عرض مشاركة واحدة
الواثقة بالله غير متواجد حالياً
 رقم المشاركة : ( 3 )
الواثقة بالله
المراقب العام

رقم العضوية : 4
تاريخ التسجيل : Aug 2010
مكان الإقامة :
عدد المشاركات : 8,769 [+]
آخر تواجد : [+]
عدد النقاط : 10
الأوسمـة
بيانات الإتصال
آخر المواضيع
افتراضي

كُتب : [ 06-22-2013 - 09:39 PM ]

العصر : الواو واو القسم ، والعصر هو المقسم به فالله سبحانه وتعالى له الحكمة البالغة فيما خلق ، وفيما شرع في أحكامه في قضاءه وقدره حكيم يفعل ما يشاء ، ويحكم ما يريد ولا يسال عما يفعل يقسم وكثيراً ما يقسم بمخلوقاته ، ومع ذلك أرسل رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام وبين لنا أننا نحن العباد لا يجوز أن نقسم إلا بالله ، ولكن الله قد يقسم بمخلوقاته ، وليس للعباد أن يقيسوا أنفسهم على رب العالمين فيقسمون ببعض المخلوقات قائلين لأن الله يقسم بالعصر والليل والضحى ، ونحن لماذا لانقسم ؟ أنت عبد والعبد يقف عند أمر سيده فسيدك هو الله أرسل إليك سيد الناس أجمعين محمد r فأخبرك أن العبد لا يقسم إلا بالله { من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت } إذ العبد ممنوع من أن يقسم بغير الله ولو كان أشرف المخلوقين محمد r ، لا يجوز للناس أن يقسموا بالرسول r ولا ببيت الله ، ولابأحد من خلق الله من الأنبياء والملائكة والأولياء والصالحين ،كل ذلك لا يجوز ، ولكن الله يقسم بما يشاء لحكمة يعلمها ، أقسم هنا بالعصر يشمل إما عصر النبوة عصر محمدr لأنه عصر ممتاز ، عصرٌ أرسل الله فيه خاتم النبيين بالرساله العامة بينما كان الرسل يرسل كل رسول إلى قومه وبلسان قومه رسالة مؤقتة ، ويعلم الله متى تنتهي ، وهم أي قومه لا يعلمون متى تنتهي ، ذلك النسخ تنسخ كل رساله وتنتهي إلى حدٍ ولقوم محدودين ولكن الرسالة المحمدية جاءت رسالة عامه وباقيه ما بقية الدنيا إذاً هذا العصر عصر النبوة عصر ممتاز أقسم الله به ليبين مكانه هذا العصر يشمل هذا العصر صلاة العصر لأن صلاة العصر هي الصلاة الوسطى على أصح القولين ، الصلاة الوسطى تمتاز على الصلوات الأخرى إذ تجتمع فيها الملائكة الذين ضلوا فينا ، والملائكة الذين ينزلون ليبيتوا فينا وقد يحصل هذا المعنى في صلاة الصبح لذلك أُختلف في الصلاة الوسطى ، هل هي صلاة الصبح أو صلاة العصر ؟ والذي يرجحه كثير من المحققين أنهاصلاة العصر ،وبناءاً على ذلك فإن العصر المراد به صلاة العصر أو والعصر بمعنى الدهر ليشمل جميع العصور ولله حكمه في ذلك كله ، أقسم الله بالعصر سواءً كان هذا المعنى أو ذاك أو غيرهما ، إن جنس الإنسان في خسارة وفي هلاك ، الجنس قد يخرج من هذا الجنس الأفراد الذين عصمهم الله )إن الإنسان لفي خسر ( إلا الذين إتصفوا بهذه الصفات الآتية ، صفة الإيمان ، والإيمان يشمل الإيمان بالله ويجب الإيمان به يدخل في قوله تعالى : ) إلا الذين أمنوا ( وهذا ضربٌ من ضروب إعجاز القرآن ، لفظ وجيز ، جملة شملت هذه المعاني كلها إلا الذين أمنوا بالله أمنوا بربو بيته وألوهيته وأسماءه وصفاته ، أمنوا بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ) إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات ( وما هي الأصول التي تقدمت ؟ معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام ( الأصول الثلاثة ) .
قوله : (( الثانية : العمل به ))
الشرح : العلم والعمل به وعملوا الصالحات يشير إلى المسألة الثانية ، إلا الذين أمنوا شملت المسألة الأولى بجميع ما ذكر الشيخ من معرفة الله ومعرفة نبيه ومعرفة دين الإسلام .
والعمل به ، العمل الصالح الخالص لله الموافق لهدي النبي عليه الصلاة والسلام يشمل باب العبادة ، وباب الأحكام والأعمال كله ، عمل صالح حتى الإقتصاد والسياسة والأخلاق داخل في العمل الصالح ) إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق ( .
قوله : ((الثالثة : الدعوة إليه ))

الشرح : الدعوة إلى الله الدعوة إلى الإسلام .
قوله : ((الرابعة : الصبر على الأذى فيه ، والدليل قوله تعالى : ) والعصر % إن الإنسان لفي خسر % إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر %(.قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : < لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم > ))
الشرح : وتواصوا بالحق ، الحق ما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام ، والحق لا يتعدد ، واحد ، وتواصوا بالحق يدعوا بعضهم بعضاً إلى الحق إلى العقيدة ، إلى تصحيح العقيدة ، إلى تصحيح العبادات ، إلى تصحيح المعاملات ، إلى التقيد بالشريعة في عبادتهم وأحكامهم واقتصادهم وسياستهم وجميع أعمالهم .
) وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ( ، وأن يدعون هذه الدعوة العامة الشاملة ويحاول أن يتقيد الناس بالدين الإسلامي الذي جاء به رسول الله عليه الصلاة والسلام في عقيدتهم في عبادتهم في معاملتهم في سياستهم واقتصادهم وغير ذلك ، لابد أن يؤذى ولا بد ، ولكن الله لطيف في باب الإنذاء ، يلطف بعباده إذا علم الله من العبد الصلابة والقوة في إيمانه إبتلاه إبتلاءاً عظيماً وسلط عليه أعداءه ليصفه وليرفع درجته ، وإن أعظم الناس بلاءاً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، وإن علم الدقة الضعف في إيمانه لطف به وخفف عليه الإمتحان والبلاء كحالنا كما ترون وانظروا إلى من قبلنا من الدعاة المصلحين بدأً من الأنبياء وأنظروا إلى حالنا ، أولئك ابتلوا ذلك الإبتلاء لأن الله علم في إيمانهم القوة والصلابة ولفطف بنا ورحمنا وخفف عنا الإمتحان والإبتلاء لما يعلم منا من الرقة والضعف في إيماننا إنه بعباده لطيف خبير سبحانه . ) وتواصوا بالصبر ( تعالوا إلى فهم الإمام الشافعي رحمه الله لهذه السورة العظيمة ، يقول رحمه الله : < لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم > ، هذا يدل على دقة فهمه رحمه الله وسعة فقه { من يرد الله به خيراً يفقه في الدين } ، لكفتهم لأن الآية شملت أصول الدين وفروع الدين لم تترك شئ شملت معرفة الله ومعرفة دينه ومعرفة نبيه شملت كل ذلك ، وشملت الأعمال ، وشملت الدعوة وشملت الصبر في ذلك ، لذلك الآية لم تترك شيئاً إذا وفق الله العبد إلى فهمها كما فمها الإمام الشافعي وغيره ، كما فهما هذا الإمام الذي استنتج منها هذه المعاني من السورة .
قوله : (( وقال البخاري رحمه الله : ( باب العلم فبل القول والعمل ) ، الدليل قوله تعالى ) فأعلم أنه لاإله إلا الله واستغفر لذنبك ( [ سورة محمد الآيه 19 ] ، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل ))
الشرح : قال الإمام البخاري رحمه الله : ( باب العلم قبل القول والعمل ) ، والدليل قوله تعالى : ) فأعلم أنه لاإله إلا الله … الآية ( .وجاء في التعليق يقول في صحيح البخاري كما في النسخ التي يأيدينا ( باب العلم قبل العمل لقوله في قول الله سبحانه وتعالى : ) فأعلم أنه لاإله إلا الله ( فبدأ بالعلم ) ، إختلاف النسخ إختلاف لفظي وإختلاف تنوعي ، والمعنى واحد البدء بالعلم قبل القول والعمل هذا دليل على مكانة العلم وأن العابد لا يجوز له أن يبدأ بالعبادة إلا بعد العلم ، وأن الواعظ والمعلم والمرشد لا يجوز له أن يتصدى لذلك قبل العلم أي يجب أن يدعوا الناس إلى ما يعلم وينصح الناس بما يعلم ، ويعلم الناس ما يعلم ، وما لم يعلم يعتذر بقول الله أعلم ، أما العابد الذي يريد أن يعبد الله على جهل معرضاً عن العلم في زعمه ملازماً للصفوف الأول ومبكراً إلى المساجد ومعرضاً عن العلم هذا قد استولى عليه الشيطان وأبعده عن العلم ، يجب أن ينصح بعض الذين يجتهدون في العبادة وتنقطعون إلى العبادة معرضين عن التعلم وجامدين على ما عندهم ومقدسين لأنفسهم والمخدوعين المغرورين بعبادتهم على جهل ، أقول هذا القول ليسمع بعض الصالحين العباد الذين هم على جانب كبير من الجهل ، وربما بعض الزوار وبعض الغرباء عندما يرونهم في الصفوف الأول يحسبونهم من طلاب العلم ويسألونهم أسئلة فيجيبونهم على جهل ، يستحي أن يقول : الله أعلم ولكنه يفتي بجهل فيضل ويضل ، فننصح إخواننا العباد أن يخصصوا أوقاتاً لطلب العلم وأوقاتاً للعبادة إذا يسر الله أمره فتفرغوا للعبادة وليس هناك ما يشغلهم فليقسموا أوقاتهم [ بين] العبادة [ وبين ] طلب العلم فليركزوا على طلب العلم فليعلموا أن تعلم العلم الديني عقيدةً وأحكاماً وخصوصاً في العبادة من العبادة ، طلب العلم من العبادة ، العبادة أنواع ليست العبادة مجرد الصلاة ، وليست العبادة مجرد اتباع الجنازه وليست العبادة مجرد الوصول الى الصف الاول العبادة انواع نوّع عبادتك ، وأبدأ بالأهم ، الأهم العلم إطلب العلم والعمل هو الذي يسهل لك العبادة ويجعلك تتذوق العبادة وتحس للعبادة ذوقاً ، وإلا سوف لن تنفعك عبادتك .
قوله : ((أعلم رحمك الله ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : إعلم رحمك الله ، هكذا اسلوب الشيخ كأسلوب الأولين ، هذا الخطاب يقال موجه إلى كل من تتأتى منه المعرفة والعلم ، إعلم يا طالب العلم يامن يتأتى منه العلم والمعرفة إعلم انه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم المسائل الثلاث ، المسائل موصوفة بالثلاث صفة الصفة والموصوف كلاهما معرفان الثلاث لأن المفرد مسألة لذلك تذكر وهذا هو التعليل السليم إن شاء الله الذي هو الأصل قبل أن يقع شئ من التصحيف والأخطاء المطبعية ، تعلم المسائل الثلاث .
قوله : ((أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم هذه المسائل الثلاث والعمل بهن ، الأولى : أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً بل أرسل إلينا رسولاً ))
الشرح : الأولى : أن الله خلقنا ورزقنا ولم يجعلنا هملاً بل أرسل إلينا رسلاً فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار .هذه المسألة تعتبر قاعدة مسائل في الواقع بمثابة القواعد ، فيها معرفة توحيد الربوبية توحيد العلم والمعرفة ، معرفة العبد بأن الله هو الذي خلقه وحده وهو الذي رزقه وحده ثم لم يتركه كالبهائم البهم تأكل من رزقه فقط بل شرف الله هذا الإنسان هذا الحيوان الممتاز بأن أرسل إليه رسولاً هذا الرسول من بني جنسه لم يكن ملكاً أو جنياً لئلا يستوحش منه ، بل بشر ولكن بشرٌ اصطفاه الله واختاره ورباه تربية خاصة وأدبه فأحسن تأديبه وهياءه لهذه الرسالة العظيمة العامة فأرسل إلينا رسولاً هذا الرسول عليه الصلاة والسلام ، جاء هذا الرسول ليدعوا الناس إلى الله هذه وظيفته بشيراً ونذيراً .
قوله : (( فمن أطاعه دخل الجنة ))
الشرح : فمن أطاعه دخل الجنة ، إما من أول وهلة بدون عذاب أو عقاب كالسبعين الذين تعرفونهم أو دخل الجنة بعد أن استوجب النار دخل الجنة بشفاعة رسول الله r أو تساوت حسناته وسيئاته فأمر به إلى النار فيشفع فيه الرسول r فيدخل الجنة هؤلاء دخلوا الجنة قبل دخول النار او قد يدخلوا النار ولكن نار تطهير ومآله إلى الجنة بشفاعة النبي r أو شفاعة الشافعين الآخرين أو بمحظ رحمة الله أرحم الراحمين ، ولكن مآله إلى الجنة هذا من أطاع النبي r إنما يتفاوتون هذا التفاوت على حسب طاعتهم لرسول الله r وبحسب محبتهم للرسول عليه الصلاة والسلام ، لأن الناس تتفاوت في محبة الله ومحبة رسول الله r وفي طاعة الله وطاعة رسول الله r ووكلٌ من أولياء الله ولكنهم درجات لأن المؤمن وليٌ والأولياء درجات يظهر لكم من هذا أن من أطاع الرسول r يختلفون في صفة طاعتهم وفي مبلغ طاعتهم لذلك يختلفون في دخول الجنة .
قوله : (( ومن عصاه دخل النار والدليل قوله تعالى : ) إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً % فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً ( [ المزمل 15ـ 16 ] ))
الشرح : ومن عصاه دخل النار إما خالداً مخلداً كأن كان عصيانه بالكفر والشرك الأكبر والنفاق الإعتقادي أو دخل النار نار تطهير كأن كان عصيانه بما دون الكفر والشرك كما تقدم ، والدليل على هذه المسأله العظيمة والقاعدة التي سمعناها قوله تعالى : ) إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم ( وهو النبي r ) كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً % فعصى فرعون الرسول ( هذا الرسول المعرف هو الرسول السابق ولكن النكرة المكررة من قبل والنكرة إذا تكررت الثانية غير الأولى ) إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً ( ، هذا الرسول غير الرسول الأول ، الرسول الأول هو رسول الله محمد r والثاني موسى عليه السلام .) فعصى فرعون الرسول ( الرسول الثالث هو عين الرسول الثاني لأنه جاء معرف أي الرسول المعهود الذي أرسل إلى فرعون السابق الذكر ) فأخذناه أخذاً وبيلاً ( أخذنا فرعون لما عصى الرسول اخذاً وبيلاً كذلك أنتم إن عصيتم الرسول عليه الصلاة والسلام تؤخذون وتعذبون على إختلافٍ في التعذيب في الدنيا وفي الآخرة .
قوله : (( الثانية : أن الله لايرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لاملك مقرب ولانبي مرسل ، الدليل قوله تعالى : ) وأن المساجدلله فلا تدعوا مع الله أحداً ( [ الجن : 18 ] ))
الشرح : المسألة الثانية : أن الله لايرضى أن يشرك معه أحد في عبادته لاملك مقرب ولا نبي مرسل ، إذا كان الله لا يرضى أن يكون شريكه في العبادة ملك ، جبرائيل مثلاً وأشرف الخلق محمد r لايرضى لأن يدعى جبرائيل ويستغاث بجبرائيل ويذبح تقرباً إلى جبرائيل وكذلك محمدr فما بال غيرهما بمعنى باب الإشراك لافرق بين أن يشرك به إنساناً صالحاً أو طالحاً ملكاً أو نبياً ، جنياً أو أنسياً أو شيطاناً أو حجراً أو شجراً المعنى واحد لافرق بين هذه الشركيات ، لأن العبادة حق محظ لله تعالى لايستحقها أحد هذه من المعاني التي تغيرت كثيراً وجددها بعض المجددين ، جهل كثير من الناس ولا يزالون يجهلون في بعض الأقطار التفريق بين حق الله سبحانه وتعالى وحق رسوله r وحقوق الصالحين ، يخلطون لايعرفون ما هو حق الله على العباد وما هو الواجب بالنسبة للرسول r على المؤمنين ؟ وما هو الواجب على المؤمنين نحو صالحي عباد الله المؤمنين ؟ ، هذه المعاني التي تغيرت والتي يجب على طلاب العلم اليوم أن يقوموا بدور التجديد والإصلاح حيثما كانوا ودعوتنا اليوم في الغالب الكثير دعوة تصحيح ، تصحيح هذه الأخطاء ، تصحيح العقيدة ، وتصحيح العبادة ، وليس معنى قولنا إذا قلنا ندعو إلى الله أن غيرنا من الناس غير مسلمين وأننا ندخلهم إلى الإسلام من جديد لا، هذا تصور خاطئ ، مسلمون ولكن مسلمون دخلت عليهم بعض الأخطاء في عقيدتهم وفي عبادتهم وفي أحكامهم وفي معاملاتهم واقتصادهم وسياستهم هذا هو الواقع ، وإن كان لايمنع هذا أن يقوم الدعاة بدعوة التأسيس في غير المسلمين الذين وفدوا على هذه البلاد بأسم العمال وهم كثير في كثير من المناطق يعيشون بين المسلمين ومما يظهر أنهم ربما فهم بعضهم بحياتهم بين المسلمين بعض محاسن الإسلام لذلك نراهم يعتنقون الإسلام كثيراً هذه الدعوة دعوة تأسيسية ، والدعوة الأولى دعوة تصحيحية وعلينا أن نعمل في المجالين ، والدليل على المسألة الثانية قوله تعالى : ) وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً ( [ الجن : 16 ] ، لفظة أحداً نكرة واقعة في سياق النهي أو النفي المعنى واحد ، النكرة إن وقعت في سياق النفي أو سياق النهي أو سياق الإستفهام الإنكاري تفيد العموم فلا تدعو مع الله أحداً كائناً من كان ولا تستغيث بأحد غير الله كائناً من كان بملك أو نبي صالح هؤلاء عباد الله كلهم يرجون رحمه الله فلا يستغلث بهم ولا يدعون ولا يذبح لهم ولا ينذر لهم ، ولكنهم يحبون في الله فالصالحون نحبهم في الله من الأنبياء ومن بعدهم نتقرب إلى الله بمحبتهم ومحبتهم عمل صالح ويتقرب به العبد إلى الله ، محبتهم شئ ودعوتهم والاستغاثة بهم والذبح لهم شئ آخر مغاير تماماً ، حبهم في الله طاعة وحبهم مع الله شرك فرق بين الحب في الله وبين الحب مع الله0اذااحببت الصالحين في الله لاجل الله لكونهم صالحين ما أحببته إلا لكونه صالحا تقيا ملتزما متمسكاً فهذا عمل صالح تتقرب به إلى الله ولكن إن غلوت فيه غلواً وأحببته على الله وتعامله معاملة الخالق ثم تستغيث به وتدعوه وتجهر باسمه كما تقول يا الله تقول يافلان هذا هو الحب مع الله من أكبر الشرك .
قوله : (( الثالثة:أن من أطاع الرسول ووحد الله لايجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب، والدليل قوله تعالى : ) لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبنائهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله آلا إن حزب الله هم المفلحون% ( [المجادلة : 22 ] ))
الشرح : القاعدة الثالثة : أنه من أطاع الرسول r ووحد الله لايجوز له موالاة من حاد الله ورسوله وإن أدعى أنه موحد وأنه مطيع للرسول عليه الصلاة والسلام إن صحت هذه الدعوة سوف تمنعه من أن يحب من كان عدواً لله ومن يشاقق الله ويخالف الله ويخالف الرسول r ولو كان أقرب قريب لو كان والده أو ولده إن كان صادقاً في دعوى الأيمان بالله وبرسوله عليه الصلاة والسلام ورأى أقرب قريب محاداً ومشاقاً لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام ، ويخالف رسول الله ، ودين الله معانداً كافراً يجب أن يقاتله ويقتله كما حصل ذلك لجماعة من الصحابة . والدليل قوله تعالى : ) لاتجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله ورسوله ….. الأية ( من هذه النقطه يجب أن نتريث ونفهم الحقائق لكي لا يتعجل بعض الشباب . الكفار قسمان : قسم يقال له الكافر الحربي : والذي العلاقة بيننا وبينهم الحرب ، وليس بيننا وبينهم أي علاقة . عداوة وحرب هؤلاء يجب قتالهم ، ولا تجوز موالاتهم بل لاتجوز مجاملاتهم ومداراتهم لأنه كافر حربي وإلى ذلك تشير الأية الكريمة :) ياأيها الذين أمنوا لاتتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ( هؤلاء الكفار الحربيون . وهناك كافر غير حربي ذمي ، الكافر الذمي لايجوز قتله ويجامل ويدارى ولا يداهن ويعامل في المعاملة الدنيوية نبيع منه ونشتري ، نقرضه ونستقرض منه نعامله هذه المعاملة ونشتري منهم الأسلحة ونبيع لهم ما لدينا من السلع طالما أنهم غير محاربين لنا إذا كانوا ذميين وفي حكم الذمي المستأمن . ومن بيننا وبينهم الهدنة في أيام الهدنة يعاملون هذه المعاملة ، ولكن الذي يجب أن يفهمه الطلاب فرق بين المعاملة وبين الموالاة ، فالمولاة هي المحبة القلبية لايجوز لك أن تحب الكافر كائناً من كان تحرم مودتهم ومحبتهم ونصرتهم ولكن إذا كان غير حربي لاتحرم معاملتهم ومداراتهم ومجاملتهم وإذا كنا نحس أن بعض الكفار في حكم الحربيين ليس بحربيين فعلاً ولكنه في حكم الحربي لأنه ظهير للكافر الحربي الذي بيننا وبينه الحرب ظهيراً له ومعيناً له إن كنا قادرين على محاربته حاربناه وإلا نأخذ بالإستعداد ) وأعدوا لهم ( أما كوننا أن ندخل معهم في الحرب ونحن غير معدين وغير مستعدين للقتال معهم هذه ليست بشجاعة هذا تهور لابد من الاستعداد من قبل ، قبل الحرب معهم ، وهذا موقف المسلمين اليوم مع الدول الكبرى كما يسمون وهم إما حربيون أو في حكم الحربيين ، ولكن المسلمين عاجزون من مقاومتهم ومن محاربتهم ولأنهم لم يعدوا أنفسهم بعد ، فعلى المسلمين أن يعدوا أنفسهم لمصانع حربية كمصانعهم حتى يكونوا قوةً قادرتاً على حربهم ، وأما أن نقف عند مصانع الكبريت ومصانع المكرونه ، ما عندنا ليس بعاجزين مادياً ولا من حيث الرجال ولكن يسمى عجزنا عجز القادرين على التمام
ولم أرى في الخلق عيباً      كعجز القادرين على التمام
هذا هو عجزنا قبل أن نعد أنفسنا فلنقف عند حدنا وإلا يستبيحون بيضتنا ، ولكن نعد أنفسنا إعداداً من جديد . الشاهد : يجب أن نفرق بين موقفنا بين الكافر الحربي وبين الذمي ، والذمي غير موجود اليوم ، وبين المستأمن والمعاهد وصاحب الهدنة ،هؤلاء كلهم يعاملون معاملة خاصة ، ولكن كلهم على حدٍ سواء لاتجوز موادة ومحبة وموالاة الكفار ، ولو كان أحد الوالدين أو كليهما لذلك علمنّا ربنا سبحانه وتعالى كيف نعامل الوالدين الكافرين ، قال تعالى : ) وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً ( إذا كان لايطاعان إذا دعا الولد إلى الشرك وإلى الكفر وإلى معصية الله ورسوله ، ولكن لايمنع ذلك مصاحبتهما بالمعروف ومصانعتهما والإحسان إليهما ومن برهما لعل ذلك يكون سبباً لدخول الإسلام .

*********************
قوله : (( أعلم أرشدك الله لطاعته ))
الشرح : أعلم أرشدك الله . أعلم يا طالب يا من يتأتى منه العلم ، أعلم أرشدك الله لطاعته أن الحنيفية ملة إبراهيم ، ( ملة إبراهيم ) إما بدل أو عطف بيان من الحنيفية كأنك تقول أن الحنيفية يعني ملة إبراهيم أو هي ملة إبراهيم ، أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين ، هذه ملة إبراهيم ، وملة من جاء بعده من الرسل من أولاده لأنه أبو الأنبياء . وبذلك أمر الله جميع الناس ، والآية التي يستدل بها المؤلف على هذا الحكم قوله تعالى : ) وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ( لابد من التوفيق بين المدلول والمدلول عليه ، المدلول عليه هو هذا الحكم ، أمر الله جميع الناس بينما الآية تدل أن الله خلق الجن والأنس جميعاً لعبادته. إذاً كان الأولى أن تكون العبارة هكذا : ( وبذلك أمر الله الجن والأنس وخلقهم لها ) ليتفق الدليل والمدلول عليه كما قال تعالى : ) وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون ( خلق الله الثقلين لعبادته ليوحدوه وليعرفوه وحده وفسر معنى يعبدون يوحدون ، وهذا معنى من المعاني ، وعند أهل العلم عدة تفاسير ليعبدون ليعرفون ليخلصوا إلى العبادة ، ولكن كلمة يوحدون أشمل ، ولذلك لعل المؤلف أختار هذا التفسير .
قوله : (( أن الحنيفية ملة إبراهيم : أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين ، وبذلك أمر الله جميع الناس وخلقهم لها كما قال الله تعالى : ) وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون( [ الذاريات : 56 ] ، ومعنى يعبدون يوحدون ، وأعظم ما أمر الله به التوحيد ))
الشرح : قال وأعظم ما أمر الله به التوحيد ، الله سبحانه وتعالى أمر بأوامر كثيرة ، وأعظمها إفراد الله سبحانه تعالى بالعبادة وفسر التوحيد بإفراد الله سبحانه وتعالى بالعبادة وزد على ذلك إثبات ما أثبت الله لنفسه من الصفات وما أثبت له رسوله rوتنزيه الله عن النقائص والعيوب ومشابهة المخلوقات كل ذلك مما جاء به رسول الله r وأشتمل عليه الكتاب والسنة ، وأما توحيد الربوبية كما سيأتي ، إنما يذكر يستدل به على توحيد العبادة أي إن توحيد الربوبية يستلزم توحيد العبادة لذلك يذكر من باب الإستدلال به على توحيد العبادة ، وتوحيد العبادة يتضمن توحيد الربوبية .



توقيع : الواثقة بالله
قال الشافعي - رحمه الله - :
من حفظ القرآن عظمت قيمته، ومن طلب الفقه نبل قدره، ومن كتب الحديث قويت حجته، ومن نظر في النحو رق طبعه، ومن لم يصن نفسه لم يصنه العلم.
جامع بيان العلم و فضله

رد مع اقتباس