس : لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله
وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهته لذلك , والأفضل للناس أن يتبعوا طريق السلف في كل شيء , فلا يقومون إلا حيث كانوا يقومون . فأما إذا اعتاد الناس قيام بعضهم لبعض , فقد يقال : لو تركوا القيام للمصحف مع هذه العادة لم يكونوا محسنين في ذلك ولا محمودين , بل هم إلى الذم أقرب , حيث يقوم بعضهم لبعض , ولا يقومون للمصحف الذي هو أحق بالقيام , حيث يجب من احترامه وتعظيمه ما لا يجب لغيره , حتى ينهى أن يمس القرآن إلا طاهر , والناس يمس بعضهم بعضا مع الحدث , لا سيما في ذلك من تعظيم حرمات الله وشعائره ما ليس في غير ذلك . وقد ذكر من ذكر من الفقهاء الكبار قيام الناس للمصحف ذكر مقرر له , غير منكر له .- ثم انتقل إلى المسائل الأخرى – الفتاوى الكبرى 1/49 .
وفي الآداب الشرعية 2/283 " ويجوز تقبيل المصحف , قدمه في الرعاية وغيرها . وعنه يستحب لأن عكرمة بن أبي جهل كان يفعل ذلك رواه جماعة منهم الدارمي وأبو بكر عبد العزيز , وعنه : التوقف فيه " .
وقال النووي في ( التبيان في آداب حملة القرآن ) ص98 :
" ويستحب أن يقوم للمصحف إذا قدم به عليه لأن القيام مستحب للفضلاء من العلماء والأخيار فالمصحف أولى وقد قررت دلائل استحباب القيام في الجزء الذي جمعته فيه وروينا في مسند الدارمي بإسناد صحيح عن ابن أبي مليكة أن عكرمة بن أبي جهل
كان يضع المصحف على وجهه ويقول كتاب ربي كتاب ربي " .
وفي حاشية البجيرمي – في فقه الشافعية 1/173 – " استدل السبكي على جواز تقبيل المصحف : بالقياس على تقبيل الحجر الأسود ويد العالم والصالح والوالد ; إذ من المعلوم أنه أفضل منهم " .
وفي الدر المختار 6/384 " روي عن عمر
أنه كان يأخذ المصحف كل غداة ويقبله ويقول : عهد ربي ومنشور ربي عز وجل ، وكان عثمان
يقبل المصحف ويمسحه على وجهه " .
وجواز التقبيل هو مذهب الحنفية والحنابلة .
والله أعلم