تعليقات على رد «د.أيمن العنقري» على «عبد العزيز الطريفي»
«الورقات - الجهراء»: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فقد رأيت رداً لأحد دكاترة العقيدة اسمه «د.أيمن العنقري» على «عبد العزيز الطريفي» في تلبيسه حول جماعة الإخوان المسلمين والرد جيد ولا أعلم كبير شيء عن «د.أيمن العنقري»، وسأنقل الرد ثم أعلق عليه بما يتيسر.
"بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد رأيت كلاماً للأخ «عبد العزيز الطريفي» في قناة الرسالة العصرانية عن جماعة الإخوان المسلمين ، لبَّس به ودلَّس في قضايا كثيرة ، فرأيت من الواجب عليَّ شرعاً أن أرد عليه ما قرره من باطل لكثرة من يغتر بكلامه رجالاً ونساءً من الذين أجَّروا عقولهم لغيرهم ...
ولي معه عدة وقفات :
الأولى: قال «الطريفي»: (بالنسبة لجماعة الإخوان هي فكرية منهجية سياسية ليست مذهباً عقدياً بحيث إنها تُجعل قسيماً للسنة أو الخوارج أو الجهمية أو المعتزلة ...).
أقول :
أولاً : من المعلوم لكل أحد أنَّ مؤسس الجماعة ومرشدها الأول «حسن البنا»، وقد ذكر في مذكراته (مذكرات الدعوة والداعية) أنَّ من محفوظاته : (جوهرة التوحيد) ، وهي من المتون المعتمدة لدى متأخري الأشاعرة الغلاة الذين سلكوا مذهب المعتزلة في الاعتقاد . ومن المعلوم ضرورة أنَّ الأشاعرة فرقة ضالة مبتدعة تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة في مسائل عقدية كثيرة أعظمها وأخطرها (مصدر التلقي) ، فأهل السنة يرون أنَّ مصدر التلقي في العقائد (النقل) : القرآن وما صح من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بينما الأشاعرة يرون أنَّ مصدرالتلقي (العقل) ، فهم يرونه مصدراً في العقائد ومعارضاً للنقل ، وهي نصوص الوحي . فمنهج الأشاعرة يقوم على افتعال تعارضٍ بين النقل والعقل ، كما في (القانون الكلي) الذي وضعه الرازي لهم في (أساس التقديس) ( 172-173) طبعة الحلبي 1354هـ ، وذكره في (الأربعين في أصول الدين) (115) في صورة مقدمات ، وعليه عوَّل مَن بعده من الأشاعرة كالإيجي في المواقف ، ومَن بعده من متأخري الأشاعرة كالسنوسي في (الكبرى) وصاحب (جوهرة التوحيد) وشروحها ، وملخص هذا القانون الخطير : (القطع بتقديم الدلائل العقلية القاطعة على الدلائل النقلية - القرآن وصحيح السنة - وأنَّ الدلائل النقلية إما أن يقال : إنها غير صحيحة ، أو يقال : إنها صحيحة إلا أنَّ المراد فيها غير ظواهرها . ثم إن جوَّزنا التأويل اشتغلنا على سبيل التبرع بذكر تلك التأويلات على التفصيل ، وإن لم يجز التأويل فوَّضنا العلم بها إلى الله تعالى .) هذا القانون الذي يرى أنَّ العقل مصدر التلقي ويعارض النقل نقله «حسن البنا»مقراً له ومرتضياً به في رسالته : (العقائد) ضمن مجموعة رسائله ، ومستشهداً به على أنَّ الواجب تجاه نصوص الصفات لله أحد أمرين :
(1) التحريف (التأويل).
(2) التفويض كما قال صاحب جوهرة التوحيد إبراهيم اللقاني الأشعري والتي حفظها «حسن البنا»:
وكل نص أوهم التشبيها أوِّله أوفوِّض ورم تنزيها
وقد رتَّب الأشاعرة -ومنهم «حسن البنا»- على جعل العقل مصدراً للتلقي ومعارضاً للوحي (النقل) أصولاً خطيرة باطلة منها :
(1) إسقاط قيمة النصوص الشرعية من القرآن وصحيح السنة في مجال العقيدة وعدم الاعتداد بها .
(2) عدم إفادة هذه النصوص لليقين بل هي ظنية الدلالة في القرآن فلا يحتج بها ، وخبر آحاد في السنة فلا تُقبل ، نعوذ بالله من ذلك الضلال .
ولهذا فإنَّ حسن البنا نفى عن الله صفة العلو والفوقية ، وردَّ الآيات الواردة في ذلك ، كما في رسالته (العقائد) ، وأساء الأدب معها حين قال : (مما يؤخذ منه نسبة الجهة لله تبارك وتعالى .) فمؤسس الجماعة أشعري العقيدة ، وعلى ذلك قامت جماعة الإخوان المسلمين .
والأشاعرة من فرق المرجئة الغلاة فهم يقولون : الإيمان هو التصديق بالقلب فقط ، وهم جبرية في أفعال العباد إذ يرون أنَّ العبد له قدرة غير مؤثرة ، وينفون عن الله صفات الفعل الاختيارية كالاستواء والنزول وكذا العلو والفوقية لله جل وعلا ، ولا يرون حجية خبر الآحاد في العقائد . تقول الموسوعة التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين على شبكة الانترنت تحت عنوان : (الإخوان والمنهج الأشعري) : (جاءت جماعة الإخوان المسلمين بعلمائها وفقهائها ومحدثيها وفحولها ومحنكيها ليعتنقوا المذهب الأشعري كمنهج عقدي وكمرجعية كبرى للتعامل مع النص والتوفيق بين المقدس وغيره وبين القطعي والظني وبين العقل والنقل . وأشعرية الإخوان لا مراء فيها ولا خلاف بين أهل العلم في مرجعيتهم تلك .) فكيف يُلبِّس «عبد العزيز الطريفي»ويدَّعي دعوى باطلة لا وزن لها بأنَّ جماعة الإخوان المسلمين ليست مذهباً عقدياً ؟! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلاَّ كذباً .
ثانياً : تصوف حسن البنا القبوري والذي أنشأ عليه جماعة الإخوان ، فقد ذكر في مذكراته (مذكرات الدعوة والداعية) أنَّه انتسب إلى الطريقة الحصافية الشاذلية وحافظ على أذكارها المبتدعة والحضرة ، وكان ينشد الأذكار مع الحصافية الشاذلية جماعياً مصحوباً بالهز والطرب والتمايل ، وكان يشد الرحال لقبور من يسمونهم بالأولياء ويزور المساجد التي فيها قبور وأضرحة كمسجد السيدة زينب والرفاعي ، ولا ينكر المظاهر الشركية لدى العوام . إضافة إلى أنَّه أجاز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الشرك الأكبر ، فقد سُئل في جريدة الإخوان المسلمين الإسبوعية في صفر 1354ه عن قول الرجل : يا رسول الله أغثني ؟ فأجاب : ( لا بأس بذلك إذا كان من باب التبرك بذكر أسماء الصالحين) ! ولولاخشية الإطالة لسردت شركيات بعض مرشدي الجماعة بعد حسن البنا .
الثانية: قال «الطريفي»: (ولهذا تجد منهم من ينتمي لمذهب السلف ..) أقول : أعوذ بالله من الكذب والتلبيس ! فالسلفي لا ينتمي لهذه الجماعة التي قتلت عقيدة الولاء والبراء في التوحيد والعقيدة ويستحيل أن يكون من أفرادها ، فقد ضمت الجماعة في صفوفها النصارى والرافضة والصوفية القبورية والمعتزلة أصحاب المدرسة العقلية والأشاعرة والماتريدية بل والليبراليين ! فحسن البنا يرى محبة اليهود والنصارى وموالاتهم عدا المحاربين منهم ، وتبعه على ذلك تلميذه القرضاوي ، وتبعه على ذلك تلميذه سلمان العودة في مقال كتبه بعنوان (الولاء والبراء الفطري) في موقعه بتاريخ 20/ 2/ 1428ه .
ويرى حسن البنا أنَّ الخلاف مع اليهود اقتصادي وليس ديني ، كما نقل ذلك عنه تلميذه مؤرخ الجماعة محمود عبدالحليم في (الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ) .
بل ويرى «حسن البنا» التقريب بين الأديان الثلاثة ضد الإباحية والإلحاد كما نقل عنه تلميذه السيسي في (قافلة الإخوان المسلمين) .
بل إنَّ «حسن البنا» يرى الليبرالية فيقول مثنياً على النظام النيابي الدستوري وهو ليبرالي علماني كما في رسالة المؤتمر الخامس : (النظام النيابي الدستوري أقرب النظم القائمة إلى الإسلام) ! نعوذ بالله من ذلك .
ويرى «حسن البنا» أنَّ الديمقراطية من لبِّ الإسلام وصميمه كما في جريدة الإخوان المسلمين اليومية العدد (593) ، ويؤكد هذا تلميذه القرضاوي في كتابه (من فقه الدولة في الإسلام) ، ويرى أنَّ الديمقراطية من الإسلام ويقول : (الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة) ! وهذا ما قرره تلميذه الإخواني سلمان العودة أنَّ الديمقراطية هي النموذج الذي يجب أن يكون في بلدان العالم الإسلامي ، كما في كتابه (أسئلة الثورة) ، ومن المعلوم أنَّ الديمقراطية حكم الشعب فهي تشريع لغير الله وهي من آليات الليبرالية .
ويكفي موقف الجماعة المخزي مع أعداء الله الرافضة من خلال ما يلي :
(1) ذكر «حسن البنا» أنَّ الخلاف مع الرافضة في مسائل الفروع لا الأصول وهي العقيدة كما نقل ذلك عنه تلميذه المرشد الثالث عمر التلمساني في كتابه (ذكريات لامذكرات) (ص 249- 250) . وبالتالي فهم إخوان له ، كما صرح بذلك تلميذه القرضاوي بأنَّ الرافضة إخوان لنا .
(2) شارك «حسن البنا» وبقوة في فتح دار التقريب بين المذاهب في مصر سنة 1947م مع الرافضي محمد تقي قمي وقد ذكر الشيخ محب الدين الخطيب – رحمه الله – أنَّ دار التقريب اتخذها الرافضي تقي القمي ستاراً لنشر التشيع بين أهل مصر .
(3) أيَّد الإخوان المسلمون ثورة الخميني الرافضية المجوسية سنة 1979م وأرسلوا وفداً من التنظيم الدولي العالمي للجماعة لتهنئة الخميني ومبايعته ، وقد أشارت لذلك مجلة المجتمع الكويتية الإخوانية الناطقة باسم إخوان الخليج ابتهاجاً وسروراً .
(4) أيَّد الإخوان المسلمون - ومنهم السعوديون وعلى رأسهم عوض القرني وسلمان العودة - حزب الشيطان في تمثيليته مع إسرائيل عام 1427ه- 2006م ، وقالوا بوجوب مناصرتهم وترك الخلافات مع الشيعة . قال سلمان العودة بتاريخ 26/ 6/ 1427ه : ( يجب أن نتناسى خلافاتنا مع الشيعة .)
(5) قامت حماس وهي فرع الإخوان المسلمين في فلسطين بالثناء على الثورة الخمينية المجوسية ، قال خالد مشعل : (حماس هي الابن الروحي لثورة الإمام الخميني .) ويقول د. أحمد يوسف مستشار إسماعيل هنية رئيس وزراء حماس : (الشيعة عزُّ هذا الزمان وما العيب أن تكون شيعياً ؟!) ويرى في كتابه : (الإخوان المسلمون والثورة الإسلامية في إيران) أنَّ الخلافة الإسلامية ستنطلق من إيران . هذا غيض من فيض من مخازي الجماعة مع أعداء الله الرافضة .
الثالثة: قال «الطريفي»: (ولهذا لا يكاد يوجد لهم تدوين أو تصنيف في باب العقائد .) أقول : إنَّ الإنسان العاقل السوي ليعجب أشد العجب من هذا الكذب والتلبيس ! فعامة طلبة العلم يعلمون علماً يقينياً أنَّ «حسن البنا» صنَّف رسالة (العقائد) لتكون منهجاً دراسياً للجماعة في باب العقائد ، وهي على مذهب الأشاعرة البدعي الباطل ، وقرر فيها «البنا» ما يلي :
(1) القانون الكلي لمذهب الأشاعرة ، وهو العقل لا النقل ، حيث نقل عن الرازي مقراً له ومرتضياً هذا القانون .
(2) أول واجب على المكلف النظر لا النطق بالشهادتين .
(3) نفي الصفات ما عدا الصفات السبع كالعلو والفوقية لله بحجة أنَّ في ذلك نسبة الجهة لله تعالى .
(4) التفويض لنصوص صفات الله وعدم إثباتها ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – أنَّ قول أهل التفويض في نصوص الصفات من شر أقوال أهل البدع والإلحاد . انظر : (درء تعارض العقل والنقل) (1/ 201- 205) .
ومما ألفه «حسن البنا» في العقائد الأصول العشرين وهي ضمن رسالة (التعاليم) ، وقرر فيها أنَّ دعاء غير الله وسؤال الأموات ونداء الغائبين ليس من الشرك الأكبر المخرج من دائرة الإسلام وإنما هي كبائر . وقرر أنَّ نصوص الصفات من المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله وهو مذهب أهل التفويض .
ومن مدونات كتب العقائد المعتمدة عند الجماعة في المنهج الدراسي : كتاب الشيخ حسن أيوب وهومن تلاميذ «حسن البنا» ومن الجيل الأول من الجماعة : (تبسيط العقائد الإسلامية) ، وهو من كتب الأشاعرة الغلاة المعاصرين ، وقرر فيه ما يلي :
(1) أنَّ مصدر التلقي الأدلة العقلية ثم الكتاب ثم السنة المتواترة فأخرج خبر الآحاد عن كونه يحتج به في العقيدة .
(2) يرى أنَّ الإيمان هو التصديق القلبي فقط وأنَّ المصدِّق بقلبه ناجٍ عند الله في الآخرة وإن لم ينطق بالشهادتين ، وهذا ما عليه غلاة المرجئة.
وقد كتب الشيخ عبد الرزاق عفيفي لسماحة شيخنا الوالد عبد العزيز بن باز تقريراً عن هذا الكتاب وما فيه من الطوام في العقيدة ، فكتب شيخنا ابن باز – رحمة الله على الجميع – لحسن أيوب أن يتراجع عما في كتابه من الأغلاط العقدية وإلا فيسحب الكتاب ويمنع من تداوله ، وهذا كان في عام 1404ه .
أقول ومن مدونات كتب العقائد عند الجماعة أيضاً : 1- (عقيدة المسلم) لمحمد الغزالي 2- (العقائد الإسلامية) لسيد سابق 3- (فصول في العقيدة بين السلف والخلف) للقرضاوي ، وكلها على مذهب الأشاعرة . فكيف يدَّعي «الطريفي» دعوى عارية عن الصحة بأنَّ الجماعة ليس لها مدونات في العقائد ؟!
الرابعة: قال «الطريفي»: (ولذا نقول : إنَّه مذهب يعتني بجانب إصلاح الأمر العام وكذلك ما يتعلق بالسياسة .)
أقول : الغاية التي من أجلها أنشأ «حسن البنا» جماعة الإخوان المسلمين الوصولُ إلى الحكم وقد ذكر ذلك في رسالة المؤتمر الخامس من رسائله ، واتخذت الجماعةُ لذلك ثلاث مراحل هي :
(1) التعريف : في دعوة الإخوان .
(2) والقسَم على البيعة والسمع والطاعة المطلقة للمرشد .
(3) التكوين : وذلك بإعداد جيش الجماعة بعد تربيتهم على فكرها باستخدام القوة كما قال «حسن البنا»: (سنستخدم القوة حيث لايجدي غيرها) ، وفسرها بقوله : ( قوة الساعد والذراع) كما في رسالة المؤتمر الخامس .
ومن أساليبهم التي استخدموها للوصول إلى الحكم:
(1) الاغتيالات.
(2) المظاهرات.
(3) الاعتصامات.
(4) الإضرابات.
(5) العصيان المدني.
وانظر هذه الأساليب في كتاب : (التنظيم الخاص ودوره في دعوة الإخوان المسلمين) لمحمود الصباغ .
الخامسة: الولاء والبراء عند الجماعة قائم على فكر ومنهج مؤسس الجماعة «حسن البنا» لا على الكتاب والسنة ، فالجماعة تزن غيرها بمنهج «حسن البنا» الذي يقول : (نزنها بميزان دعوتنا ، فما وافقها فمرحباً به وما خالفها فنحن براء منه .) (مجموعة رسائل البنا) (ص 17) . ويقول أيضاً في مذكراته : (فدعوتكم أحق أن يأتيها الناس ولا تأتي هي أحداً ، وتستغني عن غيرها إذ هي جماع كل خير وما عداها لايسلم من النقص).
وممن عرف حال هذه الجماعة مشايخُنا الكرام في مصر والمملكة ، ففي مصر : الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – في كتابه (شؤون القضاء) (ص48) قال عن الجماعة : (حركة الشيخ«حسن البنا» وإخوانه المسلمين الذين قلبوا الدعوة الإسلامية إلى دعوة إجرامية هدامة ينفق عليها الشيوعيون واليهود كما نعلم ذلك علم اليقين .) والشيخ محمد حامد الفقي – رحمه الله – حيث رد على انحراف «حسن البنا» عندما أدخل النصارى مع الجماعة ، في مقال كتبه الشيخ الفقي في مجلة الهدي النبوي التي تصدرها جماعة أنصار السنة المحمدية . وكذلك الشيخ عبدالرحمن الوكيل – رحمه الله – حيث رد على «حسن البنا» انغماسه في التصوف وتمجيده لرموزه كأبي حامد الغزالي وابن الفارض وغيره ، ورد عليه في إباحته للتوسل بالأولياء والصالحين وكلا المقالين موجود في مجلة الهدي النبوي . ومن مشايخنا المعاصرين : سماحة شيخنا ابن باز - رحمه الله – في الجزء الثامن من (مجموع فتاوى ومقالات متنوعة) حيث ذكر أنَّ : جماعة الإخوان لا تعتني بالدعوة إلى التوحيد ولا تهتم به.
وسئل رحمه الله قبل وفاته بسنتين عام 1418ه في الطائف عن جماعة الإخوان والتبليغ وهل هما من الثنتين والسبعين فرقة ؟ فقال : (نعم يدخلان في الثنتين والسبعين فرقة .) وقال الشيخ صالح الفوزان مؤخراً : (الإخوان المسلمون ليسوا من أهل السنة وأنا تبرأت من أني قلت عنهم أنهم من أهل السنة لكنهم لا يذكرون ما عليهم).
وأخيراً: ما هذه النياحة والتباكي يا أخ عبدالعزيز على جماعة هذا حالها حين سقط حكمها الديمقراطي الليبرالي في مصر ؟! كيف تجعل القالب والمقلوب في إحدى تغريداتك صراعاً بين حق وباطل أو بين إيمان وكفر ؟!
فـ«مرسي» الذي تستميت في الدفاع عنه هو من قال :
(1) (العقيدة الإسلامية والمسيحية سواء والخلاف ديناميكي) ، فساوى بين الإسلام والكفر .
(2) وقال : (القبطي المصري لا يقول : إنَّ الله ثالث ثلاثة) ! مداهنة للأقباط وتزلفاً لهم ليرشحوه ، ومع ذلك أذله الله ، إذ كان بابا الأقباط من أوائل الموقعين على عزله.
(3) لما سُئل مرسي عن قطع يد السارق قال : (دي أحكام فقه مش تطبيق شريعة)!
(4) حكمَ بالقانون الوضعي الكفري الذي في أوله : (مصدر السلطات الأمة) ، وفي إحدى مواده حرية التعبير والرأي مكفولة لكل أحد إبداعاً وفكراً .
وهذه هي الليبرالية الخبيثة بعد أن أصم الإخوان آذاننا كذباً وزوراً سنين طويلة : (الإسلام هو الحل) و(الحاكمية لله) ، فانفضح كذبهم ودجلهم وإفكهم ، ومع الأسف تجد ممن ينتسب للعلم ممن أثر عليه الحركيون يجيز التصويت للدستور لأنَّه أخف الضررين !
والعجيب الغريب يا أخ عبدالعزيز أنكم معشر الحركيين من إخوان وسرورية صدَّعتم آذاننا بالتحذير من شرك التشريع والحاكمية ، وهذا التحذير حق ، ولكن حين حكم به محمد مرسي ذهب شرك التشريع وحل محله (أخف الضررين) و(لامانع من ذلك بضوابط وشروط) .. ! إلى آخر هذا الهذيان والدجل ، الذي كشفكم وكشف تحزبكم وأنكم أصحاب هوى ولستم دعاة حق.
أوصيك يا أخ عبدالعزيز بعدم الكلام فيما لا تحسنه ولا تجيده ، ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه ، واحذر من أن تكون أقوالك لإرضاء الجمهور والأتباع من الحركيين (إخوان وسرورية)، وتجرَّد للحق وعظِّم نصوص الشريعة وعقيدة أهل السنة، وقدِّمها على من يصفقون لك بحق وبباطل ممن أجَّروا عقولهم ، والتمس رضا الله على سخط الناس كما قال عليه الصلاة والسلام : (من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس) والرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل.
أسأل الله لي ولك الهداية والتوفيق ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه:
أيمن بن سعود العنقري".أ.هـ.
قلت : كلمة «الطريفي» هذه قال نحوها عثمان الخميس فرد عليه الأخ حمود الكثيري رداً قوياً؛ قال حمود الكثيري في المجاهر السلفية: "التعليق على هذه الفتوى :
(1) أن الإخوان المسلمين جماعة سياسية وليست دينية :وهذا باطل لا يرضاه حتى عتاة جماعة الإخوان المسلمين فأين ذهبت كتب العقائد لـ«حسن البنا»، وأين أنت من أصولهم التي ينتهجونها ويتخذونها نبراساً،و أنت بهذه الكلمة [جماعة سياسية وليست دينية] تتهم الإخوان المسلمين بفصل الدين عن السياسة ! وهم يتعبدون الله بكونهم من الإخوان المسلمين ويرون أنهم على حق وينسبون ما يقومون به إلى الإسلام وبذلوا في سبيل نشر منهجهم وعقيدتهم قواعد شتى من أهمها قاعدة المعذرة والتعاون التي جعلتهم يكتلون تحت مظلتهم طوائف شتى من أهل الضلال، ثم إن لازم كلامك هذا أن الخوارج ليسوا من الفرق الهالكة فرأس الخوارج الذي قال للرسول صلى الله عليه وسلم :اعدل
كان طالب دنيا ! فلا يقال أنه من الفرق، بل لم أر خارجي إلا وكان طالب دنيا، فهل نخرجهم من الفرق ونقول هم جماعة طالبة للدنيا !!
ثم لماذا لا يسعك كلام العلماء في الإخوان المسلمين،ألم يقل الإمام عبد العزيز ابن باز رحمه الله بأنهم من الفرق الهالكة ؟
اسمع كلام الشيخ ابن باز [من هنا]".
قلت: وفي كلام «الطريفي» أيضاً عزل لباب الولاء والبراء عن باب الاعتقاد فإن التحزب بدعة مخرجة من السلفية، إذ أن الانتساب لحزب بدعي فيه مخالفة لأصل سلفي وهو مفارقة أهل البدع.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (15/ 286):" لأن المعصية إذا كانت ظاهرة كانت عقوبتها ظاهرة كما في الأثر (من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية فليتب علانية) وليس من الستر الذي يحبه الله تعالى كما في الحديث (من ستر مسلما ستره الله) بل ذلك إذا ستر كان ذلك إقرارا لمنكر ظاهر وفى الحديث (إن الخطيئة إذا خفيت لم تضر إلا صاحبها وإذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة) فإذا أعلنت عقوبتها بحسب العدل الممكن.
ولهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة كما روى ذلك عن الحسن البصري وغيره لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر ويكف الناس عنه وعن مخالطته ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر به الناس وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ويزداد أيضا هو جرأة وفجور ومعاصي فإذا ذكر بما فيه إنكف وإنكف غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته قال الحسن البصري: اترغبون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يحذره الناس وقد روى مرفوعا و (الفجور) اسم جامع لكل متجاهر بمعصية أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله.
ولهذا كان مستحقا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجورا أو تهتكا أو مخالطة لمن هذا حاله بحيث لا يبالى بطعن الناس عليه فإن هجره نوع تعزير له، فإذا السيئات أعلن هجره، وإذا أسر , أسر هجره". أ.هـ.
قلت: في نص شيخ الإسلام هذا عدة فوائد، أهمها بالنسبة لي: إلحاق مجالس الداعي للبدعة به، فكيف إذا كان مدافعاً منافحاً عنه مؤذياً لأهل السنة من أجله؟
ثم إن شيخ الإسلام لم يجعل شرط الإلحاق انعقاد الإجماع على كون هذا الرجل مبتدعاً أو داعياً إلى بدعة فهذا الذي قرره شيخ الإسلام (منهج إقصائيٌ) عند بعضهم نسأل الله السلامة ولم يعتبر في هذا الحكم كون المعلن بالبدعة أو المخالط له لهما حسنات كثيرة فتأمل
قال أبو داود كما في طبقات الحنابلة (1/ 160): قلت لأبي عبدالله أحمد بن حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه؟
قال: لا، أو تُعلَمهُ أنَّ الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة , فإن ترك كلامه فكلّمه، وإلاّ فألحقه به.
قال ابن مسعود ((المرء بخدنه)).
وقال مسلم في صحيحه 7347- [8-2884] وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الْحُدَّانِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : عَبَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَنَامِهِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ ، فَقَالَ : الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ ، قَالَ : نَعَمْ ، فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ ، يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا ، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى ، يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ.
قال النووي في شرح مسلم: "وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه التَّبَاعُد مِنْ أَهْل الظُّلْم ، وَالتَّحْذِير مِنْ مُجَالَسَتهمْ ، وَمُجَالَسَة الْبُغَاة وَنَحْوهمْ مِنْ الْمُبْطِلِينَ ؛ لِئَلَّا يَنَالهُ مَا يُعَاقَبُونَ بِهِ.
وَفِيهِ أَنَّ مَنْ كَثُرَ سَوَاد قَوْم جَرَى عَلَيْهِ حُكْمهمْ فِي ظَاهِر عُقُوبَات الدُّنْيَا".
ومن العقوبات الالحاق به في باب التبديع والتحذير؛ قال الخطيب في تاريخ بغداد (8/611)أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَر بن بكير الْمُقْرِئ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حمزة بن أَحْمَدَ بْنِ مخلد الْقَطَّان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن بن هَارُون الموصلي، قَالَ: سألت أبا عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ حنبل، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ أنا رجل من أهل الموصل والغالب عَلَى أهل بلدنا الجهمية، وفيهم أهل سنة نفر يسير يحبونك، وقد وقعت مسألة الكرابيسي نطقي بالقرآن مخلوق؟ فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إياك إياك وهذا الكرابيسي لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه، أربع مرات أو خمس مرات.
وهذا إسناد صحيح ، فكيف بمن تحزب مع أهل البدع.
وقال اللالكائي في السنة 915 - أخبرنا الحسن بن عثمان قال : أخبرنا أحمد بن حمدان قال : ثنا أحمد بن الحسن قال : ثنا عبد الصمد مردويه قال : سمعت الفضيل يعني ابن عياض يقول : من جلس مع صاحب بدعة فاحذره ، ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة ، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد ، آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي من أن آكل عند صاحب بدعة
وهذا إسناد قوي إلى الفضيل وتأمل قوله : (من جلس مع صاحب بدعة فاحذره) فكيف بمن تحزب معهم وجمعه معهم اسم واحد ، بل وتبرأ من غيرهم ممن هو أعظم استقامة منهم على السنة أو خصهم بمزيد ولاء مع بدعتهم لمجرد أنه معه في الحزب ، ولا يواليهم ولاء أهل السنة إذا كانوا خارج الحزب.
والتحزب بحد ذاتها بدعة مخالفة لأصول أهل السنة فقد قال ابن بطة في الإبانة: "والولاية بدعة والبراءة بدعة".
وأراد الولاء والبراء الضيق الذي عند أهل التحزب؛قال ابن بطة في الشرح والإبانة: "وَالْوِلَايَةُ أَنْ يَتَوَلَّى قَوْمًا وَيَتَبَرَّأَ مِنْ آخَرِينَ وَالْبَرَاءَةُ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ قَوْمٍ هُمْ عَلَى دِينِ اَلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ"،وهذا حال القوم، وقد اعترف «الطريفي» أن فيهم مبتدعة بل هم الرؤوس.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (6/ 359): "وأما من قال منهم بكتاب الابانة الذى صنفه الاشعرى فى آخر عمره ولم يظهر مقالة تناقض ذلك فهذا يعد من أهل السنة لكن مجرد الانتساب الى الاشعرى بدعة لا سيما وأنه بذلك يوهم حسنا بكل من انتسب هذه النسبة وينفتح بذلك أبواب شر".
وكذلك يا عبد العزيز من تدعي أنه سلفي ينتسب للإخوان نسبته للإخوان توهم أن كل من انتسب إليهم على خير
وكلام شيخ الإسلام عن الإبانة هنا متعلق بمباحث الصفات ( على هنات فيها ) وإلا فإن الأشعري كان جبرياً في كتاب الإبانة يصرح بأن الكفار غير قادرين على الإيمان.
وقال البربهاري في شرح السنة 117-ولا يحل لرجل أن يقول فلان صاحب سنة حتى يعلم أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة فلا يقال له صاحب سنة حتى تجتمع فيه السنة كلها،وهذا المتحزب ما اجتمعت فيه خصال السنة بل هو مكثر لسواد أهل البدع، جاء في كتاب محاضرات في العقيدة والمنهج من محاضرات الشيخ الألباني: "السؤال : هناك شخص يقول أنا عقيدتي سلفية وهو يدعو إلى طائفة فيها بعض الشبهات والإهمال للسنة ، فما رأيكم في هذا الشخص.
الشيخ : في الواقع أنني أستغربه جداً ............(وذكر الشيخ كلاماً).
السائل: هذا الرجل يرى أن الجماعة التي يدعو إليها تنتمي إلى الإسلام ظاهراً ، ولكن فيها شيء من إهمال السنة وفيها بعض التشويش وهو إنما يدعو مع هذه الجماعة لأن لها مكانة في الدولة فيستطيع من خلال انضمامه إلى هذه الجماعة أن يدعو إلى الله بقوة بلا خوف وعقيدته كما هي سلفية وإنما ينتمي ظاهراً إلى هذه الدعوة
الشيخ : الآن ظهرت المسألة ، بينهما من قبل كان فيها شيء من الغموض الآن سنورد سؤالاً توضيحياً : هل هذا السلفي حينما يدعو إلى تلك الجماعة في تلك الجماعة ما يخالف السلف في اعتقادهم ؟ السائل : الجماعة فيها بعض الشبهات .
الشيخ : أنا لا أتكلم في الشبهات ، أنا قلت : في تلك الجماعة التي يدعو هذا السلفي إليها ، أيعتقد أن في تلك الدعوة ما يخالف دعوته أي الدعوة السلفية
السائل: نعم.
الشيخ : إن كان الأمر كذلك فهذا ليس سلفياً ، لأن السلفية مثل الإيمان قابلة للزيادة والنقصان ... إلى آخر كلام الشيخ"؟
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
كتبه عبدالله بن فهد