قوله : (( وقوله تعالى : ) ياعبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فأيى فا عبدون ( [ العنكبوت : 65 ] ))
الشرح : ومن أدلة الهجرة أي وجوب الهجرة قوله تعالى : ) قل يا عبادي الذين ءامنوا إن أرضي واسعة فإيي فاعبدون ( لستم مضطرين لأن تبقوا تحت الاضطرار والإضتهاد ، أخرجوا من أرض الكفر إلى دار الإسلام فاعبدوا الله هناك ، أو من دار الخوف والقلق إلى دار الأمن والاستقرار فاعبدوا الله تعالى هناك ، الهجرة هكذا تكون واجبةٌ بهذه الآيات إلا أن فتحت مكة ، ولكن بقي وجوب الهجرة من محل الشرك والإضتهاد والإساءة إلى المسلمين وإلى الإسلام إلى محل لاتسمع فيه كل ذلك .
قوله : (( قال البغوي رحمه الله : ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين بمكة لم يهاجروا ، ناداهم الله باسم الإيمان ) ))
الشرح : قال البغوي رحمه الله : ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين بمكة لم يهاجورا نا داهم الله باسم الإيمان ) يعني المؤلف بهذه الآية من سورة العنكبوت لا آية النساء ، أما آية النساء تقدم سبب نزولها وإنقسام الناس فيها إلى قسمين : إلى قسم عذر وقسم لم يعذر فالآية التي يشير إليها المؤلف الآية الأخيرة آية سورة العنكبوت .
قوله : (( والدليل على الهجرة من السنة قوله r : { لا تنقطع الهجرة حتى ينقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } ))
الشرح : والدليل على الهجرة من السنة قوله r : { لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ـ أي يغلق باب التوبة ـ ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها } وهذه الهجرة التي لا تنقطع ليست تلك الهجرة التي كانت واجبة من مكة إلى المدينة ، تلك إنقطعت بفتحمكة ، ولكن الهجرة من دار الشرك إلى دار الإسلام كما تقدم الشرح .
قوله : (( فلما استقر بالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام مثل الزكاة ، والصوم ، والحج ،والأذان ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وغير ذلك من شرائع الإسلام ))
الشرح : فلما استقر النبي rبالمدينة أمر ببقية شرائع الإسلام ، وكان التركيز في مكة على العقيدة ،على تصحيح العقيدة وبناء العقيدة وتصحيحها ، ولما استقر هاجر إلى المدينة واستقر في المدينة أقر بشرائع الإسلام مثل الزكاة والصوم والحج والجهاد والأذان والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من واجبات الإسلام التي إستهان بها كثيرٌ من الناس ، جهاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غير موجود في أكثر أرض الله اليوم باسم الحرية قضي على الجهاد فنسأل الله تعالى أن يقويه وغير ذلك من شرائع الإسلام ، وأما الجهاد فعند كثير من الناس شعارٌ أجوف يرفعون الشعار فإذا جد الجد لاجهاد اعتذروا أو جهاد مقلوب بمعنى معكوس غير الجهاد الإسلامي ، أما الجهاد الإسلامي لإعلاء كلمة الله قليل جداً من يجاهدون هذا الجهاد دون جعجعة ، ولكن في صمت وإخلاص لله تعالى ، وقد كشف الجهاد الأفغاني كثيراً من الجهات التي كانت تنادي وتتخذ الجهاد شعاراً أجوف كشفهم ففضحهم ، ولما قام الجهاد اعتذروا ، وأما الذين ينادون الآن بالجهاد الجهاد وهم ممن يجاهدُ فيهم ليسوا ممن يجاهدون في سبيل الله والقضية معكوسة فليفهم شباب الإسلام وطلاب العلم معنى قوله r : { أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً } وقد استشكل الصحابة قوله : { أنصر أخاك ظالماً } كون تنصره مظلوماً واضح ولكن كيف تنصر أخاك ظالماً ؟ لهذا الحديث مفهومان ، مفهومٌ إسلامي ، ومفهومٌ جاهلي ، المفهوم الإسلامي هو الذي بينه النبي عليه الصلاة والسلام وهو أن تكلف أخاك الظالم من الظلم وتمنعه من الظلم وتحول بينه وبين الظلم تكون بذلك قد نصرته ، أما المفهوم الجاهلي أن تنظم إليه في ظلمه فتظلم معه وتؤيده وتصفق له حتى يتمادى في الظلم بسبب تشجيعك وتصفيقك وهذا ما يجري الآن للأسف بين الغوغائيين المنتسبين إلى الإسلام الذين لا يفهمون من الإسلام إلا هذه الكلمة الجوفاء والله المستعان .
قوله : ((أخذ على هذا عشر سنين ))
الشرح : أخذ على هذا رسول الله r يدعو إلى هذا التشريع السماوي في المدينة عشر سنين .
قوله : (( وبعدها توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باقٍ ، لا خير إلا دل الأمة عليه ، ولا شر إلا حذرها منه ، والخير الذي دل عليه : التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه ، والشر الذي حذر عنه : الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه ))
الشرح : توفي صلوات الله وسلامه عليه ودينه باقٍ ، لم يمت دينه معه ، بل بقي لأن الدين دين الله الذي أنزله هو رب العالمين الحي الذي لا يموت فرسول الله r بلغ دين الله ونشر العقيدة والتوحيد والشرائع بعد أن ثبت الله الإسلام والمسلمين وفهموا ما جاء به النبي r قبضه إليه ، ولكن لم يقبضه إليه إلا بعد أن بلغ البلاغ النهائي فأكمل الله له دينه إشارة إلى قرب أجله عليه الصلاة والسلام كأن الله أعلمه في حجة الوداع في خطبة يوم عرفة وفي خطبة يوم النحر خاطب الصحابة فقال لهم أنتم مسؤولون عني ماذا أنتم قائلون بعد أن خطب فيهم وبين لهم كل شيء قالوا نشهد بأنك بلغت ونصحت ونحن نشهد معه أنه عليه الصلاة والسلام بلغ ونصح فرفع الرسول rإصبعه كان يرفعها وينفثها عليهم ويقول:{ اللهم أشهد اللهم أشهد }وسميت تلك الحجة حجه الوداع التي جرى فيها هذا الكلام لأنه بعد أن رجع من الحج لم يمكث في هذه الدنيا وفي هذه المدينة إلا ثمانين يوماً وألتحق بالرفيق الأعلى r بعد أن بلغ ونصح لأمته عليه الصلاة والسلام وقال عليه الصلاة والسلام للصحابة : { ما بعث الله من نبي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم } كل هذا دليل على أنه بلغ البلاغ المبين فبقي دينه إلى هذا يشير الشيخ بقوله رحمه الله لا خير إلادل الأمة عليه ولا شر إلا وحذرها عنه ، فأكمل الله له الدين وفي مقدمة ذلك التوحيد ، أي إفراد الله تعالى بالعبادة فإذا أطلقالتوحيد المراد به توحيد العبادة وجميع ما يحبه الله ويرضاه ، لأن الطاعات بريد التوحيد وتثبت التوحيد وتصدق التوحيد ، والشر الذي حذرها عنه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه المعاصي بريد الشرك وتدعوا إلى الشرك وتزين الشرك للناس .
قوله : (( بعثه الله إلى الناس كافة وأفترض الله طاعته على جميع الثقلين الجن والأنس ))
الشرح : بعثه الله إلى الناس كافة لا إلى العرب فقط ولا إلى الأنس فقط بل إلى الثقلين وافترض الله طاعته على جميع الثقلين الجن والأنس الطاعة المطلقة فقد فرض الله طاعته الطاعة المطلقة التي لا مراجعة فيها التي لاتتةقف على وجود مثلها على ودود مثل المأمور به والمنهي عنه بالكتاب ، هذا معنى الطاعة المطلقة لرسول الله عليه الصلاة والسلام الطاعة المطلقة ولا يوجد في المخلوق أحد من له الطاعة المطلقة ألا رسول الله r .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ([ الأعراف : 158 ] ))
الشرح : والدليل قوله تعالى : ) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ( هذا بالنسبة للإنس والجن داخلون أيضاً .
قوله : ((وأكمل الله به الدين ، والدليل قوله تعالى : ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ( [ المائدة : 2 ] ))
الشرح : وكمل الله به الدين الشيء الكامل لا يقبل الزيادة ، الدين كامل حيث قال الله تعالى : ) اليوم أكملت لكم دينكم ( أي في هذا اليوم الحاضر في حجة الوداع ) اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ( هكذا كمل الله لنا ديننا سبحانه وتعالى ، والدين الكامل والشيء الكامل لا يقبل الزيادة لذلك كل من أحدث في هذا الدين فمحدثة يعتبر بدعة مردودة { من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد} { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد } لأن الدين تم وكمل وعلى المرء الإتباع فقط .
قوله : (( والدليل قوله تعالى : ) ليجزي الذين أساءوا والدليل على موته r قوله تعالى : ) إنك ميتٌ وإنهم ميتون % ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ( [ الزمر : 30 ـ 31 ] ))
الشرح : قال المؤلف رحمه الله : والدليل على موته r قوله تعالى : ) إنك ميتٌ وإنهم ميتون % ثم يوم القيامة عند ربكم تختصمون ( كثيرٌ من الغلاة الذين يدّعون تعظيم رسول الله r وتبجيله إذا قلت إن النبي r ميت يغضب انظروا إلى الجهل يصل المرء إلى أي درجة ، يغضب من قولك أن النبي r مات أو ميت ، كيف تقول ميت ؟ الله هو الذي قال ، لا يدري ماذا قال الله ، ولكن يحتكم إلى العاطفة ، لا يجوز عنده أن تطلق لفظة ميت أو مات على رسول الله r ، بينما أثبت الله ذلك وأقره بدون تردد أحب الناس إليه آبو بكر الصديق عندما قال له عند وفاته: ( طبت حياً وميتاً يا رسول الله r ) ولا ينبغي للمسلم أن يكون عاطفياً إلى هذه الدرجة حتى توقعه العاطفة في تكذيب خبر الله وخبر رسول الله r .
قوله : ((والناس إذا ماتوا يُبعثون والدليل قوله تعالى : ) منها خلقناقم وفها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى ( [ طـه : 55 ] ))
الشرح :والناس إذا ماتوا يبعثون ، أي من الأصول التي يجب الإيمان بها البعث بعد الموت ، والدليل قوله تعالى : )منها خلقنا قم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارةً أخرى [ أي من الأرض ، والشاهد ) ومنها نخرجكم تارةً أخرى ( هذا هو دليل البعث .